بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب الفضيلة الشيخ/ .............القاضي بالمحكمة العامة.......... ،،، حفظه الله
الســــــلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،،، وبعد
بعد الإطلاع على لائحة الدعوى المقدمة من المدعين وهم كل من:-
1- (....................)
2- (....................)
3- (....................)
4- (....................)
ضد المدعى عليه (....................)وبالإطلاع على ماتقدم به المدعي وكالة من مذكرات ملحقة بالدعوى وكذلك محضر الدفاع المدني وبوكالتي عن المدعى عليه المذكور نجيب فضيلتكم بالآتي :-
الدفوع الشكلية :-
تبين من صحيفة الدعوى أن موضوعها هو المطالبة بحقوق المدعين الخاصة جراء حادث الحريق الذي نشب بمستودع المدعى عليه ثم انتقل إلى مستودعاتهم فيطالبون المدعى عليه بالتعويض باعتبار أنه المتسبب في نشوب الحريق, وقبل الدخول في مناقشة موضوع الدعوى ومدى صحة ما تستند إليه من أسباب فإننا ندفع ببطلان صحيفة الدعوى لمخالفتها للإجراءات الشكلية التي تقوم عليها الدعوى ابتداءً وذلك لسببين رئيسين:-
1- اشتملت صحيفة الدعوى على مجموعة من المدعين وعددهم أربعة وكل منهم يزعم حقاً خاصاً لا رابط بينه وبينه ما يدعيه الآخر اللهم إلا رابط الجوار أو أن المدعى عليه واحد وهذا كله لا يكفي أن يكون سنداً لاجتماع عدد من الأشخاص بدعوى واحدة إلا أن يكونوا شركاء في ذات الحق اشتراكاً مشاعاً لا ينفرد به أي منهم أو تكون الدعوى حسبة لا دعوى حق خاص فقد قررت القواعد أن الدعوى جاءت لتحمي حق واحد فقط وذلك ما عبر عنه بمصطلح ((أن لكل حق دعوى)) وما أكدته أنظمة التقاضي بهذا الشأن فقد نصت المادة التاسعة والثلاثون من نظام المرافعات الشرعية على أن صحيفة الدعوى يجب أن تشتمل على(( موضوع )) بصيغة المفرد لا ((مواضيع))بصيغة الجمع كما جاء التأكد على ذلك باللائحة التنفيذية للنظام بالفقرة(39/3) إذ نصت على أنه(( لا يجمع في صحيفة الدعوى بين عدة طلبات لارابط بينها)) فإذا كان من غير الجائز اشتمال الصحيفة على عدة طلبات لمدعي واحد فمن الأولى عدم جوازها حين تعدد المدعون والكل منهم يزعم حقاً خاصاً لا يشمله حق الآخر , فكان من الواجب تعدد الدعاوى بتعدد الحقوق حتى يتحقق تحرير الدعوى الواجب شرعاً ونظاماً فإن تعدد الحقوق في الدعوى يورث جهالتها حتى وإن كان المدعى عليه واحد.
2- جاءت صحيفة الدعوى وما تبعها من مذكرات من قبل المدعين مركزة على أن المدعي قد تسبب في الحريق الذي نشب في مستودعه وأن الحريق امتد إلى مستودعاتهم ولم يأتي أي تبيان لطريقة انتقال الحريق أكانت مباشرة من مستودع المدعى عليه إلى مستودعاتهم أم أنها انتقلت من مستودع إلى آخر ولربما وجدت عوامل ساعدت في إذكاء الحريق لم تذكر في صحيفة الدعوى خصوصاً إذا علمنا أن من المدعين الأقرب إلى مستودع المدعى عليه ومنهم الأبعد عنه فكيف يصح أن يكون تحرير الدعوى واحداً وكما لا يخفى على علم فضيلتكم أن الرد على الدعوى والحكم أيضا يكون بناءً على تحريرها فإن كان التحرير صحيحاً وافياً مفصحاً عن حقيقة الأمر جاء الرد والحكم كذلك وإن جاء مبهماً فيه خلط وتداخل بين الحقوق وأخذ برؤوس المسائل كان ما بعدها تبعاً لها (( فالحكم على الشيء فرع عن تصوره)) ولربما أعطي شخص بدعوى غيره أو ضاع حق صائب لاختلاط دعواه بأخرى باطلة .
