اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
assemch11
التاريخ
12/11/2005 3:09:39 PM
  إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟ ( منقول )      

سؤال جدير بالطرح في خضم النتائج الإيجابية التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات المصرية: هل تستطيع التعايش مع الديموقراطية؟!
قال دبلوماسي اميركي ان لا ضرر من وصول اسلاميين الى الحكم اذا مارسوا الديموقراطية في تداول السلطة.
واعلنت فرنسا انها تنوي الاحتفاظ باتصالات مع نواب "مستقلين" مصريين مقربين من الجماعة بعد النتائج الأخيرة للإنتخابات.
كما ألمح مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية ان المسؤولين الاميركيين يمكن ان يجروا اتصالات بالنواب "المستقلين" في جماعة الاخوان. وعليه اعربت الجماعة وفق ما أعلن القيادي فيها عصام العريان عن استعدادها لمحاورة الولايات المتحدة.
والسؤال مجددا: هل الديمقراطية هي تداول للسلطة فقط، أم إنها أحد شروطها الأساسية؟.. وماذا عن الشروط الأخرى، كالتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان ونسبية الحقيقة ورفض المطلق والمقدس، والتي أثبتت التجربة أنها بعيدة كل البعد عن أدبيات الجماعة وممارساتها؟.. وهل الدعوات الأميركية والفرنسية للحوار مع الجماعة تصب في إطار "دمقرطة" الإسلام السياسي في مصر ضمن مشروع "دمقرطة" العالم العربي والإسلامي، أم تهدف إلى تحقيق مصالح سياسية ليس إلاّ؟.
يشير عمود "نقطة نور" بالاهرام لكاتبه مكرم أحمد تعليقا على نتائج الجماعة بالانتخابات، إلى عدم وضوح في الطرح وان الجماعة تصر على إخفاء ما يجب أن يكشف من أفكار وأدبيات وسياسات: أعتقد أن من حق المصريين أن يعرفوا لماذا حققت جماعة الإخوان المسلمين هذا النجاح المفاجئ برغم كونها جماعة تحظر الدولة نشاطها السياسي.. إن هذه الجماعة قادت معركتها الانتخابية تحت شعار الإسلام هو الحل، وأنه يخشى خطر هذه الجماعة إن تمكنت من أن تصبح الطرف الوحيد القادر علي تداول السلطة لأنها تخفي في برنامجها أكثر مما تظهر.
والسؤال هو: لماذا اتهام الجماعة بأنها تخفي في برنامجها أكثر مما تظهر؟. إن الجواب هو بكل بساطة، أن ما يجب أن تظهره لا يمكن أن يعبر عن علاقة تصالحية ومن ثم تعايشية مع الديموقراطية.
ورغم أن هناك من يدعي بأن التحول الديموقراطي في مصر يؤشر على ان الاسلام السياسي يمكن ان يسلك الطريق السلمي الديموقراطي كما في تركيا، وان يتجذر في هذا الخيار كلما كانت مؤسسات الدولة راسخة وكان المجتمع نفسه قويا ومنفتحا ثقافيا وسياسيا وتتنافس فيه تيارات مهمة، إلا أن هناك من يشكك في صحة مثل هذا الإدعاء، حيث يرفض مقارنة تجربة الإخوان المصرية بأخواتها الإسلامية الأخرى لا سيما في تركيا، ويعتقد بأن المشكلة لا تزال تتمثل في التمييز بين وسائل الديموقراطية وقيم الديموقراطية.
فالتجربة الإسلامية التركية، حسب سليمان تقي الدين بمقال في صحيفة السفير تحت عنوان "الاسلام السياسي في المسار الديموقراطي".."قامت على دولة عصرية منذ مطلع القرن الماضي، دولة صناعية تطمح للاندماج في المدى الاوروبي، حيث بنية مؤسسات الدولة فيها بنية دستورية حقيقية أعطت للدولة عناصر استقلال فعلي عن الصراعات السياسية. فجاء صعود الاسلام السياسي هادئا من داخل المؤسسات العلمانية".
وفي إشارته للتجربة الوطنية العربية فإنه يعتبرها مؤثرة في التغيرات المستقبلية للحركات الإسلامية، ومنها تغيرات الإخوان، حيث أنها "نزلت بالخطاب السياسي الاسلامي من عليائه وطابعه التحريضي العام الى العراك السياسي الخاص على ارض الواقع".
