اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
saberammar
التاريخ
4/29/2007 5:13:41 AM
  ورشة عمل " الملكية الفكرية "      

 نقدم اليوم اولى محاضرات الورشة للخبير الاستاذ الدكتور حسام الصغير استاذ ورئيس قسم القانون التجارى جامعة حلوان ووكيل الكلية0

 

 

 

 

 

 

          الاطارالقانونى الدولى لحماية الملكية الصناعية

 

(تعديل المادة 31 من اتفاقية التربس فى ضوء اعلان الدوحة والصحة العامة)

 

 

 

دكتور

 

                      حسام الدين عبد الغني الصغير

 

أستاذ القانون التجاري

 

وكيل كلية الحقوق – جامعة حلوان

 

مدير المعهد الإقليمي للملكية الفكرية

 

 

 

2007

 

مقدمة وتقسيم:

 

من المعلوم أن توفير المنتجات الصيدلانية للمرضى بأسعار معتدله فى أى دولة يتوقف على عوامل شتى من أهمها موقف قوانين الملكية الفكرية ومستوى الحماية الذى تقرره بالنسبة للمنتجات الصيدلانية ، إذ تمنح قوانين الملكية الفكرية حقوقاً استئثارية لأصحاب الحقوق ، ومن ثم فهي تؤدى إلى نشوء إحتكارات من شأنها إحكام قبضة الشركات الدوائية المبتكرة للأدوية الجديدة على منتجاتها والمغالاة في أسعارها.

 

وسوف نستعرض فى هذه الورقة الحلول المقترحة التى يمكن اتباعها لتوفير الأدوية للمرضى بأسعار معقولة تناسب مع مستويات الدخل وخاصة أدوية الأوبئة الفتاكة مثل الإيدز والسل والملاريا والالتهاب الكبدي الوبائي ، وذلك في إطار المبادئ التى تضمنها الإعلان الوزاري الصادر من وزراء تجاره الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في الاجتماع الوزاري الرابع المنعقد فـي الدوحـه فى الفترة من 9 – 14 نوفمبر 2001 بشأن اتفاقية التربس والصحة العامة ، وما اتخذ من إجراءات لتنفيذ الفقرة السادسة من إعلان الدوحه انتهت بتعديل المادة 31 من اتفاقية التربس.

 

 ونتناول هذا الموضوع وفقاً للتقسيم التالي:

 

مبحث تمهيدى: الصناعات الدوائية في الدول النامية وإنشاء منظمة التجارة العالمية.

 

المبحث الأول : تدعيم حماية الصناعات الدوائية في اتفاقية التربس.

 

المبحث الثاني :  كارثة الايدز في جنوب افريقيا وإعلان الدوحة.

 

 

مبحث تمهيدى

 

الصناعات الدوائية في الدول النامية

 

وإنشاء منظمة التجارة العالمية

 

 

 احتكار الشركات الدوائية الكبرى متعددة القوميات لتكنولوجيا صناعة الدواء:

 

من المعلوم أن الصناعة الدوائية تعد من أهم الصناعات الحيوية في العالم لإرتباطها  الوثيق بصحة الإنسان . ومن أهم مايميز الصناعة الدوائية عن غيرها أنها تحتاج لتدبير رؤوس أموال ضخمة لاعتمادها بصفة أساسية على البحث والتطوير المستمر ، وهذا ما يفسر أن الصناعة الدوائية تخضع لسيطرة واحتكار عدد محدود من الشركات متعددة القوميات التى تمتلك رؤوس أموال ضخمة وقدرات تكنولوجية فائقة لا تتوافر لدى الدول الفقيرة.

 

وتسعى هذه الشركات بصفة مستمرة لتعزيز حماية ابتكاراتها واختراعاتها الدوائية عن طريق المطالبة برفع مستويات حماية حقوق الملكية الفكرية لإحكام قبضتها وسيطرتها على الأسواق العالمية للمنتجات الدوائية وتحقيق مزيد من الأرباح، دون الأخذ في الاعتبار ظروف وأوضاع الدول النامية وما تبتلي به من أوبئة فتاكة لاسيما الإيدز ، والسل ، والملاريا ، والالتهاب الكبدى الوبائي.

 

 موقف تشريعات الدول النامية قبل اتفاقية التربس لتوفير الأدوية بأسعار رخيصة:

 

وحرصا على توفير الأدوية للمرضي بأسعار معقولة تتناسب مع مستويات الدخل في الدول النامية ، فقد اتجهت تشريعاتها الصادرة قبل تطبيق اتفاقية التربس إلى استبعاد الاختراعات الدوائية من الحماية المقررة ببراءة الإختراع ، أو تقليص هذه الحماية للحد من سيطرة شركات الأدوية العملاقة متعددة القوميات ومغالاتها في أسعار الدواء ، وبفضل هذه السياسة التشريعية تكونت شركات صناعات دوائية في الدول النامية ، اتيحت لها فرصة إنتاج أدوية جديدة دون أن تدفع اتاوات باهظة  للشركات التى ابتكرتها ، مما أدى إلى توفير كثير من الأدوية بأسعار معتدلة تتناسب مع مستويات الدخل في الدول الفقيرة.

 

وقد اتبع القانون المصرى الملغي رقم 32 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية هذه السياسة التشريعية، إذ كانت المادة 2 فقرة (2) من القانون تحظر منح براءة اختراع عن الاختراعات الكيميائية المتعلقة بالأغذية والعقاقير الطبية أو المركبات الصيدلانية ، إلا إذا كانت هذه المنتجات تصنع بطريق عمليات كيميائية خاصة ، وفي هذه الحالة الأخيرة لا تنصرف البراءة إلى المنتجات ذاتها، بل تنصرف إلى طريقة تصنيعها. وقد نقلت قوانين بعض الدول العربية هذا الحكم عن القانون المصرى ، وهذا ما فعله على سبيل المثال قانون براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية الكويتي القديم رقم الصادر لسنة 1961 في مادته رقم 2 فقرة (2).

