باســـم الشعـب
الجماهيرية العربية الليبية
الشعبية الاشتراكية العظمى محكمة إستئناف بنغازي المدنية
اللجنة الشعبية العامة للعدل دائرة الجنايات
بالجلسة المنعقدة علناً بتاريخ : اليوم / الخميس الموافق 6 /5 / 2004 ف
وبمقر محكمة استئناف بنغازي برئاسة المستشار/ الأستاذ: فضل اللـه فرج الشريف
وعضوية المستشارين / الأستاذ : سعد محمد عقيلة
والأستاذ : محمد أهويدي
وحضورالأستاذان/عمرعبدالخالق محمد/ رئيس النيابة العامة وسليمان يوسف الشريف / وكيل النيابة العامة
وبحضور / خـالد محمودالتارقي . / كاتب الجلسة
أصـدرت الحكم الآتى
في الجنايات المقيدة بالسجل العام تحت رقم : 607 لسنة / 2003
وبسجلات النيابة تحت رقم : 675 / 2002
المرفوعة من نيابة 1) بنغازي الكلية .
2) المدعون بالحق المدني وهم :
(1) الممثل القانوني للجمعية الأهلية لرعاية الأطفال المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة (بصفته) عنه : الأستاذ / عبداللـه المغربي/المحامي بنغازي.
(2) عبداللـه محمود المغربي (بصفته) ولياً لابنته ( القاصر) ( أمينة ).
(3) خليفة علي خليفة الزنتاني (بصفته ) ولياً لابنه (القاصر) (على).
(4) وائل محمد أبوسنينه (عن نفسه) .
(5) هارون محمد حسين ( بصفته) ولياً لابنه (القاصر) ( محمد ) .
(6) فرج أحمد محمود ( بصفته) مقدماً شرعياً عن أخيه (القاصر) (محمد) .
(7) عمران ونيس الفسي ( بصفته ) ولياً لابنه (القاصر) ( مفتاح ) .
(8) رمضان محمد أكريم ( بصفته ) ولياء لابنه (القاصر) (حمد ) .
(9) على محمد أرحومة العماري ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (محمد) .
(10) عبدالقادر عبدالـهادي محمد ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبدالـهادي).
(11) أحمد يوسف الطلحي (بصفته) ولياًعن ابنه (القاصر) (خالد).
(12) محمد موسى عثمان الحسناوي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبدالباري).
(13) فرج عبدالونيس بوعيشه ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (إيهاب ) .
(14) عبدالوهاب سالم ميلاد المعداني (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (سالم) .
(15) سالم محمد بن صريتي ( بصفته) وليا عن ابنه (القاصر) (عبدالرؤوف).
(16) فرج إبراهيم الفزاني (بصفته) ولياًعن ابنه (القاصر) ( أيمن ).
(17) أحميدة أغنيوة أبوعجيلة (بصيفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (خضرة).
(18) على محمد بوراوي ( بصفته) ولياًعن ابنه (القاصر) ( أحمد ).
(19) إبراهيم حمد العريبي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( سند).
(20) يوسف إسحاق عمر ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (حنان) .
(21) سليمان محمد أبوبكر ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( خيرية) .
(22) محمد ناجى حسن ( بصفته) ولياعن ابنه (القاصر) (عياد) .
(23) على عبدالقادرالفلاح ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر)( بشرى) .
(24) عقيل رمضان البكوش ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (خالد) .
(25) زيدان سالم بوسنينة ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( إسراء) .
(26) عبدالقادر يوسف أشتيوي ( بصفته عن نفسه) .
(27) خميسة عبدالمالك عن نفسها .
(28) خالد مختار الدريوي (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( مختار).
(29) محمد أحميده فركاش ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( وائل ) .
(30) عبداللـه محمد العشيبي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( فرح ) .
(31) أمقاوي أمغيب المغربي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( مريم).
(32) عبدالرحمن فرج بومطاري ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (محمد) .
(33) عثمان محمد زغبية (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (منتصر).
(34) فرج عوض الجمل (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( محمد) .
(35) ميمون مختار الجراري ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (صالح ) .
(36) فايز محمد مسعود الحاسي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( مروة) .
(37) محمد الطاهر الساعدي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (ابتسام ) .
(38) إمراجع على الفارسي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبداللـه) .
(39) عطية مسعود موسى الحاسى ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( بسام) .
(40) عثمان عبداللـه عمر الزايدى ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبدالمنعم).
(41) مسعود مفتاح عبدالنبي العقورى (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (إسراء).
(42) صافي صالح ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (صباح) .
(43) مرعي بوسيف العمامي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( سالمة) .
(44) حسني محمد الشبلي ( بصفته) ولياً عن ابنته(القاصر) (زينب ).
(45) أهلال عباس صالح (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (خلود).
(46) الناجي صقر الشبلي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (بسمة) .
(47) علي عبدالسلام العقوري (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (إستبرق) .
(48) صالح بوزيد(بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (أحمد) .
(49) آمال عبدالواحد بعيو عن نفسها .
(50) ناجي بالقاسم يحيى الورشفاني (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (بسمة) .
(51) أنور المجبري ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (نور) .
(52) خميس هاشم أحميد (بصفته) ولياًعن ابنه (القاصر) (أسامة) .
(53) مصباح سالم بوحميده ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (حنين).
(54) الطيب مفتاح الجراري ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (مفتاح) .
(55) محمد ناجى القذافي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( عياد) .
(56) عياد سليمان المغربي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( فرج ).
(57) إمراجع مفتاح الكاديكي (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( نهى).
(58) محمد عوض الشريف (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (سُهيلة).
(59) عوض أحمد العريبي ( بصفته) ولياً عن أبتنه (القاصر) ( أمل ) .
(60) عيسى سليمان عبدالجليل ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( على) .
(61) إدريس عطية فضل اللـه ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( جمال) .
(62) إبريك خالد فرج (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( أرحيم) .
(63) جمعة سعد محمد المقريف ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (سعد).
(64) إدريس الشريف محمد الفارسي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (فاطمة).
(65) محمود محمد السنوسي ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( فاطمة) .
(66) محمود مطرود ختال (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( جميلة) .
(67) عياد حمد عياد الزوي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (سالم).
(68) محمد محمود الفاخري ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( فاطمة).
(69) عبدالحميد فرج عبدالحميد ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (ريم) .
(70) أحمد محمد عبداللـه الغرياني ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( هنادي).
(71) مخلوف مصباح ضو سعد ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (سماح) . عنهم الاستاذ / عبدللـه محمود المغربي / المحامي شارع عمرالمختار رقم (49) بنغازي .
(72) عبدالجواد حسن الفرجاني ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبداللـه) .
(73) جمعة عبدالسلام الشيخى ( بصفته) ولياً عن أبنيه (القاصرين) (عاشور, ومنى ).
(74) بشير إبراهيم الماطوني (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبداللـه) .
(75) علي عبدالسلام دومة (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( فادي ).
(76) محمد أمراجع التاجوري ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (إسلام) .
(77) محمد ونيس قادير ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( ونيس ).
(78) عمر مختار السنوسي خليف ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (محمد).
(79) فرج أحمد الشلطامي (بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (رندة) .
(80) عثما ن محمد مفتاح زغبية ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( منتصر) .
(81) سليمان المبروك المليان الفرجاني ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عبدالعزيز).
(82) عوض محمد فرج العريبي (بصفته ) ولياً عن ابنته (القاصر) ( أمل ).
(83) علي محمد سالم الفيتوري ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( هبه).
(84) جمعة فضل اللـه التاجوري (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( فضل اللـه).
(85) عبدالقادر محمد يوسف التاجوري ( بصفته) ولياًعن ابنه (القاصر) (يوسف).
(86) حسن أكريم الفارسي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (موسى).
(87) جلال سالم الشركسي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( سالم).
(88) محمد بشير بن غزي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( الحسين).
(89) أحمد أحميده صالح ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) (مروة).
(90) ناجي محمد العربي ( بصفته ) ولياً عن ابنته (القاصر) ( نهى) .
(91) صالح محمد القبالي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عيسى) .
(92) زينب مبارك عبدالرحمن (عن نفسها)
(93) صلاح الدين سليم المسلاتي ( بصفته) ولياً عن ابنته(القاصر) ( إسراء). عنهم الاستاذ خالد المهدي المحجوب / المحامى بنغازي , ش / أحمد رفيق , عمارة ( الوسيع ) الدور (3) .
(94) نجاة عبدالجليل صالح ( مقدمة شرعية) عن ابنتها (ساره جمال) .
(95) جمعة عبدالسلام بالنور الشيخي ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (عاشور).
(96) جابر طاهر محمد ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( ناجى).
(97) أكرم إبراهيم عبدالسلام النيهوم (بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (إبراهيم).
(98) مرعي محمد إبراهيم ( بصفته) ولياً عن ابنته (القاصر) ( فاطمة) .
(99) عبدالمنعم عبدالكريم بن دردف ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (المعتزباللـه). عنهم الأستاذ / حسين على أغليليب / المحامى بنغازى , ش /عمر المختار / رقم (23) .
(100) محمد الجروشي المبروك ( بصفته) المقدم الشرعى عن (القاصر)( صالح صالح علي ).
(101) عبدالمنعم عبدالكريم السنوسى بن دردف ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( معتز).
(102) عاطف محمد كمال الدين ( بصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) ( محمد).
(103) محمد الفيتوري محمد الساعدى ( عن نفسه) .
(104) أرحومة حسن أرحومة ( عن نفسه) .
(105) رجعة عبداللـه سعد التاجوري ( عن نفسها ) .
عنهم الأستاذ / سليم هدية درياق / المحامى , سرت , مقابل مجمع المحاكم .
(106) ميلود زايد العماري (عن نفسه وبصفته) ولياً عن ابنه( القاصر) ( على ) وابنائه القصر ( محمد وحنان ).
(107) نوارة محمد محمد ( بصفتها) والدة (المجني عليه ).
(108) محمد سليمان داوود ( عن نفسه وبصفته) ولياً عن ابنه (أمين) وابنائه القصر (إسلام وأسامة).
(109) سعاد حسن خير اللـه (بصفتها) والدة المجني عليه(أمين) .
(110) سعد عبدالرازق أبوبكر الفاخري (عن نفسه وبصفته) ولياً عن ابنه (القاصر) (حسن) وابنائه (القصر) (عبدالرازق , و صافية , ومحمد).
(111) فرحانة خليفة يوسف , (بصفتها) والدة المجني عليه ( حسن سعد).
(112) عبدالحفيظ جمعة المنصوري , (عن نفسه وبصفته) ولياً عن المجني عليها (مبروكة) وابنائه (القصر) (خالد , وأحمد , ونور الـهدى , وأمجد).
(113) صالحة فرج فضل اللـه فنوش ,( بصفتها) والدة المجني عليها (مبروكة عبدالحفيظ).
(114) خميس هاشم أحميدة (عن نفسه وبصفته) ولياً لابنه (القاصر) (أسامة) ولابنائه القصر ( محمد , فرج , أسماء , صابرين , إيناس ).
(115) حاتم خميس هاشم , عن نفسه ( شقيق المجني عليه) (أسامة) .
(116) سالم خميس هاشم , عن نفسه ( شقيق المجني عليه) (أسامة).
(117) رندة خميس هاشم ، عن نفسها شقيقة ( المجني عليه) ( أسامة) .
(118) نسرين خميس هاشم , عن نفسها شقيقة المجني عليه (أسامة) .
(119) نجاح خميس هاشم , عن نفسها شقيقة المجني عليه (أسامة).
(120) سميرة أحمد الخميس ( بصفتها) والدة المجني عليه (أسامة خميس).
(121) مسعود مؤمن حسين (عن نفسه وبصفته) ولياً عن ابنته المجني عليها ( أحلام) وعن ابنائه القصر ( سعاد , أنور , مؤمن , إبراهيم , خولة , إيناس , سندس).
(122) سعيدة إبراهيم حسين ( بصفتها) والدة المجني عليها (أحلام) .
(123) أسماء مسعود مؤمن , عن نفسها شقيقة المجني عليها .
(124) إيمان مسعود مؤمن , عن نفسها شقيقة المجني عليها .
(125) ريما مسعود مؤمن , عن نفسها شقيقة المجني عليها .
(126) زاهيه رجب محمد , (عن نفسها وبصفتها) والدة المجني عليها ( رجاء المسماري) وبصفتها قيّمة عن ابنائها القصر ( خالد , عبداللـه , منى ) .
(127) حاتم محمد المسماري , عن نفسه شقيق المجني عليها ( رجاء ) .
(128) وليد محمد المسماري , عن نفسه شقيق المجني عليها ( رجاء) .
(129) فتحية محمد المسماري , عن نفسها شقيقة المجني عليها ( رجاء) .
(130) عمران عثمان معتوق , (عن نفسه وبصفته) ولياً عن ابنه المجني عليه (عبدالعزيز) وعن ابنه القاصر (أنس).
(131) سليمة محمد حمد,عن نفسها وبصفتها والدة المجني عليه(عبدالعزيزعمران).
(132) محمد عمران عثمان , عن نفسه شقيق المجني عليه (عبدالعزيز عمران).
(133) يوسف عمران عثمان , عن نفسه شقيق المجني عليه (عبدالعزيز عمران).
(134) طارق عمران عثمان , عن نفسه شقيق المجني عليه (عبدالعزيز عمران).
(135) عثمان عمران عثمان , عن نفسه شقيق المجني عليه (عبدالعزيز عمران).
(136) مريم عمران عثمان , وحليمة عمران , عن نفسيهما شقيقتا المجني عليه (عبدالعزيز عمران).
(137) مفتاح محمد سالم الزياني , عن نفسه وبصفته ولياً عن المجني عليها (عائشة) وعن ابنيه القاصرين (إبراهيم وعبدالسلام).
(138) صالحة المهدي مسعود , عن نفسها وبصفتها والدة المجني عليها (عائشة).
(139) محمد مفتاح محمد الزياني , عن نفسه شقيق المجني عليها ( عائشة) .
(140) ربيع مفتاح محمد الزياني , عن نفسه شقيق المجني عليها (عائشة).
(141) فتح اللـه مفتاح محمد الزيانى , عن نفسه شقيق المجني عليها (عائشة).
(142) عاطف مفتاح محمد الزيانى , عن نفسه شقيق المجني عليها (عائشة).
(143) أحمد مفتاح محمد الزياني , عن نفسه شقيق المجني عليها (عائشة).
(144) نجوى مفتاح محمد الزياني , عن نفسها شقيقة المجني عليها ( عائشة).
(145) حنان مفتاح محمد الزياني , عن نفسها شقيقة المجني عليها (عائشة).
(146) ناجى صقر سعد , عن نفسه وبصفته ولياً عن ابنته القاصر (بسمة ) وعن ابنائه القصر ( نديم , خالد , محمد , فاطمة ) .
(147) ونيسة خميس الشلماني , عن نفسها وبصفتها والدة المجني عليها (بسمة). عنهم المحاميان / أحمد أسويسى , وعلى المسماري , شارع مصراته , عمارة الأوقاف , بنغازي .
(148) خليفة على صالح على , عن نفسه وبصفته ولياً عن المجني عليها (ريما خليفة ) وعن ابنيه القاصرين ( منير, ربيعة).
(149) ربيع خليفة على صالح , عن نفسه شقيق المجني عليها (ريما) .
(150) سليمة خليفة على صالح , عن نفسها شقيقة المجني عليها (ريما).
(151) زمزم الـهادي محمد العمامي , عن نفسها وبصفتها والدة المجني عليها ( ريما).
(152) مبروكة عبدالفتاح بن هلوم , عن نفسها وبصفتها وكيلة عن زوجها ( إدريس يحيى محمد العقوري ) بصفته ولياً عن المجني عليه ( يحيى إدريس ) والقصر ( نجاح , إدريس , وعبدالفتاح إدريس ) .
عنهم الأستاذ / علىعبدالحميد المسماري / المحامى , شارع مصراته , عمارة الأوقاف بنغازي .
ضـــــــــــد
المتهمين : ـ
1 ـ أشرف أحمد جمعة الحاجوج , طبيب امتياز , فلسطنيي الجنسية , مقيم
بنغازى مواليد 1969 / عنه الأستاذ التهامي التومي /المحامى.
2 ـ كرستيانا فنينلنوفا فتشيفا , ممرضة , 24 سنة , بلغارية مقيمة ببنغازي .
3 ـ ناسيا أستويتشيفا نينوفا , ممرضة , 30 سنة , بلغارية مقيمة ببنغازي .
4 ـ فالنتينا مانولوفا سيروبولو , ممرضة , 38 سنة , بلغارية مقيمة ببنغازي.
5 ـ فاليا جيورجيفا تشيرفيناشكا , ممرضة 43 سنة بلغارية مقيمة ببنغازي.
6 ـ سنجانكا إيفانوفا ديمتروفا , ممرضة 46 سنة , بلغارية مقيمة ببنغازي .
7 ـ أزدرافكو مارينوف جيورجيفا , طبيب , 48 سنة , بلغاري الجنسية , شركة
دونغ أه الكورية .
عنهم الأستاذ / بلامن بيتروف وعثمان البيزنطي / المحاميان .
8 ـ عطية الطاهر على الجعي , طبيب , 50 سنة , مستشفى الفاتح لطب وجراحة
الأطفال بنغازى .
9 ـ خليفة ميلاد محمد الوراد , طبيب , 55 سنة , مستشفى الفاتح لطب وجراحة
الأطفال بنغازي .
10 ـ عبدالعزيز حسين محمد شمبش , طبيب , 58 سنة , مستشفى الفاتح لطب
وجراحة الأطفال بنغازي .
11ـ عبدالمنعم أحمد محمد الشريف , طبيب , 57 سنة , مستشفى الفاتح لطب
وجراحة الأطفال بنغازي .
12 ـ إدريس معتوق محمد العماري , طبيب , 58 سنة , مستشفى الفاتح لطب
وجراحة الأطفال بنغازي .
13 ـ سالم إبراهيم سليمان بوغرارة , 55 سنة , طبيب , مستشفى الفاتح لطب
وجراحة الأطفال بنغازي .
14 ـ منصور المبروك صالح الموهوب , طبيب , 60 سنة , مستشفى الفاتح
لطب وجراحة الأطفال بنغازي .
15 ـ نور الدين عبدالحميد خليل دغمان , طبيب , 55 سنة , مستشفى الفاتح
لطب وجراحة الأطفال بنغازي .
16 ـ سعد موسى سليمان العمروني , طبيب , 45 سنة , مستشفى الفاتح لطب
وجراحة الأطفال بنغازي .
عنهم الأساتذة / محمود أغنيوة ـ عبدالكريم المتريح ـ على العرفي ـ أبوبكر بلال
/ جميلة أسميو / المحامون.
17 ـ قويدو بيتر سيفر سيت , 35 سنة , مهندس , بنغازي.
18 ـ الكسندر مالكو نرد ريتشارد , 52 سنة , مهندس , بنغازي.
19 ـ أيدموند إنجي فابر , 35 سنة , طبيب , بنغازي .
20 ـ جمعة محمد مصطفى بوبريدعه , 31 سنة , فنى أجهزة , أمانة الصحة
بنغازي .
21 ـ ناصر ثابت عريبي , 34 سنة , أعمال حرة بنغازى .
عنه الأستاذان / سعد المسماري ـ عبدالعزيز الترهوني/ المحاميان .
22 ـ أسامة حامد جبريل الاسمع , 34 سنة , موظف , بنغازي .
23 ـ أرمينا بيشوا , 30 سنة , ممرضة , مستشفى الـهواري , بنغازي .
24 ـ إيمانويلا بينفا كوليفا , 30 سنة , ممرضة , مستشفى الـهواري .
25 ـ أسميلان لازاروف تا تشف , 41 سنة , مهندس , بنغازي .
26 ـ حرب عامر دربال , 60 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس .
عنه الأستاذ / عصام بن غشير المحامى / بنغازي .
27 ـ عبدالمجيد الصويعي مسعود الشول , 38 سنة , صيدلي , إقامته بطرابلس .
عنه الأستاذ / عصام بن غشير / المحامى .
28 ـ مصطفى طلحة حسن الشوكاح , 38 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس
عنه الأستاذ / عصام بن غشير/ المحامي .
29 ـ جمعة عبداللـه المشري أرحومة , 45 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس.
عنه الاستاذ / عصام بن غشير/ المحامى.
30 ـ أسامة شعبان أعويدات , 35 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس .
عنه الأستاذ عصام بن غشير/ المحامى
31 ـ عادل محمد النعاس , 40 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس .
عنه عبدالمجيد بن منصور/ المحامى .
32 ـ محمد عمار الحرارى , 40 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس .
عنه الأستاذ / جمال العروسي/ المحامى .
33 ـ موسى أسماعيل أحمد أبوصبع , 25 سنة , شرطى , أقامته بطرابلس .
عنه الاستاذ / على برداق / المحامى .
34 ـ سليم جمعة سليم , 40 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس .
عنه الاستاذ عصام بن غشير/ المحامى .
35 ـ منير فاهم أرحومة , 35 سنة , ضابط شرطة , إقامته بطرابلس .
عنه الأستاذ / عبدالحميد المسماري/ المحامى .
والمدعى عليهم بصفتهم :
36 ـ أمين اللجنة الشعبية العامة بصفته .
37 ـ أمين اللجنة الشعبية العامة للمالية , بصفته .
38 ـ أمين اللجنة الشعبية العامة للصحة والضمان الاجتماعي .
39 ـ أمين اللجنة الشعبية لشعبية بنغازي .
40 ـ أمين اللجنة الشعبية للصحة بنغازي .
41 ـ أمين اللجنة الشعبية لجامعة قاريونس .
42 ـ الممثل القانوني لمستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال .
43 ـ الأمين المساعد لشؤون الخدمات .
عنهم إدارة القضايا فرع بنغازي .
..... لأنهم خلال سنتي 98 , 99 " وما قبلـهما "
بدائرة قسم البحث الجنائي بنغازي : ـ
1) الأول والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابع.
1) تسببوا في وقوع وباء بنشر الجراثيم الضارة وذلك بأن قاموا بحقن " 393" طفلا من الأطفال نزلاء مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بفيروس العوز المناعي المكتسب انتقل إلى تسع عشرة من أمهات الأطفال المذكورين حالة كونه نتج عن الفعل موت ثلاثة وعشرين طفلاً وعلى النحو الوارد بالأوراق .
2) قتلوا عمداً بمواد يتسبب عنها الموت آجلا وذلك بأن قاموا بحقن عدد "393" طفل من الأطفال نزلاء مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بفيروس العوز المناعي المكتسب نجم عنه موت " 23 " طفلا وعلى النحو الثابت بالأوراق .
2) المتهم الأول وحده : ـ
بوصفه موظفاً عاماً طبيباً بمستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال أخذ عطية نقدية ومنافع شخصية من الثانية لا حق لـه فيها للإخلا ل بواجبات وظيفته وذلك بأن أخذ من الثانية مبلغ (خمسة آلاف دينار) وسبعة وعشرون ألف دولار وملذات شخصية مقابل قيامه بحقن أطفال مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بفيروس العوز المناعي المكتسب وعلى النحو الثابت بالأوراق .
3) المتهمة الثانية : ـ
أعطت للأول عطية نقدية لإخلالـه بواجبات وظيفته , بأن أعطته مبلغ خمسة آلاف دينار ليبي وسبعة وعشرون ألف دولار أمريكي مقابل حقن وتجنيد ممرضات لحقن أطفال نزلاء مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بفيروس العوز المناعي المكتسب (الإيدز) , كما وعدته بمبلغ خمسمائة ألف دولار لتمكينه من الدراسة بالخارج والزواج بإحدى الفتيات البلغاريات وعلى النحو الثابت بالأوراق .
4) المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة : ـ
أخذت كلُّ منهن عطية نقدية من الثانية لا حق لـهن فيها لإخلالـهن بواجبات وظائفهن , وذلك بأن أخذت كل منهن مبلغ خمسة آلاف دولار , ووعداً بمبالغ أخرى مقابل حقن أطفال مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بفيروس العوز المناعي المكتسب , وعلى النحو المفصل بالأوراق.
5) المتهمون من الثامن وحتى الخامس عشر : ـ
1) تسببوا في وقوع وباء بنشر جراثيم ضارة بين (19) أمّاً من أمهات أطفال مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بأن أخفوا عنهن واقعة إصابة ابنائهن بفيروس العوز المناعي المكتسب ولم تتخذ أي إجراءات وقائية لمنع انتقال الفيروس إليهن عن طريق الرضاعة وعلى النحو الثابت بالأوراق .
2) بوصفهم موظفين عموميين أساءوا استعمال سلطات وظيفتهم إضراراً بالمجني عليهن الأمهات اللاتي أصبن بفيروس الإيدز , وذلك بأن حجبوا نتائج التحاليل المعملية التي أجريت على الأطفال المصابين ومكنوا الأمهات من إرضاع ابنائهن المصابين ونتج عن ذلك إصابتهن وعلى النحو الوارد بالأوراق.
6) المتهمون ـ الأول والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابع : ـ
تعاملوا في النقد الاجنبي بخلاف الشروط والأوضاع التي حددها مصرف ليبيا المركزي , بأن قام الأول والثانية والسابع ببيع مبالغ من النقد الاجنبي عن طريق غير المصارف واستلمت الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة مبالغ من النقد الاجنبي من الثانية وتصرفن فيها خلاف التشريعات النافذة وعلى النحو الثابت بالأوراق .
7) المتهمان الثانية والسابع : ـ
أدخلا إلى الجماهيرية نقداً أجنبياً دون أن يقدما عنه إقراراً لدى السلطات الجمركية عند الدخول , بأن أدخلت الثانية والسابع مبلغ خمسة آلاف دولار أثناء قدومهما من بلغاريا وعلى المحو الثابت بالأرواق .
8) المتهمة الثالثة : ـ
صدّرت مبالغاً بالنقد الاجنبي إلى خارج الجماهيرية خلافاً للشروط والأوضاع التي حددها مصرف ليبيا المركزى وذلك بأن صدّرت ألف دولار أمريكي لأخيها في بلغاريا عن طريق إحدى صديقاتها وعلى النحو الثابت بالأوراق.
9) المتهمون : الأول والثانية والثالثة والرابعة : ـ
1) الأول أتى مع الثانية والثالثة والرابعة فعل الجماع بغير أن تكون بينهم علاقة الزوجية المشروعة حالة كونهم عاقلين بالغين قاصدى ارتكاب الفعل وعلى النحو الثابت بالأوراق .
2) الأول واقع الثانية والثالثة والرابعة برضاهن حالة كونهن شريكات لـه في الفعل وعلى النحو الوارد بالأوراق.
10) المتهمة الثانية : ـ
1) صنعت خمراً وعلى النحو الوارد بالأوراق .
2) تعاملت في الخمرة وذلك بأن قدمت كميات من الخمر للأول وآخرين وعلى النحو الثابت بالأوراق .
11) المتهمون : الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسابع .
1) بوصفهم غير مسلمين شربوا خمراً في أماكن عامة مفتوحة للجمهور وذلك بأن قاموا بشربها على شاطئ البحر وبالغابات المفتوحة وعلى النحو الثابت بالأوراق.
2) بوصفهم السابق تعاطوا خمراً وعلى النحو الثابت بالأوراق .
12) المتهم الثامن : ـ
بوصفه موظفاً عاماً (مديراً لمستشفى الفاتح ) لطب وجراحة الأطفال حصل لنفسه على منفعة غير مشروعة من أعمال الإدارة التي يمارس فيها وظيفته , وذلك بأن حجز غرفة لابنته المصابة ببعض الحروق لمعالجتها بمستشفى الأطفال بدلا من مستشفى الحروق , وخصص لـها ممرضة وسخر سيارات المستشفى لنقل ابنائه إلى دُور التعليم وعلى النحو الثابت بالأوراق .
13) المتهمون من الثامن وحتى السادس عشر : ـ
بوصفهم موظفين عموميين بقطاع الصحة( أ ) أهملوا في أداء عمل من أعمال وظيفتهم وذك بأن أهمل المتهمين من التاسع وحتى الخامس عشر في إخطار أولياء الأمور بإصابة أبنائهم بالمرض , ( ب) المتهمون من الثامن و حتى الرابع عشر باعتبار الثامن مديراً للمستشفى , والباقين رؤساء الوحدات أ , ب , ج , تركوا المتهمين الأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة يعملون دون رقابة واشراف عليهم مما مكنهم من حقن الأطفال بفيروس المرض , ومكنوا الأول من الإقامة بالمستشفى دون متابعة , (ج ) لم يتخذ المتهم السادس عشر الإجراءات اللازمة لمجابهة انتشار المرض بين الأطفال رغم علمه بذلك .
14) السادس عشر بوصفه موظفاً عاماً أساء استعمال سلطات وظيفته لنفع الغير للإضرار بقطاع الصحة وذلك بأن مكن المتهم السابع من العمل بقطاع الصحة أثناء حضوره لزوجته المتهمة الثانية , وقرر مرتباً لـها على حساب قطاع الصحة مقابل عملـها بمكتبه الخاص وعلى النحو الثابت بالأوراق .
15) المتهمان الحادي والعشرين والثالثة والعشرين : ـ
شربا خمراً وعلى النحو الثابت بالأوراق .
حازوا خمراً وعلى النحو الثابت بالأوراق .
16) المتهمون السابع ووالثامن عشر والتاسع عشر والثالثة والعشرين والرابعة والعشرون والخامس والعشرون بوصفهم غيرمسلمين شربوا خمراً وتعاطوها في أماكن عامة وعلى النحو الثابت بالأوراق .
17) المتهمان العاشرون والثانية : ـ
1) أتيا فعل الجماع بغير أن تكون بينهما علاقة الزوجية الشرعية حالة كونهما عاقلين بالغين وعلى النحو المبين بالأوراق .
2) المتهم العشرون واقع المتهمة الثانية برضاها حالة كونها شريكة لـه في الفعل , وعلى النحو الوارد بالأوراق .
18) المتهمة التاسع عشر والرابعة والعشرون : ـ
1) أتيا فعل الجماع بغير أن تكون بينهما علاقة الزوجية المشروعة وعلى النحو الثابت بالأوراق .
2) التاسع عشر واقع المتهمة الرابعة والعشرين برضاها حالة كونها شريكة لـه في الفعل وذلك على النحو الثابت بالأوراق .
19) المتهمان الثامن عشر والثانية : ـ
1) أتيا فعل الجماع بغير بأن تكون بينهما علاقة الزوجية المشروعة وعلى النحو الثابت بالأوراق .
2) المتهم الثامن عشر واقع الثانية برضاها حالة كونها شريكة لـه في الفعل وعلى النحو الثابت بالأوراق.
20) المتهم الحادي والعشرون : ـ
قدم خمراً للثانية وآخرين وعلى النحو الثابت بالأوراق .
21) العشرون والثالث والعشرون : ـ
1) أتيا فعل الجماع بغير أن تكون بينهما علاقة الزوجية المشروعة حالة كونهما عاقلين قاصدين ارتكاب الفعل وعلى النحو المبين بالأوراق .
2) العشرون واقع الثالثة والعشرين برضاها حالة كونها شريكة لـه في الفعل وعلى النحو الوارد بالأوراق .
الأمر المعاقب عليه بالمواد
305 / 1 . 2 . 3 , 371 , 407/4 , 77 عقوبات , وبالمواد 1 , 2 , 3 , 21 , 22 , 35 من القانون رقم 2 لسنة 79 بشأن الجرائم الاقتصادية (المعدّل) وبالمواد , 1 , 2 , 4 , من القانون رقم 70 لسنة 1973 بشان إقامة حد الزنى والمواد 3 , 4/1 بند 6 من قانون 4 / 23 بشأن تحريم الخمر المعدل بالقانون رقم 20/25 , والمادة 169 / 1. 2 عقوبات , والمواد 77 /1 , 78 /1 , 84 , 90 , 92 من قانون 1 / 93 بشأن النقد والمصارف والإ ئتمان المعدل و المادة 177/1 عقوبات وجنحة بالمواد 33 , 34 من قانون 2/79 بشأن الجرائم الاقصادية المعدل والمادة 237 /1 , 234 عقوبات , والمواد/ 1, 2 , 3 , من القانون رقم 10 لسنة 85 بشأن جرائم الآداب.
وقدمتهم النيابة العامة إلى غرفة الاتهام كطلب إحالتهم إلى محكمة الجنايات والغرفة قررت بذلك بعد أعتماد القيد والوصف : ـ
***** وحيث إن حاصل واقعات الدعوى تتلخص في : ـ
أنه وبتاريخ : 30 / 9 / 1998 بدائرة قسم البحث الجنائي بنغازي , وعلى عريضة الشكوى المقدمة من المواطن (محمد بشير بن غزي) إلى النيابة العامة والمحالة منها إلى مأمور الضبط القضائي للاستدلال حول ما ورد فيها , وبخلاصته شكواه وما أكده بإفادته الثابتة بمحضر الاستدلال من أن ابنه (الحسين) والبالغ من العمر (أربعة أشهر) كان نزيلا بمستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بمدينة بنغازي , وقد أجريت لـه عملية جراحية بمستشفى السابع من أكتوبر في ذات المدينة , وقد تم استئصال أحدى كليتيه , ولسوء حالته الصحّية بعد إجرائه العملية الجراحية سافر به والده إلى جمهورية مصر العربية سعياً وراء علاجه , وهناك دلّت الفحوصات والتحاليل الطبية على أن ابنه مصاب بمرض العوز المناعي (الإيدز) فعاد بابنه إلى الوطن وأودعه مستشفى الفاتح الذي كان نزيلا به قبل سفره للعلاج وإلى أن وافاه الأجل في 9/9/98 وأضحى والده بين لوعة الفقد وإنشاد الحقيقة حول هذا المرض ومسبباته فكان لجوئه إلى سلطات التحقيق في ذلك .
فشرع مأمور الضبط في الاستدلال حول بلاغ هذا المواطن .
** وقد جاء في إفادة الدكتور (أمين عصمان) بأنه : ـ من قام بإجراء العملية الجراحية للطفل (الحسين بشير بن غزي) بمستشفى السابع من أكتوبر وأن الدم الذي نقل إلى الطفل ثبت خلوه من تلوث فيروس الإيدز .
** ثم جاء فى إفادة الدكتور (عطية الجعي) مدير مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال ليؤكد على أن الطفل المذكور كان نزيلا بمستشفى الأطفال قبل سفره إلى جمهورية مصر العربية للعلاج ومن بعد عودته تم إعادة فحصه وإجراء التحاليل فتأكدت إصابته بمرض العوز المناعي ( الإيدز) فأبلغ ( منسق البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز) وتم عزل الطفل بالمستشفى إلى أن وافاه الأجل , وبذات الإفادة التي أدلى بها مدير المستشفى كانت إفادة الأمين الاداري بذات المستشفى .
** وفى تاريخ : 20/12/98 قام مأمور الضبط القضائي بعرض أوراق الاستدلال على النيابة العامة المختصة , فأمرت بتفتيش سكن الممرضة التي تدعى (تورما ساكنت) ولم تكن من نتيجة تنفيذ التفتيش العثور على ما يجلي حقيقة الواقعة .
** كما قام مأمور الضبط بسماع إفادة المتهمة ( ناسيا ) والتي لم تفد بشئ عن انتشار مرض (الإيدز) بالمستشفى .
** وبتاريخ : 12/10/98 تولت النيابة العامة تحقيق الواقعة عندما تعاظم الأمر فسجلت إفادة عدد ( مائتين وثلاثة وثلاثين ) من أولياء أمور الأطفال الذين تأكدت إصابتهم بمرض (الإيدز) وجميع هؤلاء الأطفال كانوا من نزلاء مستشفى الأطفال أو من المترددين على عيادته الخارجية , وقد جمع إفادة أولياء الأمور استجلاء الحقيقة وشكهم في أمر دًُبّر بليل , ولذا كانت تختتم إفادتهم بطلب تقديم المذنبين إلى العدالة وكل ذلك وفقاً للثابت بالأوراق .
وبسماع إفادة الدكتور (أمين رمضان عصمان) لم يأت بما يخالف إفادته بمحضر الاستدلال .
** وجاء بتحقيق النيابة العامة ما أفادت به فنية المختبر بالمستشفى (فاطمة إدريس المبروك) بأن رئيسة هيئة التمريض بالمستشفى قدمت لـها (رأس حقنة في غلافها ملوثةً بما يشبه الدم ) فأجرت الاختبار عليها بطريقة ( اليزا) ولم يثبت تلوثها بفيروس الإيدز.
** وجاء في إفادة فنية المختبر بالمستشفى (فتحية منصور محمود) بأنها علمت في بداية شهر 8/98 بحالات إصابة أكثر من خمسين طفلا بمرض (الإيدز) وأن إدارة المستشفى كلفت لجنة علمية لمواجهة المشكلة وأن هذه اللجنة أحاطت إجراءاتها بالسرية لدرجة أن بعض الأطفال الثابت إصابتهم ( بمرض الإيدز) قد تم خروجهم من المستشفى دون إعلام ذويهم بذلك , مما سبب في إصابة ثلاث أمهات بالعدوى حسب علمها وأنها تعتقد بأن وراء انتشار المرض فعل فاعل.
** وجاء في إفادة رئيسة هيئة التمريض بالمستشفى (تبرة صالح المجبري) بأنها علمت من أحد الأطباء خلال شهر 6/98 عن حالات إصابة الأطفال بمرض (الإيدز) وأنها تعتقد بأن انتشار المرض من جراء نقل الدم ونقص التعقيم.
** وجاء في ا فادة ( مدير المستشفى , الدكتور: عطية الطاهر جعي ) بأنه : ـ خلال الفترة من شهر (7) إلى (10) عام 98 تم تشخيص عدد (112) حالة إصابة بمرض (الإيدز) بواسطة فحص (الأنزيم المناعي) ولعدد ثلاث مرات متتالية , وتم التأكد من تشخيص عشر حالات بواسطة تحليل (P.C.R ) بمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة , وأضاف : ـ بأنه لا يستطيع تحديد سبب انتشار (مرض الإيدز) بين الأطفال من نزلاء المستشفى , وبرر عدم إخطارهم لأولياء أمورهم إلى خطورة ذلك من الناحية الاجتماعية والأخلاقية , وأن الحالات في البداية كانت مجرد اشتباه.
** وجاء في إفادة الدكتور ( نور الدين دغمان , أخصائي أمراض الدم بالمستشفى) بأنه : ـ وقف على تحاليل الحالات وتأكد من الإصابة بمرض (الإيدز) لعدد من الأطفال نزلاء المستشفى , وخلص إلى القول : بأن هذه ظاهرة غريبة ولم أجد لـها تفسيراً علمياً دقيقاً , ولا أستبعد أن يكون وراء ذلك فعل فاعل.
** وجاء في إفادة رئيسة قسم المختبر بالمستشفى (فاطمة إدريس نجم) بأن أول عينة تم إجراء فحصها كانت في نهاية شهر 7/98 للطفل (الحسين بن غزي) وكانت معروفة بالمستشفى لأن الطفل من نزلائه , ثم توالت حالات ظهور الإصابة حتى بلغت تسعة وسبعين حالة , وأنها : تعتقد بأن وراء ذلك فعل فاعل .
** وبتاريخ : 21/6/99 قررت النيابة العامة بإحالة ملف الدعوى إلى مكتب المحامي العام كطلب النائب العام بإحالة ملف الدعوى إلى مكتب الادعاء الشعبي.
** وبتاريخ : 9/12/98 كانت لجنة من مأموري الضبط القضائي قد تم تكليفها بموجب القرار رقم 1209 / 98 الصادر عن أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام , وقد باشرت بموجبه الاستدلال في الواقعة .
** وبسماعها أقوال الدكتور (عطية الطاهر الجعي / مدير المستشفى) جاء في ملخص إفادته بأنه بتاريخ : 14/7/98 أبلغه الدكتور(إدريس معتوق / استشاري أمراض معوية بالمستشفى) عن إصابة الطفلة النزيلة بالمستشفى (سندس سالم العياش / وعمرها ثلاثة أشهر بمرض الإيدز) والتي كان أول تاريخ دخولـها للمستشفى في : 13/9/97 وتكررت مرات دخولـها بالمستشفى حتى تاريخ : 13/5/98 وأنه لم يتم نقل دم أو مشتقاته لـهذه الطفلة خلال فترة علاجها , وأن نتائج التحاليل أكدت إصابتها بمرض الإيدز بتاريخ : 17/6/98 بمستشفى الخضراء بطرابلس , وقد أجريت التحاليل على والدي الطفلة ولم تثبت إصابة أي منهما بمرض الإيدز , كما أنه وفى ذات الفترة تأكدت إصابة الطفل (الحسين بن غزي) وكان عمره أربعة أشهر (بإصابته بمرض الإيدز) وقد أجريت التحاليل والاختبارات على والديه وثبتت عدم إصابتهما بمرض الإيدز , كل ذلك دعاه إلى تشكيل لجنة من الأطباء لدراسة الحالة ولاتخاذ التدابير اللازمة , وكان من نتائج عملـها ثبوت إصابة عدد أربعة عشر طفلا تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة أشهر وسنتين ونصف , وجميعهم من نزلاء المستشفى , والذين لوحظ عليهم عدم استجابة حالتهم المرضية للعلاج , وتوالى إجراء الاختبارات على كافة الأطفال الذين تم إيواؤهم بالمستشفى وتبين ازدياد في حالات الإصابة بمرض الإيدز , مما تولد عنه الإرباك والشك في نتائج المختبر مما دعاه في البداية إلى عدم إبلاغ أولياء أمور الأطفال المصابين بهذه النتائج ولخطورة الموقف , كما أنه تم إرسالـه لعدد من العينات بلغت إحدى عشرة عينة إلى مختبر طرابلس الذي تأخر في إعلامهم بنتائج الفحص مدة ثلاثة أسابيع , وثبت بعدها بأن تسع حالات من العينات تحمل فيروس الإيدز .
وأضاف : بأنه تم التنسيق مع أمانة الصحة بإرسال عينات لمختبر منظمة الصحة العالمية بالقاهرة وكان ذلك بتاريخ : 6/10/98 وكان عدد العينات من الأطفال المصابين ( سبع عشرة عينة ) وخلال الفترة تم حضور لجنة متخصصة من منظمة الصحة العالمية , وقدمت بعض الملاحظات والتدابير الشفوية , وقدمت اللجنة العلمية بالمستشفى تقريرها بخصوص ( اثنين وأربعين حالة من أطفال المستشفى المصابين ) وأن عدد ست حالات من بينهم قد وافاهم الأجل , واستمرت الفحوصات والتحاليل وثبت ازدياد في حالات الإصابة بمرض الإيدز بين الأطفال نزلاء المستشفى حتى بلغ عددهم (234) طفلا وطفلة حتى تاريخ : 9/12/1998 الأمر الذي جعلـه يشك بأن وراء ذلك فعل عمدي أو أن بعض الأدوية أو التطعيمات ملوثة , خصوصاً وأن الإصابة بالمرض لحقت بأطفال تتراوح أعمارهم ما بين ثلاثة أشهر وسنتين ونصف في غالبها , وأن معظمها كانت لنزلاء ( الوحدات الباطنية المفتوحة أ . ب . ج ) وخلو باقي الوحدات المعزولة بالمستشفى من الإصابة بالمرض , كما أنه تبين بالتحليل المرجعي وجود أكثر من (فيروس في التقسيم العائلي A3.A2.A1) وهذا نادراً ما يكون بالاسلوب المتعارف عليه لنقل المرض أو حالات الأوبئة الأمر الذي دعاه إلى كتابة تقريره بالخصوص إلى أمين الصحة والجهات ذات العلاقة بموجب كتابه المؤرخ في : 23/11/98 , وقدم حافظة مستندات أرفقها مأمور الضبط بالأوراق .
** وجاء في إفادة دكتور (إدريس معتوق محمد) بأنه أول من علم بإصابة أول حالة بمرض الإيدز من بين الأطفال النزلاء بالمستشفى , وكانت الطفلة (سندس العياش) وذلك عندما أخبره الدكتور أبوشعالة عن اكتشاف إصابة هذه الطفلة بمرض الإيدز بالتحليل الذي أجري لـها بمستشفى الكلى بالزهراء , وأضاف : بأنه : قام بمراجعة ملفها الطبي بالمستشفى ودوّن ملاحظاته وأبلغ مدير المستشفى بذلك , وفصّـل التدابير المتخذة على النحو الذي قال به مدير المستشفى , وقال : ـ بأن تفسيره بانتشار مرض الإيدز بين الأطفال من نزلاء المستشفى بأنه يشك في كل ما يحُقن به الأطفال , وأن احتمال (يد قذرة خفيّه) كانت وراء ذلك .
