بسم الله الرحمن الرحيم
بيان رقم ( 97 ) صادر عن الحزب الإسلامي العراقي
حول مسودة الدستور
((فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُون ِِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً))
منذ بدء مفاوضات الدستور والحزب الإسلامي العراقي يطالب بترحيل كل الملفات المختلف عليها إلى الجمعية الوطنية القادمة لحسمها في أجواء من التوازن بين كل مكونات الشعب العراقي حتى لا يؤدي إختلال الجمعية الوطنية الحالية إلى إختلال دائمي في العراق كنتيجة حتمية لصياغة متعجلة لدستور غير متوازن.
ورغم كل الجهود المضنية التي بذلت من قبل الحزب الإسلامي العراقي ومعه بقية القوى المغيبة للوصول إلى حالة التوافق في صياغة الدستور... فإن مسودة الدستور تم إقرارها من قبل الجمعية الوطنية الحالية وهي مليئة بالثغرات والطعون القانونية وبعيدة كل البعد عن مبدأ التوافق الذي كان أساس مشاركة القوى الغائبة عن الجمعية الوطنية في كتابة الدستور.
وأمام هذا الموقف... وجد الحزب الإسلامي العراقي نفسه مضطرا لتحديد موقفه من مسودة الدستور بأنه الرفض الكامل... وأخذ بتحشيد جماهيره وكل العراقيين ليصوتوا على مسودة الدستور بـ (لا) من خلال الشرح الدقيق والأمين للمخاطر التي تحيق بالعراق – أرضا وشعبا وهوية وثروة – من جراء مسودة الدستور.
وتجاوب الشارع العراقي مع هذا الموقف واستعدت الجماهير بشكل إستثنائي لإسقاط الدستور في يوم الإستفتاء وقدمت في سبيل ذلك تضحيات جسيمة إغتيالا وإختطافا وتعذيبا وتشريدا .
وظهر بوضوح لكل المراقبين أن مسودة الدستور بشكلها الذي صادقت عليه الجمعية الوطنية مهددة بالسقوط في يوم 15/10/2005 تحت ضغط الإرادة الخيرة للجماهير ، مع ما يعنيه هذا السقوط من تراجع العملية السياسية إلى الوراء وزيادة الإحتقان في الشارع العراقي المحتقن أصلا.
فدخل الحزب الإسلامي العراقي ومعه بقية القوى المغيبة في حوارات مضنية مع بقية الأطراف السياسية للوصول إلى حل يحفظ الحقوق لأهلها ويدفع عن العراق المخاطر والشرور ونجحنا بفضل الله تعالى في تضييق فجوة الخلاف بين مكونات الشعب العراقي وذلك من خلال اجراء التعديلات المناسبة على الفقرات التي تخص وحدة وعروبة العراق واستخدام اللغة العربية ومنح الجنسية العراقية وقضية إجتثاث البعث وحسب ما مثبت أدناه :
الباب الأول المادة (1) :
جمهورية العراق دولة ٌ اتحادية ٌ واحدة ٌ مستقلة ٌ ذات سيادة كاملة ، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ ( برلماني) ديمقراطيٌ ، وهذا الدستور ضامنٌ لوحدة العراق .
تعديل على المادة( 3 ):
العراق بلدٌ متعدد القوميات والاديان والمذاهب ، وهو عضوٌ مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزمٌ بميثاقها ، وهو جزءٌ من العالم الاسلامي .
تعديل على المادة (4) :
ثالثاً : تستعمل المؤسسات الاتحادية والمؤسسات الرسمية في اقليم كردستان اللغتين .
اعادة ترتيب المادة (18) :
أولاً : الجنسية العراقية حقٌ لكل عراقي ، وهي أساس مواطنته .
ثانياً: يعدُ عراقياً كل من ولد لأب ٍ عراقي أو لأمٍ عراقية ، وينظم ذلك بقانون .
ــ وتبقى الفقرات الباقية على حالها .
إضافة مادة برقم ( 35 ) :
ترعى الدولة النشاطات والمؤسسات الثقافية بما يتناسب مع تأريخ العراق الحضاري والثقافي ، وتحرص على إعتماد توجهات ٍ ثقافية ٍ عراقيةٍ اصلية .
اضافة مادة برقم ( 36 ) :
ممارسة الرياضة حقٌ لكل عراقي ، وعلى الدولة تشجيع انشطتها ورعايتها ، وتوفير مستلزماتها .
إضافة المادة الآتية بين ( 109 ) و( 110 ) :
تعد الآثار والمواقع الأثرية والبنى التراثية والمخطوطات والمسكوكات من الثروات الوطنية التي هي من إختصاص السلطات الاتحادية ، وتدار بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات، وينظم ذلك بقانون.
اضافة الى المادة ( 131 ) :
خامساً : مجرد العضوية في حزب البعث المنحل لا تعد اساساً كافياً للإحالة الى المحاكم ، ويتمتع العضو بالمساواة امام القانون والحماية ، ما لم يكن مشمولاً بأحكام اجتثاث البعث ، والتعليمات الصادرة بموجبه .
سادساً : يشكل مجلس النواب لجنةً نيابية ً من اعضائه لمراقبة ومراجعة الاجراءات التنفيذية للهيئة العليا لاجتثاث البعث ولأجهزة الدولة ، لضمان العدل والموضوعية والشفافية ، والنظر في موافقتها للقوانين وتخضع قرارات اللجنة لموافقة مجلس النواب .