 

 بيانات الاختبارات ونتائج التجارب التى تقدم لوزارة الصحة لتسجيل الدواء:

 

وجدير بالذكر أن بيانات الاختبارات ونتائج التجارب التى تجري بمعرفة شركات صناعة الأدوية بغرض التأكد من توافر الأمان والفاعلية في الدواء قبل طرحه في السوق تتكلف مبالغاً طائلة وجهوداً شاقه تستغرق سنوات طويلة . وتشترط القوانين السائدة فـي معظـم الـدول للحصول من الجهة الحكومية المعنية ( وزارة الصحة أو ما يماثلها) على ترخيص بتسويق الدواء أو تسجيله تقديم بيانات الاختبارات ونتائج التجارب التى أجريت على الدواء المطلوب الترخيص بتسويقه أو تسجيله للجهة الحكومية المعنية للتأكد من الأمان والفاعلية .

 

ولم تكن قوانين الدول النامية تضع-قبل اتفاقية التربس – أى قيود تمنع الاستفادة من المعلومات المتعلقة ببيانات الاختبارات ونتائج التجارب التى تقدم من شركات الأدوية إلى الجهة الحكومية المعنية للحصول على ترخيص بتسويق الأدوية. وهذا الوضع كان يتفق مع مصلحة شركات الأدوية الوطنية في الدول الناميه لأن نشاطها يعتمد بصفة أساسية على إنتاج الأدوية التى ابتكرتها من قبل شركات الأدوية الكبرى وطرحتها في السوق، مستفيدة فى ذلك من بيانات الاختبارات ونتائج التجارب التى سبق إجراءها وتقديمها للوزارة  المعنية ، دون حاجة لإعادة الاختبارات والتجارب على ذات هذه الأدوية من جديد.

 

 مفاوضات الجات والملكية الفكرية:

 

وفي 30 سبتمبر 1986 أصدر المؤتمر الوزاري المكون من وزراء تجارة الدول الأطراف في الجات إعلاناً وزارياً ببدء جولة جديدة من المفاوضات التجارية متعددة الأطراف هى الجولة الثامنة (جولة أورجواي) ، وحدد الإعلان الموضوعات التى تشملها المفاوضات ، كان من بينها لأول مرة الملكية الفكرية ، وبذلك دخلت الملكية الفكرية كعنصر من عناصر النظام التجاري العالمي الجديد، ولم تفلح الدول النامية في إجراء المفاوضات تحت رعاية المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بسبب الضغوط التى مارستها الدول المتقدمة بزعامة الولايات المتحدة على الدول النامية لإجراء مفاوضات الملكية الفكرية تحت مظلة الجات.

 

وقد أسفرت الجولة عن إبرام عديد من الاتفاقيات التجارية عديدة ومتعددة الأطراف تضمنتها الوثيقة الختامية لنتائج جولة أورجواى ، وتم التوقيع على هذه الوثيقة في مدينة مراكش بالمغرب في 15 ابريل 1994 . ويأتي على رأس هذه الاتفاقيات اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية التى تعتبر الاتفاقية الأم ، حيث وردت بقية الاتفاقيات في شكل ملاحق لهذه الاتفاقية. وكان من أهم الاتفاقيات التى اسفرت عنها الجولة اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (اتفاقية التربس) ، وقد وردت هذه الاتفاقية في الملحق 1 (ج) من ملاحق اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية.

 

وقد وضعت اتفاقية التربس حداً أدني من معايير حماية حقوق الملكية الفكرية، وأوجبت المادة الأولي من الاتفاقية على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية توفير معايير الحماية المذكورة في تشريعاتها الوطنية . وبينما يتفق الحد الأدنى من معايير الحماية التى فرضتها الاتفاقية على الدول الأعضاء مع معايير الحماية السائدة في الدولة المتقدمة إلا أن الحد الادني من المعايير المذكورة يتجاوز معايير حماية حقوق الملكية الفكرية السائدة فى الدول النامية.

 

ولما كانت الدول الصناعية المتقدمة هي التي تملك العلم والمال والتكنولوجيا بينما لا تملك الدول النامية من ذلك سوي النذر القليل ، فان تدعيم حقوق الملكية الفكرية ورفع مستويات الحماية في مختلف صورها ، دون الأخذ في الاعتبار ظروف وأوضاع الدول النامية المتدهورة ، سوف يؤدى على تعميق الفجوة التكنولوجية بين الشمال والجنوب.

 

وعلى الرغم من الآثار السلبية التى سوف تترتب على تطبيق اتفاقية التربس في الدول النامية إلا أن الاتفاقية وضعت مجموعة من المبادئ تتيح للدول النامية فرصة التخفيف من حدة هذه الآثار ، فقد أكدت الاتفاقية في المادة السابعة مبدأ مساهمة حقوق الملكية الفكرية في تشجيع روح الابتكار التكنولوجي ونقل وتعميم التكنولوجيا، بما يحقق المنفعة المشتركة لمنتجي المعرفة التكنولوجية ومستخدميها، بالأسلوب الذى يحقق الرفاهة الاجتماعية والاقتصادية والتوازن بين الحقوق والواجبات.

 

كما أجازت المادة الثامنة للدول الأعضاء ، عند وضع أو تعديل قوانينها ولوائحها التنظيمية ، اعتماد التدابير اللازمة لحماية الصحة العامة والتغذية وخدمة المصلحة العامة في القطاعات ذات الأهمية الحيوية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية والتكنولوجية.

 

كما أجازت المادة 27/2 من الاتفاقية للدول الأعضاء أن تستثني من قابلية الحصول على براءات الاختراعات التى يكون منع استغلالها تجاريا في أراضيها ضروريا لحماية النظام العام أو الأخلاق الفاضلة أو الصحة البشرية أو الحيوانية أو النباتية أو لتجنب الأضرار الشديد بالبيئة ، شريطة ألا يكون ذلك الاستثناء ناجما فقط عن حظر قوانينها . وأجازت المادة 27/3 للدول الأعضاء أن تستثني طوائف أخرى من الاختراعات .

 

وبالإضافة إلى ذلك يوجد نصوص أخري في الاتفاقية يمكن تفسيرها بمرونة لتخفيف الآثار السلبية الناجمة عن تطبيق الاتفاقية في الدول النامية.

 


المبحث الأول

 

تدعيم حماية الصناعات الدوائية في اتفاقية التربس

 

 

الفرع الأول

 

طوائف الملكية الفكرية فى اتفاقية التربس التى تؤثر على الصناعات الدوائية في الدول النامية

 

 

من المعلوم أن أهم طوائف الملكية الفكرية فى اتفاقية التربس التى يمكن أن تلحق آثاراً سلبية بالصناعات الدوائية فى الدول النامية هى:  براءة الاختراع، والمعلومات غير المفصح عنها.