** وجاء في إفادة الدكتور (محمد أبوشعالة على / استشاري أمراض مُعدية) بأنه : قد تم إبلاغه عن أول إصابة بمرض الإيدز من بين أطفال المستشفى كانت الطفلة (سندس العياش) وأنه شارك في التدابير والإجراءات التي أفاد بها مدير المستشفى.
** وبتاريخ : 14/12/98 انتقل مأمور الضبط القضائي إلى مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال لجمع المعلومات ولإعداد قائمة بأسماء الأطفال المصابين بمرض الإيدز من نزلاء المستشفى , وقد سمع إفادة أولياء أمور الأطفال بالإيجاز التالي : ـ
1ـ إفادة المواطن : ـ أبريك خليفة عوض , وابنته المصابة ( سعاد) .
2 ـ إفادة المواطن : ـ عيسى صالح عبدالجليل , وابنه المصاب ( على ) .
3 ـ إفادة المواطن : ـ سالم على عبداللـه العمامي , وابنته المصابة ( بسمة) .
4 ـ إفادة المواطن : ـ عبدالسلام مصطفى محمد , وابنته المصابة ( أماني) .
5 ـ إفادة المواطن : ـ عبدالناصر مفتاح إبراهيم , و ابنه المصاب ( منير ) .
6 ـ إفادة المواطن : ـ محمود مصباح عمران , وابنه المصاب ( عبدالرؤوف).
7 ـ إفادة المواطن : ـ جلال سالم على , وابنه المصاب ( سالم ).
8 ـ إفادة الموطن : ـ محمد عبدالحليم محمد , وابنه المصاب (أحمد ) .
9 ـ إفادة المواطن : ـ بالقاسم حسين محمد ، وابنه المصاب ( حسين ) .
10 ـ إفادة المواطن : ـ عبدالقادر الشريف محمد , وابنه المصاب (عبداللـه ).
11 ـ إفادة المواطن : ـ حسين الفرجاني الجبالي , وابنه المصاب ( عبدالسلام ) .
12 ـ إفادة المواطن : ـ فتحى سالم أبو سيف ، وابنه المصاب ( محمد) .
13 ـ إفادة المواطنة : ـ سعاد محمد على الغرياني , وابنها المصاب (سعد فوزي).
كما جاء في إفادتها بانتقال المرض إليها من جراء رضاعة ابنها .
14 ـ إفادة المواطن : ـ جمعة عبدالسلام بالنور , أصيب ابناه ( منى , عاشور)
كما أصيبت زوجته ( زكية عاشور) .
15 ـ إفادة المواطن : ـ سليمان المبروك المليان , وابنه المصاب ( عبدالعزيز) .
16 ـ إفادة المواطن : ـ عقيل رمضان عقيل , وابنه المصاب ( خالد) .
17 ـ إفادة المواطنة : ـ مبروكة عبدالفتاح عبدالنبي , وابنها المصاب ( يحيى إدريس).
18 ـ إفادة المواطن : ـ أنور على رجب المجبري , ,ابنته المصابة ( نور) .
19 ـ إفادة المواطن : ـ عبدالقادر فضل سعيد , وابنته المصابة ( فاطمة الزهراء).
20 ـ إفادة المواطن : ـ جمعة محمد أحمد , وابنته المصابة ( فاطمة ) .
21 ـ إفادة المواطن : ـ على محمد منصور الرعيض , وابنه المصاب (أحمد )
وقد جاء في إفادته بـأن ابنه توفي بعد إصـابته بمرض الإيدز الثابت إصـابته بـه بتحـاليل المستشفى أثنـاء تواجـده نزيـلا بالمستشفى , وأن ممـرضـة (أجنبية) قـد قامت بحقنه في جبهته بعدما تعذّرعليها حقنه بالوريد.
22 ـ أشرف أحمد عبداللـه , وابنه المصاب ( أحمد ) وقد جاء في إفادته بأن ابنه تـوفي بتـاريـخ : 7/11/98 مـن بعد ثبــوت إصابته بمـرض الإيدز وكــان نـزيــلا بالمستشفى بتاريخ : 17/8/98 , وأضـاف بـأن الشـك يسـاوره في قيام إحـدى ( الممرضات البلغاريات ) بحقن ابنه بالمرض .
23 ـ عيسى الحسين سعد , وابنه المصاب بالمرض ( حاتم ) .
24 ـ آمنه مفتاح محمد , وأبنتها المصابة بالمرض ( هنادي) .
25 ـ هدية عمر عبدالرازق , وابنها المصاب ( صالح) .
26 ـ فوزي سعد علي العمامي , وابنه المصاب بالمرض (سعد وكذلك زوجته/ سعاد على ).
27 ـ عزمي عبدالمجيد أحمد , وابنه المصاب بالمرض (أحمد) وجاء في إفادته : ـ
بأن ابنه توفي بتاريخ : 2/12/98 بعد ثبوت تحاليل المستشفى لإصابته بمرض الإيدز وكان نزيلا بالمستشفى بتاريخ : 27/7/98 .
28 ـ إدريس رجب إبرهيم , وابنته المصابة ( هبة ) .
29 ـ سعد رمضان محمد , وابنته المصابة ( هاجر) .
30 ـ رابحة عبدالسلام عبدالـهادي , وابنتها المصابة ( زينب شحات) .
31 ـ حسني محمد خليفة الشبلي , وابنته المصابة ( زينب ) .
32 ـ حسين على عقيلة , وابنه المصاب (نور الدين ).
33 ـ رمضان محمد أبوبكر , ,ابنه المصاب ( محمد) .
34 ـ مريم منصور عبدالغفار , وشقيقتها المصابة ( نجاة) .
35 عبدالرحمن فرج عمر , وابنه المصاب ( عيسى ) .
36 ـ عمر فتحى عبدالحميد , وابنته المصابة ( رغدة) .
37 ـ أفطيمة محمد حمد , وحفيدتها المصابة ( فاطمة) .
38 ـ هناء ألطيف محمد , مواليد 1986ف / وقد جاء في إفادتها بأن دخولـها للمستشفى كـان بتاريخ : 11/8/98 , وأن الممرضة (المتهمة) (ناسيا) هى مـن كانت تقوم على تمريضها سواء في إعطائها الحقن أو الدواء .
39 ـ فتحية نور الدين حسين , وابنها المصاب (حسين).
40 ـ حسن أكريم عمر , وابنه المصاب ( موسى ) .
41 ـ حميدة منصور محمد , وابنها (صالح).
42 ـ مبروكة صالح خطاب , وابنها المصاب ( سمير) .
43 ـ محمد بشير محمد بن غزي , وابنه المصاب ( الحسين) وقد جاء في إفادته بأن ابنه توفى بتاريخ : 9/9/98 من بعد ثبوت التحاليل لإصابته بمرض الإيدز, وأن اكتشاف مرضه بالإيدز كان بتاريخ : 26/7/98 .
44 ـ صالح عبدالرحمن فرج وابنه المصاب ( المعتصم).
45- منال سعيد محمود, وابنيها المصابين( مها محمود, محمد محمود).
46- منى عطية عمر, وابنها المصاب ( إبراهيم ) وكذلك إصابتها من ابنها نتيجة الرضاعة .
47- كاملة إبراهيم عبد الحميد, وابنتها المصابة( ندى ) وكذلك إصابتها من ابنتها
نتيجة الرضاعة .
48- تهاني فرج مسعود, وابنها المصاب ( رجب توفيق ).
49- سعاد مصطفى فرج , وقد جاء في إفادتها : بأنها تعمل في المستشفى كممرضة وأن التحاليل أثبتت إصابتها بمرض الإيدز , وتعيز ذلك إما لحقنها بالمرض أو بانتقال العدوى إليها من الأطفال المصابين بالمرض.
50- سعد محمد عبد المولى , وابنه المصاب ( محمد ) .
51- سعد إبراهيم أحمد , وابنته المصابة (مبروكة) وكذلك انتقال العدوى إلى زوجته ( زمزم عبد الواحد ) .
52- صبرى إبراهيم أحمد , وابنته ( أماني) بثبوت إصابتها بمرض الإيدز.
53- محمد عبد السلام الحوتى , وابنه المصاب (إسلام).
54- صالح عمران جبريل , وابنته المصابة ( فاطمة).
55- رمضان سليمان محمد , وشقيقته المصابة ( أسماء) .
56- السنوسى أحمد السنوسى , وابنته المصابة ( رشيدة) .
57- بوزيد محمد الجالي , وابنه المصاب ( عادل ) .
58- صالح بن العروس الـهادي , وابنه المصاب ( حمدي ) .
59- إمراجع سعيد محمد , و ابنه المصاب (حمزة) .
60- فاطمة صالح مفتاح , وابنها المصاب ( سعد محمد ) .
61- فجرة مفتاح الورفلي , وابنها المصاب ( باسم ) .
62- خديجة حامد محمد , وحفيدها المصاب ( مفتاح حسن ) .
63- عمر فرج الحاج , وابنته المصابة ( ألآء ) .
64- محمود مفتاح علي , وابنته المصابة ( آية ) .
65- حسن على حسن , وابنه المصاب ( مفتاح ) .
66- رشيد محمد المعروفي , وابنته المصابة ( صابرين ).
67 – إمقاوى إمغيب سعد , وابنته المصابة ( مريم ) .
68- الحسين محمد عبد الـهادي , وابنته المصابة (فاطمة ) .
69- مرتاحة صابر عبد السلام , وابنها المصاب ( أحمد عبد العزيز) .
70ـ عبد المنعم عبد الكريم الشتوي , وابنه المصاب ( المعتز باللـه ) وكذلك عدوى زوجته ( رجعة عبد اللـه ) من رضاعة ابنها المصاب .
71- صالح أبوزيد حمد , وابنه المصاب (أحمد) .
72- محمد الشتيوى عبدالقوى وابنته المصابة ( بسمة) .
73- إبراهيم محمد عبد الواحد , وابنه المصاب ( أحمد ) .
74- ميلود زائد علي , وابنه المصاب ( علي ).
75- محمد بشير القذافى , وابنته المصابة (مروة) وعدوى زوجته ( آمال عبدالواحد ) .
76- عقيلة عبد المجيد , وابنته المصابة (مروة ) وبأن جاء في إفادته : وفاة ابنته من بعد ثبوت التحاليل لإصابتها بمرض الإيدز .
77- عبد المنعم محمد الجوهري , وابنة اخته ( ريحانة إبريك ) .
78- محمد صالح محمد السحاتي , وابنته المصابة ( هدير ) .
79- هدى مفتاح سالم , وابنها المصاب (عبدالمعين ) وبأن جاء في إفادتها بأن المتهم الأول (أشرف) كان كثير التردد على الطفل عندما كان نزيلا بالمستشفى وينقلـه من سريره في بعض الأحيان إلى غرفة التمريض.
80- خليل خليفة التاجوري , وابنه المصاب ( حسام ) .
81- عبد الرحمن سعد نجم , وابنه المصاب ( محمد ) وقد جاء في إفادته بأن زوجته التي كانت مرافقة لابنها بالمستشفى قد استيقظت في منتصف الليل عندها شاهدت المتهم (أشرف) بجوار ابنها وعندما سألته عن سبب حضوره في مثل هذا الوقت تظاهر بقولـه للاطمئنان على الطفل وقد نقل الطفل إلى غرفة التمريض وأنه أخبرها بإعطائه حقنة .
82- عبد الرحيم يونس مفتاح , وابنه المصاب ( وليد ).
83- ناصر محمد أحمد , وابنه المصاب ( أنيس ).
84- حسن مجيد عبداللـه , وابن أخيه المصاب ( عبد المجيد صالح ) بثبوت إصابته بالمرض.
85- فاطمة عبد اللـه مفتاح , وابنها المصاب (عمر عبدالسلام ) .
86- ريم عبدالواحد خليل , وابنها المصاب ( جمال مروان ) .
87- زاهية رجب محمد , وابنتها المصابة ( رجاء محمد ) .
88 ـ محمد عوض عمر الشريف , وابنته المصابة ( سهيلة ) وقد جاء في إفادته :- بأنها من مواليد 1986وكان أول تاريخ دخولـها مستشفى الأطفال في عام (95) لمرضها بالسكري , وترددت على المستشفى حتى تاريخ :1/10/98 وأجريت لـها تحاليل وأثبتت إصابتها بالمرض(الإيدز) في 5/11/98 وكانت نزيلة بالمستشفى ( الباطنية وحدة ـ ب ـ) وقد أخبرته ابنته (سهيلة) بأنها فى ساعة متأخرة من الليل استيقظت من جراء حقنها من ممرضة بلغارية بالرغم من أن علاجها عبارة عن (حقنة أنسولين) مرتين في اليوم (الساعة السادسة صباحاً وأخرى السادسة مساء) وأن ابنته تعرفت على الممرضة من خلال ما عرض عليها من صور الممرضات وهى تدعى (المتهمة سنجانكا) وقد جاء في إفادة الطفلة : تأكيدها على أن الممرضة (سنجانكا) هى من قامت بحقنها تلك الليلة وأنها شاهدت سائل الحقنة الذي كان لونه مابين (الأحمر و الأصفر ) .
89- جميلة حسني أحمد , وابنها المصاب ( أحمد على ) وقد جاء في إفادتها بأنها عندما كانت مرافقة لابنها بالمستشفى وفى ساعة متأخرة من الليل استيقظت على أثر إنارة الحجرة التي تشغلـها ومعها ( الطفلة سهيلة ) وقد سمعت صراخ الطفلة (سهيلة) وقد لاحظت تواجد الممرضة ( المتهمة فاليا) بالقرب منها , كما لاحظت وجود ممرضة أخرى لم تتمكن من معرفتها .
** قررمأمور الضبط الإطلاع على الملف الطبي للطفلة (سهيلة ) وتم أستدعاؤه للدكتور: عادل إبراهيم التواتي لمراجعة ملفها, وتبين من هذا الإجراء بأنه لم يسجل بملف الطفلة أمر للدكتور المعالج بإعطاء حقنة للطفلة المريضة بعد منتصف الليل وذلك طيلة مدة مكوثها بالمستشفى .
90- كاملة التركي أحمد , وابنها المصاب ( سعد جمعة ) وقد جاء في إفادتها بثبوت إصابة ابنها بمرض (الإيدز ) من خلال التحاليل الطبية بالمستشفى وأضافت بأن (المتهمة) الممرضة ( فاليا ) قامت في إحدى المرات بأخذ عينة من دم طفلـها باستعمال حقنة ملوثة بالدم وأنها قد حاولت منعها إلا أنها قامت بإخراجها من حجرة الطفل وقامت بحقن طفلـها , كما أضافت بأنه وفى إحدى المرات لم تجد طفلـها في سريره ووجدته بحجرة استراحة الممرضات بيد الممرضة ( المتهمة فاليا ) ولاحظت تغيير ملابسه وقد أخبرتها الممرضة المذكورة بأنها قامت بتغيير ملابسه لأن الطفل قد تقيأ , إلا أنها لم تلاحظ أثراً للقئ على ملابسه التي تم تغييرها , فأخذت طفلـها من الممرضة المذكورة , كما أنها اضافت بأن المتهم ( أشرف) كان كثير التردد على المتهمة الممرضة (فاليا) بشكل يوحي بعلاقة خاصة بينهما .
** دوّن مأمور الضبط ملاحظات تتلخص بما يلى :-
عدد من أجرى التحاليل الطبية عن مرض ( الإيدز ) من ( الأطفال نزلاء المستشفى) (6278 طفلا وطفلة) حتى تاريخ 19/2/99 ثبتت إصابة عدد (351) طفلا وطفلة بمرض الإيدز وتوفى من بينهم (15) كما أجريت تحاليل على الأمهات وثبت إصابة (14) أمّاً من عدد (197) وأجريت تحاليل المرض على الأباء بعدد (136) وكانت جميعها سالبة .
وأن تاريخ وفيات الأ طفال المصابين ما بين شهري ( 9 ـ 12/98) وأن غالبيتهم تتراوح أعمارهم ما بين أربعة أشهر الى سنتين , كما أنه من خلال مراجعة مأمور الضبط للملفات الطبية للأطفال المصابين تبين لـه بأن (32 منهم) يستغرق دخولـهم للعلاج بالمستشفى من ( ساعة واحدة ) إلى (يومين) ويتوافق تواجدهم بالمستشفى مع جدول نوبات عمل الممرضات البلغاريات وعلى الأخص (المتهمات ناسيا . فاليا. فالنتينا . سنجانكا ) .
** وبتاريخ :11/4/99 قرر مأمور الضبط سماع أقوال المتهم (أشرف أحمد جمعة ) وجاء في تفصيل إفادته :-
بأنه تردد على مجموعة من مستشفيات بنغازي عندما كان طالباً بكلية الطب ومن بين هذه المستشفيات (مستشفى الأطفال ) وذلك منذ شهر (8/97) وكانت إقامته شبه دائمة بالمستشفى فى تلك الفترة خلال شهري (8 ـ 9/98) كان تواجده بالمستشفى بشكل رسمي كطبيب امتياز وأضاف : بأن أسرته تقيم في مدينة (ترهونة) وترسل لـه النقود لتغطية مصاريفه الشخصية , ولأن أسرته ذات دخل محدود اضطر الى الاستدانة باقتراض مبالغ مالية من بعض الاشخاص والذين من بينهم المتهمة ( كرستينا ) والتي كانت بداية علاقته بها في شهر (1/97)عندما كانت تشرف على عمليات غسيل كلى خطيبته المريضة (دانيا فايز) وكان ذلك قبل وفاتها عندما كانت مريضة بمستشفى السابع من أكتوبر الذي تعمل به المتهمة (كرستينا) وقد توطدت علاقته بهذه المتهمة وأصبح يرافقها في عدة رحلات بل استدان منها مبلغ (ألف دينار) مقابل وصل بذلك وفى الفترة من شهر ( 4) وحتى (12) عام ( 97 ) بلغ مجموع ما اقترضه منها(أربعة ألاف دينار ) وفى ذات مرة أقامت لـه ( المتهمة كرستينا ) حفلة صغيرة ( بمقهى فندق تيبستي) وذلك من بعد نجاحه في امتحان كليته وأنه وفى مرة أخرى رافقها في رحلة ترفيهية خلال شهر (3/98 ) برفقة المتهمتين ( ناسيا وفالنتينا ) بمنطقة الباكور , وقد حصل تعارف وثيق بينه وبين هذه المجموعة وصلت إلى إتيان الفاحشة مع المتهمة ( ناسيا ) و إلتقاط صور مشينة لـهما من قبل المتهمة ( كرستينا ) والتى طرحت عليه موضوع إبحاث علمية وباعتباره حديث التخرج فإن في ذلك فائدة لـه وإمكانية مشاركته في مؤتمرات طبية فعرضت عليه ( أبحاث تتعلق بمرض فيروس أيبولا) الذي انتشر في أفريقيا , وأن إمكانية إجراء هذا البحث على بعض الحالات بمستشفى الأطفال فقال : بمعارضته لذلك ثم عادت لتطرح على مسامعه موضوعاً آخر يتعلق ( بحقن بعض الحالات بفيروس الإيدز ) وعمل أبحاث على ذلك , وعندما عارضها أيضا في ذلك قالت لـه :- بأنها قد رتبت هذا الموضوع منذ فترة وأنه مشروع مُعد للتنفيذ وأن إعداده من قبل (الاستخبارات الإسرائيلية) ولأهداف سياسية (بإثارة القلاقل والفوضى في الشارع الليبي) وأكدت لـه بأن العملية معدة إعداداً جيداً وأن اكتشافها أمر غير سهل ـ وأضاف : بأن هذا اللقاء قد حدد عناصر التنفيذ بالمتهمات ( كرستينا بوصفها مدبرة العملية وفاليا و ناسيا و فالنتينا و سنجانكا) .
وفى اليوم التالي لـهذا اللقاء التقى بالمتهمة ( كرستينا ) بمقر عملـها بمستشفى السابع من أكتوبر بقسم الكلى الصناعية , وشرحت لـه طريقة التنفيذ للعملية بأن لديها عدد (24) زجاجة مزرعة دم بها ( فيروس الإيدز) وقد أخرجت إحداها لـه وعندما نزع غطاء أخضر من على الزجاجة غضبت منه وقالت لـه بأن ذلك يضيع عبوة زجاجة كاملـه - وعندما سألـها عن مصدر الزجاجات ردت بأن ذلك لايعنيه بل أنها قامت بتهديده إن تراجع فى تنفيذ العملية بخطف عائلته وأمور أخرى لا يتوقعها فسألـها عن نصيبه فىالعملية فقالت لـه : (خمسين ألف دولار أمريكى ) يتم تسليمها لـه بعد تمام العملية بالاضافة إلى (خمسمائة ألف دولار أمريكى ) يرصد بحساب باسمه في مصرف بسويسرا وسيكون لـه حرية التنقل في العالم , وقد عرضت عليه صوراً فوتوغرافية لفتيات بلغاريات ليختار من بينهن زوجة لـه حتى يمكنه الحصول على الجنسية البلغارية وأنه بعد الانتهاء من تنفيذ العملية سيسافران سوياً خارج البلاد وقدمت لـه مبلغ (خمسة ألاف دولار ).
وأضاف :- بأنه وفى اليوم التالي طلب من المتهمة ( كرستينا ) أن تكون حصته في تنفيذ العملية ( مليون دولار ) فوعدته بعرض الأمر على رؤسائها وأكدت لـه لاحقاً بأن حصته ( نصف مليون دولار) وما عليه سوى الموافقة على ذلك وعادت لتهدده بصور فوتوغرافية فاضحة لـه وللمتهمة (ناسيا) فقال :- باتفاقه معها على تنفيذ العملية بحقن أطفال المستشفى (بالفيروس) عن طريق الوريد وكانت بداية تنفيذ ذلك شهر (5/98) وأن الطريقة التي تم الاتفاق عليها هى : ـ حقن الأطفال بحقن ملوثة بفيروس الإيدز وأضاف بأنه ربما قامت إحدى المتهمات بحقن الأطفال عن طريق (سائل التغذية) وقال بإستلام حُقن جاهزة من المتهمات (ناسيا . فالنتينا . سنجانكا ) حسب مناوبة كل منهن , وكان يتم حقن من خمس أطفال إلى عشرة أطفال في اليوم وخصوصاً في الفترة المسائية حين يكونوا بدون مرافقين لـهم وإن اختيار نزلاء مستشفى الأطفال فهو لتدهور حالة المستشفى من ناحية ولعدم إستطاعة الأطفال على الكلام من ناحية ثانية , كما وأن اختيار قسم الباطنة بوحداته ( أ . ب . ج ) لأن حالات الأطفال به طارئة ولاتمكث طويلا , وأن الكمية التي يتم الحقن بها لا تقل عن ( 1 ملي متر) إلى ( 2ملي متر) في الحقنة الواحدة .
وأضاف : قيامه بحقن مجموعة من الأطفال بفيروس (الإيدز) يتراوح عددهم ما بين ( 10) إلى (15) طفل وطفلة من بينهم الطفل ( معين أبوبكر الفلاق) والطفلة ( بسمة) , وذلك بأن طلب من المتهمة (ناسيا) بإحضار الدواء للطفل (معين أبوبكر الفلاق ) الذي كان في حالة تشنج فأحضرت لـه المتهمة (ناسيا) (حقنة الإيدز) وقام بحقن الطفل بها في الوريد , أما بالنسبة للطفلة (بسمة) فقد قدّمت لـه المتهمة (ناسيا) الحقنة الملوثة بالإيدز فطلب منها أن تقوم بحقنها للطفلة وفعلت ذلك وأن من يقوم بحقن الأطفال بالمادة الملوثة هن المتهمات ( فاليا . فالنتينا . ناسيا . سنجانكا) وأن دوره الرئيسي في العملية هو التغطية على المتهمات أثناء قيامهن بحقن الأطفال ـ وقال : ـ بأنه تم حقن عدد كبير من الأطفال يتذكر منهم الطفل ( محمد عاطف ) وقد قامت بحقنه بالفيروس المتهمة (فاليا) والطفلة ( فاطمة الزهراء) وقد قامت بحقنها بالفيروس المتهمة (سنجانكا) وطفل آخر أسمر البشرة من الجنوب قامت بحقنة بالفيروس المتهمة ( ناسيا ) وقال : ـ بأن مستهدف العملية حقن ألف طفل بفيروس الإيدز , ويعتقد أن ما تم حقنة يتجاوز ( خمسمائة طفل ) وقال : ـ بأن الممرضة ( سعاد العقوري) قد أعطاها حقنة التغذية أثناء حالة إغمائها ويعتقد بأن حقنة التغذية كانت ملوثة بفيروس الإيدز , وقد قدمتها لـه إحدى الممرضات البلغاريات ولايتذكر أسمها .
وقال : ـ بأنه وفى ذات مرة أحتفظ بقطعة ملابس داخلية تخص المتهمة (كرستينا) وكان ذلك على سبيل الذكرى وأنه يحتفظ بها في صندوق بمنزل أسرته في مدينة ترهونة , خشية ضبطها عنده في مقر إقامته ببنغازي .
** دوّن مأمور الضبط القضائي ملاحظة إبلاغه للنائب العام بنتائج ما أسفر عنه الاستدلال ـ كما تم ضبط وتحريز قطعة ملابس داخلية تخص المتهمة كرستينا بعد العثور عليها بمنزل المتهم (أشرف) بمدينة ترهونة .
** وبضبط المتهمة ( كرستينا) جاء في إفادتها : ـ
بأنها عرفت المتهم ( أشرف) خلال صيف 98 بفترة تدربه بمستشفى السابع من أكتوبر الذي تعمل به كممرضة ـ وأنكرت معرفتها لباقي المتهمات , كما أنكرت أية علاقة تخص عملية حقن الأطفال بالسائل الملوث بالإيدز بما في ذلك إنكارها لزيارة المتهم ( أشرف ) لـها في مقر سكنها , كما أنكرت علاقتها بقطعة الملابس المضبوطة بحيازة المتهم (أشرف) ـ وأضافت بأن لديها عدد خمس زجاجات بلازما فارغة في بيتها قد أحضرها زوجها من مقر عملـه بغرض استبدالـها ـ كما أضافت بأنها سافرت إلى سويسرا حيث التقت بصديقها المدعو (قويدو) وسجل مأمور الضبط ملاحظة خاتمة أقوال المتهمة برفضها التوقيع على صحة أقوالـها بحجة عدم كتابتها باللغة البلغارية .
** وبضبط المتهمات ( ناسيا . فالنتينا . سنجانكا , فاليا ) وبسماع أقوالـهن أنكرن علاقتهن بالمتهم ( أشرف) وكذا المتهمة (كرستينا) وأنكرن علاقتهن بالعملية.
** تم عرض أوراق الاستدلال على النيابة العامة فأمرت بتفتيش منزل المتهمة (كرستينا) وكانت حصيلة التفتيش ضبط خمس زجاجات بلازما ببيتها ومجموعة صور فوتوغرافية .
** وأثبت مأمور الضبط تقديم الدكتور (بشير العلاقي) فني مختبرات لتقرير الخبرة على نتيجة اختبار السائل الموجود بالزجاجات المضبوطة بخلاصة : وجود فيروس الإيدز بكمية كبيرة في زجاجتين من الزجاجات الخمس المضبوطة .
** كما أجرى إستعراف كلب الأثر على قطعة الملابس المظبوطة بحوزة المتهم (أشرف) ـ وقد أستعرف الكلب على المتهمة ( كرستينا) .
** وجاء في إفادة المتهم ( أزدرافكو) بأنه في شهر نوفبر 98 أحضر عدد أربع أو خمس زجاجات بلازما كطلب رئيسه بشركة دونغ أه المدعو (شن) , وقد تركها بشقة زوجته المتهمة (كرستينا) وأنه قد تحصل على هذه الزجاجات من طبيب (سوري/ يدعى حمزة ) يعمل بحقل السرير , وأضاف بأنه لم يسبق أن طلب من زوجته المتهمة ( كرستينا) استبدال زجاجات البلازما وبأنها كاذبة فيما ادعت به في هذا الخصوص.
** وبإعادة إفادة المتهمة (كرستينا) قالت بأنها لم تدلى بقول صحيح بشأن زجاجات البلازما المضبوطة وأن الحقيقة هو أن المتهم ( أشرف) هو من أحضرها إليها وطلب استبدالـها بمثلـها مملؤة وقد كان ذلك في شهر نوفبر 98 ـ وأن علاقتها بالمتهم (أشرف) كانت بدايتها بتلقيها مكالمة هاتفية بمقر عملـها في شهر 1/98 من شخص قال لـها بأن أسمه ( جون) وكان يتحدث الانجليزية , وقد طلب منها أن يحدثها في شأن مهم فأخبرته أن يأتي إلى منزلـها وبمرور عدة أيام من ذلك أتى إلى منزلـها عند الساعة التاسعة ليلا , وقد شربا خمراً من زجاجة كان قد أحضرها معه وتحدث بأحاديث عابرة , وعندما سألته عن الشأن القادم من أجلـه قال لـها : ـ
بأنه عمل تقوم به وتحصل على مال كثير وهو ليس بالعمل الصعب وهو عبارة عن استلامها للزجاجات بلازما مملؤة بدواء لغرض الأبحاث الطبية وذلك لغرض حقنه لأطفال مستشفى بنغازي , وأن تبحث عن طبيب يجيد العربية ليقوم بتجنيد عدد من الممرضات لعمل ذلك , وعندما عارضته في ذلك قام بتهديدها وحذرها بأنها تحت مراقبته وغادرها على أن يتصل بها ثانية , وقد كان على اتصال هاتفي بعد ذلك معها بأحاديث قصيرة تحمل التهديد والوعيد , وأضافت : ـ بأنه في بداية شهر مارس 98 بدأ المتهم ( أشرف ) عملـه بمستشفى السابع من أكتوبر كطبيب امتياز , وكان يشكو لـها حالته وظروفه المادية السيئة , وأخبرها بأنه (فلسطيني الجنسية) فاختارته للمهمة وفاتحته في الموضوع الذي طلبه منها (المدعو جون) فلم يفكر طويلا في الأمر ووافقها على القيام بذلك , وبعد عدة أيام أخبرها بتجنيده للمتهمتين ( ناسيا و فالنتينا ) ـ فأخبرت المتهمة ( كرستينا) المدعو (جون) بذلك فأمدها خلال منتصف شهر مارس بثلاث زجاجات بلازما وظرف به ( خمسة آلاف دولار ) عن طريق وسيط يدعى (عادل) , وبنفس اليوم قامت بتسليم الزجاجات والنقود إلى المتهم (أشرف) في حضور ( ناسيا , وفالنتينا) .
ثم استلمت من الوسيط ( عادل ) ألفي دولار , وتم إيداع ( خمسة آلاف أخرى ) بحسابها في بلغاريا , تأكدت باتصالـها الـهاتفي بأن الإيداع بحسابها قد بلغ ( عشرة آلاف دولار أمريكي ) .
وأنه و في بداية شهر 6/98 استلمت ثلاث زجاجات أخرى ومبلغ اثنى عشر ألف دولار من الوسيط (عادل) فقامت بدعوة المتهمين ( أشرف . ناسيا . فالنتينا ) إلى بيتها وسلمت الزجاجات والنقود إلى المتهم ( أشرف ) , ثم استلمت في مرة أخرى ( خمس زجاجات ) ومبلغ ( عشرة آلاف دولار) قامت بتسليمها للمتهم (أشرف) , وقالت : ـ بأنها عرفت بأن السائل الذي بالزجاجات يحتوي على فيروس (الإيدز) حينما سمعت بإصابة مجموعة من الأطفال نزلاء المستشفى , وبأنها في إحدى المرات أحضر لـها المتهم (أشرف) عدد خمس زجاجات بلازما من نفس الزجاجات التي سبق استلامها منها مملؤة وأنها نفس الزجاجات التي ضُبطت بمنزلـها , كما قالت : بأن قطعة الملابس المضبوطة بحيازة المتهم (أشرف) تخصها.
وبختام إفادتها بمحضر الاستدلال كتبت المتهمة بلغتها ما ترجمته : ـ بأنها لا تعرف شيئاً عن منظمة اسرائلية لـها علاقة بالمشكلة التي حدثت بمستشفى الأطفال ولمْ أنظم إليها أو أشترك فيها , ولم اعد الدكتور أشرف بمبلغ ( خمسمائة ألف دولار ) وأنني أعرف شخصاً يدعى ( جون) هو من دفعني لتسليم الدكتور أشرف زجاجات بلازما لحقن الأطفال بها في مستشفى الأطفال وعن طريق وسيطه المدعو (عادل) وأخبرني الاثنان بأن الزجاجات تحتوي على دواء جديد خاص بالأبحاث وأن ( جون , وعادل ) قاما بالضغط عليها نفسياً بواسطة التهديد , ثم ذيلت كتابتها بتوقيعها وبصمة إبهامها .
** وعلى أثر قيام المتهمة ( ناسيا) بمحاولة الانتحار أثناء حجزها القانوني ومن بعد إسعافها وسماع أقوالـها أفادت : ـ
بتقديمها لأوراق مكتوبة بلُغتها عددها ثمانية أوراق , وقالت بأنها قامت بمحاولة قطع شرايين يدها بقطعة زجاج وقد كتبت قبلـها اعترافها بالاشتراك في عملية حقن الأطفال بالمستشفى بفيروس الإيدز , وذلك بعد لقائها بالمتهمة (كرستينا) في : 5/3/98 أثناء تواجدهما في حافلة نقل الممرضات بأن قدمتها لـها المتهمة (فاليا) وقد طلبت من المتهمة (كرستينا) إيجاد فرصة عمل إضافي ـ ومن بعد ذلك اتصل بها المتهم ( أشرف) الذي أخبرها بأن المتهمة ( كرستينا) قد وجدت لـها عملاً وطلبت مقابلتها في اليوم التالي بالحديقة المقابلة لفندق تيبستي , وقد تم اللقاء وأخبرتها بأن العمل لـه علاقة بالتمريض وأثناء عملـها الرسمي وذلك بأن تقوم بحقن الأطفال بالبلازما عن طريق الوريد , بحيث لايراها أحد , ولا تتحدث مع أحد سوى المتهم ( أشرف ) وأضافت بأنها اعترضت على ذلك إلا أن المتهمة أغرتها بتقديم المال لـها بأن أعطتها ( ألف دولار) ووعداً بمبالغ أخرى , وقد استلمت أول زجاجة من المتهم ( أشرف) وقامت بسحب السائل في عدد عشرة حقن وقامت بحقن عشرة أطفال , وأبلغت بذلك المتهم ( أشرف) , وأضافت بأنه فى تاريخ : 20/5/98 التقت بالمتهم ( أشرف . و كرستينا) بفندق تيبستي وقدمت لـها المتهمة ( زجاجتين ) ووعدتها بمزيد النقود , وأنه في شهر : 6/98 كانت أول حالة إصابة لطفل بالوحدة ( ج ) باطنية بالمستشفى , وفى شهر : 7/98 التقت بالمتهمة ( كرستينا ) والمتهم ( أشرف) واستلمت منها زجاجتين وفى هذا الوقت كانت حالات الإصابة قد زادت بين الأطفال مما طلبت معه توقفها عن ذلك , إلا أن المتهمة (كرستينا) قد أخبرتها بأن ذلك نهاية العملية وأضافت : ـ بأنها قامت بحقن من ( 45 إلى 50 ) طفل , وأنها لا تتذكر منهم سوى طفل يدعى يوسف , وآخر يسمى أحمد , وقالت بإشتراك المتهمات ( فاليا , سنجانكا) في حقن الأطفال وخلصت إلى القول : ـ بندمها وأسفها على اشتراكها في هذا الفعل وأستغلال حاجتها للمال .
** وبتاريخ : 13/7/99 أعيد افتتاح محضر الاستدلال لسماع إفادة الدكتور (عوض حسين أبو دجاجة / أستاذ علم الوبائيات بجامعة العرب الطبية ) بأنه قد علم بحالات الإصابة بمرض الإيدز بين أطفال نزلاء مستشفى الأطفال ببنغازى , وذلك أثناء تواجده باجتماع لمنظمة الصحة العاليمة في بيروت , وقد قام بالتنسيق مع خبراء من منظمة الصحة العالمية وقام بتشكيل لجان علمية بعد وصول فريق منظمة الصحة العالمية ـ وبدء التقصي الوبائي وكانت أول حالة إصابة في شهر : يوليو 1998 , وبلغت حالات الإصابة بالفيروس (43) وتبين لـه بأن الأطفال لايتجاوز أعمارهم عن سنتين , وتقرر استدعاء كافة الحالات التي تم إيواؤها بالمستشفى خلال سنة سابقة , فوصلت حالات الإصابة إلى ( 218) حالة , وبزيادة التقصي بلغت (385) من أصل (6086) , وكان ذلك في تاريخ : 7/7/98 , وأضاف بأنه أجري تقصي شامل على مستوى البلاد على عدد (20 ألف حالة ) أمهات وأطفال ولم تكتشف سوى حالة واحدة بمدينة بنغازي , كما تم إجراء تقصي على المستشفيات في مدينة بنغازي ولم تثبت أية إصابة , اتضح أن الوباء محصور في مكان واحد هو مستشفى الأطفال في بنغازي وفى سنة واحدة هى (98) , فكان السؤال المهم ما مصدر الإصابة وجواب ذلك الاحتمالات التالية : ـ
1) عبر المشية في حالة إصابة الأم , واستبعد هذا الاحتمال بما دلت التحاليل التي أجريت على ( 228 أمّاً ) لم تثبت سوى إصابة ( 18 ) منهن , وقد أكد خبراء الصحة العالمية بإمكانية عدوى الأمّ من رضاعة ابنها المصاب وذلك حالة تقرح فم الطفل وحلمة ثدي الأم .
2) الانتقال بالدم , واستبعد هذا الاحتمال لثبوت التحاليل عن خلو الدم المنقول لبعض الأطفال من فيروس المرض .
3) الانتقال بالخرق الجلدي , بقصد أو بدونه , ورجح احتمال فعل عمدي للأسباب الآتية : ـ
أ ـ أن عدد الأطفال المصابين في فترة زمنية محدودة عدد كبير مما يستبعد حالة التلوث وترجيح فعل عمدي .
ب ـ انحصار الإصابة في مستشفى الأطفال دون غيره علماً بأنه مستشفى نموذجي .
ج ـ لم تثبت إصابات بأقسام المستشفى المغلقة والتي لا يسمح بالدخول فيها , علماً بأنها الأكثر تعرضاً للإصابة ( قسم الكلى , قسم أمراض الدم ) .
د ـ لقد بيّن المختبر بالمستشفى أثناء الفحص بأن فيروس الإيدز تفاعلـه شديد الإجابية مما يتمشى مع الفكرة القائلة بأن الحقن كان بكمية كبير من فيروس الإيدز ويحتمل أن يكون عن طريق الوريد .
وأضاف بأن هذه القرائن كانت نتيجة دراسات قطعية , وقدم إحصائية أرفقت بأوراق الاستدلال .
** وبتاريخ : 15/5/99 دوّن مأمور الضبط ملاحظة إحالة ملف الاستدلال إلى مكتب النائب العام على طلبه ذلك لاحالته إلى مكتب الادعاء.
** بتاريخ : 16/6/99 تولى مكتب الادعاء الشعبي بطرابلس التحقيق في الواقعة , وقد قررت هئية التحقيق سماع إفادة المتهم ( أشرف ) وقد قررت الإفراج عنه , وبسؤالـه عن التهمة المنسوبة إليه اعترف بإرتكابه لـها بأن جاء في تفصيل اعترافه بأنه ولحاجته للمال ولما وعدته به المتهمة ( كرستينا ) من إعطائه لـه (نصف مليون دولار ) بالإضافة إلى ما قدّمته لـه من مبالغ وصلت (خمسة آلاف دينار) و ( خمسة آلاف دولار أمريكي ) وإغوائه وإغرائه باستكمال دراسته , وزواجه من إحدى فتيات بلغاريا , ومنحه الجنسية البلغارية , وتقديمها لنفسها لـه ومعاقرته الخمر معها , كل ذلك دعاه إلى ما طلبت منه من فعل قيام حقن الأطفال بمستشفى الأطفال بفيروس الإيدز , وقد اختار لمشاركته في ذلك المتهمتين ( ناسيا , فالنتينا ) وقد تم لقاء هذه المجموعة بالمتهمة ( كرستينا ) ببداية شهر : 3/98 في بيتها وقد تحدثت المتهمة مع المتهمتين ( ناسيا , فالنتينا ) وتمت موافقتهما على الاشتراك في الفعل المطلوب , وقدمت لكل واحدة منهما ظرفاً به نقود , كانت حصته ( خمسة آلاف دولار ) كما سلمته عدد ثلاث زجاجات بلازما تحتوي على فيروس الإيدز والذي بدوره سلمها لكل من المتهمات (ناسيا , فالنتينا ) و( فاليا) التي انضمت إلى المجموعة في شهر : 8/98 , وقدمت المتهمة (كرستينا) لـهم المزيد من الزجاجات إلى باقي المتهمات مباشرة , وأضاف : بأنه قد تم مباشرة حقن الأطفال بهذه المادة ببداية شهر : 3/98 , وكان المستهدف حقن ( خمسمائة إلى ألف طفل ) بمعدل (C.C.2 ) لكل طفل , حيث أن الزجاجة الواحدة تحتوي على ( C.C.20 ) من السائل الملوث وتكفي لحقن ( مائة طفل تقريباً ) وأن دوره كان لتذليل العقبات التي يمكن أن تعترض تنفيذ باقي المتهمات لعملية الحقن , كما أن المتهمة ( ناسيا , فالتينا ) قامتا بتجنيد المتهمة (سنجانكا , فاليا ) عندما طلبت منهما المتهمة (كرستينا ) ذلك .
وأضاف : ـ بأن عدد الأطفال الذين تم حقنهم بفيروس الإيدز من بين نزلاء المستشفى بلغ ( أربعمائة وثلاثين طفلا وطفلة ) في الفترة من شهر : 3/98 وحتى منتصف : 10/98 , وأن اختيار نزلاء قسم أمراض الباطنية كان لاعتبار أنها من الحالات الطارئة التي لا يستغرق بقاؤها بالمستشفى أكثر من يوم أو يومين , أما عن دوافع الفعل قال : بأن المتهمة (كرستينا) قد أخبرته بتحقق زيادة عدد المصابين بمرض الإيدز في ليبيا , ولإثارة القلاقل والفوضى في الشارع الليبي , كما أنها أخبرته خلال شهر : 8/98 عندما كانت في حالة سكر بأن (الموساد الاسرائيلي وراء هذا العمل) , وأضاف بأن ضلوعه في هذا العمل كان تحت تهديد المتهمة (كرستينا) لـه بنشر صور خليعة لـه وللمتهمة (ناسيا) ـ وكذا صور ممارسة المدعو ( جيمس ) للجنس معه بمواقعته ببيت المتهمة (كرستينا ) في إحدى حفلاتها .
أضاف بأنه يعرف من بين الأطفال الذين تم حقنهم بفيروس الإيدز الطفلة (فاطمة الزهراء ) والطفل ( محمد عاطف ) حيث قامت المتهمة (فاليا) بحقنه وقامت المتهمة (فالنتينا) بحقن الطفلة (فاطمة الزهراء) , وقامت المتهمة (ناسيا) بحقن الطفل (معين أبوبكر الفلاق) .
