بسم الله الرحمن الرحيم
الكيفية القانونية لاسترداد الأموال المهربة للخارج في
ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد
يثور فى الآونة الحالية الحديث عن كيفية استرداد الأموال المصرية المتحصلة من خلال أعمال فساد للبعض العاملين فى الحكومات والجهات الإدارية وغيرها وبل فى القطاع الخاص ولا سيما بعد أن قام هؤلاء بتهريب تلك الأموال الى الخارج بين دول أوربية أو عربية أو غيرها.وذهب البعض الى وجود صعوبة فى استرداد تلك الأموال فى ظل وجود مبدأ السيادة لكل لدولة على اقليمها
إلا أن هناك حلول قانونية لاسترداد تلك الأمول وذلك من خلال تفعيل مواد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الصادرة عام 2003 والتى دخلت حيز التنفيذ فى عام 2005
والتى تنص المادة (3) منها على:-- (( 1- تنطبق هذه الاتفاقية، وفقا لأحكامها، على منع الفساد والتحري عنه وملاحقــة مرتكبيه، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
2- لأغراض تنفيذ هذه الاتفاقية، ليس ضروريا أن تكون الجرائم المبيّنة فيها قد ألحقت ضررا أو أذى بأملاك الدولة، باستثناء ما تنص عليه خلافا لذلك))
الطرق والوسائل القانونية
لاسترداد الأموال نقدية أوعقارية
بداءة ننوه أنه من شروط المفترضة لاعمال تلك الحلول هو أن تكون الدولة- التى لديها أموال سواء فى صورة نقدية أو عقارية تم الحصول عليها بطريق الفساد- طرفا فى اتفاقية الأمم المتحدة المشار اليها.
وقد تناولت المواد 54 و55 و57 من الاتفاقية أحكام وسبل استردات تلك الأموال
القسم الأول :- دور الدولة طالبة التحفظ على ما لديها
من أموال محل تحقيق فى جرائم فساد
1- وفقا لنص المادة 54 من الاتفاقية يتعين على الدولة من خلال أجهزتها القضائية "فقط" وبناء على أدلة ثابتة ضد من يطلب تجميد واسترداد أموالة بالخارج اتخاذ ما قد يلزم من تدابير قضائية بتجميد أو حجز الممتلكات، بناء على أمر تجميد أو حجز صادر من المحكمة والنيابة لوجود اتهام جنائى عن جرائم فساد
2- يجب أن يكون هناك فى التحقيقات ما يوفر أساس واعتقاد لدى الدولة المطلوب منها تجميد أرصدة وممتلكات من يخضع للمحاكمة عن جرائم فساد ما يطمئن تلك الدولة بأن اكتساب تلك الأموال قد تم بطرق غير مشروعه، و.بأن تلك الممتلكات ستخضع في نهاية المطاف لأمر المصادرة إنتظارا لإعادتها لمصر مرة أخرى بعد صدور أحكام قضائية بالمصادرة.
3- يتم مراسلة ومخاطبة الدول التى لديها تلك الأموال بموجب طلبات مشفوعة بمستندات عبارة عن ما تم من تحقيقات وأدلة مادية تؤكد بأن الأموال التى لديها باسم ذلك الشخص رهن المحاكمة هى أموال اكتسبت بطرق غير شرعية ووليدة جرائم فساد
القسم الثانى:- دور الدولة المطلوب منها التحفظ على
ما لديها من أموال محل تحقيق فى جرائم فساد
وفقا لنص المادة 55 من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد يتعين على الدولة المطلوب منها القيام بالآتى
1- تتخذ الدولة المطلوب منها التحفظ على الأموال التى لديها باسم الشخص رهن المحاكمة فى جرائم فساد ،، بالكشف عن الأموال أو الممتلكات التى باسم الشخص محل طلب التحفظ واقتفاء أثرها وتجميدها أو حجزها، بغرض مصادرتها في نهاية المطاف بأمر صادر إما عن الدولة الطرف الطالبة وإما عن الدولة الطرف متلقية الطلب .....ويجوز للدولة متلقية الطب رفض التعاون أو إلغاء التدابير المؤقتة إذا لم تتلق تلك الدولة أدلة كافية أو في حينها أو إذا كانت الممتلكات ذات قيمة لا يعتد بها.
2- تقوم الدولة متلقية الطلب باتخاذ القرارات أو الإجراءات وفقا لأحكام قانونها الداخلي وقواعدها الإجرائية أو أي اتفاق أو ترتيب ثنائي أو متعدد الأطراف قد تكون ملتزمة به تجاه الدولة الطالبة ورهنا بتلك الأحكام والقواعد أو ذلك الاتفاق أو الترتيب
3- وفقا لنص المادة 31 من اتفاقية الامم المتحدة المشار اليها تتخذ كل دولة طرف فى المعاهدةمتى طلب منها إلى أقصى مدى ممكن ضمن نطاق نظامها القانوني الداخلي، ما قد يلزم من تدابير متى طلب منها للتمكين من مصادرة:
(أ) العائدات الإجرامية المتأتية من أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية، أو ممتلكات تعادل قيمتها قيمة تلك العائدات؛ (ب) الممتلكات أو المعدات أو الأدوات الأخرى التي استُخدمت أو كانت معدّة للاستخدام في ارتكاب أفعال مجرّمة وفقا لهذه الاتفاقية.