لذا فإننا نتمسك بطلب رد الدعوى لبطلانها من الناحية الشكلية الإجرائية .
في حال أصر فضيلتكم على الاستمرار في سماع الدعوى فإننا ندخل في الموضوع مع تمسكنا بطلبنا السابق:-
من حيث التكييف الفقهي:-
خلص المدعون في دعواهم إلى طلب تضمين المدعى عليه باعتباره ((المتلف تسبباً)) وإن كنا لا نختلف في أن المتسبب في التلف يضمن بشروط أوردها أهل العلم إلا أننا نختلف مع المدعين في تكييف القضية وإسباغ صفة التسبب في الإتلاف على المدعى عليه إذ أن التكييف هو أهم مفاتيح الدخول في الدعوى وإن الأخذ برؤوس المسائل دون الخوض في تفاصيلها والأخذ ببعض الشرع دون بعضه من شأنه تعطيله وإخراج العدل عن نصابه كمن اكتفى بقراءة نصف الآية الكريمة { ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } وجعلها دليلاً على النهي عن الصلاة والعياذ بالله وهو وللأسف ألنهج الذي وجد بأغلب ما ورد بمذكرات المدعين من أقوال أهل العلم ولنا على ما نقول الحجج إن شاء الله تعالى فنقول وبالله المستعان:
أن المدعى عليه تعاقد بصفة نظامية مع أجير مشترك له أجير خاص على إنجاز عمل مشروع نتج عنه عمل مضر أدى إلى التلف في مال المدعى عليه أولاً ومن ثم أموال المدعين. وبالتالي فإن في القضية عدة أطراف لكل مهم صفة أحكام شرعية وأن اقتصار الدعوى على موكلي لاعتقاد المدعون أنه أملأ من غيره لا يعني حتماً أنه المسئول دون غيره حتى على فرض خطأه إن وجد.
(ورشة(......) للحدادة) : أجير مشترك فكما عرفه أهل العلم بأنه هو الذي يعمل لأكثر من واحد فيشتركون في نفعه كالصباغ والخياط والحداد ونحوه.
(فني الحدادة): أجير خاص لدى الأجير المشترك ونائب عنه في التعاقد والعمل.
(المدعى عليه): مستأجرٌ لأجير مشترك وآمر له بعمل إصلاحات في ملكه الخاص ولم يباشر بنفسه فعلاً .
(المباشر والمتسبب): قام العامل بمباشرة عمل الإصلاح بواسطة اللحام في ماسورة خارجية بمستودع المدعى عليه فتسببت تلك المباشرة في نشوب الحريق. فكان العامل هو المباشر والمتسبب في نفس الوقت لا المدعى عليه فإن فعله الذي تم بيده أفضى إلى حدوث التلف دون أن يتخلل بينهما عمل مختار .فقد ذكر أهل العلم أن ((الإتلاف تسبباً هو فعل ما يفضي عادة إلى الإتلاف دون أن يتخلل بينهما ما يمكن إحالة الحكم عليه ويعبر عن الفاعل بالمتسبب)) (المادة/ 1377 مجلة الأحكام الشرعية).ومثال ذلك لو شق شخصٌ زقاً مملوءاً زيتاً أو قطع حبلاً معلق به قنديل فتلف الزيت الذي فيه فيترتب الضمان عليه وان لم يخرج عن كونه متسبباً فقط لأن فعل الشق وفعل القطع سببان نشأ عنهما التلف مباشرة. وهذه هي الحالة التي أجمع الفقهاء على تضمين المتسبب فيها.
