أشكرك جميع الأخوة الأفاضل على المناقشة الطيبة المباركة:
أستاذي وأخي أبا عمر .
أقدم لسعادتكم خلاصة بحثي من وجهة نظري وهي قابلة للمناقشة .
فأقول :
أختلف الفقهاء في مشروعية أصل القسامة على قولين :
أصل القسامة مشروعة (وقال بذلك ) :
أبو بكر رضي الله عنه ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عثمان بن عفان رضي الله عنه ، علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، المغيرة بن شعبة ، ومعاوية وعبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهم أجمعين )،والحسن ، وعمر بن عبد العزيز(رواية عنه ) ،وشريح ، ابراهيم النخعي والشعبي ،سعيد بن مسيب ، قتادة ، الزهري ، عروة بن الزبير ، مروان بن الحكم ، عبدالملك بن مروان ،جمهور فقهاء المذاهب الأربعة والشيعة والظاهرية .
وقد اختلفوا في تفصيلات القسامة على أقوال كثيرة (كنوع القتل ، والواجب فيها أو الأثر المترتب عليها (القصاص أو الدية )، حالات اللوث ، شروط القسامة ،كيفية القسامة (صيغتها)، وحالفها ، من تجب عليه القسامة أو من يدخل فيها ، ........الخ )
أصل القسامة غير مشروعة (وقال بذلك ):
سالم بن عبد الله بن عمر ، أبو قلابة ، الحكم بن عتبة ، قتادة ، سليمان بن يسار ، إبراهيم بن عليه ، مسلم بن خالد .
أدلة روايات عمر بن عبد العزيز في أثباته لمشروعية القسامة ونفي مشروعيتها :
قال ابن حزم في المحلى ص 297:{أما عمر بن عبد العزيز فجاء عنه : يبدأ المدعي عليهم ثم أغرمهم الدية مع إيمانهم وهذا عنه صحيح وانه رجع إلى هذا القول وصح عنه انه أقاد بالقسامة صحة لامغمز فيها وانه بدأ المدعين بالإيمان في القسامة وردد الإيمان وصح عنه: أنه رجع عن القسامة جملة وترك الحكم بها }.انتهى كلام ابن حزم .
الحكمة من مشروعية القسامة :
شرعت لصيانة الدماء ولكي لايهدر دم في الإسلام .
قال علي لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فيمن مات من زحام الطواف :" يا أمير المؤمنين لايطل دم امرئ مسلم إن علمت قاتله وإلا فأعطه ديته من بيت المال ".
أما إلزام الورثة بالأيمان في القسامة فعند علمهم أن هناك عداوة قائمة بين القاتل والمقتول ولم يقدموا النصح للقاتل بعدم التهور وتذكيرهما بالله وأن الصلح خير لهما ولتقصيرهم في المحافظة عل حياة القتيل قبل قتله ولعدم نصرة المظلوم ودحض الظالم منهما .
ولان إيمان القسامة تكون لقصد إظهار الحقيقة لخطورة اليمين الكاذبة في الإسلام في الحالف يدفع عن نفسه التهمة بحلفه .
مبررات القائلين بعدم مشروعية القسامة : (باختصار)
1- الإيمان لاتكون إلا على ما علم قطعا أو شوهد حسا .
2- الأصل أن البينة على المدعي واليمين على المنكر .
3- استنباطهم أن القسامة هي من أحكام الجاهلية فتلطف بهم النبي صلى الله عليهم وسلم ليريهم بطلانها .
الرد على أقوالهم :
1- أن حديث مشروعية القسامة متفق عليه بين علماء الحديث ولايشك عالم في صحته .
2- أن الذي شرع أصل قاعدة :)البينة على المدعي واليمين على من أنكر ) وذلك في الأحاديث الصحيحة منها :
قوله صلى الله عليه وسلم :( لويعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولكن البينة على المدعي واليمين على من ادعى عليه ).
قوله صلى الله عليه وسلم :( بينتك أو يمينه ليس لك إلا ذلك ).
فالذي شرع هذه القاعدة أخرج منها القسامة بالأحاديث الصحيحة .
فالقاعدة عامة والقسامة خاصة .
3- أما الرد على من قال إن القسامة هي من أحكام الجاهلية فتلطف بهم النبي صلى الله عليهم وسلم ليريهم بطلانها .
قال ابن حزم فيها أنها مقولة نسبت إلى عمر بن عبد العزيز وقد تتبع سند قائليها فوجد انه اثر مرسل وسند فاسد.
وأقول أنا انه استنتاج مبني على الظن .
فكيـف يرد حـديث ثابت عن الرسول بأحاديث متفق عليها بكلام مرسل مبني على الظن .
4- قال المخالفون رحمهم الله :" الإيمان لاتكون إلا على ما علم قطعا أو شوهد حسا" .
الرد عليهم :
ماذا يقولون رحمهم الله في قول مذهب الحنفية عند الذي يقسم فقالوا : الذي يقسم أو يحلف الإيمان هم أهل المحلة التي وجد فيها القتيل ويتخيرهم ولي الدم وذلك لنفي تهمة القتل فيقول الواحد منهم :
بالله ماقتلته ولاعلمت له قاتلا . فإذا حلفوا غرموا الدية .
فهم حلفوا لنفي التهمة عن أنفسهم ونفي العلم عن القاتل ولم يحلفوا عن المجهول .
فما رأي المخالف في هذا القول وهل تكون القسامة مشروعة عند هذا المذهب .
وللحديث بقية.........