 

(أ) براءة الاختراع:

 

الزمت المادة 27/1 من اتفاقية التربس الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بأن تتيح إمكانية الحصول على براءات اختراع لكافة الاختراعات سواء كانت منتجات أم عمليات صناعية في كافة ميادين التكنولوجيا، طالما توافرت في الاختراع شروطا ثلاثة هى: الجدة، والخطوة الإبداعية ، والقابلية للتطبيق الصناعي، كما أوجبت على الدول الأعضاء أن تمنح البراءة ويتم التمتع بحقوق ملكيتها دون تمييز بين الاختراعات على أساس مكان الاختراع ، أو المجال التكنولوجي الذى ينتمى إليه أو ما إذا كانت المنتجات مستوردة أم منتجة محليا.

 

وقد أوجب هذا الحكم على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية التى كانت تستبعد الاختراعات الدوائية من الحماية عن طريق براءة الاختراع، أو الدول التى كانت تقصر حمايتها على منح براءة للطريقة الصناعية دون براءة المنتج أن تعدل تشريعاتها الوطنية لتمنح الحماية لكافة الاختراعات عن طريق البراءة في جميع ميادين التكنولوجيا ، ودون تمييز بين الاختراعات الدوائية وغيرها، ودون تمييز بين براءة المنتج وبراءة الطريقة  الصناعية.

 

كما لا يجوز للدول الأعضاء تطبيقاً لحكم المادة 27/1 أن تميز في المعاملة بين الاختراعات التى ابتكرت في داخل إقليمها والاختراعات التى تم التوصل إليها في الخارج سواء فيما يتعلق بإمكانية الحصول على البراءة ، أو الحقوق التى تمنح لأصحابها . وهذا يعني أن تطبيق مبدأ  المساواة بين الاختراعات الدوائية وغيرها لا يقتصر على المساواة فيما بينها من حيث إمكانية حصولها على البراءة ، بل يمتد ليشمل التمتع بكافة الحقوق التى تخولها ملكية البراءة لصاحبها.

 

(ب) المعلومات غير المفصح عنها:

 

     وضعت اتفاقية التربس نظاماً لحماية الأسرارالتجارية  أطلقت عليه "المعلومات غير المفصح عنها" undisclosed information ، وأدخلته فى عداد الملكية الفكرية . وهذا النظام يتفق فى كثير من الوجوه مع نظام حماية أسرار التجارة trade secrets فى القانون الأمريكى ، على الرغم من اختلاف المسميات .

 

وقد أكدت اتفاقية التربس فى المادة 39 فقرة أولى بشكل  واضح  حماية المعلومات غير المفصح عنها عن طريق قواعد المنافسة غير المشروعة التى تنص عليها المادة 10 مكرر من اتفاقية باريس.

 

وتناولت المادة 39 (2) من اتفاقية التربس الشروط العامة لحماية المعلومات غير المفصح عنها , وهى تتفق بوجه عام مع شروط حماية أسرار التجارة trade secrets فى القانون الأمريكى ، وتوجب توافر شروط معينة فى المعلومات حتى يمكن حمايتها قانوناً ، هى :  السرية ، وأن يكون للمعلومات قيمة تجارية نظرا لكونها سرية ، وأن يتخذ حائز المعلومات تدابير جدية للمحافظة على سريتها . 

 

وخصت اتفاقية التربس الصناعات الدوائية والصناعات الكيميائية الزراعية بنوع خاص من الحماية دون غيرها من الصناعات أو المجالات التكنولوجية الأخرى ، عن طريق حماية البيانات السرية أو المعلومات الأخرى التى يلزم تقديمها الى الجهات الحكومية المختصة من أجل الحصول على ترخيص بتسويق الأدوية أو المنتجات الكيميائية الزراعية التى تحتوى على كيانات كيميائية جديدة  new chemical entities، إذ أوجبت المادة 39/3 من الاتفاقية على الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية حماية تلك البيانات أو المعلومات من الاستخدام التجارى غير العادل ومن الإفصاح عنها إلا عند الضرورة ، فنصت على أنه :

 

" 3- تلتزم البلدان الأعضاء ، حين تشترط للموافقة على تسويق الأدوية أو المنتجات الكيميائية الزراعية التى تستخدم كيانات كيميائية جديدة تقديم بيانات عن اختبارات سرية أو بيانات أخرى ينطوي التوصل إليها على بذل جهود كبيرة ، بحماية هذه البيانات من الاستخدام التجاري غير العادل . كما تلتزم البلدان الأعضاء بحماية هذه البيانات من الإفصاح عنها إلا عند الضرورة من أجل حماية الجمهور أو ما لم تتخذ إجراءات لضمان عدم الاستخدام التجاري غير العادل ".

 

و يعد نظام "حماية المعلومات غير المفصح عنها" الذى استحدثته اتفاقية التربس من أكثر طوائف الملكية الفكرية التى تؤثر سلبا على الصناعات الدوائية فى الدول النامية، وذلك لأن حماية بيانات الاختبارات السرية والمعلومات الأخرى التى يلزم تقديمها إلى الجهات الحكومية المختصة للحصول على ترخيص بتسويق الأدوية والمنتجات الكيميائية الزراعية تعرقل نشاط شركات صناعة الدواء فى الدول النامية، إذ لا يغيب عن البال أن نشاط هذه الشركات يعتمد بصفة أساسية على إنتاج الأدوية غير المحمية ببراءة اختراع generic drugs التى ابتكرتها شركات الأدوية الكبرى وسبق لها اختبار صلاحيتها من خلال التجارب التى أجريت عليها للتأكد من الأمان safety والفاعلية efficacy , و من الغنى عن البيان أن نظام المعلومات غير المفصح عنها يحرمها من  الاستفادة من بيانات الاختبارات ونتائج التجارب التى سبق إجراءها وتقديمها للوزارة  المعنية ويضطرها الى إعادة الاختبارات والتجارب على ذات الأدوية التى سبق اختبار صلاحيتها من جديد.

