مقدمة
لا يجادل احد في انه يحق للمشرع الوطني في كل دولة ان يضع القواعد القانونية على الوجه الذي تمليه عليه مصالح دولته, وأساس تمتع المشرع لهدا الحق يرجع الى ما تملكه كل دولة من سيادة على إقليمها , هده السيادة تجعل كل ما يوجد فوق هدا الإقليم خاضعا لها وسواء تعلق الأمر بأشياء او بأشخاص وطنيين كانوا او أجانب .
لكن تزايد العلاقات الاقتصادية, الثقافية والسياسية بين الدول بل وتشعبها أدى الى تنامي ظاهرة الهجرة وتزايد المبادلات التجارية,وتشابك المصالح الاجتماعية ,ومن ثم تزايد العلاقات والروابط القانونية ذات العنصر الأجنبي . وهو الأمر الذي أدى بهذه الدول الى ضرورة التفكير في عقد المعاهدات الدولية سواء منها الثنائية او الجماعية و ذلك بفرض تنظيم حقوق رعاياها إذا حلوا كأجانب فوق تراب الدول المتعاقدة من جهة , او بهدف إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الناجمة عن تنازع القوانين و الاختصاص القضائي من جهة أخرى (1)
ومن هذا المنطلق قامت المملكة المغربية بعقد مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف الى تعزيز التعاون القضائي بينها وبين مجموعة من الدول وفي هذا الإطار تأتي الاتفاقية المغربية البحرينية المتعلقة بالتعاون القانوني والقضائي في المواد المدنية والتجارية و الأحوال الشخصية الموقعة في 29 نونبر 1997 والمصادق عليها بظهير شريف 22 يونيو 2001.(2)
(1) - صالح عبد الزهرة : " حقوق الأجانب في القانون العراقي" – دار الأفاق الجديدة – لطبعة الأولى 1981-ص: 72
(2) الجريدة الرسمية رقم 4956 الصادرة يوم الخميس 29 نونبر 2001.
المبحث الأول : حق التقاضي والإعلان و تبليغ الوثائق و الأوراق
القضائية .
قسمنا هذا المبحث إلى مطلبين في الأول تناولنا فيه حق التقاضي حسب الاتفاقية , و في الثاني الإعلان و تبليغ الأحكام و الأوراق القضائية
المطلب الأول : الحق في اللجوء إلى القضاء وضمانته :
نبحث من خلال هذا المطلب حق رعايا كل من الدولتين المغربية والبحرينية داخل حدود الدولة الأخرى في اللجوء إلى القضاء من اجل الدفاع عن حقوقهم,مصالحهم وحمايتها ( الفقرة الأولى) هذا مع إمكانية استفادتهم من نظام المساعدة القضائية في حالة عدم توفرهم على الموارد الكافية
لفقرة الأولى : اللجوء إلى المحاكم
من الثابت انه يحق للأجنبي اللجوء إلى المحاكم الوطنية للدولة التي يقيم ويكتسب حقوقا فوق ترابها, وهذا الحق مستمد مباشرة من القانون الدولي العام , وذلك على اعتبار أن الأمر يدخل في نطاق الاعتراف للأجانب بالحد الأدنى من الحقوق ( 1) إذ انه من غير المنطقي أن يكتسب الاجنبى حقوق فوق تراب دولة معينة, دون أن يكون له الحق في اللجوء إلى قضائها الوطني للدفاع عن هذه الحقوق وحمايتها , ومع ذلك فانه يبقى من حق كل دولة أن تجعل حق الأجانب في اللجوء إلى قضائها مقيدا بمجموعة من الشروط التي لا يتم فرضها في كل الأحوال على رعاياها ,كما هوا لحال بالنسبة لوجوب توفر الأجنبي على الكفالة القضائية(2 ),وعدم استفادته من نظام المساعدة القضائية... فإلى أي حد أخذت الاتفاقية المغربية البحرينية بهذا الحق؟
بالرجوع إلى المادة الثالثة من الاتفاقية موضوع الدراسة نجدها تعطي الحق لرعايا كل من الدولتين داخل حدود الدولة في اللجوء إلى المحاكم للدفاع عن حقوقهم وحماية مصالحهم دون أي تمييز بينهم وبين رعاياها لا في الشروط , ولا في الحماية القضائية, وخلافا للمبدأ الذي يقضي بضرورة تقديم الأجنبي لكفالة قضائية في حالة لجوئه إلى القضاء الوطني ,فانه وحسب الاتفاقية قد تم إلغاء هذا الشرط بصفة نهائية . وعليه فانه لا يمكن في أي حال من الأحوال التي يقوم فيها احد رعايا الدولتين باللجوء إلى محاكم الدولة المقابلة أن يلزم بضرورة تقديم هذه الكفالة, أجنبي او لكونه لا يتوفر على موطن أو محل إقامة معتاد له داخل حدود هذه الدولة .
