كتاب جديد للمهتمين بالقضايا الفقهية الطبية
صدر حديثاً عن دار الكيان بالرياض كتاب ( أحكام المرأة الحامل وحملها دراسة فقهية طبية ) للدكتور عبد الرشيد قاسم ، والكتاب في أصله بحث دكتوراه بإشراف الشيخ الدكتور حمزة بن حسين الفعر تناول المؤلف المسائل المتعلقة بالمرأة الحامل ودرسها من الناحيتين الطبية والفقهية معاً فنقل رأي الأطباء والفقهاء في أغلب مباحث الرسالة والتي بلغت 41 فصلا وقد تناول الباحث عدداً كبيرا من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء المتقدمين وثبت لدى الأطباء المعاصرين ناحية علمية ربما كانت مستند قوي لأحد أقوال الفقهاء يمكن ترجيح المسألة على ضوئها لكون بعض المعلومات الطبية مبنية على الحس والمشاهدة مما يفيد بالقطع ومن هذه المسائل اللطيفة التي تعرض لها بحثه
لو ولدت الحامل توأمين فاستلحق الأب أحدهما وادعى أن الآخر ليس منه ، فعامة الفقهاء يرون أن ذلك لا يصح ويلحق التوأمين به لأن الحمل الواحد لا يجوز أن يكون بعضه منه وبعضه من غيره وقيد الفقهاء ذلك بأن لا يتأخر نزول التوأم الثاني عن الأول عن ستة أشهر فالفقهاء يحتاطون لقضية النسب ، ولا يجوزون تخلق توأمين من مائين مختلفين .
أما المسألة من الناحية الطبية فهناك نوعان من التوائم ، الأولى التوائم المتشابهة أو المتطابقة وتعرف أيضا بالتوائم أحادية البييضة حيث أن سبب تكوينها هو انقسام البييضة المخصبة إلى خليتين ثم تواصل كل خلية نموها إلى أن يتكون الجنين الكامل .
ولما كانت التوائم المتشابهة تتكون من بييضة واحدة وخلية منوية واحدة فإن التوائم المتشابهة تتشابه من جميع الوجوه حتى في نسبة الذكاء . وهذا النوع من التوائم لا يكون إلا من أب واحد قطعاً .
أما النوع الآخر فهي التوائم الأخوية أو غير المتشابهة وهذا النوع من التوائم لا تظهر عليه ظاهرة التشابه التام التي تكون في التوائم المتشابه المتطابقة ويكفي أن يكون القاسم المشترك ما هو موجود بين الأخوة بعضهم بعضاً ، حيث أن المبيض يفرز بييضتين فيلقح كل بييضة منهما خلية منوية مستقلة ،ويكون لهؤلاء التوائم مشيمتين منفصلتين لكل جنين مشيمة خاصة به وهذا النوع من التوائم يرد عليه السؤال .
يقول الدكتور محمد علي البار: " إن هذه الحــالة الشــاذة – الحمل من واطئـين Super fecund Ation - قد تحدث وذلك أن المرأة قد تفرز بويضتين أو أكثر كما أوضحناه عند حديثنا عن التوائم غير المتشابهة ، وقد يكون وقت خروج بويضة متأخراً عن الأخرى بساعات أو أيام وعلى ذلك فلا يوجد ما يمنع من أن يلقح حيوان منوي من رجل بويضة ثم يأتي حيوان منوي لرجل آخر فيلقح بويضة أخرى . وعلى ذلك فيكون هناك توأمان ولكنهما لأبوين مختلفين وقد تحدث هذه الحالة في كثير من الثدييات مثل الكلاب والأغنام والخنازير والخيل . وقد أوضح علم الأجنة الحديث إمكان ذلك بل وقوعه في الجِرَاء وبعض الثدييات ولا دليل على عدم إمكان وقوعه للإنسان وفي نفس الوقت لا توجد أدلة قاطعة على حدوثه ، وإن أثبته بعض العلماء مثل بولمر Bulmer عام 1970م "
وبناء على ذلك يظهر جواز أن ينفي الأب أحد التوأمين إن وجد ما يدعو إلى نفيه كما لو أثبتت التحاليل الطبية أو البصمة الوراثية صدق ما يدعيه وذلك لكون هذه المسألة مبنية على قول أهل الخبرة وهم الأطباء ، فإذا أثبت الطب الحديث إمكانية ذلك ووقوعه فالمتوجه قبوله . وليس هناك ثمة نص من كتاب الله أو سنة رسوله e يمنع من إمكانية حصول توأمين لأبوين مختلفين .
