تعالوا نتعلم كيف نختلف
تعالوا بادى ذى بدء نتفق على أن الإختلاف هو سنة وفطرة كونية ، فالإختلاف أمر طبيعي يقرره القرآن الكريم فيقول الحق تبارك وتعالى : « ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين » وهذا الاختلاف هو من ثوابت نظام الخلق وقانون يعيش في دائرته جميع المخلوقات الكونية فلذا كان من الطبيعي ان نجد الناس مختلفين في افكارهم وسلوكياتهم وعاداتهم وعلينا قبول الآخر الذي يختلف عنا وليس لنا محاولة استنساخه فكرياً إذ أنها محاولة خاسرة فقد خلق الله الناس مختلفين لحكمة وعبرة.
ولا يختلف إثنان على أن لكل منا الحرية في التعبير عن رأيه وأفكاره وبأسلوب راق ومحترم . ولا يكاد يحتدم النقاش بين إثنين إلا ورفع أحدهما شعار " الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية " وفي واقع الأمر نجدهما أشد نفوراً من بعضهما ولا يجد أحدهما القبول من الآخر لنكتشف في النهاية أن ما قيل ليس إلا مجرد شعاراً يرفع وكلمات تقال ليس لها من صدى أو وجود على أرض الواقع ، وللإرتقاء بالحوار إلى أعلى مستوياته الإيجابية لا بد من مراعاة بعض الأمور التي يقوم عليها الحوار الناجح ولعل أهمها قبول الطرف الآخر أو قبول طرفي الحوار لبعضهما البعض رغم إختلاف وجهات النظر دون تجريح وهذه النقطة ينبغي التركيز عليها لأنها هي الأساس الذي يبنى عليه الحوار وبدونها لا يمكن الاستمرار في حوار ناجح وعدم قبول الآخر يؤدي إلى نسف الحوار وإجهاض أية محاولة جادة للخروج بنتيجة مرضية للجميع .
فأدب الحوار والاختلاف لم يكن في يوم من الأيام ترفاً أو عرضاً زائداً بل هو أدب قائم على أسس وشروط ومعايير ولعل الآية الكريمة " وجادلهم بالتي هي أحسن " هي خير دليل على دعوة الإسلام للحوار الهادئ الهادف ونبذ التطرف في الرأي والتعصب له .
إلا أنه يجب الإعتراف بأن البعض منا لا يزال يعيش في أزمة سببها التقوقع والإنغلاق وعدم القدرة على المواجهة وحب الذات فضلاً عن الخصومات السياسية والحزبية الضيقة ، ولكن من المؤكد أن إستمرار هذه الحالة يجعل الجميع بلا إستثناء يعيش متقلباً على صفيح ساخن تُبدد فيه الطاقات والجهود عبر معارك كلامية غالباً ما يكون الجميع الخاسر فيها وهذا ما لمسته عبر صفحات المنتدى من خلال مشاركات وتعليقات بعض الزملاء المحامين الأجلاء وأخص بالذكر هنا أصدقائى الأعزاء الأستاذ/ محمد عبد المنعم والأستاذ/ أحمد أبو المجد – المحاميان- فكلاً منهما قد أخذ على عاتقه أن يدخل مع الأخر فى سجال محموم من التنابز بالألقاب وكيل الإتهام للآخر بأفظع التهم ، بل وصل الأمر بالحكم من أحدهما على الأخر بالخروج عن ملة الاسلام ونعته بمحاربة الله ورسوله ووصف أحدهما للأخر بأنه محامى سلم نيابة أمن الدولة وبلفظ الغجرية ست جيرانها وغيرها من الالفاظ التى يعف قلمى ولسانى عن ذكرها . مع كامل إحترامى الشديد لزميلى العزيزين .
فلهم أوجه هذه السطور التالية موضحاً أداب الإختلاف :
أولاً: حسن الظن وعدم سوء الفهم:
فمشكلة سوء الظن والفهم أو التفاهم واحدة من القضايا المهمة التي نعيشها سواء على الصعيد الفكري او الاجتماعي وما تشهده ساحات الحوار من إفراز عدائي هو دليل على سوء الفهم فنحن لا نستطيع أن نحترم من نختلف معه ولا حتى نقبل وجوده ، من هنا فإننا نشهد حالة من الجفاء وعدم التواصل لبعضنا البعض على الصعيد الفكري، وتحيط بنا عدم الثقة في التعامل مع الآخر، كما أننا قد إستسهلنا توزيع التهم ، وقد تورطنا فى محاولة إقصاء الآخر، وقولبته ضمن الممنوع او المختلف الشاذ .