** وقررت هيئة تحقيق الادعاء التحقيق مع المتهمة ( ناسيا) من بعد تقريرها الإفراج عنها , وبتوجيه الاتهام إليها اعترفت بارتكابها التهمة وعلى تفصيل إفادتها : بأنها كتبت إحدى عشرة ورقة قبل شروعها في الانتحار بقطع شرايين يدها , وقد تضمنت الأوراق التي حررتها اعترافها وأكدتها بإفادتها : بأن بداية علاقتها بالمتهمة ( كرستينا ) في شهر : 3/98 , وقد طلبت منها إيجاد فرصة عمل لـها في غير أوقات دوامها الرسمي , وقد أخبرها فيما بعد المتهم ( أشرف ) بأن المتهمة ( كرستينا) قد وجدت لـها فرصة عمل فذهبتا إلى مقر سكنها ترافقهما المتهمة (فالنتينا) وهناك شرحت المتهمة (كرستينا) لـهم طبيعة العمل بأن يتم حقن كل طفل بمعدل ( C.C.5 ) من سائل البلازما الملوث ومـن أن تتم الاستعانة بالمتهم (أشرف) في حالة وجود صعوبات , وقدمت لكل واحدة منهن ظرفاً به (ألف دولار) ومبلغأ آخر للمتهم (أشرف) بخمسة آلاف دولار ووعدتهم بمزيد من النقود وطلبت الحذر في التنفيذ .
** بتاريخ : 20/3/98 قدم لـها المتهم (أشرف) زجاجة بلازما تحتوى على(50 ملمتر) من السائل وقال لـها بأن هذه الكمية تكفي لحقن عشرة أطفال , وقد أعدت عشر حقن بالسائل سعة (C.C.5) وقامت بحقن الاطفال النزلاء بقسم الباطنية الذي تعمل به.
** وخلال شهر : 4/98 كان لقاؤهما الثاني بباقي المتهمين (أشرف. كرستينا. فاليا. فالنتينا) وتكرر خلال شهر : 5/98 وفى بداية : 6/98 , كما أنه تم في آخر لقاء بفندق تيبستي قامت باستلام زجاجتين من المتهمة (كرستينا) وكذلك باقي المتهمات بأنها قامت بحقن عدد عشرين طفلا , وفى بداية شهر : 8/98 كان لقاؤهما أيضاً بباقي المتهمين بشقة المتهمة ( كرستينا ) , وفى هذا اللقاء علمت بظهور حالات الإصابة بمرض الإيدز بين الأطفال في المستشفى وتأكدت من احتواء السائل الذي حقن به الأطفال على فيروس الإيدز وفى نهاية هذا اللقاء استلمت كل واحدة منهن زجاجتين من نفس السائل , وأضافت بأن عدد الزجاجات التي استعملتها في حقن الأطفال بلغت خمس زجاجات وقد حقنت (خمسين طفلا ) وأن دافعها من وراء ذلك المال .
** وبالتحقيق مع المتهمين (فالنتينا . فاليا . سنجانكا . أزدرافكو) من بعد الإفراج عنهم أنكروا جميعهم الاتهام الموجه لـهم واعترف المتهم (أزدرافكو) بتعاملـه بالنقد الأجنبي وشرب الخمر .
** وبالتحقيق مع المتهمة (كرستينا) من بعد الأفراج عنها , أنكرت تهمة نشر الوباء ولواقعة حقن الأ طفال بفيروس الإيدز واعترفت بتهمة ( المواقعة وشرب الخمر وحيازتها وتصنيعها والتعامل في النقد الأجنبي) وأضافت : بأنها لم يجبرها أحد على ماحررته باعترافها بلغتها وفق الثابت بمحضر الاستدلال , وأنها قد بدلت إفادتها بشأن الزجاجات المضبوطة بمقر سكنها عندما علمت باحتوائها على فيروس الإيدز بأن نسبت الزجاجات للمتهم (أشرف) كردة فعل على شهادته عليها , وادعت بالإكراه المادي دون أن تلاحظ هيئة التحقيق آثاره عليها .
** وقررت هيئة تحقيق الادعاء التحقيق بسماع إفادة : مدير مستشفى الأطفال الدكتور (عطية الطاهر على) وقد جاء في تفصيل إفادته :-
بأن انتشار مرض الإيدز بين الأطفال من نزلاء المستشفى يعتبره من فعل فاعل وعن عمد , وأن أول حالة إصابة بهذا المرض سُجلت كانت في شهر : 7/98 للطفلة ( سندس العياش ) وأنه قد تم تحليل عينات دم ما يزيد عن سبعة آلاف طفل بلغت الإصابة بالمرض (386) حالة اما عن إبلاغ أولياء أمور الأطفال المصابين قال : بأنه لم يكن في الإمكان التسرع في هذا الأمر الذي كان في بدايته مجرد اشتباه بالإصابة .
** وجاء في إفادة الدكتور ( خليفة ميلاد الوراد / رئيس قسم الوحدة ـ ب ـ بقسم الباطنية ) بأنه يرى بأن وراء إصابة الأطفال بمرض الإيدز فعلاً عمدياً وأنه يستبعد أية عوامل أخرى , وأضاف بأن إبلاغ أولياء الأمور كان يتم عند اكتشاف إصابة الطفل بالمرض , إلا أن بعضها قد يكون اكتشافها في وقت متأخر وأن كل طفل تم تحويلـه إلى قسم العزل قد تم إبلاغ وليه بمرضه بالإيدز.
** وجاء في إفادة الدكتور (عبدالعزيز شمبش / رئيس الوحدة ـ أ ـ بقسم االباطنة) بأنه يعتقد بأن انتشار مرض الإيدز بفعل عمدي , وأن أول حالة كانت بالقسم الذي يشرف عليه للطفل (معين الفلاق) , كانت في الأسبوع الثاني من شهر : 9/98 وأنه أبلغ والده بذلك وأبلغ كل ولي أمر عن إصابة ابنه بالمرض .
** وجاء في إفادة الدكتور (عبدالمنعم أحمد الشريف / رئيس الوحدة ـ ج ـ بقسم الباطنة) بأن أول حالة إصابة بمرض الإيدز في القسم الذي يشرف عليه كانت في بداية : 9/98 للطفلة (سندس العياش) , وأنه يرى بأن وراء ذلك فعلاً عمدياً , وأضاف قيامه بإبلاغ أولياء أمور الأطفال المصابين .
** جاء في إفادة ( سعد موسى العمروني / أمين قطاع الصحة بنغازي ) إنكاره للاتهام المنسوب إليه .
** وجاء في إفادة كل من : ـ جمعة محمد مصطفى باعترافه بمواقعة المدعوة (أرمنيا) والمتهم (أسميلان لازروف) بإنكاره بما نسب إليه .
والمتهم (قويدو بيتر سيفر سيت) بأنه يعرف المتهمة ( كرستينا) والتي كانت تقيم معه في سكنه بصفة شبه منتظمة وذلك منذ صيف : 94 وحتى عام : 97 وكانت علاقته بها لمعاشرتها جنسياً وكانت تقيم حفلات في شقتها , وأضاف بأنه يعرف المتهمات (فاليا , فالنتينا , سنجانكا ) من خلال لقائه بهن بمنزل المتهمة (كرستينا) ولخمس مناسبات .
** وجاء في شهادة مأمور الضبط ( جمعة عبداللـه المشري ) ضابط شرطة بأنه من ضبط زجاجات البلازما بشقة المتهمة (كرستينا) تنفيذاً لأمر النيابة العامة بتفتيش سكنها , وأن الزجاجات تم تحريزها بعد أخذ عينات منها للمختبر المرجعي بمستشفى الخضراء بطرابلس .
** وجاء في إفادة الشاهد ( عيسى صالح عيسى الختالي / مهندس مختبرات طبية , ورئيس مصرف الدم بمستشفى الخضراء طرابلس ) بأنه أخذ عينات من الزجاجات المضبوطة , وقد أجرى الاختبار المعملي عليها وثبت وجود دلائل على وجود فيروس الإيدز في بعض القنينات وأنه قد أعدّ تقريراً بذلك إلى مدير إدارة البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز .
** وجاء في إفادة الشاهد الدكتور ( عوض حسين أبودجاجة / أستاذ علم الوبائيات بجامعة العرب الطبية ) بأنه أشرف على لجان طبية من ضمنها خبراء بمنظمة الصحة العالمية وتم التقصي الوبائي على مستوى الجماهيرية وتم إجراء تحاليل على ( عشرين ألف حالة ) كانت نتائجها سلبية , وفصّل تدابير التقصي بما لا يخرج عما سبق تفصيلـه بإفادته بمحضر الاستدلال , مضيفاً أن خبراء منظمة الصحة العالمية قد أكدوا على أن طريقة الإصابة كانت من ( خرق الجلد).
** جاء في إفادة الدكتور ( نور الدين دغمان ) و الدكتور ( إدريس معتوق ) والدكتور ( منصور المبروك صالح ) والدكتور ( سالم إبراهيم أبوغرارة ) والدكتور ( عادل إبراهيم التواتي ) ـ بأن جاء في إفادة الأول : ـ بأنه قابل (الدكتور / نادال , أستاذ مساعد بجامعة أزيورخ ) وقد قال لـه : إما أن تكون الإصابة بفيروس الإيدز في سن مبكرة أو بتلقي جرعة عالية من الفيروس مع صغر أجسام الأطفال , كما قالت لـه (الدكتورة / سفر سيت , مستشارة الأمراض المعدية بمستشفى جنيف ) بأن الوسيلة التي أصيب بها الأطفال بفيروس الإيدز هى ذات الوسيلة .
وجاء في إفادة الثاني : ـ بأنه قابل البرفيسور (منتنييه) الذي قال لـه : " بأن هذا الأمر غير طبيعي " .
وجاء في إفادة الثالث : ـ ترجيحه بأن وراء إصابة الأطفال فعلاً عمدياً .
وفي إفادة الرابع : ـ بأنه اقتصر عملـه على إعداد ملفات المرضى , وإرفاق نتائج المعمل .
وفى إفادة الخامس : ـ بأنه قابل أخصائيين بإيطاليا والذين اعتبروا كثرة الإصابات بمرض الإيدز بين الأطفال ( أمر غريب) وأنه على ذلك يرجح الفعل العمدي .
** أحال مكتب الادعاء الشعبي الدعوى إلى محكمة الشعب وفق وثيقة اتهام مرفقة بالأوراق , ومحكمة الشعب قضت بجلستها المنعقدة في (؟) (بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى) ومنها أحيلت إلى مكتب النائب العام .
** وبتاريخ : 15/5/99 ـ أجرت النيابة العامة تحقيقها بمكتب النائب العام وبالتحقيق مع المتهم ( أشرف) اعترف بالتهمة المنسوبة إليه وذلك بأن جاء في تفصيل اعترافه : ـ
بأن علاقته بالمتهمة ( كرستينا) بدأت في شهر : 3/97 وأثناء تمريضها لخطيبته ( دانيا) التي توفيت عام :97 ـ وقد قدّمت لـه المتهمة (كرستينا) مساعدات مالية بلغت (خمسة آلاف دينار) ثم عرضت عليه عمل يتطلب تجنيد عدد من الممرضات وهو عبارة عن (بحث طبي بمستشفى الأطفال) لأنه يعمل بهذا المستشفى , وقد رشح لذلك المتهمة ( ناسيا و فالنتينا ) بعد موافقتهما على ذلك , فكان اللقاء في شهر : 3/98 بشقة المتهمة (كرستنيا) بوجود المتهمتان (ناسيا , فالنتينا) وقد طرحت المتهمة (كرستينا) عليه فكرة أبحاث على مرض (الإيبولا) ثم عادت لتطرح إجراء بحث على فيروس الإيدز وذلك من خلال حقن الأطفال بمادة قالت بأنها لاتأثير عليهم منها من حيث الاستجابة والمناعة , وقالت بأن المادة تحتوي على فيروس الإيدز , وأن الكمية التي يحقن بها الطفل (2.C.C) فقام : برفضه في البداية إلا أنه بتقديم المتهمة لـه مبلغ ( خمسة آلاف دولار) وتقديمها مبالغ لباقي المتهمات ولاحتياجه للمال بدأ تنفيذ عملية حقن الأطفال بالمستشفى , وكان دوره تذليل العقبات لباقي المتهمات وكان الحقن بالفيروس يجري بمعدل حالتين أو ثلاثة يومياً .
وبنهاية شهر : 3/98 رافق المتهمة (كرستينا) وباقي المتهمات في رحلة إلى منطقة الباكور وقام بمواقعة المتهمة (ناسيا) وقد هددته المتهمة (كرستينا) بصور خليعة لـه أثناء ممارسته الجنس مع المتهمة (ناسيا) وأثناء مواقعته من شخص في شقة المتهمة (كرستينا) ووعدته بالمال وبالسفر إلى مالطا وبفتح حساب لـه في إحدى البنوك السوسرية ويودع فيه (نصف مليون دولار) , كما عرضت عليه الزواج بفتاة بلغارية حتى يتسنى لـه الحصول على الجنسية , وقد طلب منها أن يكون المبلغ ( مليون دولار) فأخبرته لاحقاً بأن المخصص لـه (نصف مليون دولار) .
شرع في تنفيذ العملية بقيامه والمتهمات الأخريات بحقن الأطفال بالمستشفى بفيروس الإيدز , وأنه استلم من المتهمة (كرستينا) عدد ثلاث زجاجات بالسائل الملوث , وأنه في إحدى المرات كان قد احتفظ بقطعة من ملابسها الداخلية.
** وبالتحقيق مع المتهمة (ناسيا) اعترفت بالاتهام المنسوب إليها وجاء في تفصيلـه : ـ بأنها التقت بالمتهمة (كرستينا) بحافلة نقل الممرضات , وقد طلبت منها المساعدة في الحصول على فرصة عمل إضافي , وبعد فترة من ذلك أخبرها المتهم (أشرف) بأن المتهمة ( كرستينا) قد وجدت لـها فرصة عمل , فكان اللقاء بالمتهمة (كرستينا) بشقتها والمتهم (أشرف) والمتهمة ( فالنتينا) , وقد أخبرتهم المتهمة (كرستينا) بأن العمل المطلوب هو حقن الأطفال ببلازما وبأن يبقى ذلك طي الكتمان وقد سلمتها ألف دولار ومثلـه للمتهمة (فاليا) وخمسة آلاف دولار للمتهم (أشرف) وأضافت بأنها : في نهاية شهر : 3/98 سلّمها المتهم ( أشرف) أول زجاجة وقد تمكنت في ذلك اليوم من حقن عشرة أطفال وأعلمت المتهم (أشرف) بذلك , وأنها علمت بظهور أول حالة إصابة بمرض الإيدز في شهر : 6/98 , وازداد العدد في شهر : 7/98 ـ وأنها استلمت في مرة أخرى زجاجتين من المتهمة (كرستينا) وكذلك استلمت بمثلـها المتهمتان ( فاليا , فالنتينا) وقد قامت بحقن عشرة أطفال بزجاجة وبمثلـه بزجاجة أخرى , وقالت : بحضورها لحفلة بشقة المتهمة (كرستينا) في حضور المتهم (أشرف و فاليا و فالنتينا) وقد استلمت كل واحدة منهن زجاجتين من المتهمة (كرستينا) وقامت بحقن عشرين طفلا , وقالت بأن المتهم (أشرف) في نهاية شهر : 8/98 بأن ممرضة تدعى (سنجانكا) قد استلمت زجاجتين وأنها اشتركت في عملية الحقن , وفى نهاية شهر: 9/98 أخبرها المتهم (أشرف) بنهاية العملية , وقالت بأنها علمت بتلوث الزجاجات بفيروس الإيدز في شهر : 8/98 بعد تزايد حالات الإصابة , وبأنها في ذلك الوقت كانت قد استعملت في الحقن آخر زجاجتين وبأنها حقنت مابين ( 45 طفلاً إلى 50 طفلاً ).
** وبالتحقيق مع المتهمات ( فالنتينا , سنجانكا , فاليا , كرستينا) أنكرن الاتهام والواقعة .
** وبجلسة مد الحبس المؤرخة في : 20/5/1999 أمام قاضي مد الحبس الأستاذ مجدي رمضان ( قاضي بمحكمة طرابلس التخصصية ) بحضور الأستاذ : وكيل النيابة العامة ( امحمد المريمي ) و وفق الثابت بمحضر الجلسة ( جلسة مد الحبس) وبسؤال من القاضي إلى المتهم (أشرف أحمد جمعة ) عن التهم المنسوبة إليه من النيابة العامة " اعترف بها جميعها " وقال بحصولـها وطلب : التكفير عن ذنبه والمغفرة .
وبسؤال المتهم ( أزدرافكو) من قاضي مد الحبس عن التهم المنسوبة إليه أنكر قيامه بها وبالمثل : أنكرت المتهمة (كرستينا) واقتصر اعترافها على تصنيع الخمر وحيازته والتعامل في النقد الأجنبي وإدخالـه من غير طريق المصارف المختصة.
وبسؤال المتهمات ( فالنتينا , سنجانكا , فاليا ) أنكرن الإتهام المنسوب إليهن.
** وبجلسة هيئة غرفة الاتهام بمحكمة جنوب بنغازي الإبتدائية بجلسة : 3/6/2002 برئاسة القاضي (سالم المسماري) وبحضور رئيس النيابة العامة بمكتب النائب العام الأستاذ ( حسين اشتيوي ) وذلك للنظر في ملف الدعوى المحال إليها من النيابة العامة المختصة وفق قرار الاتهام , وبحضور المتهمين من الأول حتى السابع , وبسؤال كل واحد منهم عن الاتهام المنسوب إليه أنكروا جميعهم ذلك , ودفع المتهم الأول والثانية والثالثة ببطلان إفادتهم واعترافاتهم لتعرضهم للإكراه المادي من مأموري الضبط القضائي , فقررت هيئة غرفة الاتهام بتكليف رئيس النيابة العامة بالتحقيق حول ادعاء الإكراه المنسوب لمأموري الضبط القضائي وعرض المتهمين على الطبيب الشرعي , وبجلسة : 5/8/2002 قدم رئيس النيابة العامة ملف التحقيق مع رجال الشرطة حول ادعاء الإكراه وبجلسة : 26/8/2002 أصدرت غرفة الاتهام قرارها القاضي بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات وفق قيد ووصف النيابة العامة ومواد الاتهام , كما أمرت بإحالة المتهمين من مأموري الضبط من السادس والعشرين وحتى الخامس والثلاثين إلى محكمة الجنايات بنص المادة 435 عقوبات , دون تحديد أفعال ووصف الاتهام , وبهذا أحيلت الدعوى على هذه المحكمة.
***** وحيث إنه بالجلسة مثل من هيئة الدفاع : الأستاذ التهامي التومي / المحامي عن المتهم الأول , والأستاذ عثمان البيزنطى / المحامي عن المتهمين من الثانية وحتى السابع وقد شاركه أعمال الدفاع زميلـه الأستاذ بلامن بتروف المحامي من جمهورية بلغاريا , وقد أجازه ليقوم بأعمال المحاماة القرار الصادر عن الأستاذ أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل وفق القرار المرفق .
وحضر عن المتهمين من الثامن حتى السادس عشر الأساتذة المحامون : عبدالكريم المتريح , وعلى أبوبكر , و أبوبكر بلال , ومحمود أغنيوه , جميلة أسميو , وحضر عن المتهم الحادي والعشرين الأستاذان المحاميان/ سعد المسماري , عبدالعزيز الترهوني , وحضر عن المتهمين من السادس والعشرين وحتى الثامن والعشرين والثلاثين الأستاذ /عصام بن غشير / المحامي , وعن المتهم الثالث والثلاثين الأستاذ/ على برداق/ المحامي , وعن الثاني والثلاثين الأستاذ المحامي / جمال العروسي , وعن المتهم الرابع والثلاثين الأستاذ المحامي/ عصام بن غشير , وعن المتهم الخامس والثلاثين الأستاذ المحامي /عبدالحميد المسماري , وعن المدعين بالحق المدني من الأول وحتى الحادي والسبعين الأستاذ / عبداللـه محمود المغربي/ المحامي , وعن المدعين بالحق المدني من الثاني والسبعين وحتى الثالث والتسعين الأستاذ المحامي/ خالد المهدي المحجوب , ومن الرابع والتسعين وحتى التاسع والتسعين الأستاذ حسين على أغليليب / المحامى ومن المائة وحتى المائة وخمسة الأستاذ المحامي/ سليم هدية درياق , ومن المائة وستة وحتى المائة وسبعة وأربعين الأستاذان المحاميان / أحمد أسوسي وعلى المسماري , ومن المائة وثمانية وأربعين وحتى المائة والثانية والخمسين الأستاذ المحامي /على المسماري .
وحضر عن جهة الإدارة ( إدارة القضايا فرع بنغازي ) الأستاذ المحامي / إبراهيم المغربي .
طلبات النيابة العامة
***** وحيث إنه وعن طلبات النيابة العامة فقد تولت الدفاع في الدعوى كطبيعة عملـها , وقد بسطت في مذكراتها المقدمة بجلسات : (8/7/2003) و(3/9/2000) و (16/2/2004) و (5/4/2004 ) ـ تفصيل واقعات الدعوى , وقد تولت الرد على مناحى دفاع المتهمين فيما اختص بالشق الجنائي , وقد أفاضت القول بأن المتهمين من الأول إلى السابع قد عقدوا العزم على تنفيذ أفعال هذه الجريمة التي اهتز لـها ضمير الإنسانية , بالنظر إلى الغرض والوسيلة وطبيعة عمل المتهمين وحالة المجني عليهم , وأفاضت في شرح كيفية ارتكابها , بأن قدمت بين يدي هذه المحكمة من المستندات والمذكرات التي تتضمن طلباتها وما تراه دليلا على إجماع إرادة المتهمين السبع الأول على ارتكاب فصول الجريمة الأولى , فضلا عن بيان تفاصيل أنماط السلوك التي أتاها المتهمون المذكورون بما سيرد تفصيلـه لاحقاً .
وقد بينت بأنهم عقدوا العزم على نشر جراثيم وباء نقص المناعة المكتسبة بين أطفال مستشفى بنغازي عمداً لغاية في أنفسهم بأن أقدمت المتهمة الثانية على تنفيذ واقعة الجريمة بتزويد الباقين بقارورات البلازما الملوثة بتلك الجراثيم , وأوكلت حقن الأطفال بها للأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة , وقد استغرق تنفيذ أفعال هذه الجريمة من الفترة ( أول مارس :98 ) وحتى منتصف (أكتوبر من ذات السنة) وقد أفرغت محتويات ستة عشر زجاجة سعة ( 50 ملي متر في أجسام الأطفال حوالي 430 ) , كما اعترف المتهم الأول أمام مكتب الادعاء , وقد نجم عن ذلك أن انتقل المرض إلى أمهات الأطفال وبما يصل إلى إصابة ( 18 أمّاً ) بذات الداء , وقد عرجت في مذكرتها إلى أن المتهمة الثانية ألقت بشراكها في طريق المتهم الأول بما لاحظت عليه من اندفاع وحب للحياة المرفهة ووضع قانوني واجتماعي معين , وما أن عرفت معاناته تلك وحاجته الماسة بأن يحي حياة لاتقوى إمكانية والده على تلبيتها , وما أن علمت بحالته النفسية والمالية التي يعيشها حتى استدرجته إلى شقتها وقد أفاضت عليه من مالـها وعرضها وما أن قدّرت أن أصبح في متناول يدها كشفت لـه عن غطائها وصارحته بعزمها على نشر الوباء بين أطفال المستشفى ووعدته بمستقبل باهر , فانصاع لأوامرها وسعى إلى الاتصال ببقية المتهمات اللائي كن يسعين إلى البحث عن عمل آخر يدر عليهن دخلا إضافياً , وقد كانت هذه نقطة الضعف لديهم فوقعوا جميعاً في شراك الثانية التي قدمت المال وجراثيم المرض , وقد بدأ في تنفيذ أفعال الجريمة ابتداء من أول مارس : 98 وظلت المتهمات من الثالثة وحتى السادسة في تنفيذ ما أسند إليهن بعد أن يستلمن قارورات السائل الملوث بجراثيم المرض من المتهم الأول , وظل الحال كذلك حتى أن افتضح الأمر بوقوع الكشف عن الطفلة (سندس العياش ) والتي كان البلاغ عن إصابتها في : 18/6/98 ومن ثم كانت التعرف على إصابة الطفل ( حسين بن غزي) ومن ثم الطفلة ( سعاد إبريك العقوري ) وتوالت حالات ظهور المرض وبلغت ذروتها في شهر : 8 , 9 من 98 ـ وكان للدولة أن سخرت كافة أمكانياتها على الصعيد الطبي والمالي لمواجهة هذه الحالات.
وقد اعترف المتهم الأول والثالثة تفصيلا بما قارفت أيديهم من سوء الأفعال , وأنهما وباقي المتهمات جُندوا من قبل المتهمة الثانية في ارتكاب ذات الجريمة.
وقد جاء في مذكراتها أن أدلة الإثبات في الدعوى تمثل في : ـ اعتراف كل من المتهم الأول والثالثة على نفسيهما وبقية المتهمات , فضلا عن شهادة الشهود وهم (سهيلة عوض الشريف) التي شاهدت المتهمة السادسة بالغرفة وقامت بحقنها , وكذا شهادة الشاهدة (جميلة حسن) التي كانت تشاطرها الغرفة إذ لاحظت المتهمتين الخامسة والسادسة عند سرير المجني عليها (سهيلة) ليلا وفى غير أوقات تقديم الدواء وكان ذلك بتاريخ : 30/9/98 , كما أشارت إلى شهادة الشاهدة (كاملة التركي) التي وجدت أن المتهمة الخامسة تحمل طفلـها فى غرفة التمريض وكان يبكي , وعند الاستفسار منها عن ذلك قررت أنه تقيأ على ملابسه ولم تشهد مايشير إلى حصول ذلك , كما عولت النيابة على تقرير الخبراء بشأن محتويات الزجاجات المضبوطة , كما أشارت إلى الإقرار المكتوب الصادر عن المتهمة الثالثة الذي يشهد بكيفية ارتكابها والآخرين للجريمة , وأحالت على تقارير الخبرة المرفقة وأفاضت من مناقشت التقرير الاستشاري الذي الذي أرفقه كل من ( مونتنييه) و (كوليزي) مقررة أنه أعد لخدمة الدعوى , وكما كان لـها الإشارة إلى كل من الأطباء فيما شهدوا به ( دكتور/ عوض أبودجاجة , دكتور / محمد أبوشعالة , دكتور / طاهر صالح ) فيما اختص بكيفية انتشار المرض , وكان لـها الإحالة على شهادة الشهود بالجلسة من بينهم الطبيب الشرعي الذي نفى حصول أعمال التعذيب التي قيل بحصولـها , وأهابت إلى حصر حالات المرض بالأقسام الباطنية حيث يعملن المتهمات من الثالثة وحتى السادسة , كما قالت : ـ بالنسبة للأطباء الليبيين قد أهملوا في أداء وظائفهم فلم يسرعوا في إخطار الأمهات اللآتي يرضعن أطفالـهن المصابين , وأن الثامن وحتى الحادي عشر أهملوا في الإشراف على المتهمين (الأول والثالثة وحتى السادسة) وإن المتهمين الثامن والسادس عشر أساءا استعمال سلطات الوظيفة بأن أسكن المتهم الثامن ابنته المستشفى بدلاً من المستشفى المختص وأقدم الآخر على تعيين المتهم السابع بمرفق الصحة وألحق المتهمة الثانية للعمل بالمكتب , فضلا عن إقدامه على جلب المتهمات من الثالثة وحتى السادسة وغيرهن بغير الطريق المقرر قانوناً , كما كان لـها الإفاضة في الحديث عن كيفية حصول إصابة الأطفال وخلوصها إلى أنه عمل جنائي متعمد بدر من المتهمين السبع الأول , وتطرقت إلى الجانب العلمي في الدعوى مشيرة إلى ما قدمته من تقارير طبية بالخصوص مُحيلة على ما ورد بها , كما كان لـها الدفع بعدم إختصاص المحكمة مكانياً بنظر الدعوى في حق المتهمين من السادس والعشرين وحتى الخامس والثلاثين واختصاص محكمة استئناف طرابلس بذلك في شأن التهمة المسندة إليهم .
كما قررت بصحة القبض والتفتيش وخلصت إلى تطبيق مواد الإحالة بأقصى عقوبة فيما عدا ما اختص بعدم الاختصاص المحلي .
*** وقدم كل من أعضاء هيئة الدفاع مذكرات دفاعه سواء فيما اختص بالمتهمين أو الادعاء المدني وقد أحال كل منهم على تفاصيل مذكرات دفاعه , وأحال المدعين بالحق المدني على طلباتهم الواردة بصُحف دعاواهم , وخلصوا إلى طلبات كل منهم فيها , كما قدم كل منهم حوافظ مستندات التي تأشر عليها بالإرفاق كل فيما يخصه , وقد طلب المحامون القضاء ببراءة موكليهم في الدعوى الجنائية وبرفض الدعوى المدنية , وأحالوا في تفاصيل ذلك كلـه إلى مذكرات دفاعهم والتي سوف تعرض لـها المحكمة كل على حدى بالمناسبة والتوجه بالرد على المذكرات من بعد أن تعطيها حقها من البحث والتمحيص لتقول كلمة الفصل فيها , وفيما يتعلق بالدفوع بالبطلان التي أثارها دفاع المتهمين من الأول وحتى السابع , وكذا الدفوع الموضوعية التي ركنوا إليها في شأن المنازعة في أدلة الإثبات في الدعوى .
***** وحيث إن النيابة العامة قدمت مذكراتها التي خلصت بها إلى طلب تطبيق مواد الإحالة مع أقصى عقوبة في شأن المتهمين عدا السادس والعشرين وحتى الخامس والثلاثين , فقد دفعت في حقهم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى في شأن التهمة المسندة إليهم وعلى التفصيل الوارد بمذكراتها.
***** وحيث إنه قد مثلت جهة الإدارة بواسطة محاميها الأستاذ : إبراهيم المغربي عضو إدارة القضايا فرع بنغازي , وقد قدم مذكرة بدفاعه خلص فيها إلى طلب رفض الدعوى المدنية معولا على الأسباب التي فصلـها في مذكرته التي سوف تعرض لـها المحكمة في حينه , كما قدم حوافظ مستنداته التي تشهد بحصول إقدام جهة الإدارة على بذل كل ما يمكن في شأن المؤسسات الصحية الكائنة بمدينة بنغازي وعلى الأخص مستشفى الفاتح لطب وجرحة الأطفال , وكذا ما نهضت به جهة الإدارة في شأن علاج الأطفال المصابين بالخارج وتقديم المساعدات المالية اللازمة المفصلة في مذكرة دفاعه وألحقها بما يشهد على الإنفاق على الأطفال ومؤسساتهم العلاجية بسخاء .
***** وحيث أن المحكمة كانت حريصة في شأن ترتيب حقوق الدفاع , فقد أفسحت المجال للنيابة العامة وهيئة الدفاع في تقديم ما يكون لديهم من أوجه الدفع والدفاع مراعية أن يكون المتهمين آخر المتكلمين حتى يحيطوا بأوجه الاتهام والطلبات المدنية الموجهة إليهم و كما نظرت الدعوى في جلسة سرية في شأن التهمة المسندة للمتهمين المتعلقة بالآداب العامة وفق الثابت بمحضر الجلسة .
***** وحيث إن هذه المحكمة ترى قبل التوجه بالرد على دفاع المتهمين والمدعين بالحق المدني أن تذكر بمختصر الدعوى وما أقدمت عليه المحكمة من إجراءات بالجلسات التي عاشتها الدعوى والتي تمثلت في سماع الشهود سواء كان بناء على طلب المحكمة أو النيابة العامة أو هيئة الدفاع أو الخبراء الاستشاريين الذين أتى بهم دفاع المتهمين من الأول وحتى السابع , كما قدّرت المحكمة سعياً وراء البحث عن الحقيقة إحالة الدعوى إلى الخبرة بعد أن لمست المحكمة أن النزاع في الدعوى في شقها الجنائي استقام جدلا في مسألة علمية مناطها كيفية انتقال المرض لأطفال المستشفى وبعض أمهاتهم.
***** وحيث إنه وبعد أن قدمت المحكمة لم وقع في محاضر لجلسات من إجراءات تتعلق بكيفية سير الخصومة الجنائية والمدنية تحتم عليها أن تعرض لواقعة الدعوى بما يكفي لإجلاء غوامضها وكان الواقع في الدعوى ينطق بأن بلاغ من المدعين بالحق المدني بصفاتهم , وقع لدى النيابة العامة بمدينة بنغازي مؤداه أن أطفالـهم أصيبوا بمرض فقدان المناعة المكتسبة بمناسبة ترددهم أو إيوائهم بالمستشفى خلال عام : 1998 ـ وقد فـُتح تحقيق بالخصوص من قبل النيابة العامة وجهات الضبط القضائي , وكذا مكتب الادعاء الشعبي كل وفق السلطات التي منحها القانون إيها , وقد تكشف الأمر من ثنايا تلك التحقيقات بأن البلاغ الأولي رُفع لدي لجنة مكافحة مرض العوز المناعي عن وقوع إصابة أطفال (سندس العياش , محمد بن غزي , معين فلاق ) بهذا المرض وكان استنفار جهات الصحة في البلاد بالخصوص , وكما هو معروف من أن إصابة الأطفال بهذا المرض تفترض توافر شروطها وجُلـها يكون عن طريق إصابة أمهاتهم ابتداء وانتقال المرض عن طريق الحمل والولادة , ولتقف جهات الصحة المعنية على أسباب إصابة هؤلاء أقدمت على اتخاذ قرار بإجراء استقصاء وبائي شمل جميع المؤسسات الصحية في مدينة بنغازي فكانت البداية بمستشفى الجمهورية للولادة والذي لم يثبت حصول إصابات به سوى بين الأمهات أو أطفالـهن أو العاملين ( أطباء وأطقم طبية مساعدة ) ولذلك كان التوجه صوب مصرف الدم وقد ثبت خلو هذا المرفق مما يساعد على نشر هذا المرض عن طريق الدم وهو من أخطر المواد الناقلة لمثل هذا المرض ومن بعدها مستشفى الجلاء للجراحة ومستشفى السابع من أكتوبر , ومن خلال هذا التقصي أيقنت الجهات الصحية التي تتابع واقعة تفشى المرض أن مستشفى الأطفال هو المكان الذي كان يأوي الأطفال المصابين , فكان تشكيل لجان بالخصوص للتأكد من اعتبار هذا المستشفى في حالة عدوى مستفيات من عدمه , وهذا مقطع النزاع في الدعوى الجنائية لجميع المتهمين عدا السادس والعشرين وحتى الخامس والثلاثين , فكان الاهتداء إلى قرار صائب وهو الذي أنقذ البلاد من كارثة أوشكت أن تحل بها , فقد اهتدت اللجنة المكلفة بمتابعة حالة المستشفى إلى إصدار قرار يوجب إخضاع كل الأطفال المترددين عليه ابتداءاً من : 1/10/97 وحتى :1/10/98 ـ وقد تبين أنه قد تم إيواء ما يقارب من " ثلاثة عشر ألفاً وسبعمائة وثلاثة عشر طفلا " عُرض منهم على الفحص المعملي ما يقارب عن " ستة آلاف طفل " وقد كان إخطار منظمة الصحة العالمية وقدم خبراؤها إلى حيث مدينة بنغازي , وكانت الحالات عند حضور أعضائها قد وصلت إلى اكتشاف ( أربعين طفلا مصاباً بهذا المرض ) الأمر الذي أذهل جميع الأطباء الليبين والخبراء وكما هو معروف من خلو البلاد من نفس المرض ( فقد العوز المناعي ) فقد نصح الخبراء بوجوب توقف استدعاء الأطفال للفحص , كانت للأسف مشورة خاطئة ما كان ينبغي أن تصدر من مثل مايعدون خبراء للصحة تابعين لمنظمة عالمية , وكانت المشورة لو اتبعت أعقبتها كارثة تحل بالبلاد نتيجة الكف عن ملاحقة الأطفال الذين تم ترددهم أو إيواؤهم بالمستشفى الأمر الذي يورث انتشار المرض في البلاد بكاملـها وكان أن اعتذر هؤلاء عن سوء التقدير , الأمر الذي يكشف عن صدق وكفاية الأطباء الليبين في محاصرة المرض والوقوف على أسباب انتشاره , فكانت إجراءات التقصي ودراسة الظاهرة تتم من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة مرض العوز المناعي المكتسب لاختصاصها بذلك , ولكن بعد تزايد الحالات التي بلغت ثلاثة عشرة حالة كان التركيز على ملاحقة الأطفال الذين تلقوا كميات من الدم حتى الوصول إلى المتبرع والوقوف على خلوه من المرض كما قامت اللجنة بإجراء الفحص لكثير من الأطفال ترددوا على العيادات والمراكز الطبية المختلفة بمدينة بنغازي وظلت حالات اكتشاف المرض تزداد , كما لاحظت اللجنة أن ثمة أطفالا لم يمكثوا بالمستشفى وقد تلقوا علاجاً في العيادات الخارجية ورغم ذلك وقعت إصابتهم , كما وقفت اللجنة أن ثمة أمراض أخرى كان الأطفال يعانون منها وهى بعد أمراض معدية وأسهل انتشاراً من مرض فقدان المناعة المكتسبة مثل التهاب الكبد الوبائي (ب) و (ج) والحصبة والجدري وإلـهاب الغشاء السحائي وهى أمراض تنتقل عن طريق السعال والرذاذ والبراز , لكنها لم تنتشر بين أطفال المستشفى , كما تبينت اللجنة أن ثمة أقسام هى الأقرب لمثل حدوث هذه الوبائيات مثل : أقسام الكلى والجراحة وأمراض الدم وحديثي الولادة , ولم يثبت إنتقال المرض إليها , وقد تم الوقوف حتى نهاية شهر : 12/98 على إصابة " أربعمائة وستة طفلا وطفلة " و " وثماني عشرة أمّاً " , منهم من دخل المستشفى ومنهم من تردد على العيادة الخارجية , كما لاحظت اللجنة المكلفة أن ثمة أطفالا يقيمون إقامة طويلة بالمستشفى وغيرهم كثيرو التردد عليه لم تتم إصابتهم بالمرض , كما كشفت الأوراق أن ثمة إحصائية أجريت على المترددين على ذات المستشفى ابتداءاً من عام : 94 إلى نهاية : 2000 , وقد بلغت(20 ألف حالة ) ولم يثبت إصابتهم بالمرض عدا الحالات المشار إليها آنفاً , وقد كان عدد الأطفال الذين تم إيواؤهم بالمستشفى في عام 1997 قد بلغ (12405) طفلا وطفلة ولم يتفشى المرض بينهم في تلك السنة وعلى النحو الثابت من تقرير منظمة الصحة العالمية وقد تم إيواء ( 10579) طفلاً وطفلة في المستشفى عام : 1998 ـ وقدأصيب منهم عدد (406) طفل وطفلة ولم يثبت انتقال المرض إلى أسرهم وقد توقف انتشار المرض خلال ( عام : 1999) وبأن الحالات التي اكتشفت خلال هذه السنة سبقت إيواؤها خلال السنة السابقة ولم يكن المرض متفشياً في المدينة أو مستشفياتها أو في البلاد بصفة عامة وخاصة فيما اختص بالأطفال ولم تكن أمهات الأطفال يحملن الفيروس ولم يكن ثمة حالات مرضية بين أفراد الطاقم الطبي بهذا المستشفى أوغيره من المستشفيات سوى حالتي الممرضتين والتي أصيبتا عن طريق وخز للأولى في سنة : 2000 , وكان حقن الثانية بفعل السادسة .
ولقد دأب المستشفى على إجراء فحص طبي لكل طفل وطفلة تردد على المستشفى ابتداء من : 1/1/99 ـ وحتى الآن , وقد بلغ عددهم ( 25 ألف حالة ) لم يثبت إصابة أي منهم بهذا المرض .
كما شمل الاستقصاء عدد (228) أمّاً لم تثبت إصابة أي منهن , كما لم يثبت للجنة واقعة إعادة إستعمال المحاقن والأدوات الطبية , وبقرينة عدم انتشار الأمراض المعدية الأخرى والأمراض التي تنقلـها البكتيريا الأمر الذي يرتب ارتفاعاً كثيراً في معدل الوفيات عن العدد المتوقع وهو ما لم يحصل بالمستشفى .
تلك واقعة الدعوى وبالقدر االلازم لتفهمها فيما اختص بالجانب الطبي والذي كان يعيشه مستشفى الأطفال وكذا مرافق مدينة بنغازي الصحية .
***** وحيث إنه كان يرافق السعى الطبي الحثيث لمعرفة أسباب انفجار المرض سعيٌ آخر يختص بالجانب المتعلق بالاستدلال والتحقيق بمسعى النيابة العامة ومكتب الادعاء , وقد كشف المرافقون من الأطباء حصول لقائهم لعديد من الأطباء الأجانب في كل من فرنسا وإيطاليا وسويسرا والنمسا , وأن من تلقوا الخبر أجابوا وبغير اتفاق بينهم إلا فيما اختص بالحقيقة العلمية قولا واحداً أن الأمر لا تصدق عليه نظرية عدوى المستشفيات والتي سوف يلحق الحديث عنها بالتفصيل في متأخر هذه الأسباب كالثابت من شهادة الشهود التي سوف يُعرض لـها في حينه , وقد أخذت هذه النظرية تندفع رويداً عن مسرح الواقعة والذي تتصارع فيه معطيات عدة أخذت تحرك الاستدلال والتحقيق في تجاه المتهم الأول الذي كان يتخذ من مستشفى الأطفال مكاناً دائماً لإقامته خلال فترة تلقيه التدريب وبشكل معلوم لدى عاملي المستشفى وهو بعد طالب امتياز على معرفة سابقة بالمتهمة الثانية ولصيق بالمتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة , والأخيرات من ضمن طاقم التمريض بالمستشفى , وقد كان يمضي الليل في غرفتهن بقسم الأمراض الباطنية وفق الثابت من شهادة الشاهدات التي ستأتي المحكمة على ذكرها لاحقاً , وقد أخذت واقعات الدعوى تضيق الخناق على المتهم الأول الذي لم يصمد أمام قوتها , فخرّ بين يدي وكيل النيابة بمكتب النائب العام معترفاً بتفاصيل ما جنت يداه وأفاض في الحديث عن جريمته بأنه عقد العزم والمتهمات من الثانية وحتى السادسة بعد أن وقع في شراك الثانية التي زينت فعل السوء وقسمت لـه من عرضها ومالـها بما يدفعه والأخريات إلى حقن الأطفال بالمستشفى بجراثيم هذا الداء والتي كانت معدّة في قنينات جاهزة لـهذا الغرض , وتسلمها والأخريات من الثانية وقد قامت كل من الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة كل في فترة عملـها ليلا بحقن عشرة من الأطفال محتويات كل قنينة ابتداء من أول : مارس 1998 وحتى منتصف أكتوبر من ذات العام , وكن يبلغن الأول بعدد الأطفال الذين تلقوا جراثيم المرض , وظل الأمر على هذا النحو حتى كان القدر بافتضاح الأمر .
وقد صدّقته المتهمة الثالثة فيما صدر عنه من اعترافات عن نفسه وعليها أمام وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام وكذا على الأخريات , وقد فصلت تلك الاعترافات بما يتفق واعتراف الأول وبما أفصحت عنه باعتراف مكتوب بلغتها تبدي فيه حزنها العميق على ما بدر منها وكانت تنفذ أوامر الأول التي تلقاها من الثانية وأنها أستلمت ما يخصها من القنينات التي تحمل جراثيم المرض من الأول , وقد قامت بما طلب منها وحقنت محتويات القنينات التي استلمتها بالكامل في أجسام الأبرياء من المرض , لقاء دفعة أولى من العطية المتفق عليها , وأضافت بأنها قامت بحقن خمسين مريضاً خلال هذه الفترة وأنها تشهد على حصول استلام المتهمة الرابعة نصيبها من القنينات التي تحتوي على السائل الملوث , وقد علمت من المتهم الأول بحصول قيام المتهمة السادسة بجريمة حقن المرضى بالسائل الملوث , وأنها تسلمت والمتهمتين الرابعة والخامسة من المتهمة الثانية القنينات المستخدمة في الجريمة.
