رحلة الي الجنة
( الحلقة الثالثة )
بقلم : صالح عينر
خــروج الروح
تزود من التقـــوي فانك لاتدري
اذا جن ليل هل تعيش الي الفجر
فكم من ســــــليم مات بغير علة
وكم من عليل عاش حين من الدهر
وكم من صغار يرتجي طول عمرهم
وقدادخلت اجســــادهم ظلمة القبر
وكم من عروس زينوها لزوجهــــــا
وقد قبضت روحهــــــــــا ليلة القدر
وكم من فتي يمســــي ويصبح لاهيا
وقدنســـجت اكفانـــــــه وهو لايدري
وها هو الرسول صلي الله عليه وسم يبث الينا بثاً مباشراً وتفصيليا عن مقدمات اليوم الاخر ؛ كما يعرفنا به الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم ؛ اذ يبين لنا كيف تخرج روح العبد المؤمن ؛ وكيف تخرج روح العبد الكافر او العاصي ؛ بمراحل متعدده في احد الاحاديث الطويلة ؛ وهو اصح حخديث في هذا الباب ؛ انه حديث البراء بن عازب الذي رواه الامام احمد وابو داود والخزيمة ؛ ويبن فيه الحبيب المصطفيدقائق يشيب لها الولدان كما سنري ؛ قال البراء بن عازب : خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ؛ في جنازة رجل من الانصار ؛ فانتهينا الي القبر ولما يلحد ؛ فجلس النبي صلي الله عليه وسلم ؛ وجلسنا حوله ؛ وكأن علي رؤسنا الطير ؛ وفي يده صلي الله عليه وسلم عود ينكت به الارض ؛ فجعل يرفع بصره الي السماء ؛ ويخفض بصره الي الارض ؛ ثم قال : استعيذوا بالله من عذاب القبر ؛ قالها ثلاث ؛ ثم قال :
أن العبد المؤمن : اذا كان في انقطاع من الدنيا واقبال من الاخرة ؛ نزل اليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ؛ كأن وجوههم الشمس ؛ حتي يجلسوا منه مد البصر ؛ معهم كفن من اكفان الجنة ؛ وحنوط - روائح - من حنوط الجنة .
ويجيء ملك الموت حتي يجلس عند رأسه ؛ فيقول : يا ايتها النفس المطمئنة ؛ اخرجي الي مغفرة من الله ورضوان .
قال : فتخرج – أي الروح – تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ؛ فيأخذها ؛ فإذا أخذها ؛ لم يدعوها – أي الملائكة المعانون لملك الموت – في يده طرفة عين ؛ حتي يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن ؛ وفي ذلك الحنوط ؛ فيخرج منها كاطيب نفحة مسك وجدت علي وجه الارض .
فيصعدون بها – الي السماء – فلا يمرون علي ملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الروح الطيب - من رائحتها الطيبة فيقولون : - اي الملائكة التي تحمل الحنوط والكفن بالروح – فلان ابن فلان ؛ باحسن أسمائه التي كان يسمي بها في الدنيا ؛ حتي ينتهوا بها الي السماء الدنيا ؛ فيستفتحون له فيفتح لهم ؛ - اي السماء – فيشيعه من كل سماء مقربوها الي السماءالتي تليها ؛ حتي ينتهي بها الي السماء السابعة ز
فيقول الله عز وجل - أي للملائكة التي تحمل الروح بالكفن والحنوط - اكتبوا كتاب عبدي في عليين ؛واعيدوه الي الارض فاني منها خلقتهم ؛ وفيها اعيدهم ؛ومنها اخرجهم تارة أخري .
