باسم الشعب
محكمة استئناف بنغازي
الدائرة الإدارية
في الجلسة المنعقدة علنا بتاريخ الثلاثاء 30 /5 /2006
برئاسة المستشار رمضان فردج بالليل
وعضوية المستشارين: زينوبة الطشاني ومحمد عبدالله القماطي
وبحضور الأخت وداد الهمالي وكيل النيابة العامة
وبحضور تهاني عمرالقطعاني كاتبة الجلسة
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بالسجل العام رقم رقم 427 / 34 ق
المرفوع من:
1 ـ علي علي بن سعود
2 ـ زينب المبروك الورفلي
3 ـ فريحة حسين الكيلاني
دعوى حسبة
متدخل:
1 ـ سعد عبدالله بوحجر
2 ـ عوض محمد القويري
عنهم جميعا: مكتب الأستاذ علي علي بن سعود لمحاماة
ضـد:
1 ـ أمين اللجنة الشعبية العامة (مدعى عليه أصلي)
2 ـ أمين مؤتمر الشعب العام (مدعى عليه مدخل)
3 ـ أمين اللجدنة الشعبية العامة للخدمة العامة (مدعى عليه مدخل)
ناب عنهم إدارة القضايا
المحكـمة
بعد تلاوة تقرير التوصيف وسماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن واقعة الدعوى تتخلص بالقدر اللازم لصدور الحكم فيها، في أن المدعين الأول والثاني والثالث، أقاموا دعواهم بموجب صحيفة طلبوا فيها من المحكمة واحتسابا لله تعالى ورسوله الكريم صلي الله عليه وسلم. أن تحكم له بما يلي:
أولا أصليا: بإلزام المدعي عليه الأول أن يصدر قرارا عاجلا بزيادة جميع المرتبات والعلاوات والمكافآت المتسحقة للعاملين بجميع أجهزة الدولة وما يتبعها من شركات ومنشآت وغيرها بنسبة 700% وهو ما يعادل التضخم الذي حدث للعملة الليبية مع مراعاة أن النسبة هي متوسط التضخم الذي حدث للعملة الليبية مع مراعاة أن النسبة هي متوسط التضخم ما بين 1981 و حتى 2005 أخذا في الحسبان حق جميع العاملين في الدولة وغيرهم ممن يخضعون للقانون رقم 15 1981، في اقتناء جميع متطلبات الحياة من وسائل اتصال، هاتف أرضي ونقال ومواصلات، ركوبة خاصة أو تكاليف انتقال وتكييف منزلي ومعدات تبريد وطبخ ومفروشات وأثاث منزلي ومأكل وملبس لهم ولمن يعولهم، وباختصار أن يكون الدخل كافليا للموظف لمواجهة كافة أعباء الحياة العصرية التي تليق بمواطن يعيش في القرن الواحد والشعرين في دولة غنية تنعم بخيرات طبيبعية وقوة عاملة بشرية لا ينقصها إلى الاستقرار الاقتصادي للتفرغ لاتقان عملها وتبدع وتخترع وتنهض بوطنها لتقفز به إلى صفوف الدول المزدهرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وحضاريا ومع المستقر المكتفي يعمل أكفأ وينتج أكثر من المضطرب المعوز يعمل أردأ وينتج أقل.
ثانيا: بندب خبير قضائي من إدارة البحوث والخبرة القضائية تكون مهمته الانتقال إلى جميع الجهات ذات العلاقة بالمهايا والمرتبات ومصادر تمويلها، لإثبات إمكانية الزيادة والنسبة المتاحة لقيمة الزيادة، وتقديم تقرير بذلك إلى هذه المحكمة لتحكم بإلزام المدعى عليه بما يسفر عنه تقرير الخبير.
وفي جميع الأحوال إلزام المعدى عليه بالمصاريف.
