أسامة غريب يكتب: ادبح يا زكيإدوارد!
  • كنت في إجازة من الكتابة عندما سمعت عن حكاية شراء رجل الأعمالالسيد البدوي لصحيفة الدستور و من ثم لم يتسن لي أن أقول رأيي في الموضوع، و لم أرداعياً لقطع الإجازة و إرسال مقال خصيصاً لهذا الغرض، فضلاً عن أنني أحسست أنمقالاً كهذا قد يسبب حرجاً لإبراهيم عيسي مع الملاك الجدد رغم تأكدي من أنه كانسينشره!. لهذا آثرت أن أنتظر و أترقب فصول التمثيلية التي كنت أري كل مشاهدها ماثلةأمامي.

    كان السؤال الذي تداولته مع كل أصدقائي هو: ما هو المدي الذيسينتظروه قبل أن يقوموا بإقالة إبراهيم عيسي؟. البعض قال سنة و البعض الآخر قال ستةشهور.

    في هذه الأثناء كانت ترد إلي رسائل علي البريد و علي الفيس بوك منالقراء تسألني في انزعاج: هل ستستمر في الكتابة بالدستور في وجود الملاك الجدد؟. وكنت أرد بأنني لم أشغل بالي في السابق أبداً بأسماء مُلاك الصحف و قد وطنت نفسي منذبدأت حالة الكتابة المنتظمة أن أتمثل قول الشاعر بشار بن برد: إذا أنت لم تشربمراراً علي القذي...ظمئت و أي الناس تصفو مشاربه!. لهذا كان كل ما أشترطه فيالصحيفة التي أكتب بها هو حسن السير و السلوك و عدم وجود مشاكل تحريرية من اختصاصبوليس الآداب تتعلق بأعمال القوادة و تسهيل الرذيلة و خلافه!.

    و كان يكفينيوجود إبراهيم عيسي كصمام أمان يحمي ما أكتبه و ينشره كما هو الأمر الذي سمح لي بأنأكتب كل ما خطر علي بالي و مكنني من أن أطحن الكثير من الشخصيات الفالصو الذين كانالبعض يشيع بأن ابراهيم عيسي يعمل معهم و بالتالي لن يقبل أن يتركني أنتقدهم وأهاجمهم في صحيفته. أثبت لي ابراهيم أنه رجل حقيقي و لهذا كنت أكتب ببلاش دون أنأتقاضي أجر و أنا في غاية السعادة!.

    ثم وصلتني دعوة للسحور أقامها الملاكالجدد تجمع السادة الكتاب و الصحفيين بالدستور في قاعة فاخرة بفندق فورسيزونز.

    كنت قبل وقت قليل قد انتقدت الدكتور السيد البدوي في أحد مقالاتي ونبهت القراء إلي خشيتي من أن يكون حزب الوفد هو الوريث لبعض مقاعد الإخوان فيالانتخابات المزورة القادمة بناء علي تصريح أطلقه البدوي و أعلن فيه أن حزبه سيحصلعلي 20 مقعداً في الانتخابات القادمة..و تساءلت في مقالي كيف عرف البدوي عدد مقاعدهفي انتخابات هو يعلم أنها ستزور حتماً؟ هل جلس مع المزورين و شاف النتيجة فيالكونترول؟. و من الغريب أن هذا المقال بالذات كان به خطأ مطبعي جعلني أطلب إعادةنشره مرة ثانية فتم نشره مرتين. و الذي لم أكن أعرفه و اتضح لي بعد ذلك أن هذاالمقال تزامن نشره مع المفاوضات التي كانت جارية لشراء الدستور، و مع هذا نشرهإبراهيم عيسي مرتين..فيالروعة هذا الرجل!.بالمناسبة اسم المقال "صدقة يمنحها لص" لمن أراد أن يقرأه علي النت.

    لهذا فقد فوجئت ليلة السحورعندما أقبل عليّالدكتور البدوي مصافحاً و محيياً برغمما كتبته عنه و قلت لنفسي:هذا الرجل إما إنهكبير النفس جداً و يقدر الإختلاف في الرأي أو إنه داهية أريب ! .

