اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
الرداء الأسود
التاريخ
8/17/2006 3:15:08 PM
   المـنــتــصرون      


  محمد ابواليزيد    عدد المشاركات   >>  623              التاريخ   >>  17/8/2006



تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

يمكن لاسرائيل أن تشل حركة جيش كامل كما حدث في ضربة الطيران صباح الخامس من يونيو 1967 ويمكن لها أن تعرقل تقدمه وزحفه كما حدث في ثغرة الدفرسوار

ولكنها لا تقوى على كسر ارادة المقاومة الشعبية المؤمنة مثلما حدث في ملحمة السويس عام 1973 وفي فشلها أمام المقاومة الاسلامية لحركة حماس في قطاع غزه وأخيرا وليس آخرا ما حدث لها من هزائم على يد رجال حزب الله في الجنوب اللبناني

وهذا هو الشيخ حافظ سلامة الرجل والملحمة

حافظ سلامة.. الرجل والملحمة
20/11/2003
حافظ سلامة مع أبنائه
بين الحين والآخر يطرح هذا السؤال في أروقة السياسيين والمثقفين والعوام على السواء: هل يستطيع شعب مدينة ما بإمكانياته المحدودة ومعتمدًا على سلاح الإيمان وروح الصمود أن يقف في مواجهة جيش مسلح مجهز بكل أنواع الأسلحة في عالم تكدست فيه كل أنواع أسلحة الدمار الشامل؟
يبدو السؤال صعبًا... وتكون الإجابة الأقرب إلى اللسان أن زمن المعجزات انتهى وأن نظرية حرب العصابات والمقاومة الشعبية آخذة في الانقراض، لكن تمر أيام العام يومًا بعد يوم حتى يأتي يوم 24 أكتوبر/ 28 رمضان ليرفع عنا عبء الإجابة، ويقول بأعلى صوته: إن سلاح الصمود والمقاومة أفتك أنواع الأسلحة في مواجهة أعتى الجيوش متى كان من يقاوم مؤمنا بقضيته محبًا لأرضه ووطنه...
فمنذ ثلاثين عامًا وتحديدا في 24 أكتوبر عام 1973 استطاع شعب السويس أن يلقن الجيش الإسرائيلي درسًا قاسيًا... نحتاج في هذه الأيام إلى تذكر هذا اليوم الخالد واستحضار معانيه.
ونترك المجاهد "حافظ سلامة" ليتحدث بنفسه عن الملحمة في كتابه "ملحمة السويس حقائق ووثائق.. للتاريخ والعبرة".
6 أكتوبر/ 10 رمضان
كنت بالقاهرة في ذلك اليوم لقضاء بعض الأعمال الخاصة بمسجد النور ولأحجز للسفر إلى بيروت يوم 20 أكتوبر... وأثناء سيري في الشارع سمعت بعض المارة يقول المعركة مستمرة بالطيران والمدفعية والصواريخ.... ظننت في بادئ الأمر أنها غارة صهيونية جديدة فتوجهت لسماع المذياع عند كشك يبيع المرطبات لأسمع مذيعًا يذيع البيان الثاني للقيادة العامة للقوات المسلحة.
لا أستطيع أن أعبر تمامًا عما اعتراني جسدًا وروحًا وجريت مهرولاً باتجاه محطة القطار فإذا بي أجد قرارًا بوقف جميع المواصلات المتجهة إلى مدن القناة، فاستقليت سيارة خاصة باتجاه السويس واستطعت من خلال بعض الاتصالات من أخذ الإذن بالسماح لي بالتوجه إلى هناك حيث كانوا يمنعون كل السيارات المدنية (غير العسكرية) من الذهاب إلى مدن الجبهة.. وسار الموكب... وكم كنت أتمنى أن يكون معنا كل مؤمن حتى يشاهد الأنوار الإلهية التي غمرت تلك المنطقة؛ فأنت ترى السماء وكأنها قد أضيئت وترى النور على وجود جنودنا الأبطال وهم يهتفون "الله أكبر" وهم فرحون مستبشرون كأنهم يزفون إلى عُرس! ولم أملك نفسي وأنا أهتف بأعلى صوتي "الله أكبر.. الله أكبر... الله أكبر" فأسمع صداها يقترب ويقترب حتى رأيت قواتنا كأنهم جند السماء يكبرون ويهللون وهم يقتحمون أمنع الحصون وأعتاها.
