تابع
على أن إيجابيات هذا الحل
القضائى يجب ألا تجعلنا نغض الطرف عن بعض أوجه القصور فيه ، والتى تجعله عاجزا عن مواجهة كافة الفروض المتصورة عند قيام ذات النزاع أمام جهة المحاكم وجهة قضائية أخرى . فهناك نقدان يمكن أن نوجههما إلى هذه الوسيلة .
النقد الأول:
الذى يوجه إلى الحل الذى نحن بصدده هو أنه يتطلب أن تكون الدعوى قائمة أمام الجهتين القضائيتين فى الوقت الذى يقدم فيه طلب حل التنازع . ولذلك قد يحدث أن تفصل إحدى الجهتين فى الموضوع وتزول . بالتالى . الدعوى من أمامها ثم يعرض ذات النزاع على الجهة الأخرى وتقضى باختصاصها . فى هذا الفرض لن يكون هناك محل لطلب تعيين الولاية . رغم أنه قد بات محتملا أن تفصل الجهة الثانية . هى الأخرى - فى المو ضوع وعندئذ سوف نكون أمام حكمين صادرين فى ذات النزاع مع ما ينطوى عليه هذا الوضع من احتما لية التعارض بينهما )``ا .
على أنه مما يخفف من حدة هذا النقد أن هناك وسيلة أخرى غيرطلب تعيين الولاية يمكنها أن تقدم الحل الوقائى البديل . نقصد بذلك الدفع بعدم جو ازنظر الدعوى لسابقة الفصل فيها . ولكن انظرفى عجز هذه الوسيله أيصآ فى بعض الأحيان .
والنقد الثانى:
الذى ينال من فعالية الحل المتمثل فى طلب تعيين الولاية أن هذا الطلب لا يجوز تقديمه إلا إذا قضت كل من الجهتين باختصاصها ، بأن صدر عن كل منهما حكم برفض الدفع بانتفاء الولاية . ولنا أن نتصور الفرض الذى تأمر فيه إحداهما . أوكلتاهما . بضم الدفع إلى الموضوع للحكم فيهما معا.
فالماده 108 مرافعات تسمح للمحكمة بأن تختا ربين أن تحكم فى الدفوع الإجرائية - ومن بينها الدفع بعدم الاختصاص - عل استقلال اوأن تضم هذه الدفوع إلى المو ضوع وتحكم فيهما فى آن واحد وان وجب عليها عندئذ بأن تبين ماحكمت به فى كل منها على حدة . ولكن جديربالاعتبارالرأى الذى يقول بتوافرالتنازع إذا كانت إحدى الهيئتين التى تنظرا لدعوى أوالمنازعة قد أصدرت حكمأ أوقرارأ باختصاصا وأحيطت به الهيئه الأخرى ورغم هذا استمرت فى نظر الدعوى او حجزتها للحكم فيها.فهنا يمكن القول بوجود قضاء ضمنى بالاختصاص. انظ فى هذا الرأى :د. أمينة النمر قانون المرافعات، الكتاب الاول منشائة المعارف
فى هذه الحالة سيكون هناك تنازع . محتمل ان لم نستطع أن نعتبره قائما . للولاية ولكن لا يسمح بتقديم طلب احاله . فقد يحدث بعد ذلك أن تقضى كل جهة بولايتها فى نفس الوقت الذى تقضى فيه فى الموضوع
مع ما يحتمل أن ينتج عن ذلك من تعارض بين الحكمين الموضوعيين ......................
خلاصة القول إذن أن طلب تعيين الولاية ليس - بتنظيمه الحالى – حلا مثاليا يكفل تلافى تعدد الاحكام وتعار
حل التنازع الايجابى على الاختصاص .
اولا . غياب الحل التشريعى .
على خلاف الصورة السابقة والتى تتمثل فى قيام ذات الدعوى أمام محكمتين تابعتين لجهتين قصائيتين مختلفتين قد يحدث أن تقام الدعوى أمام محكمتين تتبعان جهة واحدة هى • فى بحثنا هذا . جهة القضاء العادى . وقد تأكد لنا من قبل ضرورة التخلص من هذا الوضع حتى لا تقضى المحكمتان فى نفس الموضوع ويصدر حكمان قد يتناقضا .
والفرض الذى نريد التعرض له الآن هو أن إحدى المحكمتين التابعتين لجهة المحاكم مختصة بينما الأخرى غير مختصة . وقد يبدو أن الحل الواقى من صدور حكمين فى موضوع النزاع فى هذا الفرض ميسرا . ففى قواعد الدفع بعدم الإختصاص ما يضمن قيام الدعوى أمام محكمة واحدة هى المحكمة المختصة دون الاخرى .