حول تقرير الدفاع المدني ولجنة التقدير:-
أولاً: جاء في التحقيقات مع العامل/(.................)وهو المنفذ للعمل ص5.4.3 مايلي:
1- انه يعمل لدى ورشة (........) للحدادة منذ عام 1408هـ وعلى كفالتها ويعمل في مجال الحدادة منذ سبعة عشر عام أي أنه يعمل لدى جهة مرخصة وله شخصياً ولجهة عمله دربة ودراية في مجال الحدادة وأن واجبهما في العناية واجب الرجل الخبير.
2- ذكر العامل أن العمل المتفق عليه قد أنجز بالكامل ماعدا ماسورة خارجية ( أي خارج المستودع ) لم يكن أنجزها مع بقية العمل وأن المدة المتفق عليها لإنجاز العمل هي مدة عشرون يوماً من تاريخ 08/01/1425هـ أي ينتهي في تاريخ 28/018/1425هـ بينما كان العمل الذي نتج عنه الحريق بتاريخ 30/01/1425هـ أي بعد مدة العقد بيومين .
3- جاء بالبند (5) أنه قام جاهداً بمحاولة إخماد النار باستخدام طفاية حريق بودرة أي أن وسائل السلامة كانت متوفرة بطبيعتها في المستودع .
4- قرر العامل في البند(8) أنه كان في الفترة السابقة من عمله يتواجد عمال يوفرهم المدعى عليه يتواجدون داخل المستودع لمراقبة عملية اللحام والتأكد من تطاير الشرر أي أنه في مدة التنفيذ المعتادة والتي يعلم عنها المدعى عليه كان قد وفر مسئولين عن السلامة لمراقبة العمل وأن يوم حدوث الحريق لم يعلم عنه المدعى عليه.
5- قرر العامل في البند(9) اعترافه بإهماله أثناء استخدام اللحام في الموقع دون تعمد الحريق. وهذا إقرار حري بنا عدم جعله وراء ظهورنا دون الأخذ به.
ثانياً: في التحقيق مع المدعى عليه ص 6.5
تبين من نتائج التحقيق أن المدعى عليه كان دائم الحضور والمتابعة أثناء فترة العمل كما جاء في البند(5) أي أنه شديد الحرص على دقة تنفيذ العمل وكما جاء بالبند (8) فإنه حين حدوث الحريق لم يكن على علم بالعمل السبب له بل كان يعتقد بأنه أنجز تماماً وأن العامل كان يعمل دون علمه ودرايته.
ثالثاً : في نتائج التحقيق مع المدعين تبين مايلي:
1- (....................)ص7:
ذكر في التحقيق أن مستودعه يحتوي على جميع وسائل السلامة من شبكات رطبة وطفايات حريق وغير ونتساءل عن الدور المفقود لهذه الوسائل حين نشوب الحريق وامتداده من مستودع إلى آخر.
2- (....................)ص8 :
تبين من التحقيق أن مستودعه ينقسم إلى جزأين الأول عبارة عن معمل لتعبئة وتغليف التمور والعسل ويحتوي على مجموعة من المكائن والمعدات والتجهيزات الخاصة بذلك و الآخر مخصص للتخزين أي أنه كان يستخدم مستودعه لا للتخزين فقط بل للصناعة والتخزين ومع ذلك لم يرد بالتحقيق أي ذكر لوسائل السلامة في مقره .
3- (....................)ص9.8:
يقع مستودع المذكور بين مستودع(.......) للحلويات ومستودع(.....) للتمور والعسل وكليهما يستخدمان كمصانع ومع ذلك لم يرد بنتائج التحقيق أي ذكر لوسائل السلامة والاحتياطات الأمنية التي كان يتخذها.