قال فتعاد روحه في جسده ؛ وياتيانه ملكان - اي في قبره بعد عودة الروح في جسده والناس لا تزال عند قبره – فيجلسانه ؛ فيقولان له : من ربك ..؟ فيقول ربي الله . وما دينك ..؟ فيقول : دين الاسلام . فيقولان له : وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ..؟ فيقول : هو رسول الله . فيقولان له : وما يدريك ..؟ فيقول قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقته . ثم قرأ النبي صلي الله عليه وسلم قوله تعالي :
((( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ))) سورة ابراهيم
فينادي منادي من السماء : أن قد صدق عبدي ؛ فأفرشوه من الجنة ؛ وألبسوه من الجنة ؛ وافتحوا له بابا من الجنة ؛ فيأته من طيبها ورواحها ؛ ويفسح له في قبره مد بصره .
ويأتيه رجل ؛ حسن الوجه ؛ طيب الرائحة ؛ حسن الثياب ؛ فيقول له : ابشر بالذي يسرك ؛ هذا يومك الذي كنت توعد ؛ فيقول له : من أنت فوجهك الذي يجيء بالخير ..؟
فيقول له : أنا عملك الصالح ؛ فوالله ما علمتك الا سريعا في طاعة الله ؛ بطيئا في معصية الله ؛ فيقول : رب أقم الساعة حتي ارجع لاهلي ومالي .
وان العبد الكافر ؛ اذا كان في اقبال من الدنيا ؛ وانقطاع عن الاخرة ؛ نزل اليه ملائكة من السماء سود الوجوه ؛ معهم المسوح ؛ فيجلسون منه مد البصر ؛ ثم يجيء ملك الموت حتي يجلس عند رأسه ؛ فيقول : يا ايتها النفس الخبيثة اخرجي الس سخط من الله وغضب ؛ فتفرق في جسده ؛ قال : فيخرجها تتقطع منها العروق والعصب كما ينزع السفود من الصوف المبلول .
فيأخذها فاذا اخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ؛ حتي يجعلوها في تلك المسوح ؛ فيخرج منها كأنتن جيفة وجدت علي وجه الارض ؛ فيصعدون بها ؛ قلا يمرون علي ملأ من الملائكة - اي بين السماء والارض – الا قالوا : من هذا الروح الحبيثة ..؟ فيقولون : فلان . بأقبح اسمائه التي كان يسمي بها في الدنيا ؛ حتي ينتهي بها الي السماء الدنيا ؛ فيستفتحون له ؛ فلا يفتح له ؛ ثم قرأ الرسول صلي الله عليه وسلم :
((( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ))) سورة الاعراف الاية 40
فيقول الله تعالي اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الارض السفلي ؛ واعيدوه الي الارض ؛ فاني منها خلقتهم وفيها اعيدهم ؛ ومنها اخرجهم تارة اخري ؛ فتطرح روحه طرحا ؛ ثم قرأ الرنبي صلي الله عليه وسلم :
((( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ))) سورة الحج 31
فتعاد روحه في جسده ؛ ويأتيانه ملكان ؛ فيجلسانه ؛ فيقولان له : من ربك ..؟ فيقول : لا ادري . وما دينك ..؟ فيقول : لا ادري . وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ..؟ فيقول لا ادري .
فينادي مناد من السماء : افرشوا له من النار ؛ والبسوه من النار ؛وافتحوا له بابا من النار ؛ فيأتيه من حرها وسمومها ؛ قال : فيضيق عليه قبره حتي تختلف اضلاعه .
ويأتيه رجل ؛ قبيح الوجه ؛ منتن الرائحة ؛ قبيح الثياب ؛ فيقول : ابشر بالذي يسوءك ؛ هذا يومك الذي كنت توعد ؛ فوالله ما علمتك الا سريعا في معصية الله بطيئا في طاعة الله . فيقول : من انت فوجهك الذي يأتي بكل شر ..؟ فيقول له : أنا عملك الخبيث . فيقول رب لاتقم الساعة .. رب لاتقم الساعة .
((( رواه احمد وابو داود والخزيمة )))
ومضة تأمل :
وقمين بنا ان نتوقف قليلاً .. لنري هذه اللحظات الفارقة بين خروج روح العبد الصالح ؛ وخروج روح العبد الطالح في ومضات خاطفة ..