وتجدر الإشارة إلى أن نفس الأحكام تطبق على الأشخاص الاعتبارية المرخص لها وفقا
1 – هشام خالد , القانون القضائي الخاص الدولي , دار الفكر الجامعي (الإسكندرية) طبعة 2001 ص 40
2- الكفالة القضائية " ضرورة تقديم الأجنبي لضمانة مالية تمكن من الحصول على المصروفات القضائية و التعويضات التي عسى ان يحكم بها عليه في حالة رفض دعواه."
لقانون كل من الدولتين, و التي يوجد بها مقرها الرئيسي.
الفقرة الثانية : المساعدة القضائية
خلافا للقواعد العامة التي تقضي بان الحق في المساعدة القضائية يبقى حكرا على مواطني الدولة, دون غيرهم من الأجانب, فان المادة الخامسة من الاتفاقية المغربية البحرينية نصت على انه " لرعايا كل من الدولتين الحق في التمتع بالمساعدة القضائية بنفس الشروط المقررة لرعايا الدولة الأخرى".
ويستفاد من قراءة المادة أعلاه انه يحق لجميع المغاربة الذين يرغبون في اللجوء الى المحاكم البحرينية للمطالبة بحقوقهم أو الدفاع عن مصالحهم التمتع بالمساعدة القضائية بنفس الشروط المطلوبة بالنسبة لموطني دولة البحرين ,على أن نفس الحق يبقى مقررا بالنسبة لرعايا دولة البحرين في حالة لجوئهم إلى المحاكم المغربية.
و للاستفادة من الحق في المساعدة القضائية , اشترط المشرع في المادة السابعة من الاتفاقية على الراغب في التمتع بهذا ضرورة تقديم طلب بذلك إلى قضائها ,هذا ويجب أن يكون الطلب المذكور مرفقا بوثيقة تؤكد عدم توفر الطالب على الموارد المالية الكافية التي تمكنه من اللجوء إلى القضاء , وتسلم الوثيقة المذكورة لطالبها من طرف السلطات المختصة بمنحها في بلدها ومن طرف الممثلين الدبلوماسيين أو القنصليين لدولته إذا كان مقيما خارج بلده.
أما فيما يخص تقديم طلبات المساعدة القضائية إلى السلطة المختصة بالبث فيها فانه يمكن أن يتم بثلاث طرق مختلفة وذلك بحسب ما إذا كان طالب المساعدة المذكورة مقيما فوق تراب الدولة المطلوب منها أو خارجها:
1- يتم تقديم طلب المساعدة القضائية مباشرة إلى السلطة المختصة في الدولة المطلوب منها إذا كان الطالب مقيما فوق تراب هذه الدولة.
2- يتم تقديم طلبات المساعدة القضائية بواسطة السلطات المركزية إذا كان الطالب مقيما فوق تراب الدولة التي يحمل جنسيتها
3- تقدم طلبات المساعدة القضائية بواسطة الممثلين الدبلوماسيين أو القنصليين إذا كان الطالب يقيم فوق تراب دولة ثالثة.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى إن المشرع ألزم السلطة المختصة بالبث في طلبات المساعدة القضائية بعدم تقاضي أية رسوم عن إرسال هذه الطلبات أو تلقيها أو البث فيها ,كما ألزمها بالتحقيق قي هذه الطلبات على سبيل الاستعجال.
المطلب الثاني : إعلان و تبليغ الوثائق والأوراق القضائية
نبحث في هذا المطلب : المسطرة الواجب إتباعها من طرف كل دولة للقيام بإعلان وتبليغ الأوراق القضائية داخل حدود الدولة الأخرى (الفقرة الأولى) ثم الضمانات التي قررتها الاتفاقية لتفعيل هذه المسطرة (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : مسطرة الإعلان والتبليغ
من الممكن جدا أن نتصور وجود أوراق ووثائق قضائية "في المادة المدنية , التجارية او الأحوال الشخصية" صادرة عن هيئة أو محكمة مغربية , ويتطلب الأمر إعلانها او تبليغها إلى المعنيين بها داخل دولة البحرين, أو أن تكون صادرة عن هيئة او محكمة بحرينية لكن الإعلان او التبليغ يجب أن يتم فوق التراب المغربي
ولتفادي أي إشكال قد يثور بين البلدين بشان هذا الموضوع نصت المادة العاشرة من الاتفاقية على حق كل من الدولتين في القيام بتبليغ وثائقها و أوراقها القضائية الى من يعنيهم أمرها داخل الحدود الترابية للدولة المقابلة شريطة ان يتم هذا الإعلان او التبليغ وفق مسطرة خاصة نوجزها كالآتي :
1 – وجوب إرسال طلب الإعلان او التبليغ الى المحكمة التي يوجد بدائرتها محل إقامة المرسل إليه, وذلك إما مباشرة من الهيئة او المحكمة المختصة في الدولة الطالبة او عن طريق وزارتي العدل في كلتا الدولتين.على انه ليس هناك ما يمنع البلدين من إعلان هذه الأوراق لرعاياهما عن طريق الممثلين الدبلوماسيين او القنصليين
2 – في حالة تلقي المحكمة التي يوجد بدائرتها محل إقامة المرسل إليه لطلب الإعلان او التبليغ , يقوم كتاب الضبط والأعوان القضائيون في المملكة المغربية وقلم الكتاب في دولة البحرين بممارسة إجراءات الإعلان او التبليغ وفقا للشروط المنصوص عليها في قانونهم الوطني.