 

 

 

الفرع الثانى

 

المبادئ المنصوص عليها في اتفاقية التربس لتخفيف الآثار السلبية في الدول النامية

 

(ا)  الاستثناءات التى يجوز تقريرها على مبدأ قابلية جميع الاختراعات للحماية:

 

أجازت المادة 27 الفقرتين (2) و (3) للدول الأعضاء أن تستثني عدة طوائف من الاختراعات من قابلية الحصول على براءة الاختراع. ولاشك أن من مصلحة الدول النامية الاستفادة من هذه الاستثناءات والنص عليها في تشريعاتها الوطنية ، لأن تضييق الحماية عن طريق البراءة في مجال الاختراعات الدوائية إلى أقل حدود ممكنه يحد من احتكار الشركات الكبرى للمنتجات الدوائية الجديدة ، ويفتح الباب لشركات الدول النامية الوطنية لانتاج الأدوية غير المحمية ببراءات الاختراع دون أن تدفع إتاوات للشركات التى ابتكرتها ، وتوفيرها بالتالي للمرضي بأسعار معقولة تناسب مع مستويات الدخل.

 

وطبقا للفقرة (2) من المادة 27 تربس يجوز للدول الأعضاء أن تستثني من قابلية  الحصول على براءات اختراع الاختراعات التى يكون منع استغلالها تجاريا في أراضيها ضروريا لحماية النظام العام أو الأخلاق الفاضلة، بما في ذلك حماية الحياة أو الصحة البشرية أو الحيوانية أو النباتية، أو لتجنب الإضرار الشديد بالبيئة، شريطة ألا يكون ذلك الاستثناء ناجما فقط عن حظر قوانينها لذلك الاستغلال.

 

ويسمح هذا الاستثناء للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أن تستبعد من نطاق الحماية عن طريق البراءة الاختراعات التى تتضمن المساس بحياة الإنسان أو صحته، مثل الاختراعات المتعلقة بأجزاء أو مكونات من جسم الإنسان كالخلايا، والدم والبروتين البشري والهرمونات والجينات ، وكذلك الاختراعات المتعلقة بعمليات الاستنساخ.

 

وتطبيقا لهذا الاستثناء فقد استبعدت المادة 2 فقرة 5 من قانون حماية حقوق الملكية المصرى رقم 82 لسنة 2002 طائفة من الاختراعات تتصل اتصالا وثيقا بضاعة الدواء حيث قضت بألا تمنح براءة اختراع للأعضاء والأنسجة والخلايا الحية والمواد البيولوجية الطبيعية والحمض النووى والجينوم.

 

كما أجازت الفقرة (3) من المادة 27 للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أن تستثني من الحصول على براءات اختراع:

 

(أ )  طرق التشخيص والعلاج والجراحة اللازمة لمعالجة البشر أو الحيوانات.

 

(ب) النباتات والحيوانات ، خلاف الأحياء الدقيقة ، والطرق البيولوجية في معظمها لانتاج النباتات أو الحيوانات خلاف الأساليب والطرق غير البيولوجية والبيولوجية الدقيقة.

 

ولا يقتصر نطاق هذا الاستثناء على أصناف أو أجناس أو أنواع النباتات والحيوانات ، بل يشمل النباتات والحيوانات ذاتها. ومن ثم يجوز للدول الأعضاء أن تستثني من قابلية الحصول على البراءة النباتات والحيوانات الموجودة في الطبيعة بمختلف صورها وأشكالها وأنواعها ، وكذلك النباتات والحيوانات التى يتم تغيير صفاتها الوراثية عن طريق علم الهندسة الوراثية ، غير أن الاستثناء لا يشمل  الكائنات الدقيقة . ومن ثم تلتزم الدول الأعضاء بحماية الكائنات الدقيقة التى تم ابتكارها عن طريق تغيير صفاتها الجينية باستخدام علم الهندسة الوراثية.

 

وجدير بالذكر أن الكائنات الدقيقة تستخدم في مجال الصناعات الدوائية على نطاق واسع. ولا تعتبر الكائنات الدقيقة التى توجد في الطبيعة ويتم اكتشافها من قبيل الاختراعات التى تحمي ببراءة اختراع لعدم توافر شروط الحماية.

 

وقد استبعدت المادة 2 فقرة 3 ، 4 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 جميع طوائف الاختراعات التى أجازت المادة 27 /3 تربس للدول الأعضاء استثناءها من قابلية الحصول على البراءة.

 

(2) الاستثناءات من الحقوق الممنوحة:

 

تجيز المادة 30 من اتفاقية التربس للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية منح استثناءات محدودة من الحقوق الاستئثارية الممنوحة بموجب براءة الاختراع شريطة ألا تتعارض هذه الاستثناءات بصورة غير معقولة مع الاستخدام العادي للبراءة وألا تخل بصورة غير معقولة بالمصالح المشروعة لصاحب البراءة، مع مراعاة المصالح المشروعة للغير.

 

وتطبيقا لهذه المادة يجوز للدول الأعضاء في منظمة التجارة  العالمية أن تنص في تشريعاتها على صور متعددة لهذه الاستثناءات منها على سبيل المثال:

 

1 -    جواز استخدام المنتج المشمول بالحماية عن طريق البراءة في كافة أغراض البحث العلمي دون أن يعد ذلك اعتداءً على حقوق مالك البراءة . ويسمح هذا الاستثناء لشركات الأدوية بدراسة المنتجات المشمولة بالحماية عن طريق البراءة وتحليلها لاكتشاف النظريات العلمية التى تقوم عليها ، ومكوناتها الكيميائية واستغلال نتائج الدراسة في البحث والتطوير في مجال الصناعات الدوائية ، وهو ما يعرف بالهندسة العكسية reverse engineering. وقد أخذ قانون الملكية الفكرية المصري رقم 82 لسنة 2002 بهذا الاستثناء في مادته رقم 11/2.

 

2 -    جواز قيام شركات الأدوية المنافسة للشركة صاحبة البراءة بتصنيع وتركيب الدواء المشمول بالحماية ببراءة الاختراع واستخدامه للحصول على ترخيص بتسويق الدواء ، شريطة ألا يتم تصنيع الدواء المشمول بالحماية بغرض تسويقه إلا بعد انتهاء مدة الحماية.

 

        وقد قرر قانون الملكية الفكرية المصرى هذا الاستثناء فى المادة 11/5.

