أسامة عدد المشاركات >> 17 التاريخ >> 18/10/2002
|
بسم الله الرحمن الرحيم الإخوة الزملاء الأستاذ الفاضل بندر بن نهار
تحية طيبة وبعد ........ لما كان الموضوع الذى أثرتموه ( هل طلب المتعة الجنسية رشوة ) أثير أمام المحاكم المصرية ، فإنه فى هذه الحالة يتعلق بالقانون المصرى ، ولذلك سنحاول بإيجاز معالجة هذا الموضوع (طبيعة المقابل فى جريمة الرشوة) من وجهة نظر القانون المصرى مع المقارنة ببعض القوانين الأخرى لتمام الإستفادة .
تعريف جريمة الرشوة : تنص المادة 103 من قانون العقوبات المصرى على أنه : ' كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ....... '. يتضح من النص السابق أن جريمة الرشوة تقوم على فكرة الإتجار بالوظيفة العامة وإستغلالاً للمنفعة الخاصة بالموظف العام ، ذلك أن هذا الأخير إنما يتقاضى أجراً مقابل أداء أعمال وظيفته ، لذلك ليس له الحق فى أن يتقاضى من الأفراد مقابل للقيام بها .
الطبيعة القانونية لجريمة الرشوة : الرشوة حريمة متعددة الأطراف ، متعددة السلوك ، حيث تقتضى توافر طرفين : 1- المرتشى : وهو الموظف العام ومن فى حكمه ، الذى يسعى للحصول على منفعة من وراء وظيفته بالإتجار بها . 2- الراشى : هو صاحب الحاجة الذى يقدم عطايا أو يعد بتقديمها ليحقق مصلحة خاصة له من العمل الوظيفى ، كما قد يستجيب لطلب المرتشى لشىء من ذلك ، وفى هذا قد تتقابل إرادة كل من الراشى والمرتشى مباشرة ، أو قد يتدخل بينهما ما يسمى بالوسيط (الرائش) ممثلاً لأحد طرفى الرشوة أو كليهما فى تحقيق غرضهما ، وهو فى حقيقته ليس إلا شريكا فى جريمة الرشوة .
وجريمة الرشوة كغيرها من الجرائم يتكون بنيانها القانونى من : 1- ركن مادى 2- ركن معنوى الركن المادى فى جريمة الرشوة : 1- السلوك الإجرامى : ويتمثل فى طلب أو قبول أو أخذ كما حددته المادة 103 عقوبات مصرى 2- موضوع السلوك الإجرامى : طبيعة المقابل فى الرشوة وهو مايدور حوله الموضوع 3- سبب الرشوة : ويتمثل فى القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل أو الإخلال بوجبات الوظيفة
طبيعة المقابل فى جريمة الرشوة : تنص المادة 107 من قانون العقوبات المصرى على أنه : ' يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشى أو الشخص الذى عينه لذلك أو علم به ووافق عليه ، أياً كان إسمها أو نوعها ، وسواء كانت هذه الفائدة مادية أو غير مادة ' . عبر المشرع المصرى عن المقابل فى جريمة الرشوة بوعد أو عطية أو فائدة ولم يشترط أن يأخذ المقابل صورة معينة بل ينصرف إلى كل ميزة يحصل عليها الموظف كفائدة ، ويستوى أن يكون المقابل ماديا أو غير مادى . 1- المقابل المادى : يشمل كل مال ، وقد يكون هذا المال نقوداً وهذا هو الغالب ، أو ما يقوم بمال كالمجوهرات او الملابس أو السندات والأوراق المالية وما إلى ذلك ، ويستوى أن يكون هذا المقابل شيئاً مشروعاً أو غير مشروع . 2- المقابل غير المادى : يتمثل فى كل ما يعود بالفائدة على المرتشى ، وهو ما نصت عليه المادة 107 عقوبات مصرى بقولها ' ...... وسواء أكانت الفائدة مادية أو غير مادية ...... ' . وقد جاء بالمذكرة الإضاحية لقانون العقوبات المصرى تعليقاً على ذلك : ' أن المادة 107 عقوبات نصت على أن يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة أياً كان إسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية ، وذلك ليقع تحت طائلة العقاب الموظف المرتشى الذى يقوم بعمل من أعمال وظيفته أو يمتنع عن عمل من أعمالها مقابل حصوله على خدمة لا تقوم بمال كالحصول على توظيف أحد أقاربه أو السعى بترقيتة أو غير ذلك من صور الفائدة ' .
وقد إستقر القضاء المصرى منذ القدم على ذلك ، وقضى تطبيقاً لذلك بأنه من قبيل الفائدة غير المادية إتفاق الموظف مع إمرأة على إرتكاب الزنا معها ليقضى لها أمراً من الأمور أو ليخل بواجب من واجبات الوظيفة لصالحها . ( المحكمة العسكرية العليا بالإسكندرية 20 نوفمبر 1955 ، فى الجناية رقم 82 لسنة 1955 عسكرية قسم المنتزة ، مقيدة برقم 801 لسنة 1955 عسكرية عليا )
ومن أمثلة ذلك أيضاً المتع الشخصية كقضاء سهرة فى احد الملاهى ، وهذا هو المعمول به فى ظل القانون الألمانى ، كما عبرت عن ذلك أيضاً المادة 128 من قانون العفوبات السودانى لسنة 1974 حين نصت على أنه : ' ...... بالمكافئة النقدية أو غير النقدية غير المكافأة القانونية ' ، فى حين رفضت محكمة النقض الإيطالية الأخذ به .
ما تقدم يتضح للأخوة الزملاء أن المقابل فى جريمة الرشوة لا يقتصر على المقابل المادى ولكنه يتضمن أيضاً المقابل غير المادى مثل ما يحصل عليه الموظف من ملزات ومتع شخصية وإقامة علاقات غير المشروعة وقضاء السهرات فى الملاهى ، وذلك ليقع تحت طائلة العقاب هذا النوع من الموظفين الذى يتاجر بالوظيفة العامة .
هذا ولكم جزيل الشكر على هذه الموضوعات القيمة
|