اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
ثروت الخرباوي
التاريخ
6/16/2007 5:36:05 PM
  دراسة في عبقرية الإنسان .. إبراهيم حلمي مغترب العصر      

دراسة في عبقرية الإنسان

 

إبراهيم حلمي مغترب العصر

 

قطعت بدمع العاشقين الفيافيا ***وجبت بشوق العاشقين البواديا

 

فيا حسن يوم قد بلغت كناسها *** ونعم التلاقي كان ذاك التلاقيا

 

فياطيب بحر أنت يا مصر بره  *** ويا طيب بر بحره النيل جاريا

 

 

 لعل هذه الأبيات تضيء لنا الطريق لفهم شخصية رجل من عباقرة العصر في مصر لم ينل حظا من شهرة أو وفرة من مال  إذ لم يكن هذا أو ذاك طريقه ولم تكن تلك عقيدته , ولكن إبراهيم حلمي إبراهيم مبدع هذه الأبيات التي اقتطفتها من قصيدته ( النيل )  آثر التفرد في صومعة أقامه لنفسه بإرادته ليكون سامقا في الأدب والشعر  والقانون والشريعة حتى قال عنه المستشار عبد الحليم الجندي هذا هو عبقري العصر الموسوعي  .

 

إنها رحلة حياة لم تبدأ من يوم مولده  ولكنها بدأت منذ أن عاد إبراهيم باشا من حملته في الحجاز إبان حكم أبيه محمد علي .. حينذاك إصطحب إبراهيم باشا معه من هناك من تلك الأراضي المقدسة الشيخ موسى أبو عصر الذي  كان من عيون الحجاز ومن زعماء قبائلها فقد كان ملاذ وشيخ قبيلة شمر , واستقر الشيخ موسى في القليوبية ليصبح عضوا في مجلس شورى النواب عن شرق الدلتا ثم نزح أحد بنيه بعد ذلك إلى مديرية الشرقية ليستقر المقام بتلك الاسرة في إنشاص  , وفي الأول من يناير عام ألف وتسمائة وواحد وعشرين  , ولد فى بيت من بيوتات إنشاص  وليدُ صغير لم يبك بكاء الوليد ولكنه مالبث بعد هنيهة من بكاء فطري أن انقطع والتف برأسه ذات اليمين وذات اليسار وكأنما ينظر إلى مستقبل سيبزغ نجمه فيه ولكنه  سينعزل فيه عن الناس  .. شب إبراهيم حلمي عن الطوق في إنشاص والتحق بالمدرسة الإبتدائية بعد أن أعتنى والده أن يلحقه بالكُتّاب كي يتلقى بعضا من علوم الشريعة ويحفظ ماتيسر من القرآن الكريم ... وفي مدرسته نبغ نبوغا ملفتا ومذهلا  حتى سار حديث أساتذته ومحط أنظار أقرانه .

 وكان من الطبيعي أن يلتحق هذا الشاب اليافع ـ في تلك الآونة ـ  بكلية الحقوق وكان قد نبغ في علوم اللغة العربية وآدابها لذلك كان من النابهين المبرزين في كليته حتى أنه كتب رواية عبقرية وهو في العشرين من عمره وهي رواية ( ثورة في معبد ) حيث تقدم بها في مسابقة وزراة المعارف العمومية التي كان يحكم فيها طه حسين وتوفيق الحكيم لينال الجائزة الأولى عن القطر المصري في الرواية ... ولكن من أسف لم تخرج هذه الرواية إلى لحظتنا هذه إلى النور وإن كان من حظي الحسن أن قرأتها فأذهلتني واستولت على لبي ..  ماعلينا لم يلبث هذا الشاب  أن تخرج من كليته  متفوقا على أقرانه عام ألف وتسعمائة وأربعة وأربعين .. وكان من شأن تفوقه أن يلحقه بمنصة القضاء ولكنه اتجه إلى مهنة عشقها وذاب حبا فيها وهي المحاماه وكأن من قدر هذا الرجل أن يظل في مهنة الدفاع والمدافعة .. هكذا جبل وهكذا صاغه الله .

 

وبعد تخرجه بهنيهة من زمن مات الأب فلم ير ما آل إليه أمر ابنه بعد ذلك .. ولكن القدر كان قد خط طريق ذلك الشاب فانخرط بجد في المحاماه حيث التحق بمكتب أحد المحامين الكبار في مدينة الزقازيق وهو الأستاذ حسين الجندي أحد كبار محامي مصر آنذاك .. وكان دخول إبراهيم حلمي إلى مكتب هذا المحامي البارع والسياسي الأريب فاتحة خير على كليهما إذ تقلد حسين  الجندي منصب وزير الأوقاف فترك مكتبه لذلك الشاب الوافد على المحاماه والذي شهد له الجميع بعبقرية الاستبصار وهي عبقرية لايتأتاها إلا بعض نفر من المحامين .. ترك له الجندي مكتبه وهو آمن عليه وقد صدق حدثه فيه إذ كان يرى في ذلك الشاب أنه سيكون عبقري العصر موسوعي الثقافة .