 

        وجديـر بالـذكر أن قانـون براءات الاختراع الكندي يتضمن في القسم 55-2/1 منه هذا الاستثناء ويطلق عليه regulatory review exception . وقد أثار الاتحاد الأوروبي نزاعا ضد كندا معترضاً على ذلك. وقد قرر فريق التحكيم الذى شكل للفصل في هذا النزاع وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية لتسوية المنازعات المقررة بموجب التفاهم بشأن تسوية المنازعات أن الاستثناء المذكور لا يخالف اتفاقية التربس فهو استثناء جائز وفقا للمادة 30 من الاتفاقية . واعتمد جهاز تسوية المنازعات تقرير فريق التحكيم في 7 ابريل 2000 (WT/DS 114/R).

 

(3) الترخيص الاجبارى:

 

من المقرر أن البراءة تخول لصاحبها حقاً استئثارياً بموجبه يحق له منع الغير من استعمال الاختراع واستغلاله . ولمواجهة تعسف صاحب البراءة في مباشرة هذا الحق الاستئثاري فقد فرضت القوانين الوطنية على صاحب البراءة جزاء الترخيص الاجباري. ويتيح الترخيص الاجباري للمرخص له استغلال البراءة دون موافقة صاحبها، ويمنح الترخيص من الدولة المعنية في الحالات التى يقدرها تشريعها الوطني.

 

وقد عالجت اتفاقية التربس في المادة 31 الترخيص الاجباري تحت عنوان "الاستخدامات الأخرى بدون الحصول على موافقة صاحب الحق"، وذكرت الحالات التى تبرر منح التراخيص الإجبارية وهى : الطوارئ القومية أو الأوضاع الأخرى الملحة جداًً ، وتصحيح الممارسات المضادة للتنافس ، والاستخدام غير التجاري للاختراع لأغراض عامة ، والبراءة المرتبطة ببراءة اخرى. وقد وردت حالات منح الترخيص الإجباري في المادة 31 تربس على سبيل المثال وليس الحصر.

 

ولما كانت المادة 8 من اتفاقية التربس تجيز للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية  الصحة العامة وخدمة المصلحة العامة في القطاعات ذات الأهمية الحيوية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية والتكنولوجية ، فقد وضعت تشريعات بعض الدول نظاماً خاصاً للتراخيص التى تمنح بقصد المحافظة على الصحة العامة أو لتحقيق مصلحة عامة.

 

ومن هذه التشريعات قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ، الذى وضع نظاماً خاصاً للتراخيص الإجبارية في مجال الأدوية ، بموجبه يمنح مكتب براءات الاختراع الترخيص الإجباري إذا طلب وزير الصحة في أية حالة من حالات عجز كمية الأدوية المحمية بالبراءة عن سد احتياجات البلاد ، أو انخفاض جودتها، أو الارتفاع غير العادى فى أسعارها ، أو إذا تعلق الاختراع بأدوية الحالات الحرجة أو الأمراض المزمنة أو المستعصية أو المتوطنة أو بالمنتجات التى تستخدم في الوقاية من هذه الأمراض ، وسواء تعلق الاختراع بالأدوية أو بطريقة إنتاجها أو بالمواد الخام الأساسية التى تدخل في إنتاجها ، أو بطريقة تحضير المواد الخام اللازمة لانتاجها.

 

ويهدف هذا النظام إلى توفير الأدوية المحمية بالبراءة بأسعار وشروط معقولة بما تتناسب مع الظروف الاقتصادية ومستويات الدخل في المجتمع.

 

ورغم أن المادة 31 من اتفاقية التربس تركت للدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية حرية تقدير حالات منح الترخيص الاجباري دون التقيد بالحالات المتقدمة التى ذكرتها المادة 31 تربس إلا أن الاتفاقية وضعت شروطا صارمة يجب توافرها لمنح الترخيص الاجباري تعرقل اللجوء إلى الترخيص الاجباري وتحد من فاعليته كجزاء.

 

ومن هذه الشروط ماذكرته المادة 31 تربس فقرة (و) فهي تشترط لمنح الترخيص الاجباري أن يكون منح الترخيص في الدولة العضو في منظمة التجارة العالمية أساساً لأغراض توفير الاختراع في الأسواق المحلية في تلك الدولة.

 

ولما كانت الدول النامية والأقل نمواً لا تملك القدرة التكنولوجية على تصنيع المنتجات الدوائية المبتكرة فسوف يؤدى تطبيق هذا الشرط إلى أنها ستواجه صعوبة في الاستفادة بشكل فعال من نظام الترخيص الاجباري المنصوص عليه في اتفاقية التربس، إذ لا معني لمنح ترخيص اجباري لشركة أو شركات لا تملك القدرة التكنولوجية على تصنيع الدواء المرخص اجبارياً بتصنيعه.

 

ولذلك فقد طلب إعلان الدوحة بشأن اتفاقية التربس والصحة العامة من مجلس التربس أن يجد حلا سريعاً لهذه المشكلة وهذا ماحدث بالفعل على التفصيل الذى سنعرضه فيما بعد.

 

(4) استنفاد حقوق الملكية الفكرية:

 

تخول براءة الاختراع لصاحبها حقاً استئثارياً في استغلال الاختراع وحده بكافة الطرق ، بموجبه يمكنه منع الغير من صنع الاختراع وعرضه للبيع وبيعه واستيراده . وهذا يعني أن مالك البراءة المسجلة في دولة ما يحق له منع الغير من استيراد المنتجات المشمولة بالحماية عن طريق البراءة إلى تلك الدولة التى سجلت فيها البراءة.

 

على أن تطبيق هذه القاعدة على اطلاقها يعني تخويل صاحب البراءة حق منع الغير من استيراد المنتجات المشمولة بالحماية عن طريق البراءة من الخارج إلى الدولة التى سجلت فيها البراءة ولو كانت تلك المنتجات قد طرحت للبيع في الخارج بمعرفة صاحب البراءة نفسه أو بموافقته ، مما يؤدى إلى إعاقة تداول المنتجات عبر الدول وتمكين أصحاب براءات الاختراع وغيرها من حقوق الملكية الفكرية من تقسيم الأسواق والتمييز السعري فيما بين الدول عن طريق طرح منتجات متماثلة بأسعار تتفاوت من دوله إلى أخرى.

 

وعلاجاً لهذا الوضع ذهبت تشريعات بعض الدول إلى تقليص حق صاحب البراءة في منع الغير من استيراد المنتجات المحمية بالبراءة عن طريق تقرير مبدأ الاستنفاد الدولي . وبمقتضي مبدأ الاستنفاد الدولي يسقط حق صاحب البراءة في منع الغير من استيراد المنتجات المشمولة بالحماية عن طريق البراءة بمجرد أن يطرح تلك المنتجات للتداول في سوق أى دولة بنفسه أو عن طريق أحد تابعيه أو بموافقته.

