فتحي رضوان المحامى زعيم سياسي وصحفي ومفكر مصري، كان وزير للإرشاد القومي (الإعلام) في بدايات عهد الثورة كما كان عضو مؤسس في حزب مصر الفتاة مع أحمد حسين. أنشأ مجلس حقوق الإنسان المصري.
مولده
ولد فتحي رضوان في مدينة المنيا بمحافظة المنيا بتاريخ 14 مايو1911م ليس من أصل صعيدي غير أن والده كان يعمل مهندساً للري في هذه المدينة، ثم انتقلت الأسرة بعد ذلك بعامين أو ثلاثة إلى القاهرة، واستقر بها المقام في حي السيدة زينب، شارع سلامة، وفي هذا الحي تشّرب الوطنية حيث التيارات الوطنية والفكرية التي كان يزخم بها الحي، كما كانت نشأته الوطنية لها أثر عظيم في تكوين شخصيته فكانت أمه من أنصار مصطفى كامل وكانت تنشد لابنها أن يسير على نهج مصطفى كامل، كما أن أخته كانت زعيمة الطالبات في المدرسة السنية.
التحق بالمدرسة الأهلية ثم مدرسة محمد علي وحصل على الابتدائية عام 1924م، وحصل على الثانوية من إحدى مدارس أسيوط حيث كان والده يعمل هناك. تعرف منذ الصغر على أحمد حسين التي توطدت بينهما الصلة وصارا أصحاباً، وظلت هذه الصحبة حتى في العمل الوطني حتى انفصلا عن بعضهما البعض عام 1942م. نبغ فتحي رضوان سياسياً وفكرياً في المرحلة الثانوية، وبعد حصوله على الثانوية التحق بكلية الحقوق عام 1929م وتخرج عام 1933م ليعمل في مجال المحاماة.
حياته السياسية
نشأ فتحي رضوان في بيئة وطنية منذ الصغر، وتكاملت ملكاته السياسية، وهو بالتحاقة بكلية الحقوق وإنشأه مع صديقه أحمد حسينمشروع القرش والذي أحدث هزة في كيان المستعمر، كما عمل على عقد مؤتمر للطلبة غير أن العراقيل وُضعت أمامه ولم يقتصر على ذلك بل عمل على تشجيع الصناعات الوطنية عن طريق المناداة بإنشاء مصنع وطني للطرابيش.
بعد تخرجه أنشأ مع صديقه حزب مصر الفتاة عام 1933م وظل رضوان به حتى عام 1937م حيث اختلف مع صديقه حول بعض الرؤى، وانضم للحزب الوطني إلا أنه لم يرق له أسلوبه في تعامله مع قضايا الأمة، فأنشأ عام 1944مالحزب الوطني الجديد على مباديء الحزب الوطني الذي أنشأه الزعيم مصطفى كامل، كما أصدر جريدة اللواء الجديد حيث صدر العدد الأول منها في 12 نوفمبر1944م وظل الحزب قائماً حتى حُلّت الأحزاب عام 1953م.
تعرض فتحي رضوان للاعتقال كثيراً لمخالفته سياسة المستعمر الإنجليزي وعدم السير في ركابها، ولاعتراضه على بعض تصرفات الملك فاروق. كما عارض وجود المحتل على أرض وطنه عارض الحكومات التي كانت تسير في ركابه فاعترض على معاهدة 1936م التي عقدها حزب الوفد مع الإنجليز وكانت خزياً وعاراً على مصر، كما اعترض على المفاوضات التص كانت تجريها الحكومات مع المحتل وكان شعاره لا مفاوضات إلا بعد الجلاء، كما كان قريب الصله بالأب الروحى للجيش عزيز المصري. شاركه العمل الوطني رجالاً أمثال نور الدين طرافومحمود مكيوأحمد مرزوقوزهير جرانه وغيرهم.