7 أكتوبر – 15 أكتوبر
حافظ مع الإمام الأكبر د. محمد الفحام في مكتبة مسجد الشهداء
أقبلت نسمات الفجر من صبيحة اليوم الثاني للمعركة وأذن المؤذن للصلاة فازدحم مسجد الشهداء برجالنا وشبابنا، وقضيت الصلاة وألقيت كلمة جامعة عن الجهاد في سبيل الله، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين في البلاء من إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة في سبيل الله والفوز بجنة عرضها السماوات والأرض، ولم يكن أمام المقاومة في بدء عملها إلا أعمال الخدمات الطبية والمعنوية، ولعمري إن هذه المهمة لا تقل في خطورتها وأثرها عن خدمة الميدان وهي من أقوى أسلحة المعركة حينما تدار لتجعل من أبطالنا الجرحى والشهداء، معين قوة لغيرهم ليستعذبوا البلاء والابتلاء في سبيل الله والوطن.
وعلى الرغم من توجه بعض أعضاء الجمعية برفقتي غاضبين إلى مكتب المخابرات يشتكون من عدم وجودهم في عملية العبور فإن العقيد فتحي عباس رد عليهم قائلاً: إن هذا هو دور القوات المسلحة، وهم في حاجة إلى من ينقل جرحاهم ويضمد جراحاتهم ويدفن شهداءهم؛ فهذا الدور لا يقل عن دور المقاتل على الجبهة.
ولم أملك نفسي إلا أن أكبر وأهلل عندما اطلعت على شهداء العبور الأول... إنهم لم يتعدوا الاثنين وعشرين شهيداً...
ولقد كان دور العلماء كبيرا عندما كان يجلس أحدهم إلى جوار الجريح يطعمه ويسقيه بيديه ويمسح عنه أثر الدماء مربتًا على صدره ويمسك قلمه ومفكرته ليقول له: هل لك من حاجة توصلها إلى أهلك؟ هل أنت بحاجة إلى شيء؟
وأقولها للتاريخ: إنهم كانوا جميعًا يريدون فقط الاطمئنان على تقدم إخوانهم... يريدون أن نرجعهم إلى إخوانهم على أرض المعركة.
قد يعجب الناس حينما رأيت أن تعمل محلات الحلوى في السويس بلا توقف لتشارك في أعياد النصر وتشاورت مع الدكتور محمد أيوب مدير المنطقة الطبية عن أنسب الهدايا التي أقدمها للجرحى فاختار البسكويت والنعناع والحلوى، وعلل اختياره لهذه الأصناف بمصلحة الجريح وتوجهت من فوري إلى محل محمد جمعة للحلويات واشتريت كميات من هذه الأصناف، ثم ذهبت إلى مسجد الشهداء وطلبت من العلماء والمقرئين وجميع الإخوة التوجه إلى الدور العلوي للمسجد وذلك لغرض إعداد علب الحلوى، ثم توجهنا بها إلى المستشفى العام وكم كان لهذه الزيارة أثر كبير في نفوس الجرحى.
16 أكتوبر – 23 رمضان
لحظة هروب الجنود الاسرائيليين من دباباتهم أمام قسم شرطة الأربعين