3- (....................)ص9:
تبين من التحقيق أن مستودع المذكور يحتوي على ثلاثة أجزاء تستخدم كـ(معمل – مطبخ - مستودع)ومحتوياتها مواد خام للتصنيع وأجهزة وأفران وخلاطات كهربائية لصنع الحلويات,ومع ذلك فقد خلا التحقيق أيضا من أي ذكر لوسائل السلامة لمثل هذه المنشأة.
كما شهد بأنه شاهد المدعى عليه وعدد من تابعيه يراقبون العمل السابق.
ثالثاً: في التحقيق مع صاحبة الورشة المواطنة / (....................)ص10 :
قررت المذكورة بأن العامل يعمل في الحدادة تحت كفالتها وأنه لازال إلى حين التعاقد مع المدعى عليه وأما عدم علمه بالعمل فذلك لا يؤثر فيما للغير حسن النية إذ أن العامل تعاقد على مطبوعاتها الرسمية وبختم مؤسستها .
رابعاً : في التحقيق مع المدعو/ (....................)ص10:
المذكور كان المسئول عن العمال المكلفين من قبل كفيله المدعى عليه بمراقبة العمل وقد شهد أنه في يوم الحادث حضر إلى المستودع ورأى العامل يعمل خارج المستودعات في عمل آخر غير الذي نشب منه الحريق ولم يخبره العامل بنيته لإجراء عملية اللحام بالمستودع .
خامساً : في استنتاجات الدفاع المدني حول أسباب الحريق ونتائج التحقيق:
1- أن الحادث كان عرضياً أي أن العامل لم يباشر عملية الإحراق بل باشر عملية اللحام التي تسببت في نشوب الحريق وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه في تكييف العامل على أنه فاعل السبب المفضي إلى المباشرة وليس المدعى عليه.
2- جاء في البند(3) أن السنة اللهب امتدت إلى المستودعات المجاورة وساعد على انتشاره محتوياتها القابلة للاشتعال.
وأقول وعدم توفر وسائل السلامة الواجب توافرها في مثل تلك المستودعات والمصانع .
3- ثبوت إهمال وخطأ العامل في عمله إضافة إلى أنه المتلف بالتسبب والمباشر للعمل دون غيره .
4- أن الجهات المختصة لم تطلق العامل إلا بعد أخذ الكفالة الغرمية من كفيلته بانتظار عرضه على الوجه الشرعي ولم تبرأ ساحته من المسئولية بل يدل ذلك على ترجيح كفة الخطأ بجانبه.
5- أن الجهات المختصة وإن قالت بإهمال المدعى عليه ورغم مطالبة المدعين له أثناء التحقيق إلا أنها لم تدينه ابتداءً ولم تتخذ بحقه ما يرجح جانب الخطأ بجانبه كأخذ الكفالة الغرمية أو الحضورية ونحوه بل اكتفى الرأي بعرض القضية على الحاكم الشرعي للنظر فيما يطلبه المدعين شرعاً .
سادساً: فيما يؤخذ على تقرير الدفاع المدني ومحضر تقدير الخسائر:
1-لم يفصل التقرير الطريقة التي انتقل بها الحريق والتسلسل المكاني ابتداءً بالأقرب حتى الأبعد وأي المتضررين أولاً ثم الذي يليه وهكذا رغم أن التقرير أثبت أن محتويات المستودعات كانت سريعة الاشتعال .
2- أن تقدير الخسائر والأضرار التي لحقت بالمستودعات أعتمد أساسا على الجرد المقدم من أصحابها وهو دليل مقدم من أصحاب المصلحة.