ترشح في الانتخابات النيابية مرتين قبل الثورة ولم ينجح فيهما بسبب التزوير الذي كان يحدث، تمّ اعتقاله بعد حريق القاهرة في 26 يناير1952م وظل في المعتقل حتى قيام ثورة 23 يوليو1952م حيث أخرجته حكومة علي ماهر – والتي اختارها الجيش- ليكون وزيراً بها وظل وزيراً للدولة ثم وزيراً للإرشاد القومي (الإعلام حالياً) حتى خرج من الوزارة عام 1958م إثر خلاف مع عبد الناصر حول بعض المفاهيم والسياسات، كما كان نائباً في مجلس الأمة عن دائرة مصر الجديدة. ظل فتحي رضوان مناضلاً ضد سياسات السادات، ومعارضاً لها حتى اعتقل في أحداث سبتمبر 1981،وبعد خروجه عمل على إيجاد لجنة لحقوق الإنسان المصري وعمل بها من أجل أن ينال كل إنسان حريته.
حياته الفكرية
لم يكن فتحي رضوان ذلك السياسي البارع فحسب؛ أو المناضل الذي اشتعل قلبه بجذوة الإيمان فقط، بل كان مثقف الفكر، عذب الحديث. تأثر بتولستوي في تكوين مزاجه الفكري كما تأثر بمصطفى كامل في تكوين ملكاته السياسية. أثر فتحي رضوان على العديد من المثقفين في مصر والعالم العربي ولا زال يؤثر.
مؤلفاته
كتب في المسرح والأدب والسيرة والسياسة ومن مؤلفاته:-
- 72 شهرًا مع عبد الناصر
- أسرار حكومة يوليو
- الخليج العاشق
- حركة الوحدة في الوطن العربي
- خط العتبة
- دموع إبليس
- ديفاليرا
- طلعت حرب بحث في العظمة
- حام صغير
- محمد الثائر الأعظم
- مشهورون ومنسيون
- مع الإنسان في الحرب والسلام
- موسوليني
- نظرات في إصلاح الأداة الحكومية.
وغيرها من المؤلفات والمقالات التي تنم على سعة أفقه الفكري والسياسي.
وفاته
ظل فتحي رضوان طيلة سبعة وسبعين عاماً مناضلاً من أجل الحرية، وظل كذلك حتى وافته المنية في 2 أكتوبر1988م، ودفن بجوار زعيميه مصطفى كاملومحمد فريد. رحم الله هذا السياسي المناضل والوطني الغيور والمفكر المثقف، وإن كان رحل عنّا بجسده إلا أن وطنيته ستظل شموعاً يستضاء بها نحو إنشاد الحرية.
المراجع
- كتابه اثنان وسبعون شهر مع عبد الناصر
- حياة فتحي رضوان
- فتحي رضوان ووزارة الإرشاد القومي
- زكريا سليمان بيومي– الحزب الوطني الجديد 1944 – 1953 (دراسة في أوراق وصحف الحزب) الطبعة الأولى، القاهرة، دار الكتاب الجامعى، 1988م.
- طارق البشري– الحركة السياسية في مصر 1945-1952، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1972م
- عبد العزيز الدسوقى- فتحى رضوان... مدخل إلى عالمة الأدبى ،القاهرة، إحتفالية المجلس الأعلى للثقافة بمرور عشر سنوات على وفاة فتحى رضوان، 15/5/1999م
- عبد العظيم رمضان – تصور الحركة الوطنية في مصر، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1998م
- غالي شكري – المثقفون والسلطة في مصر، الطبعة الأولى، القاهرة، دار أخبار اليوم ،1990م
- فؤاد دوارة– عشرة أدباء يتحدثون، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1996م.
- لطفي عثمان– المحاكم الكبرى في قضية الاغتيالات السياسية، القاهرة ،دار النيل للطباعة، 1948
- محمد الجوادي: التشكيلات الوزارية في عهد الثورة، القاهرة، الهيئة العامة للاستعلامات، وزارة الإعلام، 1986م.
- محمد عبد الرحمن برج – عزيز المصري والحركة الوطنية المصرية، القاهرة، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 1980م
- موسوعة المجاهد الوطني الأستاذ فتحي رضوان شيخ المعارضة في مصر،10مجلدات، مركز الأهرام للتنظيم وتكنولوجيا المعلومات، 2004م.
- علي شلبي– مصر الفتاة ودورها في المجتمع المصري 1933-1941– رسالة ماجستير (منشورة)، جامعةعين شمس، كلية آداب ،قسم التاريخ، 1975م.