ما أطل صباح يوم الثلاثاء العشرين من رمضان حتى بدأنا نشعر أن دورنا في المعركة قد اقترب واقترب، لقد علم شعبنا أن ثغرة قد فتحت بين الجيشين الثاني والثالث عند منطقة الدفرسوار... وكان من الطبيعي أن يواجه جيشنا هذه المشكلة وأن يعمل على وأدها في مهدها ولكننا كرجال للمقاومة كان لا بد أن نقدر أسوأ الاحتمالات الممكنة... بحيث نتعرف على ما الهدف الذي يريد أن يحققه من هذه الخطوة ومن ثم نعمل على عدم تمكينه من تنفيذ رغبته هذه، وكانت غاية العدو هو أنه يريد أن يحتل مدن القناة بأي ثمن وفي مقدمة هذه المدن مدينة السويس، إن الحرب إذا امتدت إلى المدن كان القتال فرضًا، ويكون تسليم السويس وفيها رجل واحد ينبض بالحياة إنما هو الكفر بعينه، كانت هذه هي عقيدة رجالنا، إن الاحتلال اليهودي لمدينة السويس يعني في نظر الإعلام الإسرائيلي التأثير في العالم بأن الحرب قد انتهت لصالح الصهيونية.
الثغرة تلقي الرعب في السويس
ونتوقف مع ذكريات المجاهد حافظ سلامة عن أيام العبور الأولى حتى يوم 16 أكتوبر لنفسح المجال للآخرين ممن استشهد بأقوالهم في كتابه. حيث كانت كل ساعة تمر بعد هذا التاريخ تحمل إلى أهالي مدينة السويس أنباء جديدة، وكل نبأ يشعر في ظاهره بأن ميزان المعركة قد تغير... غارات مكثفة... أصوات مدفعية... والصواريخ تهز المنطقة هزًّا... عدد الجرحى والشهداء يتضاعف حتى جاء يوم 22 أكتوبر، وبدأت فلول قواتنا المسلحة المنسحبة تفد إلى مدينة السويس، نتيجة تسرب بعض قوات العدو إلى الضفة الغربية للقنال عن طريق الثغرة وأخذت أعدادها في الزيادة بصورة مضطردة، وقد أشاعت القوات المنسحبة حالة من الذعر والخوف بين المواطنين لما تردد عن تقدم القوات الإسرائيلية نحو المدينة مما حدا ببعض المواطنين إلى مغادرة المدينة إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، وتعرض البعض منهم لنيران العدو وغاراته الجوية على الطريق الصحراوي المؤدي للقاهرة كما تعرض بعضهم للأسر يوم 23 أكتوبر 1973.
24 أكتوبر وقلوب واجفة
لوحة شرف تضم أسماء شهداء معركة السويس
لم ينم أهالي السويس ليلة الرابع والعشرين من أكتوبر في انتظار مفاجآت العدو الغادر... وفي صبيحة ذلك اليوم قام العدو بغارة مركزة على السويس تمهيدًا لدخول قواته المدرعة إلى المدينة حيث تقدمت القوات بعد انتهاء الغارة إلى المدينة التي كانت في ذلك الوقت خالية من أي وسائل للدفاع عنها، وكانت الروح المعنوية منهارة في صفوف القوات المسلحة النظامية، وعلى الجانب الآخر كان الشيخ حافظ سلامة يحشد رجال المقاومة في مسجد الشهداء استعدادًا لمواجهة شرسة مع العدو.
واقتحمت قوة من أفراد العدو مبنى قسم شرطة الأربعين وحاصرته بدباباتها ومدرعاتها إلا أن رجال المقاومة تصدوا لمجموعة من المدرعات، وبهذا أطلقت الشرارة الأولى للمقاومة الشعبية، اندفع بعدها شعب السويس وما تبقى من رجال القوات المسلحة في معركة دامية مع قوات العدو كانت نتيجتها تدمير جميع دبابات العدو ومدرعاته وسياراته التي اقتحمت المدينة بالإضافة إلى القضاء على معظم أفراد العدو.
كما سقط عدد من رجال المقاومة شهداء بعد يوم حافل بالمواجهات الصعبة، إلا أن الخسائر التي لحقت في هذا اليوم كسرت طموحاته في احتلال المدينة، وظل هذا اليوم يومًا خالدًا في تاريخ شعب السويس وجعلوه عيدًا قوميًا لهم يحتفلون به كل عام.
