نقاش حول الحديث: لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حدِّ من حدود الله تعالى
عَنْ أَبي بُرْدَةَ الأَنْصاري – رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ::" لا يجلد فوق عشرة أسواطِ إلا في حدِّ من حدود الله تعالى :" متفق عليه .
أولاً : لا بد أن نعرف المقصود بالحد في الحديث الشريف .
هل معنى الحديث أن لا جلد فوق عشر جلدات إلا في جرائم الحدود السبعة :(حد الزنا ، حد الشرب ، حد البغي ، حد الحرابة ، حد القذف ،حد السرقة ، حد الردة ).
وهل يعني لو جلدنا شخص (1500) جلده مفرقة على أنحاء جسده على فترات لا تتجاوز (50) جلده في جرائم التعازير كالمخدرات والفساد في الأرض والشذوذ الجنسي ونحوها من جرائم التعازير نكون خالفنا نص الحديث المشار إليه أعلاه .
بالطبع لا .
وللتوضيح :
إن الحد في اللغة معناه المنع وكلمة حد في الحديث نكره مفردة حدود التي هي مضافة إلى لفظ الجلالة (الله) مما يعني حدود الله كافة التي حدها وقدرها الله سبحانه وتعالى من الأحكام وهي الحقوق أوامر الله ونواهيه .
ولو تتبعت القرآن الكريم وحصرت كلمة حد أو حدود الله لوجدت أن معنى حدود الله يقصد بها كل أوامر الله ونواهيه .
يعني من يخالف أوامر الله ونواهيه يجلد فوق عشر جلدات على المفهوم العام .
وتعال معي لنحلق في جمال القرآن الكريم لنتعرف على بعض أوامر ونواهي الله تعالى والتي أطلق عليها حد أو حدود الله .
قال تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 187}.
هنا حدود الله وهي خلاف جرائم الحدود السبعة :(حد الزنا ، حد الشرب ، حد البغي ، حد الحرابة ، حد القذف ،حد السرقة ، حد الردة )
قال تعالى : { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ {12} تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
هنا حدود الله وهي خلاف جرائم الحدود السبعة :(حد الزنا ، حد الشرب ، حد البغي ، حد الحرابة ، حد القذف ،حد السرقة ، حد الردة )
قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {3} فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
هنا حدود الله وهي خلاف جرائم الحدود السبعة :(حد الزنا ، حد الشرب ، حد البغي ، حد الحرابة ، حد القذف ،حد السرقة ، حد الردة )
قال تعالى : { الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
هنا حدود الله وهي خلاف جرائم الحدود السبعة :(حد الزنا ، حد الشرب ، حد البغي ، حد الحرابة ، حد القذف ،حد السرقة ، حد الردة ).
وقس على ذلك في كامل القرآن الكريم .
يعني أي شخص يرتكب جريمة من جرائم التعازير يكون أعتدي وخالف أمر من أوامر الله ويكون بذلك اعتدى على حد من حدود الله في الجملة ويكون علاجه عدداً من السياط تزيد وتنقص على حسب الجرم المرتكب .
( فمن يعتدي على نساء المسلمين في الطريق العام ويصبح كالكلب المسعور يريد أن يهتك أعراض الفتيات ، فهل يكفيه عشر سياط ، إنها لن تكن رادعه وما يردعه إلا آلاف الأسواط التي تزيل عنه وساوس الشيطان )
ثم نعود للحديث الشريف :"لا يجلد فوق عشرة أسواطِ إلا في حدِّ من حدود الله تعالى "
ونسأل سؤال مهم ، مالشئ الذي خرج عن أمر الله وحكمه ويكون العقاب عليه عشر جلدات بسوط أو أقل تنقص لا تزيد ؟
إنه القرار الصادر من الأب والأم والمعلم والمؤدب بحق الأبناء الأشقياء الذين يحتاجون للتأديب لكي ينهج النهج السليم في الدنيا والآخرة .
هذا والله تعالى وأعلم وليعلم الجميع أن حكم الله نافع شاء من شاء وأبى من أبى ولنتق الله في أقوالنا وأعملنا فإن الموت قادم إن الموت قادم ولا يغرنك الشيطان ووساوسه .