بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم اما بعد فقد اطلعت على اجابة لسؤال نصه الوكالة بعوض هل يمكن فسخها مباشرة او تحتاج الى الجراء معين 0اجاب عليه القاضي محمد بن عبدالله المقرفي ونصه / الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين وبعد فان محاسن الشريعة الاسلامية انها جاءت لترفع الحرج عن المكلف وتسهل طرق حياته في دائرة منظمة في جميع شؤون حياته وتحفظ حقوقه وحيث ان الانسان لايتمكن من انجاز اعماله ومتابعتها بنفسه دائما فقد جعلت له بابا من ابواب رفع الحرج وهو انابة غيره في انجاز هذه الاعمال وهو ما يعرف بالوكالة وهذه الوكالة اما ان تكون تبرعا من الوكيل واحسانا منه في مساعدة الموكل واما ان تكون في مقابل عوض مشروط بين الطرفين 0
ومن حيث النظر الى مدى جواز الفسخ لعقد الوكالة بعوض او تبرعا اقول انه بالنظر الى ما قرره فقهاء الامة من ان عقد الوكالة من العقود الجائزة وذات اادة منفردة ولم يخالف في ذالك احد -في اصل العقد - كما في المغني 5/93وغيره فانه يجوز لاي من الطرفين فسخهمتى شاء وذلك من باب ان الموكل - بكسر الكاف- قد يرى المصلحة في ترك ما وكل فيه او في توكيل اخر ومن ناحية ثانية ان الوكيل قد يتضرر بالتفرغ لها فيكون الالزام مضرا لهما وعلى هذا القعيد يجوز فسخ الوكالة الكائنة بعوض او بغيره مباشرة 0
لكن من حيث النظر الى مايتعلق بعقد الوكالة من حقوق وشروط نرى ان الفقهاء استثنوا بعض الامور - على خلاف بينهم - ومنعوا فسخ هذا العقد من احدهما دون رضى الاخرين وجعلوا عقد الوكالة بينها لازما لهما 0 فنرى الحنفية في كتاب تبيين الحقائق ج 8/137وما بعدها منعوا فسخ هذا العقد في احوال اربع اوجزها فيما يلي /
الاولى اذعلق بالوكالة حق للوكيل وذلك مثل الوكالة المشروطة في عقد الرهن بان يجعل المرتهن مسلطا على بيع الرهن عند حلول الرهن فالبيع هنا يصير حقا للمرتهن وبالعزل يبطل هذا الحق 0
الثانية اذا تعلق بالوكالة حق المدعي الذي طلب من خصمه التوكيل ومباشرة الوكيل الخصومة نائبا عن المدعى عليه وثبت حالمدعي فيها لا تنفسخ الوكالة لما في ذلك من ابطال حق غيره وهو المدعي 0
الثالثة الوكالة بتسليم عين الشخص مع غياب الموكل فيها يجب الاستمرار في الوكالة ولا يجوز الفسخ لها 0
الرابعة لابد من علم الوكيل بالفسخ والا فانها تكون سارية المفعول 0
وكذلك عند المالكية فهم وافقوا الحنفية في الحالتين الاوليين وزادوا حالتين هما/
1- الوكالة على عوض على وجه الاجارة 0
2- ماكانت الوكالة منه على وجه الجعالة كما جاء في شرح الخرشي ج3/378 0 ومنع الشافعية ذلك الفسخ في حالتين /
الاولى اذا ترتب على خروج الوكيل عن الوكالة تلف مال الموكل او فساده وصورة ذلك فيما لو علم الوكيل انه لو عزل نفسه في غيبة موكله استملك المال الموكل عليه غير قادر 0
الثانية اذا كانت الوكالة بلفظ الاجارة مع استكمال شروط الاجارة - مثل قوله اجرتك على بيع داري بكذا 0 فهي هنا وكالة تاخذ حكم الاجارة وهو اللزوم -مغني المحتاج ج2/231-232 0 واما الحنابلة فهم نظروا في المسالة الى اصل عقدها وهو الجواز فلم يستثنوا شيئا فعقد الوكالة يجوز فسخه بين الطرفين في اي وقت وبدون رضا الطرف الاخر كما جاء نص لك في شرح منتهى الارادات ج2/305 بقوله/ الوكالة والمسابقة والراية عقود جائزة لكل من المتعاقدين فسخها 0
وبعد التنظير لهذه المسالة يمكن القول بان جواز الفسخ للوكالة بعوض او بغيره مباشرة جائز بناء على جواز اصله وهذا الحكم -في رايي - انما هو ابتداء ولا يمنع هذا من سماع الدعوى - لو حدثت- من الموكل وتنزيلها بعد ذلك على الجواز او المنع لا سيما مع حصر الوكالة في وقتنا الحالي في الاوراق النظامية وعدم قبول الوكالات بالمشلفهة دون تحرير بذلك 0
هذا ما سطره مدادي حاكيا لاجتهادي في هذه القضية ولكل مسالة ملابساتها التي يلمسها من يتعامل مع الناس دون ان يصل اليها من يتعامل مع القرطاس وتنظير المسائل والبحث عن اصولها وفروعها وتقعيدها وتنزيلها على واقع الامة حدائق يجول فيها العلماء ويقطفون من كل فن فنناواسال الله عز وجل لي ولجميع المسلمين قبول العمل ومغفرة الزلل والاخلاص في القول والعمل ودمتم في خير وعافية 0 اه
امل اني اتحفت الاخوة الفضلاء بما يثري معلوماتهم الشرعية بنقل الاجابة الشرعية في هذه المسالة 0
المرجع مجلة العدل العدد التاسع