|
|
|
|
|
|
|
|
|
التاريخ 7/13/2002 10:20:00 AM
|
بطلان العقد للغبن في الشريعة الإسلامية
|
بطلان العقد للغين في الشريعة الإسلامية :-
يدق التمييز بين الغلط في القيمة الموجود في القانون الوضعي وبين الغبن في الشريعة الإسلامية ، حيث أن الغلط في القيمة يؤدي عادة إلى الغبن ، ولكن يلاحظ أن الغبن هنا يكون مصحوباً بجهل لقيمة الشيء ، بحيث لو تبين العاقد هذه القيمة على حقيقتها لما أقدم على التعاقد ولما رضى بهذا الغبن ، والغبن مداه أوسع من الغلط ، إذ يصح أن يقع الغبن والمغبون على بينة من قيمة الشيء ، فلا يكون واقعاً في غلط ، وإنما أراد الشيء لرغبة خاصة دفعته إلى شراءه وبذل فيه أكثر من سعر السوق ، وقد يكو ن للشيء قيمة ذاتية للعاقد ليست لغيره من الناس ، وقد يكون العاقد مجازفاً في الحصول على الشيء ، وقد يكون مندفعاً تحت تأثير مزاحمة الوقت ، فالـغط في القيمة إذن عيب في الإرادة معياره ذاتي ، أما الغبـن فخلل فـي النسبة بين سعر السوق والسعر المبذول من قبل المشتري ومعياره مادي .
وفقهاء الشريعة الإسلامية لا يعرضون للغط في القيمة إلا عن طريق الغبن ، ولا يعتد بالغبن في الشريعة الإسلامية ولو كان فاحشاً إلا إذا صحبه تدليس أو تغرير ، والفقهاء على اتجاهين بالنسبة للغبن ، الاتجاه الأول عدم الاعتداد بالغبن إلا إذا صحبه التغرير ، أو كان الغبن واقعاً في مال المحجور أو الوقف أو بيت المال ممن هم في حاجة إلى الحماية ، والاتجاه الثاني إذا كان الغبن فاحشاً ومصحوباً بغلط في قيمة الشيء .
الاتجاه الأول : عدم الاعتداد بالغبن إلا إذا صحبه التغرير ، وهذا هو الظاهر في المذهب الحنفي والمذهب الشافعي ومذهب أحمد .... فالمذهب الحنفي : ( اعلم أنه لا رد بغبن فاحش إلا إذا غر البائع المشتري أو الدلال ) ويمكن الرجوع في هذا الشأن إلى ( البحر الرائق ج6/115، 116 – الدر المختار ج4/246 – رسائل بن عابدين ج2/7 ) ، وخلاصة ما ذكر في المذهب الحنفي هو أن العبرة بالغبن الفاحش إذا صحبه غرر ، وهذا ما لم يكن الغبن في مال المحجور أو مال الوقف أو بيت المال ، فيرد بالغبن الفاحش ولو لم يوجد غرر ، فقد جاء في المادة 356 من مجلة الأحكام الشرعية ( إذا وجد غبن فاحش ولم يوجد تغرير ، فليس للمغبون أن يفسخ البيع ، إلا أنه إذا وجد الغبن وحده في مال اليتيم لا يصح البيع ومال الوقف وبيت المال حكمه حكم مال اليتيم ) ... فالمذهب الشافعي : أيضاً في المذهب الشافعي لا رد بالغبن الفاحش إذا لم يوجد تغرير ويمكن الرجوع في هذا الشأن إلى ( شرح البهجة لزكريا الأنصاري ج2/455 - مغني المحتاج على نهاية المحتاج ج2/65 – نهاية المحتاج ج4/ 74 ، فالمذهب الحنبلي : أيضاً يثبت خيار الغبن في صور ثلاثة كلها لا تخلو من تغرير ، الأولى متلقي الركبان أو السلع ، والثانية النجش والثالثة بيع المسترسل
الاتجاه الثاني : الاعتداد بالغبن إذا صحبه غلط في القيمة وهذا هو ظاهر المذهب المالكي ، والغبن في المذهب المالكي على ثلاثة أنواع ، الأول : غبن أقدم عليه العاقد وهو على بينة من أمره ، فهو لا يجهل قيمة السلعة ولكنه اشتراها بأكثر من قيمتها لقيمتها الذاتية بالنسبة للمشتري ، وقد يكون لمجرد المزاحمة ومثل هذا الغبن الذي لا يصحبه تغرير أو غلط لا يعتد به ، إلا في حالات محدودة كالغبن في مال المحجور ومن في حكمه كالوقف وبيت المال كما سبق القول ، والثاني : غبن يصحبه تغرير ويرد في بيع الاسترسال وغيرها من العقود التي يلجأ فيها أحد المتعاقدين إلى طرق إحتيالية ، والثالث : غبن يقع فيه المتعاقد في غلط في قيمة المعقود عليه ، وجاء في كتب المذهب أن الغبن بسبب الجهل بقيمة المبيع يعذر به أحد المتباعين ، هو ظاهر المذهب ، ولكن يشترط أن يكون المتعاقد المغبون معروفاً بالجهل والطرف الأخر يعرف بهذا الجهل ، وأن يكون الغبن بأزيد من ثلث القيمة سواء كان بيعاً وشراءً ، وأن يقيم المغبون دعوى الغبن خلال عام من وقت صدور التصرف الذي وقع فيه الغبن وذلك حتى لا يطول الوقت وبغية استقرار التعامل بين الناس ، ويكمن الرجوع في هذا الشأن إلى ( التاج والإكليل للمواق ج4/468،469 – حاشية الدسوقي ج3/141 – حاشية العدوي ج5/152 – تحفة بن عاصم ) .
وعليه فالذي يظهر لي أن الغبن في الشريعة الإسلامية في حد ذاته لا يؤدي إلى إبطال العقد ، ما لم يكن مصحوباً بوسائل إحتيالية أي تدليس وهذا طبقاً لما ذهب إليه جمهور الفقهاء .
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|