***** وحيث أن المحكمة وبعد أن بسطت ما آتاه المتهمين الستة الأول من أفعال وبالقدر اللازم لفهم الواقع في الدعوى أخذاً من أقوالـهم أمام وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام وذلك في مجال الرد على دفاعهم الذي سيرد لاحقاً , وفيما اختص بتهمة (نشر جراثيم وباء العوز المناعي المكتسب) والذي كان محلا للتحقيق في الجلسة , ثم يأتي التعرض بعد ذلك لغيرها من التهم المسندة إليهم , تستصوب هذه المحكمة أن من حسن سرد الوقائع أن تبدأ بدفاع المتهمين من الأول إلى السابع ملاحظة أن دفاع المتهم الأول قد أحال على دفاع الباقين في الجلسة فيما زاد عن الدفوع التي رددها في مذكرة دفاعه , الأمر الذي يستوجب التعرض لسرد دفاعهم جميعاً ومن ثم الرد على كل دفع في حينه بثنايا هذه الأسباب وعلى النحو التالي : ـ
*** لقد دفع دفاع المتهم الأول في مذكرة دفاعه المرفقة بجلسة : 13/10/2003 بجملة من الدفوع نبسطها فيما يلي : ـ
الدفع الأول : ـ ببطلان حبس المتهم الأول حالة كونه ظل محبوساً على ذمة الدعوى حتى إحالته على مكتب الادعاء الذي أمر بالإفراج عليه ومن ثم إعادة حبسه وقد ظل على هذه الحال حتى مثولـه أمام هذه المحكمة , وإن من شأن حبسه طوال هذه المدة على هذا النحو ما يدعو إلى القول : ببطلان أمر الحبس .
الدفع الثاني : ـ ببطلان جميع اعترافات المتهم أمام الشرطة والنيابة العامة ومكتب الادعاء وعلى واقع مؤداه تعرض المتهم لشتى أنواع القهر والتعذيب طوال الفترة التي قضاها رهن الاعتقال بإدارة البحث الجنائي , ظل محضر الاستدلال مفتوحاً طوال فترة سبعة أشهر كان يتعرض للإكراه خلالـها , وكان المتهم يُستجلب للتحقيق أمام مكتب الادعاء مقيداً معصوب العينين , وكان رجال الشرطة يقفون بالقرب من باب مكتب الادعاء عند التحقيق مع المتهم وكان المحقق شديد التعاطف مع الشرطة ولايختلف الحال أمام مكتب وكيل النيابة العامة , ولقد كان على كل منهما أن يثبت في محضره ما يشهد بتعذيب المتهم من الجهة التي يمثل أمامها , وأن ما نسب للمتهم أمام مكتب الادعاء والنيابة العامة ليس صحيحاً لما تعرض لـه المتهم من إكراه تمثل في حبسه في غير الأماكن المعدة للحبس الاحتياطي , وخلص إلى طرح جميع أقوالـه أمام جهة الادعاء ومكتب النائب العام لما صاحب ذلك من خشيةً من رجال الشرطة وأن يردوه إلى أسوء صنوف الإكراه .
الدفع الثالث : ـ ليس ما ورد في قرار الاتهام صحيحاً , فلم يقم المتهم ولا غيره من الستة الأخرين بحقن طفل واحد بهذا الفيروس , ذلك أن هذا القول كما يزعم تكذبه الحقائق العلمية والمنطقية والعقلية , فلقد أكدّ الخبيران الاستشاريان (مونتي و كوليزي) أن الفيروس لا يعيش خارج الجسم لأكثر من ثمانية وأربعين ساعة , الأمر الذي يدفع مقولة إمكانية حقن الأطفال بهذه المادة الملوثة , وفيما اختص بصفة المتهم الأول الذي نُعت بأنه طبيب , وهو أمر لايسوغ القول به لأنه لم يكن طبيباً بالمستشفى بل هو لم يتعد مرحلة التعليم الجامعي وأن وجوده بالمستشفى لمجرد التحصيل العلمي فقط , كما لم يتلقى أية عطية من المتهمة الأولى ولم يقدّم على التعامل في النقد الأجنبي كما زُعم , وما تلك الأقوال التي أكره على البوح بها أمام الشرطة إلا نتيجة ماحاق به من سوء معاملة , وما أن اطمأن أمام نيابة جنوب طرابلس حتى عاد إلى قول الحقيقة التي مؤداها أنه برئ , وكطلب من غرفة الاتهام بمنسابة التحقيق مع مأموري الضبط القضائي .
الدفاع الرابع : ـ لقد فات النيابة العامة الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى في شأن المتهمين من السادس والعشرين وحتى الخامس والثالثين , وذلك أن غرفة الاتهام وعملا بنص المادة (148 .أ . ج ) لـها الحق في إجراء أي تحقيق تكميلي ولـها أن تدخل في الدعوى واقعة جديدة أو متهمين جُدد , الأمر الذي يضحى معه الدفع المذكور في غير موضعه متعين الإلتفات عنه , أما في شأن الدفع بعدم القبول لخلو قرار الاحالة من وصف التهمة المسندة للمتهمين المشار إليهم ( رجال الضبطية القضائية) ليس من شأنه أن يعيب قرار الإحالة مما يتعين القول برفض الدفع الذي أبدته النيابة العامة فيما اختص بعدم جواز نظر الدعوى عملا بنص المادة (148 . أ . ج ) , وفى شأن أسباب انفجار المرض عزى حصول ذلك إلى تدني مستوى الخدمات الطبية والافتقار الشديد للمحاقن , ولقد رأى أنه كان على النيابة العامة أن تقف على صحة ذلك من عدمه , وعرج على الزجاجات المضبوطة في شقة المتهمة الثانية وردد ما سبق أن قالـه في شأن استحالة وجود الفيروس بها والذي لا يقوى على الحياة لمدة أكثر من ثمانية وأربعين ساعة , وخلص إلى القول : ببطلان اعترافات المتهم جملة وتفصيلا .
الدفع الخامس : ـ لقد عولت النيابة العامة على شهادة الشهود وأقامت عليها دليلا على صحة التهمة , فلم تحدد الشاهدة ( سهيلة الشريف) أن المتهمة السادسة هى من جاءتها ليلا وقامت بحقنها وليس من مجرد سماع الشاهدة (جميلة حسنى) بشأن إقامة المتهم الدائمة بالمستشفى ما يمكن التعويل عليها , وأن شهادتها والشاهدة (كاملة التركي ) مطعون عليها بالحقد تجاه المتهمين لحصول إصابة ابنيهما.
الدفع السادس : ـ أنه لا يمكن الإطمئنان لشهادة الدكتور ( عيسى صالح ـ فني التحليل) الذي قام بفحص محتويات الزجاجات المضبوطة لعدم إمكانية بقاء الفيروس حياً لأكثر من ثمانية وأربعين ساعة , وأن لا يمكن التعويل على شهادة الدكتور (عوض أبودجاجة) لتناقضها ولقيامها على الاحتمال , وليس فيما تقول به فنية التحليل (سليمة محمد) في شأن دخول الطفل (إسلام محمد) صحيحاً بالمستشفى وأنه أصيب بعد دخولـه قسم الباطنة (ب) , وخلص في ختام دفوعه فيما اختص في كيفية انتقال المرض إلى القول : بإعادة استخدام الأدوات والنقص الشديد الذي يعاني منه المستشفى .
وإنه بشأن الدفع السابع : ـ وأنه في شأن الاعتراف المكتوب الذي أدلت به المتهمة الثالثة القول في شأن صحته لايختلف عن الاعتراف بارتكاب الجريمة لصدوره عن إرادة غير واعية مدركة , ولقد كان على أطباء المستشفى أن ينصاعوا لقول الحق ولا يخشون اللوم والذي مؤداه أن انفجار المرض يعود لسوء الخدمات الطبية ولا يخرج عن كونه عدوى مستشفيات للأسباب سالفة البيان وخشيتهم من المساءلة جنائياً وإدارياً التمسوا القول بدفوع إنفجار المرض لأسباب عمدية .
الدفع الثامن : ـ وبشأن قطعة الملابس الخاصة بالمتهمة الثانية المضبوطة بمنزل المتهم الأول قول عار من الصحة , وليس من شأن استعراف الكلب البوليسي ما يشهد بصحة ذلك إزاء إنكار المتهم لمعرفته للمتهمة الثانية , وقد أحال فيما عدا ذلك على دفاع المتهمين من الثانية وحتى السابع , وخلص إلى طلب : ـ براءة المتهم الأول من جميع التهم المسندة إليه وبرفض الدعوى المدنية .
***** وحيث إنه عن دفاع المتهمين من الثانية وحتى السابع فقد أفاض في تقديم أوجه الدفع والدفاع عن موكليه فقد قدم مذكرة بدفاعه أمام محكمة الشعب مرفقة بمستندات موثقة صادرة عن الحكومة البلغارية , كما قدم مختصر لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية ومذكرات طبية أخرى شارحاً لكيفية حصول إصابة المرضى من الأطفال , كما قدم مذكرة دفاع بجلسة : 4/8/2003 وجلسة : 22/9/2003 مرفقة بالمستندات وهى بعد أوراق طبية كما قدم مذكرة بالدفاع بجلسة : 13/10/2003 , وكذلك قدم بجلسة : 26/1/2004 تقارير طبية صادرة عن أطباء بوصفها تقارير استشارية , ومذكرات رداة من الدكتور (مونتي ) على تقرير الخبرة المرفق بالأوراق , كما طويت حافظة مستنداته المقدمة بجلسة : 9/2/2004 على تقارير تمثل إجابة عن أسئلة صادرة عنه , كما طويت الحافظة على اجابة الطبيب الإستشارى من يدعى الدكتور (سالم العقيلي) على بعض الأسئلة التي وجهها إليه , كما تضمنت الحافظة على ترجمة البحث العلمي في شأن كيفية انتقال فيروس العوز المناعي المكتسب , وبجلسة : 16/2/2004 قدم تسجيلا مرئياً للقاء مع الأخ : المهندس (سيف الإسلام معمر القذافي) مع الإذاعة المرئية البلغارية إجتزئ منه ما اختص بواقعة الدعوى بتاريخ : 8/6/2003 , كما قدم صوراً من تقرير صادر عن الأستاذين ( مونتي و كوليزي) في شأن وبائية مستشفى الأطفال , وبمطالعة مذكرات دفاعه تبين أنها عرضت لعدة دفوع متعلقة بالإجراءات القضائية التي صاحبت الدعوى وأخرى موضوعية تهتم بالجانب الموضوعي في شأن تقييم أدلة الاتهام , مما اختص منها بالواقع في الدعوى ومتعلق بأدلة الإثبات فيها , والذي ينقسم إلى جانب علمي لتدليل على تخلف عنصر العمد في الواقعة وآخر جدل قانوني متصل بتنفيذ أدلة الاتهام الأخرى التي تبنتها النيابة العامة والمدعين بالحق المدني , وتنوه المحكمة أن من بين مفردات الحوافظ المقدمة إذن نقابة المحامين بالسماح للمحام (بلامن بيتروف) بالترافع صحبة زميلـه الأستاذ (عثمان البيزنطي / المحامي) وقد بسط دفاعهما في مذكراتهما وحوافظ مستنداتهما كانت جُلـها تقارير طبية أعدت لخدمة الدعوى تصب كلـها في تجاه واحد وسنعرض لـها في حينه بعد الفراغ من استعراض مناحى الدفاع والتي يمكن استخلاص فحواها وفق الترتيب اللاحق .
الدفع الأول : ـ ببطلان جميع أقوال موكليه , لأن الإجراءات التي أورثت الاعتراف كانت وليدة الإكراه المادي والمعنوي وعلى التفصيل الوارد بتحقيق النيابة العامة , وقد فصّل المتهمين كيفية حصولـه وهو الذي أفضى في النهاية إلى حملـهم على اعتراف غير صادق للتخلص من استمراره فضلا عن مدة الحبس الاحتياطي قد تجاوزت المدة المقررة قانوناً , فضلا عن أن المترجم لم يكن يحسن أعمال الترجمة , وأن مأموري الضبط القضائي قد تجاوز وا اختصاصاتهم وتحوّل محضرهم إلى محضر تحقيق كالذي خول القانون للنيابة العامة إجراءه وهو في رأيه الاستجواب بعينه , وقد عدلت المتهمة الثانية عن اعترافها أمام النيابة العامة , وأضاف بأن اعتراف المتهمة الثالثة كان وليد إكراه معنوي ومادي دفعها للشروع في الانتحار وقد كتبت اعترافها للتخلص من وسائل الإكراه , وخلص إلى أن الاعتراف الذي يعوّل عليه هو الذي يصدر عن إرادة حرة مدركة , وقد كان تقرير الطبيب الشرعي الذي وقع الكشف على المتهمين شاهداً على تعرضهم للإكراه المادي , كما أن الإيداع بإدارة البحث الجنائي خلافاً لما تقضي به القوانين ساهم في استمرار المتهمة الثالثة في اعترافها خشية أن ترد إلى سوء المعاملة , فضلا عن بطلان مدّ الحبس الاحتياطي من قبل محكمة غير مختصة ولم يحاط المتهمين بالتهم المسندة إليهم ولم يستوفى دفاعهم .
الدفع الثاني : ـ ببطلان إجراءات تفتيش شقة المتهمة الثانية وما أسفر عنه من ضبط القنينات الخمس لمخالفته نص المادة (40 . أ . ج ) التي توجب حضور شاهدين والمتهم إذا أمكن ذلك , وأن ثمة اختلاف في تاريخ الضبط والتفتيش الواقع في : 14/4/99 علماً بأن نتيجة التحليل للقنينات المضبوطة وردت في : 11/3/99 وأن ثمة اختلاف آخر لحق عملية الضبط والعثور على القنينات وفى تواريخ إخضاعها للخبرة , الأمر الذي يستشف منه العبث بواقعات الدعوى .
الدفع الثالث : ـ أن التقارير العلمية المرفقة بالأوراق تشهد بعدم إمكانية نمو الفيروس واستمراره في غير الدم فضلا عن عدم العثور على مثل هذا التقرير الذي يثبت وجود الفيروس بالمادة المضبوطة .
الدفع الرابع : ـ لم يعثر على الصور التي زعم المتهم الأول تجمعه مع المتهمة الثانية في أوضاع مشينة , ولم يضبط معه نقود أجنبية وليس ثمة علاقة بين المتهمة الثانية والأول , وأن تعرّف الكلب البوليسي على الملابس الداخلية للمتهمة الثانية على حد زعم الأول لا يمكن التعويل عليها لأن المتهمة قد التقطتها عند عملية الاستعراف وأن تخزينها لمدة طويلة تفقد الرائحة المميزة لـها ويصعب على (الكلب البوليسي) التعرف عليها , فضلا عن أن الكلب يعتمد في استعرافه على حاسة الشم التي تتأثر لديه بعوامل الإرهاق والجوع , الأمر الذي لايجوز التعويل على النتيجة التي انتهى إليها.
الدفع الخامس : ـ أن التهمتين الأولى والثانية المسندة إلى موكليه على فرض صحتها لاتخرج عن كونها في حالة تعدد معنوي لا حقيقي , ذلك أن ثمة أوصافاً عدة لفعل إجرامي واحد , وأن المتهمة الثانية والسابع لا يعملان بمستشفى الأطفال ولم يثبت دخولـهما إليه , وأن المتهم السابع لم ينكر واقعة إحضاره للقنينات الفارغة من مقر عملـه بالصحراء كطلب رئيسه في مدينة بنغازي , والشاهد الذي سلمها للمتهم يشهد بصحة ذلك.
الدفع السادس : ـ أن عملية حقن الأطفال تتم من جميع الممرضات بالمستشفى وأن ثمة استعمالاً متكرراً للمحاقن وأن المتهم السابع لا علم لـه بأسماء بقية المتهمات.
الدفع السابع : ـ أن تهمة الزنى والمواقعة بالرضى المسندة إلى موكليه غير ثابة في حقهم باعتبار أن جميعهم أنكروا هذه التهمة أمام المحكمة , فضلا عن أنها غير متوافرة الأركان في حقهم , وفى شأن تصنيع المواد المسكرة المسندة للمتهمة الثالثة لا دليل علمي من التحليل يقطع بأن المادة المضبوطة هى من المواد المسكرة , وقد خلت الأوراق مما يفيد قيامها بتصنيع تلك المادة على فرض صحة إسنادها , كذا الأمر في شأن تقديم المادة المسكرة والتي تستلزم بالضرورة أن تكون من المواد المسكرة وليس ثمة ما يقطع بأن المتهمات الثانية والثالثة والرابعة شربن مواد مسكرة في أماكن عامة.
أما فيما يتعلق بتهمة التعامل في النقد الأجنبي وإخراجه من البلاد فكان الاعتراف بها حصيلة إكراه سابق.
الدفع السابع : ـ لا يتصور في منطق العقل وبعد القبض على المتهم الأول والإفراج عنه أن تغفل المتهمة الثانية عن التخلص من القنينات التي ضبطت في مسكنها على فرض صحة ذلك , فضلا عن أن المتهم الأول لا يجيد البلغارية فكيف لـه أن يقوم على تجنيدهن في مثل هذه الظروف .
الدفع الثامن : ـ أن ما ورد على لسان أطباء المستشفى والممرضات وأولياء الأمور يدحض الاتهام عن موكليه , فقد ذكر الدكتور عطية طاهر أن طفلة تدعى (سندس العياش) تحمل المرض دخلت المستشفى في : 13/4/1997 وتبين أنها تحمل المرض في : 17/6/1998 وأن ثمة ممرضات يستعملن الحقن أكثر من مرة , ناهيك عن وجود حُقن سبق استعمالـها نقلا عن بعض العاملين بمستشفى آخر وجود ممرضة بكستانية لم يقطع التحليل بحصول سلامتها من المرض وثمة تقصير في إمكانيات مصرف الدم , كذا غرفة الولادة بمستشفى الجمهورية من حيث النظافة والتعقيم وسلامة المعدات المستعملة وهو أمر لم يتناولـه تقرير الخبرة المرفق .
أن ثمة حالات من خارج مدينة بنغاوي وهى ثماني حالات من المرج ودرنه وإجدابيا وطبرق وقمينس والأبيار , ولم يتطرق التقرير المقدم بشئ في شأن تبريرها لم يذكرها الخبيرين الاستشاريين نظرا لنقص المعلومات , كما ذكر أطباء المستشفى احتمال تلوث أدوات المستشفى وهو الأمر الذي أدى إلى تفشى المرض.
كما عدد أقوال أولياء الأمورالذين يشكون من تدنى خدمات المستشفى من تاريخه, وأن ثمة ممرضات من غير المتهمات من جنسيات أخرى يقمن على تمريض الأطفال .
ثمة أطفال أصيبوا بالمرض خلال شهر: فبراير 98 وأن قسم الأمراض الباطنية مفتوح للكافة .
وقد ذكرت ممرضة بأن ثمة نقص في المعدات والمواد الطبية , وأن الممرضات يستعملن قفازات ولا يقمن باستبدالـها عند تلوثها بدماء الأطفال الأمر الذي يؤدي إلى انتقال العدوى.
وأن ثمة شخص يدّعى أنه طبيب حضر إلى المستشفى أكثر من مرة وحصل على زجاجة بلازما ولم تتم ملاحقته لمعرفته.
لقد ذكرت الممرضة (سعاد العقوري) أن إصابتها بالمرض نتيجة العدوى بسبب جروح في يدها .
الدفع التاسع :- قرر الدكتور (محمد أبو شعالـه) أن الفيروس يمكن أن ينتقل عن طريق جهاز التنفس , كما يمكن نقل المرض عن طريق إعادة استعمال الحقن الملوثة , وكذا الدكتور (إدريس معتوق) ولاحظ أن معظم الحالات تمت ولادتها في مستشفى الجمهورية بنغازي الأمر الذي يوجب ملاحقتها للتعرف على سبب الإصابة .
الدفع العاشر :- أن المستشفى يأوي (عشرة آلاف طفل) في السنة ودون أن يتم فحصهم عند الدخول للتأكد من خلوهم من المرض , وأن المستشفى يستقبل من العيادة الخارجية حوالى (مائة حالة) في الفترة الواحدة , الأمر الذي يشكل عبئا على المستشفى وعدم وجود جهاز (P. C. R.) المستخدم في الكشف على الفيروس عند استقبال المرضى وأمهاتهم عند الولادة .
الدفع الحادي عشر :- أن وفاة كثير من الأطفال كانت بسبب أمراض انتهازية أخرى ولا يمكن علميا إسناد الوفاة لمرض نقص المناعة المكتسبة , ولا توجد شهادة وفاة صادرة عن الطب الشرعي تقطع بسبب الوفاة , وأن ماحدث في مستشفى الأطفال بنغازي مثلما حدث بين أطفال (رومانيا) , حيث أصيب أكثر من ألف مريض وينطبق نفس الأمر على أطفال " الستا بروسيا " .
الدفع الثاني عشر :- أن التقارير الرسمية الصادرة عن السلطات تثبت نقص الأدوات والمعدات الطبية اللازمة لحسن سير العمل ,الأمر الذي ضاعف من سرعة انتشار المرض وذلك بسبب الحصار الاقتصادي .
الدفع الثالث عشر : - أن الفيروس من نوع واحد على خلاف ما تدعى النيابة العامة , وأخذاً من التقرير الاستشاري , فضلاً عن تفاوت نسبة حمل الفيروس في دماء المصابين , وأن تقرير منظمة الصحة العالمية تشير إلى تعدد مصادر العدوى , وأن الحُقن غير الآمنة تعد إحدى أسباب انتشار العدوى في المستشفيات , وأن العمليات الجراحية سبباً مباشراً لنقلـها سواء كان مرض نقص المناعة المكتسبة أو التهاب الكبد ( B.C ) وأن ثمة تقارير عالمية تشهد بتدني الوضع الصحي في البلاد , وأن ثمة دراسة علمية تثبت أنه من مجموعتي الفيروسات البطيئة التي تصيب البشر بعدوى فإنه فيروس ( A ) هو الأكثر انتشاراً وينقسم إلى أنواع أخرى ثانوية , كما أنه لا يمكن إثبات وجود الفيرس بطريقة (اليزا) أو (وسترن بروت) وإنما يستعمل ذلك للكشف على الأجسام المضادة , وبناء عليه لا يمكن القول بوجود نقص المناعة المكتسبة في القنينتين التي قيل بضبطهما في منزل المتهمة الثانية , الأمر الذي يؤكد أن محتويات القنينتين لم تعرض على الخبرة العلمية المطلوبة , وخلص في مذكرات دفاعه بأنه لا يمكن علميا تحديد بداية الإصابة بالمرض ولا يمكن معرفة كيفية انتقالـه من الطفل إلى أمه وأن السبب المباشر في حصول انفجار المرض هو تدنى الخدمات الطبية بالمستشفى الذي يساعد على انتشار العدوى به معولا على تقارير الخبرة التي قدمها والتي كانت جميعها تصب في تجاه واحد وهو أن انتشار المرض وغيره من الأمراض الأخرى التي تنتقل عن طريق الدم كان بسبب عدوى المستشفيات , وقد أفاض في الحديث عن ذلك في مذكرة الخبرة الطبية المترجمة عن اللغة البلغارية والتي تستشهد بتقرير الدكتور ( مونتي , كوليزي) .
***** وحيث إنه وبمطالعة مذكرات دفاع المتهمين خلص في خواتمها إلى طلب براءة موكليه مما نسب إليهم وبرفض الدعوى المدنية في حقهم .
***** وحيث إنه بمطالعة مذكرات دفاع المتهمين من الثامن وحتى السادس عشر وحوافظ المستندات المرفقة بها والمودوعة بجلسة : 13/10/2003 و 20/10/2003 و 8/12/2003 و 16/2/2004 وكانت التهم المسندة إلى المتهم الثامن بوصفه مديراً لمستشفى الأطفال قد حصل لنفسه على منفعة غير مشروعة من أعمال الإدارة وذلك بأن خصص حجرة لإيواء ابنته وسخر سيارات المستشفى لنقل ابنائه إلى مدارسهم , فضلا عن أنه وحتى السادس عشر بوصفهم موظفين عموميين أهملوا في أداء واجبات وظائفهم , ذلك لعدم إخطار أولياء أمور المرضى في الوقت المناسب , وباعتبار المتهمين من الثامن وحتى الحادي عشر مديراً ورؤساء لأقسام ( أ . ب . ج ) أهملوا في مراقبة المتهم الأول والمتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة أثناء عملـهن , وعن المتهم السادس عشر فقد أهمل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المرض , وقد وقعت مذكرات الدفاع المشار إليها وما رافقها من حوافظ المستندات في معرض استعراض وقائع الدعوى فيما اختص بالاتهامات الموجهة إلى موكليهم , وخلصت تلك المذكرات إلى الدفوع التالية : ـ
الدفع الأول : ـ لقد دفعت هيئة الدفاع فيما يتعلق بالتهمة الأولى المسندة لموكليهم وهى " التسبب في نشر الوباء بين تسعة عشر أمّاً للأطفال المصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة " بإمساكهم عن إبلاغهن بحصول إصابة ابنائهن بالمرض المشار إليه معولة على الأسانيد التالية : ـ
أ ) أن انتقال العدوى من الطفل إلى أمه لم تثتب علميا على وجه قاطع .
ب) أنهم لم يألوا جهداً في اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة للوقوف على الحقيقة لمعرفة كيفية انتشار المرض , فقاموا بتشكيل لجان علمية وفنية واتخذوا إجراءات التقصى الوبائي الذي شمل كافة المرافق الصحية في مدينة بنغازي وملاحقة الحالات الواردة من خارجها ووقفوا على عدم وجود تفشى المرض بهذه المرافق باستثناء مسشتفى الأطفال , وأنهم شكلوا لجنتين لإبلاغ أولياء أمور المرضى وليس في مجرد التأني في البلاغ عند اكتشاف المرض إلا قصد التأكد من صدق التحاليل الصادرة عن المستشفى , أن تشخيص المرض لدى الطفل يدعو إلى الكشف على أمه , ويقع ذلك في أيام قليلة بعد تشخيص ابنها وعلى سبيل المثال : فقد شخص الطفل ( ن . ص ) بتاريخ : 20/10/98 وتم تشخيص والداته في : 24/10/98 وأن المتهمين لم يحجبوا نتائج التحاليل التي أجريت لعدد من الأطفال المصابين بالمستشفى , الأمر الذي ترتب عليه انتقال العدوى بل إنهم على العكس من ذلك قاموا بإبلاغ أولياء الأمور في حينه , كما أن إصابة الأم اكتشفت من خلال نتائج التحليل المبدئي متزامنة مع اكتشاف إصابة طفلـها , وبناء على ذلك لا جدوى من منع الرضاعة فضلا على أن الثابت من الأوراق أن المتهمين قاموا بالإبلاغ مع التوجيه إلى كيفية التعامل مع المرض من خلال العيادات التي خصصت لـهذا الغرض .
الدفع الثاني : ـ الاتهام الثاني الذي كان محلا لدعوى الإهمال والذي يتمثل في ترك المتهم الأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة يعملون بالمستشفى دون إشراف أو رقابة الأمر الذي مكنهم من حقن المرضى بفيروس العوز المناعي , وقد دفعوا التهمة بمقولة أن المتهمين المشار إليهم موظفين بالمستشفى , أن التصرف العمدي الذي أتوه وقع خفية عن أعينهم ولا سبيل للوقوف عليه بسهولة ولا شأن لـه بممارسة أعمال الوظيفة والإشراف عليهم متعلق بما يأتونه من أعمال التمريض , وأن من خطط لإرتكاب جريمة يُحسن تنفيذها على وجه لا يلفت الإنتباه إليه .
الدفع الثالث : ـ وفيما اختص المتهم الأول فإنه طالب امتياز مكلف من قبل جامعة العرب الطبية بتدرب بالمستشفى , الأمر الذي فتح المجال أمامه للتواجد في أي وقت يشاء أخذاً من التعليمات الصادرة بالخصوص والتي تسمح لـه بالدخول إليه حتى في غير أوقات العمل الرسمي , ولا شأن للمتهمين وهم بعد أطباء يسألون فقط عن واجبات وظائفهم فيما اختص بأداء واجبهم المهني وما يتعلق به من حسن في الأداء من عدمه , وتأسيساً على ما تقدم وفى هذا الشق من الدعوى دفعوا بعدم توافر الركن المادي والمعنوي لجريمة الإهمال في أداء الوظيفة والتي لاتتحقق إلا بإثبات إهمال الموظف في أداء إلتزامات الوظيفة أو التقصير في أدائها على نحو غير مُرضي بما في ذلك من إخلال بمصلحة عامة , ولذك فإن مفهومه يغاير مفهوم الامتناع عن أداء الواجب الوظيفي الذي يتحقق بعدم مبادرة الموظف إلى القيام بعملـه في وقته بدون عذر , وقد وصفت النيابة العامة هذا السلوك بعدة أوصاف لا تتفق وواقع الحال .
الدفع الرابع : ـ أن قرار الاتهام والإحالة وقعا باطلين لمخالفتهما نص المادة (51 . أ . ج ) التي تقضي بأنه لايجوز توجيه الاتهام أو إحالة المتهم إلى المحكمة في مواد الجنايات إلا بعد التحقيق مع المتهم ومواجهته بالتهم المسندة إليه حتى يستطيع الدفاع عن نفسه.
الدفع الخامس : ـ وفميا يتعلق بالمتهم السادس عشر فقد أفاض الدفاع في مذكرته القول بأنه : في شأن تهمة عدم اتخاذ اللازم لمواجهة الكارثة أنه قد تدخل بوصفه أميناً مساعداً للجنة الشعبية للصحة في ذلك التاريخ من باعث الغيرة فقط , إذ لم يكن مختصاً من جهة الإدارة في أعمال تلك المستشفى وهو بعد مستشفى تعليمي مركزي لا يخضع للإشراف من قبل اللجنة الشعبية للصحة بمنطقة سهل بنغازي في تاريخ الواقعة , ويمارس سلطات وظيفته على جميع المرافق الصحية بالمنطقة عدا التخصصية أو التعليمية عملا بأحكام القرار رقم : 130/23 , وأن ثمة مديرا لمستشفى الأطفال يصدر بتعيينه قراراً من أمين اللجنة الشعبية العامة للصحة والضمان بتاريخه.
وفيما اختص بجميع الأمور الطبية والفنية فإنها تخضع لاختصاص قسم طب الأطفال بجامعة العرب الطبية والتبعية الإدارية لمدير المستشفى هى التي دعته لمكاتبة اللجنة الشعبية للصحة والضمان الاجتماعي , ورغم ذلك طلب منه جهاز الإمداد الطبي تزويد المستشفى بكل احتياجاته رغم مركزية ذلك الجهاز , وأن المرافق الصحية بالمنطقة تحصل على جميع احتياجاتها من الجهاز مباشرة .
الدفع السادس : ـ أن اللجنة الشعبية العامة أصدرت قرارها رقم : 326/24 بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة مرض فقدان المناعة , والقرار هذا يشير إلى توليها مهام مكافحة المرض والتنبيه إلى مخاطره والعناية بالمرض كما أصدرت اللجنة الشعبية للصحة القرار رقم : 300/24 بخصوص إنشاء اللجنة العلمية لمرض فقدان المناعة , كما صدر عنها القرار رقم : 261/24 بتشكيل اللجنة العلمية بهذا المرض وهذه القرارات تحدد بوضوح تام الجهة المسؤولة عن متابعة الكشف والعلاج للمرض وهى لجان حددت من حيث الاختصاص والاشخاص اختصاصاتها تخرج عن اختصاص المتهم بوصفه المشار إليه , فضلا عن أن قرار التكليف الصادر عن أمين الصحة في : 12/8/27 كان مؤقتاً وأنتهت مدة تكليفه بهذه المهام في : 30/11/98 وهو بذلك لا يسأل عن اتخاذ الإجراءات بعد هذا التاريخ.
الدفع السابع : ـ أما فيما اختص بتهمة إساءة سلطات الوظيفة وقد تمثلت في تمكين المتهمة الثانية من العمل في مكتبه فإن الاتهام هذا في غير محلـه ذلك أن المتهمة المذكورة قد عملت في المقهى الذي يتبع مستشفى الـهواري بموجب مكافأة مقطوعة وبعد ساعات العمل الرسمي وتدفع المكافأة من ريع ذلك المقهى , وهو بهذا يعد غير مسئوول عن تعيينها فيه ولم تصرف المكافأة : من المال العام المخصص لقطاع الصحة.
الدفع الثامن : ـ أما فيما اختص بتعيين المتهم السابع طبيباً , فإن المتهم المذكور مؤهل في الطب وكانت جهة الصحة محتاجة إلى خدماته , فكانت إجراءات تعيينه طبقاً للقانون ولم تكن عبئاً زائداً على جهة الصحة بالمنطقة .
الدفع التاسع : ـ أما فيما يتعلق بإقدام المتهم على جلب المتهمات من بلادهن للعمل بالمستشفى فإنه أقدم على مجرد اختيار المتهمات من مجموعات العناصر الطبية المساعدة في بلغاريا والتي سبق وأن تم اختيارها بمعرفة لجنة أخرى ولم يتم استقدام هذه المجموعة للبلاد , وقد قام المتهم بالاختيار من بينها , وأن الأمر يعود في اختيارها للعمل في البلاد إلى لجنة أخرى لايسأل المتهم عن ظروف اختيارهن .
الدفع العاشر : ـ دفعت هيئة الدفاع ببطلان قرار إحالة المتهم على هذه المحكمة , لأنه لم يتم التحقيق معه وسماع أقوالـه وكانت المادة (51 . أ . ج ) تنص على وجوب التحقيق مع المتهم من قبل سلطات التحقيق سواء النيابة العامة أوغرفة الاتهام قبل إحالته على محكمة الجنايات في مواد الجنايات ومتى أغفلت جهات التحقيق اتخاذ هذا الإجراء فإن قرار إحالته يقع باطلا إعمالا بنص المادة (304 . أ . ج ) وذلك لإغماط الغرفة حقوق المتهين الجوهورية في الدفاع الأمر الذي يورث البطلان لمخالفة إجراء جوهري .
الدفع الحادي عشر : ـ أن قرار الاتهام الذي أحيل بموجبه المتهم على هذه المحكمة لم يتضمن في بنوده تهمة جريمة الإهمال في صيانة وحفظ المال العام التي وردت في مذكرة النيابة العامة أمام المحكمة , فضلا عن إقدام النيابة العامة على توجيه تهمة الإقدام على جلب المتهمات من الثانية وحتى السادسة للعمل في البلاد وعلى نحو لايتفق والإجراءات المتبعة في الخصوص , وحالة أن المتهم لم يكن أحد أعضاء اللجنة المكلفة بإستجلابهن وقد شارك فقط في عملية إستقدامهن للبلاد على وجه السرعة نظراً لحاجة المرافق الصحية لخدماتهن , وكان ذلك بمعرفة المكتب الشعبي هناك , لذلك كان قرار الاتهام غير محدد في شأن التهم المسندة إلى المتهم وتجاهلـه جهالة شديدة في الوصف والقيد .
الدفع الثاني عشر : ـ لما كانت التهمة الموجهة إلى المتهمين من الثامن وحتى السادس عشر تتمثل في أنهم أهملوا وقصروا في إبلاغ أمهات الأطفال المرضى الأمر الذي أورث إصابتهن بذات الداء , وكانت مسألة التأخر في الإخبار على فرض صحته مسألة طبية تحتاج إلى فهم طبي لسلوكها وتقدير عواقبها , وهى لذلك تعد خطأ طبياً مجال تقدير حصولـه من عدمه يعود للمجلس الطبي عملا بأحكام المادتين ( 1 ـ 27 من . ق . 17 / 86 بشأن تحديد المسئوولية الطبية) , ولذا كان على سلطة الاتهام أن تحيل الواقعة بالخصوص إلى هذا المجلس لتقف على رأيه .
الدفع الثالث عشر : ـ دفعت هيئة الدفاع بعدم قبول الدعوى المدنية بمواجهة موكليهم من الثامن وحتى السادس عشر وعلى سند حاصلـه : ـ
أ ) لم يثبت من خلال أورق الدعوى أن الجمعية الأهلية ( المدعي الأول بصفته) لـها حق تمثيل المنتسبين إليها أمام القضاء.
ب) وعلى فرض تواافر الصفة لديها فإن صحة المخاصمة بطلب التعويض تشترط توافر عناصر المسؤولية وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية , ولم يتضح من الأوراق أن ثمة أضراراً يمكن اعتبارها شخصية قد لحقت بها , لأن الضرر يجب أن يكون شخصياً يلحق بالمدعي أو من يمثلـه قانوناً عملا بالمادة (224 . أ . ج ) .
وخلصت هيئة الدفاع إلى طلب براءة المتهمين موكليهم مما نسب إليهم وبرفض الدعوى المدنية أو عدم قبولـها .
***** وحيث أنه وعلى المتهم الحادي والعشرين فقد دفع الدفاع بعد أن تمثل واقعة الدعوى والتي تتلخص بالقدر اللازم في أنه ألقى القبض على موكلـه لمجرد ورود اسمه في ثنايا التحقيقات والتي أثبتت بكل من تردد اسمه فيها بعد أن هال الجميع حجم الكارثة , وظنت سلطة التحقيق أنه بسلوكها هذا قد تعثر على ما ينير لـها الطريق في نفق كان مظلماً , فكان لذلك التحقيق مع المتهم الذي أستضاف المتهمة الثانية والسابع والتي تعرف عليها أثناء مكوثه بمستشفى الجلاء للعلاج من كسور مركبة , وعند التحقيق مع المتهمة الثانية التي كانت محور الاتهام الرئسى أتت على ذكر اسم موكلـه وأفاضت في الحديث عن الواقعة فتلقفت النيابة العامة تلك الأقاويل ووجهت إليه تهم الزنى والمواقعة وتقديم المادة المسكرة , وكان الواقع في الدعوى يشهد أن ظروفه الصحية لا تمكنه من ممارسة الجنس معها لما أورثته إصابته من عجز بالخصوص , وإن اعتراف موكلـه كان نتيجة الوضع الأمني الذي وجد فيه بعد أن فاجأته المتهمة المذكورة بإقرارها عليه نتيجة ما تعرضت لـه من ظرف أثناء التحقيق وهو قول مجاف للحقيقة تماماً , وأما فيما اختص بتقديم المادة المسكرة فإنه لايعاقر المواد المسكرة بل إنه على فرض صحة الواقعة أن المتهمة الثانية هى من أحضرت تلك المادة وتناولتها والآخرين , وخلص في ذلك إلى ضعف الأدلة التي تعجز عن حمل عبء الاتهام , ملتمساً طلب البراءة لموكلـه.
***** وحيث أنه وعن دفاع المتهم السادس والعشرين وقد حضر معه الأستاذ : رمضان الشركسي / المحامى الذي أبدى دفوعه الواردة فيما يلي : ـ
الدفع الأول : ـ بطلان تحقيقات النيابة العامة وكذا إحالة موكلـه على هذه المحكمة ذلك أن موكلـه وهو أحد ضباط الشرطة اشترط المشرع في قانون الشرطة (10/9) ( المعدل) على أنه لايجوز في غير حالات التلبس بالجريمة اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية ضد ضباط الشرطة في ارتكابهم للجناية أوالجنحة وقعت منهم أثناء العمل أو بسببه إلا بإذن من أمين اللجنة الشعبية العامة للعدل والأمن العام أو من يكلفه بذلك ويعتبر فوات ثلاثين يوماً من إخطار الأمين دون رد إذناً بالتحقيق وكان الإذن قيداً على الدعوى العمومية يحول بين صاحب الاختصاص وبين إمكانية تحقيقها أو رفعها وتغل يده عن مباشرة أي إجراء بصددها , وقد نصت المادة (9/2 . أ . ج ) صراحة ذلك بنصها : في جميع الأحوال التي يشترط القانون فيها لرفع الدعوى الجنائية إذناً أو طلباً من المجنى عليه أو غيره لايجوز اتخاذ إجراء في الدعوى العمومية إلا بعد الحصول على هذا الطلب أو الإذن وكان الدفع بعدم جوز نظر الدعوى من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها , ولما كان المتهم على فرض ارتكابه الجريمة المسندة إليه في غير حالات التلبس تستلزم لصحة التحقيق معه ورفع الدعوى الجنائية ضده أن تستصدر النيابة العامة إذناً من الأمين الأمر الذي يورث بطلان كافة إجراءات التحقيق ورفع الدعوى .
الدفع الثاني : ـ عدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى , حالة وقوع الجريمة في مدينة طرابلس مقر عمل المتهم وكذا مقر إقامته ومن ثم على صحة ارتكابه للجريمة فرضاً فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة استئناف طرابلس.
الدفع الثالث : ـ عدم الركون لأقوال ( المجني عليهم ) في الواقعة وهم بعد أصحاب مصلحة في إبعاد التهمة عن أنفسهم , ذلك أنهم قد أمسكوا عن الشكوى من حصول تعرضهم للاكراه إلا بعد فوات مدة تناهز الأربع سنوات , فقد تم تحقيق الواقعة بمعرفة النيابة العامة ومكتب الادعاء ولم يطرق سماع هذه الجهات شكواهم هذه بالخصوص .
الدفع الرابع : ـ عدم الاعتداء بما قرّره الطبيب لأنه لم يورد تاريخاً محدداً لحصول تلك الإصابات ووجودها على فرض صحة ذلك لايعد دليلا ً على حصول إكراه , أن عدم شكواهم على موظفي السفارة عند زيارتهم لـهم لـهو دليل على عدم صحة تلك الادعاءات والذين شهدوا بحسن معاملة المجني عليهم , وقد خلص في ذلك كلـه إلى طلب القضاء ببراءة موكلـه مما نسب إليه وبعدم جواز نظر الدعوى وكذا عدم اختصاص المحكمة مكانياً بنظر الدعوى , وعلى سبيل الإحتياط معاملته بالرأفة , وبالمثل قال دفاع المتهمين من الثامن والعشرين وحتى الخامس والثلاثين وقد أضاف الأستاذ عبدالحميد المسماري / المحامي دفاع المتهم الأخير دفعه ببطلان أمر الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام القاضي بإحالة موكلـه على هذه المحكمة بتهمة (التعذيب) وكان الواقع يشهد فى الدعوى أن المتهمة السادسة فقط جاءت على ذكر اسم موكلـه وهى التي لم يكن لـها الاعتراف بارتكاب الجُرم المسند إليها في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي ومن ثم ليس ثمة مصلحة تجنيها من وراء هذا الزعم خاصة وأنها لم تحدد السلوك الأجرامي الذي أتاه تجاهها على فرض صحته , كما أغفل قرار الغرفة الجريمة المسندة إلى المتهم وهى بعد من البيانات الجوهرية , فضلا عن أقتصار دور موكلـه عن كونه كاتب لمحضر الضبط فقط , وأن المتهمة المذكورة حددت أماكن التعذيب بما لايتفق وما أورده الطبيب الشرعي , وأن التهمة على فرض حصولـها تعد شائعة بين المتهمين , خلص إلى طلب براءة موكلـه وانضم إلى طلبات هيئة دفاع باقي المتهمين.
كما قال دفاع المتهم السابع والعشرين بأن موكلـه لم يكن متواجداً بمدينة طرابلس عند ارتكاب الواقعة المدعى بحصولـها ولم يتم إعلانه للمثول أمام غرفة الاتهام الذي كان قرارها مقتصراً على التحقيق مع رجال الشرطة وهو بعد موظف مدني , وما كان يجوز للنيابة العامة التحقيق معه وهو بهذا الوصف , وخلص إلى طلب براءة موكلـه .
طلبات المدعين بالحق المدني : ـ
***** وحيث أنه وبعد أن فرغت المحكمة من استعراض دفاع كل المتهمين على النحو السالف بيانه , يتعين على المحكمة أن تعرض لطلبات المدعين بالحق المدني والتي تعرضها بوصفها دعوى مدنية تابعة للدعوى الجنائية موضوعها مطالبتهم بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بموكليهم سواء مادية أو معنوية , فقد تقدم الأستاذ عبداللـه محمود المغربي / المحامي بثلاث صحف دعاوى في جلسات : 4/8/2003 وجلسة : 8/9/2003 وكذا جلسة : 8/12/2003 بصفته ولياً لابنته وكذا بصفته وكيلا عن المدعى الأول بصفته ووكيلا عن بقية المدعين ابتداء من الثالث وحتى المدعى الواحد والسبعين , وقد أرفق بصحف دعاواه مذكرات شارحة لأوجه الدفاع والطلبات , وقد ألحقها بحوافظ المستندات المرفقة بالأوراق والتي تأشر عل كل منها بالنظر والإرفاق في تاريخ تقديمها , والتي أعلنت للمدعى عليهم عن طريق موكليهم بالجلسة , وقد تسلم كل منهم صورة من صحيفة الدعوى , كما أعلنت صحائف الدعاوى لإدراة القضايا عن طريق قلم محضري محكمة بنغازي الابتدائية , أعلنت صحف تعديل الطلبات للحاضر عنها وعلى التفصيل الوارد بمحضر الجلسة.