25 أكتوبر والحرب النفسية
في يوم 25 أكتوبر بدأ العدو في استخدام سلاح مختلف وهو سلاح الحرب النفسية فما زال متمكنًا إلى الآن من تطويق المدينة... وأرسل العدو تهديدًا إلى محافظ السويس آنذاك بتدمير المدينة بالكامل بالطائرات إن لم تستسلم خلال نصف ساعة وأن عليه الحضور ومن معه من المواطنين رافعين الرايات البيضاء.
أصابت هذه التهديدات بعض المواطنين وكذلك بعض المسئولين بحالة من الفزع وكان المسئولون وعلى رأسهم المحافظ أميل إلى التسليم اعتقادًا منه أن ذلك أفضل جدا من تدمير المدينة على من فيها... وأيده في ذلك البعض حتى ذهب بعضهم إلى أخذ أكفان مسجد الشهداء البيضاء ورفعها على أيدي المكانس (المقشات) استعدادًا للتسليم، وعندما ذهب قائد القوات المسلحة بالمدينة العميد "عادل إسلام" لاستطلاع رأي الشيخ حافظ سلامة ومن معه من رجال المقاومة رد عليه الشيخ حافظ بثبات ورباطة جأش: إن معنى التسليم يا سيادة العميد هو أن أسلم لليهود أكثر من 10 آلاف جندي وضابط من قواتنا المسلحة، بل إني بذلك سوف أكشف الجيش الثالث بالضفة الشرقية من القناة وأسلم كل أرواح هؤلاء لأعدائنا وأعداء الإنسانية، وتصير نكسة أشد من نكسة 67 لمصر والعرب والمسلمين... إن الطيران الإسرائيلي قد مضى عليه 6 سنوات وهو يضرب المدينة فلتكن 6 سنوات وأياما.
إننا إما أن نعيش أحرارًا أو نقضي كما قضى غيرنا وصدق الله العظيم إذ يقول: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً}، وهنا قال العميد عادل إسلام: اعتبرني من الآن فردًا من أفراد المقاومة الشعبية...
واستمر الشيخ حافظ ورجاله في المقاومة وقام الشيخ حافظ سلامة بتعبئة نفسية مضادة للإسرائيليين، حينما قام بإذاعة نداء من مسجد الشهداء كرد على الإنذار الإسرائيلي، وتوالت انتصارات المقاومة على العدو الإسرائيلي حتى تدخلت قوات الطوارئ الدولية التي دخلت المدينة يوم 28، ورغم استمرار العدو في غاراته فإن ثبات رجال المقاومة أرغم العدو على مغادرة المدينة دون تحقيق انتصار يذكر.
خوارق الملحمة

بطولات رائعة شهدتها ملحمة السويس تحتاج لمؤلفات عدة ترويها وتوثقها ولا يتسع المقام لذكرها كلها، لكن مما يروى أنهم أرادوا نقل جثمان الشهيد إبراهيم سليمان إلى مكان آخر فوجدوا الجثمان كما هو بعد ما تصوروا أنهم سينقلون رفاتًا وعظامًا، وذلك بعد مرور 90 يومًا من استشهاده، وكذلك قصة البئر المعطلة من 80 عامًا التي أرشد إليها عم مبارك، وإذا بالبئر تعطي لا ينفد ماؤها فكانت مدداً إلهيا لأهل السويس وللقوات المسلحة شرق القناة... وغيرها العديد من قصص الشهداء والأبطال الذين تخرجوا في جامعة مسجد الشهداء التي علمتهم وفهمتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم "من مات دون أرضه فهو شهيد، ومن مات دون عرضه فهو شهيد، ومن مات دون ماله فهو شهيد".

اقرأ في الموضوع:

 


"خيبتنا في نخبتنا"


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2191 / عدد الاعضاء 62