(مناقشات حول نص المادة الثانية من نظام مكافحة غسل الأموال )
المادة الثانية :
يعد مرتكبا جريمة غسل الأموال كل من فعل أيّا من الأفعال الآتية:
أ-إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .
ب-نقل أموال أو متحصلات ، أو اكتسابها أو استخدامها أو حفظها أو تلقيها أو توحيلها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .
ج -إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات أو مصدرها أوحركتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها ، مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي .
هـ تمويل الإرهاب والأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.
د-الاشتراك بطريق الاتفاق او المساعدة او التحريض او تقديم المشورة او النصح او التسهيل او التواطؤ أو التستر أو الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في هذه المادة .
|
النقاش : تضمنت المادة الأولى من هذا النظام على تعريف الألفاظ والعبارات الواردة فيه ونص على المقصود من كل لفظ أوعبارة واردة في المادة الأولى وذكر أن التعريف المذكور فيها هو المقصود مالم يقتضي السياق خلاف ذلك .
وبناء عليه أصبحت هذه التعاريف هي المعتمدة نظاما لأنه جرى بيانها في مادة مستقلة في هذا النظام .
وحيث إن المشرع قد قام بتعريف غسل الأموال في الفقرة الأولى من هذا النظام بقوله:" ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر".
فعند ورود عبارة "غسل أموال " في أي مادة يقصد بها التعريف المذكور مالم يقتضي السياق خلاف ذلك .
واقتضى التـعريف المذكور أن غسل الأموال جريمة مثل أي جريمة أخرى تتكون من ركنين على النحو التالي:
الركن الأول / الركن المادي: ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه.
ارتكاب الفعل:
حيث فصل في المادة الثانية كل الأفعال على سبيل الحصر الذي يعد فاعلها مرتكبا لجريمة غسل الأموال:
فذكر أن إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها أو اكتسابها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها أو إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها والتمويل والاشتراك ……كل هذه الأفعال هي الركن المادي لجريمة غسل الأموال .
ولكي يقوم الركن المادي يلزم إن تتوافر ثلاثة عناصر رئيسية يقوم بها الركن المادي وهي:
1- الفعل الإجرامي. 2- النتيجة الإجرامية. 3- علاقة السببية بين الفعل والنتيجة .
نذكر أمثلة للإيضاح :
المثال الأول للتقريب فقط / جريمة القتل :
1- الفعل الإجرامي: إطلاق رصاصة على المجني عليه.
2- النتيجة الإجرامية: الموت
3- علاقة السببية بين الفعل والنتيجة : أن الفعل وهو إطلاق الرصاص هو الذي احدث الوفاة قطعا .
المثال الثاني / جريمة غسل الأموال :
1- الفعل الإجرامي : إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها أو اكتسابها أو حفظها أو تلقيها أو تحويلها أو إخفاء أو تمويه طبيعة الأموال أو المتحصلات أو مصدرها أو حركتها أو ملكيتها أو مكانها أو طريقة التصرف بها أو التمويل أو الاشتراك. (المادة الثانية من نظام غسل الأموال ) .
2- النتيجة الإجرامية: لغرض إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر.(المادة الأولى من نظام غسل الأموال فقرة "1")
3- علاقة السببية بين الفعل والنتيجة : أن الفعل وهو إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها......لغرض اخفاء او تموية أصل حقيقة هذه الأموال المكتسبة خلافا للشرع والقانون وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .
الشروع في جريمة :هو البدء في تنفيذ الفعل للوصول إلى النتيجة المرداة لكن أوقف أو خاب أثره لأسباب لادخل لإرادة الفاعل فيها (مع ملاحظة أن مجرد العزم والأعمال التحضيرية لايعتبر شروعا مالم يبدأ في التنفيذ ).
مع أهمية ملاحظة أن المشرع في المادة الأولى من نظام غسل الأموال في الفقرة الأولى عرف غسل الأموال بأنه ارتكاب أي فعل أو الشروع فيه.
الركن الثاني / الركن المعنوي : وهو القصد .
ذكر المشرع في المادة الأولى في الفقرة الأولى في تعريف عبارة غسل الأموال ارتكاب فعل أو الشروع فيه ثم بين القصد في قوله..يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر.