    بعد أنجلسنا و أخذنا أماكننا حول الموائد و بعد أن ألقي ابراهيم عيسي كلمة مرتجلة تحملالكثير من الأمل صعد إلي المنصة شخص لا أعرفه و أمسك بالميكروفون في سعادة ظاهرة. سألت الصديق الجالس إلي يساري: من هذا؟.فقال: هذا مجدي إدوارد شريك السيد البدوي فيملكية الدستور. بعد أن بدأ الرجل يتكلم أدركت أن الدكتور السيد البدوي رجل داهية ولا يفترق عن حكامنا الذين يأتون لنا بوزراء و مساعدين من نوعية فلان و علان و ذلكحتي نعرف قيمتهم و نبايعهم مدي الحياة بعد أن نري مستوي مساعديهم!.

    تحدثالأخ حديثاً ركيكاً لا ترابط فيه و لا فكر و لا مقدرة لغوية عن أشياء بدت ليعجيبة..فالأخ يعرض لنا أفكاره و فلسفته في الحياة و رؤاه السياسية و كلها أبعد ماتكون عن خط الدستور بل إنها تتصادم بكل قوة مع الجريدة التي يزعمون أنهم اشتروهاللحفاظ عليها و تطويرها.عدت أسأل الأصدقاء: قلتوا لي مين ده؟. فأجابني أحدهم: هذاعادل إدوارد الذي سيوضع إسمه علي صدر الجريدة!. استمر الرجل يتكلم حتي ظننت أن هذهالليلة لن تنقضي قبل أن تكون روحي قد أزهقت..لم أكن وحدي الذي أصابه الملل، لكن كلمن بالقاعة بدأوا يتأففون استعجالاً لأن ينهي كلمته حتي يتركنا نأكل اللقمة ونروّح. و يبدو أنه أحس بموقف الحاضرين فقرر أن يعاقبهم و استمر متحدياً أولئك الذينبدأوا يرفسون في الأرض من السأم و الإعياء.. بدأت الهمهمات بأن الرجل يتكلم بفلوسهو أنه لولا هذه الفلوس ما أمكن له أن يقترب من المنصة و يلقي علي أسماعنا أفكارهالألمعية. و هنا تصرف كل من بالقاعة علي نحو واحد دون اتفاق. أعطي الجميع ظهورهمللمنصة و بدأوا أحاديث إجتماعية مبرهنين علي أن فلوس هذا الرجل لن تجلب له وسط هذاالجمع مستمعاً واحداً له قيمة!. و عندها فوجيء الجميع بالرجل يتشنج و يعلو صوتهقائلاً: ما ينفعش كدة..عندما أتكلم لازم تسمعوني..إذا لم تسكتوا و تستمعوا فسوفأنزل!. علا صوت من مائدة قريبة: مين الراجل ده يا جماعة؟. فأجابه واحد ابن حلال: هذا منير إدوارد و هو جاي مع السيد البدوي و سوف يعمل علي تطبيق أفكاره التيسمعتموها الآن في الصحيفة!. علي أي الأحوال فرح الجميع عندما غضب إدوارد متصورينأنهم نجحوا في إسكاته.. لكن علي مين؟..ابتلع الرجل غضبه و ظل يتحدث لمدة أربعيندقيقة حتي أنني أحسست بجلدي و قد بدأ ينشع زيت!. خرجت و ذهبت للحمام ثم عدت و الأ خما زال يحكي..خرجت ثانية و شربت شاي في الردهة و رجعت و الأستاذ عاطف ادوارد ما زاليضرب في العجين. لكن الناس كانت قد نسيت وجوده و انصرف الجميع للأكل و الشرب والدعابة حتي أن أحداً لم ينتبه بعد أن ترك المايك و نزل من علي المنصة!.

    لست ألوم هذا الرجل علي أي شيء..فقد كانت حالته واضحة تماماً تلك الليلة وأعتقد أن من يلومه يخسر لأنه يستطيع بسهولة أن يبرر موقفه و يقول: أنا عبدالمأمور.. يقولوا لي ادبح يا زكي إدوارد..يدبح زكي إدوارد. بيع يا زكي إدوارد..يبيعزكي إدوارد. إهرب يا زكي إدوارد..يهرب زكي إدوارد.

    لكني مع هذا لا أعتقد أنزكي إدوارد و معلمه الداهية يستطيعان الهروب مما اقترفت يداهما!.