الدفوع الشرعية و الموضوعية:-
1- لما كان الضمان في الشريعة الإسلامية قائم على أركان ثلاثة هي (الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما)ولم يكن موكلي هو من تم العمل الضار على يديه بل على يدٍ هي المباشرة للعمل الذي كان سبباً للفعل الضار فقد انقطعت علاقة السببية بين موكلي وبين الضرر المدعى به وقد فرق الفقهاء بين من يعمل بيده ومن يستأجر أجيراً وكل الأقوال التي ضمنت المباشر والمتسبب كانت تتحدث عمن يعمل بنفسه لا بغيره ولو افترضنا جدلاً أن المدعى عليه قد فعل سبباً فإنه وجود سبب أقوى ومباشرة تحول بينه وبين الحكم فلو اجتمع سبب ومباشر قدم المباشر دون السبب وذلك ما قررته القواعد الفقهية كما أنه لو اجتمع سببين قدم الأخير منهما لأن علاقة السبب الأول بالفعل الضار انقطعت بفعل مختار . ذكرت المادة (925) من المجلة(( لو فعل أحد فعلاً يكون سبباً لتلف شيء فحل في ذلك الشيء فعلٌ اختياري يعني أن شخصاً آخر أتلف ذلك الشيء يكون ذلك المباشر الذي هو صاحب الفعل الاختياري ضامن)) .
2- ولما كانت الجهة منفذة للعمل هي جهة نظامية ذات دراية ودربة بعملها ولها نظام رخصت بموجبه يحكمها فهي الأعلم بتعليماته ومنها احتياطات السلامة الواجب إتباعها أثناء العمل .
3- ولما كان الإذن المعطى لها كان شاملاً العمل المباح لا سواه وقد كان مصحوباً بشرط السلامة كما نص العقد (على أن يكون العمل جيداً وخالٍ من الملاحظات) بل أجتهد من تلقاء نفسه فراقب وكلف مسئولين من عنده بالمتابعة طيلة فترة العمل ولم يحدث الحريق إلا خارج المدة المتفق عليها وبدون علمه, وقد قال صاحب (فتح القدير) في كتاب الإجارات باب الضمان: (( ولنا أن الداخل تحت الإذن ماهو الداخل تحت العقد وهو العمل المصلح لإنه هو الوسيلة إلى الأثر وهو المعقود عليه حقيقة حتى لو حصل بفعل الغير يجب الأجر فلم يكن المفسد مأذوناً فيه بخلاف المعين لأنه متبرع فلا يمكن تقييده بالمصلح لإنه يمتنع عن التبرع وفيما نحن فيه يعمل بالأجر فأمكن تقييده)) أ.هـ .
4- ولما كانت الورشة منفذة العمل عبارة عن (الأجير المشترك) والعامل أجير خاص لديها فإنها تضمن عملها وما وقع على يد أجيرها الخاص من خطأ وقد ثبت خطأه باعترافه وكما ذكر الفقهاء فإن الأجير المشترك ضامن وإن لم يتعدى فقد ذهب عمر وعلي رضي الله عنهما وشريح القاضي وأبو يوسف ومحمد والمالكية إلى أن يد الأجير المشترك يد ضمان وأنه يضمن الشيء التالف ولو بغير تعدٍ أو تقصير منه صيانة لأموال الناس وحفاظاً على مصالحهم . روى البيهقي عن علي كرم الله وجهه أنه كان يضمن الصباغ والصانع وقال (( لا يصلح الناس إلا ذاك)).
*وقد جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام المادة ما نصه(((المادة611) الأجير المشترك يضمن الضرر والخسائر التي تولدت عن فعله ووصفه إن كان بتعديه وتقصيره أو لم يكن. يضمن الأجير المشترك الخسائر المتولدة من فعله إن لم يكن تجاوز المعتاد يعني أن الأجير المشترك ضامن الخسائر المتولدة من فعله سواءً كان متعدياً أو لم يكن وسواءً تجاوز المعتاد أو لم يتجاوز لأن ما يدخل تحت عقد الإجارة هو العمل السليم. وأما العمل الفاسد فلا يدخل تحت الإجارة . وبناءً عليه يكون الأجير المشترك بهذه الصورة قد فعل شيئاً غير داخلاً تحت الإجارة وغير مأذوناً بعمله بحكم الإجارة)).