ثانيا: التحلى بأداب الإختلاف اللفظية :
وأعني بها الآداب التي تتعلق بالألفاظ المختارة ، والكلمات المنتقاة، والعبارات المناسبة.
وحيث إن الحوار - غالبًا - ما تصاحبه الرغبة في الظهور على الخصم، والخوف من الإنهزام أو الإحراج أمام الآخرين، فربما إنعكس أثر ذلك على ألفاظ المحاور فيزل لسانه ، ويلقي الاخر بكلمة خشنة ، فلابد لكل منا أن يدقق ألفاظه ويراعي كل عبارة يتفوه بها، حتى يستقيم الحوار، ويحقق نتائجه، ويؤتي ثماره.
ومن أهم الآداب اللفظية الكلمة الطيبة والقول الحسن ومن القول الحسن كما علمنا النبى (ص) حسن المناداة للطرف الآخر بأحب الأسماء إليه، وقد تأدب الأنبياء بهذا الأدب في خطابهم لأقوامهم، فقد كان يقول الرسول لخصومه المعاندين والمنكرين له : (يا قوم) في تودد وسماحة وتذكير بالروابط التي تجمعهم، ليستثير مشاعرهم، ويطمئنهم فيما يدعوهم إليه.
محظورات لفظية :
فللسان سقطات، وللكلام زلات، والمسلم مأمور بحفظ لسانه، كما أنه مأمور بطيب الكلام، وأن يقول خيرًا فيغنم، أو يسكت فيسلم ، وهناك أمور قد يقع فيها اللسان فتورد صاحبها الموارد ، وقد تهوي بالحوار وتعطل سيره أو تحوله إلى جدل عقيم ، أو تبادل سباب وشتائم ،أو إثارة الفتن الطائفية ، ولذلك ينبغي علينا أن نحذرها .
ومن هذه المحذورات :
1 - إختيار الألفاظ والمعاني التي تقود إلى الجدل ، أو تستثير الفتن والمشكلات.
وهنا أوجه كلامى لادارة المنتدى برفع كافة المشاركات التى تتعرض للاديان او الرموز الدينية حتى لا يؤدى ذلك الى فتنة طائفية بين المشاركين فى المنتدى فنحن نربأ بإدارة المنتدى عن المساهمة فى تأجيج الفتن الطائفية .
2 - إظهار التفاصح والتشدق في الكلام .
3 - الكذب: ربما لا يقدر أحد الأطراف على محاورة خصمه، فيلجأ إلى الكذب عليه، فينسبه إلى الجهل والحماقة وقلة الفهم، تغطية لعجزه فيقع في الكذب.
4- تزكية النفس والثناء عليها بالقوة والغلبة والتقدم على الأقران .
5- اللوم المباشر عند وضوح خطأ الطرف الآخر، كقوله: "أخطأت"، "سأثبت لك أنك مخطئ جاهل" ونحو ذلك مما يجرح الطرف الآخر.
6- الإستهزاء والسخرية، وكل ما يشعر بإحتقار الطرف الآخر.
ثالثاً : التعاون في المتفق عليه :
إن مشكلة الأمة الإسلامية والعربية اليوم ليست في ترجيح أحد الرأيين أو الآراء في القضايا المختلف فيها ، ولكن مشكلة الأمة حقاً في تضييع الأمور المتفق عليها ، فالمختلفان مهما إختلفا فى الرأى لا شك ان بينهم مساحات مشتركة ينبغى التعاون فيها ، وهذا أجدى وأنفع من التصدى للأمور الخلافية والإنشغال بها .
وفى النهاية أناشد إخوانى وزملائى الأعزاء الاستاذ/ محمد عبد المنعم ، والاستاذ/ أحمد أبو المجد وأقول لهم « قل تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم »
وأوجه ندائى أخيراً الى السادة القائمين على إدارة المنتدى برفع وحذف كافة المشاركات التى تتعرض للاديان او الرموز الدينية حتى لا يؤدى ذلك الى فتنة طائفية بين المشاركين فى المنتدى فنحن نربأ بإدارة المنتدى عن المساهمة فى تأجيج الفتن الطائفية .
وليد عبد النبى – المحامى
مواطن مصرى مكلوم
http://mklom.maktoobblog.com/?all=1