وقد خلص في ختام صحف دعواه إلى طلب إلزام المدعى عليهم من الأول وحتى العشرين متضامنين بأن يدفعوا لـه بصفته ولكل واحد من المدعين المشار إليهم في صدر هذه الأسباب وعلى سبيل التعويض عن الضررين المادي والمعنوي مبلغ خمسة عشر مليون من الدنانير مع النفاذ المعجّل .
وعلى سند من القول مؤداه أن ابنته القاصر قد هرعت إلى المستشفى للعلاج من مرض ألم بها لتغادره بعد أن حُقنت بداء فقدان المناعة المكتسبة داخل المستشفى وفق الثابت من التقرير الطبي المرفق بالأوراق , وكانت الفاجعة قد ألمت كذلك بأطفال موكليه من المدعين الذين نكبوا في صحتهم ووصل إلى كل منهم الداء العضال وهم قد دخلوا بمرض ليخرجوا بداء يحمل بين طياته الموت المحقق , لما يورثه من فقدان المناعة التي وهبها اللـه سبحانه وتعالى لكل مخلوقاته وما أن شاع الأمر حتى ظنّ الناس بأولياء الأمور وزوجاتهم ظن السوء لما هو معروف عن كيفية انتقال هذا المرض بين الكبار في عزلة اجتماعية فانقطعت الروابط الاجتماعية وروابط القربى والصداقة والجوار , وأخضع الأباء والأمهات لإجراءات طبية داخل البلاد وخارجها , وقد عزف الناس عن مصاهرة عائلات المرضى , فكانت العزلة الاجتماعية أقصى ما لقيه المرضى وعائلاتهم , فضلا عن حرمانهم من التعليم فقد كان أولياء أمور الأصحاء يخشون على ابنائهم من اختلاطهم بالأطفال المرضى الذين هم في سن الدراسة .
وخلص إلى السبب المباشر في إصابة ابنته وموكليه بأنه يعود لتصرفات المتهمين السبعة الأول الذين عمدوا إلى نشر المرض عن قصد وإرادة بحث عن نتائج علمية لقاء دولارات قليلة لا تغنى ولا تسمن من جوع وقد فصّـل أفعال كل من المدعى عليهم على النحو التالي : ـ
المدعى عليه الخامس وهو المتهم الأول في الدعوى الجنائية كان يعمل طبيباً متدربأ بالمستشفى تحت اشراف كلية الطب , ولايجوز لـه مباشرة الأعمال الطبية إلاّ تحت اشراف طبيب مختص , ويتقاضى مكافأ مقطوعة من أمانة الصحة وكان مقيماً بالمستشفى ويتقرب إلى الأطفال وينفرد بهم في غرفة الكشف حيث يتم حقنهم.
المدعى عليها السادسة هى من قامت بتجنيد المدعى عليه الخامس وهى التي كانت على صلة وثيقة بالمتهم العشرين الذي يشغل وظيفة الأمين المساعد للصحة والضمان الاجتماعي لسهل بنغازي في تاريخ الكارثة , وقد أصدر قراراً بتعينها رئيسة ممرضات بقسم الكلى ومنحها مكافأة استثنائية كما عين زوجها طبيباً وهو الذي حضر لزيارتها فقط .
وقد اختار المدعى عليهم هذا المستشفى لأنه مستشفى تعليمي يأوي أطفالاًمن أعمار مختلفة وحتى الرابعة عشر , وكانوا قد ترددوا على المستشفى في تلك الفترة حوالى ثلاثة عشر ألف طفل وطفلة أصيب منهم عدد " أربعمائة وستة وعشرين" طفلا وطفلة , وقد كان ترددهم في أوقات مختلفة وفى تواريخ متباينة .
وأن الفيروس ينتمي إلى عائلة واحدة وهو كما أثبتت الأوراق : ـ محضّر في معمل حُفظ بطريقة خاصة حتى تم حقن الأطفال به , وكان القصد من ذلك كلـه إجراء أبحاث لمعرفة تأثير المرض على صحة طفل خال من الأمراض المزمنة.
ولقد وقعت هذه الجريمة في مستشفى عام يتبع اللجنة الشعبية العامة وكذا تحت إشراف اللجنة الشعبية لشعبية بنغازي والذي يتولى المتهم العشرين الشئون الصحية بها , وكان المدعى عليهم من الثاني عشر إلى التاسع عشر أطباء ويتولون الإشراف على الأقسام المختلفة بالمستشفى وهم المسئولون عن الحقوق المدنية إعمالا لأحكام المواد ( 166 ـ 172 ـ 176 ـ 177 ـ 182 من القانون المدني) والمادة ( 224 إجراءات جنائية) , وخلص إلى بيان الأضرار التي حاقت به وبموكليه على النحو التالي : ـ
1) الأزدراء والتمييز والاضطهاد الاجتماعي بسبب وصمة العار التي لحقت بهم وبذويهم والتي ستظل تلاحقهم , وظلوا بذلك مصدراً للعدوى يتحاشون المخالطين لـهم الاختلاط بهم ويعاملونهم بحذر شديد خشية انتقال المرض إليهم.
2) حُرموا من فرصة الطفولة مع أقرانهم وسيحُرمون من الزواج إن امتد بهم العمر وسيظل كل منهم يعيش وحيداً ما دام على قيد الحياة , فضلا عن انعزال أسرهم عن بقية أفراد المجتمع الذي يأنفون من التعامل معهم خشية انتقال المرض إليهم .
3) لقد حُرموا من التحصيل العلمي بسبب مضايقة التلاميذ والمدرسات لـهم في تلك المدارس .
4) عدم قدرتهم على العمل لعدم لياقتهم الصحية مما يجعلـهم عالة على غيرهم وعلى مجتمعهم .
5) المرض يتطلب علاجاً باهض الثمن وهو العلاج اليومي إلى جانب الحاجة إلى الغذاء المتكامل والغني , فقد جاء في توصيات قسم تغذية الأطفال بمستشفى الفاتح بأن مرضى نقص المناعة المكتسبة يحتاجون إلى تغذية جيدة غنية بالمواد اللازمة بصفة منتظمة.
6) أن المرضى يحتاجون إلى التحاليل الدورية كل ثلاثة أشهر لمعرفة نشاط الفيروس من أجل تقدير كمية العلاج وتغيير أنواعه ولا يكون إلاّ في البلاد المتقدمة التي تملك أجهزة قياس متطورة .
7) يحتاج المرضى إلى مستلزمات طبية لاستعمالـها خشية انتقال العدوى فضلا عن الحرص الشديد في التعامل مع المريض وكل ما يتعلق بنظافته ونظافة ملابسه والتخلص من كل ما يستعملـه لمرة واحدة بطريقة آمنة .
8) يحتاج المريض إلى خدمة دائمة نظراً لطول مدة بقائه طريح الفراش بسبب ما يصيبه من أمراض مزمنة وانتهازية وموسمية , وهو أمد يشكل عبئاً كبيراً على أسرته , ويحتاج إلى حرص دائم في التعامل معه على صعيد النظافة وكذا الصحة النفسية نظراً لما يشعر به المريض من نفور في المجتمع .
وخلص عن نفسه وبصفته وكيلا بعد استعراض الأسانيد التي تبرر التعويض إلى القول : بأن التصرف العمدي الصادر عن المدعى عليهم من الخامس وحتى الحادي عشر بنقل جراثيم فيروس فقد المناعة المكتسبة إلى المرضى أبناء موكليه يشكل جريمة جنائية , كما يكوّن خطأ مدنياً يلزم مرتكبه بالتعويض الجابر للضرر , وأن المدعى عليهم من الثاني عشر وحتى العشرين قد ساهموا في ارتكاب الخطأ بالتقصير في أداء وظائفهم على نحو مكّن السابقين من الوصول إلى الأطفال مرضاهم وحقنوهم بجراثيم هذا المرض الذي لايرجى لـه شفاء , وأن المدعى عليه الأول والثاني والثالث والرابع بصفتهم يُسألون عن تصرفات تابعيهم والتي تقع منهم خلال ممارسة وظائفهم وبسببها , وقدّر التعويض الجابر للضرر الذي حاق بكل مريض بمبلغ " خمسة عشر مليون من الدنانير" وعلى سبيل التضامن مع المصاريف والنفاذ المعجل , وقد أرفق بصحف دعواه حوافظ مستنداته التي سيصار إلى استعراض مفرداتها عند التصدى لطلباته .
***** وحيث أنه وعن دعوى الممثل القانوني للجمعية الأهلية لرعاية الأطفال المصابين , فقد قدّم بين يدي هذه المحكمة سند مطالبته بالتعويض وحالة كونه يمثل مصالح الأطفال المرضى بمرض فقد المناعة المكتسبة والذين كانوا نزلاء بمستشفى الأطفال اعتبارا من : 1/1/97 حتى أوائل 1999 وقد أبانت الدراسات الوبائية التي أجراها القائمون على شئون المستشفى بعد انفجار المرض وقد أثبتت التحقيقات في الواقعة أنها عمدية ارتكبت عن سابق تخطيط وتصميم وتنظيم وذلك من خلال الشرح العلمي المبني على الحقائق الثابتة وكان المرض ينتقل إلى الإنسان إما عن طريق ممارسة الجنس مع شخص مريض بالمرض وإما عن طريق الأمّ عند الحمل و الولادة وإما عن طريق نقل الدم وقد أثيتت الدراسات خلو الآباء و الأمهات من هذا المرض ولم يبق من وسيلة إلا طريقة نقل الدم المتعمد إلى هؤلاء المرضى والذي كشف واقعات الدعوىعن حصولـه , وأحال في تفاصيل ذلك على صحيفة دعواه المنوه عنها سلفا , ولا جدوى من تكرار ما جاء فيها من أسانيد فى هذا المقام , وأنتهى إلى تأسيس الدعوى على الأسانيد سابقة البيان وخلص إلى نفس طلباتهم بالتعويض.
***** وحيث إنه وعن المدعى بالحق المدني من رقم (64) إلى (86) فقد مثل عنهم الأستاذ / خالد المحجوب / المحامى وكيلا عنهم وقد شرح الدعوى بما لا يخرج عن الوارد بصحيفتها المعلنة للمدعى عليهم , وقد خاصم فيها المدعى عليهم بصفتهم من الأول وحتى الرابع وسلم وصورة الصحيفة للنائب الحاضر عنهم عضو ادارة القضايا بالجلسة , وذلك بتاريخ جلسة : 20/10/2003 وبسط القول بأنه يطلب تعويضاً مادياً لكل مدع عن الأضرار التي حاقت به بمبلغ " خمسة عشر مليونا من الدنانير " مع التضمامن و المصاريف والنفاذ المعجل وأتعاب المحاماة , وعلى سند مؤداه :- أن المدعى عليهم من الخامس وحتى الحادي عشر أرتكبوا جناية حقن المرضى بمرض نقص المناعة المكتسب عمداً وهم بعد موظفين يعملون عدا السادسة بمستشفى الأطفال في مدينة بنغازي وقد دبروا لارتكاب جريمتهم النكراء المتمثلة في حقن الأطفال نزلاء المستشفى و المترددين عليه بجراثيم مرض نقص المناعة المكتسب , الأمر الذى أدى إلى إصابة موكليه عمداً , وكان المدعى عليهم من الثاني عشر وحتى العشرين أطباء يتولون إدارة الأقسام بالمستشفى وقصروا في مراقبة تابعيهم الأمر الذي أورث إقدامهم على نشر المرض بالطريقة التي تضمنتها أوراق الدعوى .
وكانت مسئولية المدعى عليهم من الأول وحتى الرابع بصفتهم يسألون عن تصرفات تابعيهم والتقصير في رقابتهم , وأنه لولا هذا التقصير لما تمكن المتهمين من السبعة الأول من الوصول إلى الأطفال وبث جراثيم المرض في أجسامهم .
وعملا بأحكام المادة (177مدني) وقد حاقت بالمدعين أضراراً فادحة من طلب للعلاج , وكذا نفقات إعالة المرضى مما يرتب التزامات مالية عليهم فضلا عن الأضرار المعنوية ما آل إليه مصير ابنائهم وخشية تعرض بقية أفراد أسرتهم للعدوى , وهم ينتظرون الموت في كل ساعة , لتلك الأضرار يتعين الزام المدعى عليهم بالتعويض الذي قدّره المدعى .
عسى أن يخفف عنهم آثار المعاناة التي يعيشونها , وقد أرفق بصحيفة دعواه مذكرة شارحة بدفاعه إلى جانب المستندات التي انطوت عليها الحوافظ التي قدمها و التي بدا أنها تشهد على تعمد المدعي عليهم من الخامس وحتى الحادي عشر لارتكاب الجريمة النكراء في حق الطفولة و التي ستعرض لـها المحكمة لاحقا وعلى الأخص فيما يتعلق بجانبها العلمي الذي يعد مناقشة لتقارير الخبرة المرفقة بالأوراق وكذا الشهود كل أولئك ستأتي المحكمة على ذكره في موضعه من هذه الأسباب .
***** وحيث إنه وعن وكيل المدعين من السادس و الثمانين إلى الثاني و التسعين فقد مثل بالجلسة وقدّم صحيفة دعواه المعلنة للمدعى عليهم بالجلسة فيما عدا إدارة القضايا التي وقع إعلانها عن طريق النيابة العامة لعدم استلامها وفق الثابت من تأشيرة المحضر الواردة على الصحيفة , وقد أرفقها بحافظة مستندات انطوت على توكيلات وبعض المستندات ومذكرة شارحة لوقائع الدعوى , وقد خلص في صحيفة الدعوى إلى طلب :- إلزام المدعى عليهم الستة الأول بصفتهم , وخاصة المدعى عليهم من السابع وحتى الثاني و العشرين بأشخاصهم وبوصف أن المدعى عليهم من السابع وحتى الثالث عشر ارتكبوا جناية نشر الجراثيم المتمثلة في نشر فيروس نقص المناعة المكتسبة وقد ترتب على ذلك إصابة ابناء موكليه بالمرض الذي لا يرجى شفاؤه وفق الثابت بالتقارير الطبية المرفقة , كما أصيبت المدعية الثانية والتسعين بسبب تلقيها العدوى من ابنها , وقد خلص إلى أن إصابتهم ألحقت بهم أضراراً مادية ومعنوية قدّرها بمبلغ " مليون دينار " لكل مدعى شاملة الأضرار المادية و المعنوية مناصفة وعلى هدى من القول : - مفاده : أن موكليه عدا الثانية والتسعين كانوا من نزلاء مستشفى الأطفال الذي تحت إدارة المدعى عليهم من الرابع عشر وحتى الثاني والعشرين- بقصد العلاج خلال عام : 1998 وقد خرجوا ليتبينوا بعد ذلك بأن ثمة انفجاراً للمرض بالمستشفى المذكور وقد هرعوا لإجراء الفحص ليفاجأوا أن ابناءهم قد أصيبوا وقد أصيبت زوجة المدعى الثاني بالمرض نتيجة إرضاعها طفلـها , وتبينوا أنه لا شفاء من المرض يرجى , وأمسك أهل الجوار و الأقارب وكل من يعلم عن حقيقة وضعهم الصحي , أمسكوا عن التعامل معهم بما أدى إلى عيشهم في عزلة , إلى جانب تحملـهم عبء العلاج والغذاء الكامل والمراقبة المستمرة والحرص الزائد في التعامل معهم , فضلا عن ترقب القدر بما يأتى به من حق , وتلك المعاناة التي لا تخف على أحد هى ديدنانهم وشغلـهم الشاغل .
وقال :- بأن السبب المباشر في إصابتهم ما أقدم عليه المدعى عليهم من السابع وحتى الثالث عشر لما قارفوه من نشر عمدى لجراثيم المرض وكان موضوعا للدعوى العمومية والتي كشفت أوراقها بما طويت على اعترافات مفصلة للسابع و الثامنة و التاسعة تعززت بتقارير طبية من خبراء مختصين تدعمها شهادة الشهود , وقد اعترفوا على أنفسهم , وعلى المدعى عليهم من الرابع عشر وحتى الواحد والعشرين فقد أمسكوا عن أخبار الأولياء عن حقيقة المرض , الأمر الذي نجم عنه إصابة أمهاتهم وسهل المتهم الثاني والعشرين أعمال المتهمة الثانية , ولما كان جميع المتهمين موظفين يتبعون المدعى عليه الأول بصفته , وكذا المدعى عليه الثاني بصفته , ويعملون تحت إشراف إدارة المستشفى التى يتبعها المدعى عليه الثاني و العشرون مما يتحقق معه علاقة التبعية وتساءل جهة الإدارة عن أعمال تابعها إعمالا لنصوص المواد ( 166. 174 مدني ) وأن السبب المباشر في إصابة المدعين هو : أفعال المتهمين العمدية وتقصير الباقين فى الإشراف وإهمال الثاني والعشرين فى حسن الاختيار , وكانت تلك الأفعال مجتمعة هى التى أدت الى انتشار المرض بين أبناء المدعين , وختم صحيفته بالإصرار على الطلبات.
***** وحيث إنه وعن طلبات الأستاذين : على المسمارى وأحمد سويسى/ المحاميان فقد قدما صُحف دعواهما وتوكيلاتهما التى أوردا فيها بأن موكليهم عن أنفسهم وبصفتهم أولياء أمور للقصر ووكلاء عن البالغين منهم وعن زوجاتهم وقد أودعوا أطفالـهم المصابين بمستشفى تحت إدارة المدعى عليهم بصفتهم الأربعة الأول قصد علاجهم , وقد أقدم المدعى عليهم من الخامس وحتى العاشرة على حقنهم بداء نقص المناعة المكتسبة , وكان سلوكهم هذا موضوعا للدعوى العمومية موضوع البحث وقد كشفت أوراق الدعوى أن المتهمين قد ارتكبوا جناية نشر جراثيم المرض بما أورث إصابة أبناء المدعين بالحق المدني بالمرض الذى لايرجى الشفاء منه , وأن تصرف المتهمين من الخامس وحتى العاشر والتابعين للمدعى عليهم الأربعة الأول بصفتهم قد ارتكبوا الأفعال المفصلة فى الدعوى العمومية بما أحدث ضررا بالغاً بالأطفال المرضى , كما حاق بوالديهم وأخوتهم , كذا أضرارا تمثلت فيما أنفق عليهم من مصاريف العلاج والغذاء , فضلا عن الوضع الاجتماعي السيء الذي آل إليه حالـهم من إنعزال عن المجتمع وانفصام للروابط الاجتماعية وحرمان من التعليم والعمل والزواج , كل أولئك كان لـه صداه لدى ذويهم , وقد قدر تلك الأضرار المادية والمعنوية التي أحاطت بالمرضى وأسرهم تعويضا شاملا عن الضررين بمبلغ" خمسة ملايين دينار " لكل منهم عساه أن يخفف من آثار تلك الأضرار , وقد أوردا في مذكرة دفاعهما تأسيس الدعوى على مسئولية التابع عن أعمال تابعه إعمالا للنص ( 177 مدني ) والتي تقضى على المتبوع بكونه مسئوولا عما يحدثه تابعه من ضرر بسبب خطئه , إذا كان الخطأ حاصلا منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها , وكانت الأضرار التي حاقت بالمدعين بسبب الوظيفة التي كان يؤديها المدعى عليهم من الخامس وحتى العاشرة وأثناء تأدية تلك الوظيفي والتي لولاها لما استطاع المتهمون الوصول إلى المرضى , ذلك أن المتبوع يعتبر قد ارتكب خطأ بسبب الوظيفة سواء حرضه المتبوع على هذا الخطأ أو لم يحرضه علم بالخطأ أولم يعلم عارضه في ارتكابه أو لم يعارضه , كما يعد الخطأ مرتكبا بسبب الوظيفة حتى لو كان الدافع حافزاً شخصياً , وخلص من ذلك إلى طلب إلزامهم متضامنين بالتعويضات المطلوبة مع المصاريف وأتعاب المحاماة .
***** وحيث إنه وعن المدعين من السابع عشر بعد المائة إلى الثامن والعشرين بعد المائة فقد مثل عنهم بالجلسة الأستاذ / حسين أغليليب / المحامى وقدم سندات توكيلاته وبعد القول : أن المدعى عليهم قد أحضروا ابناءهم إلى المستشفى إدارة المدعى عليهم الأربعة الأول بصفتهم لعلاجهم من أمراض معروفة وقد تكشف الأمر , وخلال سنة : 1998 ـ أن المدعى عليهم من الخامس وحتى الحادي عشر ارتكبوا الجناية موضوع الدعوى العمومية عمدا وعن تصميم سابق , وقد تمثل سلوكهم الخارق للقانون الجنائي والمدني المتمثل في حقن الأطفال عمداً بجراثيم مرض فقدان المناعة عمدا وعن سابق تصميم و وتدبير سابقين وعلى التفصيل الذي أتت عليه أوراق الدعوى العمومية , وقد اعترف المدعى عليهم الأول و الثانية و الثالثة بتفاصيل الواقعة , وأضاف بأن المتهمين من الحادي عشرالى العشرين قد أهملوا في رقابة الباقين , فقد تُرك المدعى عليه الخامس يعبث بالمستشفى دون رقابة وقد ألحق سلوكهم هذا الخاطئ ضرراً فادحا للمرضى تمثل في تلك الآلام الجسدية التى سيشعر بها المريض , فضلا عن الآلام التي يتعرض لـها طوال حياته نتيجة التحاليل الدورية وما يتعرضوا لـه من مواد كيميائية , كما حرموا من العيش في جمع من الأطفال والتحصيل العلمي وفرضت عليهم عزلة اجتماعية وأسرهم وتخلى عنهم الجميع خشية العدوى , وهم سيعانون فى مستقبل ايامهم من الحرمان من التعليم والعمل والزواج أن امتد بهم العمر , تلك المعاناة التي تلاقيها أسرهم الآن وسيشعر بها كل من شب عن الطوق منهم , فهم يتعذبون من جور ما لحق بهم وسيعيش والديهم عذابا لأجلـهم أقصى و أمر , وقد أفاض الحديث عن ثبوت الدعوى , مشيرا إلى التقارير الطبية بالخصوص , وكذا اعتراف المدعى عليهم من الخامس والسابعة , فضلا عن شهادة الشهود أمام المحكمة و التي ستعرض المحكمة لمناقشتها بأستفاضة في الأتى من الأسباب.
وقد أقام مسئولية المدعى عليهم الأربعة الأول بصفتهم وبوصفهم متبوعين يسألون كنص المادة ( 177 مدني ) وعلى فهم مؤداه أن المتبوع يسأل عن أعمال تابعه التي تصدر منه أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ولو كانت أفعالاً صادرة عن باعث شخصي بعيد عن مقتضيات الوظيفة وعدّد أحكام النقض بالخصوص , وخلص إلى أن المدعى عليهم من الخامس وحتى العشرين ارتكبوا هذه الأفعال التي أفضت إلى مضّارة المدعين أثناء تأدية وظائفهم وبسببها وتكون جهة عملـهم مسؤولة بالتضامن ويكون المدعين أهلا للمطالبة بالتعويض عن الضررين المادي و الأدبي وبمبلغ " خمسة عشر مليونا من الدنانير " لكل منهم شاملة لكل الأضرار التي حاقت به مع التضامن والمصاريف وأتعاب المحاماة وستعرض المحكمة لمذكراته المكتوبة في حينه .
***** وحيث إنه وبعد أن قامت المحكمة بعرض طلبات هيئة الدفاع عن المدعين بالحقوق المدنية وما رافقها من مذكرات دفاع ومستندات والتي ستفرغ المحكمة للرد عليها وتقييمها قبولاً أو رداً بعد الفراغ من الطلبات في الدعوى الجنائية والتي بالضرورة ستكون سابقة للبحث عن الدعوى المدنية التابعة , وكانت هذه المحكمة وهى بصدد تهيئتها للفصل فيها كانت قد فتحت باب الدفاع في الدعوى الجنائية على مصراعيه لتلج هيئة الدفاع عن المتهمين ميدان الدعوى الجنائية كل بالطريقة التي اختارها وقد مكنوا من وسائل الدفاع بغير قيد أو شرط أو تضييق , واستجابت المحكمة إلى كل طلباتهم بغير أن تغمط حقاً لأي منهم , ويصدق هذا الحال على النيابة العامة صاحبة الدعوى العمومية , وقد طرح كل منهم طلباته ودفوعه ودفاعه بين يدي هذه المحكمة وإعمال لحقوق الدفاع الكاملة , فقد سمعت المحكمة الشهود الذين طلب سماعهم , كما قدم المتهمين من الأول إلى السابع تقارير الاستشاريين وسمع الأطباء الذين أعدوها وطرحت تلك التقارير على بساط البحث من قدح ومدح كل حسب الوجهة التي هو موليها , كما سمع الطبيب الشرعي وشهود الإثبات كما أحيلت الدعوى الجنائية على الخبرة لتقول كلمة الفصل في سجال جلـه علمي متصل أتصالاً وثيقا بواقعات الدعوى ومنه الرد على التقرير الاستشاري الذي تقدم به المتهمون من الأول إلى السابع والذى يعولون عليه في نفى حصول الواقعة على الصورة التي طويت عليها الأوراق .
***** وحيث إنه وبمطالعة التقرير الاستشاري الذي قدمه الدفاع عن المتهمين من الأول إلى السابع والذي أعد كطلب من جمعية خيرية تعنى بحقوق الأنسان وقد أعد لخدمة الدعوى , وباستعراض التقرير تبين أنه أورد فيه المعطيات التالية :-
1) أنه عرض لتقريري منظمة الصحة العالمية , وقد اقتبس منهما ما يعزز أراءه في شأن أسباب إصابة أطفال المستشفى , فقد اقتبس منه القول :- بأن هذه الإصابة تعود لأسباب مختلفة , كما أن التقرير لاحظ أن ثمة نقصاً في المعدات و الأدوات الطبية اللازمة لخدمة المستشفى .
2) ثمة تعليمات أصدراها فريق منظمة الصحة العالمية في كيفية التعامل مع المرض علاجا ووقاية لقلة المهارات بالمستشفى كما يزعم التقرير .
3) أن ثمة نقاطاً للتشابه بين وبائية مستشفى أطفال الفاتح لطب وجراحة الأطفال وبين وبائية ( رومانيا واليستا بالاتحاد السوفيتي ) .
4) أن استخدام أجهزة القسطرة عبر الوريد للحقن في مستشفيات الأطفال والاستعمال المشترك للمحاقن بدون تعقيم مناسب ( قد) تكون أسباباً محتملة لحدوث الإصابة في مستشفى أطفال بنغازى .
5) كما ورد في صلب التقرير الاستشاري أن معمل المركز مجهز جيدا لإجراء التحاليل الفيروسية والمناعة السريرية المعتادة .
6) أن ثمة إصابات بفيروس التهاب الكبد , لكننا لانملك دليلا على أن تلك الإصاباته هى إصابة جديدة أو قديمة , وأن إصابات الالتهاب الكبدي لدى الأطفال بفيروس فقدان المناعة تشير بقوة إلى إصابات داخل المستشفى على نطاق واسع فى خلال عام : 1998 و 1999 .
7) ثمة ممرضتان قد أصيبتا بالمستشفى الأولى حقنت نفسها عندما كانت تنقل دم المريض من الحقنة إلى أنبوب الاختبار , والثانية تلقت ثلات حقن من (دلكتروز) عبر الوريد نتيجة الإغماء.
8) أن الفيروس المعزول من الممرضتين تسلسل يماثل إلى حد بعيد تسلسل الفيروس المعزول من عدد ( ثلاثة وعشرين طفلاً مصاباً ) و ( خمسة عشر أمّاً مصابة) .
9) لم توجد عينات من الأطفال المرضى عام : 1997 .
10) أن ثمة بيانات طلبت لأجل استكمال الدراسة ( طلبت من جهة الصحة إلاّ أنها لم تصل ).
11) لم يتم الحصول على القنينات المضبوطة بمعرفة الشرطة للتأكد من محتوياتها وعما إذا كانت تحتوي فيروس المرض من عدمه .
12) يرى أخذا من دراسات أشار إليها إلى أن الأمر الأكثر احتمالا أن الطفل الأول أصيب بفيروس نقص المناعة المكتسب من خلال مادة حقن ملوثة أو من خلال انتقال عمودي غير معروف ( دون تحديد لـهذا الطفل ).
13) قرر أن الدراسة خلصت إلى أن إصابة الأطفال وأمهاتهم كانت نتيجة عدوى مستشفيات .
14) أجريت عملية نقل دم لطفل واحدعام : 1997( دون تحديد لـهذا الطفل).
15) يضيف أن الباحثين قدّروا أن انتشار العدوى بفيروس الإيدز عام : 1998 سببها مصدر واحد ( سلالة سى . أو . أف .02 ) والتي يعتقد أنها دخلت البلاد خلال العقد الأخير من خلال المهاجرين من وسط أفريقيا وانتشرت بعد ذلك عبر الاتصال الجنسي أو نقل الدم .
16) اختار التقرير الطفل رقم ( 308 ) الذي دخل المستشفى خلال عام : 1997 والذى يحتمل بأنه كان سبب الإصابة في المستشفى .
17) خلص من ذلك أن أقسام الباطنية ( أ . ب . ج ) كانت ملوثة خلال شهر نوفمبر : 1997 .
18) يقول إن الإصابة ما تزال شديدة حتى بعد مغادرة الطاقم البلغاري .
19) اختار خمسة عشر حالة , وقال : بحصول إصابتها خلال عام : 1997 أو قبلـه .
20) الطفل رقم ( 42 ) عمره ( سنتان ) أدخل المستشفى سنة : 1998 وقد أجريت لـه التحاليل في شهر أكتوبر ومستبعد أن تكون الإصابة قد وقعت في سنة : 1998 وربما أصيب خلال سنة : 1996 من عملية جراحية .
21) توفى طفل واحد عمره أربعة أشهر وربما تكون الإصابة قد انتقلت إليه من الأم عبر الرحم .
22) وخلص إلى أن الإصابة كانت موجودة بالمستشفى خلال سنة : 1997 واستمرت حتى مارس سنة : 1999 وعزى إصابة الأطفال بفيروس فقد المناعة المكتسبة التي حدثت في مستشفى بنغازى يفترض أن تعود إلى استعمال مواد حقن ملوثة بدم طفل مصاب من خلال انتقال عمودي غير معروف , وقد أدخل الطفل المحتمل إلى هذا المستشفى خلال عام : 1997 وبدأ التلوث الأفقى لبعض الأطفال خلال عام : 1997 ثم عام : 1998 , 1999 وتعود السلالات التي أخذت من هؤلاء الأطفال لنفس نوع الفيروس الذي يشير بعده إلى نوع واحد , وهو فيروس موجود في وسط أفريقيا , وقد بين أن انتقال وسميّة هذه السلالة بالذات وتسببها للمرض مرتفعة جدا , كما توحى بأن الإصابة المرتدة المفترضة لبعض الأطفال المصابين انتقل الفيروس منهم إلى أمهاتهم نتيجة الرضاعة .
23) ويمكن تفسير إصابة هذا العدد (426) في هذه الفترة الزمنية بالقدرة العالية لـهذه السلالة على الإصابة بالمرض , فضلا عن الممارسات الخاطئة المستخدمة من قبل طاقم التمريض , وخلص إلى أنه لم يرد دليل يثبت أن ثمة حقناً متعمداً لمواد ملوثة .
***** وحيث إنه وبمطالعة الأوراق الطبية الأخرى التي قدمها دفاع المتهمين من الأول إلى السابع وهى بعد عبارة عن أسئلة قيل بحصول توجيهها إلى طبيبين من قبل دفاع المتهمين , وقد أعدت لخدمة الدعوى وتم الحصول عليها عبر شبكة الأنترنيت ولم يقم واضعوها على فرض صحة ذلك على الأطلاع على وقائع الدعوى , وقد وردت بها معلومات عامة غير مفصلة في شأن عدد المصابين خلآل السنوات في : 1990وحتى : 1997 وهو (207 حالة) ولم تبين هذه التقارير عما إذا كان هذا العدد يخص الأطفال أو البالغين ليبيين أو أجانب في حين أن الإحصائية مصدرها لجنة مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة وقد فصّلت هذه الإحصائية جنسيات المصابين وأعمارهم بما لا يتفق والاحتمال الذي ورد في الأسئلة المطروحة , وستعود المحكمة إلى تقييم تلك التقارير لاحقا .
***** وحيث إن المحكمة قد خلصت إلى سماع الشهود بناء على طلب النيابة العامة أو الحاضرين عن المتهمين من الخامس والعشرين وحتى الخامس والثلاثين , فقد سمعت المحكمة هؤلاء الشهود وفق الثابت بمحضر الجلسة , كما سمعت الطبيبين الاستشاريين كطلب دفاع المتهمين من الأول إلى السابع , وسمعت الطبيب ( سالم العقيلى ) , كما سمعت الطبيبين الدكتور (عوض أبودجاجة ) والدكتور (محمد أبو شعالة ) , وكذا الطبيب الشرعي , وأيضا رئيس القسم بمستشفى الجمهورية للولادة وأمراض النساء , كما سمعت المحكمة ولى أمر الطفل (مختار خالد) وكذا الشاهد (محمد أبوجناح) مدير إدارة الشئون القنصلية بالخارجية الليبية , وستعرض المحكمة لشهادة كل منهم على التوالي :-
***** وحيث إنه وبسماع شهادة الشاهد الدكتور (عوض أبودجاجة ) قرر إنه سافر إلى فرنسا عند انفجار المرض بصدد الاعداد لطرق مقاومة المرض للوقوف على أسبابه , وقد التقى كل من الدكتور (مونتنييه) والدكتورة ( صوفي شارمييه ) وقولـه لـه وكذا مساعدته من تدعى ( صوفي ) أن : " ثمة مجنون قد أقدم على هذا العمل " وأن القصد منه كان تجربة علمية , وأضاف بأن خبراء منظمة الصحة العالمية لم تفسّر لانفجار المرض وأنهم نصحوا باجراء تقصى وبائي بعد أن ازدادت حالات ظهور المرض خلال شهرى :8 و 9/1998 وقد وصلت إلى حوالى ثلاثة وأربعين حالة خلال : 1998 ـ وعندها نصح خبراء منظمة الصحة العالمية بالتوقف عن موالاة التقصى , بيد أنهم لم يأخذوا بتلك المشورة , و التي كادت أن تورث كارثة تفشى الوباء , فقد كانت النصيحة في غير محلـها ممن يزعم أنه خبيراً فى منظمة عالمية .
وقد أجرى استقصاء على حوالى عشرين ألف حالة كانت نتائجها سلبية إلاً طفلاً واحداً كان قد سبق دخولـه لمستشفى الأطفال , وقد شمل هذا التقصى الصغار و الكبار و الأمهات الحوامل , كما ثبت أن جميع الأطفال الذين يحملون المرض كانوا قد ترددوا على مستشفى الأطفال , كما شمل الاستقصاء كذلك عدد(235 أمّاً) ثبت إصابة ( تسعة عشر ) منهن وكانت أمهات لأطفال المصابين (نزلاء المستشفى) , كما لاحظوا أن جُل الحالات المصابة كانت نزيلة في أقسام الباطنة ( أ . ب. ج ) وأن ثمة أقسام لم ينتشر فيها المرض , وقد استمر ظهور حالات المرض إلى أن وصلت الحالات إلى أربعمائة طفل وتسعة عشر أمّاً , وقد توقف ظهورالحالات خلال عام : 1999 ـ كما لاحظ أن ثمة أطفالاً تلقوا جرعات من الفيروس لا تتناسب مع أعمارهم , وخلص إلى أن إنفجار المرض بالنظر إلى المعطيات سابقة البيان لايعود لعدوى المستشفيات , بل هو أمر متعمد بالنظر إلى حجم عدد المرضى بمقارنته بأعداد المرضى الذين زاروا السمتشفى في خلال المدة ( 10/1997 إلى 10/1998 ) والبالغ عددهم ( 13757) طفلاً وطفلة , ونسبة الإصابة بينهم تصل إلى 30% " ثلاثين بالمائة " وهى نسبة قال عنها إنها مرتفعة بالنظر إلى المقاييس العالمية .
***** وحيث إنه بسؤال الدكتور عوض أبودجاجة قرر أنه كان رئيساً للجان العلمية التي شكلت لدراسة وضع المستشفى عند إنفجار المرض , وقد انتهى الرأى بعد تزايد الحالات إلى ضرورة إجراء تقصى وبائي لمعرفة مصدر الإصابة , وقد تم إجراء تقصي وبائي على عشرين ألف حالة من الأمهات الحوامل والأطفال في جميع أنحاء البلاد , كما تم إجراء تقصي وبائي على مستشفى الجمهورية للولادة ومصرف الدم ومستشفى 7 أكتوبر ومستشفى الجلاء ولم يثبت حصول إصابة بهذه المستشفيات سواء للمرضى أو العاملين وكانت كل حالات الإصابة المكتشفة وقعت في مستشفى الأطفال الأمر الذي جعل اللجنة تجري تقصي على الأطفال الذين دخلوا المستشفى من شهر : 10/97 وحتى نهاية شهر أكتوبر 1998 ـ وقد تبين أنه دخل للمستشفى حوالى (13730) طفل أصيب منهم حوالى (420) طفلا وتسع عشرة أمّاً , وقد تمت الاستعانة بمظمة الصحة العالمية وقد حضر منها متخصصون في التقصي الوبائي والمختبرات والعلاج , وقد نصحوا عند قدومهم وبعد اكتشاف حوالي (46) حالة , نصح مختصو منظمة الصحة العالمية بوقف إجراءات التقصى , ولكن الأطباء الليبيين لم يستجيبوا للنصيحة والتي كانت سوف تؤدي إلى كارثة في المجتمع بتفشي المرض في غفلة من الجهات الصحية , وبعد الاستمرار في التقصى وصلت حالات الإصابة بالمرض إلى حوالي ( 420) حالة وعندها أيقن هؤلاء المختصون أن مشورتهم كانت خاطئة .
وقد أضاف أنه قد تم الكشف على حوالي ( 6500) طفل كانوا قد دخلوا المستشفى خلال المدة المنوه عنها آنفاً , وقد ثبت إصابة ( 420) طفلاً وطفلة منهم , كما إنتقل المرض إلى تسع عشرة أمّاً من مجموع الأمهات اللائي خضعن للتحليل.
وقد وقفت اللجنة على أن جميع الأطفال المصابين قد دخلوا المستشفى خلال سنة 1998 ـ وأنهم لم يتلقوا دماً أو مشتقاته سوى ثلاثة عشر منهم أقدمت اللجنة على تتبع حالاتهم ولم يقفوا على أن الدم الذي تلقوه كان ملوثاُ , كما أيقنت اللجنة أن مصدر المرض هو المستشفى لخلو المجتمع الليبي من هذا المرض سوى حالات قليلة ثبت أنها لأشخاص أجانب , كما لاحظت اللجنة أن ارتفاع عدد الحالات لايتفق مع النسب المتعارف عليها في عدوى المستشفيات والتي لاتجاوز نسبة ( ثلاثة في كل ألف ) وأنه لم تكن ثمة إصابات في الأقسام الأخرى الأكثر عرضة , كأقسام حدثيي الولادة والجراحة وأمراض الكلى وأمراض الدم , وقد تركزت جل الحالات في أقسام الباطنية ( أ . ب . ج ) وأنه لم يصب من العاملين سوى ممرضتين , الأولى أصيبت في سنة : 2000 نتيجة وخزها بحقنة أثناء نقلـها لدم من طفل مصاب , والثانية حقنت بمعرفة المتهمة السادسة بعد تعرضها لنوبة إغماء نتيجة لإصابتها بمرض السكر , كما تيقنت اللجنة من أن المرض قد توقف ابتداءً من : 1/1/1999 , وأن الحالات التى اكتشفت خلال هذه السنة سبق دخولـها للمستشفى في سنة : 1998 .
فضلا عن أن المستشفى دأب ابتداء من أول سنة : 1999 على إجراء تحليل للكشف عن مرض فقدان المناعة المكتسبة لكل طفل يدخل المستشفى ويعاد التحليل بعد ثلاثة أشهر من خروجه ولم تظهر حالة إصابة واحدة رغم الكشف على حوالي (عشرين ألف طفل ) .
كما لاحظت اللجنة أن ثمة أمراضاً أخرى معدية مثل مرض ( الحصبة والالتهاب الكبدي . ب . ج . والالتهاب السحائي والتدرن الرئوي ) لم تنتشر بالمستشفى وهى الأكثر سهولة في الانتشار من مرض نقص المناعة .
وبسؤالـه عن مقابلته للدكتور ( مونتنييه ) الطبيب الفرنسي الذي حضر إلى البلاد قرر أن الطبيب المذكور صرح لـه بأنها " يمكن أن تكون تجربة" بالنظر إلى ارتفاع عدد الحالات , وقد قرر الطبيب في شأن نسبة الفيروس العالية في أجسام بعض الأطفال أن الأمر يحتاج إلى دراسة .
*** ورد على سؤال النيابة العامة في شأن أسباب انفجار المرض بأن نسبة العمد في الفعل أقوى بكثير من نسبة عدوى المستشفيات , كما تمت ملاحظة أن أطفالاً أصيبوا بالمرض قد ترددوا فقط على العيادة الخارجية ولم يمكثوا بالمستشفى الأمر الذي زاد من ترجيح فعل العمد وأن مصدر العدوى مصدراً واحداً .
كما نفى الشاهد وهو المطلع على ما يجرى في المستشفى أنه لم يثبت أن ثمة إصابة حصلت في سنة : 1997 ـ وأن تقرير منظمة الصحة العالمية لم يذكر أن ثمة حالة أصيبت خلال سنة : 1997 ـ ويمكن تلخيص شهادته على النحو التالي :
1) ليس ثمة حالة مصابة في خلال عام : 1997 .
2) الحالات كلـها دخلت المستشفى أو ترددت عليه خلال عام : 1998 .
3) ثمة أطفال أصيبوا من مجرد ترددهم على العيادة الخارجية .
4) نسبة عدد الحالات إلى مجموع المترددين تصل إلى ( 30 حالة لكل ألف).
5) نسبة عدوى المستشفيات تقارب ( ثلاثة لكل ألف) .
6) خلو المرافق الصحية بمدينة بنغازي من المرض .
7) تم إجرء إستقصاء وبائي على (عشرين ألف حالة ) ثبتت وجود امرأتين أجنبيتين وطفل أجنبي .
8) تم إجراء تحليل لكل متردد على المستشفى ابتداء من : 1/1/1999 ـ وبعدد عشرين ألف لم يثبت إصابة إحداها بالمرض .
9) توقف المرض في نهاية : 1998 .
10) لم يثبت انتشار عدوى بالمستشفى بالنسبة للأمراض المعدية الأخرى.
11) لم تنتشر العدوى في جميع أقسام المستشفى , وتركزت في أقسام الأمراض الباطنية بوحداته الثلاثة.
12) كان مستوى الخدمات بالمستشفى جيد.
***** وحيث أنه وبسؤال الشاهد الثاني الدكتور محمد بوشعالة ( أستاذ الأمراض السارية ) وقد شهد : أنه أوفد إلى فرنسا لمقابلة الأطباء المختصين وقد التقى ( بمعهد باستير الأستاذ مونتنييه , والأستاذة صوفي شارمييه مساعدته ) في الفترة من : 14ـ 18 /12/1998 وقال : بأنه التقى الدكتورة ( صوفي شارميه) وقد شرح لـها واقعة إنفجار المرض وقد أجابته للوهلة الأولى : " هل ثمة مجنون أقدم على ذلك " وأضافت بأن فترة النافذة تبداء أسبوعين إلى شهر و شهرين أكيد , وأنه لا يمكن إصابة مثل هذا العدد لمجرد الخطأ في استخدام الأدوات الطبية , كما لاحظ أنه وفى تاريخ مقابلته لـها كان العدد لم يتجاوز ( خمسين حالة ).