5- ولما كان المستأجر لا يعد فاعلاً ولا يضمن حتى ولو تعدى وأمر بالفعل الضار نفسه لأنه يعد آمراً لا فاعل وقد قررت القاعدة الشرعية أنه ((يضاف الفعل إلى الفاعل لا الآمر مالم يكن مجبِراً)) وكذا قالت به المجلة في مادتها (89) وأقوال أهل العلم بذلك كثيرة ومن ذلك ما جاء في فتح القدير( (( ولو استأجر رب الدار الفَعَلة لإخراج الجناح فوقع فقتل إنساناً قبل أن يفرغوا من العمل فالضمان عليهم )) لأن التلف بفعلهم وما لم يفرغوا لم يكن العمل مسلم إلى رب الدار وهذا لأنه أنقلب فعلهم قتلاً حتى وجبت عليهم الكفارة والقتل غير داخل في عقده فلم يتسلم فعلهم إليه فاقتصر عليهم) أ.هـ
*جاء في درر الحكام في شرح مجلة الأحكام , الباب الثاني في بيان الإتلاف)) لو استأجر أحد البنّاء لهدم حائط له واقع على الطريف وبينما كان يهدم الحائط سقط حجر على أحد المارة فأضر به لزم البنّاء الضمان ولا يلزم المستأجر ضمان)) .
6-ولما كان الآمر لا يضمن بأمره إلا في حالات ليس من بينها ما ينطبق على حال موكلي إذ لم يكن له سلطان على المأمور ولم يوجد في إرادة المأمور أي عيب من عيوب الإرادة المعتبرة شرعاً من إكراه أو تغرير و نحوه بل كان راشداً حراً خبيراً في مهنته جاء في رد المحتار على الدر المختار (( واعلم أن الآمر لا ضمان عليه بالأمر إلا في ستةٍ: إذا كان الآمر سلطاناً أو أباً أو سيداً أو المأمور صبياً أو عبداً أمره بإتلاف مال غير سيده وإذا أمره بحفر باب في حائط الغير غرم الحافر ورجع على الآمر أشباه))أ.هـ.
وكما أن الأمثلة على ذلك كثر لا يسع المجال لذكرها فإن هنالك نقطة جوهرية ذكرها أهل العلم السابقون والمعاصرون وهي أنه حتى لو أحيل الضمان على الآمر فإنه لا يحال عليه ابتداءً بل بالرجوع عليه من المأمور في الحالات المعتبرة شرعاً. وفي ذلك جاء في درر الحكام , الباب الثاني: في بيان الإتلاف: (( لو قال أحد للبنّاء افتح لي في هذا الحائط باباً مشيراً إلى حائط غيره فهدم البنّاء الحائط وفتح الباب ضمّن صاحب الحائط البنّاء وليس له حق الرجوع ببدل الضمان على الآمر إلا إذا كان ساكناً في الدار المحاطة بذلك الحائط واستأجر البنّاء بأجرة فللبنّاء الرجوع على الآمر بمقتضى المادة (658)))أ.هـ وأقول يرجع عليه بالغرر.