(*) المتأمل في قول النبي محمد صلي الله عليه وسلم سيجد ان عبر تعبيرات قوية في قمة البلاغة والقصاحة ؛ حتي يكاد المرء يري ملك الموت والملائكة المعانون قادمون ؛ فمن عاش تعبيرا النبي وشعرها بها يقشعر بدنه ؛ ويحدث له نوع من انواع رهبة الموقف .
(*) ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس تحضر لتجلس عند رأس المحتضر ؛ لتعاون ملك الموت في استخراج الروح من الجسد ؛ ويكفي بهم بشري للعبد الصالح لتري علامات افرح والسرور علي وجهه ؛ وهي علامات لايخطئها اخوانا الذين اعتادوا الغسل والتكفين .
(*) ملائكة سود الوجوه – هكذا عبر النبي حرفيا – تحضر لتجلس عند رأس المحتضر لتعاون ملك الموت في استخرج روح العبد الطالح الغافل ؛ وكفي برؤيتهم رهبة وخوف .
(*) بينما تحمل الملائكة بيض الوجوه الذين وجوههم :انها الشمس من شدة الضياء والبشري الطيبة التي سوف تحمل روح العبد الصالح كفن من الجنة وروائح طيبة من الجنة ؛ تأتي الملائكة التي عبر النبي عنها بكونها سود الوجوه التي سوف تحمل روح العبد الطالح ومعها - المسوح – وهو كفن اهل المعاصي والاثام .
(*) لملك الموت وظيفة استخراج الروح ؛ للصالح والطالح ؛ لكنه بمجرد ان يستخرجها لاتدعها الملائكة المعانون التي تحضر استخراج الروح في يده طرفه عين ؛ اذ تأخذها لتضعها في الكفن المناسب لها ؛ ان كان صالحا ؛ او كان طالحا .
(*) لملك الموت كما قلنا وظيفة استخراج الروح ؛ لكن روح المؤمن الصاالح تخرج كما وصفها النبي صلي الله عليه وسلم بمنتهي السهولة واليسر ؛ وشبهها كما تخرج قطرة الماء من فم السقاء ؛ كناية عن ان الامر يسير للغاية ؛ بعد ان ينادي يا ايتها الروح الطيبة اخرجي الي مفغرة من الله ورضوان .
(*) بينما يستخرج ملك الموت روح الطالح الكافر العاصي بالقوة والشدة بعد ان ينادي عليها : يا ايتها الروح الخبيثة اخرجي الي سخط من الله وغضب .
(*) هذا النداء في حد ذاته .. ومن قبله حضور ملائكة سود الوجوه تجلس عند رأس الميت وهو يراهم بعين اليقين حتي ولو كان اعمي ؛ يجعل روح العبد الطالح لا تخرج ؛ بل كما قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم تتفرق في جسده ؛ خوفا من عذاب الله ؛ وممن حولها من الملائكة الغلاظ سود الوجوه ..
(*) وصف النبي صلي الله عليه وسلم خروج روح العبد الطالح العاصي وشبهه ابلغ تشبيه لم علمه ؛ ولمن لم يعلمه فهو شبهه صلي الله وعليه وسلم فقال : فينتزعها - اي روح العبد العاص - كما ينزع السفود من الصوف المبلول ؛ والسفود هو سيبف او قطعة من الحديد توضع علي النار حتي تبلغ اقصي درجة حرارة فتحمر من شدة الحاراة فاذا وضعناها في صوف مبلول واردنا ان نسحبها ؛ لاتخرج هذه القطعة من الحديد شديدة الحرارة الا وقد اخذت معها نسيج الصوف تقطعة مع خروجها ؛ وهذا ما وضحه تعبير النبي صلي الله عليه وسلم بقوله ( فيخرجها تتقطع منها العروق والعصب ) .