هذا وقد نصت المادة 14 على مجموعة من البيانات الواجب توفرها في الوثائق و الأوراق القضائية المراد إعلانها او تبليغها , و ذلك بحت طائلة البطلان ,إذا ما اختلت إحدى البيانات الوارد ذكرها.
أ- الاسم الكامل لكل من المطلوب إعلانهم او تبليغهم ومهنة كل منهم وعنوانه و جنسيته ومحل إقامته.
ب- الجهة التي صدرت عنها الوثيقة والأوراق القضائية
ت- نوع الوثيقة او الأوراق القضائية.
ث- موضوع الطلب و سببه.
الفقرة الثانية : ضمانات تفعيل مسطرة الإعلان والتبليغ
لقد نصت الاتفاقية على مجموعة من المقتضيات التي يمكن اعتبارها كضمانات تهدف بالأساس الى تفعيل مسطرة الإعلان والتبليغ, و ذلك حتى تتمكن كلتا الدولتان ممن ممارسة هذا الحق بالشكل الذي لا يعرقل مسيرة الإجراءات القضائية لمحاكمها.
ومن هذه المقتضيات ما قررته المادة 15 التي أكدت على انه لا يجوز للدولة المطلوب منها إجراء للإعلان او التبليغ داخل إقليمها ان ترفض إجراءه تحت أي مبرر,باستثناء الحالة التي يكون فيها تنفيذه فيه مساس بسيادة الدولة او بنظامها العام.
كما انه وفي حالة رفض التنفيذ فانه يبقى على الجهة الرافضة ان تقوم بإشعار الجهة الطالبة بهذا الرفض مع بيان الأسباب الدافعة إليه.
وإضافة الى ذلك فان السلطة المطلوب منها إجراء الإعلان او التبليغ عليها ان تقوم بتنفيذه دون ان يكون لها الحق في المطالبة باستيفاء أية رسوم او مصروفات مقابل هذا التنفيذ.
المبحث الثاني : الإنابة القضائية و الاعتراف بالأحكام القضائية و
تنفيذها .
تعتبر الإنابة القضائية و الاعتراف و تنفيذ الأحكام من أهم مظاهر التعاون القضائي بين الدول , لذلك فقد تولت الاتفاقية بالتنظيم مقتضيات هامة متعلقة بها. و سنتناولها في مطلبين في الأول الإنابة القضائية و في الثاني الاعتراف بالأحكام القضائية و تنفيذها.
المطلب الأول : الإنابة القضائية
تعرف الإنابة القضائية في القانون الدولي الخاص بكونها : " طلب يقدم من السلطة القضائية المنيبة إلى السلطة المنابة , قضائية كانت أو دبلوماسية .أساسه التبادل , باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق أو جمع الأدلة في الخارج , و كذا أي إجراء قضائي آخر يلزم اتخاذه في المسالة المثارة أو المحتمل إثارتها في المستقبل أمام القاضي المنيب ليس في مقدوره القيام به في نطاق دائرة اختصاصه.(1)
و لا يخفى على احد ما للإنابة القضائية من أهمية بالغة في نطاق العلاقات الدولية الخاصة باعتبارها حلا للعديد من المشاكل التي تعترض العمل القضائي على المستوى الدولي و التي تعيق سير العدالة , لذلك فقد عمل البلدين المملكة المغربية و مملكة البحرين على تنظيم مقتضيات الإنابة القضائية في القسم الثالث من هذه الاتفاقية حتى تيسر التعاون بينهما .
الفقرة الأولى : مسطرة الإنابة القضائية :
التزمت كل من الدولتين - المغرب و البحرين - بإمكانية لجوء كل منهما إلى السلطة القضائية في الدولة الأخرى لطلب مباشرة الإجراءات القضائية اللازمة لسير الدعوى عن طريق الإنابة القضائية وحددت نطاق التعاون عن طريق الإنابة في القضايا المدنية التجارية و الأحوال الشخصية .
لذلك إذا احتاجت كل من السلطتين القضائيتين في كلا البلدين إلى القيام بإجراءات قضائية لازمة لمتابعة الدعوى قائمة أمامها في قضية مدنية أو تجارية أو أحوال شخصية فان السلطة القضائية التي احتاجت إلى لهذه الإجراءات و تسمى بالسلطة الطالبة أو المنيبة ترسل طلب الإنابة القضائية عبر وزارة العدل في بلدها إلى السلطة القضائية في الدولة الأخرى المطلوب منها القيام بالإجراءات المطلوبة وتسمى بالسلطة المطلوب منها او السلطة المنابة .
و يجب أن يتضمن هذا الطلب مجموعة من البيانات حتى يكون واضحا و يكون تطبيقه سليما , و قد حددت هذه البيانات ف المادة (20) من الاتفاقية و هي على التوالي:
- أ - الجهة الصادرة عنها – أي السلطة القضائية المنيبة – و الجهة المطلوب منها التنفيذ- أي السلطة القضائية المنابة.