 

ولاشك أن الاستنفاد الدولي لحقوق الملكية الفكرية يعد وسيلة فعالة تحول دون تقسيم الأسواق العالمية والتمييز السعري فيما بينها ، لأنه يتيح للدول التي يطرح فيها أصحاب حقوق الملكية الفكرية المنتجات الدوائية بأسعار مرتفعة إمكانية استيراد تلك المنتجات الدوائية من الخارج وتوفيرها في الأسواق المحلية بأقل الأسعار السائدة عالميا. ويعرف هذا النوع من الاستيراد بالاستيراد الموازى parallel importation. وقد اتخذت اتفاقية التربس موقفا سلبياً من قضية الاستنفاد الدولي أفصحت عنه المادة 6 من الاتفاقية التى نصت على أنه: "لأغراض تسوية المنازعات بموجب هذه الاتفاقية مع مراعاة أحكام المادتين 3 ، 4 لا تتضمن هذه الاتفاقية ما يمكن استخدامه للتعامل مع مسألة استنفاد حقوق الملكية الفكرية".

 

 

المبحث الثاني

 

كارثة الايدز في جنوب أفريقيا وإعلان الدوحة

 

 

انتشار فيروس الإيدز في جنوب أفريقيا ونتائج تطبيق اتفاقية التربس:

 

تعد جنوب أفريقيا من أكثر الدول التى اصيب سكانها بفيروس الإيدز إذ بلغ عدد المرضي فيها المصابين بهذا الفيروس 4.2 مليون مريضاً . ولما كانت الأدوية اللازمة لعلاج هذا الوباء مشمولة بالحماية ببراءات اختراع وتحتكرها شركات الأدوية الكبري وتبيعها بأسعار مبالغ فيها ليست في متناول المرضي ، فقد أصدر الرئيس نيلسون مانديلا في 12 ديسمبر 1997 قانونا خول بمقتضاه وزير الصحة صلاحيات اتخاذ تدابير من أجل توفير الدواء بأسعار معقولة تتناسب مع دخل المرضى وقد أجاز هذا القانون استيراد الأدوية المحمية ببراءات اختراع إلى جنوب افريقيا طالما أنها طرحت بمعرفة الشركات الدوائية صاحبة البراءات في الخارج مقررا بذلك مبدأ الاستيراد الموازي.

 

وفى أعقاب ذلك تعرضت حكومة جنوب افريقيا لضغوط وتهديدات من الدول الكبرى بزعامة الولايات المتحدة الامريكية لتغيير هذا القانون بزعم أنه يتعارض مع ما تفرضه اتفاقية التربس على جنوب افريقيا من التزامات خاصة المادة 6 من الاتفاقية التى تحظر الاستنفاد الدولي ، غير أن حكومة جنوب أفريقيا لم تستجب لهذه الضغوط والتهديدات.

 

وفي فبراير 1998 أقامت مجموعة من شركات الأدوية الكبرى بلغ عددها 39 شركة دعوى قضائية ضد حكومة جنوب افريقيا طالبة إلغاء القانون المذكور، بزعم تناقضه مع الدستور، بالإضافة إلى مخالفته لأحكام اتفاقية التربس.

 

وفي ابريل 2001 اضطرت شركات الأدوية المذكورة – استجابة للرأي العام- إلى الانسحاب من القضية خشية افتضاح أمرها أمام العالم وظهورها بوجه قبيح يكشف تعطشها لتحقيق مكاسب وأرباح طائلة دون تقدير لأى جوانب انسانية ، ولو كانت تلك الأرباح على حساب أجساد وأرواح المرضى.

 

إعلان الدوحة بشأن اتفاقية التريس والصحة العامة:

 

عقد المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية في الدوحة في الفترة من 9-14 نوفمبر سنة 2001 في أعقاب انسحاب شركات الأدوية متعددة القوميات (وعددها 39 شركة) من القضية التى رفعتها على حكومة جنوب أفريقيا . وقد كشفت هذه القضية أن تطبيق اتفاقية التربس قد يؤدي إلى آثار سلبية بالغة الخطورة على الصحة العامة في الدول النامية التى تنتشر فيها الأوبئة الفتاكة بسبب احتكار الشركات الدوائية متعددة القوميات للأدوية الجديدة والمغالاة في أسعارها.

 

لذلك شغلت قضية التربس والصحة العامة اهتمام المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة العالمية وأصدر المؤتمر الوزاري إلى جانب الإعلان الوزاري الذى تضمن برنامج عمل المنظمة فى المرحلة القادمة إعلاناً وزارياً آخر بشأن اتفاقية التربس والصحة العامة.

 

وتضمن الإعلان الأخير أن الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية تدرك خطورة مشكلات الصحة العامة في الدول النامية والأقل نمواً ، وخاصة الدول التى ابتليت بأوبئة الإيدز والسل والملاريا وغيرها من الأوبئة الأخرى ، كما تدرك مايثيره تطبيق اتفاقية التربس من مخاوف تتعلق بإرتفاع أسعار الدواء ، ولذلك فهي تؤكد وجوب تفسير اتفاقية التربس وتطبيقها بما يدعم حق الدول الاعضاء في المحافظة على الصحة العامة ، ولاسيما تأكيد إمكانية حصول الجميع على الأدوية.

 

كما تضمن الإعلان تأكيد حق الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في الاستفادة الكاملة من أحكام اتفاقية التربس التى تنطوى على قدر مناسب من المرونة للمحافظة على الصحة العامة.

 

واستعرض الإعلان بعض الأحكام الواردة في التربس التى تنطوى على مرونة ملائمة تسمح للدول الأعضاء بتحقيق هذا الغرض مؤكداً المبادئ التالية:

 

(أ )    ينبغي تفسير كل نص من نصوص اتفاقية التربس في ضوء هدف الاتفاقية والغرض منها، وهو ما أفصحت عنه الاتفاقية فى المادة 7 (الأهداف)  و المادة 8 (المبادئ) على وجه الخصوص.