(*) بينما ملك الموت يخرج روح العبد الطالح العاصي المثقل باذنوب والاثام بالقوة حتي يستخرج الروح تتقطع منها العروق والعصب ؛ يقوم في ذات الوقت الملائكة المعانون له سود الوجوه بعملهم الثابت من القرآن الكريم من ثلاثة مواضع ؛ اذ تعاون ملك الموت فتقوم بضرب الميت علي وجهه ودبره ؛ اقرأ ان شئت قول الله تعالي في سورة الانعام :
((( وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) )))
وقال جل شأنه في سورة الانفال :
((( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51) )))
وقال تقدست اسماؤه في سورة محمد :
((( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) )))
(*) الملائكة تضع روح العبد ؛ صالحا ام طالحا ؛ في الكفن المناسب ؛ وتصعد الي السماء الدنيا ؛ فلا يمرون علي ملأ من الملائكة بين الارض والسماء الدنيا الا ويسئلون ؛ ما هذا الروح الطيبة ..؟ او ما هذا الروح الخبيثة ..؟ من الرائحة .. وتكون الاجابة للعبد الصالح باحسن اسمائه التي كان يحبها في الدنيا ؛ بينما تكون الاجابة باقبح الاسماء للعبد الطالح .
(*) ترمة للعبد الصالح ؛ تفتح لروحه السماء الدنيا ؛ وتكرمه له ايضاً يشيعه من كل سمالء مقربوها ؛ اي اسمي ملائكة في كل سماء تماما كما يشيع كبار القوم ذوو الاهمية في الدنيا ؛ فمن كل سماء يقوم مقربوها من الملائكة بتشيع روح العبدالصالح الي السماء التي تليها حتي ينتهي بها الس السماء السابعة .
(*) بينما نجد ان روح العبد الطالح العاصي لاتفتح له ابواب السماء الدنيا ؛ وقد جاءالنبي بالدليل اليقيني وعبر عنه بنص من القرآ، الكريم ؛ حتي تكاد النفس تري هذا ؛ اذ قرأ صلي الله عليه وسلم :
((( لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ))) سورة الاعراف الاية 40
(*) يامر الله الملائكة التي تحمل روح العبد الصالح أو الطالح ان تعيد روحه في جسده الي الارض ؛ لان الله خلق البشر منها ؛ وفيها يعيدهم ؛ حتي اذا قامت القيامه ؛ وجاء يوم الميعاد ؛ اخرجهم منها تارة اخري .
(*) لكن الله تعالي يامر الملائكة ان تكتب كتاب العبد الصالح في عليين ؛ ومن لم يعرف ما هي عليين فعليه ان يعود الس سورة المطففين ليفهم ويعي ما هي عليين :
((( كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) ))) .
(*) بينما يأمر الله تعالي الملائكة ان تكتب كتاب العبد الطالح العاصي الكافر في سجين في الارض السفلي ؛ وايضا من اراد ان يعرف ما هو سجين فليعود الي سورة المطففين :
((( كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (8) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (9) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (13) كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) ))).