و القصد هو توفر إرادة الفعل الإجرامي وإرادة نتيجته سواء . والقول الأخر عند الفقهاء وهو إرادة الفعل الإجرامي مع توافر علمه بكافة العناصر الأخرى المشكلة للركن المادي للجريمة.
للإيضاح نذكر أمثلة :
1-في جريمة القتل عندما يريد الفاعل إطلاق الرصاص على المجني عليه لقتلة وتحقق هلاكه هنا تكون الجريمة عمديه (قتل عمد).
2- في جريمة غسل الأموال عند إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها أو....الخ لغرض اخفاءاو تمويه أصل حقيقة هذه الأموال المكتسبة خلافا للشرع والقانون وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر تكون الجريمة (غسل أموال ) .
خلاصة القول /
لابد من توافر الركن المادي والمعنوي لجريمة غسل الأموال لكي يتم معاقب الجاني وفقا للمادة(16)والمادة (17) والمادة (18) والمادة (19) والمادة (20) من نظام غسل الأموال.
أمثلة /
1 - إجراء أي عملية (تحويل مثلا) لأموال أومتحصلات مكتسبة خلافا للشرع والقانون (من جريمة قوادة مثلا) يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .(هنا جريمة غسل أموال لتحقق الركن المادي والركن المعنوي ).
2- - إجراء أي عملية لأموال أومتحصلات خلافا للشرع والقانون (من جريمة سرقة مثلا) يقصد من ورائه إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو القانون وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر .(هنا جريمة غسل أموال لتحقق الركن المادي والركن المعنوي) .
3-إجراء أي عملية لأموال أومتحصلات مكتسبة خلافا للشرع والقانون (من جريمة قوادة مثلا) يقصد من ورائها الكسب المادي للعيش فقط بسبب الفقر أو نحو ذلك .
(هنا ليست جريمة غسل أموال لعدم تحقق الركن المعنوي المذكور ) ونفصل ذلك على النحو التالي:
1- عدم توفر إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة.(وهذا يتضح جليا في المبالغ النقدية البسيطة كنحو (1000) ريال ونحو ذلك.
2- قد يتوفر إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة (وهذا يتضح جليا في المبالغ النقدية الكبيرة وغيرها كنحو (100000) لكن لم يقصد الجاني جعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر بل يقصد التكسب والاستفادة من هذه الأموال كشراء سيارة ونحوه.
4- إجراء أي عملية (تحويل مثلا) لأموال أومتحصلات مكتسبة خلافا للشرع والقانون (من جريمة سرقة مثلا) يقصد من ورائها الكسب المادي فقط بسبب الفقر أولعلاج مريض أو نحو ذلك .
(هنا ليست جريمة غسل أموال لعدم تحقق الركن المعنوي المذكور ) ونفصل ذلك على النحو التالي:
1-عدم توفر إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة.(وهذا يتضح جليا في المبالغ النقدية البسيطة كنحو (1000) ريال ونحو ذلك .
2-قد يتوفر إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة (وهذا يتضح جليا في المبالغ النقدية الكبيرة وغيرها كنحو (100000) لكن لم يقصد الجاني جعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر بل يقصد التكسب والاستفادة من هذه الأموال كشراء سيارة ونحوه أو يتضح قيامه بصرفها للعلاج ونحوه .
لكن قد يثور سؤال / لماذا ذكر المشرع في المادة الثانية في جميع الفقرات الثلاث (أ،ب،ج) عبارة واحدة وهي :
(.......... مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي ).؟؟
الجواب / أظن أن المشرع فطن إلى الخلاف القائم بين فقهاء القانون في شأن مفهوم القصد الجنائي.
فكما هو معلوم أن هناك نظريتان في مفهوم القصد الجنائي: 1- نظرية الإرادة. 2- نظرية العلم .
1- نظرية الإرادة: أن يتوفر للفاعل إرادة الفعل الإجرامي وإرادة النتيجة.(وقد بينتها المشرع تفصيلا في المادة الأولى فقرة (1) عند تعريفه لغسل الأموال.
2- نظرية العلم : أن يتوفر للفاعل إرادة الفعل الإجرامي مع توفر علمه بكافة العناصر الأخرى المشكلة للركن المادي .(وقد بينتها المشرع تفصيلا في المادة الثانية فقرة (أ،ب،ج) .