(1) د عكاشة محمد عبد العال : " الإنابة القضائية في نطاق العلاقات الدولية الخاصة " طبعة 1994 , دار المطبوعات الجامعية ص : 16
- ب - هوية الأطراف و عناوينهم و عند الاقتضاء عنوان وهوية ممثليهم .
- ج - موضوع الدعوى و بيان موجز لوقائعها –و ذلك ربما حتى تستطيع السلطة المطلوب معرفة ما إذا كان تنفيذ الإنابة يدخل في اختصاصها ام لا , و معرفة ما اذا كان الطلب يخرج عن نطاق الاتفاقية أم لا (المادة22).
- د - الأعمال و الاجراءت القضائية المراد انجازها , فضلا على ذلك أسماء و عناوين الأشخاص المطلوب سماع أقوالهم , و الأسئلة المطلوب طرحها عليهم أو الوقائع المراد اخذ أقوالهم بشأنها , والمستندات أو الأشياء الأخرى المطلوب دراستها أو فحصها وعند الاقتضاء الشكل الخاص المطلوب تطبيقه وفقا لنص المادة 21.
و الملاحظ مما سبق أن الاتفاقية لم تحدد ما يمكن أن يكون موضوعا للإنابة القضائية , وإنما نصت فقط على إمكانية اللجوء إلى الإنابة القضائية في مباشرة كل الاجراءت القضائية اللازمة لمتابعة الدعوى , ولم توضح ما المقصود بالإجراءات القضائية , مما يتطلب تحديد ما هو الإجراء القضائي الذي يمكن أن يكون محلا للإنابة القضائية متى كان لازما للفصل في الدعوى.
و في هذا يقول الأستاذ محمد عكاشة : " انه كل إجراء يتوافر فيه شرطان :
- الشرط الأول : أن يكون إجراءا قضائيا , و تسبغ عليه هذه الصفة متى صدر عن قاض بمناسبة قيامه بوظيفته القضائية , و على ذلك يجب أن يصدر عن القاضي وحده الذي تتوافر فيه الشروط و صلاحية إصداره , و كل إجراء تتوافر فيه هذه الأوصاف يصلح لان يكون محلا للإنابة القضائية , كما أن تحدديد الطبيعة القانونية للإجراء القضائي المرسل بمقتضى الإنابة هو مسالة تكييف المرجع فيها إلى قانون القاضي في الدولة المنيبة , وهذا منصوص عليه في الاتفاقية حيث أعطت للسلطة القضائية المنابة إمكانية رفض الإنابة إذا لم تكن تدخل في اختصاصها ( المادة 24).
- الشرط الثاني : هو أن يقدر القاضي المنيب أهمية القيام بهذا الإجراء القضائي و لزومه للفصل في القضية المعروضة عليه , و يتأتى للقاضي تقدير ذلك إما بناءا على طلب احد الخصوم أو من تلقاء نفسه بحسب ما يخوله له المشرع من دور ايجابي في توجيه الخصومة.
و مع ذلك يظل هذا التعريف عاما بدوره و لا يحدد بدقة هذه الإجراءات القضائية و ما ذلك إلا لان هذه الإجراءات كثيرة و متنوعة و لذلك فمن الصعوبة بما كان تحديدها بصورة دقيقة ومنضبطة ولكن على الأقل يمكن إعطاء أمثلة تقريبية :
ففي الاتفاقية أوردت كمثال على ذلك , استدعاء الأشخاص و سماع شهادتهم و أقوالهم وكذلك دراسة و فحص المستندات أو الأشياء الأخرى كفحص الدفاتر التجارية الموجودة بالخارج أو التأكد من التوقيعات أو تشابه الخطوط أو صحة العقود المدعى تزويرها(1) .
و زيادة على ما ورد في الاتفاقية يمكن إضافة ما يتعلق بالأمر بتعيين خبير للقيام بعمل من أعمال الخبرة , و كذا توجيه اليمين سواء الحاسمة أو المتممة .
وعموما فان كل ما يدخل في إجراءات التحقيق و استقصاء الدليل وتوضيحه في الدولة المنابة يمكن أن يكون محل إنابة قضائية إذا كان لازما لمتابعة الدعوى في الدولة المنيبة.
(1) د عكاشة محمد عبد العال :" المرجع السابق" ص : 70
بعد إرسال طلب الإنابة القضائية إلى السلطة القضائية المنابة , و استيفاء الطلب للبيانات التي يجب أن يتضمنها و تأكد السلطة القضائية المنابة أن هذا الطلب مما يدخل في اختصاصها ويدخل في اختصاصها و يدخل في نطاق الاتفاقية وانه غير مخالف للنظام العام و لا يمس سيادة دولتها , تعمل هذه السلطة المنابة على تنفيذ الإنابة القضائية .