(*) في تالوقت الذي تعاد روح العبد المؤمن له بمنتهي التكريم ؛ نجد ان روح العبد الكافر او العاصي المثقل باذنوب والاثام تلقي عليه ويقذف بها قذفا ؛ وتخر علي من السماء ؛ فتهوي كانما تقع الي مكان سحيق ؛ وهو ما عبر عنه النبي محمد صلي الله عليه وسلم اذ قال ؛ ( فتطرح روحه طرحا ) ووضح الحبيب المصطفي المعني بطريقة جازمة اذ قرأ اية سورة الحج :
((( وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) ))) سورة الحج 31
(*) السؤال في القبر ؛والاجابة عليه ؛ ليست فصاحة او بلاغة او طول لسان ؛ وانما ثبيت من الله تعالي ؛ فالمؤمنين يثبتهم الله تعالي تكرمة للايمان ؛ واما الكافرون والعصاة والمذنبون ؛ فتطيش اجاباتهم ؛ حتي انه في رواية اخري : يقول النبي صلي الله عليه وسلم فيها : من ربك ..؟ فيقول : هاه .. هاه .. لا ادري . وما دينك ..؟ فيقول : هاه .. هاه .. لاادري . وما هذا الرجل الذي بعث فيكم ..؟ فيقول : هاه .. هاه لا ادري ..؟ بينتما التثبيت يأتي من الله تعالي للمؤمن :
((( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) ))) سورة ابراهيم
(*) يتمثل عمل ابن ادم له في قبره ؛ فيكون صاحبه الي قيام الساعة ؛ فان كان العبد صالحا ؛ جاءه عمله ؛ كما عبر النبي محمد صلي الله عليه وسلم ( حسن الثياب ؛ طيب الرائحة ؛ حسن الوجه ) ويبشره بكل الخير وما هو مقبل عليه من النعيم المقيم وروضة من رياض الجنة ؛ حتي يفرح ويستبشر المؤمن فيقول له وجهك بمجرد رؤيته باتي بكل خير ؛ فيبين له عمله ؛ ان هذا الوجه المبشر بالخير ليس الا حصاد عمله في الدنيا وما قدمت يداه ؛ ويظل عمله مصاحبا له في قبره .
(*) ويتمثل ايضات عمل العبد له اذا كان طالحا عاصيا كافرا فيأتي اليه عمله كما عبر الحبيب المصطفي ( قبيح الوجح ؛ منتن الرائحة ؛ قبيح الثياب ) ؛ وينذره بالذي يسوئه من العذاب الاليم ؛ والنار والجحيم ؛ فيغتم وييأس ويندم حيث لاينفع الندم ؛ ويقول له : ان وجهك القبيح بمجرد ما رأيته اصابني الحزن واليأس ؛ لكنه يخبره ان ليس الا مجرد عمله وما اكتسبته يده في الحياة الدنيا ؛ ويظل مصاحبا له في قبره .
(*) يامر الله تعالي ان يفتح للعبد الصالح بابا الي الجنة ؛ وينعم بفرش وثير اسفله منها ؛ ويشم رائحتها ؛ ويلبسةه من لباس الجنة ؛ ويوسع له في قبره مد بصره .
(*) بينما يامر الله تعالي بالعبد الكافر او العاصي ان يفتح له بابا من النار ؛ قياتيه من حرها وسمومها ؛ ويضيق عليه في قبره ؛ حتي عبر النبي عن شدة الموقف فقال ( حتي تختلف اضلاعه ) .
(*) ومن ثم ففي عالم البرزخ هذا في القبر ؛ قد نري اثنان ؛ متجاوران ؛ احدهما يتنعم في روضة من رياض الجنة ؛ بينما الاخر يعذب في حفرة من النار ؛ مع انه قبرواحد ؛ لكن شتان بين عمل هذا وذاك ..!
(*) لما يري العبد الصالح ما هو فيه من النعيم ؛ ويعلم ان ما بعده اعظم منه في الجنة ؛ يتعجل ؛ فيقول : رب اقم الساعة حتي ارجع الي اهلي ومالي .
(*) عندما العبد الكافر او العاصي ما هو فيه من العذاب ؛وان ما بعده اشد ؛ يقول : رب لاتقم الساعة .. رب لاتقم الساعة .
مثل وقوفك يوم العرض عريانا
مستوحشا قلق الاحشاء حيرانا
والنار تلهب من غيظ ومن حنق
علي العصاة ورب العرش غضبانا
اقــــرأ كتابك ياعبدي علي مهــل
فهل تري فيه حرفا غير الذي كانا
لما قـــرأت ولــــم تنكــر قــــراءته
اقار من عـــــــرف الاشياء عرفانا
نادي الجليـــــــــــل خذوه ياملائكتي
وامضوا بعبد عصي .. للنار شيطانا
المشركون غدا في النار في لهـــــب
والمؤمنون بدار الخلـــــد ســـــــــكانا
( الي اللقاء في الحلقة القادة وعالم البرزخ واشراط الساعة : صالح عينر )