فالمشرع جمع بين النظريتين كماهو موضح في المادة الأولى فقرة (1) والمادة الثانية فقرة (أ،ب،ج) من نظام غسل الأموال .
فجريمة غسل الأموال بموجب نظام غسل الأموال تتحقق بمايلي :
1- تحقق الفعل وتحقق نتيجته : صورتها تحقق إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها او....مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي حصل نتيجة ذلك تحقق إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر.
2- تحقق الفعل دون تحقق النتيجة: صورتها تحقق إجراء أي عملية لأموال أو متحصلات أو نقلها او....مع علمه بأنها ناتجة من نشاط إجرامي أو مصدر غير مشروع أو غير نظامي قصد من وراء هذا الإجراء إخفاء أو تمويه أصل حقيقة أموال مكتسبة خلافا للشرع أو النظام وجعلها تبدو كأنها مشروعة المصدر.
3- -عدم تحقق الفعل والنتيجة : وهو قيام المتهم في البدء في تنفيذ الفعل للوصول إلى النتيجة المرادة لكن أوقف أو خاب أثره لأسباب لادخل لإرادة الفاعل فيها (وهوالشروع ).
4- الاشتراك بطريق الاتفاق أو المساعدة أو التحريض أو تقديم المشورة أو النصح أو التسهيل أو التواطؤ أو التستر في أي صورة من الصور الثلاث السابقة.
5- تمـويل الإرهاب والإعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية حتى ولوكانت الأموال من مصادر مشروعة في أي صورة من الصور الثلاث السابقة .
ملاحظات /
1- كلمة الاشتغال: الواردة في المادة /2 فقرة /3 من اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة غسل الأموال.
حيث ذُكر أن من أمثلة النشاط الإجرامي أو المصدر غير المشروع أو غير النظامي التي يعتبر الاشتغال بالأموال الناتجة عنها من عمليات غسل الأموال وذكر منها:.....نذكر فقرة واحدة على سبيل المثال :
ح- القوادة أو إعداد أماكن الدعارة أو الاعتياد على ممارسة الفجور .
حيث إن المفهوم وجود أموال ناتجة من القوادة …الخ ولاتكون العملية غسل أموال حتى يتم الاشتغال بها كما ذكر سابقا .
3- المادة (21) من نظام مكافحة غسل الأموال / لاتطبق العقوبات الواردة في هذا النظام بحق من وقع في مخالفته بحسن نية :
يفهم من حسن النية هنا عدم توفر الركن المعنوي في جريمة غسل الأموال ، لأن لكل جريمة كما عرفنا
أن لها ركنان الأول مادي والآخر معنوي ولو توفر حسن النية عند المتهم لسقط الركن المعنوي ولابد .
وبناء عليه إذا قدرت المحقق أن المتهم حسن النية بحيث توفر الركن المادي لجريمة غسل الأموال بالأدلة وانتفى الركن المعنوي بناء على توفر الظروف والملابسات التي توضح أن المتهم حسن النية ، فلا تنطبق عليه العقوبات الواردة في النظام ولا يوجه له الاتهام بل يحفظ عليه الاتهام .
قد أختلف مع البعض في هذه الجزئية ولكن أذكره للنقاش والفائدة.
ذكرت اللائحة في التعليق على المادة (21) أن تقدير حسن النية عائد إلى الجهة القضائية .والمقصود بالجهة القضائية هي :1- المحكمة العامة وذلك لسببين :الأول أنها المحكمة المختصة والثاني أنها سلطة قضائية . 2- هيئة التحقيق والادعاء العام وذلك لسببين أيضا :الأول أنها جهة التحقيق المختصة والثاني أنها سلطة قضائية .
فإذا توفر لدى المحقق حسن نية المتهم والذي يفهم منه قطعا انتفاء الركن المعنوي ولابد بحيث تأكد من توفر الظروف والملابسات الدالة على ذلك فيجب عليه أن يوصي بحفظ الاتهام استنادا للمادة (124) من نظام الإجراءات الجزائية .
والله الموفق،،،
كتبه وعلق عليه / أبو معاذ- سرور العبدالوهاب