و الأصل حسب المادة 21 إن الشكل الواجب إتباعه في تنفيذ هذه الانابة وكذا وسائل الجبرالجائزاتخاذها, يخضع للتشريع الوطني للسلطة القضائية المنابة إلا ان هذه القاعدة هي قاعدة تأتى مخالفتها حسبما يظهر في نصوص الاتفاقية التي منحت للسلطتين المنيبة و المنابة حق الاتفاق علي مخالفتها, وذلك بطلب صريح من السلطة القضائية الطالية او المنيبة , تطلب فيه ان تقوم السلطة المطلوب منها بانجاز الانابة وفق شكل خاص يتفق وتشريع الدولة المطلوب منها ,وعند تحديد زمان ومكان التنفيذ يجب إخطار السلطة الطالبة به حتى تتمكن الأطراف المعنية أو ممثلوها عند الاقتضاء من الحضور , وذلك وفقا للحدود المسموح بها في تشريع الدولة المطلوب إليها التنفيذ.
وتجدر الإشارة إلى أن الإنابة القضائية بالمفهوم السابق والتي تتولى سلطة قضائية تنفيذها تسمى حسب الفقه بالإنابة الحقيقية(1) , لأنها تتم من جهة قضائية الى جهة قضائية أخرى ,ولكن يحصل في بعض الأحيان ,حسب ما جرى به العرف الدولي , ان يتم تنفيذ الانابة القضائية مباشرة عن طريق الهيئة الدبلوماسية ,وهذا استثناء عن الأصل , لان التجاء القاضي إليه بمباشرة الإنابة على إقليمها , وقد نصت الاتفاقية على هذا في المادة19 التي جاء فيها " يجوز للدولتين المتعاقدتين ان تنفذا مباشرة بواسطة ممثليهما الدبلوماسيين او القنصليين الطلبات الخاصة برعاياهما,و خاصة المطلوب سماع أقوالهم أو فحصهم بواسطة خبراء أو تقديم مستندات أو دراستها."
الفقرة الثانية : ضمانات حسن تفعيل الإنابة القضائية
نصت الاتفاقية على مجموعة من القواعد التي يمكن اعتبارها طريقة لضمان تفعيل المقتضيات المتعلقة بالإنابة القضائية , و في نفس الوقت هي قيود مفروضة على كل من الدولتين تلزمهما على الوفاء بما اتفقتا عليه.
وأول ما يمكن اعتباره من هذا القبيل,ما نصت عليه المادة 18 التي تقر وتعترف بحق كل من الدولتين- والسلطة القضائية في كل منهما – في إمكانية الاستفادة من الإنابة القضائية, وكذلك ما نصت عليه المادة 28 التي تلزم كلا من الدولتين بتنفيذ الإنابة القضائية,إلا الحالات استثنائية .
ووجه الاحتجاج بهذه المواد أن المبدأ العام, و الرأي السائد عند فقهاء (ق.د.خ) أن أساس تنفيذ الإنابة القضائية هو المجاملة الدولية(2) وعلى ذلك فالدول غير ملزمة بتنفيذ الإنابة القضائية. لكن بالنص عليها في الاتفاقية,أصبحت الدولتين ملزمتين بتنفيذها و أصبحت كل دولة تضمن تطبيق الدولة الأخرى لهذه الإنابة- على الأقل على المستوى القانوني- إذا احتاجت إلى ذلك . اللهم إذا كان تنفيذ الإنابة القضائية لا يدخل في اختصاص سلطات السلطة القضائية المنابة,أو أن هذا التنفيذ يمس سيادة الدولة أو أمنها أو النظام العام فهنا أتاحت المادة 24 كاستثناء عن الأصل ,إمكانية الدفع بعدم الاختصاص والدفع بفكرة النظام العام لرفض تنفيذ الإنابة.
(1) – د.عز دين عبد الله."القانون الولي الخاص" الجزء الثاني طبعة 1986.ص:812
(2) – انظر: د.عكاشة محمد عبد العال "مرجع سابق " ص: 20.و كذلك د.عز دين عبد الله "مرجع سابق"ص:814
إضافة إلى المعطى السابق,نصت المادة21 في فقرتها الأخيرة على :
" يتعين تنفيذ الإنابة القضائية عل سبيل الاستعجال ", و هذا المقتضى يحمي بدوره تنفيذ الإنابة من التماطل و الإهمال وتطويل الاجراءات , ويصبغ على الانابة القضائية صفة الاستعجال , وفي هذا ضمان لحسن سير الاجراءات القضائية التي كلفت بتنفيذها السلطة المنابة.
وقد نصت المادة22 على ضرورة إحاطة السلطة القضائية الطالبة علما بزمان ومكان تنفيذ الانابة القضائية ,وهذا يمكن اعتباره ضمانا لحسن تنفيذ الإجراءات وحسن متابعة الدولة الطالبة لهذا التنفيذ عبر حضور ممثليها عند الاقتضاء , وذلك دون تجاوز الحدود المسموح بها في تشريع الدولة المطلوب منها التنفيذ .