 

 وتشامخ إبراهيم حلمي  حتى توافد عليه المتقاضون من كل صوب وحدب إلا أن هذا لم يمنعه من النبوغ في عالم الأدب والشعر .. كما لم يمنعه هذا وذاك من الغوص في بحر الشريعة الإسلامية ليخرج لنا لآلىء قلما يصل إليها أو يبصرها أحد ، ورغم أن العديد من الفرص توالت على هذا الرجل ليفتح مكتبا في القاهرة إلا أنه آثر أن يظل في الزقازيق صومعته التي اختارها لنفسه ومنها إلى بيته في إنشاص يقضي فيه بعض وقت حيث يستجمع ذكرياته ويلوذ إلى مكتبته ويهرع إلى حديقة بيته يستروح نسمات من زمن مضى ... والغريب أن منصة القضاء جاءت إليه فأبى أن يستقبلها وكان ذلك عندما  طلب منه  المستشار محمد نصير وزير العدل في الستينات أن يلتحق بالقضاء وتحديدا بمنصب رئيس محكمة الإستئناف إلا أنه ابى قائلا له ( ماكان لي أن أترك مهنة عشقتها  , مهنة الإبداع والإبداء والتأسيس فالمحاماه عندي رسالة وأنا رجل أؤدي رسالتي )  ..لذلك لم يكن غريبا أن تخرج لنا مطبعة نقابة المحامين كتابه غير المسبوق في تصنيفه وفقهه ( الشفعة بين القانون والشريعة ) وقد نفذ هذا الكتاب عن آخره من المكتبات

 

.. ويشهد زملاء لنا أن محاضراته في نادي المحامين بالزقازيق كانت تجمع الشباب والكبار حيث يلتف حوله الكل في محبة حقيقية يتزودون من معينه ويسنشقون من علمه .

 ومع المحاماه كانت رسالات أخرى فقد كان إبراهيم حلمي رجل الشعر الذي لايشق له غبار ولايلحق به أغيار , كتب آلاف القصائد  ـ التي للأسف ماتزال مخزونة عند أولاده لم تخرج إلى النور ـ ومنها قصيدة النيل التي تغزل فيها في مصر وكـأنه العاشق المتيم تلك القصيدة التي بلغت أربعمائة بيت  قال في بعضها وهو يتغزل في مصر

 

حججت إليها من بلاد  بعيدة *** كما حج هارون إلى البيت ماشيا

 

فيالك من حبيب سعى لحبيبه *** وكابـد وعثاء الفلا  والسواسيا

 

ولحظة وصل تعدل العمر كله *** وتنسي تباريح الهوى والدواعيا

 

 

لم يكن ذلك فحسب ولكن كتب الرجل  كتابا غاية في العمق   هو ( تفسير سورة الفاتحة ) وكتاب ( المنهج العقائدي في الشهادة ) وكتاب ( الأسماء الحسنى )  ياالله هذا رجل أوقف حياته على المزاودة عن العقيدة والمدافعة عنها  بلاصخب ولا شعار ولا ثأثأة ، غلبت عليه مهنة المدافعة فنصب من نفسه محاميا عن العقيدة الإسلامية بله والزود عن حياضها .. ولكنه دافع في صمت وأبدع في  صمت  المغترب  الذي  كان يشعر أنه في زمن غير زمانه الحقيقي فانزوى وانعزل عن الناس حتى صعدت روحه إلى بارئها في صمت أيضا بلا ضجيج في يوليو من عام ألفين وأثنين ... وأقول إلى أبناءه وتلاميذه لاتبخسوا الرجل حقه وأخرجوا كنوزه إلى الناس .. إطبعوا كتبه كي يقر عينا في برزخه  ونقر علما في دنيانا

 

                                                                                                             ثروت الخرباوي

 

                                                                                     


  أباعمر    عدد المشاركات   >>  41              التاريخ   >>  16/6/2007



     الأستاذ الأديب ثروت

     ان الله سائلك يوم القيامة عن علم وفضل بيان منحهما اياك ماذا كنت صانعا بهما  ؟ هل نشرتهما أم كتمتهما ، فانظر مااذا أنت قائل لربك غدا حين تكتم عنا علمك ، وتبخل علينا ببيانك ، فلاتفيض منهما الا بقدر يسير ، وبين كل حين وحين ، وهو فيض من غيض لايشبع مثلنا كطلاب علم نتدارس ماتكتب ، ونهتدى بما تخطه بيمينك ، فلله درك ولاتغب علينا كثيرا حتى نكون لك من الشاهدين والسلام         

 



  مجدى عبد الحليم    عدد المشاركات   >>  84              التاريخ   >>  18/6/2007



الله الله ...على ما أنجب ترابك أيها الوطن الثرى بالجواهر والكنوز  الله الله .....على الأدب والشعر والرواية عندما تتعانق مع رجل القانون الذى يعرف ربه ويدافع عن عقيدته .

