|
قـَـالَ لِي صَدِيـقِي .. المـَيـِّـت .......بقلم/ د. أشرف نجم
|
بقلم :د. أشرف نجم
|
الأربعاء :12 يناير 2011 02 : 10
فقدنا بالأمس أحد زملائنا الأطباء بعد أن أصيب بسرطان في الكبد ... لقد أخبره الأطباء أنه لا أمل له في الشفاء وسيموت خلال شهر ... وقد كان ... وودعناه بالأمس لمثواه الأخير ... وقد تزاحمت في نفسي الأفكار ... فأردت أن تشاركوني فيها.
(1/4)
نـَحـْنُ جـَمِـيـعـَـاً سَـوَاءٌ
مر بي طيفه نهاراً ... فناديته وأنا أتشوق للحديث معه ...
قلت له: كنت تعرف أنك ستموت؟! أليس كذلك؟
قال: نعم ... أكد لي الطبيب أن مرضي عضال ... ولن أنجو لأكثر من شهر.
قلت: لابد أنك تألمت كثيراً.
قال: في البداية نعم ... لكنني تقبلت الأمر في النهاية على أية حال.
قلت: وكيف كانت أيامك تلك؟
قال: الحقيقة ... كانت "فرصة".
صحت من الذهول: فرصة؟؟!!
كعادته الهادئة ، نظر إليَّ في أناة ... وابتسم ابتسامته التي أعرفها جيداً ... ثم ..
قال: لقد رتبت كل شيء قبل موتي.
قلت: فهمت ... رتبت أمورك المالية ، ودبرت أحوال أسرتك وأولادك .. و ...
قاطعني في هدوء وقال: ليس هذا ما كنت أعنيه ... وإن كان هذا قد حدث بالفعل.
قلت: فماذا كنت تعني ؟
قال: رتبت أموري مع ربي ... هيأت نفسي للآخرة.
أذهلتني المفاجأة ... فرغم بداهة الفكرة إلا أنها لم تخطر على بالي .. لكنه تابع...
قال: لم أفكر في الموت طيلة شبابي ... كنت أرى الناس يموتون فأقول قد هرموا لكنني ما زلت شاباً ... حتى حين مات أحد أصدقائي الشباب اتعظت قليلاً ثم عدت ... ودعت الكثيرين للمقابر فلم تصمد توبتي إلا أياماً .. ثم أعود إلى ما كنت عليه.
لم أكن أعرف هل يتحدث عن نفسه، أم يتحدث عني ...لذا لم أستطع أن أعلق ...
تابع قائلاً: مرضت عدة مرات ، وأصابتني عدة مصائب ... لكن توبتي كانت هشة ... لم تصمد أمام إغراءات المعاصي والشهوات ... حتى أتتني هذه "الفرصة".
قلت: وكيف كانت النتيجة ؟
قال: الحمد لله ... توبة مقبولة ، ورب رحيم رؤوف ... ونعيم ليس بعده شقاوة.
قلت: ما أجمل حظك ، وأسعدك ... ليتنا نفوز بما فزت به.
قال: ما زالت عندك "الفرصة" .
قلت: لكنني لست مثلك ..
قال: بل نحن سواء ...
قلت: كيف ؟!
قال: كلنا يعلم أنه سيموت.