2- تتخذ كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير للتمكين من كشف أي من الأشياء المشار إليها في الفقرة 1 من هذه المادة أو اقتفاء أثره أو تجميده أو حجزه، لغرض مصادرته في نهاية المطاف.
و إذا حُوّلت هذه العائدات الإجرامية إلى ممتلكات أخرى أو بدلت بها، جزئيا أو كليا، إذا خُلطت هذه العائدات الإجرامية بممتلكات اكتُسبت من مصادر مشروعة، وجب إخضاع تلك الممتلكات للمصادرة في حدود القيمة المقدّرة للعائدات المخلوطة، مع عدم المساس بأي صلاحيات تتعلق بتجميدها أو حجزها. - لأغراض هذه المادة والمادة 55 من هذه الاتفاقية، تخوِّل كل دولة طرف محاكمها أو سلطاتها المختصة الأخرى أن تأمر بإتاحة السجلات المصرفية أو المالية أو التجارية أو بحجزها. ولا يجوز للدولة الطرف أن ترفض الامتثال لأحكام هذه الفقرة بحجة السرية المصرفية.
القسم الثالث:- :- كيفية اعادة الأموال المتحصلة
عن جرائم فساد الى الدولة
وفقا لنص المـــادة 57من الاتفاقية يتعين اتباع الآتى
1- يتعين أن تقوم الدولة بإرسال طلب إلى الدول التى لديها الأموال المتحصلة من جرائم فساد مرفق به الحكم القضائى النهائى المسبب والمشفوع بالمستندات التى تؤكد كون تلك الأموال تم الحصول عليها من جرائم فساد الصادر وأن ملكيتها ثابته لتلك الممتلكات المصادرة،،،،ويكفى حسب قانون الدول المطلوب منها اعادة الاموال أن تعترف بالضرر الذي لحق بالدولة الطالبة كأساس لإرجاع الممتلكات المصادرة؛ ... بمصادرة تلك الأموال وإعادتها للدولة
2- تقوم الدول المطلوب منها اعادة تلك الأموال بإرجاع الممتلكات المصادرة، وفقا لأحكام هذه اتفاقية الامم المتحدة لمحاربة الفساد ، ومع مراعاة حقوق الأطراف الثالثة الحسنة النيّة.
3- يجوز للدولة الطرف متلقية الطلب، عند الاقتضاء، ما لم تقرر الدول الأطراف خلاف ذلك، أن تقتطع نفقات معقولة تكبدتها في عمليات التحقيق أو الملاحقة أو الإجراءات القضائية المفضية إلى إرجاع الممتلكات المصادرة أو أن تتصرف فيها بمقتضى هذه المادة.
القسم الرابع :- ماذا لو امتنعت الدولة التى لديها
الأموال المتحصلة عن جرائم فساد
وفقا لنص المــــادة 66 من اتفاقية الأمم المتحدة المشار إليها يحق للدولة طالبة التحفظ على أموال شخص - محل المحاكمة الجنائية عن جرائم فساد- مودعة لدى دولة أخرى فى حالة رفض هذه الأخيرة اتخاذ تدابير التحفظ على تلك الأموال تمهيدا لمصادرتها لصالح الدولة طالبة التحفظ ،،، أن تلجأ أولا الى التفاوض معها ، فإذا لم يثمر التفاوض عن شيء أو تعذر اتمام التفاوض جاز اللجوء الى التحكيم الدولى على أن ينتهى خلال ستة أشهر.....فإذا تعذر ذلك أيضا جاز اللجوء الى محكمة العدل الدولية باحالة النزاع اليها بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.
وهو ما نصت عليه المادة 66 التى تنص على:-
1- تسعى الدول الأطراف إلى تسوية النـزاعات المتعلقة بتفسير أو تطبيق هذه الاتفاقية عن طريق التفاوض.
2- يعرض أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها، وتتعذّر تسويته عن طريق التفاوض في غضون فترة زمنية معقولة، على التحكيم بناء على طلب إحدى تلك الدول الأطراف. وإذا لم تتمكن تلك الدول الأطراف، بعد ستة أشهر من تاريخ طلب التحكيم، من الاتفاق على تنظيم التحكيم، جاز لأي من تلك الدول الأطراف أن تحيل النـزاع إلى محكمة العدل الدولية بطلب يقدم وفقا للنظام الأساسي للمحكمة.
3- يجوز لكل دولة طرف أن تعلن، وقت التوقيع على هذه الاتفاقية أو التصديق عليها أو قبولها أو إقرارها أو الانضمام إليها، أنها لا تعتبر نفسها ملزمة بالفقرة 2 من هذه المادة. ولا تكون الدول الأطراف الأخرى ملزمة بالفقرة 2 من هذه المادة تجاه أي دولة طرف أبدت تحفظا من هذا القبيل.
4- يجوز لأي دولة طرف أبدت تحفظا وفقا للفقرة 3 من هذه المادة أن تسحب ذلك التحفظ في أي وقت بإشعار يوجّه إلى الأمين العام للأمم المتحدة
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا....
اللهم اجعل كل عملنا خالصا لوجهك الكريم وانفعنا به يوم الدين يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون
مجدي أحمد عزام
المحامى