وأكدت على أنه لايمكن انتقال المرض عن طريق جهاز البخار بالمستشفى كما أن الدكتور : مونتنييه مندهشاً بسبب ارتفاع العدد , وأضاف أنه وبوصفه رئيساً لقسم الأمراض السارية بمستشفى الجمهورية وهو نفسه مستشفى الولادة , ومنذ عام : 1989 وقد تم إجراء استقصاء على ( 5100 امرأة ) لم تثبت إلا إصابة اثنين من الأفارقة فقط , كما لاحظ أن المرض لم ينتشر في جميع أقسام المستشفى وهو بعد مرض يُنقل عن طريق الدم , وثمة أقسام معرّضة أكثر من غيرها للإصابة مثل : أقسام أمراض الدم وقسم الجراحة وأمراض الكلى وحدثيي الولادة , وكان المرض محدداً مكاناً وزماناًاً وقد توقف بنهاية سنة : 1998 .
وخلص من المعطيات سالفة البيان أن التحاليل أبانت عن تلقي الأطفال جرعات من الفيروس لا تتناسب مع سنهم واستبعد فرضية إصابة إطفال المستشفى عن طريق عدوى المستشفيات.
***** وحيث أنه وبسؤال الشاهد الثالث الأستاذ الدكتور (مونتنييه) قرر أنه وبناء على طلب من جمعية حقوق الإنسان في الجماهيرية قدم وزميلـه الشاهد الرابع إلى البلاد في خلال عام : 2002 في شأن وبائية مستشفى الأطفال ببنغازي وقد خلص في تقريره إلى أن إصابة نزلاء المستشفى كانت نتيجة انتشار العدوى داخل المستشفى نتيجة الخطأ في استخدام الأدوات الطبية , وأن ثمة أطفالاً مرضى بمرض فقدان المناعة المكتسبة داخل المستشفى كانوا السبب المباشر في نشر العدوى نتيجة عدم إلتزام الإجراءات الطبية الصحيحة أثناء التعامل مع الأطفال , وأضاف أن ثمة سلالة غالبة من الفيروس الذي ألحق الأذى بالأطفال وأن ثمة حالات كانت قد أصيبت خلا ل : 1997 ـ وأن هذا الفيروس يمكنه أن يعيش خارج الجسم بضعة أيام في بعض المحاليل الطبية , كالدم المجفف وإن وجود نسبة من الحمل الفيروس تصل إلى مليون لدى طفل صغير لايعطي معياراً لكيفية انتشار المرض , ولكنها كمية كبيرة لا تتناسب مع حجم الطفل ويعجز جهازه المناعي عن مقاومتها .
وقد برر وجود الحمل الفيروسي العالي بأن هذا النوع من الفيروس نوع غريب وقوي وشديد العدوى وربما توجد طرق أخرى لانتشاره لا نعرفها , وأنه لم تكن ثمة دراسة وافية عن هذا الفيروس حتى الآن كما أضاف بأن نسبة انتشار المرض ثلاثة لكل ألف نسبة خاصة بالكبار , ولاتوجد نسبة محددة للأطفال , وقد فسر إصابة هذا العدد من الأطفال في هذه المدة بأنها تعود لقدرة الكبيرة لـهذا النوع من الفيروسات على العدوى .
كما قدر أن مدينة بنغازي خالية من مثل هذا الفيروس , وربما قدم عن طريق أطفال غرب أفريقيا دخلوا المستشفى في السنوات : 1994 ـ 1997 ـ ولأن هذا النوع من الفيروسات هو الغالب في غرب أفريقيا وقد نقلـه أحد المهاجرين إلى مدينة بنغازي وإلى المستشفى بالذات , كما برر عدم انتقال المرض إلى الأقسام الأخرى بالمستشفى بأن ذلك يعود إلى أن هذه الأقسام تتبع في الإجراءات الصحية المطلوبة كما في قسم الكلى الذي زاره .
وقدر أيضاً بأن مرض إلتهاب الكبد ( ب . ج ) أكثر وأسرع انتشار في مرض فقد المناعة المكتسبة , وعاد إلى تكرظ ير قولـه بأن سلالة الفيروس غريبة جداً ولـها القدرة العالية على العدوى و هذا السبب الذي يعول عليه في انتشار المرض في المستشفى .
وقد ردّ على مقولة توقف المرض بحصول اتخاذ الإجراءات الصحية وأن الحقن عن طريق الوريد يؤدي إلى الإصابة بقوة أكثر من الوخز عن طريق خرق الجلد , كما أكد واقعة بقاء الفيرس حياً داخل " السرنقة " لمدة يومين أو ثلاثة , كما أكد إمكاينة بقاء الفيروس حياً في ثلاجة لحفظ الموادالغذائية .
وقدأجاب على سؤال مؤاده عما إذا كان يقطع بأن الإصابة عمداً أو عن طريق عدوى المستشفيات بقولـه : أن القضية غامضة وقد عاينا جميع الاحتمالات بما فيها العمد , ولا نستطيع الجزم به , وإن إصابة المرضى جميعاً وكذا الممرضتين كانت بنفس الفيروس بيد أن وحدة الفيروس لاتنفي الفعل العمدي .
ونفى إمكانية الجزم بتحديد تاريخ الإصابة على وجه اليقين باليوم والشهر , وأنه افترض أن أول طفل مصاب دخل المستشفى عام : 1997 ـ وهو مجرد احتمال وليس ثمة دليل قاطع (ص 58 من محضر الجلسة ) وعزى عدم حصول إصابة أفراد أسر المرضى إلى الاختلاف في قوة المناعة لديهم , وأنه لا يستطيع الجزم في شأن التفريق بين طرق الإصابة العمدية أو الناتجة عن طريق التلوث .
كما أكد بأنه لا يستطيع الجزم عما إذا كان الفيروس معالجاً معملياً أم لا , لعدم دراسة هذه الواقعة , وأن الدراسة في هذا الشأن غير مستوفاة ولا نعلم أنه إذا كان فيرس طبيعي أو فيروس مطور .
كما قدّر فرصة انتقال المرض عن طريق خرق الجلد مثل ـ الختان ـ الوشم ـ والتحليل ـ والعناية بالأسنان , إلا أن الحقن المباشر أكثر قوة , كما أنه لم يؤكد واقعة إمكانية انتقال المرض , عن طريق جهاز البخار بالمستشفى لأنه لا توجد دراسات بالخصوص حتى الآن.
وقدعاد إلى القول في ( ص 67 من محضر الجلسة ) بأنه إذا ثبت أن الفيروس معالج معملياً وحصل تغيير عن الجين الأمّ , يعتبر هذا بفعل فاعل .
كما أضاف بأن الفيروس يمكن أن يعيش في " فكتر أيت " مدة طويلة .
وختم شهادته بالقول : بأنه إذا توفى مريض بمرض نقص المناعة المكتسبة فأنني سأكتب في شهادة وفاته أنه توفى بسبب إصابته بهذا المرض .
***** حيث أنه وبسؤال الشاهد الأستاذ " كوليزي " : ـ
فقد شهد بأنه : والشاهد " الأستاذ مونتنيى " قد كُلفا بدراسة حالة المرض الذي أنفجر في المستشفى , وذلك لمحاولة التعرف على الأسباب الحقيقية لـهذا الانفجار , فضلا عن البحث عن علاج ملائم لـهذا المرض وذلك خلال شهر : يونيو 2002 , وقد حصل من المستشفى على المعلومات الخاصة بالأطفال المصابين , وقد لاحظ أن بعض الأطفال كانوا متواجدين بالمستشفى خلال سنة : 1997 ـ وأنهم قاموا بالحصول على عينات مجمدة من مستشفيات أوروبية كان يعالج بها الأطفال في ( فيينا , أيطاليا , سويسرا , فرنسا) وقد حصل على ( ستين عينة ) ومن التحليل الجيني وجد أن الفيروس هو ذاته في جميع العينات , وقد أجريت دراسة الغرض منها معرفة عما إذا كان الفيروس هو نفسه وكذا مدى أستحداثه للمرض ومعرفة مدى استجابة المرضى للعلاج , كما حصل على عينات من الأطفال أجريت عليها الدراسة , ومن بعد الدراسة خلص إلى معرفة أن الفيروس هو ذاته بعد مضي أربع سنوات على حصول المرض , كما كانت التركيبة الجينية ثابتة , وقد استخلص من ذلك أن هذا الفيروس ذو قوة عدوانية وأنه لا يستجيب للعلاج الموجود في المستشفيات الليبية المضادة للفيروسات , كما يستيع مقاومة المناعة في الجسم , وقد أخبر الأطباء الليبيين بأنه من الصعب أن نجزم مائة بالمائة أن سبب انفجار المرض يعود لفعل عمدي , وليس فى معرفة طبيعة هذا الفيروس أن يجيب على السؤال .
كما أوضح أنه يمكن إصابة هذا العدد من المرضى بعدوى انتقلت من طفل واحد ومن الصعب التحقق من كيفية الانتقال بينهم , لأن ذلك مرتبط بالظروف والإمكانيات التي تعيشها المستشفى , وقد أكد أن الأمور في المستشفى استقامت خلال شهر من انفجار المرض , الأمر الذي منع انتشاره بعد سنة : 1998 .
كما أضاف : بأن الفيروس أصلـه من غرب أفريقيا إلاّ أن ذلك لم يلق حظاً كبيراً من الدراسة حتى الآن , وبناء على ذلك فإن الدراسة المقدمة منه وزميلـه ما تزال تنقصها الدقة لعدم الإحاطة بالمعلومات الكاملة الصادرة عن المستشفى , وكذلك لم يكن ثمة وقت كاف لدراسة الظاهرة , وأنه لا يستطيع أن يقطع بتاريخ حصول إصابة جميع الأطفال المرضى على وجه الدقة , وصّرح في شهادته بأن الأطباء الليبيين تنقصهم الخبرة في التعامل مع هذا المرض لأنه قليل الانتشار في البلاد وهم مهتمون بمرض التهاب الكبد أكثر من مرض نقص المناعة المكتسبة , وقد عزى حصول انفجار المرض إلى أن سيدة أفريقية أتت بطفلـها الذي يحمل المرض إلى البلاد ومن ثم دخل إلى المستشفى ومنه انتشرت العدوى , وأن نسبة انتشار المرض المقدرة بثلاثة في الألف هى نسبة أوروبية وليست أفريقية , كما رجح واقعة انتقال المرض من الطفل إلى أمّه في فترة الرضاعة إذا كان ثمة التهابات بفم الطفل .
وقال : بوجود إصابات بمرض التهاب الكبد ( ب . ج ) ويتخذ من انتشار التهاب الكبد قرينة على انتشار مرض العوز المناعي
كما أضاف بأنه تبين من التركيبة الجينية لـهذا الفيروس والتي تمت بعد أربع سنوات من إصابة الأطفال بأنها نفس التركيبة ولا تستجيب للعلاج وشديد العدوى , ولذا أضاف بأن سبب انتشار المرض هو قوة هذا الفيروس غير الطبيعية والتي تميزه عن غيره من الفيروسات المعروفة , كما برر عدم انتقال العدو إلى بعض أقسام المستشفى بأن الأطباء يعلمون بقصور المناعة عند أطفال هذه الأقسام , وبناء عليه فإنهم يتخذون الإجراءات اللازمة لمنع وصول الأمراض إليهم , كما يشهد بأن مرض نقص المناعة المكتسب لم يكن منتشراً في الجماهيرية.
***** وحيث أنه وبسؤال الشاهدة : نورية فضل الدرسي أمام مأمور الضبط قالت : بأنها تعمل ممرضة بمستشفى الأطفال ببنغازي بقسم الأمراض الباطنية (وحدة ـ أ) وأنها كانت مشرفة على علاج ابنة أختها من تدعى ( فاطمة الزهراء) التي كانت نزيلة بقسم ( الأمراض الباطنية ـ أ ) ابتداء من تاريخ : 7/5/98 وكانت تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة وأنها من خلال إشرافها عليها قالت بأن جميع المحاقن معقمة ولم يسبق استعمالـها لغيرها وقد ظلت بالمستشفى حتى تاريخ اكتشاف إصابتها في : 30/8/1998 ـ وأكدت أن جميع الأدوية تعطى لـها تحت اشرافها .
***** وحيث إنه بسؤال الشاهد " محمد عوض الشريف " قال : بأن ابنته دائمة التردد على مستشفى الأطفال بسبب إصابتها بداء السكرى , وقد تم إيواؤها بالمستشفى خلال عام : 1998 ـ لأربع مرات كان آخرها ابتداء من : 24/9/98 وحتى : 1/10/98 .
وقد أبلغته ابنته أنه : وبتاريخ : 30/9/98 وعند الساعة الثالثة بعد منتصف الليل أقدمت المتهمة السادسة وكانت ترافقها المتهمة الخامسة بحقنها بحقنة بالزيادة على دوائها المعتاد , وقد تم إخطار الإدارة في الصباح .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهدة : ( سهيلة محمد عوض الشريف) : قالت بأنها كانت نزيلة بقسم الأمراض الباطنية الوحدة ( ب ) لعلاجها من داء السكري وفى ليلة الواقعة جاءتها المتهمة السادسة رفقة أخرى وقامت بحقنها في ذراعها الأيمن بحقنة آلمتها كثيراً , وقد أخطرت والدها صباحاً بالأمر وقد تعرفت على صورة تلك الممرضة عند عرضها عليها من قبل الشرطة , وأنها لا حظت محتويات الحقنة والتي كانت تحتوي على سائل أحمر أو أصفر .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهدة (جميلة حسنى أحمد ) قدّرت بأنها قد كانت مرافقة لابنها الذي أصيب هو أيضاً بالمرض وكانت تشارك الشاهدة السابقة نفس الغرفة , وقد لاحظت قدوم المتهمتين ( الخامسة والسادسة ) إلى حيث سرير المجنى عليها ( سهيلة ) وقامت أحداهما بحقنها بمادة لم تتبينها وقد اخذت الطفلة في الصراخ فربتت المتهمة على كتفها وطلبت منها أن تخلد للنوم .
وأضافت بأنها لاحظت في إحدى الليالي وعند دخولـها لغرفة التمريض وجود المتهم الأول مع المتهمة ( فاليا) وكانا يحتسيان المواد المسكرة , كما لاحظت بأن المتهم الأول تواجده باستمرار في المستشفى بالفترة المسائية وكأنه لا يغادره و كان كثير التردد على قسم الباطنية , كما لاحظت عليه بأنه يتصرف مع الممرضات البلغاريات وعلى نحو يشير إلى قوة العلاقة وأنه كثير التودد للاطفال ويقوم بنقلـهم إلى غرفة التمريض وقد أصيب جميع الأطفال الذين ألتقى بهم .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد الدكتور عادل التواتي , قدّر أنه كُلف بالاطلاع على الملف الطبي للمجني عليها ( سهيلة عوض الشريف) بمناسبة الشكوى من حقنها بمادة غير مأمور بها من الطبيب المعالج وأفاد بأن ملفها يثبت فقط تناولـها لمادة (الأنسولين) حقناً لعلاج داء السكري مرتين في اليوم صباحاً ومساءً فقط .
***** وحيث بسؤال الشاهدة : " كاملة التركي أحمد " قالت : بأنها أوت ابنها المستشفى لثلاث مرات خلال عام : 1998 ـ وكان آخرها دخولـه في : 11/10/1998 ـ وقد لاحظت في أحد الايام إقدام المتهمة الخامسة وعن إصرار بالحصول على عينة من دم ابنها بواسطة حقنة ملوثة بالدم , وعندما رفضت تمكينها من ذلك أخرجتها من الغرفة وكان لـها ما أرادت , كما أنها لاحظت أن ثمة علاقة خاصة تكشف عن معرفة سابقة بين المتهمة الخامسة والمتهم الأول , فقد كانا يجلسان بشكل يوحي بأن بينهما علاقة حميمة .
كما لا حظت في إحدى المرات أن المتهمة الخامسة كانت قد أخذت ابنها إلى غرفة الممرضات , وعندما فاجأتها بذلك أخبرتها بأنها قامت بتغيير ملابسه التي تقيأ عليها , وبعد الكشف عن تلك الملابس وجدتها نظيفة ولا أثر للقئ عليها , وقد أبلغت زوجها والذي بدوره أبلغ النيابة العامة .
***** وحيث بسؤال المجني عليها : " سعاد العقوري " قالت : ـ بأنها تعمل ممرضة بالمستشفى اعتبارا من : 1995 ـ بقسم الأمراض الباطنية ( أ ) وتعاني من مرض السكري المرتفع حتى وصلت إلى مرحلة الإغماء أثناء الدوام الرسمي , وكانت تتلقى حقناً بالوريد من مادة " الدكيسترول " ويعتقد أن إصابتها وقعت بسبب تلك الحقنة التي تلقتها .
***** وحيث بسئوال الشاهدة : " سعاد سعيد البدرى " قالت : بانها تعمل بالمستشفى منذ عام : 1994 وكانت تقضى الليل بقسم الباطنة وحدة ( ب ) ولم تلاحظ أن ثمة ممارسات غير موافقة لاصول التمريض ِ, وقد لاحظت أن المتهمة الرابعة لا تحسن أعمال التمريض .
***** وحيث إنه بسئوال الشاهدة : " سليمة محمد جودة " قالت : بأنها تعمل بمستشفى الأطفال وأنها في تاريخ الواقعة كانت تعد أبحاثا لدراستها العليا على الأطفال حديثى الولادة الذين يعانون من مرض الصفراء وكان من ضمن أطفال هذا القسم الطفل ( إسلام محمد ) وقد حصلت على عينة من دمه لاجراء التحليل عليها في : 7/7/98 وقد تبين خلوها من مرض فقدان المناعة المكتسبة , وقد عاد للمستشفى بعد ذلك خلال شهر أكتوبر : 1998 ليغادره في : 14/10/1998 , وقد تبين إصابته بعد دخولـه الأول للمستشفى .
***** وحيث إنه وبسئوال الشاهد الدكتور (منصور المبروك) قال : بأنه تولى رئاسة قسم الكلى بالمستشفى , وقد أفاد بأن الطفلة ( هنادى أحمد الغريانى ) قد دخلت قسم الكلى رفقة شقيقتها وقد دخلتا المستشفى في : 15/10/1998 وفى حجرة واحدة رفقة ثلاثة أطفال آخرين وقد أجريت للأولى عملية جراحية (الناسور الشرياني ) .
وقد وقع اثناء العملية أن أصيبت الدكتورة بجرح في يدها بفعل المشرط أثناء العملية وقت انفجار المرض , تم إجراء تحليل للطبيبة المعنية ولم تثبت إصابتها , كما لم تصاب شقيقتها بالمرض ولا أحد من الأطفال الذين كانوا يشاركونها الحجرة , وتلك قرائن تشهد بأن الطفلة لم تصاب داخل المستشفى وإنما أصيبت عند ترددها على العيادة الخارجية , فضلاً عن أنه لم تثبت إصابة أي طفل كان نزيلا بهذه الوحدة , كما أضاف بأن الطفل " عبد المجيد صالح العبيدي " قد دخل قسم الكلى بتاريخ : 20/2/1998 وقد أجرى لـه تحليل فقد المناعة المكتسبة في يوم دخولـه ولم تثبت إصابته في هذا التاريخ .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهدة ( نجاح عبدالسلام قنيبر) قالت : بأنها تعمل ممرضة بقسم الباطنية الوحدة ( C ) وأنها تشهد بأن المتهمة الثالثة ورغم حداثة عهدها بالعمل بالمستشفى تتلقى في مكالمات يتكلم أصحابها اللغة العربية وعند الحديث معهم تتكلم اللغة البلغارية وهى لاتتكلم العربية , وقد سأل عليها في إحدى المرات من يتكلم اللـهجة المصرية , وكان مصراً على الاتصال بها وقد قدّر بأنه يتكلم من بلغاريا وترك رقم هاتفه , وعندما عجز عن الاتصال بها سألـها " أيه الحكاية اللّى سمعناها عندكم " يقصد معرفة تفاصيل انفجار المرض , وعندها وضعت السماعة وقد كانت كثرة تلقيها للاتصالات مثار استغراب الممرضات الليبيات بما يعرفن من حداثة عهدها بالعمل في البلاد , فضلا عن أنها لاتتكلم العربية ولا الانجليزية .
***** وحيث إنه وبمطالعة محضر الاستدلالات ص ( 797 ) تبين أنه فتح بتاريخ 11/3/1999 – وقد مثل الدكتور ( بشير العلاقي ) عضو لجنة الجودة المشكلة , وقدّم لرجال التحقيق تقريرا صادراً عن مستشفى الخضراء يفيد بأن عدد اثنين من الزجاجات المضبوطة في شقة المتهمة الثانية تحتوي على فيروس نقص المناعة المكتسبة بكميات كبيرة , كما جاء في الصفحة رقم ( 799 ) استدلال أن مأمور الضبط القضائي ذكر أن التحليل أثبت وجود فيروس فقد المناعة المكتسبة في زجاجتين مضبوطة في شقتها .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد (خالد مختار) بالجلسة قال : بأنه أتى بابنه المريض إلى المستشفى وقد تلقى في العيادة الخارجية حقنة بالوريد , وبعدها غادر المستشفى وكان ذلك يوم : 15/9/98 ـ ولم يدخل ابنه بعد هذا التاريخ لأي مستشفى ولم يكن يعاني من أية أمراض ولم تجرى لـه أية عمليات جراحية , ولم يتلق سوائل عن طريق الوريد حتى أحضره مجددا للمستشفى بتاريخ : 18/12/2000 بسبب شكواه من الغدد وبإجراء التحاليل لـه ولزوجته أثبتت خلوهما من مرض نقص المناعة , كما لم يكن ثمة أحد من أبويه مصاب بهذا المرض , وقد تعرف بالجلسة على المتهمة الثالثة , وقال بأنها هى من قامت بحقن ابنه ذلك اليوم .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد دكتور (صالح طاهر) استشاري أمراض نساء وتوليد (مدير مستشفى الجمهورية لأمراض النساء) قال : إنه يعمل بالمستشفى وهومستشفى تعليمي منذ عام : 1982 وأن المستشفى معد لاستفبال حالات النساء الحوامل علاجاً ومتابعة وتوليداً , وأنه ثمة ثلاث غرف للعمليات منها غرفة مخصصة للحالات التي يشتبه في حملـها لفيروس نقص المناعة من الأجانب والتى لاتغادر المستشفى إلا بعد التأكد من خلوها من مرض نقص المناعة , فضلاً عن أنه لم تقع إصابة واحدة خلال هذه الفترة سواء بين الأطباء أو الممرضات أو العاملين وكذا المترددات على المستشفى , وقد زار فريق عن منظمة الصحة العالمية المستشفى وأثنى على حسن سير العمل به ووقف على كفاية الأدوات الطبية واطمأن إلى سلامة الإجراءات الطبية , هذا فضلا عن إجراء الفحص الدورى للنساء الحوامل وحتى الولادة .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد دكتور ( سالم العقيلى ) كطلب دفاع المتهمين من الثانية وحتى السابع , فقد مثل بالجلسة وردد ما فى التقارير والدراسات الطبية حول احتمالات الإصابة دون جزم أو قطع في تحديد سبب معين , خصوصا عندما انهالت عليه أسئلة دفاع المدعين بالحق المدني وكما هو ثابت بمحضر الجلسة .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد الدكتور ( محمد اقدورة ) الطبيب الشرعي أفاد بالجلسة بأنه ومن بعد اطلاعه على التقارير المرفقة والمعدّة على المتهمين الستة الأول بأنها : ـ
أعدت بطريقة مجافية لأسلوب الطب الشرعي في شأن وصف الإصابات والتعليق عليها , وقال بأنها وردت مبتسرة ولا تتفق والأصول العلمية , ذلك أنه لا يمكن الجزم بحصول هذه الإصابات نتيجة الإكراه , ولا يستقيم أن يستعمل الطبيب الشرعي مثل هذا التعبير بعد مضي مدة طوية على فحص المتهمين و أضاف بأن الصعق الكهربائي لا يترك أثراً و إن ترك أثراً فإنه يختفي بعد مضي ثلاثة أسابيع من حدوثه , ونفى إمكانية إدخال عصى في دبر إنسان بقوة حتى تنكسر دون حصول تمزق , وغالباً ما يؤدي ذلك إلى الوفاة , كما نفى إمكانية جر إنسان من عضو التناسل .
وكان الشاهد عضواً بهيئة التدريس بالجامعة وقد رد على سؤال مؤداه عما إذا كان أحد طلابه قد أعد تقريراً بعد الكشف عن المتهم (الأول) مماثلا للتقرير المعد بالخصوص (هل سيجتاز الامتحان بنجاح ؟ ) نفى ذلك , كما نفى أن يتحمل إنسان سريان التيار الكهربائي في جسمه لمدة نصف ساعة .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد " محمد أحمد نجاح " بالجلسة قال : بأنه كان يشغل منصب مدير للشؤن القنصلية بأمانة الاتصال الخارجي وقد كُلف بمرافقة من حضر من جمهورية بلغاريا لزيارة المتهمين , وقد رافقهم لمرتين , وقد تمت المقابلة بحضوره , وكان المتهمون يتحدثون معهم بلغتهم , ولم يلاحظ على أي منهم ما يشهد بتعرضه للأذى ولم يسمع بينهم ثمة شكوى بالخصوص , ولم يقدموا بين يدي موظفيهم أية شكوى بالخصوص , ولقد أثنت الخارجية البلغارية على نتائج تلك الزيارة فيما وجهته من كتاب لأمانة الاتصال الخارجي .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد " عبدالرحمن سعد سعيد " بمحضر ضبط الواقعة بأن قال : ـ إنه احضر ابنه مريضاً للمستشفى وقد تم إيواءه فيه وذلك بتاريخ : 27/6/98 وقد أخبرته زوجته المرافقة لابنها أن المتهم الأول حضر إلى ابنها مساءً وقد توجه به إلى غرفة التمريض , وأخذ في مداعبته وقد أعطاه حقنة لم تكن مسجلة في جدول علاجه , وعاد في الليلة التالية عند الساعة الثانية عشر مساء ليطمئن على ابنها وهو ليس مكلفاً بالإشراف على علاجه .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد " قويدو بيتر سيفر سيت " سويسري الجنسية بأن قال : أمام هيئة الادعاء الشعبي بأنه : يعرف المتهمة الثانية بأن كانت عشيقته وقد عرفها خلال عام : 1994 , وظلت مرتبطة به حتى عام : 1997 ـ حين عزم على الزواج من غيرها , وقد شهد : بأنه كان يشاهد فى المتهمات ( فاليا ـ فالنتينا ـ سنجانكا) بمنزل المتهمة الثانية , وقد شاهد كل منهن لأكثر من مرة في منزل المتهمة الثانية , وكن يحضرن إليها منفردات ويتحدثن معها باللغة البلغارية , وقد وصف المتهمة الثانية بأنها ذكية جداً وبأنها كانت تمارس الدعارة في بلغاريا كما أخبرته عن ذلك , وقد سبق وأن ضبطت بسبب ذلك وأن علاقاتها الاجتماعية واسعة.
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد الدكتور " عيسى صالح الختالي " قال : بأنه يعمل فنياً بقسم التحاليل بمستشفى الخضراء طرابلس , وأنه استدعي من قبل رئيس الإدارة العامة للبحث الجنائي طرابلس , وقد عرضت عليه القنينات المضبوطة بشقة المتهمة الثانية وهى خمس زجاجات تحتوي على بقايا من سائل بلازما بروتين , وقد قام بفحصها وقد تبيبن بأنه يوجد فيروس فقدان المناعة المكتسبة في زجاجتين من الخمس زجاجات التي عرضت عليه , وأنه قد أعد تقريراً بذلك سلمه لرئيس وحدة مكافحة مرض فقدان المناعة في طرابلس وهو من يدعى " بشير العلاقي " والذي سلمها بدوره لإدارة البحث الجنائي وفق الثابت من محضر الاستدلالات (ص 797) ـ وأضاف بأن الزجاجات التي عرضت عليه كانت محرزة بشكل قانوني , وقد قام بفض أختامها بحضور رئيس لجنة مكافحة مرض فقد المناعة المكتسبة , وأضاف بأنه يمكن حقن الإنسان بمادة بلازما البروتين الملوثة بفيروس فقد المناعة المكتسبة .
***** وحيث إنه وبمطالعة الأوراق أبانت عن انطوائها على تقدير الاختبار التأكيدي لمحتويات هاتين الزجاجتين اللتين أشار إليهما الشاهد خبير المختبر سالف الذكر , وقد بين أنها تحتوي على فيروس فقدان المناعة المكتسبة وقد أجرى هذا التحليل بتاريخ : 20/2/1999 .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهدة الطبيبة " سالمة محمد الزوي " قدّرت أنها طيببة بالمستشفى وتعمل بالأقسام الباطنية وأنها تعلم بإقامة المتهم الأول بالمستشفى اقامة دائمة خلال فترة انفجار المرض , وأنه كان كثير التودد للأطفال , وقد لاحظت أن انتقال المرض شمل بوجه عام الأطفال الذين لا يعانون من أمراض مزمنة أو إعاقة , وقد تركزت حالات المرض في الأقسام الباطنية وخلو أقسام الكلى وأمراض الدم وحديثي الولادة من هذه الأمراض , وعزت ذلك إلى خلو المكان للمتهمين بعد إخراج أمهاتهم من الأقسام ليلا من الساعة التاسعة وحتى الثانية عشر ليلا , كما لاحظت أن طفلا يبلغ من العمر أربعة عشر سنة مكث بقسم الباطنية مدة طويلة وكان يتلقى سوائلا عن طريق الوريد ولم يصب بالمرض نظراً لإدراكه لما يدور حولـه , كما أكدت سهولة الدخول لأقسام الباطنة والتحرك فيها .
***** وحيث بسؤال الشاهدة " تبرة المجبري " رئيسة هيئة التمريض بالمستشفى بأن قالت : ـ إنها لاحظت أن المتهمات من الممرضات البلغاريات لا يعلمن عن أمور التمريض شيئاً وأنها قد قدمت مذكرة في هذا الشأن لرئيس الخدمات الطبية في تاريخه , وأضافت بأنها لاحظت تواجد المتهم الأول في المستشفى بجميع الأوقات , وقد سألته عن سبب تواجده الدائم بالمستشفى فأخطرها بأنه ينوب عن بعض الأطباء وكان مدير المستشفى يعلم ذلك , وأن المناوب الإداري قدم مذكرة بخصوص تواجد المتهم الأول بالمستشفى على نحو دائم .
***** وحيث إنه وبسؤال الشاهد الأستاذ الدكتور " المهدي المحبرش " قال بأنه طبيب استشاري بالمستشفى ويرأس وحدة حديثي الولادة , وقدّر أن المرض كان منتشراً بقسم الأمراض الباطنية بوحداته الثلاث وأنه لم يسجل إصابة واحدة فى الوحدة التي يرأسها , وكذا وحدة الكلى وأمراض الدم , أن العمل يجري في الوحدة التي يرأسها منذ أربع سنوات سابقة على انفجار المرض على إجراء تحليل للأطفال الأجانب والقادمين من دار الرعاية بمجرد دخولـهم القسم للوقوف على مدى خلوهم من مرض فقد المناعة المكتسبة من عدمه , كما أكد أن الأمر في شأن انتشار المرض لا يعود " لعدوى المستشفيات " بالنظر إلى الظروف التي صاحبت سرعة انفجار المرض وتركيزه في الأقسام الباطنية وفى الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن السنتين , وأن المستشفى كان يعاني من جهل الممرضات البلغاريات ولأصول مهنة التمريض , وأشاد بالعنصر الوطني والفلبيني , وأنه قدسمع بأن المتهم الأول هو الذي أشرف على علاج الممرضة " سعاد العقوري " التي كانت تعاني من حالات إغماء بسبب مرض السكري .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهم الأول عن التهمة المسندة أمام وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام بتاريخ : 15/5/99 بسط القول : بأنه تعرف على المتهمة الثانية والتي كانت تعمل ممرضة بمستشفى الـهواري " قسم الكلى " وذلك بمناسبة مكوث خطيبته للعلاج بهذا المستشفى , وقد توطدت علاقته بها من بعد وفاة خطيبته , وقد أخذت تشد من أزره وتواسيه في محنته , كما لا حظت عليه حالة العوز التي كان يعيشها بسبب عدم كفاية المبلغ الذي يتقاضاه من والده , فأخذت في تقديم العون لـه بإقراضه لما يحتاجه من أموال , وقد استغلت فيه حالة الفقد التي يعيشها والتي لا تتفق مع طموحه , وقد عرضت عليه فكرة القيام بتنفيذ الجريمة والمتمثلة في حقن أطفال مستشفى الفاتح بالبلازما بروتين المولوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة , بعد أن تظاهرت بأنها تستهدّف من ذلك مجرد إجراء التجارب عليهم لبيان مدى استجابتهم للعلاج ومدى مقاومتهم لـهذا المرض , وكانت قد عرضت عليه قبل ذلك أن يقوم بإجراء تجارب على مرض " الإيبولا " , وقد أخطرها بأن هذا المرض قد انتهى ووجهته إلى داء الكبدالوبائي تمهيداً للوصول إلى الغرض من إجراء الحقن بمادة تحتوي على فيروس فقدان المناعة المكتسبة , وقد كان للاتفاق على ذلك بعد أن زينت لـه الأمر بمساعدته في دراسته وإيفاده للدراسة لبلغاريا , وأنه سوف يحصل على مبلغ مالي كبير يعينه في مستقبل حياته وأنها سوف تقوم بتحويل مبلغ نصف مليون دولار بحسابه في مالطا وبلغاريا حسب اختياره , وسوف تسعى لإقامته في بلادها .
كما أنها قدهيأت متكأ في منزلـها وقدمت لـه الخمر , وقد قامت بإلتقاط صور فوتو غرافية لـه في أوضاع مشينة أتخذتها وسيلة لتهديه عند الكشف عنها في كليته , كما هيأت لـه الاختلاء بالمتهمتين الثالثة والرابعة , وقد طلبت منه أن يجند ممرضات أخريات لمساعدته من البلغاريات العاملات بذات المستشفى , وقد جند تنفيذا لذلك المتهمتان الثالثة والرابعة ( ناسيا و فالنتينا) وكان اللقاء في شقة المتهمة الثانية وجرى الاتفاق على حقن ( ألف طفل بمعدل من 5 ـ 10 طفل يومياً) وكان الجميع يعلم حقيقة المادة وأنها تحتوي على فيروس نقص المناعة المكتسبة على أن يحقن كل طفل بحوالي ( C.C.2 ) .
وقد بدأوا في تنفيذ الجريمة ابتداء من أول مارس : 1998 , وكان قد تسلم على ذمة أتعابه المتفق عليها مبلغ (خمسة آلاف دولاراً) وأنه سيسافر مع المتهمة الثانية إلى مالطا وهناك يستلم مبلغ نصف مليون دولار , كانت الثانية قد أمرت بالتقليل من عدد الأطفال الذين يقع عليهم الاختيار تجنباً لافتضاح الأمر .
كما طلبت منه زيادة عدد الممرضات البلغاريات للأسراع في الوصول إلى العدد المستهدف من تنفيذ الجريمة , وقد قامت المتهمة الثالثة باستدراج المتهمتين الخامسة والسادسة للمساهمة في تنفيذ الجريمة , وقد بدأت المتهمة الخامسة في تنفيذ أعمال الجريمة فى خلال أغسطس عام : 1998 ـ والمتهمة السادسة خلال شهر سبتمبر : 1998 .
وأضاف شرحاً لكيفية ارتكاب الجريمة أنه سلم أول ثلاث زجاجات تحتوي على محلول البلازما بروتين الملوث لكل من المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والتي كان قد تسّلمها من المتهمة الثانية وسلمها لكل منهن في المستشفى بنوبة عملـها , وأنه شاهد المتهمة الثالثة تحقن زجاجات التغذية بالمادة الملوثة وذلك لزيادة العدد ولإظهار أن الأمر يعود للتلوث .
وبسؤالـه عن واقعة احتفاظه بقطعة الملابس الداخلية الخاصة بالمتهمة الثانية اعترف بها وقد وعدها بردها عند مطالبتها لـه بذلك دون أن يفعل , وقد احتفظ بها في مقر سكناه في مدينة ترهونة وهى التي عثرت عليها الشرطة عند التفتيش .
وبسؤالـه عن تعاطيه المواد المسكرة ووطء المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة اعترف بها , كما اعترف بحصول تعاملـه في النقد الأجنبي عن طريق استبدال المبلغ الذي تسلمه في غير المصارف المختصة .
وبسؤالـه عما إذا كان قد أحضر للمتهمة الثانية زجاجات فارغة لمادة البلازما نفى ذلك .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة الثالثة أمام وكيل النيابة العامة وبمكتب النائب العام وبذات التاريخ المشار إليه آنفاً , اعترفت بتهمة نشر الوباء وأتيان أفعال الوطء مع المتهم الأول , وكذا التعامل في النقد الأجنبي وشرب الخمر وتقاضيها أموالاً من المتهمة الثانية , وعلى تفصيل مؤداه : أنها دخلت البلاد في بداية شهر فبراير : 1998 التحقت على الفور بالعمل بمستشفى الأطفال وألحقت بالعمل في غرفة العناية , وفى بداية مارس تم العمل بنظام المناوبة , وقد التقت بالمتهمة الثانية خلال المدة ( في الحافلة) المخصصة لنقل الممرضات , كما تعرفت أيضاً على المتهم الأول وقد سألت المتهمة الثانية التى كانت ذات علاقات أجتماعية عريضة في المدينة أن تجد لـها عملا في أوقات فراغها , وقد وعدتها أن تفعل , وبعد عدة أيام أخطرها المتهم الأول بأن المتهمة الثانية سعت في الحصول لـها على عمل واتفقت وإياه أن تذهب لمقابلتها في شقتها رفقة المتهمة الرابعة وقد شرحت لـهم المتهمة الثانية طريقة العمل وأوحت لـهم أنه مجرد حقن للأطفال في الوريد عن طريق (الكينولة ) بمقدار (C.C.5) وذلك بمادة البلازما , وأن كل منهم سيحصل على ( خمسة آلاف دولار) لقاء ذلك , وأن المتهم الأول هو الذي سيتولى تنظيم ذلك بالمستشفى وقد سلمتها في ذلك اليوم مبلغ ( ألف دولار ) ومثل ذلك للمتهمة الرابعة وللأول مبلغ ( خمسة آلاف دولار) وخلال شهر مارس : 1998 ـ اتصل بها المتهم الأول أثناء عملـها في الطابق العلوي وطلب منها مقابلته فى غرفة العناية , وقد سلمها أول زجاجة للبلازما الملوثة بالفيروس وبها حوالي (50 ملي لتر) وهو ما يكفي لحقن عشرة أطفال حسب الخطة المتفق عليها , وفى تلك الليلة وعندالساعة الخامسة والنصف صباحاً قامت بحقن عشرة أطفال بهذه المادة , وقد أبلغت المتهم الأول بذلك , وفى شهر إبريل من نفس السنة التحقت بهن المتهمة الخامسة (فاليا ) وكان اللقاء في الحديقة العامة المقابلة لفندق تيبستي , وقد وقع اللقاء مرة أخرى في فندق تيبستي مع المتهمة الثانية وقد حضرت اللقاء المتهمة الرابعة ( فالنتينا) وكذا المتهمة الخامسة ( فاليا) وقد سلمت المتهمة الثانية لكل واحدة منهن زجاجتين من البلازما الملوثة بالفيروس , وقد استعملت محتويات الزجاجتين فى نوبتين للعمل ليلاً , و حقنت عشرين طفلا , وقد أخطرت المتهم الأول بذلك بوصفه المشرف على ذلك وقد بدأت بعدها حالات المرض في الظهور في شهر يوليو , وفى ذات الشهر حضرت حفلة أقامتها المتهمة الثانية في شقتها رفقة الرابعة والخامسة , وكانت قد وجهت الدعوة لغيرهم , وفى ركن بعيد عن الحاضرين كان الحديث عن مولاة تنفيذ الجريمة , وقد غادرن الحفلة وكل منهن تحمل زجاجتين من ذات المادة , وبدأت في أوائل أغسطس بحقن عشرين طفلاً بمحتويات الزجاجتين .
وقد أخبرها المتهم الأول أن ثمة ممرضة أخرى تدعى ( سنجانكا ) وهى المتهمة السادسة أنظمة إلى المجموعة وقدعلمت أنها تسلمت زجاجتين وحقنت بمحتوياتها أطفالا , وقد بدأ انفجار المرض في شهر سبتمبر , وقد اقتصرت علاقتها بعد ذلك عند المتهم الأول الذي كان يدير أعمال تنفيذ هذه الجريمة وأنه لاعلاقة لما أتته والأخريات بالمرض .
وأنها نقلت خلال شهر أكتوبر إلى قسم العزل الذي أنشئ لاستقبال الأطفال المرضى بهذا المرض , وقد تعرفت على عدد من الأطفال قامت بحقنهم بهذا القسم , منهم طفل أسمر البشرة , وكانت عملية الأطفال تتم بحضور أمهاتهم اللائي يعتقدن أنه علاج .
وختمت أقوالـها بأنها تسلمت من المتهمين الأول والثانية خمس زجاجات من البلازما الملوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة وأنها قامت بحقن خمسين طفلا بها.
كما قدّرت أن المتهمة الرابعة تسلمت هى أيضاً خمس زجاجات والمتهمة الخامسة تسلمت أربع زجاجات والمتهمة السادسة تسلمت زجاجتين.
وقالت : ـ بأنها قامت بتحويل المبلغ الذي تسلمته على ذمة نصيبها في تنفيذ الجريمة إلى بلادها عن طريق إحدى زميلاتها .
وقد أنكرت ارتكابها جريمة الوطء المحرم وشرب الخمر .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة الرابعة أمام مكتب النائب من قبل وكيل النيابة العامة قالت : ـ بأنها لم تساهم في الجريمة موضوع التحقيق ولم ترتكب ما نسب إليها من جرائم , اكتفت بالقول بأنها تعرف المتهمات ( سنجانكا ـ فاليا ـ ناسيا ) ولا تعرف المتهم الأول ولا المتهمة الثانية وأنها لاتعرف اللغة العربية ولا اللغة الانجليزية .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة الخامسة من وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام قالت : ـ بأنها بدأت العمل بالمستشفى في أوائل شهر فبراير : 1998 وأنها لا تعرف المتهم الأول ولا السابع , وقد تعرفت على الأخريات بمناسبة عملـها معهن , ونفت أن تكون قد ساهمت مع الأول والثانية والثالثة في أية جريمة , وبمواجهتها بأقوال المتهم الأول والثالثة نفت كل صلة لـها بالجريمة .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة السادسة من وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام عن التهمة المسندة إليها والمتمثلة في المساهمة في ارتكاب جريمة نشر الوباء نقص المناعة المكتسب , بالاقدام على حقن أطفال المستشفى بمادة البلازما الملوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة وعن علاقتها بالمتهمين , نفت ذلك , وقدّرت أنها لاتعرف المتهم الأول على الإطلاق , وبمواجهتها بتفاصيل اعترافات المهتم الأول والثالثة أمام النيابة العامة نفت كل صلة لـها بالجريمة , تم تذكيرها بواقعة حقن ( الطفلة سهيلة) في يوم : 30/9/98 قالت : بأن والدها قدّم بلاغاً بالخصوص إلى الشرطة وقد سوي الأمر وأنها بدأت العمل في خلال شهر أغسطس : 1998 .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة السادسة أمام الشرطة في مدينة بنغازي كبلاغ مقدم من والد الطفلة المنوه عنها سلفاً قالت : في (ص 18) من المحضر أنها فعلا حضرت تلك الليلة إلى حيث سرير الطفلة رفقة ممرضتين أخريين لمساعدتها في إعطاء الطفلة العلاج .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة الخامسة عن مساهمتها في ارتكاب جريمة نشر الوباء ( نقص المناعة المكتسبة ) وعن علاقتها بالمتهمين الأول والثانية والثالثة , أنكرت صلتها بالمتهم الأول والمتهم السابع , وعن أقوال المتهم الأول والثالثة أمام النيابة العامة نفت كل صلة لـها بهم .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة الثانية وهى بعد الرأس المدبر والمخطط لارتكاب هذه الجريمة النكراء , وذلك أمام وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام قدّرت أنها تعرف المتهم الأول خلال السنة السابقة والذي كان يتردد على خطيبته المريضة بمستشفى السابع من أكتوبر الذي تعمل به ولم يصل الأمر إلى حد اعتباره صديقاً , ونفت أن تكون تعرف بقية المتهمات ولم تلتق بهن إلا في مدينة طرابلس بعد القبض عليهن , وقد رددت النيابة على مسامعها ما قدّره المتهم الأول في شأن معرفته بها وأنها هى التي نصبت حبائلـها حولـه حتى أوقعته في شراكها , وأنها سلمته مبلغ (خمسة آلاف دولار) وأغرته بالمساهمة في الجريمة وقد سقط في الشرك وجند بقية المتهمات حتى السادسة وأنه كان حلقة الوصل بينها وبينهن , وأنها كانت تخرج معه في رحلات خارج المدينة ويعاقرا الخمر ويرتكبا الفاحشة , وأنه زارها في شقتها مرات عديدة نفت ذلك كلـه .
