منذ أيام قليلة رحلت في هدوء عن عالمنا الأستاذة الفاضلة بشرى عصفور المحامية المعروفة بأم المحامين على اثر أزمة صحية تعرضت لها فور إصابتها في حادث تصادم أليم على طريق بورسعيد الإسماعيلية أثناء توجهها للدفاع والمرافعة في إحدى قضايا الجنايات .
وبرحيل هذه العظيمة تكون المحاماة قد فقدت - ليس في بورسعيد فحسب بل في مصر كلها والوطن العربي أجمع - نموذجا شامخا من أعلامها ، محامية حصيفة بارعة قلما يجود الزمن بمثلها ، ملكت ناصية الكلمة شعرا ونثرا ، فصحى وعامية ، حملت لواء الدفاع عن الحق والحقيقة ، لم تكن تخاف في الحق لومة لائم تميزت بالإخلاص والتفاني في عملها جمعت بين فصاحة اللسان والقدر على البيان وسلاسة المنطق وسهولة إثبات البرهان ، قدمت على مدار نصف قرن أو يزيد أروع المرافعات التي مازالت تلهم كل عشاق الحق والحرية ..
أثرت الراحلة العظيمة مهنة المحاماة النبيلة والعمل النقابي بالكثير من الإنجازات والأعمال الجليلة التي تحسب لها على مدار تاريخها المهني والنقابي , ويكفي أنها كانت السيدة الوحيدة التي نالت عضوية مجلس النقابة العامة للمحامين بالانتخاب وصارت مقررا للجنة الحريات بها ، ليس ذلك فحسب بل تقلدت منصب وكيلة النقابة العامة لمحامين مصر في عام 1992م وتولت الدفاع والمرافعة في مئات من القضايا الجنائية الشهيرة أبرزها قضية الدفاع عن المتورطين في قضية تفجيرات طابا . وكانت وبحق على مدار تاريخها المهني أحد أهم رموز جيل عظماء المحاماة المصريين وأشهر وأروع فارسة حملت مشعل الدفاع عن المظلومين والمكلومين بكل أمانة وإنصاف حتى وقتنا الحاضر .. وتتلمذ على فيض علمها الغزير أجيال وأجيال من المحامين ..
ورغم بعادها عنا فمازالت كلماتها ومرافعاتها تعيش معنا ، في أحلامنا ، في ضمـائرنـا ، نذكرها عند الأصيل ، ونراها في كل إشراقة فجر بسمة حلوة على شفـاه التعساء ، ونسمعها نشيدا شجيـا مع دعوات وأنين المظلومين ورجاء المكلومين.
وداعا أيتها العظيمة يـا قرة أعيننــا ومهجة قلوبنا وتاج رؤوسنا .. إذهبي قريرة العين إلي مثواك السرمدي .. ولتسعد روحك الطاهرة في عليـائهـا فمـا هذه الدنيـا إلا دار زوال وفنـاء ..
رحم الله الأستاذة الفاضلة بشرى عصفور فقيدة المحاماة وأسكنها فسيح جناته وألهم أهلها وذويها وكل زملاءها وأصدقاءها الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون.
http://www.facebook.com/note.php?saved&¬e_id=10150101926606998&id=318897121124