بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز الأستاذ : أبو معاذ
بداية نتوجه بخالص الشكر على هذه المشاركة الرائعة وهذا التفاعل الذي حرمنا منه لفترة ليست بالهينة ندعو أن يكون المانع فيها خيراً , وفي الموضوع نقول
عرف النظام الصادر بالمرسوم الملكي م /39 وتاريخ 25/6/1424 هـ والذي نشر بأم القرى بالعدد 3958 وتاريخ 15 رجب 1424 هـ جريمة غسل الأموال بأنها ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه بقصد إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبه خلافاً للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر
وهنا يدخل ضمن نطاق الجريمة بهذا الوصف كل سلوك أو شروع ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو استبدالها أو تحويلها أو نقلها أو التلاعب في قيمتها أو استثمارها متى كان اكتسابها غير مشروع المصدر
بداية دعنا نثني على موقف المنظم في المملكة بأخذه للأسلوب المطلق في تحديد الجريمة الأولية بكفاية أن تكون الأموال محل الغسل مكتسبة من مصدر مخالف للشرع أو النظام دون تحديد ماهية هذه الجرائم المتحصل منها المال تحديداً , والجدير بالذكر أن هذا المسلك تحديداً هو ما تبناه المشرع الفرنسي بالتعديل التشريعي الصادر في 13 مايو عام 1996 على خلاف ما كان يجري العمل به بفرنسا قبل ذلك إذ أن المشرع الفرنسي كان قبل هذا التاريخ يأخذ بالمعيار المقيد والذي ينص بمقتضاه على مجموعة محددة من الجرائم كجريمة الاتجار في المخدرات مثلا , إذ كان يكفي وقتها أن يقيم المتهمون الدليل على أن الأموال محل الغسل لم تكن ناتجة عن جريمة من جرائم المخدرات للإفلات من العقوبة .
أما في القانون المصري فقد نص في مادته الثانية على " يحظر غسل الأموال المتحصلة من جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والاتجار فيها وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الأشخاص ....."
وفي ذلك خلل واضح قد اعترى مسلك المشرع المصري إذ بهذا النص أصبح يجرم أفعالاً دون أخرى على الرغم من أنها مشتركة جميعًا في ذات العلة , فمثلا نجد القانون المصري قد نص على تجريم زراعة والاتجار في المخدرات فقط وهذا يعنى مثلا انتفاء الجريمة بالنسبة للشخص الذي يقتصر دوره على تخزين المواد المخدرة للغير بمقابل على الرغم من اشتراك جميع هذه الأفعال في العلة . وكذلك المال المتحصل من جريمة القتل العمد إذا كان القاتل فيها قد تحصل على أموال بارتكاب بفعل القتل لحساب الغير هنا نجد أنه – وفقًا للقانون المصري – لا تصلح الأموال الناتجة عن هذه الجرائم محلاً لجريمة غسل الأموال ...!
ثانيًا : لم يبين النظام السعودي مثله مثل معظم التشريعات العربية كيفية ثبوت الجريمة المفترضة ولكن بالفعل فهناك استقلالاً بين الجريمة الأولية وجريمة غسل الأموال , فلا يشترط صدور حكم بالإدانة في الجريمة المفترضة لقيام جريمة غسل الأموال , باستثناء أن يكون صدور الحكم في الجريمة الأولية بانتفاء الجريمة لتخلف ركنيها المادي والمعنوي ومن ثم انتفاء الشرط المفترض المكون لجريمة غسل الأموال
ثالثًا : أورد النظام بان تمويل الإرهاب والمنظمات الإرهابية يمثل الركن المادى لهذه الجريمة وهو قول محل نظر فجريمة غسل الأموال التى تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة ثم تحويلها الى شكل آخر من أشكال الثروة بغرض التمويه أو التغطية على مصدرها حتى تأخذ بعد ذلك شكل الأموال المشروعة تختلف عن جريمة تمويل المنظمات الإرهابية كنشاط اجرامى مغاير سواء فى الركن المادى أو فى القصد الجنائى فغسل الأموال سلوك يقصد به تحويل الأموال المشبوهة من عدم المشروعية الى المشروعية أما تمويل الإرهاب فهو العكس
ويجد رأينا سنده أن اللائحة التنفيذية للنظام والتى نشرت بأم القرى السنة 83 العدد 4147 وتاريخ 17 ربيع الآخر 1428هـ اعتبرت التمويل مشكلا لجريمة غسل الأموال ولو كانت هذه الأموال متحصلة من مصدر مشروع ووفقاً لرأينا هذا نجد أن القانون الكويتي رقم 35 لسنة 2002 لم يدرج تمويل المنظمات الإرهابية ضمن نص التجريم أما الإماراتي فقد نص صراحة على ذكر الأموال المتحصلة من عمليات إرهابية دون ذكر فعل التمويل بما يعنى أن هناك تفرقة بين الأموال المتحصلة من تلك الجرائم وتمويل الجناة للقيام بها
أنت صديقي . ولكن الحق أولى منك بالصداقة
ارسطو . . الأخلاق
|