ثم لاحت فرصة ً ثانية في الساعات الحرجة لبناء توافق رصين ومتزن فدخلنا من أجلها حوارات معمقة بنية مخلصة وشعور وطني ولدرء حرب طائفية وشيكة الوقُوع لا سمح الله .
وهي جوهر المقترحات التي فاوض عليها وفد المغيبين الذي ذهب الى اربيل في 8 ايلول 2005.
تمخضت هذه الحوارات عن إدخال التعديل الجوهري الآتي على مسودة الدستور :
أولاً : يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنةً من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئيسة في المجتمع العراقي ، مهمتها تقديم تقرير الى مجلس النواب ، خلال مدةٍ لا تتجاوز اربعة اشهر ، يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراؤها على الدستور ، وتُحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها .
ثانياً :تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعةً واحدة على مجلس النواب للتصويت عليها ، وتُعد مقرةً بموافقة الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس .
ثالثاً :تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفقاً لما ورد في البند ( ثانياً) من هذه المادة على الشعب للأستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد عن شهرين من تأريخ اقرار التعديل في مجلس النواب .
رابعاً:يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً ، بموافقة اغلبية المصوتين ، واذا لم يرفضه ثلثا المصوتين في ثلاث محافظات أو اكثر .
خامساً:يستثنى العمل بالمادة ( 122) ( المتعلقة بتعديل الدستور ) من الدستور ، ويعاد العمل بموجبها بعد البت في التعديلات المنصوص عليها في هذه المادة .
إن هذه التعديلات تحقق الآتي :
- إن الجمعية الوطنية الجديدة ستملك الصلاحيات الكاملة لتعديل أو تغيير أو إعادة صياغة كل مواد الدستور .
- وهذا ما يعني بالضرورة أن مطلبنا الرئيسي في ترحيل الملفات العالقة إلى الجمعية الوطنية الجديدة قد تحقق بأفضل ما يكون ... بل أن الدستور بأكمله قد تم ترحيله .
إن هذا الإنعطاف الإيجابي في مسيرة العملية السياسية ما كان له أن يحصل لولا ضغط الإرادة الخيرة للجماهير الحرة التي ملأت الأجواء والجدران بشعار ( لا ... لتقسيم العراق ).
وإننا لنرى فيه بشائر فرج قريب من الله عز وجل بعد أن اطلع سبحانه على ما في قلوب العراقيين الأصلاء من غيرة على دينهم ووطنهم واستعداد صادق للتضحية بكل غال ونفيس (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً).
لهذه الأسباب وبعد إقرار هذه التعديلات فإن الحزب الإسلامي العراقي يرى أن الضرورة قد انتفت في التصويت على الدستور بـ (لا) ، وأن المخاطر المتوقعة من جراء المسودة قد تراجعت بفضل الله عز وجل إلى الحد الذي ندعو فيه أهلنا للتعامل بإيجابية مع هذا الإستفتاء .
على ان التصويت بـ( نعم ) للدستور لا يعني رفع تحفظاتنا على العديد من المواد التي وردت فيه، وانما العمل على تمرير الدستور من أجل تعديله في المستقبل وفق آلية أفضل لم تكن متاحة في المسودة الحالية .
وللتمهيد لمشاركة فاعلة فإن الحزب الإسلامي يطالب قوات الاحتلال وقوات الامن التابعة لوزارة الداخلية ووزارة الدفاع بمايأتي :
- ايقاف الحملات العسكرية في كافة مناطق العراق أيا كانت الذرائع التي استندت إليها.
- اطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين سواء في السجون التابعة للقوات المحتلة او التابعة للحكومة الحالية.
- ايقاف حملة المداهمات التي تطال العراقيين ولا سيما العرب السنة منهم.
- السماح الفوري بحملات الاغاثة في المناطق المنكوبة .
في الوقت الذي نتخذ فيه مثل هذا القرار لابد لنا أن نتذكر بالعرفان والتقدير كل الجماهير التي وقفت معنا ولبّت نداءنا وآزرت خطابنا السياسي ونؤكد إحترامنا الكامل لكل الأطراف التي ترى أن هذه التعديلات لا زالت غير كافية للتصويت بـ(نعم ) على مسودة الدستور .
كما لا يسعنا إلا أن نسجل للقيادات السياسية المعنية تقديرنا العالي للمرونة التي أبدوها في ساعة العسرة والتي جعلت هذا الإتفاق ممكنا ومقبولا من كل الأطراف .
وإننا نتطلع أن يكون هذا الحدث مفتاحاً لحسم العديد من الملفات التي لازالت عالقة وندعو جميع الأطراف أن تنشط في حوار وطني بناء يصطف فيه الجميع تحت مظلة الوطن الواحد لا تهميش فيه ولا اقصاء ويتعايش فيه العراقيون على قدم المساواة في الحقوق والواجبات .
وإذ نتخذ هذه الخطوة فإننا نؤكد عهدنا مع الله عز وجل أولا ومع أنفسنا وأهلنا أننا لن نحيد عن ثوابتنا الشرعية ولن نفرط بمستقبل عراقنا مهما بلغت التضحيات .
والله على ما نقول شهيد
المكتب السياسي
10 رمضان 1426 هـ
13 أيلول 2005 م
"خيبتنا في نخبتنا"
|