.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه . والذى ينحصر فيه تحديدا نطاق بحثنا . هو الآتى :
ماذا لو أخطأت المحكمة الأخرى هذه وتمسكت باختصاصها ؟ لا شك أنه فى هذه الحالة نكون بصدد تنازع فى الاختصاص . وهو تنازع إيجابى يمكن أن يقضى. إذا ترك على حاله . إلى صدور حكمين فى الموضوع مع احتمال تناقضهما . لذلك لا يجب أن يترك المشرع الإجإبة على هذا السؤال بدون حل وقائى .
ولكن الحاصل أنه بينما وضع المشرع هذا الحل عند قيام التنازع الإيجابى بين جهات القضاء فإننا نجده قد أغفل عن وضع حل مقابل فى حالتنا هذه .
ثانيا .الحلول المقترحه :
على أن غياب التنظيم الخاص لحل تنازع الاختصاص يدفعنا إلي البحث عن حلول أخرى جزئية لعلنا نجد لها سندا من النصوص .
الحل الأول الذى يمكن أن يطفو إلى سطح الذهن هو إعمال قواعد الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع . فالفرض أننا امام دعوى واحدة مقامة أمام محكمتين تتبعان جهة القضاء العادى واحداهما مختصة قانونا والأخرى وان لم تكن مختصة وفقا للقواعد القانونية الصحيحه إلا أنها متمسكة بالإختصاص . فهل يمكن والحال كذلك اعتبارأن الدعوى مقامه أمام محكمتين مختصتين وبالتالى لا مانع من التمسك بالإحالة لقيام ذات النزاع ؟
قد يبدو هذا الحل ممكنا إذا كانت المحكمة المتمسكه – خطأ - باختصاصها هى التى رفعت إليها الدعوى مؤخرا . فهى المحكمه التى يجب تقديم الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع أمامها، وهى ملزمه بقبول الدفع بالإحالة دون أية سلطة تقديرية من جانبها . على فرض عدم سقوط حق المدعى عليه فى استعماله .
ورب معترض على منطق هذا الحل يقول: كيف يدفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة ثم يبنى بعد ذلك دفعه بالاحالة لقيام ذات النزاع على أساس أنها محكمة مختصة ؟ أليس فى ذلك جمع - غير مقبول منطقيا - بين نقيضين ؟
والرد على ذلك أنه بعد أن رفضت المحكمة الدفع بعدم الاختصاص لم يعد أمام المدعى عليه سوى الاذعان . وفى نفس الوقت صار له الحق فى استعمال . الد فوع المناسبة التى ينتجها الوضع الجديد ومن بينها الدفع بالإحالة لقيام ذات النزاع . فقد صارت المحكمة مختصه بنظرهذا الدفع.
كذلك رب معترض يقول: أنه وان توافرت مفترضات الدفع بالاحالة لقيام ذات النزاع بعد الحكم بالاختصاص .إلا أن قبول هذا الدفع قد يصطدم بعقبة إجرائية هى سقوط حق المدعى عليه فى التمسك به فهودفع إجرائى كان عليه إبد ائه مع سائرا لدفوع الاجرائية الأخرى. ونظرأ لأنه سبق وابدى الدفع بعدم الاختصاص فإنه يعتبرمتنازلاعن باقى الد فوع الاجرائية ومن بينهاا لدفع محل البحث.
والرد على ذلك أن المدعى عليه يمكنه ان يثيرا لدفع بالاحالة لقيام ذات النزاع وذلك على سبيل الاحتياط فى الوقت الذى يدفع فيه بعدم الاختصاص كدفع أصلى ان صح ألتعبير. فعندئذ لن يصطدم الدفع بالاحالة بعقبة عدم القبول. وحتى على فرض أنه لم يحدث هذا الوضع فلم يكن من بين دفوع المدعى عليه الاجرائية التى أبداها فى البداية الدفع بالاحالة لقيام ذات النزاع فانه يمكن القول بأنه يحق للمدعى عليه ابداء هذا ألدفع بعد الحكم بالاختصاص نظرأ لأن مبرر هذا الدفع لم ينشأ إلا بعد هذا الحكم .
وأخيرأ فإنه جدير بالتأمل الرأى الذى يشترط لقبول الاحالة لقيام ذات النزاع أن تكون المحكمة المحالة إليها الدعوى مختصة. أما المحكمة ألمطلوب الاحالة منها فليس ثمة ما يمنع الخصم من أن يدفع بإحالة الدعوى منها ولوكانت غير مختصة . انظرفى هذاالرأى : د. رمزى سيف .
..............................
قد كلفنى الاستاذ / محمد نبيه بنشر هذا الموضوع على المنتدى ليستفيد من الجميع
احمد عبد الغنى المحامى