وحيث أن الحاضر عن المدعين بجلسة التحضير قدم صحيفة إدخال للمدعى عليه الأول وللمدعى عليه الثاني أمين مؤتمر الشعب العام، وأمين اللجنة الشعبية العامة للخدمة العامة، وعدل طلباته على النحو الآتي:
أولا : إلزام المدعي عليه الأصلي متضامنا مع المدعي عليه المدخل الثاني وفي مواجهة المدعي عليه الأول:
(1) أن يصدر قرارا عاجلا بزيادة جميع المرتبات والعلاوات والمكافآت المستحقة للعاملين في جميع أجهزة الدولة وما يتبعها من شركات ومنشآت وغيرها بنسبة 700% وهي ما يعادل التضخم للعملة الليبية مع مراعاة أن النسبة هي متوسط التضخم ما بين سنة 1981 حتى 2005، أو بتقرير علاوة جديدة تسمى علاوة تضخم أو ما يراه لها من تسمية مقدارها ما سبق بيانه آخذا في الحسبان حق جميع العاملين في الدولة وغيرهم مممن يخضغون للقانون رقم 15 1981 في اقتناء جميع متطلبات الحياة من وسائل اتصال (هاتف أرضي ونقال) ومواصلات (ركوبة خاصة أو تكاليف انتقال) وتكييف منزلي ومعدات تبريد وطبخ ومفروشات وأثاث منزلي ومأكل وملبس له ولمن يعلوهم وباختصار يكون الدخل كافيا للموظف لمواجهة كافة أعباء الحياة العصرية التي تليق بمواطن يعيش في القرن الواحد والعشرين في دولة غنية تنعم بخيرات طبيبيعة وقوة عاملة بشرية لا ينقصها إلا الاستقرار الاقتصادي للتفرغ لاتقان عملها وتبدع وتخترع وتنهض بوطنها لتقفز به إلى صفوف الدول المزدهرة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وحضاريا وعلى أن المستقر المكتفي يعمل أكفأ وينتج أكثر, والمضطرب المعوز يعمل أردأ وينتج أقل.
(2) إلزام المدعي الأصلي وحده بحسبانه المختص بزيادة علاوة العائلة بأن يرفع علاوة العائلة إلى تسعين دينارا عن كل فرد من العائلة بما في ذلك الذرية، وذلك باعتبارهم معولين قياسا على ما يستخقه المعوزين من المعاش الأساسي بذات القيمة.
ثانيا احتياطيا: إلزام المدعى عليهم متضامنين بالعمل على تعديل القانون رقم (15) 1981 بشأن المرتبات بما يجيب طلبات المدعين بتنفيذ قرارات المؤتمرات الشعبية بالخصوص.
ثالثا، من باب الاحتياط الكلي: ندب خبير قضائي من إدارة البحوث والخبرة القضائية تكون مهمته الانتقال إلى جميع الجهات ذات العلاقة بالمهايا والمرتبات ومصادر تمويلها لإثبات إأمكانية الزيادة والنسبة المتاحة لقيمة الزيادة، وتقديم تقرير بذلك إلى هذه المحكمة للحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بما يسفر عنه تقرير الخبير، وفي جميع الأحوال إألزام المدعى عليهم بالمصاريف القضائية.
وحيث أنه بجلسة المرافعة حضر عن الطاعنين الأستاذ بورويس المحامي وقدم صحيفة تدخل من كل من المدعو:
سعد عبدالله بوحجر محاضر بجامعة قاريونس
والمدعو عوض محمد القويري مهنته طبيب مدير عيادة سيدي حسين،
وطلبا بالصحيفة ذات الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الأصلية مستندين على ذات الأسس والأسانيد التي وردت بصحيفة الدعوى الأصلية.
وحيث إن النيابة العامة أودعت مذكرة برأيها القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى طلب الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر طلبات المدعين.
وحيث إن المستشار المحقق أودع تقريره بالأوراق.
وحيث أنه بجلسة المرافعة مثل عن المدعين الأستاذ عمران بورويس المحامي بموجب تفويض من المحامي الأصيل وتمسك بطلباته الواردة في الصحيفة وطلب حجز الدعوى للحكم.
وحضر عن جهة الإدارة عضو إدارة القضايا الأستاذة : انتصار الصرماني ولم تمانع في حجز الدعوى للحكم.
وحيث أن المحمكة حجزت الدعوى في جلسة اليوم وصحرت لمن يشاء من الخصوم بإأيداع مذكرة بدفاعه.
وحيث أن الحاضر عن جهة الإدارة أودعت مذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى وبعدم الاختصاص بنظر الطلبات، كما أودع دفاع المدعي مذكرة بدفاعه تمسك فيها بالطلبات الواردة بالصحيفة وأرفق صورة من قرار اللجنة الشعبية العامة بخصوص تشكيل لجنة تتولى مراجعة الدراسة التي سبق إعدادها بشأن هيكلية المرتبات وتحديد الالتزامات المالية المترتبة على تنفيذها واقتراح مصادر التمويل اللازمة لمواجهة الزيادة الناجمة عن التنفيذ، طالبين عدم اعتبار ذلك حسما للقضية ولا تنفيذا لطلباتهم ولا مانع من إصدار الحكم (اللجنة المشكلة) مع باقي المدعى عليهم بالطلبات الواردة بصحائف الدعوى المشار إليه أعلاه.