وعلى كل حال فان الاجراءات القضائية التي تتمعن طريق الانابة طبقا لأحكام هذه الاتفاقية ترتب نفس الأثر القانوني الذي يكون لها فيما لو تمت أمام السلطة المختصة لدى الطرف الآخر أو بعبارة أوضح فان الاجراءات التي قامت بها السلطة القضائية المنابة بموجب طلب إنابة قضائية يكون لها نفس الثر بالنسبة للسلطة المنيبة كما لو أنها تمت مباشرة أمامها.
المطلب الثاني : الاعتراف وتنفيذ الاحكام القضائية
تفقد الإحكام الأجنبية كل قيمتها ,وتصبح بدون جدوى إذا لم يتم الاعتراف بها داخل الدولة المراد تنفيذها فيها والمحتج بها أمامها , مما قد يتسبب في العديد من المشاكل العملية, ذلك ان عدم الاعتراف بآثار الحكم الأجنبي وقيمته من شانه أن يدفع ذوا لشان إلى رفع الدعوى بالحق الثابت في كل دولة يريد التمسك به فيها,الأمر الذي يترتب عليه ضياع الوقت وزيادة مصاريف التقاضي , كما قد يترتب عليه يضارب الاحكام (1)
وتلافيا لكل هذا , تلجا الدول إلى الاعتراف بالأحكام الأجنبية وتنفيذها تلبية لحاجات المعاملات الدولية,وفي هذا السياق نظمت الاتفاقية المقتضيات المتعلقة باعتراف كل من الدولتين بالاحكام الصادرة عن الدولة الاخرى وتنفيذها.
وحددت الشروط الواجب توفرها في الحكم القضائي الصادر عن الدولة الأخرى حتى يتم الاعتراف به وتنفيذه(أولا) ,كما حددت أيضا المسطرة المتبعة في هذا الأمر(ثانيا).
ولكن قبل التطرق لموضوع الشروط يجب تحديد مفهوم الحكم القضائي المراد الاعتراف به في الاتفاقية رفعا لما يمكن أن يحدث من التباس.
حددت الاتفاقية هذا الامرفيالمادة28 التي ورد فيها " تعترف كل من الدولتين المتعاقدتين بالأحكام الصادرة عن محاكم الدولة الاخرى . في المواد المدنية والتجارية والحائزة لقوة الشيء المقضي به وتنفذها لديها وفقا للقواعد الواردة بهذا القسم , وكذا بالأحكام الصادرة عنا لمحاكم الجزائية في مواد التعويض المدني.
وتطبق ايضا على الأحكام الصادرة في مواد الأحوال الشخصية القابلة للتنفيذ,وكذلك المشمولة بالنفاذ في مواد النفقة والزيارة والحضانة.
كما يطبق الاعتراف على كل قرار أيا كانت تسميته يصدر من إحدى السلطات القضائية في كل من الدولتين بناءا على إجراءات قضائية أو ولائية.
(1) -د. عز دين عبد الله : " المرجع السابق", ص:819
ولا تسري أحكام هذه المادة على :
- ا- الإجراءات الوقتية أو التحفظية , وكذلك الأحكام الصادرة في معالجة صعوبة المقاولات (مواد الإفلاس في دولة البحرين) والصلح الواقي منه اوالاجراءات المماثلة, كذلك مواد المواريث والضرائب والرسوم.
- ب- الأحكام التي يتنافى الاعتراف بها أو تنفيذها مع المعاهدات والاتفاقات الدولية السابقة المعمول بها لدى الطرف المتعاقد.
أولا : شروط الاعتراف بالأحكام القضائية وتنفيذها في الاتفاقية
تضمنت نصوص الاتفاقية عدة شروط يجب توفرها في الحكم القضائي الأجنبي حتى يمكن أن يكون محل اعتراف وتنفيذ ,وحتى وان لم يكن التنصيص على هذه الشروط بصريح العبارة ,فان استقراء نصوص الاتفاقية يوضح بجلاء ضرورة توفر هذه الشروط العامة المعتمدة في القانون الدولي الخاص لتنفيذ الأحكام الأجنبية .
و أول شرط : هو ما يسمى بشرط التبادل والمعاملة بالمثل وهو واضح من خلال الفقرة الأولى منالمادة28 التي تنص " تعترف كل من الدولتين المتعاقدتين بالأحكام الصادرة عن المحاكم الدولية الأخرى في المواد المدنية والتجارية", بل وقد ذهبت الاتفاقية ابعد من هذا حيث اعتبرت أن المعاملة بالمثل و الاعتراف المتبادل بالأحكام واجب و انه لا يجوز رفض الاعتراف بحكم إلا في حالات استثنائية.
الشرط الثاني : هوان تكون المحكمة التي أصدرت الحكم مختصة بالفصل في النزاع,وقد حددت الاتفاقية متى تكون المحكمة مختصة في المادة 29 التي جاء فيها ما يلي :" تعتبر محاكم الدولة التي أصدرت الحكم المطلوب الاعتراف به مختصة طبقا لهذه الاتفاقية في الحالات الآتية:
- ا - إذا كان موطن المدعى عليه أو محل إقامته المعتاد وقت رفع الدعوة في هذه الدولة.