 

الله الله .....على النبوغ والعبقرية والإبداع التى زانت مهنة المحاماه ورأت فيها الطريق والهدف والغاية

 

 الله الله ....على العبقرية التى تزين مهنة المحاماة أحبت مهنتنا وتيهت بها عشقا ووحباً وولها

 

الله الله ....على السمو والشموخ والعزة والإباء التى التحفت بالصمت والوداعة والتواضع والحكمة

 

 

الله الله.... عليك يااسطى ثروت وعلى كرمك وفضلك علينا

المحامى بالنقض

"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"


  محمود رضوان    عدد المشاركات   >>  361              التاريخ   >>  18/6/2007



السيد الفاضل \ ثروت الخرباوي

السلام عليكم ورحمته براكاته

يوجد الكثير والكثير جدا امثال هذا المحامي 

ولكنني اري أن كبار المحامين  من العلماء والفقهاء  لم يبادر إي واحد منهم لتوثيق قصة حياته الناجحة

واشكرك علي تطوعك لتذكيرنا بغظماء المحاماه

محمود رضوان    


 


  لؤي    عدد المشاركات   >>  138              التاريخ   >>  18/6/2007



الاستاذ الكبير / ثروت بيك
اؤيد ابا عمر فى كل حرف
واكتفى ان اقول لك وحشت كل من فى المنتدى بما تخط من روائع ادبية وقانونية

الدكتور لؤى ديب


  الشيماء    عدد المشاركات   >>  170              التاريخ   >>  18/6/2007



( ليس مني إلا طالب علم أو متعلم ) صدقت يا رسول الله صلى الله عليك وآلك وسلم

وإن لم نكن بمصاف أستاذنا الكبير الأديب الرائع ثروت الخرباوي فعسى أن نكون من طلاب علمه وروائعه

إطلالته يوم الملتقى وإشرافه القدير على إحدى اللجان

ذكرني بعظماء المهنة اللذين نفتقدهم بيننا

باقة ياسمين دمشقي للكبير ثروت الخرباوي   


المحامية مجد عابدين

فأنا هنا جرح الهوى ...وهناك في وطني جراح

وعليك عيني يا دمشق .... فمنك ينهمر الصباح


  محمد الشهيدى    عدد المشاركات   >>  512              التاريخ   >>  19/6/2007



كل الشكر للعزيز الغالى الحبيب ثروت الخرباوى على هذه المشاركة 0

وقد كان حقا الاستاذ ابراهيم حلمى رحمه الله مدرسة تعلمنا فيها المحاماة علما وادبا وشموخا واعتقد اننى احسد نفسى لاننى كنت من المقريب اليه 0

رحمك الله استاذنا ابراهيم حلمى وشكرا لاستاذنا ثروت الخرباوى



  محمد النجدي    عدد المشاركات   >>  54              التاريخ   >>  21/6/2007



الاديب الكبير الاستاذ ثروت الخرباوى

شكرا لك على هذا الموضوع الذى ذكرتنا فيه باحد اساطين القانون فى مصر المحروسة

تحياتى للجميع



  محمد عبد العزيز امين    عدد المشاركات   >>  0              التاريخ   >>  21/6/2007



ألاستاذ الفاضل / ثروت الخرباوى

سلام من الله طيبا مباركا عليك و على العاشقين امثالك لتراب بلل الدمع ثراه

 - مصر التى فى خاطرى-



  مجدى عبد الحليم    عدد المشاركات   >>  84              التاريخ   >>  21/6/2007



همة دول بس يامحمد عبد العزيز امين اللى ربنا فتح عليك بيهم يابنى بلاش بخل الموضوع عندك يساوى اكتر من الكلمتين دول وأكيد هزك من الداخل كما فعل بنا فلا تبخل بتعليق يناسب الموضوع ويناسبك فانت كما نعرف عنك ممن تتأثر بسير الكرام

مجدى عبد الحليم

المحامى


المحامى بالنقض

"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2168 / عدد الاعضاء 62