المحكـمة:
وحيث إنه من المعروف أن أنظمة الدول تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هي دولة البوليس، ودولة التشريع، ودولة القانون.
وحيث إن دولة البوليس قد انتهت في الوقت الحاضر وأصحبت الإدارة خاضعة إلى أحد القطاعين.
ولعله من نافلة القول أن النظام السياسي في بلادنا هو النظام التشريعي، دولة التشريع ويعرفها القضاء بأنها هي الدولة التي يكون المنشأ الإداري فيها مستندا إلى التشريع وخاضعا له خضوعا مطلقا، فالوظيفة الإدارية تستمد مقوماتها وأسس ممارستها من النصوص التشريعية فقط، وتكون السيادة الإدارية محدودة بما يخوله المشرع للإدارة من مهام، فالتصرفات الإدارية لا يمكن لها أن تغير شيء إلا بعد صدور نص تشريعي يخول الإدارة إجرائها، ولا يمكن أن تجري إلا تنفيذا لذلك النص، فالتشريع لا يكون قيدا على النشاط الإداري وحسب وإنما هو الشرط الأساسي لوجوده أصلا، وليس للنشاط الإداري هدف آخر غير تنفيذ النصوص التشريعية، فالإدارة في ظل دولة التشريع تخضع للشرعية بمعناها الضيق، لأن هذا النظام يقوم على تبعية الإدارة والقضاء للسلطة التشريعية، ويؤدي إلى جعل التصرفات التي تمس المواطنين فرديا مستمدة من النصوص التشريعية فقط، أي أن الإدارة لا يمكن أن تتخذها ما لم تكن مفوضة من المشرع سلفا باتخاذها بل إن الإدارة لا يمكن أن تمارس نشاطاتها كاملة مهما كان نوع النشاط بصورة مشروعة، إلا بعد صدور التشريع، فالنص التشريعي هو نقطة انظلاق نشاط الإدارة واساس شرعية لهذا النظام، إذن تقصر الوظيفة الإدارية على تنفيذ التشريعات فقط.
انظر في ذلك القانون الإداري الليبي الجزء الثاني ص 28 وما بعدها، د. خالد عريم.
وحيث إن المشرع في ليبيا والنظام السياسي بالجماهيرية العربية الشعبية الاشتراكية العظمى ذهب إلى أبعد من ذلك إذا كانت دولة التشريع أساس النظام البرلماني، أي المجلس النيابي الذي يمثل الأمة، فإن الجماهيرية تقوم على أساس سلطة الشعب والدمقراطية المباشرة (الفصل الأول من الكتاب الأخضر).
فالنظام السائد في بلادنا أن السلطة بيد الشعب يمارسها عن طريق المؤتمرات الشعبية الأساسية مؤتمر الشعب العام واللجان الشعبية تنفذ ما يختاره الشعب وما تقرره المؤتمرات ويصوفه مؤتمر الشعب العام.
فالمؤتمرات الشعبية هي صاحبة الأمر والنهي ولا سلطة لغيرها.
هي فقط صاحب القرار أيا كان هذا القرار سوءا أكان تشريعيا بشكل قانون أم قرارا أم أمرا للسلطة الإدارية أو الجهات السياسية، وعلى هذا فإأن القرارات الواجبة التطبيق في دولة التشريع هذه وفقا لما اتخذته الجماهيرية من نهج لتسييرأمورها وإرساء نظامها وحقوق وواجبات أفرادها، إنما تلك القرارات التي يقرها مؤتمر الشعب العام في انعقاده السنوي العادي أو غير العادي، أما قرارات المؤتمرات الشعبية الأساسية فيما عرض عليها أو اتخذهته من نفسها أو وفقا لمناقشتها للقضايا ا لطارئة، فإنها تظل مجرد قرارات محلية في نطاق المؤتمر ما لم يوافق عليها مؤتمر الشعب العام ويصاغ كقرار عام ينفذ على مستوى الدولة والجماهريية بصفة عامة.