وعند تذكيرها بأقوالـها أمام الشرطة قالت : بحصول اقرارها بذلك بيد أنها رفعته بمقولة تعرضها للاكراه من قبل الشرطة وعندها أثبت وكيل النيابة العامة ملاحظة أنه ( لم يلاحظ عليها مما ذكرته) .
وبمواجهتها لجمع أقوالـها أمام الشرطة نفتها جميعاً , كما نفت ما ورد على مسامعها من اعتراف للمتهم الأول والثالثة عليها , كما نفت أن تكون قد ارتكبت فاحشة مع المتهم الأول واعترفت بمعاقرتها للخمر وحيازته , كما نفت واقعة ضبط الزجاجات الخمس في شقتها عند تفتيشها بمعرفة النيابة العامة والتي كانت تحتوي على بقايا من البلازما بروتين ملوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة ونفت أن تكون قد حازت شيئا من ذلك .
واعترفت بأنها قامت بالتعامل في النقد الأجنبي وذلك بأن أقدمت على استبدال مبلغ (ألفين دولاراً) بالعملة الوطنية عن غير طريق المصرف المختص , وأنها عملت في مكتب المتهم السادس عشر وأنه استجلب صديقتها من تدعى (نادية) من بلغاريا للعمل في البلاد وسعى لتعيين زوجها المتهم السابع طبيباً في مدينة بنغازي .
كما أنكرت واقعة سرقة المتهم الأول قطعة الملابس المضبوطة في حيازته وأقرت بأنها هى التي كتبت التعليق بلغتها في الصفحة (823) من محضر ضبط الواقعة.
***** وحيث إنه وبسؤال المتهم السابع عن جميع التهم المسندة إليه أنكرها.
***** وحيث إنه وبمطالعة محضر ضبط الواقعة وفى صفحة (792) وما بعدها تبين أن الشرطة (مأموري الضبط) استأذنوا النيابة العامة في بنغازي لتفتيش مسكن المتهمة الثانية وبصدور الإذن والتفتيش عُثر بداخل شقتها على خمس زجاجات خاصة بمادة البلاوما بروتين وبها بقايا مادة صفراء , جرى ضبطها وتحريزها وإحالتها على المختبر بمدينة طرابلس والذي أثبت أن أثنين منها تحتوي على فيروس نقص المناعة المكتسبة وفق الثابت بالتقرير المشار إليه آنفاً والمرفق بأوراق الدعوى.
***** وحيث إنه وبمطالعة محضر ضبط الواقعة أبان في الصفحة (833) أن رئيس قسم الأثر ابلغ عن شروع المتهمة الثالثة في الانتحار عن طريق قطع شرايين يديها وقد تم تداركها بالعلاج , وقد كتبت اقراراً يبيّن تفاصيل ضلوعها في الجريمة سُلّم لرئيس هذا القسم والذي سلمه لمأمور الضبط القضائي وبترجمته أبان عن مساهمة المتهمة في الجريمة وأفاضت في تفاصيل الأفعال التي أتتها تنفيذاً لـهذه الجريمة بما يتفق واعترافها أمام النيابة العامة وبما يتفق مع اعتراف المتهم الأول.
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمين من الثامن وحتى السادس عشر عن التهم المسندة إليهم كل فيما يخصه , أنكروا ذلك سواء فيما يتعلق بواقعة تسببهم في نشر جراثيم الوباء أو واقعة تقصيرهم في إبلاغ أمهات الأطفال حتى أصبن بالمرض أو إساءة استعمال سلطات الوظيفة , كما نفى المتهم الثامن واقعة اساءة استعمال سلطات وظيفته لتحقيق منفعة لنفسه بإيوائه لابنته المريضية بالمستشفى بدلا من نقلـها للمستشفى المختص بالحروق .
كما نفى المتهمين من الثامن وحتى الرابع عشر تهمة التقصير في مراقبة المتهمين من ( الأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة ) أثناء عملـهم مما مكنهم من ارتكاب جريمتهم .
كما دفع المتهم السادس عشر عن نفسه تهمة التقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المرض عند انفجاره بالمستشفى , كما دفع تهمة اساءة استعمال السلطة لنفع المتهمة الثانية والمتهم السابع إضرارًا بالمال العام , وذلك بأن مكّن الثانية من العمل في مكتبه الخاص مقابل مرتب من خزينة الصحة وسعى إلى تعيين المتهم السابع طبيباً بجهة الصحة , وسيأتي تناول جميع التهم بالرد وصولا إلى وجه الحق في ثبوتها من عدمه تجاه كل متهم استخلاصا من معين الأوراق وانزالاً لحكم القانون على الواقعة بمناسبة الرد على دفوع هيئة الدفاع والنيابة العامة .
***** وحيث إن المحكمة خلصت بجلسة : 8/12/2003 إلى اصدار حكمها التمهيدي وقبل الفصل في موضوع الدعوى باحالة الدعوى على الخبرة وانتداب خمسة أطباء وأساتذة في كليتي طب قاريونس وجامعة الفاتح وكذا أستاذ الطب الشرعي بإدراة الخبرة القضائية التابعة للجنة الشعبية العامة للعدل , وذلك ليقوموا بعد الاطلاع على الأوراق وكذا التقارير الطبية المرفقة وعلى الأخص تقرير الدكتور (مونتنيه) والتقرير المقدم من المدعيين بالحق المدني , وكذا مذكرات الدفاع التي تناقش أموراً طبية وعلى الأخص مذكرة دفاع المتهمين من الثانية وحتى السابع وأيضاً المذكرة المقدمة من الدكتور ( رادكا أرجيوجيا ) ومذكرة دفاع المتهمين الثمانية الأول المقدمة أمام محكمة الشعب والمتضمنة ردوداً علمية على تفشي المرض بالمستشفى , وكذا الاطلاع على شهادة الشهود بجلسة : 3/9/2003 وعلى العموم عليهم الاطلاع على كل الأوراق العلمية المقدمة من المتهمين والخصوم المدعين بالحق المدني , كما لـهم حق مراجعة كل المرافق الصحية بمدنية بنغازي ولـهم طلب المستندات والأوراق والمذكرات والتقارير المتعلقة بالخصوص من أية جهة يرون من المصلحة الاطلاع عليها أو إرفاق صور منها , ولـهم حق مراجعة لجنة مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة , وصرحت لـهم في اتخاذ كافة ما يلزم في شأن الوقوف على حقيقة إصابة الأطفال بمستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال خلال عام : 1998.
وبيان عما إذا كان انفجار المرض كان نتيجة تفشي العدوى بالمستشفى أو نتيجة فعل عمدي أو من كلاهما , ومحاولة الوقوف على القرائن التي ترشح إلى وجود أي من الاحتمالين , وبيان عما إذا كان ثمة علاقة لانتشار المرض باستعمال " جهاز التنفس " المتكرر , وهل ثمة علاقة بين سن الأطفال وعدد وحدات الفيروس في الدم , وهل يمكن أن تقيم هذه العلاقة قرينة على كيفية حصول الإصابة , وهل ثمة تفسير لانتشار المرض في الأقسام الباطنية , وهل يتفق عدد المصابين مع نسبة تفشى العدوى السريرية المتعارف عليها طبياً , وهل من شأن حالة المستشفى في تاريخه مايساعد على تفاقم الأمر , وعما إذا كان يمكن الوقوف عند الفترة الزمنية لاكتشاف المرض وتوقيته , وما هى النتائج التي يمكن أن تستخلص في ذلك , وبيان عما إذا كان ثمة انتشار للمرض في المستشفيات الأخرى وعلى الأخص في مستشفى الجمهورية للولادة ومستشفى الجلاء للجراحة , وبيان عما إذا كان الاستقصاء شمل هذه الأماكن وكافة المرافق الصحية بمدينة بنغازي , وبيان عما إذا كان ثمة إصابة اكتشفت خلال عام : 1997 ـ في مستشفى الأطفال أو في غيره من المستشفيات , وبيان عما إذا كان يمكن مكوث أطفال بالمستشفى لمدة طويلة دون أن تقع إصابتهم سواء بالمرض أو بمرض إلتهاب الكبد , وبيان عما إذا كان ثمة علاقة بين عمر الأطفال دون السنة وكيفية حصول الإصابة بالمرض بالنظر إلى احتساب مدة ( النافذة ) , بيان عما إذا كان مكوث أطفال لساعات أو ليوم بالمستشفى كافٍ لانتشار العدوى السريرية لـهم بالنظر إلى شروط انتقال العدوى فى المستشفيات .
وبيان عما إذا كان ثمة سلالات عدة لفيروس المرض , أو أن الأطفال أصيبوا بنوع واحد يعود لسلالة واحدة , وعما إذا كان يمكن القطع بحصول الوفاة نتيجة لـهذا المرض , أو أنه السبب المباشر في حصول الوفاة وأن خالطته أمراض أخرى , وبيان عما إذا كان ثمة إصابات بالمرضى وقعت خلال السنوات ( 2000 إلى 2003 ) وعلى العموم وأن كانت المحكمة قد أوردت بعض الحقائق على سبيل التذكير فقط لا الحصر , وعليهم اتخاذ كل ما يلزم في سبيل الوصول إلى حقيقة الواقع في الدعوى بالنظر إلى المسلمات العلمية .
وصرحت لـهم في سبيل ذلك الاتصال بكل جهة من شأن الاتصال بها أن يعينهم على أداء المأمورية , كما صرحت لـهم في سماع ومناقشة أهل العلم بالخصوص والاتصال والمراجع العلمية ذات العلاقة , وعليهم أن يضّمنوا ذلك تقريراً يقوم على الأسس العلمية ينتهى إلى نتائج تقوم على القطع ما أمكن ذلك .
ثانياً : ـ
كما قدّرت المحكمة احالة القنينات المضبوطة على ذمة الدعوى والمودوعة بإدارة الطب الشرعي طرابلس على هذه اللجنة , وذلك لتقوم بعد فحص حالتها عما إذا كان ثمة محتويات بداخلـها تشير إلى سبق أحتوائها على مادة أو مواد لـها علاقة بمرض فقدان المناعة المكتسبة وذلك بالنظر إلى التقارير المعدّة بالخصوص بمعرفة مستشفى الخضراء بطرابلس مع ملاحظة تاريخ الضبط وحالة التحريز ..... إلخ .
وقد حددت المحكمة جلسة : 15/12/2003 لحلف اليمين وجلسة : 29/12/2003 لإيداع التقرير ونظر الدعوى , وقدّرت أمانة خبرة بمبلغ ألفي دينار تودع خزانة المحكمة على ذمة أتعاب الخبراء ..... إلخ .
***** وحيث إن التقرير المطلوب قد أرفق بالجلسة المحددة وقد مُكن الخصوم من الاطلاع عليه وتقديم ماكان لدى كل متهم من ردود .
***** وحيث إنه وبمطالعة التقرير أبان عن أن الخبراء أنتقلوا إلى كافة المرافق الصحية في بنغازي , ومنها مستشفى الجمهورية للولادة ومستشفى الجلاء للجراحة ومستشفى السابع من أكتوبر ومصرف الدم وكذا مستشفى الأطفال , كما اطلعوا على كافة الأوراق الطبية التي طوى عليها الملف وقد تناولوا بالردّ على التقرير الذي قدّمه المتهمين من الأول إلى السابع , وكذا تقارير منظمة الصحة العالمية والتقارير المرفقة بمذكرات دفاعهم , وقد حصلوا على جميع المعلومات من مستشفى الأطفال ذات العلاقة بالمأمورية , وستعرض هذه المحكمة لما ورد بالتقرير وعلى النحو التالي : ـ
أولا : في شأن عدوى فيروس نقص المناعة المكتسبة في المستشفيات فقد أورد التقرير في معرض حديثه عن ذلك أن الإصابة بالفيروسات المنقولة عن طريق الدم ومشتقاته تعتبر من الأمور المثيرة للقلق بين العاملين بقطاع الصحة , وذلك لانتقال العدوى من المرضى إلى العاملين بالمستشفيات , ونادراً ما ينتقل من العاملين إلى المرضى وبالرغم من تعدد الإصابات الناتجة من التعرض للأدوات الحادة الملوثة فإن ظهور المرض للمتعرضين للإصابة ما يزال نادراً , ففي دراسة أجريت على ألفين من العاملين بالمستشفيات على مدار سبع سنوات لمعرفة مدى خطورة تعرضهم لأشخاص مصابين بمرض نقص المناعة المكتسبة لوحظ إصابة (ألف) من هؤلاء بحوادث وخز لأنفسهم بأبر ملوثة بدماء أشخاص مرضى بهذا المرض , وعلى الرغم من ذلك أوضحت النتائج أن عدد : واحد وعشرين منهم فقط هم الذين أوصيبوا وما نسبته 001% .
ثانيا : ـ يعتبر الجراحون من أكثر الفئات تعرضا للوخز , وقد بينت دراسة أخرى أجريت على عدد ( 3420) جراحاً تعرض منهم لتلوث الجلد بالدم ما نسبته 87,4% ـ وتعرضت نسبة 39,2 % منهم لحوادث الوحز ومع ذلك لم تسجل أية حالة إصابة بهذا المرض , وأنه ليس من السهل أن ينتقل الفيروس بمجرد أن يحصل وخز عارض بالأدوات الجراحية أو الحقن أو ما شابهها .
ثالثا : ـ لما كانت إصابة نزلاء المستشفيات وتعرضهم للإصابة بهذا المرض داخل المستشفى أمراً نادر الحدوث وإن حدث تكون حالة عرضية نادرة يصاب بها عدد قليل جداً من المرضى , أما حدوث عدد كبير من الإصابات بين مجموعة من المرضى فيرجع عادة إلى مصدر واضح المعالم كالتعرض لنقل الدم الملوث أو أحد مشتقاته , وقد سُجلت هذه الحالات في فرنسا والصين .
رابعاً : ـ تعتبر بلادنا من بين أقل الدول تعرضاً للإصابة بهذا المرض ويوجد نظام ترصدي للحالات المكتشفة في حينه , وإن كل الحالات سجلت في أقسام علاج أمراض الدم والسرطان , أما العاملون و الجراحون والممرضون فلم تسجل بينهم أية حالة إصابة حتى تاريخه.
خامساً : ـ إن عدوى هذا المرض غير متفشية في البلاد ولم تسجل سوى حالات قليلة لمرض الناعور وكان سببها نقل العامل الثامن الملوث والمستورد من الخارج , ولم تسجل بالنسبة للعاملين في قطاع الصحة بنغازي سوى حالة الممرضتين الوارد ذكرهما في أوراق الدعوى بمناسبة انفجار المرض بالمستشفى , وقد تبيّن من خلال مراجعة المرافق الصحية في مدينة بنغازي وبالنسبة للأطفال : ـ
1) لاتوجد أية حالة للإصابة بالمرض خلال عام : 1997 .
ب) حالة واحدة لطفل من أبوين ( موجبين ) عام : 1996 .
ج) حالة واحدة لطفل غير شرعي لأم ( مسجونة ) عام : 1995.
د) تفشى المرض في مستشفى الأطفال في : 1998 .
سادساً : ـ تبين من تقرير منظمة الصحة العالمية أن خدمات الدم تجرى وفق الأصول العلمية المعروفة وأنه لا يقبل دم من المتبرعين إلا بعد إجراءات كافة الفحوصات اللازمة للتأكد من خلو الدم من الأمراض .
سابعاً : ـ أكد فريق منظمة الصحة العالمية عدم وجود ظاهرة إعادة استخدام المحاقن والأبر , وأن المستخدم هى الأدوات أحادية الاستخدام وأن السيطرة على العدوى مرضية , وأن الحالة الموجود عليها الخدمات الصحية وسلامة نقل الدم وتوفر المحاقن في مستوى قياسي مقبول .
ثامنا : ـ يؤخذ على تقرير منظمة الصحة العالمية أنهم لم يقوموا بدراسة تفصيلية لتوضيح مصادر الفيروس وواقع المرضّى ووضعهم الصحي , ولم يأخذوا عينات في حينها للدراسة ولم يجروا دراسة وبائية وحصر الوحدات الموبأة وتحليل الفيروس جينياً , ولذك لم تكن الدراسة وافية ودقيقة وعزوا انفجار المرض إلى مجرد عدوى المستشفيات مخالفين بذلك ما جاء في التقريرين السابقين والصادرين عن ذات المنظمة.
تاسعاً : ـ عرض الخبراء في تقريرهم إلى التقرير الإستشاري الذي قدمه دفاع المتهمين من الأول إلى السابع وعولوا عليه في نفى التهمة عن موكليهم وهو التقرير الذي أعد من الطبيبين ( مونتييه , كوليزي ) والذي خلص إلى أن انفجار المرض سببه انتشار العدوى داخل المستشفى بسبب نقص الإمدادات والمعرفة والخبرة لدى الأطباء وطاقم المستشفى بالاستخدام المتكرر للمحاقن والقساطر دون تعقيم , وقد استخلص من ذلك التقرير هذا الفهم من تقرير منظمة الصحة العالمية الذي عرضنا لـه آنفاً , وقد اعترى هذا التقرير نقصاً واضحاً في المعلومات الوبائية وأنه بد ذو طابع افتراضي ولاتوجد به رؤية واضحة أو منهج علمي دقيق في تحديد مصدر العدوى , وقد مضى الخبراء في تحديد أوجه النقص الذي صاحب التقرير الأستشاري وعرض لـها تفصيلا في موضعه , وتحيل عليه هذه المحكمة بوضعها أسباباً محملة لأسبابها هذه .
عاشراً : ـ رداً على مذكرة الخبيرة (رادكا أرجيروفا) ولمذكرات ذات العلاقة التي قدمها دفاع المتهمين السبعة الأول , خلص الخبراء إلى أن هذه المذكرة مجرد مقتطفات تقرير منظمة الصحة العالمية , وكذلك عولت على التقرير الاستشاري , وقد تناولـها الخبراء بالرد على النحو السالف البيان , وأن المذكرات التي تتضمن جوانب علمية كانت مجرد سرد , وتفتقر إلى المعلومات الدقيقة والدليل العلمي القطعي , الأمر الذي ينفي كما أورد التقرير وجود عدوى مستشفيات بقرينة التوقف المفاجئ للمرض , كما كان الوباء مقتصراً على هذا المستشفى .
الحادي عشر : ـ بعد الدراسة تبين أن الأطفال الذين أصيبوا بالمرض بالمستشفى بلغ (404) طفلا وطفلة بالإضافة إلى ممرضتين , وأن المستشفى يتكون من اثنى عشر قسماً وأن ثمة أربع وحدات لم ينتشر فيها المرض , وهى أقسام أمراض الدم ووحدة الجراحة وحديثي الولادة وقسم الكلى , وأنه لم يثبت أن ثمة طفل مصاب قد تم إيوائه بالمستشفى خلال سنة : 1997 أو تردد عليه.
الثاني عشر : ـ أن التحليل الجيني للفيروس أخذاً من التحاليل الجينية الإيطالية التي أجريت في المعامل الإيطالية تؤكد : ـ
1) أن ثمة سلالة واحدة ـ للفيروس ـ أصابة كل الأطفال .
2) أن نوع هذا الفيروس غريب لم يتم تسجيلـه في مصرف الجينات وغير مشابه للنوعيات المعروفة .
3) أن الطفل الذي أصيب بالفيروس خارج المستشفى لـه تحليل جيني مختلف.
4) نتيجة غرابة هذا الفيروس وانتقالـه جعلت الخبراء الإيطاليين يؤيدون احتماية انتقالـه من الطفل إلى أمّه عن طريق الرضاعة .
الثالث عشر : ـ لقد بين تقرير الخبرة أن نسبة 95 % من المرضى المصابين بهذا الداء يكونون عرضة للإصابة بأمرض انتهازية أخرى عددها التقرير وقد توفى حتى تاريخ إعداد (43) طفلا نتيجة الإصابة بهذا المرض وما صاحبه من أمراض انتهازية .
الرابع عشر : ـ أن نسبة الوفيات من خلال الأطفال المصابين هى 10,61 % وهى نسبة مرتفعة تدل على شدة الإصابة وتشير إلى نسبة الفيروس العالية , كما تبين أن جميع الأباء والأمهات سالبي النتيجة عدا من انتقل إليهن المرض من ابنائهن نتيجة الرضاعة , وخلص التقرير إلى أن السبب المباشر للوفيات لدى الأطفال هو الإصابة بمرض نقص المناعة وما صاحبه من أمراض انتهازية وفق الثابت في الكشف المرفق.
الخامس عشر : ـ لقد قام الخبراء فيما اختص بمعرفة محتويات الزجاجات الخمس المضبوطة في منزل المتهمة الثاينة , تبين من مراجعة التقرير الذي أعد على هذه الزجاجات عن طريق اختبار (اللطخة الغربية) وكانت نتائج الفحص إيجابية بالنسبة للزجاجة الرابعة والخامسة أرقام (01079961) (01089930) بشكل قطعي لوجود أجسام مضادة لفيرس نقص المناعة المكتسبة وكانت النتائج غير قطعية بالنسبة للزجاجات الأخرى .
وخلص الخبراء في تقريرهم إلى القول : بأنهم يرون أن انفجار عدوى مرض نقص المناعة المكتسبة في مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بنغازي لايعود إلى عدوى المستشفيات بالمعنى الإصطلاحي ولا يعود إلى سوء أو إعادة استعمال المعدات الطبية ولا تتعارض المعطيات المتوفرة لديهم مع إمكانية وجود فعل عمدى في نقل العدوى للأطفال الذين أصيبوا بهذا المرض .
***** وحيث إنه وبمطالعة الدراسة التي قدمها الأستاذ : خالد المحجوب المحامي وكيل المدعين بالحق المدني والتي تتعلق بدراسة حالة وبائية مستشفى الأطفال بنغازي والتي تشير إلى مصدرها العلمي , أبانت أن هذه الدراسة كانت مخصصة لحالة انفجار المرض بهذا المستشفى وقد وقعت الدراسة على الأطفال الليبيين الذين يعالجون في إيطاليا , وأن هذه الدراسة تمت بمعرفة السلطات الليبية وبحضور الأطباء الليبيين , وقد أجريت هذه الدراسة على (مائة وخمسة وعشرين) طفلا مريضاً , فضلا عن سبعة عشر أمّاً , وقد نبهت هذه الدراسة إلى أن طريقة انتقال الفيروس لم تـُفهم بعد , والدراسات الوبائية والتحقيقات القضائية تجرى فى تاريخه , وأن الـهدف من هذه الدراسة هو معرفة فصائل فيروس العوز المناعي الموجود في وباء الأطفال والأمهات , وكذلك لمعرفة ما إذا كان هناك مصدر واحد أو مصادر متعددة , وخلصت هذه الدراسة إلى الآتي : ـ
1) أن ثمة طفل واحداً أخذ الإصابة خارج مدينة بنغازي عن طريق نقل الدم .
2) أن المورث الجيني لـهذا الطفل يختلف عن الفصائل الأخرى التي أصيب بها غيره من الأطفال .
3) أن التاريخ المرضي يشير إلى أن التسلسل الوراثي للفيروس الذي أصاب الأطفال وأمهاتهم يؤكد أن هناك مصدراً واحداً وأن عمليات النشر حدثت في فترة زمنية محددة .
4) أن الحالة الشاذة هى حالة ذلك الطفل والتي كانت تقع في المنتصف وليس في نهاية دورة الوباء .
5) أن السلالة المسؤلة عن وباء مستشفى الأطفال بنغازي هى منفصلة عن السلالات المسجلة في مصرف الجينات , وكذلك عن تلك التي أصابت ذلك الطفل .
6) أن الاستنتاج الذي توصلت إليه هذه الدراسة يفضى بأن انفجار المرض في مستشفى الأطفال بنغازي خلال عام : 1998 حصل بواسطة مصدر واحد وبسلالة معدلة وراثياً من النوع (C . R . F .02 . A . G) مع عدم وجود تطابق كامل مع أي نوع من أنواع هذه السلالة المسجلة بمصرف الجيانات حتى الآن .
***** حيث إنه وبعد أن فرغت المحكمة من عرض طلبات النيابة العامة وكذا المتهمين ومذكرات دفاعهم كل فيما يخصه , وبعد أن تم أستعراض أقوال الشهود سواء بالجلسة أو التي طويت عليها الأوراق , وكذا إفساح المجال لكل منهم وكذا المدعين بالحق المدني ليقدموا بين يدي هذه المحكمة ما لديهم من أوجه الدفع والدفاع , وأفاضوا جميعاً فى مناقشة المسائل العلمية التي أحاطت بواقعة انفجار المرض , وأدلى كل منهم بدلوه بما يلائم مصالحه فى الدفاع قبولا أو رفضاً لفكرة توافر شروط عدوى المستشفيات من عدمها , ولقد أفسحت المحكمة المجال على مصراعيه ليلقى كل منهم بأدلة إثباته التي تعزز وجهة نظره و لم تفرط هذه المحكمة في حق أي منهم في الدفاع ولن ترد طلباًمن شأنه أن يعينها إلى الوصول إلى حقيقة الواقع في الدعوى ...
والمحكمة ...
أولا : ـ في الدعوى الجنائية
***** وحيث يتعين التوجه بالرد على دفاع المتهمين من الأول إلى السابع وبعد أن أحال دفاع الأول على سائر دفاع زميلـه دفاع المتهمين من الثانية وحتى السابع , وقد دفع ابتداء ببطلان اعترافات المتهمين أمام الشرطة نتيجة الإكراه المادي والمعنوي الذي مورس عليهم , ويشهد على ذلك الثابت في محضر تحقيق النيابة العامة الذي أعد كطلب من غرفة الاتهام بمحكمة بنغازي الابتدائية , وكذا تقارير الطبيب الشرعي الموقعة عليهم بالخصوص وأن من شأن هذا الإكراه أن يبطل كافة اعترافاتهم أمام الشرطة وكذا النيابة العامة ومكتب الادعاء , ولما صاحب هذا الإكراه من تأثير نفسي ظل ملازماً لـهم طيلة فترة التحقيق , فضلا عن مرافقتهم من قبل رجال الشرطة الذين مارسوا صنوف التعذيب عليهم , إلى كل من الينابة العامة ومكتب الادعاء من شأنه أن يلقي فى نفوسهم الرعب .
كما دفع ببطلان اعترافاتهم أمام الشرطة وكذا أمام النيابة العامة ومكتب الادعاء , وقد استمر حجزهم لدى الشرطة أكثر من أربعة أشهر قبل إحالتهم على النيابة العامة والتي لاحظت ذلك وأمرت بالإفراج عنهم , ومن ثم التحقيق معهم وإعادة حبسهم , وأن من شأن وجودهم في الحجز بعد الميقات المقرر قانوناً يبطل كافة الإجراءات التي صاحبت ذلك , كما دفع من أن المترجم لا يحسن الترجمة .
ودفع ببطلان محضر تحقيق الشرطة لأنه يتضمن استجواباً محظوراً على مأموري الضبط القضائي إجراؤه في مرحلة الاستدلال , الأمر الذي يبطل جميع الأقوال الواردة فيه فيما اختص بالمتهمين .
وأن المتهمة الثانية قررت أمام النيابة العامة أنها تعرضت للإكراه , وقد أكتفى وكيل النيابة العامة بمجرد المعاينة الظاهرية , وقدّر أنه لم يلاحظ آثار إكراه عليها , ولقد كان عليه أن يحيلـها إلى الطبيب المختص.
كما دفع ببطلان اعتراف المتهمة الثالثة أمام النيابة العامة ومكتب الادعاء ذلك أن الاعتراف الذي يعوّل عليه يجب أن يكون صادقاً وصحيحاً صادراً عن إرادة حرة غير وليدة اكراه كائناً ما كان قدره , وقد أبانت تحقيقات النيابة العامة مع مأمور الضبط القضائي حدوث الاكراه الواقع عليها , وخلص إلى طرح هذه الأقوال وعدم التعويل عليها
كما دفع ببطلان حبس المتهمين لدى إدارة البحث الجنائي وكان يتعين أن يتم حبسهم في السجون المعدة لذلك وأن إيداعهم في مراكز الشرطة بدلا من السجن المخصص لذلك من شأنه أن يبطل جميع أقوالـها التي أدلت بها سواء أمام النيابة العامة أو مكتب الادعاء , فضلا عن أنها قد أكرهت على كتابة الإقرار المنسوب إليها قبل شروعها في الانتحار .
كما دفع ببطلان تمديد الحبس الصادر من محكمة طرابلس التخصصية بتاريخ : 20/5/1999 لعدم الاختصاص , كما لم تراع النيابة العامة أحكام المادة ( 105 أ . ج ) في شأن التحقيق مع المتهمين فيما اختص بتوجيه الاتهام وإحاطة المتهم بأدلة الاتهام المسندة إليه ودفاعه عنها والاتيان بالأدلة التي تثبت براءته , وكانت إحاطة المتهمة بالتهمة المسندة إليها من الضمانات الجوهرية , وقد تخلفت في إجراء التحقيق أمام النيابة ومكتب الادعاء , ذلك أن القانون نص على بطلان الإجراءات لعدم مراعاة الإجراءات الجوهرية المنصوص عليها في القانون في شأن بيان كيفية الاستجواب .
ثانياً : ـ الوجه الثاني في الدفوع
بطلان إجراءات التفتيش وما أسفر عنه من ضبط الزجاجات التي تحتوي على البلازما بروتين بمنزل المتهمة الثانية , وذلك بمخالفة الإجراءات المنصوص عليها في المادة ( 40 . أ . ج ) التي توجب حضور المتهم أو من ينبه التفتيش كل ما أمكن ذلك , ويجب أن يكون بحضور شاهدين , وكان التفتيش الذي قام به مأمور الضبط القضائي لم يراع هذا الإجراء الأمر الذي يصمه بالبطلان .
إن التفتيش قد وقع بتاريخ : 14/4/1999 وقد تم العثور على الزجاجات المضبوطة وقد ورد في الصفحة (797) من محضر ضبط الواقعة أن الدكتور (العلاقي) أبلغ عن نتيجة السائل الموجود بالقنينات في : 11/3/1999 الأمر الذي يكشف عن ورود النتيجحة قبل التفتيش لسكن المتهمة الثانية لمرتين وإن العينات أخذت من الزجاجات الخمس في : 15/2/1999 .
إنه ليس ثمة تقرير بالأوراق عن ماهية العينات المضبوطة والذي قيل أنه أرفق بالمحضر , و بيد أنه لم يرد بالأوراق سوى التقرير عن المادة المضبوطة بمستشفى الأطفال .
ثالثا : ـ
1) لاوجود للصور الوارد ذكرها بالأوراق.
2) لم تضبط أموال بالعملة الأجنبية .
3) لا وجود لمن يدعى ( جون ) و( عادل ) .
4) بالنسبة لقطعة الملابس الداخلية التي قيل بضبطها واستعراف الكلب عليها , فقد لمستها المتهمة الثانية وعلقت رائحتها بها , فضلا عن أنه لايمكن الاطمئنان على مجرد حاسة الشم لحيوان في إسناد التهمة لـها الأمر الذي يتعين معه استبعادها .
رابعاً : ـ فيما يتعلق بالمتهم السابع , فإنه يعمل بشركة أجنبية ولا يعمل في معية أمانة الصحة , وقد أحضر الزجاجات فارغة من معسكر الشركة وكطلب رئيسه في مدينة بنغازي وذلك بشهادة الدكتور ( جعفر السوري ) .
خامساً : ـ أن تهمة الإتفاق لا دليل عليها .
وعلى العموم فقد دفع بعدم ثبوت كافة التهم المسندة لموكليه والتي أساسها الاعتراف أما م جهات الاستدلال والتحقيق , فضلا عن مناهضة هذا الاعتراف للحقائق العلمية التي أفاض في الحديث عنها أمام المحكمة وفى مذكرات الدفاع , معولا على التقارير الاستشارية التي قدمها .
وخلص من ذلك كلـه إلى طلب البراءة أصلياً ورفض الدعوى المدنية .
***** وحيث إنه وعن المذكرة المقدمة بتاريخ : 1/3/2004 وهى تمثل آخر دفاع المتهمين , فقد أبانت عن أنها مجرد مجادلة موضوعية من أقوال الشهود والطعن في كفاءتهم ونزاهتم من طرف خفى , فقد اتهم مباشرة الشاهد الأول بالخوف والرهبة من زملائه , واقتبس من أقوالـه ما يلائم دفاعه وعاد ترديد عدم كفاية المعدات الطبية وعرج في مذكرته على (جهاز البخار) المستعمل في المستشفى بحسبان أنه أحد أسباب انتشار العدوى , ولم يقم خبراء المحكمة بدراسة علمية حقيقة لجهاز البخار بالمستشفى , ولم يقوموا بدراسة حول مستشفى الولادة حالة أنه أن أغلب حالات الولادة تمت بهذا المستشفى .
وأنه ثمة حالات إيواء تمت قبل عمل المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة بالمستشفى وأن ثمة أطفالا ترددوا على المستشفى لمرات عديدة وصلت في أحدها إلى (ثمانية وعشرين) مرة , وكان من المقرر علمياً أنه لا تحديد لوقت الإصابة , الأمر الذي يكشف عن أن الاتهام ضني , ذلك أنه يتعين أن يثبت يقيناً أن الحقن تم من المتهمات الأربعة المشار إليهن وأنه تم في الفترة التي بدأن العمل فيها.
فضلا عن ذلك فقد كان الخلط بين الزجاجات المضبوطة بمستشفى الأطفال والزجاجات التي ضبطت بمسكن المتهمة الثانية , وقد سلف القول ببطلان التفتيش في شأنها , وأن الأطفال الذين تم إيوءهم بالمستشفى قدموا من مناطق مختلفة , الأمر الذي يثبت وحدة مصدر الإصابة وهو التلوث.
كما خلص إلى انتفاء العلاقة السببية , ذلك أنه ليس ثمة سلوك بدر من المتهمين وبين النتيجة المتمثلة في إصابة الأطفال بهذا المرض ذلك أنه لم يثبت حصول أرتكابهن لفعل الحقن المتعمد .
كما دفع فيما اختص بتقرير الخبرة بأوجه البطلان التالية : ـ
دفع ببطلان تقرير الخبرة لحصول معاينة المرافق الصحية في مدينة بنغازي يوم : 14/12/2003 قبل جلسة حلف اليمين , الأمر الذي يبطل التقرير عملا بنص المادة (304 . أ . ج ) وكان من المقرر أن يحلف الخبير اليمين قبل أداء المأموريه , وأنه لا يمكن التعويل على النتائج المستخلصة من إجراء باطل.
أن مؤهلات وتخصص الخبراء لاتتفق مع الخبرة المطلوبة , فضلا عن أنهم لم يقوموا بدراسة أوراق الدعوى ومستنداتها.
أنه لا يمكن التعرف على سلالة فيروس نقص المناعة من قارورة زجاجية تحتوى على بلازما بروتين تم اختبارها عن طريق (اليزا وسترن بلوت) الأمر الذي يجعل ما استند إليه الخبراء لايتفق والأصول العلمية .
أن التقرير أشار إلى نتيجة دراسة حالات الوخزالعفوي دون أن يبين مصدر تلك الدراسة ولم تبين الدراسة التي أجريت على العاملين بقطاع الصحة في البلاد , وأنه لم يثبت إصابة سوى ممرضتين بهذا المستشفى مخالفين الحقيقة في ذلك وهى إصابة ثلاث ممرضات , أن الممرضة الباكستانية مصابة منذ مدة طويلة تصل إلى خمسة عشر سنة ولم يتم اكتشافها .
وأحال في شأن تعداد المصابين بهذا المرض إلى تقرير منظمة الصحة العالمية والتي تعتمد على البيانات التي قدمتها لـها أمانة الصحة .
كما أضاف تجريحاً للتقرير بأن تقرير الخبراء اعتمد على ذات المعلومات التي تناولـها التقرير الاستشاري , كما أنه ردّد ذات النتائج على انفجار المرض العمدي التي وردت في أوراق الدعوى وعلى الأخص نسبة الحمل الفيروسى ـ و اقتصار العدوى على بعض الأقسام وعدم وجود حالة مرضية دخلت سنة : 1997 ـ وأن جميع مستشفيات البلاد متماثلة في الإمكانيات وكذا قرينة ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال وأنه لا يمكن التعويل على نسبة الحمل الفيروس في الدم أو تعدد الوفيات في بيان كيفية حصول الإصابة لتعلق ذلك بأمور طبية لا شأن لـها بكيفية وصول الفيروس إلى جسم المريض , وكان على التقرير أن يستوفى هذا الجانب من الخبرة , كما عاب على التقرير أراده بعض الأخطاء في سرد بعض الحالات والتي من شأنها أن توهنه , وعاد في هذه الناحية لمجادلة الأطباء في استخلاص نتائجهم , وخلص إلى وصف الخبراء بعدم الدقة البحثية والتقصي السطحى .
***** وحيث إن هذه المحكمة ترى انه لا مشاحة في أن يتعين أن تكون أدلة الدعوى وليدة إجراءات صحيحة وبناءً عليه يشترط لصحة الحكم ألاّ يستدل على ثبوت الواقعة بدليل باطل من القانون , بمعنى أن يأتى إجراء استخلاص الدليل من وقائع مخالفة للإجراءات التى قدّرها القانون وذلك إعمالا للضمانات التى فرضها المشرع ومحافظة على حرية المواطنين وكرامتهم وحرمة مساكنهم وكان المتهم الأول إلى السابع يشكو أفتئات رجل الضبطية القضائية على حقوقهم وانتزاع الدليل قصراً عنهم واستبقائهم رهن الاعتقال أكثر من القدر اللازم الذي عينه قانون الإجراءات الجنائية في المادة ( 26 . أ . ج ) التي تقضي على أنه يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورا أقوال المتهم وأن لم يأت بما يبرئه يرسلـه في ظرف ثمانٍ وأربعين ساعة إلى النيابة العامة المختصة وكانت هذه المحكمة ترى أن ما أتاه مأ مور الضبط القضائي من تصرف أقلـه ايقافهم رهن الاعتقال أكثر من المدة المقررة قانونا هو إجراء باطل قولا واحدا لا اختلاف فيه , وتقدّر هذه المحكمة أنها تضرب صفحاً عما جاء من أقوال صدرت عن المتهمين بالأستدلال.
***** وحيث إن المحكمة وإن هى وافقت الدفاع في شأن بطلان أقوال المتهمين بين يدي مأمور الضبط القضائي , فإن المحكمة ترى فيما اختص بالتشكيك في إجراء تفتيش سكن المتهمة الثانية , وفيما أثير من شأن أختلاف تاريخ التفتيش عن تاريخ ورود نتيجة الفحص , فقد تبين من مطالعة أوراق محضر الاستدلال أنه جاء في الصفحة رقم (797) أن الدكتور (بشير العلاقي) أحضر تقريراً صادراً من المختبر من مستشفى الخضراء يشهد بوجود فيروس نقص المناعة في زجاجتين من الزجاجات الخمس المضبوطة وقد فتح المحضر بتاريخ : 11/3/99 وكان ترتيب صفحاته لا حقاً لتاريخ تفتيش المسكن الواقع حسب الظاهر في أعلى الصفحة في : 14/4/99 وكان التاريخ السابق لـهذه الصفحات مباشرة والذي أعيد فيه المحضر كان في : 28/2/99 والتاريخ اللاحق لواقعة إرفاق التقرير المشار إليه آنفاً كان في أفتتاحية المحضر في : 17/4/99 .
فضلا عن أن التقرير المرفق بالأوراق والخاص بالعينات المضبوطة بمستشفى الأطفال بنغازي .
وكان الثابت من مطالعة محضر تحقيق النيابة العامة أن المتهم السابع قرر أنه حضر إلى شقة المتهمة الثانية ( زوجته ) في : 13/2/99 وقد وجد أن ثمة من قام بتفتيشها , وقد لا حظ عندما عاد مرة أخرى في تاريخ : 17/2/99 ليجد أن باب الشقة موصود ومختوم بالشمع الأحمر وهذا الذي قدّره المتهم السابع يشهد بأن التفتيش وقع خلال شهر فبراير : 1998 وليس كما ورد في صدر محضر التفتيش بأنه وقع في : 13/4/99 , ولعل الدفاع لم يتوقع تحديده من مكان آخر , وفى هذا ما يكفي لإجلاء حقيقة الواقع في هذا الشق من الدفاع والذي اتخذه قرينة لتوهن الدليل , فقد ضعف الطالب وما وهن المطلوب .
***** وحيث وبمطالعة تحقيقات النيابة العامة تبين أن وكيل النيابة بمكتب النائب العام استهل محضره بحصول بطلان حجز المتهمين , وقد أمر بإجراء الإفراج عنهم , وهو وإن كان إجراء شكلياً إلا أنه يشير إلى رغبة النيابة العامة في استهلال تحقيقها ببداية صحيحة , ولقد سألت المتهم الأول عن علاقته بالمتهمة الثانية وعندها بدأ سرد تلك العلاقة والتي أنتهت بتجنيده والمتهمات من الثالثة وحتى السادسة , وفصّل كيفية ارتكاب الجريمة وعلى النحو السالف البيان في تفصيل أقوالـه أمامها .
وكان المتهم قد مثل أمام النيابة العامة بتاريخ : 20/5/99 أي بعد أربعة أشهر من مثولـه أمام الشرطة ولم يشكُ من حصول إكراه مادي أو معنوي , وكان يعلم أنه يمثل أمام النيابة العامة وبمكتب النائب العام وهو أعلى سلطة قضائية بالنسبة للنيابة العامة وليس من مجرد مثول حراستهم معه ما من شأنه أن يغير في الطريقة التي تتبعها مثل هذه الجهات القضائية , وكان حراً في إبداء ما يشاء من الأقوال , وترى هذه المحكمة أن في طول هذه المدة من التحقيق بمعرفة مأموري الضبط القضائي وبين مثولـهم أمام مكتب النائب العام ما يدفع شبهة التأثير المعنوي لمجرد حضور حارس رفقته حتى المثول أمام النيابة العامة وهو الذي سمع أقوالـه بمفرده دون حضور أحد من حراسه معه , وقد سرد تفاصيل جريمته على نحو دقيق وأتى من الأقوال ما لا يعلمها إلا هو , وخاض في تفاصيل صدرت عنه بكامل إرادته , فقد قدّر أنه شاهد المتهمة الثالثة تحقن زجاجات التغذية بالبلازما الملوثة بالفيروس , وهو لم يسأل عن هذا الأمر , وقد برر حصول ذلك سعياً لنشر المرض وإزالة للشبهة وإظهارا للأمر بمظهر العدوى تلك حقيقة لا يعرفها إلا هو , وتحديده لمن حُقن من الأطفال وعلى سبيل المثال تحديده للطفل (معين أبوبكر الفلاق) والطفلة ( بسمة سالم على) , كما وصف على نحو دقيق كل الاجتماعات ومن حضر فيها وما مارس فيها من أفعال تعاطي المواد المسكرة وممارسة الجنس وذلك على التفصيل السابق البيان بأسباب هذا الحكم , وقد مثل أمام قاضي مد الحبس بمحكمة طربلس التخصصية وقد سألته المحكمة عن التهم الجاري حبسه على ذمتها فاعترف بها.
