تداخل الولاية القضائية مع
الاختصاص القضائي في المملكة :-
يذكر بعض شراح قوانين المرافعات أن المحاكم الشرعية في المملكة هي الجهة القضائية صاحبة الولاية العامة والملاحظ أن قضاة المحاكم الشرعية يرفضون الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي إذا أبدي أمامهموذلك في بعض المنازعات وخصوصاً التجارية منها ، وكذلك محكمة التمييز لا تحكم بنقض الحكم بسبب مثل هذا الدفع .
وفي واقع الأمر نرى أن هناك خلطاً بين فكرة الولاية القضائية وبين فكرة الاختصاص القضائي ، ففكرة الولاية القضائية تقوم على اختصاص الجهات القضائية دون غيرها بالفصل في المنازعات ، فمثلاً لا يمكن أن يلجأ أطراف النزاع لشخص ما أو إلى إمام مسجد أو رجل دين أو حتى رجل الشارع للفصل في نزاعهم ( خارج إطار نظام التحكيم ) ، ويعتد بحكمه بالرغم من اتفاق الأطراف ورضائهم على قبول حكم هذا الشخص ، فإذا حصل وأصدر الحكم فإن حكمه لن يكون له أي أثر لأنه ليس صادر من جهة ذات ولاية قضائية ، ومن الصعب أن نقول أنه صادر من جهة غير مختصة.
إذن يمكن القول إجمالاً أن جميع الجهات القضائية في المملكة لها ولاية القضاء ، وليس للمحكمة الشرعية بمفردها .
أما فكرة الاختصاص القضائي فتقوم على أساس توزيع العمل القضائي بين جهات القضاء ، بمعنى أن مسألة الاختصاص تلي مسألة الولاية ، وتقوم على فكرة مباشرة الوظيفة القضائية ، إذن يمكن القول إجمالاً أن فكرة الاختصاص قيد على الولاية لأنها تهدف إلى توزيع الولاية القضائية على جهات القضاء .
وعليه فيظهر لنا أنه طالما تعددت الجهات القضائية فليس هناك ولاية عامة وولاية خاصة ، فلكل جهة قضائية نطاق اختصاص بمباشرة الوظيفة القضائية ، ولا تستطيع أي جهة أن تعتدي على اختصاص جهة قضائية أخرى ، وأن المعيار هو الاختصاص لا الولاية لأننا نسلم أن أي جهة قضائية لها ولاية القضاء عامة ، ولها اختصاص يحدد لها جزء من هذه الولاية ، إذن يكون المحك في النهاية هو الاختصاص وليس الولاية .
أما القول بأن النظام لم يحدد للمحكمة الشرعية المنازعات التي تدخل في اختصاصها ومن ثم يكون لها ولاية عامة ، فهذا قول لا يتفق مع المنطق السليم ، لأنه إذا حدد النظام اختصاص الجهات القضائية الأخرى ( غير المحكمة الشرعية ) بنظر منازعات معينة ، معناه تحديد اختصاص المحكمة الشرعية بالمنازعات الأخرى غير التي تم تحديدها أي الخارجة عن ذلك التحديد ، وذلك لأن الولاية القضائية للجهات القضائية كلها ، وهذا مفهوم باللفظ لأن تحديد اختصاص نظر منازعات معينة لجهات قضائية معينة معناه أن بقية المنازعات تدخل في اختصاص المحكمة الشرعية لا هيمنة المحكمة الشرعية على الولاية القضائية ككل ، فمثلاً جاء بسورة النساء الآية 11 ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمة الثلث ) فالنص لم يعين نصيب الأب ، ولكن المعلوم أن للأب الثلثين لأنه الباقي ، وعليه فيكون للمحكمة الشرعية نظر المنازعات التي تخرج عن اختصاص الجهات القضائية الأخرى ، وليس لها أي ولاية عامة في ذلك .
وفق الله الجميع ،،،،
أشرف خليل رويه