المعادلة التي تحكم الوجود الحيوي الصحيح لكل دولة هي توافر الأركان الثالوثية للدولة وهي الأرض ثم الشعب ثم أخيرا السلطة ، فإنتفاء أي من هذه الأركان يعني لا دولة فلا يمكن أن نقول أن هناك دولة متنقلة عبر أرجاء المعمورة غير مستقرة فالشعب المهاجر لا يمكن أن يكّون دولة لماذا لان الدولة هي ارتباط ديني وسياسي واقتصادي وثقافي وتراثي أي تمازج بين البشر الذي خلقه الله من تراب مع التراب الذي يمشي عليه ويعيش فيه فهناك ألفه بين الإنسان وبين التراب الذي طال عليه الأمد وهو يعيش عليه وهناك دليل مادي على هذا التمازج استقيه من الأبحاث العلمية في مجال الصحة والغذاء فعلماء الأغذية يرون ان الأغذية والمزروعات المستوردة الي احد الشعوب رغم قيمتها الغذائية إلا أنها من الناحية الصحية لا تفيد الا لساكني منطقة الإنتاج وهذا دليل مادي حي فما بالك بالارتباط الروحي بين الإنسان والأرض التي استمرأ على العيش فيها .
كما ان الدولة لا يمكن ان تكتمل بلا شعب ، ولا يمكن ان تستقيم الأمور بلا سلطة.
بعد أن يكتمل هدا الثالوث تأتي المبادئ التي أقامت السلطة نفوذها عليها واعتقد ان كل الدول والشعوب يؤمنون حاليا بالمبادئ الإنسانية التي تعطي قيمة للإنسان وهي المبادئ التي جاءت فيها الشريعة الإسلامية واعني بذلك مبدأ العدل والمساواة ومبدأ سيادة الشرع والقانون .
اذا في النهاية نصل الى نتيجة مهمة وهي أن الأرض اولا ثم الشعب ثانيا فأي شيء يحاول ان ينتقص من هذه الأرض فلا بد من ردعه ودولة الإسلام يجب الدفاع عنها من أي اعتداء خارجي او داخلي ثم يجب الاهتمام بالشعب والسلطة عليها ان تسعى جاهدة الى تحقيق الأمن والرفاهية لشعبها حسب ما يتوفر لها من امكانات .
والان اريد ان اطرح التساؤلات التالية:
ما هي القيمة الحقيقية للإنسان وهل حصل عليها وهل هي متوافقة مع مبادئ الإسلام من حيث الوسطية وعدم الإفراط والتفريط .
هل الرفاهية التي تعتبر من الواجبات التي تقدمها الدولة الحديثة لشعبها قد تحققت ام انها لا تتطابق مع الأوضاع العصرية التي قد تنحدر بسبب التحديات والإطماع الدولية مما يجعل هناك هوة بين الواقع والمأمول في المستقبل فلا يتمكن الإنسان من معايشة واقعه بينما لو عُود على الحياة الخشنة والجافة لتمكن من التعايش مع كل الظروف التي قد تحدث في المستقبل (هذا اقتباس من تمكن أهل البادية في بداية القرن الماضي من القدرة على التعايش مع ظروف الحياة الصعبة بالرغم مما حصل لهم من إخفاقات كبيره على المستوى الديني والصحي والأمني والمعابشي إلا ان بعضهم تمكن من التكيف والبقاء)
هل أهم وأولى الخدمات البشرية التي يجب ان تؤمنها الدولة هي الأمن بجميع أنواعه (الأمن العام ، الأمن المائي ، الغذائي ، الخارجي والداخلي ....الخ)، أم أن الخدمات البشرية الأخرى هي الأولى مثل التعليم مثلا فبتقويم وتحقيق تلك الخدمات فإن الأمن سيتحقق فعلا نظرا للتنمية في العقول البشرية التي ستصبح متفتحة وأكثر قدرة على التفكير والتعايش حسب المصالح ، أي أن الالتجاء الى العصبة والقوم او القبيلة بما يعرف باجتماع القطيع يكون مندثرا بينما تكون الغلبة الى تغليب المصالح بما يحقق مبدأ الإخوة الأعداء.