- ب – إذا كان للمدعى عليه وقت رفع الدعوى محل أو فرع ذو طبيعة تجارية أو صناعية أو غير ذلك في بلد تلك الدولة وكانت الدعوى قد أقيمت عليه من اجل نزاع يتعلق بنشاط هذا المحل او الفرع .
- ج - إذا تعلق الأمر بعقد وكان الطرفان قد اتفقا على هذا الاختصاص صراحة , وبالنسبة لكل عقد على حدة , وفي حالة عدم وجود اتفاق بين الأطراف إذا كان الالتزام التعاقدي موضوع النزاع قد نفذ أو كان واجب التنفيذ كليل أو جزئيا في هذه الدولة.
- د - إذا كان الفعل المستوجب للمسؤولية غير العقدية قد وقع في هذه الدولة . و في مواد المسؤولية غير العقدية..
- ه - إذا كانت الدعوى تتعلق بنزاع خاص بعقار كائن بهذه الدولة .
- و - إذا كان المدعى عليه قد قبل صراحة اختصاص محاكم هذه الدولة, وخاصة إذا اتخذ فيها موطنا مختارا.
- ز- إذا أبدى المدعى عليه دفاعا في الموضوع دون أن ينازع أو عن طريق الاتفاق على اختصاصها متى كان لقانون تلك الدولة لا يحرم مثل هذا الاتفاق .
- ح – إذا كان للدائن بالنفقة موطن أو محل إقامة معتاد على ارض هذه الدولة.
- ط - و في مسائل الحضانة إذا كان محل إقامة الأسرة أو أخر محل لإقامتها يقع في هذه الدولة .
- ي- إذا تعلق الأمر بطلبات عارضة ,و كانت هذه المحاكم قد اعتبرت مختصة بنظر الطلب الأصلي .بموجب نص هذه المادة."
و قد وضحت الفقرة الثانية كيف يمكن للمحكمة المطلوب منها معرفة ما إذا كانت المحكمة الطالبة مختصة أم لا و قيدتها في بحث ذلك في الاستناد على الوقائع التي استندت عليها المحكمة لطالبة في تقرير اختصاصها , إلا إذا كان الحكم قد صدر غيابيا .
الشرط الثالث : هو صحة الإجراءات ,ومعنى هذا الشرط أن الحكم القضائي الصادر عن إحدى الدولتين لا يمكن أن يكون قابلا للاعتراف في الدولة الأخرى إلا إذا كانت الإجراءات التي اتبعت في إصداره سليمة من الناحية القانونية وهذا الشرط واضح في الفقرة الثانية من المادة 30 التي أعطت الحق للدولة المطلوب منها في رفض الاعتراف بالحكم : " بالنسبة إلى الأحكام الغيابية إذا لم يعلن الخصم المحكوم عليه غيابيا بالدعوى إعلانا صريحا يمكنه من الدفاع عن نفسه."
الشرط الرابع : نهائية الحكم , ويعني هذا الشرط وجوب تمتع الحكم الأجنبي المراد الاعتراف به بالصفة النهائية أو بعبارة أخرى أن يحوز قوة الشيء المقضي به , وهذا ما نصت عليه المادة 28 حيث حددت : " أن الأحكام الصادرة عن محاكم الدولة الأخرى في المواد المدنية و التجارية, الحائزة لقوة الشيء المقضي به " ومقتضى هذا ألا يكون الحكم قابلا للطعن بالطرق العادية . و قد نصت على هذا الفقرة الثالثة من المادة 31 التي جاء فيها : " على الخصوم في الدعوى الذي يتمسك بحكم قضائي أن يقدم الآتي : ج) شهادة من الجهة المختصة بان الحكم غير قابل للطعن فيه او انه قابل للتنفيذ."
الشرط الخامس : عدم تعارض الحكم الأجنبي مع حكم وطني و يتجلى هذا الشرط بوضوح في الفقرة ( د) من المادة 30 التي تعطي حق رفض الاعتراف بالحكم حالة إذا كان النزاع الصادر في شانه الحكم المطلوب الاعتراف به محلا لحكم صادر في الموضوع بين الخصوم أنفسهم ويتعلق بذات الحق محلا و سببا وحائزا لقوة الشيء المقضي به في الدولة المطلوب إليها الاعتراف أو في دولة ثالثة , ومعترفا به في الدولة المطلوب إليها الاعتراف."
الشرط السادس : عدم تعارض الحكم الأجنبي مع النظام العام : ويتجلى هذا الشرط في الفقرة ( أ ) من المادة 30 و التي تمنح حق رفض الاعتراف إذا كان الحكم مخالفا للنظام العام في الدولة المطلوب إليها الاعتراف." و يترك تقدير ما يتعلق بالنظام العام أو لا إلى القاضي فالقاضي الوطني كما يقول الدكتور هشام خالد :" يستطيع أن يرفض الأمر بتنفيذ حكم أجنبي رغم توفره جميع شروط صحته لمجرد أن حيثيات الحكم تتضمن ما يجرح الشعور العام في الدولة ."(1)
و إضافة إلى الشروط السابقة أوردت الاتفاقية شرطا آخرا يتعلق ببعض الوثائق التي يجب على الخصوم ان يقدموها إثباتا لما يدعونه حيث نصت في المادة 31 على مل يلي :
" على الخصوم في الدعوى التي يتمسك بحكم قضائي أن يقدم الآتي :
ا ) صورة من الحكم مستوفية للشروط اللازمة لرسميتها .