- نادية بدر الدين أبو غازى – قضية الحرية في المسرح المصري المعاصر1952 – 1967، رسالة ماجستير في العلوم السياسية (منشورة)، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 1984م نقلا عن ويكيديا الموسوعه الحره
- من مقالاته
دور المـــــــــــرأة
بقلم: فتحى رضوان*
إن للمرأة مركزا مهما فى جهادنا ولسنا نتصور حركة وطنية مفلحة فى بلد من البلاد، ونساؤها لا يشتركن فيها.. يفهمنها ويعطفن عليها، ويؤججبن نارها، ويهيئن أنفسهن وقودا لها.
لما استيقظت المرأة فى الأجيال الحديثة كما استيقظ كل شئ، ظنت أن حريتها فى تقليد الرجل، والحق أنها بقيت فى عبوديتها. لأنها على الرغم من شهادتها ومناصبها لا تزال تعد نفسها- متعة الرجل. فإذا أرادت المرأة أن تحرر نفسها، كان عليها أن تعرف أن عبوديتها فى ثيابها التى تلبس ومساحيقها التى تصنع ومشيتها التى تمشى فإذا لبثت ثيابا مسدلة، تخفى جسمها، وإذا خرجت بوجه لا ألوان فيه وإذا سارت كما تسير الفلاحة منتصبة القائمة، بسيطة الحركة، بريئة النظرات، وإذا جملت روحها بالشجاعة والصراحة واحتمال المتاعب، استردت حريتها وأصبحت هى والرجل على قدم المساواة لا تجمل له جسدها، فى مقابل أن يجمل لها نفسه،. لا يفتنها بأخلاقه وجرأته وشجاعته لتفتنه بنظرتها ومشيتها:
فإذا حققت كل هذا كان سواء بعد ذلك أن تبقى فى المنزل، تعلم الطفل وتلقنه مبادئ الحياة القوية، أو أن تخرج إلى الحياة لتكافح لرزقها، وتنافس غيرها وتشتغل بما يشتغل به الرجل من الشهرة وبعد الصوت وكثرة الأنصار مثلا....
إن الرجل الحر ليبقى حرا، وهو مكبل بالأصفاد، مقيد بالأغلال، وإن حريته ليست إلا نفسه.. فإذا بقيت نفسه طليقة، تفكر فيما تحب، وتؤمن بالذي تهوى كانت الأغلال والأصفاد، عرضا تافها لا يمس الحرية الحقيقية ونحن نطلب الفتيات للجهاد، نريدهن مؤمنات بالحركة متحمسات للوطن، مدركات تفاصيل القضية.. إذا نزل بالبلاد خطب صرخن له من القلوب صرخات يسمعها الطفل وهو ما يزال فى مهده، فيفتح عيونه النائمة، ويكاد يسأل على الرغم من بكمه: ما هذا يا أماه.
المرأة التى نريدها لخدمة مصر هى هذه الروح التى تدخل البيت لتنيره، وتعرف الرجل لترفعه وتحب الوطن وتعشقه.. هذه المرأة التى تتطهر كما يتطهر الرجل.. وتتألم كما يتألم وتضحى كما يضحى. يسجن ويشقى ويكافح ويضطهد وتأتى هى بعد ذلك أن تكون فى البيت لتأسس الأسرة، وتحفظ الجيل القادم، وتلقن الأطفال ما يجعلهم رجال أقوياء بل ليلقى الرجال القوه وتعلمهم التضحية وتقربهم من الجمال الحقيقى.
هذا هو دور المرأة فى جهادنا: موحية ملهمة، مدركة للقضية، مؤدية لها، مضحية من أجلها بسعادتها كزوجة، وسعادتها كأم.. ثم مضحية من أجلها بنفسها، إذا اقتضى الجهاد.
دور المرأة فى جهادنا، أن تكون قوية، شجاعة جريئة صريحة. لا تنطق بما يبعث الخوف فى القلوب، أو الجبن، أو الرياء أو التملق..
دور المرأة فى جهادنا: أن تكون وقورة، وجندية مجهولة، ومصدر روحه ومبعث حياته..
هذه هى المرأة التى يريدها الجهاد.
*نشر هذا المقال في جريدة الصرخة عام 1937م الناطقة بأسم حركة مصر الفتاة في ذلك الوقت
وحركة مصر الفتاة هي الامتداد التاريخي لحزب العمل والذي قام بتأسيسها الزعيم/ أحمد حسين