حقوق العمالة الأجنبية ( التقرير الأول لأحوال حقوق الإنسان صفحة 134)
 
2.      حقوق العمالة الأجنبية
 كفل النظام الأساسي للحكم حقوقا للمقيمين مادة (41) و(47) وبين أنهم يتمتعون بالضمانات التي يتمتع بها المواطنون فيما يتعلق بحق اللجوء إلى القضاء، والعمالة الأجنبية في المملكة كبيرة الحجم، إذ يقدر عددها بسبعة ملايين عامل من مختلف الجنسيات، لا سيما جنسيات دول جنوب شرق أسيا والدول العربية، ومعظم هذه العمالة تعمل في الأعمال اليدوية أو البسيطة، والقلة منهم يباشرون أعمالاً مهنية وعلمية وفنية، وأمام الأعداد الكبيرة من العمالة الأجنبية والتزام الدولة بإيجاد فرص عمل للمواطنين قامت وزارة العمل بوضع استراتيجية تقوم على الحد من الاستقدام وزيادة تكلفة توظيف غير السعوديين.
و هناك بعض الشكاوى التي تلقتها الجمعية، من العمالة الأجنبية، حول عدم حصولهم على حقوقهم من أصحاب العمل. ويرجع السبب الرئيس لهذه الشكاوى إلى وجود قواعد الكفالة التي تلزم كل مقيم بأن يكون له كفيل من المواطنين، مما جعل العامل الأجنبي في وضع تبعية وخضوع لمكفوله نظراً لما تعطيه قواعد الكفالة من سلطات واسعة للكفيل على المكفول قبل صدور قرار مجلس الوزراء رقم 166 وتاريخ 12/7/1421هـ، الذي تضمن إلغاء مصطلح الكفيل.
فالكفالة مكنت الكفيل من السيطرة الكاملة والمفرطة على العامل، حيث لا يستطيع العامل نقل كفالته إلا بموافقة كفيله ودون ذلك لا يستطيع العامل التنقل أو حتى السفر إلى بلده، وقد رصدت الجوازات ومكاتب العمل الكثير من هذه الحالات، وإذا رجعنا إلى نظام الإقامة نجد الكثير من القيود الواردة به والملقاة على عاتق المقيم، كما لوحظ استغلاله من قبل الكفيل والذي يفضل أن يتقاضى أجرا شهرياً من العامل مقابل استخدام اسمه في العمل لصالح الأخير والذي يكون معه حق العامل مهدد وغير أمن، وهو مما يعتبر مخالفا للأنظمة المرعية في هذا الشأن.كما يمنع الكثير من الكفلاء مكفوليهم من نقل الكفالة أو السفر إلى خارج المملكة وذلك لأن الكفيل يحتفظ بجواز السفر الخاص بالعامل. فيكفي أن يرفض الكفيل أن يرد إليه جواز سفره ليمنعه بذلك من السفر أو العودة إلى بلاده وتركه معلقاً. كما يستخدم رب العمل ذلك أحيانا كوسيلة للضغط على العامل لإجباره على التنازل عن حقوقه أو تسوية مستحقاته المالية بما يرضي الكفيل.
وقد حاولت الدولة الحد من هذه السلوكيات السلبية لبعض المواطنين بإصدار عدة قرارات وتعليمات منها: قرار مجلس الوزراء رقم 166 وتاريخ 12/7/1421هـ الذي أكد في مادته السادسة على الجهات المختصة بالحزم مع كل صاحب عمل يتسبب في تعليق أوضاع العمالة الوافدة المسجلة عليه النظامية أو المالية، أو يعمل على تأخير سداد أجورها أو مستحقاتها أو أخذ مبالغ مالية مقابل إنهاء إجراءاتها.
 
كما أن هذا القرار قد تضمن أيضا العديد من الأمور لصالح العامل ومنها:
·        السماح للعامل بالتنقل بحرية داخل المملكة ما دام يحمل رخصة إقامة سارية المفعول.
·        السماح للعامل بمراجعة الجهات الحكومية وغيرها للحصول على الخدمات التي توفر له ولعائلته مثل إصدار رخص القيادة وشراء السيارات والحصول على الهاتف وغير ذلك دون شرط الحصول على موافقة صاحب العمل.
·        لا يجوز لصاحب العمل أن يحتفظ بجواز سفر العامل الوافد أو جوازات سفر أفراد عائلته.
 
إلا أنه يلاحظ عدم تطبيق هذه التعليمات والقرارات وتظل المشكلة بحاجة إلى علاج شامل وكامل، فالسلبيات الناتجة عن نظام الكفالة لازالت قائمة وقد ورد إلى الجمعية العديد منها، وتوصي الجمعية بإلغاء نظام الكفالة وبالبحث عن حلول أخرى تكفل للعامل الأجنبي حقوقه الأساسية لاسيما وأن نظام الكفالة يتنافى مع المبادئ السامية للشريعة الإسلامية التي كفلت تكريم الإنسان مما يجعل قواعد الكفالة غير دستورية نظراً لأن قواعد الشريعة، وتحديداً القرآن والسنة، هما دستور البلاد عملاً بما نصت عليه المادة الأولى من النظام الأساسي للحكم. فضلاً عن كون أسلوب الكفالة يناقض التزامات المملكة الدولية والمنبثقة عن ما وقعته وصادقت عليه من اتفاقيات دولية، ويسيء إلى سمعة المملكة، ولا يحقق إلا مصلحة لبعض المواطنين الذي استغلوه استغلالاً سيئاً.
كما لوحظ تكرار شكاوى العمال من طول نظر القضايا أمام مكاتب العمل والهيئات العمالية حيث تبقى القضايا معلقة لمدد طويلة دون البت فيها مع أن التعليمات والتوجيهات قد عالجت هذه المسألة بشكل حازم إذ صدرت توجيهات الحكومة بضرورة البت في معاملات المواطنين والمقيمين بسرعة ولعل السبب في ذلك يعود لقلة أعداد أعضاء هذه الهيئات، مما يستوجب اتخاذ إجراءات لزيادة أعدادهم وهو الأمر الذي تم البدء به مؤخرا. ومع ذلك فالتأخر في إجراءات التقاضي أمام الهيئات العمالية قد يتسبب فيه أحيانا كثيرة عدم اكتراث صاحب العمل بشكوى العامل، بالإضافة إلى عدم الجدية في تنفيذ أحكام الهيئات العمالية. ولعل تحديد المدة التي يجب على الهيئة العليا إصدار قرارها خلالها بالإضافة إلى زيادة دوائرها يحد من البطء في الفصل في الخلافات العمالية.ونشير إلى ضرورة تفعيل تعميم سمو وزير الداخلية رقم 5568 وتاريخ 1/6/1421هـ القاضي بأن تنقل كفالة العامل لمن يرغب به في حالة وجود نزاع بينه وبين كفيله وفي حالة معارضة كفيله على نقل الكفالة فيتوجب على الكفيل إعادته للعمل مع صرف راتب ثابت ومجزي له حتى تنتهي دعواهما.
 
                                                                                    وتقبلوا تحياتنا ،

                                                                     المحامي : فهد بن منصور العرجاني
                                                                 ايميل methag-alahd@hotmail.com
                                                                                جوال:  0531111745