ب ) أصل ورقة إعلان الحكم أو أي محرر آخر يقوم مقام الإعلان.
ج ) شهادة من الجهة المختصة بان الحكم غير قابل للطعن فيه أو انه قابل للتنفيذ.
(1) د هشام خالد : " القانون القضائي الخاص الدولي: طبعة 2001 ص : 477 .
د ) صورة معتمدة من الجهة المختصة من ورقة استدعاء الخصم الغائب للحضور في حالة الحكم الغيابي .
ه ) إذا كان المطلوب هو تنفيذ الحكم يجب أن تكون صورته الرسمية مذيلة بالصيغة التنفيذية , و يجب أن تكون المستندات المبينة في هذه المادة موقعا عليها رسميا ومختومة بخاتم المحكمة المختصة ."
و هذا المقتضى الأخير مهم جدا ويتعلق الأمر بتذييل الحكم بالصيغة التنفيذية حتى يكون قابلا للتنفيذ , ذلك أن الأحكام المعترف بها لا تنشئ الحق في اتخاذ أي إجراء تنفيذي ولا يصح أن تكون محلا لأي إجراء تقوم به السلطة العامة – كالقيد في السجلات العامة مثلا - إلا بعد الأمر بتنفيذها .
وتنفذ الأحكام المراد تنفيذها وفق إجراءات التنفيذ المقررة في تشريع الدولة المطلوب منها التنفيذ .
و يكون الأمر بالتنفيذ في التشريع المغربي حسب ما هو منصوص عليه في المسطرة المدنية عن طريق تذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية و في هذا تنص المادة 430 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي : " لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه , أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودها - يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم و اختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته و أن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي ."
و قد تضمنت الفصول من 431 و 432 و 433 على طريقة تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية و شروط هذا التنفيذ .
ثانيا : مسطرة الاعتراف بالأحكام الأجنبية و تنفيذها :
حددت الاتفاقية مجال إمكانية الاعتراف بالأحكام وتنفيذها في الأحكام الصادرة في المواد المدنية والتجارية , والأحكام الصادرة عن المحاكم الجزائية في مواد التعويض المدني وكذلك الأحكام الصادرة في مواد الأحوال الشخصية القابلة للتنفيذ و كذلك المشمولة بالنفاذ في مواد النفقة والزيارة والحضانة , وبعد تأكد السلطة المطلوب منها التنفيذ من استيفاء الحكم المطلوب الاعتراف به آو تنفيذه لكل شروطه الواردة في القسم الرابع و التي سبق ذكرها فيما سبق , تصبح ملزمة بالاعتراف بالحكم وتنفيذه.
و إذا كان احد الخصوم من طلب الاعتراف بالحكم و تنفيذه فعليه أن يقدم مجموعة من الوثائق التي نصت عليها المادة 31 السابق ذكرها و أهم مقتضى تضمنته هذه المادة ما جاء في الفقرة الأخيرة التي تفرض تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية , و بعد الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي يصبح إذ ذاك قابلا لأي إجراء تنفيذي جبري و يصح أن يكون محلا لأي إجراء تقوم به السلطة العامة و إلا فان الأحكام المعترف بها لا تكون قابلة للتنفيذ.
و تجدر الإشارة إلى أن الأحكام المعترف بها المستوفية لكل شروطها تكون واجبة التنفيذ في الدولة المطلوب منها وتخضع في التنفيذ إلى مسطرة التنفيذ المقررة في تشريعها كما انه إذا كان الحكم المعترف به والمراد تنفيذه مرفوضا في بعض أجزائه لمخالفته احد الشروط السابقة ومقبولا فيبعض أجزائه الأخرى أعطت الاتفاقية للدولتين إمكانية التنفيذ الجزئي بحيث ينصب على أو أخر من الحكم المتمسك به.
الخاتمة :
و في الأخيرنخلص الى- أن هذه الاتفاقية ليست لها أهمية كبيرة مقارنة باتفاقيات أخرى كالاتفاقية المغربية الفرنسية والاتفاقية المغرية الاسبانية إذا اعتبرنا أن حجم الجالية المغربية هو معيار الأهمية , كما نقول دون مجازفة أيضا بأن هذه الاتفاقية لم تأت بجديد ولم تخرج في عمومها عما هو مقرر ومتداول في إطار المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص , لذلك يبقى التساؤل عن الجدوى من وضع هذه التساؤل مشروعا. خصوصا و ان ما قررته ممكن الحصول دون حاجة الى عقد اتفاقية و يبقى مبرر ابداء الرغبة هو الداعي الوحيد الى ذلك . و ان كان التعاون بين الاشقاء لا يحتاج الى ابداء رغبة.