وثيقة الخارجية البريطانية المقدمة لدول الاتحاد الأوروبي، والتي تفيد بأن الاجراءات الاسرائيلية في القدس الشرقية تهدف الى منع أن تكون هذه المدينة عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، ومع أهمية هذه الوثيقة، وعدم معرفتنا بالتفصيلات التي احتوتها، إن كانت هناك تفصيلات، إلاّ أنه من المؤكد أن العرب والمسلمين حكومات وشعوبا واعلاما لا يعرفون ما يجري في المدينة المقدسة، التي تحوي في جنباتها اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وكنيسة القيامة الكنيسة الأولى التي يحج لها مسيحيو العالم، اضافة الى عشرات المساجد والكنائس الأخرى، وغياب العرب والمسلمين عّما يجري في القدس له دلائل منها عند الحديث عن عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة فإنه يقال أن عددهم حوالي مائتين وعشرين ألف مستوطن، نقلا عن المصادر الاسرائيلية والحقيقة الغائبة أن مثل هذا العدد موجود في القدس الشرقية المحتلة، لكن الاسرائيليين يسقطونه من حساباتهم كونهم يعتبرون القدس الشرقية "محررة" وهي موحدة مع القدس الغربية لتشكل "عاصمة اسرائيل الأبدية" حسب رأيهم.
وما لا يعرفه العرب والمسلمون عن القدس وما يجري فيها نورد بعضا منه وهو:
ـ تبلغ مساحة القدس الشرقية حوالي سبعين كيلومتر مربع تقع داخل حدود البلدية حسب التقسيمات الادارية للاحتلال، وقد قامت اسرائيل بضمها اليها من جانب واحد بقرار من الكنيست الاسرائيلي في 28/6/1967 أي قبل مرور ثلاثة أسابيع على احتلال المدينة، وبدأت بتطبيق القوانين الاسرائيلية عليها.
ـ قامت اسرائيل فور احتلال المدينة بهدم حارة الشرف وحارة المغاربة بشكل كامل، وقامت ببناء حيّ يهودي بعد أن طردت المواطنين الفلسطينيين، وتبلغ مساحة هذا الحي حوالي ربع المدينة القديمة الواقعة داخل السور التاريخي، والحي اليهودي محاذ للمسجد الأقصى ويبدأ من حائط البراق وهو الحائط الغربي للمسجد الأقصى ويطلق عليه اليهود حائق "المبكى".
ـ بدأت اسرائيل عمليات حفر أثرية تحت المدينة المقدسة، بما في ذلك تحت المسجد الأقصى وباحاته، ولا تزال هذه الحفريات قائمة ومستمرة حتى الآن.
ـ استولت اسرائيل على عشرات العقارات في أحياء أخرى من المدينة المقدسة، وزرعت فيها مدارس دينية متطرفة، وكنس يهودية.
ـ صادرت اسرائيل 35% من مساحة المدينة البالغة حوالي سبعين كيلومتر، وأقامت عليها خمسة عشر مستوطنة تحيط بالأحياء والقرى العربية، ويبلغ عدد المباني الاستيطانية حوالي اثنين وخمسين ألف وحدة سكنية حتى عام 2000، في حين كان عدد البناء اليهودي صفرا عند احتلال المدينة في حرب حزيران 1967، وفي نفس الوقت حاصرت البناء العربي في مساحة 14% من المدينة، ويبلغ البناء العربي حتى نفس الفترة حوالي ثلاثين ألف وحدة سكنية، وما تبقى من مساحة المدينة هو مناطق خضراء يمنع البناء العربي فيها لتبقى احتياطيا للاستيطان الذي لم يتوقف يوما واحدا منذ الاحتلال وحتى الآن.
ـ تجري في المدينة المقدسة عملية تطهير عرقي صامتة، تتمثل في سحب بطاقات هوية المقدسي الفلسطيني التي تؤهله للأقامة في المدينة، ولا تعطيه حق المواطنة في عدة حالات منها، اذا سكن في أي مكان خارج حدود البلدية المزعومة، أو اذا غاب عن المدينة مدة سبع سنوات بغض النظر عن الأسباب، وعلى المقدسي أن يحضر وثائق تعجيزية لاثبات مكان إقامته في المدينة عند محاولته الحصول على أي خدمة كعمل شهادة ميلاد لابنه الجديد، ومن هذه الوثائق: فواتير تسديد ضريبة المسقفات – الأرنونا – فواتير هاتف، ماء وكهرباء، شهادات مدارس لأبنائه من مدارس داخل حدود البلدية، شهادات عمل.
ـ فرض ضرائب باهظة على المواطنين تفوق قدراتهم المالية، مثل ضريبة الدخل، ضريبة الأملاك على الأراضي، ضريبة المسقفات التي تصل الى مبلغ يقابل مبلغ استئجار بيت خارج حدود البلدية... الخ
ـ جدار الفصل العنصري التوسعي الاحتلالي يخنق المدينة المقدسة، ويعزلها بالكامل عن امتدادها الفلسطيني والعربي، ويخرج حوالي 40% من حملة الهوية المقدسية خارجه تمهيدا السحب اقاماتهم وحرمانهم من دخول المدينة.
ـ يمنع الفلسطينيون من أبناء قطاع غزة، ومن أبناء الضفة الغربية من الصلاة في دور العبادة الاسلامية والمسيحية في المدينة لحرمانهم من دخول المدينة.
ـ تقوم اسرائيل ببناء جدار آخر يحيط بالقرى الفلسطينية المحيطة بالقدس ليعزلهم عن أراضيهم لتبقى نهبا للاستيطان، ولمنع الزيادة السكانية في هذه القرى، التي يبلغ عددها حوالي 28 قرية يقطنها حوالي مائة وخمسون ألف فلسطيني، وهذه القرى محاطة هي الأخرى بمستوطنات خارج حدود البلدية، وجدار العزل الثاني يقسم الضفة الغربية الى قسمين واحد شمال القدس والثاني جنوبها، وبالتالي فإنه من الصعب بل من المستحيل التواصل ما بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.
ـ عزل المدينة المقدسة عن امتدادها الفلسطيني يقتل الحياة التجارية فيها، لأن القرى المحيطة هي التي يؤم أبناؤها المدينة ويتسوقون منها، وبالتالي فإن حوالي ألف محل تجاري في القدس أغلقت لعدم جدواها الاقتصادية، ولعدم قدرة مالكيها دفع الضرائب المترتبة عليهم.
فإذا كانت الخارجية البريطانية قد انتبهت مشكورة لخطورة ما يجري في القدس، فلماذا لم تنتبه منظمة المؤتمر الاسلامي، والجامعة العربية، ولجنة القدس، والحكومات العربية والاسلامية، واذا انتبهت فلماذا لا تقوم عملية دبلوماسية واسعة لانقاذ القدس؟؟