الجرد عدد المشاركات >> 44 التاريخ >> 12/7/2008
|
المبحث الثالث
اختصاص المحكمة من حيث الأشخاص
لقد حسم النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مشكلة من أعقد المشاكل التي أثيرت عند إعداد مشروع المحكمة، تلك التي كانت تتعلق بقضية المسئولية الدولية الجنائية للدولة، وهل تسأل الدولة جنائياً أمام المحكمة أم أن المسئولية الجنائية الدولية تثبت فقط فـي حق الأشخاص الطبيعيين؟
وقد أجابت المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة على هذا التساؤل حيث قررت، أن اختصاص المحكمة يثبت فقط فـي حق الأشخاص الطبيعيين، وأن الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل فـي اختصاص المحكمة يكون مسئولاً عنها بصفته الشخصية وعرضه لتوقيع العقوبات المقررة فـي هذا النظام. وبالتالي استبعد هذا النظام نظرية المسئولية الجنائية الدولية أو للمنظمة الدولية، حيث لا زالت هذه المسئولية مسئولية مدنية بحتة على الأقل حتى وقتنا الحالي.
ويسأل الفرد الشخص جنائياً أمام المحكمة ويكون عرضه لتوقيع العقاب إذا كان فاعلاً لجريمة تدخل فـي اختصاص المحكمة أو شريكاً فـي ارتكابها بأي صورة من الصورة المنصوص عليها فـي هذا النظام،
كما يسأل الشخص فـي حالة الشروع فـي ارتكاب أي من هذه الجرائم. ولا تختص المحكمة بمحاكمة الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاماً أي الأحداث. وهكذا تكون المحكمة قد أقرت المبدأ العام المعمول به فـي النظم القانونية العقابية الرئيسية فـي العالم، وهو عدم جواز محاكمة الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة أمام المحاكم العادية وأحالتهم إلى محاكم خاصة بهم.
مبدأ عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للشخص المتهم :
ومن الأحكام المهمة التي أقرها ذلك النظام والتي تشكل تقدماً كبيراً فـي قواعد القانون الدولي، أنه قرر محاكمة كل شخص يثبت ارتكابه جريمة من الجرائم الواردة فـي المادة (5) بغض النظر عن الصفة الرسمية لذلك الشخص، فإذا ثبت ارتكاب أي شخص لجريمة من تلك الجرائم فإنه يحاكم وتوقع عليه العقوبة المقررة، حتى ولو كان هذا الشخص رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً فـي حكومة أو فـي برلمان أو موظفاً حكومياً
فإن هذه الصفة الرسمية لا تعفـيه من العقاب بموجب هذا النظام عن الجرائم التي يكون قد ارتكبها أثناء وجوده فـي منصبه ولا تشكل تلك الصفة فـي حد ذاتها سبباً لتخفـيف العقوبة، وبذلك فإن هذا النظام لم يعترف أو يعتد بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية المقررة لبعض الأشخاص فـي القانون الدولي، (كالحصانات الدبلوماسية المقررة لرئيس الدولة ولوزير الخارجية وللمبعوثين الدبلوماسيين)
فلا تحول هذه الحصانات والامتيازات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص، سواء كانت هذه الإجراءات وتلك الحصانات فـي إطار القانون الوطني أو القانون الدولي، ولا تحول دون ممارسة المحكمة اختصاصها بمحاكمة مثل هؤلاء الأشخاص عن الجرائم التي ارتكبوها والتي تدخل فـي اختصاص المحكمة.
مسئولية القادة والرؤساء عن أعمال مرؤوسيهم :
أضاف هذا النظام حكماً خاصاً بمسئولية القادة والرؤساء عن الجرائم التي يقترفها من يكون تحت أمرتهم أو رئاستهم، حيث قررت المادة 28 من لك النظام مسئولية القائد العسكري أو الشخص القائم فعلاً بأعمال القائد العسكري مسئولية جنائية عن الجرائم التي تدخل فـي اختصاص المحكمة، والتي ارتكبتها قوات تخضع لأمرته وسلطته الفعليتين وذلك بشرطين هما :
l أن يعلم ذلك القائد أن قواته ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب إحدى هذه الجرائم.
l إذا لم يتخذ القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة فـي حدود سلطته لمنع أو قمع هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
l وقد قررت الفقرة الثانية من المادة 28 حكماً آخر يتعلق بمسئولية الرئيس عن أعمال مرؤوسيه، حيث يسأل الرئيس جنائياً عن الجرائم التي تدخل فـي اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليين بسبب عدم ممارسة سلطته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة فـي الحالات التالية :
l أ – إذا كان الرئيس قد علم أو تجاهل عن وعي أية معل تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا هذه الجرائم.
l ب- إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج فـي إطار المسئولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.
l ج- إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة فـي حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
وعلى الرغم من ان نظام المحكمة الجنائية الدولية قد قضى على الاصوات التي نادت بإنعدام مبدأ الشرعية في محاكمات نورنبرغ وطوكيو التي اعتبرت اساسا واصلا لنظام المحكمة الجنائية الدولية ، الا ان الشك والريبة لا تزال ترافق الالية التطبيقية لهدا النظام ، اذ ان المنتصر القوي الذي يدير شؤون العالم هو من يحدد من ينطبق عليه ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في م(5) من النظام وهو الذي يحدد من يجب على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ان يتهمه.
ولست ارى في عيوب الناس عيبا ***كنقص القادرين على التمام
|