 

(ب)    تأكيد حق الدول الأعضاء في منح التراخيص الإجبارية وتحديد الحالات التى تمنح فيها هذه التراخيص. وهذا يعني أن الحالات التى ذكرتها المادة 31 من اتفاقية التربس لمنح الترخيص الإجباري ليست واردة على سبيل الحصر وإنما وردت على سبيل المثال ، ومن ثم يجوز للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، إذا توافرت الشروط التى ذكرتها المادة 31، أن تمنح تراخيصاً إجبارية في الحالات الأخرى التى تقدرها خلاف الحالات التى ذكرتها المادة 31 تربس وهى: وجود طوارئ قومية أو أوضاع ملحة جداً ، الاستخدام غير التجاري لأغراض عامة ، تصحيح ممارسات مضادة للتنافس ، ارتباط الاختراع باختراع سبق منحه براءة.

 

(ج)    تأكيد حق الدول الأعضاء في تحديد معني الطوارئ القومية أو الأوضاع الملحة جداًَ ، ويمكن أن يدخل في عداد ذلك أزمات الصحة العامة المتعلقة بالايدز والعدوى بفيروسه ، والسل والملاريا وسائر الأوبئة الأخرى.

 

(د)     أن ماورد في اتفاقية التربس من استنفاد حقوق الملكية الفكرية (المادة 6 تربس) يتيح لكل الدول الأعضاء حرية تقرير مبدأ الاستنفاد في تشريعها الوطني كما يتراءى لها دون الاعتراض على ذلك من قبل أى دولة أخرى.

 

وتضمن البند السادس من الإعلان إقرار الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بصعوبة استفادة الدول النامية أو الأكثر نمواً استفادة فعالة من أحكام الترخيص الإجباري لعدم قدرتها الصناعية على تصنيع الأدوية، ولذلك فقد كلف الإعلان الوزاري مجلس التربس بأن يحد حلاً سريعاً لهذه المشكلة ، وأن يرفع تقريراً بما يقترحه إلى المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية قبل نهاية عام 2002.

 

أما البند السابع والأخير من الاعلان فقد تضمن تحديد المهلة المقرره في اتفاقية التربس للدول أقل نمواً فيما يتعلق بالمنتجات الدوائية بحيث لا تلتزم هذه الدول بتطبيق وتنفيذ القسمين 5 ، 7 من الجزء الثاني من الاتفاقية وهما خاصين بمعايير براءة الاختراع ، والمعلومات غير المفصح عنها، كما لا تلتزم بإقرار الحقوق المنصوص عليها في هذين القسمين حتى أول يناير 2016 ، دون المساس يحق الدول أقل نموا فى طلب تجديدات أخرى للفترة الانتقالية.

 

قرار المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية الصادر في 30 أغسطس2003 تنفيذاً للبند السادس من إعلان الدوحة بشأن التربس والصحة العامة:

 

فى 30 اغسطس 2003 اتخذ المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية قراراً بتنفيذ البند 6 من إعلان الدوحة بشأن التربس والصحة العامة تضمن أن هناك ظروفاً استثنائية تبرر إيقاف تطبيق الفقرة (و) والفقرة (ح) من المادة 31 من اتفاقية التربس فيما يتعلق بالمنتجات الدوائية.

 

وتضمن هذا القرار إيقاف تطبيق ما يقضى به نص المادة 31 (و) من إلزام الدولة المصدرة للمنتجات الدوائية المحمية بالبراءة بأن يكون الترخيص الاجباري الذى تمنحه أساساً لتغطية احتياجات السوق المحلي ، وذلك  بالشروط التالية:

 

(أ)     أن تقوم الدولة المستوردة للدواء بإخطار مجلس التربس على يتضمن الإخطار ما يلى:

 

1-             تحديد اسماء الأدوية والكمية المتوقعة التى تحتاجها.

 

2-             تأكيد أن الدولة المستوردة المؤهلة ليس لديها القدرة على تصنيع المنتج الدوائى ، أو أن قدرتها ضعيفة.

 

3-     عندما يكون الدواء المستورد محمياً ببراءة اختراع فى الدولة المستوردة يجب أن تكون قد منحت أو لديها النية في أن تمنح ترخيصا إجبارياً وفقا لشروط المادة 31 تربس ، وهذا القرار .

 

(ب)    يجب أن يتوافر في الترخيص الإجباري الذى تمنحه الدولة المصدرة للدواء الشروط التالية:

 

1-     أن يحدد الترخيص الإجباري الكمية الضرورية التىستصنع لتلبية احتياجات الدولة المستوردة، والتى تم إخطار مجلس التربس بها.

 

2-     يجب تمييز المنتجات محل الترخيص الاجباري بوضوح للدلاله على أنه يتم انتاجها وفقا للنظام الصادر به هذا القرار، وذلك عن طريق تغليفها بأغلفة أو عبوات مميزة أو وضع علامات عليها أو تلوينها أو اتخاذ شكل مميز للمنتجات ذاتها ، بشرط أن يكون تمييزها ظاهراً، ولا يكون له تأثير يذكرعلى سعرها.

 

3-     يجب على المرخص له ( في الدولة المصدرة) قبل بدء الشحن أن ينشر على الموقع الالكتروني المعلومات التالية:

 

-       الكميات التى سوف يتم شحنها بموجب الترخيص الإجبارى.

 

-       الملامح المميزة للمنتجات محل الترخيص الإجبارى.

 

(ج)   يجب على الدولة المصدرة إخطار مجلس التربس بأنها أصدرت الترخيص الإجباري وبيان الشروط الخاصة بإصداره ويجب أن تشمل المعلومات التى تقدمها اسم وعنوان المرخص له ، والمنتجات محل الترخيص ، الكميات التى تم الترخيص بها، الدولة أو الدول التى سيتم الشحن إليها، ومدة الترخيص.

 

       ويجب أن يشمل الإخطار عنوان الموقع الإلكترونى المشار إليه فيما تقدم.

 

كما تضمن القرار وضع قواعد بشأن كفاية التعويضات التى تدفع لصاحب البراءة وعدم ازدواجها ، حيث يقضى القرار أنه عندما يتم منح ترخيص اجباري في الدولة المصدرة فإن التعويض الذى يمنح لمالك البراءة فى الدولة المصدرة  يجب أن يكون كافيا وفقاً للمادة  31 (ح) ، ويدفع في الدولة المصدرة مع الأخذ في الاعتبار القيمة الاقتصادية لاستعمال هذا المنتج الدوائي محل الترخيص في الدولة المستوردة. وعندما يتم منح ترخيص اجباري في الدولة المستوردة من أجل الاستيراد يوقف الزامها بدفع تعويض لمالك البراءة مقابل الترخيص الاجبارى بشأن تلك المنتجات التى سبق دفع تعويض لمالك البراءة مقابل إنتاجها.