وهذا الحادث ممكن الوقوع جداً في حالة التلقيح الصناعي حيث احتمال اختلاط الأنابيب والمني واردة بل أثبت الواقع حصول هذا فقد نقلت جريدة الأنباء الكويتية بتاريخ 4 / 7 / 1995م ولادة طفلين شرقيين كل واحد منهما بلون مختلف في هولندا ونشرت صورتهما وعند التحقيق في القضية بعد أن أثارتها وسائل الإعلام اتضح أن الأم أخضعت لعميلة التلقيح الصناعي غير أن خطأ وقع في استخدام الأنبوب الذي كانت تتسرب منه بقايا سائل لرجل أسود وعند القيام بتحليل البصمة الوراثية ( D.N.A ) أعلن المستشفى والد الطفل الأسود الحقيقي وأنه جاء في نفس اليوم من جزر الانتيل الهولندية لإجراء عملية تلقيح صناعي لزوجته وهذا الخطأ كان سبباً في ولادة الطفلين لأبوين مختلفين في رحم واحدة ، وأعلن المستشفى أنه على استعداد لدفع التعويضات .
وقد طرح في موقع الساحات sahat.com.www عام 1422هـ - 2001م خبر الخليجي الذي تزوج بامرأة غربية وبعد ولادتها لتوأم لاحظ الزوج اختلاف لون العينين بينهما ، وبعد فترة من الزمان اتضح للزوج أن زوجته لها عشيق كانت على صلة به قبل الزواج بها وأن الزوجة كانت تخونه ، مما جعله يطلب إجراء تحاليل البصمة الوراثية للطفلين وكانت نتيجة التحليل أن الزوجة أقامت علاقة جنسية مع زوجها وعشيقها في وقت متقارب في يوم واحد وأنه تم تلقيح بييضتين كل واحد منها بخلية منوية مستقلة مما أدى إلى ولادة طفلين كل واحد منهما يختلف تركيبه الوراثي عن الآخر فهما لأبوين مختلفين وأم واحدة .
والجدير بالذكر أن أصل البحث وقع في 720 صفحة اصدر المؤلف 3 فصول في كتاب مستقل طبع بعنوان( اختيار جنس الجنين دراسة فقهية طبية ) طبعت منه طبعتان آخرها بدار الأسدي ، والكتاب الثاني هو ما تقدم الإشارة لأسمه وأدرج فيه 22 فصلا وقع في 284 صفحة طلبا للاختصار أما بقية المباحث رأى المؤلف وضعها كبحوث في مواقع على الانترنت نشر بعضها بموقع الإسلام اليوم وبعضها بموقع المأذون الشرعي www mathoun com
والجدير بالذكر أنه بدأ الاهتمام مؤخراً في الجامعات ومن قبل عدد من الباحثين ببحث المسائل المعاصرة وتقديمها كأطروحة ماجستير أو دكتوراه أو بحوث ترقية، والمشاهد أن دراسة الموضوع من جميع النواحي المتعلقة بها سواء كانت طبية أو اقتصادية أو سياسية ومن ثم ربطها بالناحية الفقهية قبل البت في حكمها ليتم تصور أبعاد وخلفيات القضية من جميع جوانبها المختلفة تعطي الحكم الشرعي قوة ورسوخ وواقعية.