لكنه يعتقد بأن "الاسلام السياسي (العربي) لايزال متوترا وصداميا، حيثما هناك جبهات صراع مفتوحة مع الخارج"، كما إنه "قابل للمصالحة مع فكرة الدولة، لا مع النظام السياسي"، مشيرا إلى أنه "حينما تزداد ثقافته السياسية قبولا بالوسائل الديموقراطية فأنه يجانب القبول بمجمل القيم الديموقراطية"، مؤكدا وجود "فرق كبير بين الوسائل الديموقراطية الانتخابية وبين فكرة السيادة الشعبية او سيادة الشعب على مصيره من تشريع وضعي ومن اقرار بحقوق الفرد، الانسان الطبيعي على حياته ومصيره خارج مفهوم الجماعة".
ورغم أن هناك من يتعجب من حكاية الرجعية والإرهاب وعصور الظلام التي يصور البعض إن الإخوان سيجرّون مصر إليها، ويعتقد بأنهم كشفوا في مواقف عديدة عن حنكة سياسية واضحة ومقدرة على قراءة الظروف السياسية واللعب بأوراقها، لكن أدبيات الجماعة المستندة إلى رفض الخوض في تفسير يغربل النص الديني المطلق ويحوله إلى نص قابل للنقد ويعترف بالتعددية الحزبية والتنوع الفكري ويحترم حقوق الإنسان الفرد ويقر بنسبية الحقيقة ويرفض المقدس، وهو التفسير الذي لابد منه للتعايش مع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحديثة ويشكل عصب الحياة الديموقراطية في عصر العولمة الجديد. فأدبيات الجماعة لا تزال تمثل أسئلة تفتقد إجابات صريحة ومسؤولة، ولا يمكن الاستناد إليها لفك أسر عدم الرجعية والظلامية عنها.
لذا حسب المفكر المصري ميلاد حنا فإن الإخوان "سوف يستخدمون منهج التقية في المرحلة القادمة، وسوف ينادون بأن المواطنة هي نهجهم"، وذلك للتدليل على أن نتائج الانتخابات غيرت أدبياتهم، لكنها في واقع الأمر تعتبر تغييرات تكتيكية لأنها لم تستند إلى أرضية فكرية حداثية واضحة وشفافة.
فـ"منطق المذهب أقوى من مقاصد صاحب المذهب" كما يقول حنا.. "ولسوف يسود الفكر الديني، وبعض منه سلفي، ولسوف يتحول الانتماء إلى الدين ليكون أسبق وأهم من الانتماء إلى الوطن".. لماذا هذا الخوف وهذا الهلع من المستقبل من قبل هذا المفكر؟ هل هو خوف مرتبط بتدخل سياسي في الأمر لعرقلة مكاسب الإخوان الانتخابية والتحريض ضدها، أم هو خوف واقعي يستند إلى متبنيات فكرية ونظرية ووقائع على الأرض؟.
يحذر حنا من تفاصيل السياسات التي ستتبناها الجماعة "فهي في علم الله"، لكنه ينطلق في تحذيره من تجارب الآخرين "انظروا حولكم لدراسة ما جرى في دول أخرى صارت تحكم كدول إسلامية، ففي معظمها يوجد القهر وعدم إمكانية الرجوع إلى الديمقراطية مرة أخرى إلا بثورة دموية أتمنى أن نتحاشاها".
فكلام حنا يعبر عن حقيقة لا يمكن تجاهلها أو دفن الرؤوس في مواجهتها، وهي المتمثلة في أن التجربة الإخوانية قريبة فكريا وعمليا من أخواتها العربيات، وأنها لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بالتجربة التركية، بسبب الظروف المغايرة سياسيا واجتماعيا بين الطرفين. فالحالة المصرية تعيش طبيعتها العربية بمختلف ظروفها وتحدياتها، ولا يمكن لها أن تتجرد من واقعها الديني العربي المصري الذي هو في غالب الأحيان واقع متشدد يرفض الجاضر بقيمه الحديثة، والجماعة لم تألوا جهدا لتغيير هذا الواقع المتشدد اللهم إذا لم تشارك في دعمه في كثير من الحالات. فرفعها شعار "الإسلام هو الحل" دون أن تحمل حلولا على أساسه لمشاكل المجتمع المصري والدولة المصرية هو أحد الثغرات المحسوبة على الشعار. كما ان عدم قدرتها على خلق تفسير ديني حداثي يستطيع التعايش مع قيم الحياة الحديثة ويعالج مشاكل الاستبداد الديني والسياسي الذي وقف بوجه حرية الرأي والبحث العلمي وتطوير الحياة السياسية والاجتماعية (مثل المشاكل التي عرقلت رؤى نصر حامد ابوزيد وفرج فودة وجهود سعد الدين ابراهيم وغيرهم)، ذلك كله يجعلنا نجيب على السؤال الأول: أن الجماعة لا يمكن لها أن تتعايش مع الديموقراطية..


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1982 / عدد الاعضاء 62