حضرة الزميل المحترم / راضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سيدي الفاضل
إنما أوردت هذه الواقعة لأسلط الضوء على فرضية أن تكون للوصية سبب يتفق مع قواعد الشرع والعدل والمنطق ، فلاشك أن الوصية بغرض تمييز وارث على غيره من الورثة أو حرمان وارث كلياً أو جزئياً من نصيبه في الميراث هو ظلم بين حتى وإن لم يثبت الحديث.
وفعل المورث بهذا المفهوم لا يختلف كثيرا إن جاء في صورة تصرف حيال حياته ( الهبة ) أو في صورة تصرف مضاف لما بعد الموت ( الوصية ) طالما كان الغرض في كليهما هو مجرد التمييز لأنه في هذه الحالة يكون جوراً بيناً لايقبله الشرع ولا العقل ، وأظن أنه قد ورد فيما معناه أن رجلا جاء للنبي صلى الله عليه وسلم يشهده على أنه نحل أحد أبنائه مالا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أكل أبنائك نحلت مثل ما نحلت ابنك هذا ؟ ، فقال الرجل : لا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، أشهد على ذلك غيري فإني لا أشهد على جور ( أو كما قال صلى الله عليه وسلم )..
فائدة :
أذكر أنني قرأت في موضوع الحديث الذي يدور حوله الموضوع ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ) وهل هو ناسخ لآية البقرة ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) ما يلي : ـ
ذكر بعض أهل العلم أن هذا الحديث هو من أحاديث الآحاد وحديث الآحاد عندهم لا ينسخ القرآن لأنه ظني الثبوت والقرآن قطعي الثبوت والظني لا ينسخ القطعي وإنما قصروا نسخ القرآن بالسنة على الأحاديث المتواترة لأنها قطعية الثبوت.
كما رأى بعض العلماء أن الحديث لم ينسخ آية الوصية وإنما نسختها آية المواريث ( يوصيكم الله في أولادكم )والحديث إنما أشار لذلك بقوله ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه ) وهي إشارة واضحة لآية المواريث كما أسلفنا.
ورأى جانب من العلماء أن المنسوخ هنا هو أصل الوجوب ( كتب عليكم ) وليس أصل المشروعية ، بمعنى أنه لا يفرض ولا يكتب ولا يجب على الرجل أن يوصي ولكن أصل مشروعية الوصية لم تنسخ وتظل في دائرة الجواز بعد خروجها من دائرة الوجوب
وجزاكم الله خيرا.
(وقولوا للناس حسنا ) محمد المغني
|