وأما من أقوال المعاصرين ما جاء في كتاب المدخل الفقهي العام للعلامة الشيخ مصطفى الزرقاء رحمه الله حيث قال)) وفي كل موطن يضاف الفعل إلى الآمر فإن الخصومة القضائية في الضمان تكون مع المأمور)) أ.هـ
6- إنه لما كان الثابت من نتائج التحقيق أن بعض المدعين كان يستخدم مقره كمصنع ومطبخ ومعامل تغليف إضافة إلى كونها مستودعات وأن لتلك المنشئات ضوابط صارمة للسلامة وتعليمات اعتبرت مخالفتها من قبيل الخطأ الجسيم إضافة إلى أن موكلي حين ابرم معهم عقود الإيجار قد اشترط عليهم بنص العقد (عدم تخزين المواد المشتعلة وأن يلتزموا بمتطلبات الدفاع المدني وأمانة العاصمة والاستعداد لأي طارئ ) وأنه ثبت من خلال الحادثة أن جميعهم مخالف لأنظمة السلامة التي استشهدوا بها في دعواهم والصادرة بالمرسوم الملكي رقم م/10 وتاريخ 10/05/1406هـ ولم يكونوا مهيأين لمواجهة أي طارئ و ثبت عدم وجود خطة طوارئ ولا مسئولي سلامة مكلفين وإلا لما انتقل الحريق إلى مستودعاتهم ومنها ولاستطاعوا تلافي الحريق في حينه خصوصاً أنه استغرق وقتاً كافياً للاستعداد له قبل وصوله فكان ذلك من قبيل التفريط الذي يسألون عنه وكان(المفرط أولى بالخسارة) بناء على القاعدة الشرعية.( فضلاً أنظر اللوائح واشتراطات السلامة الواجب توافرها في محال الأنشطة الفنية والتجارية,وكذلك الواجب توافرها في المخابز , وكذلك مستودعات التخزين إضافة إلى ما يتطلب من وسائل السلامة في المعامل والمصانع وهم مطالبون بها جميعها ).
7- ولما كان الحريق لم يمتد من مستودع موكلي مباشرة إلى أي من مستودعات المدعين بل امتد إلى الأقرب له وهو مستودع (.........)-وهو خارج الدعوى- ومنه إلى ما بعده وهكذا وأن تقرير الدفاع المدني أكد على أن ما كان بتلك المستودعات من مواد سريعة الاشتعال هي السبب وراء انتشار الحريق من مستودع إلى آخر فإن دعوى المدعين بمواجهة موكلي باطلة إذ أن كل منهم لولا تقصير من قبله في الأخذ باحتياطات السلامة لما وصل الحريق إليه بغض النظر عن مصدر الحريق وفي ذلك نورد ما جاء في شرح المجلة المادة (928) في حال أنهدم حائط فوقع على شخص فقتله فعثر بالقتيل شخص آخر فتلف قال:(( لاتضمن دية الرجل الأخير لأن رفع النقض وإن كان على صاحب الحائط فلا يعود عليه رفع القتيل بل يعود على أوليائه ( الخانية) ))أ.هـ. فاعتبر تفريط أولياء القتيل الأول في رفعه تفريطاً يحملهم ضمان ما بعده.
*كذلك جاء بنفس الشرح (( الإتلاف بالواسطة : مثال لو أنهدم ذلك الحائط على حائط جاره الصحيح السالم وهدم ذلك الحائط السالم وأتلف الحائط المذكور مال أحد يضمن صاحب الأول)) أ.هـ فاشترط المؤلف رحمه الله تعالى صراحة لتضمين صاحب الحائط الأول الصحة والسلامة في الحائط الثاني أي عدم تفريط صاحبه وأقول: أن تفريط المدعين في الأخذ باحتياطات السلامة المفروضة عليهم ومخالفة تعليمات ولاة الأمر تفريطاً يحمل كل منهم ضمان من يليه وأستشهد على ذلك في عصرنا الحاضر بنظام المرور وهو شرعي أقره ولي الأمر (إذ أنه في حال حدوث تصادم بين أكثر من مركبة في صف واحد فإنه يتحمل صاحب كل واحدة منها ما حدث بمقدمة مركبته ومؤخرة المركبة التي أمامه وذلك لكونه قصر في كبح مركبته واحتياطات السلامة المرورية) .
صاحب الفضيلة ,,,, لكل ما سبق فإنني أطلب رد الدعوى وإبراء موكلي المدعى عليه منها إذ أنها بالإضافة إلى بطلانها من الناحية الشكلية فإنها لا تقوم على أسباب شرعية وموضوعية صحيحة.
وفقكم الله لإحقاق الحق وسدد على سبله خطاكم ،،،،
|
|
المحامي
محمد بن عجير المالكي
|