وحيث أن القرار المتخذ من المؤتمر الشعب الأساسي (السلاوي) المرفق بالأوراق، بزيادة المرتبات ظل بعيدا عن موافقة مؤتمر الشعب العام، وتضحى تلك القرارات غير ملزمة للجنة الشعبية العامة لتقوم بتنفيذها على مستوى الدولة، وبالتالي فإن طلبات المدعين مستندة بهذا القرار لا تصح سندا لما قد تختص به هذه المحكمة.
وحيث أن طلبات المدعين تنحصر في طلب إلزام اللجنة الشعبية العامة باتخاذ إجراء أو إصدار قرار تشريعي قانوني أو لائحي بزيادة المرتبات أو تعديل لأية علاوة العائلة أإو أإحداث زيادة في المرتبات تساوي سبعامائة بالمائة، ليس نزاعا في المرتب أو استحقاقه مما تختص به المحكمة وفقا للقانون رقم 88 ـ 71 بشأن القضاء ا لإداري.
وحيث إنه من المتفق عليه في الفقه والقضاء في فرنسا ومصر وليبيا، أن القضاء لا يملك إصدرا أوامر لجهة الإجارة بالإتيان بعمل أو بالامتناع عن فعل او أمر معين، وكل ما يملكه القضاء هو الرقابة على شرعية القرارات المتخذة من جهة الإدارة، فالإدارة لها وحدها اتخاذ ما تراه من قرارا بمقتضى وظيفتها وما خولها المشرع، وتكون تلك القرارات خاضعة لرقابة القضاء إذا ما وقعت مخالفة للقانون وما قررته مؤرتمرا الشعبية بمؤتمر الشعب العام.
فالقضاء يراقب شرعية القرارات المتخذة من اللجنة الشعبية العامة ولا يجوز له أن يحل محلها أو ينوب عنها باتخاذ قرار بعينه، أو يأمرها باتخاذ إجراء معين، فلا يجوز للقضاء ويختص بإصدرا أمر إلى جهاب الإدارة العامة بإجاء شيء معير بذاته.
انظر في ذلك القضاء الإداري ورقابته لأعمال الإدارة، د. سليمان الطماوي.
وحيث أن الأمر كذلك فإن المحكمة تكون غير مختصة بنظر طلبات المدعين طبقا للقانون رقم 88 ـ 71 بشأن القضاء الإداري الذي أورد اختصاصات القضاء الإداري على سبيل الحصر في المادة الثانية منه.
وحيث أن المحكمة وقد انتهت إلى عدم اختصاصها بنظر طلبات المدعين سواء بدعوى الحسبة او بدعوى المتدخلين فإنها في حل عن مناقشة دعوى الحسبة ومدى توافر شروطها وجواز قبولها ومناقشة دعوى الحسبة من حيث أنها دعوى لابتغاء وجه الله تعالي، ان توجه للدعوة إلى الإنفاق والصرف من بيت مال المسلمين، أم أنها ما دام الأمر كذلك، وإنما يراد بها وجه الله تعالي أن توجه للحفاظ على هذا المال من الإنفاق الغير مبرر في نواحي شتى.
أي أن دعوى الحسبة، هل هي دعوى للحفاظ على مال المسلمين وتنميته وصيانته أما للإنفاق منه (من بيت المال،على المكيفات والسيارات وما إلى ذلك من أمور الدنيا وزخرفها وزينتها)
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الرائدين أسوة حسنة، ومن بعهم الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي أطفأ السراج عندما حضرت زوجته وجلست تحدثه بامور ا لدنيا وأمورهم الخاصة تحسبا أن السراج ملك لبيت المال
وامتثالا لقوله تعالى: "ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة" أية 160 من سورة آل عمران.
والغل هو أخذ المال العام دون وجه حق وسرقته والكسب والإثراء بسبب الوظيفة...
وحيث أنه لما كان ذلك كذلك فإن المحكمة تنتهي إلى الحكم بعدم اختصاصاها بنظر الدعوى على النحو الوارد بالمنطوق.
وحيث أنه عن المصاريف فقد ألزمت المدعيين بها عملا بالنص الوارد في المادتين 281 و282 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بتظر الدعوى وألزمت رافعيها المصاريف
رمضان فرج بالليل ـ رئيس الدائرة ـ زينوبة عبدالحميد الطشاني ـ مستشار
محمد عبدالله القماطي ـ مستشار ـ تهاني عمر القطعاني ـ كاتبة الجلسة