 

و بالإضافة إلى ذلك ألزم القرار الدولة المستوردة للدواء أن تتخذ التدابير المعقولة بما يتناسب مع قدرة جهازها الإدارى و حجم مخاطر تهريب المنتجات لمنع إعادة تصدير المنتجات التى تم استيرادها إلى إقليمها . فإذا واجهت الدول المستوردة سواء كانت دولاً نامية أو أقل نمواً صعوبات في اتخاذ هذه التدابير يجب على الدول المتقدمة تقديم مساعدات إليها.

 

كما ألزم القرار الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية أن توفر في تشريعاتها الوسائل القانونية الفعالة لكي تتجنب تسرب الأدوية وتهريبها وبيعها فى أراضيها ، وذلك فيما يتعلق بالأدوية التى تم تصنيعها بموجب ترخيص اجباري من أجل تصديرها إلى دولة معينة وفقاً للقواعد المتقدمة.

 

مبادرة كندا بتفعيل قرار المجلس العام الصادر في أغسطس 2003:

 

لاشك أن استفادة الدول التى لا تملك القدرة التكنولوجية على تصنيع الأدوية من قرار المجلس العام الصادر في أغسطس 2003 مرهون بإدخال تعديلات تشريعية في قوانين براءات الاختراع فى الدول الأعضاء خاصة في الدول المتقدمة. وقد أخذت كندا زمام المبادرة في هذا الشأن وكانت أول دولة تصدر قانوناً لتفعيل قرار المجلس العام للمنظمة الصادرة في أغسطس 2003 هو قانون The Jean Chrétien Pledge to Africa Act (Bill C-9)  . وقد أدخل هذا القانون تعديلاًَ على قانون براءات الاختراع الكندي بما يسمح لشركات الأدوية الـgeneric  بالحصول على ترخيص اجبارى لتصنيع أدوية محمية ببراءات اختراع من أجل تصديرها إلى الدول التى لا تملك القدرة الصناعية على انتاجها.

 

ومن أهم ملامح هذا القانون أنه أوجب على الحكومة الكندية التأكد من توافر الأمان والفاعلية في الأدوية التى يتم تصديرها لهذا الغرض بما يتفق مع المعايير الكندية من أجل ضمان جودة الأدوية المصدرة.

 

وتضمن القانون حق مالك البراءة في اللجوء إلى القضاء الفيدرالي للمطالبة بإلغاء الترخيص الإجباري إذا خالف المرخص له شروط الترخيص ، أو حدث تهريب للأدوية إلى دول أخرى خلاف الدولة المعنية التى يجب تصدير الأدوية إليها.

 

كما وضع القانون ضوابطاً للتعويض الذى يحصل عليه  مالك البراءة فى الترخيص الإجباري تضمن عدم المبالغة في تقديره، وهى تقضي بأن التعويض (الإتاوة) الذى يدفعه المرخص له يجب أن يتناسب مع مستوى نمو الدولة التى يصدر إليها الدواء ، وقيمة العقد، ولاشك أن هذه الضوابط من شأنها توصيل الدواء بسعر رخيص إلى الدوله النامية أو الأقل نمواً التى لاتملك القدرة على تصنيعه.

 

قرار المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية بتعديل المادة 31 تربس:

 

وفى 6 ديسمبر 2005 اتخذت الدول الأعضاء في المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية قراراً بتعديل المادة 31 تربس بما يتفق مع القرار السابق الصادر في 30 أغسطس 2003 بإيقاف تطبيق الفقرتين(و) و (ح) من المادة 31 تربس.

 

وبذلك تم تحويل القرار المؤقت بإيقاف تطبيق الفقرتين(و) و (ح) من المادة 31 تربس إلى تعديل دائم للفقرتين.

 

وبموجب هذا التعديل أضيفت المادة 31 مكرر إلى اتفاقية التربس وهى تشمل 5 فقرات تسمح بتصدير المنتجات الدوائية التى تم تصنيعها بموجب الترخيص الاجباري للدول التى لا تملك قدرة على تصنيع الأدوية ، بالإضافة إلى منع إزدواج التعويض التى يمنح لمالك البراءة في حالة الترخيص الاجباري بحيث لا يحصل إلا على تعويض واحد في الدولة التى صنعت الدواء بموجب الترخيص الاجباري بغرض تصديره،  علاوة على التأكيد على جوانب المرونة التى وردت في اتفاقية التربس .

 

وبالإضافة إلى المادة 31 مكرر التى أضيفت إلى التربس فقد تضمن التعديل أيضا إضافة ملحق جديد للتربس شمل مسائل متفرقة مثل التعويضات ، الإخطارات، تجنب تسرب المنتجات الدوائية إلى دول أخرى غير الدولة التى تم منح الترخيص الإجباري لتغطية احتياجاتها.

 

وقد تم إرفاق نص المادة 31 مكرر بالإضافة إلى ملحق التربس ببروتوكول التعديل الذى وافق عليه المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية، وفتح باب إقرار الدول لهذا التعديل واتخاذ إجراءات التصديق حتى أول ديسمبر 2007.

 

وسوف يدخل التعديل حيز التنفيذ بعد التصديق عليه من ثلثي الدول الأعضاء فى منظمة التجارة العالمية.

 

 


  محمد الشهيدى    عدد المشاركات   >>  512              التاريخ   >>  3/5/2007



كل الشكر والتقدير للاستاذ الكبير صابر بك عمار على ما يقوم به من جهد رائع لصالح المحامين وهذه الورشة ومحاضراتها الاولى هى من اروع ما يكون 0

تحياتى لك ايها الاستاذ القدير وننتظر المزيد

محمد الشهيدى



  hagag1    عدد المشاركات   >>  1              التاريخ   >>  3/5/2007



الأخوة الأعزاء

لكل من يرغب في التعمق في الملكية الفكرية وموضوعاتها المختلفة هناك دورة عامة ومجانية يقدمها موقع الوايبو ( المنظمة العالمية للملكية الفكرية) وذلك على الرابط التالي:0

http://academy.wipo.int/ar/default2.asp

نسألكم الدعاء



 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2452 / عدد الاعضاء 62