كما اعترف تفصيلا أمام مكتب الادعاء عند إحالة الأوراق على هذا المكتب وأثناء فترة سريان حبسه بل زاد تفاصيل أخرى كتحديد عدد الأطفال الذين جرى حقنهم (430) وأضاف أن المتهمة الثانية أخبرته بأنها تحوز أربعة وعشرين زجاجة بلازما ملوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة , أنها حددت العدد المطلوب حقنه بألف طفل.
واعترف بأن الطفل (معين أبوبكر) حُقن بمعرفة المتهمة الثالثة ( ناسيا) والطفل (محمد عاطف) حُقن بمعرفة المتهمة ( فاليا) والطفلة (فاطمة الزهراء ) حُقنت بمعرفة المتهمة (فالنتينا) , ذلك هو اعتراف المتهم على نفسه أمام النيابة العامة وقاضي مد الحبس , وقد أعقب ذلك اعترافه أمام مكتب الادعاء ولم يدع أمام هذه الجهات الثلاثة أن ثمة اكراهاً وقع أو إنه ما يزال تحت تأثيره , وكان في إمكانه أن ينكر جميع التهم المسندة إليه أمام النيابة العامة وأمام قاضي مد الحبس , وكان اعترافه على هذا النحو على نفسه وعلى المتهمات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة ولم يأت من اعترافه على المتهم السابع ولم يرد في أقوالـه ما يدفع بالأخير إلى ساحة الاتهام , فهو لذلك اعترف اعترافاًً صحيحاً صادراً عن إرادة حرة غير معيب , ويضحى القول (ببطلانه) عار عن الصحة قصد به مجرد التخلص من آثار جريمته بعد أن أحاطت به أوزاره من كل جانب أن يقيلـه من عثرته .
***** وحيث إنه وعن المتهمة الثالثة فقد ضلت على اعترافها أمام النيابة العامة ومكتب الادعاء , ولقد أتت على تفاصيل ذلك الاعتراف على نفسها وعلى المتهمين من الأول وحتى السادسة ولم تستثنى من اعترافها سوى المتهم السابع وقد أفاضت في تفاصيل ذلك بأنها تسلمت ابتداء من أوائل مارس : 1998 خمس زجاجات من البلازما البروتين الملوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة من المتهم الأول في المرة الأولى ومن المتهمة الثانية فيما عدا ذلك , وقد أخذت بحقن الأطفال في كل نوبة عمل حتى حقنت خمسين طفلا وطفلة وكانت تبلغ كل نتائج ذلك للمتهم الأول , وأنها تسلمت على ذمة مستحقاتها في تنفيذ الجريمة مبلغ (ألف دولار) أرسلتها إلى بلادها إلى حساب أخيها , وأنها ألتقت بالمتهمة الثانية والأول في شقة المتهمة الثانية ترافقها المتهمة الرابعة والخامسة مرات عدة , واعترفت بأنها تعرف محتويات السائل الذي تحقنه للأطفال وأنها تعرفت على الأطفال الذين قامت بحقنهم عند انتقالـها للعمل بقسم العزل , وأضافت القول بأن المتهم الأول أخبرها أنه جند المتهمة الخامسة ( فالنتينا) وتسلمت خمس قارورات والمتهة الرابعة ( فاليا ) أربع قارورات والمتهمة (سنجانكا) قارورتين وأن المتهمتين (فاليا , وفالنتينا ) حضرتا الاجتماعات في شقة المتهمة الثانية , وأنها قد سمعت باشتراك المتهمة السادسة من الأول وأنكرت تهمة المواقعة وشرب الخمر .
وهذا الذي نطقت به المتهمة الثالثة لـهو الاعتراف الصحيح الصريح الخالى مما يبطلـه والصادر أمام النيابة العامة وبمكتب النائب العام وصدر أمام مكتب الادعاء وكذلك أمام قاضي مد الحبس , وقد اعترفت بما أرادت أن تعترف به وأنكرت ما أرادت دون معقب عليها في ذلك وهى التي جزأت اعترافها فأرسلت ما أرادت عن إرادة حرة وأمسكت ما أرادت وكان اعترافها مطابق لاعتراف المتهم الأول بغير تناقض ولا اختلاف رواية , وأن المجادلة في اعتراف على هذا النحو لـهو من قبيل الفرار من وزر ما قارفت يداها , وتراه هذه المحكمة اعترافاً موافقاً لصحيح القانون , وقد صدر منها ومن المتهم الأول صحيحاً غير متأثر بالحجز الباطل وما جاء بمحضر الضبط القضائي في هذا الخصوص لإنقطاع صلة هذا الاعتراف بما سبقه من إجراء مضى عليه وقت طويل بالقياس إلى المدة المقررة قانوناً (نقض مصري 17 ـ 1 ـ 60 ) .
***** وحيث إنه وعن الدفع ببطلان اعتراف المتهم الأول أمام قاضي مد الحبس بوصفه وقع أمام محكمة غير مختصة , فإن ذلك ليس من شأنه أن يغير من قوة هذا الاعتراف , فالعبرة في شأن قوة الدليل المستمد منه هو كونه صادرا أمام قاضي يحمل صفات رجال القضاء , وإن أنتدب للعمل في محكمة تخصصية.
***** وحيث إنه وعن بطلان تفتيش سكن المتهمة الثانية فقد أبانت الأوراق من محضر ضبط الواقعة أن التفتيش وقع بحضور الأستاذ وكيل النيابة العامة وكان التفتيش عما يساعد في اكتشاف الحقيقة , وقد عثر أثناء التفتيش على مجموعة من الصور والأشرطة المسجلة وبعض المعدات الطبية , وكذا خمس زجاجات تستعمل في البلازما بروتين وبها سائل أصفر جرى تحريزها وإحالتها إلى الخبرة (المختبر بمستشفى الخضراء) وكان الظاهر أن ثمة خطأ مادياً في تاريخ التفتيش الذي يظهر أنه وقع في : 14/4/99 في حين أن التاريخ السابق لفتح المحضر كان في : 28/2/99 والتاريخ اللاحق لفتح المحضر مجدداً في : 11/3/99 وقد أثبت مأمور الضبط ورود التقرير الذي أثبت أن ثمة فيروس مرض نقص المناعة المكتسبة بزجاجتين من الزجاجات الخمس المضبوطة وهو الذي يرشح إلى وجود الخطأ المادي بتاريخ التفتيش لمنزل المتهمة الثانية ورغم حضور النيابة العامة فالدفاع غشى بصره وخاب سعيه فلم ينتبه للتاريخ السابق والتاريخ اللاحق , كما أنه ليس ثمة محضر مرفق بأوراق الدعوى صادراً عن جهة الأمن الداخلي , كما يزعم الدفاع ولم يطلب سماع شهادة الدكتور (عيسى الختالي) الذي أجرى التحليل , وكان الأمر ميسراً لـه بالجلسة , ولم يثير هذه الشبه إلا في مذكرته المرفقة في : 1/3/2004 , ولم يطالب فيها بسماع شهادة هذا الشاهد , بل يتحدث عن وقائع ليس لـها معين في الأوراق.
وكان عليه أن يرفق صورة من ذلك المحضر الذي يزعم بوقوعه وليس فى إجراء التفتيش على النحو الذي جرى عليه ما يخالف نص القانون , وعلى من يدعى خلاف ذلك عليه إثباته ولا يغنى مجرد الدفع المجرد عن الإثبات في مثل هذه الأمور والتي يراد بها مجرد إثارت الشبهات حول الدليل.
وليس ثمة زجاجات مضبوطة بمستشفى الأطفال تحتوي على سائل البلازما بروتين المثلوثة بفيروس نقص المناعة المكتسبة , وكل ماهو ضبط هو سائل من الدم يختلف في تركيبه ولونه عن سائل البلازما بروتين الذي وصف بأنه سائل أصفر , فلا وجه لإختلاط الزجاجات المضبوطة أو خلط محتوياتها كما يذهب الدفاع .
***** وحيث إنه وعن المتهمة السادسة فقد اعترف عليها المتهمين الأول و(الثالثة) , وقد قالت بأنها جُندت للعمل خلال شهر سبتمبر , وأضافت الثالثة أنها تسلمت زجاجتين وقامت بحق محتوياتها في أجسام المرضى (الأطفال) فضلا عن أن الشاهدة (سهيلة محمد عوض الشريف) والبالغة من العمر أربعة عشر سنة والتي كانت نزيلة بالمستشفى في قسم الأمراض الباطنية ( تعاني من مرض السكري ) وهى تعلم ما يجري حولـها : بأنه في ليلة : 30/9/98 حضرت إليها المتهمة رفقة ممرضة بلغارية أخرى عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل وحقنتها بحقنة في ذراعها الأيمن فصرخت من فرط الألم حتى أيقظت الشاهدة (جميلة حسني أحمد ) التي شاهدت المتهمة وأخرى تغادران الحجرة مسرعتين.
وبسؤال المتهمة أمام مأمور الضبط بمحضر البحث الجنائي بنغازي كشكوى والد الطفلة (سهيلة) ( المدعو محمد عوض ) وذلك في تاريخ : 12/12/98 قالت المتهمة بأنها فعلا حضرت ليلا إلى حيث المجني عليها رفقة ممرضتين أخريين لمساعدتها وإعطائها حقنة , وهو قدر يستخلص منه مجرد حضورها إلى حيث حجرة المجني عليها وحصول إعطائها حقنة وقد أكدت الشاهدة (جميلة حسن) تحديد هذه الممرضة , وكذا من شهادة الطفلة نفسها .
***** وحيث إنه وعن المتهمات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة فقد أنكرن التهم المسندة إليهن أمام النيابة العامة وكذا أمام مكتب الادعاء بيد أن تفصيلات اعتراف المتهم الأول والثالثة في شأنهما وإقرارهما على نفسيهما وعليهن بأن اعترفا أن المتهمة الثاينة كانت مدبرة الجريمة وهى التي تسلّم لـهن مبالغ من الدولارات وهى التي تجمع بينهن في بيتها وتقدم لـهم زجاجات البلازما الملوثة بالفيرس ( نقص المناعة المكتسبة ) , فقد سلمت للمتهم الأول الزجاجات الثلاث الأولى والتي سلمها بدوره لكل من المتهمة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة , وقد اعترفت المتهمة الثالثة على نفسها وعلى المتهمات الرابعة والخامسة والسادسة وكذا الثانية بأن سلمتها كيساً يحتوي على زجاجتين لـها ومثل ذلك سلمته للمتهمة الرابعة وأربع زجاجات للمتهمة الخامسة وزجاجتين للمتهمة السادسة .
وقد بلغ عدد ما تم استلامه من المتهمات من زجاجات البلازما الملوثة بفيروس الإيدز وفق الثابت في اعتراف المتهم الأول والثالثة مايلي : ـ
للمتهمة ( ناسيا ) عدد (5) زجاجات.
للمتهمة ( فالنتينا ) عدد (5) زجاجات .
للمتهمة ( فاليا ) عدد (4) زجاجات .
للمنهمة ( سنجانكا ) عدد (2) زجاجة .
***** وحيث إنه وبسؤال المتهمة الرابعة والخامسة والسادسة عن التهم المسندة إليهن أنكرن ونفين أية علاقة بالمتهم الأول والمتهمة الثانية وقلن بعدم ترددهن على شقة المتهمة الثانية , بيد أن هذا القول يدحضه ما جاء على لسان المتهم الأول والمتهمة الثالثة بتأكيدها حصول ضلوعهن في الجريمة وأن المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة قمن بزيارتها في شقتها رفقة المتهم الأول لثلاث مرات , كما أجتمعوا معها في الطابق الرابع بفندق تيبستي , وأنهن شاهدن ذلك الشخص الذي يتكلم العربية في شقة الأولى , وأفادت المتهمة الثالثة بأن المتهم الأول أخبرها عن مساهة المتهمة السادسة في الجريمة ابتداء من شهر سبتمبر وأن أعمال الجريمة قد توقفت في منتصف شهر أكتوبر .
وكان الإنباء على ذكر المتهمات ( الثانية والرابعة والخامسة والسادسة ) قد ورد على لسان المتهم الأول والثالثة قولا متفقاً لا تناقض فيه , وقد حددت المتهمة الثالثة أمام وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام دور كل منهن في تنفيذ الجريمة وعدد ما تسلمنه من الزجاجات التي تحتوي على مادة الحقن , وحددت عدد الأطفال الذين قامت بحقنهم وحددت أول حالة إصابة بالمرض لطفل من دار الرعاية , وقد تعرّفت على عدد منهم عند احالتهم إلى قسم العزل بعد اكتشاف إصابتهم .
***** وحيث إنه كان من المقدّر وفق تداعى الأمور لواقعات الدعوى أن المتهمين من الأول وحتى السادسة كانوا قد علموا بتفاصيل الاتهام الموجه إليهم في مرحلة الاستدلالات وقد اتخذ كل منهم موقفاً من هذا الاتهام بالغ الخطورة , وكانت لدى كل منهم فسحة من الوقت الكافي قبل المثول بين يدى وكيل النيابة العامة بمكتب النائب العام للتفكير في الخطة التي سوف ينتهجها لسلوك السبيل الذي سوف يطرقه أمام جهات التحقيق والمحاكمة والتي يعلم يقيناً أنه ماثلا بين يديها , ولم يتطرقوا على شئ من الجور على حقوقهم في الدفاع أمام النيابة العامة وبمكتب النائب العام.
***** وحيث إنه وعن الدفع ببطلان تفتيش سكن المتهمة الثانية لوقوعه في غير حضورها أو من تنيبه وفى حضور شاهدين , فهذا الذي ساقة الدفاع في غير محلـه , ويدل على خلط في الواقع بالدعوى , ذلك أن التفتيش تنص المادة (75 . أ . ج ) وبحسب الأصل إجراء من إجراءات التحقيق يقوم به قاضي التحقيق أو النيابة العامة ولمناسبة جريمة جنائية أو جنحة قدّر أنها وقعت وصحت نسبتها إلى فاعلـها وأن هناك دلائل كافية للتعرض لحرية المتهم أو حرمة مسكنه , وقد استقر القضاء وبغير نزاع في قانون الإجراءات الليبي وكذا الفرنسي على هذا الفهم , ومتى كانت سلسلة التحقيق وبعد اطلاعها على محضر ضبط الواقعة قد رأت أن ثمة جناية قد وقعت ووجدت أدلة أو قرائن تسمح بتوجيه اتهام إلى شخص معين بوصفه فاعلا أو شريكاً , وقدّرت صلاحية هذا المحضر وكفايته لفتح تحقيق فقد أصبح المحقق في هذه الحالة متصلا بالواقعة الجنائية المراد تحقيقها ومنها إجراء تفتيش سكن المتهم دون التوقف على اتخاذ إجراء شكلي آخر ( نقض مصري : 3/6/58 ) .
وسواء كانت الدلائل الكافية على اتهام شخص معين بارتكاب الجريمة نتجت عن إجراء سابق من إجراءات التحقيق أو كانت ثمرة تحريات قامت بها سلطة جمع الاستدلالات , ويتعين أن تبين تلك الدلائل على أن التفتيش يمكن أن يؤدي إلى العثور على أدلة الاتهام لدى هذا الشخص وكان تقدير تلك القرائن متروكاً لوكيل النيابة العامة الحاضر رفقة رجال الضبط ( نقض مصري : 9/6/69 ) وكان التحقيق في القانون الفرنسي منوطاً بقاضي التحقيق وفى القانون الليبي موكول للنيابة العامة ويقوم به العضو المختص , وقد يندب أحد مأموري الضبط القضائي للقيام به , وكان التفتيش قد وقع في حضور وكيل النيابة المختص بما هو ثابت بالمحضر وكان من المقرر أن المشرع لا يشترط حضور متهم أو نائبه عند التفتيش إعمالا لاحكام المادة (75) المشار إليها آنفاً , كما لا يشترط حضور شاهددين , ولعل الأمر قد غّم على الدفاع في شأن اشتراط حضور الشاهدين ذلك أن هذا الشرط مقرر للتفتيش الذي يقع بمعرفة مأمور الضبط القضائي لمنازل المراقبين والمشتبه في أمرهم (م . 40 . أ . ج ) , ولا يسري هذا الشرط على التفتيش الذي تجريه سلطة التحقيق بنفسها أو بناء على ندبها لرجال الضبطية القضائية , ولا يصح الدفع ببطلان التفتيش على ذلك متعّين الرفض.
***** وحيث عن بطلان تقرير الخبرة لإقدام الخبراء على زيارة المرافق الصحية قبل أداء اليمين فهو قول ظاهر الفساد , ذلك أن زيارة مستشفى الجمهورية للولادة ومن ثم المرافق الأخرى وقعت في : 25/12/2003 ـ أخذاً من شهادة مدير المستشفى المرفقة بالأوراق والتي قدمتها النيابة العامة في : 15/3/2004 ـ وكان ما ورد في المحضر مجرد خطأ مادي .
***** وحيث إنه وعن الدليل الفني فقد أفسحت المحكمة المجال للمتهمين والمدعين بالحق المدني كل حسب الطريقة التي أختطها في الدفاع عن مصالحه في الدعوى , وكان النزاع منذ الوهلة الأولى قد بدأ مع أول جلسات المرافعة أمام هذه المحكمة يتمحور حول مسألة فنية مؤداها : عما إذا كان انتقال المرض إلى الأطفال بالمستشفى كان نتيجة عدوى المستشفيات أم كان نتيجة فعل عمدي أتاه المتهمين السبعة الأول , الأمر الذي حدى بدفاع المتهمين المشار إليهم آنفاً إلى الإفاضة في الدفاع في هذا السبيل وألقى بين يدي هذه المحكمة تقريره الاستشاري الصادر عن الطبيبين الفرنسي والإيطالي وبحسبان أنه تقرير استشاري أعد ليقطع دابر النزاع في هذه الدعوى ويدفع بنظرية العدوى المستوصفية إلى واجهة أحداث الدعوى , وقد تلقف دفاع بقية المتهمين وكذا المدعين بالحق المدني هذا التقرير واعملوا فيه معاول النقد وعندها أسرع دفاع المتهمين إلى طلب سماع شهادة الشاهدين , وكان لـه ما أراد و بالجلسة تم مناقشتهما بإستفاضة وفق الثابت بمحضر الجلسة , وعندها ثار الحديث حول السنة التي أتخذت أساساً لتفشى المرض (وهى 1997) وقد نازعهما الدفاع المقابل منازعة قوية وظهرت عندها فكرة (عدوانية الفيروس , ونوع السلالة وبيان جهة توطنها وكيفية قدومها إلى البلاد) وهنا بدأ عنصر الاحتمال يفرض نفسه على واقع الدعوى في هذا الشق من أدلة الإثبات وتحول القطع في شأن غرابة الفيروس ومدى تعديلـه الوراثي , و زاد قوة احتمال تعديلـه وراثياً وأنه لم يخص بالدراسة الكافية ولم يصل العلم إلى رأي قاطع في شأن تركيبه الجيني وخاصة في ضوء الدراسة التي أشرفت عليها السلطات الليبية في إيطاليا والمرفقة بحافظة مستندات الأستاذ : خالد المحجوب / المحامى عندها رأت هذه المحكمة أن توكل الأمر إلى أصل العلم ليقولوا القول الفصل في هذه المسالة , فكان من احالة الدعوى على الخبرة وكان التقرير قد تناول كافة المسائل العلمية التي يعوّل عليها المتهمون السبعة الأول وكان التقرير قد خلص إلى النتائج سالفة البيان عند التعرض لـه بالتفصيل في أسباب هذا الحكم وقد بيّن جميع أوجه النقص التي أعترت التقرير الذي يعتصم به المتهمون , وقد نفى نظرية العدوى التي يتمسك بها المتهمون ورجح واقعة وصول فيروسات المرض إلى أجسام الأطفال عمداً
***** وحيث إن هذه المحكمة تنوه إلى أن أوراق الدعوى تنطوي على أدلة عدة للإثبات كان الرأي الفني إحداها وكانت شهادة الشهود وحصيلة التفتيش وتقرير الخبرة على المواد المضبوطة والاعتراف المفصل للمتهمين الأول والثالثة على نفسيهما وعلى باقي المتهمين وحتى السادسة , وكان القانون قد أمدّ المحكمة في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصى ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهمين ومقدار اتصالـهم بها , ففتح لـه باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل طُرقه ما يراه موصلا إلى الكشف عن الحقيقة ويزن قوة الإثبات المستمدة من كل عنصر بمحض وجدانه فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته ويطرح ما لايرتاح إليه , غير ملزم بأن بسترشد في قضائه بقرائن معينة بل لـه مطلق الحرية في تقدير ما يعرض عليه منها ووزن قوته التدليلية في كل حالة حسبما يستفاد من وقائع الدعوى بغيته الحقيقة ينشدها أنى وجدها , وفى أي سبيل يجده مؤدياً إليها ولا رقيب عليه في ذلك سوى ضميره وحده , ولذلك كان غير مطالب إلا بأن يبين في حكمه العناصر التي أستمد منها رأيه والأسانيد التي بنى عليها قضائه وذلك فقط للتحقق فيما إذا كان ما اعتمد عليه في شأنه أن يؤدي عقلاً على النتيجة التي خلص إليها بشرط أن يكون ذلك كلـه مما عرض على بساط البحث أمامه بالجلسة , وبناء على هذا الفهم تبدأ المحكمة في تناول التهم المسندة للمتهمين على التوالي لتقول كلمتها في شأن كل منها ثبوتاً ضد كل منهم أو إخلاء ساحته منها .
***** وحيث إنه وعن التهمة الأولى المسندة للمتهمين من الأول وحتى السادسة وهى تهمة التسبب في وقوع وباء بنشر الجراثيم الضارة وما لحق ذلك من نتائج تمثلت في موت أكثر من طفل , وكان الواقع في الدعوى ينطبق وبجلاء على أن المتهمين المشار إليهم آنفاً عقدوا العزم على ارتكاب جريمة نشر الوباء وذلك بأن قصد كل منهم التدخل في الجريمة وقد أتى عمداً الأفعال المكونة لـها وكانت لدى كل منهم نية تنفيذ الجريمة وأنه أرتكب ما ارتكب من الأفعال في سبيل تنفيذها وكانت المادة (99) عقوبات تقضى بأنه يعدّ فاعلا للجريمة من يريتكبها وحده أو مع غيره أو من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتى عمداً عملا من الأعمال المكوّنة لـها وتنطبق على كل فاعل العقوبة المقررة للجريمة المقترفة .
والبيّن من نص هذه المادة بصريح لفظها ووضوح دلالتها أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها , فإذا أسهم فإنه يصدق على فعلـه وحده وصف الجريمة التامة , واما أن يأتى عمداً عملاً تنفيذياً فيها , وحينئذٍ يكون فاعلا مع غيره إذا ثبتت لديه نية التدخل في ارتكابها بحسب طبيعتها أو طريقة تنفيذها , ولما كانت نية المتهمين جميعهم في التدخل في ارتكابها قد إلتقت تحقيقاً لقصدهم المشترك في إيصال جراثيم مرض فقد المناعة إلى أطفال مستشفى بنغازي وذلك من نوع الصلة بين المتهمين والمعّية بينهم في الزمان والمكان وصدورهم في مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها , وأن كلاً منهم قصد قصد الأخر في إيقاعها , مما يرتب في صحيح القانون تضامناً في المسؤولية الجنائية , وكان الواقع في الدعوى يشهد بجلاء أن المتهمة الثانية أخذت على عاتقها تدبير جريمة نشر جراثيم وباء نقص المناعة في المستشفى وقد جنّدت لذلك المتهمين الأول والثالثة والرابعة والخامسة وأمدتهم بالمال اللازم تحفيزاً لـهم على إتيان الجريمة والمضى في تنفيذها بعد أن أعدّت لـه متكئاً في منزلـها وأغوته وقسمت عليه من مالـها وعرضها وشجعته على ارتكاب الجريمة , وما أن ضيقت عليه الخناق وزينت لـه الأمر بعد أن وقفت على تهوره والمعيشة الضنكَ التي يعيشها ووضعه القانوني في البلاد وهو بعد غريب عنها , وما أن عرفت ذلك كلـه حتى وعدته بمستقبل مشرق واقامة طيبة في بلادها وفرصة جيدة لمواصلة تعليمه وحصولـه على جنسية بلدها , كل أولئك كان السبب المباشر في الوقوع في حبائلـها كما فصّل ذلك في التحقيقات أمام النيابة العامة , وقد بينت لـه القصد من وراء ارتكاب الجريمة وقد شرحت لـه كيفية ارتكابها وذلك بأن تزوده بمادة البلازما بروتين الملوث بفيرس نقص المناعة والمعدّة في زجاجات مخصصة أصلاً لـهذه المادة , وأن يحقن كل طفل بما لايقل عن ( C.C.2 ) وقد اختارت المكان والزمان والأطفال ( الضحايا ) في الأقسام الباطنية وسنهم والعدد المستهدف , وقد طلبت منه أن يسعى لتجنيد ممرضات يساعدنه في تنفيذ عملية الحقن بالمادة الملوثة بفيروس نقص المناعة , فكان اختياره للمتهمات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة و كان اللقاء في شقتها مرّات وفى فندق تيبستي مرات أخرى , ولقد تحددت بداية أول مارس : 1998 بداية تنفيذ الجريمة وسلم أول ثلاث زجاجات تسلمها من المتهمة الثانية لكل من المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة , وكانت كل منها تكفى لحقن عشرة أطفال أو كانت تسلم المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة القارورات التي تحتوي على السائل الملوث وقد تسلمت الثالثة خمس قارورت والرابعة خمس قارورات أيضاً والخامسة أربع قارورات والسادسة قارورتين , وقد انتهت عملية حقن الأطفال في منتصف شهر أكتوبر , وكانت حصيلة الحقن إصابة (430) طفلاً بهذا الداء , فضلاً عن إصابة ثمانية عشر أمّاً تلقين العدوى من أطفالـهن بسبب الرضاعة الطبيعية , وقد كانت عمليات نشر الوباء تتم تحت إشراف المتهم الأول الذي يزعم أنه طبيباً مرخصاً لـه في معالجة المرضى , وتخيروا من الأوقات الـهزيع الأخير من الليل في غياب الأمهات وحالة الـهدوء التي يعيشها المستشفى في هذا الوقت وكان كل منهم يعلم علم اليقين طيبة المادة التي أدخلـها أجسام الأطفال وأنها ستصيب كل منهم بداء عضال لايرجى شفاؤه ويغلب الـهلاك على صاحبه وأنه سيكون سبباً في تفشى الوباء في البلاد.
***** وحيث إن ما أتته المتهمة الثانية بعد أن عقدت العزم على ارتكاب جريمة نشر وباء مرض نقص المناعة المكتسبة , وأعدّت العدة لذلك وقامت بتجنيد باقي المتهمين وزودتهم بالمال وبالسائل الملوث وحدّدت الجريمة اللازمة والعدد المطلوب وقدّرت السن والحالة الصحية للأطفال , كما عينت القسم وزمان التنفيذ وقد كان الأتفاق على ارتكاب الجريمة وأتفق قصدهم على المساهمة فيها ونفذ كل منهم ما كُلف به من عمل فقدّمت الثانية المال وجراثيم المرض وسلمت للمتهم الأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة القارورات التي تحتوي على هذه الجراثيم وقد نفذ كل منهم الأعمال التي أوكلت إليه عن علم وإرادة والتدخل في الجريمة ودراية بالمادة وتأثيرها وعدم الجدوى من علاجها , وأيلولة من يحملـها إلى الـهلاك المحتم و وقد استشرى المرض بين الأطفال وباعداد كبيرة بالنظر إلى خلو المجتمع من مثل هذا المرض بالقياس إلى حالات الإصابة به في الدول الأخرى.
واستخلاصا من ذلك يكون المرض وقد استشرى بين فئة من الناس في زمان معين ومكان محدد وباعداد تخرج عن المألوف وقد حصر عدد غير قليل من المرضى في زمن يسير وهو بعد داء عضال يغلب فيه الـهلا ك ولا يمكن تدارك آثاره أو الحد من انتشاره إلاّبنفقات باهظة وإجراءات أستثنائية , ويكون نشر جراثيمه عمداً بأيادي المتهمين المشار إليهم سلفاً لـهو الوباء في مصطلح القانون والمنصوص عليه في المادة (305 عقوبات ).
***** وحيث إنه وبمطالعة تقرير الخبرة فيما اختص ببيان اسباب الوفاة والتي تعود ومباشرة لـهذا المرض وأن صاحبته أمراضاً أخرى انتهازية , ولما يخلّفه هذا الداء من نقص شديد في المناعة التي منحها اللـه سبحانه وتعالى لكل انسان لتعصمه من الأمراض التي تهاجم الجسم , وقد أضحى المرضى فاقدي هذه الحماية وصاروا ضحية سهلة للأمراض الأخرى , ولذلك كانت الوفاة نتيجة مباشرة لمن لقى حتفه منهم , كما قدّر الطبيب الشرعي وكما أكدّ الشاهد الدكتور الفرنسي (مونتنيه) فى شهادته أمام هذه المحكمة عندما أجاب على سؤال المحكمة بالخصوص , وهذا ما ورد ذكره في شهادات الوفاة الخاصة بالأطفال المتوفين ومن بينهم من سيرد ذكره لاحقاً .
***** وحيث إن المتهم الأول اعترف أمام الادعاء بأن المتهمة الثالثة حقنت الطفل (معين أبوبكر الفلاق) بجراثيم مرض العوز المناعي وقد توفي هذا الطفل من جراء هذا المرض وفق الثابت بشهادة وفاته , كما اعترف المتهم الأول بأن المتهمة الرابعة قامت بحقن جراثيم المرض لطفل يدعى (محمد عاطف) وقد توفى بسبب هذا المرض أخذاً من شهادة وفاته .
***** وحيث إن المتهم الأول اعترف أمام مكتب الادعاء بأن المتهمات الأربعة المذكورات سابقاً قمن بحقن عدد (430) طفلا وطفلة وهوما ماثل العدد الذي تمكنت إدارة المستشفى من أحصائه , فقد أحصت حوالى (406 طفلا) ممن كانوا قد ترددوا على المستشفى خلال عام : 1998 ـ وكان لا يعلم حقيقة هذا العدد إلا هو وقد توفى منهم حتى تاريخه (43) طفلا وفق الثابت من كتاب مركز الأمراض السارية المرفق بالأوراق .
***** وحيث إنه وعن أسباب الوفاة فقد استقر الطب قولا واحداً من أقوال الخبراء والذين كان أحدهم طبيباً شرعياً يحمل مؤهلا عالياً في الطب الشرعي , فقد قدّر أن السبب المباشر والكافي بحصول وفاة هؤلاء الأطفال (الثلاثة والأربعين) كانت بسبب مرض نقص المناعة المكتسبة , لما يصاحب هذا الداء من أمراض أنتهازية حتماً على من يصاب بها , وقد قدّر ذلك الأستاذ : البرفسور " مونتنيه " بشهادته بالجلسة والذي أجاب على سؤال بالخصوص أن سبب الوفاة لمثل هؤلاء الأطفال هو حتماً على وجه اليقين هو الداء , وكان من المقرر أن الواقى بين كل انسان وبين جميع الأمراض هو ذلك الحماية التي سخرها اللـه لكل انسان تقيه هجمة الأمراض الانتهازية فإن ضعف هذا الحصن تظافرت عليه الأمراض فلا يلبث أن يسقط صريعاً بعد أن صار هزيلا لا يقوى على الدفاع عن نفسه , ذلك أمر لشدة ذيوعه أصبح حقيقة طبية قاطعة حجة على الكافة لا تقبل إثبات العكس إلا بوجود سبب أجنبي من خارج الجسم يلحق به الأذى من جرح أو تسميم يورده موارد التهلكة وهوما لم يقم عليه الدليل من الأوراق وشهادات الوفاة المرفقة الخاصة بالمجني عليهم الذي تشهد بذلك فضلا عن الرأي الطبي المتقدم ذكره.
والأطفال الذين قضوا نتيجة هذا المرض هم : ـ
1) عادل أبوزيد محمد الجالي .
2) سند محمد سعيد .
3) مروة فرج عبدالتواب .
4) هاني يوسف محمد بوعزه .
5) صفاء فرج عبدالتواب .
6) مروة عقيلـه الحوتي .
7) يوسف عبدالقادر يوسف .
8) نوارة سالم ناجي أبو زهو .
9) مروة ناصر حسين .
10) إسلام محمد عبدالسلام الحوتي .
11) أحمد سالم محمد الغرياني .
12) عبدالمالك مختار عصمان .
13) أحمد على الرعيض .
14) أحمد عوض عبدالحميد .
15) حسين محمد بشير ن غزي .
16) هناء حسن عبدالرحيم .
17) فرج القذافي الشريف القبالي .
18) عبدالسلام حسين الفرجاني .
19) ميلاد بشير سعيد جربوع .
20) آمانى عبدالسلام مصطفى .
21) هبة على محمد الفيتوري .
22) وليد على سالم العمامي .
23) أحمد حمد الشحومي .
24) محمد على العماري .
25) محمد سعيد الترهوني .
26) محمد عبداللـه قرقوم .
27) ليلى عبدالجواد العبدلي .
28) ندى حسين غيث .
29) أيمن محمد بشير .
30) صالح أبراهيم صالح .
31) بتول يعقوب عبداللـه .
32) أحمد أشرف أحمد .
33) مجال أدريس عطية .
34) فتحية سالم جمعة .
35) محمود على الكيلاني .
36) فتحى مسعود سالم .
37) أحمد عبدالحليم القاضي .
38) عثمان على عنكوش .
39) عزيزة امحمد أحمد .
40) أحمد سليمان سعيد .
41) عمر حميد يونس .
42) محمد محمود شمس .
وقد قضوا جميعاً نتيجة هذا الداء حتى تاريخه , وأن نسبة الوفيات بين المصابين وفق التقرير المرفق هى 10.6 % وأن نسبة الإناث منهم 30.2 % والباقي من الذكور .
***** وحيث عن الأطفال المصابين فإنه ثمة بيان مرفق يتضمن اسماءهم تحيل المحكمة عليه .
***** وحيث لما كانت المادة (305) عقوبات تتدرج في العقوبة بالنظر إلى النتائج التي سيسفر عنها انتشار المرض , وقدّرت عقوبة السجن مدة لاتقل عن عشر سنوات في حالة نشر الوباء دون أن يتسبب نشره في وفاة أي من المرضى (المجنى عليهم) .
وقدّرت عقوبة السجن المؤبد إذا أعقب نشر جراثيم الوباء موت أحد المصابين.
وقدّرت تغليظ العقوبة في فقرتها الثالثة إذا توفى أكثر من شخص بسبب نشر الوباء لتصل إلى عقوبة الإعدام .
***** وحيث إن ما أقدم عليه المتهمون من الأول وحتى السادسة من سلوك إجرامي تمثل في الأتفاق على ارتكاب جريمة نشر جراثيم مرض نقص المناعة بين أطفال مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال بنغازي وقد كان كل منهم يعلم علم اليقين ماهية المادة الملوثة التي دخلت أجسام الأطفال , وقد كانوا يعلمون بالنظر إلى طبيعة عملـهم ما قد ينجم عن ذلك .
فقد سلّمت المتهمة الثانية للأول ابتداء ثلاث قنينات من السائل الملوث ليسلمها إلى المتهمة الثالثة والرابعة والخامسة وكان الأول مكلفاً بالاشرف على عملية الحقن وبالتواجد الدائم بالمستشفى وهو يحصى العدد الذي حُقن ويذلل الصعوبات التي قد تعترض بقية المتهمات , وهو الذي كان ينقل المتهمات الثالثة والرابعة والخامسة إلى سكن المتهمة الثانية ويتسلّمن الزجاجات بحضوره , وقد اعترفت المتهمة الثالثة بإفراغ محتويات خمس زجاجات في أجسام (خمسين طفلا) وأقرّت على المتهمة الرابعة بأنها أفرغت محتويات خمس زجاجاجت في أجسام نفس العدد من الأطفال , وأن المتهمة الخامسة أفرغت أربع زجاجات بمادتها الملوثة بالفيروس في أجسام الأطفال , كذا أقدمت المتهمة السادسة على حقن محتويات زجاجتين في أجسام الأطفال الذين أختارتهم ومنهم على سبيل المثال : ـ
الطفلة ( سهيلة محمد عوض الشريف) وذلك كلـه على التفصيل السالف بيانه , وبناء على ذلك يكون كل منهم قد أتى عمداً وعن علم وإرادة وإدراك لطبيعة المادة , وأنه وبالنظر إلى طبيعة عملـهم علموا استحالة الشفاء من المرض , كما توقعوا ما تفاقم إليه الأمر من وفاة عدد من الأطفال وقد أخذتهم هذه المحكمة بما اعترف به المتهم الأول من اقدام المتهمة الثالثة على حقن الطفل (معين أبوبكر الفلاق ) الذي توفى بسبب هذا المرض أخذاً من شهادة الوفاة وتقرير الخبرة فيما اختص بجانب الطب الشرعي , كما أقدمت المتهمة الخامسة على حقن الطفل (محمد عاطف) والذي توفى أيضاً بسبب هذا المرض , وقامت المتهمة الرابعة بحقن الطفلة ( فاطمة الزهراء ) والمتهمة السادسة قامت بحقن الطفلة ( سهيلة الشريف ) وهما ما يزالان على قيد الحياة حتى تاريخه .
وقد اخذت المحكمة المتهمين على هذا النحو بالقدر المتيقن في حقهم بالنسبة للنتائج التي أسفرت عنها نشر المرض عمداً وهى الوفاة لأكثر من شخص , وبناء عليه يكون جميع المتهمين من الأول وحتى السادسة مسئولين بالتضامن عن نتائج أفعالـهم وتكون الجريمة المنصوص عليها في المادة (305 / 3 ) متوافرة الأركان في حقهم .
***** وحيث إنه وعن التهمة الثانية المسندة للمتهمين من الأول إلى السادسة فهى غير متوافرة الأركان في حقهم , ذلك أن القتل العمد عن طريق التسميم جريمة عمدية ذات قصد خاص اشترط المشرع لتوافرها أن تتجه إرادة فاعلـها عن علم ودراية إلى إزهاق روح المجني عليه عن طريق دس السمّ لـه بأية طريق توصلـه إلى جسمه , وكان السمّ في مصطلح العلم عبارة عن مادة كميائية أعدّت أصلا للتسميم عن طريقها , أو هى مادة ليست معدة أصلا للقتل بل من شأن وصولـها إلى الجسم أن تتفق مع المادة السامة في النتيجة .
وكانت جراثيم مرض نقص المناعة المكتسبة قد تؤدي إلى موت المريض إلاّ أنها ليست سمّ في مصطلح القانون الجنائي الذي يعول على التعبيرات التي يستعملـها لتعلق ذلك بمبدأ التفسير الضيق لنصوصه وعدم جواز القياس عند تطبيق أحكامه .
وهى تختلف في القصد الجنائي عن جريمة نشر جراثيم المرض وأن المشرع أدرج جريمة القتل عن طريق السمّ في الباب الأول من الكتاب الثالث الخاص بالجرائم ضد حياة الفرد وسلامته وهى كلـها جرائم عمدية تتميز في حالة العمد بقصد خاص يتمثل في نية إزهاق روح أنسان وكانت نية المتهمين لم تتجه ابتداء لقتل الأطفال وأن كانوا يتوقعون إحتمال وفاة بعضهم , وان هذا التوقع يجعلـهم مسئولين عن النتائج الاحتمالية عن سلوكهم الأجرامي , فالجريمتان تلتقيان في النتيجة فقط , بيد أنهما تختلفان في القصد وآية ذلك أن المشرع عاقب على جريمة القتل العمد بعقوبة مغلّظة تختلف عن عقوبة الضرب المفضي للموت , رغم اتحاد الجريمتين في النتيجة , بيد أنهما تختلفان في الركن المعنوي للجريمة , وكان المشرع قد نص صراحة على عقوبة الاعدام أو السجن المؤبد في جريمة نشر جراثيم المرض بالنظر على اختلاف النتائج فهو نص خاص أفرد لـه المشرع عقوبة معينة تختلف باختلاف النتائج وقد وضعه المشرع في باب مختلف , والذي يميز جريمة القتل بالسمّ عن جريمة نشر جراثيم المرض الذي يؤدي إلى تفشيه بين الناس هو الوسيلة , فقد حدد المشرع في المادة (371) عقوبات أن يكون القتل باستعمال المادة السامة سواء كانت حيوانية أو نباتية أو معدنية على دفعة واحدة أوعلى دفعات وسواء وقع الموت حالا أو تراخى حدوثه وأياً كانت كيفية استعمال هذه المادة , وهى لذلك لا تتميز عن جرائم القتل العمد الأخرى إلا في الوسيلة وعلاقة السببية فيها لاتختلف عن جرائم القتل العمد الأخرى , وهذه الوسيلة هى علّة التشديد لخفائها وصعوبة تدارك آثارها , ولذلك فإن جريمة نشر جراثيم المرض تختلف اختلافاً جوهرياً عن جريمة القتل العمد بالسمّ والسند في ذلك هو قاعدة التفسير الضيق لنصوص التجريم التي تأبى أن تمتد المسؤولية لغير من سعى بإرادته إلى تحقيق النتيجة .
فالجريمة المنصوص عليها في المادة (305 / 1 . 2 . 3 ) عقوبات هى في حقيقتها جرائم تغلظها النتيجة ويسأل عنها فاعلـها انطلاقاً من مبدأ علاقة السببية ويكون تصرف النيابة العامة مجاف لصحيح القانون وتكون طلباتها بمعاقبة المتهمين عنها في غير محلـه .
***** وحيث إنه وعلى هدى ما تقدم من مبادئ ترى هذه المحكمة أن جريمة القتل بالسمّ غير متوافرة الأركان في حق المتهمين الأمر الذي يتعين معه القضاء ببراءتهم من هذه التهمة اعمالا للمادة (277/1 أ . ج) .
***** وحيث إنه وعن جريمة الرشوة المنصوص عليها في المادتين (21 ـ 22) من القانون رقم 2 / 79 بشأن الجرائم الاقتصادية (المعدّل) والتي تجري على أن يعاقب بالسجن كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل عطية أو أخذ عطية أو وعداً بشئ لا حق لـه فيه نقداً أو فائدة أخرى لحملـه على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها ـ وفى استقراء هذا النص فإن المشرع في المادة (21) من هذا القانون عدّد صور الرشوة , فقد نص على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعلـه بالنسبة للموظف ومن في حكمه سواء بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة أو الاتيان به على وجه يخالف فيه منح أو منع لإستحقاقاتها و قد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقيد بحيث يتسع مدلولـه لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التي يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوي الذي يكفل لـها دائما أن تجري على سنن قويم , وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولا عاماً اوسع من أعمال الوظيفة التي تنص عليها القوانين واللوائح ذات العلاقة وبإنزال هذا الفهم على واقعة الدعوى نلاحظ أن الأفعال التي قارفها المتهمون في مقر عملـهم لا ترمى إلى الإخلال بواجبات الوظيفة ذلك أن ما أتوه من أفعال لا يخرج عن كونها جريمة عمدية ارتكبت منهم داخل مقر عملـهم على فرض يتعاملون معهم بباعث من بت الصلة بالوظيفة , ولم تكن هذه الأفعال من مقتضيات وظيفتهم , ولقد التقت إرادتهم على ارتكاب الجريمة في هذا المكان وفى اثناء أداء الوظيفة التي اتخذوا منها ستاراً لمقارفت أعمالـهم , فالمعول عليه في قيام جريمة الرشوة هو تقاضى الجُعل للاخلال بواجبات الوظيفة على أي وجه , وليس من الإخلال بواجباتها من شئ أن يرتكب الموظف جريمته في مكان العمل حتى وإن كان في زمان أداء الوظيفة أو بماهياءته لـه من وسائل , وليس فى مجرد أن يحصل الموظف على المال لإرتكاب الجريمة أن يعد ذلك إرتشاء بالمصطلح الذي يقصده المشرع , وكانت الحكمة من العقاب على تقاضي الرشوة المحافظة على واجبات الوظيفة وحسن سير المرفق وكف الموظفين عن العبث بمقتضياتها ومنع المتاجرة بها , وكانت تلك الاعتبارات غير ماثلة في أذهان المتهمين ذلك الباعث على ارتكاب جريمتهم هو مجرد الحصول على المال الذي وعدت به المتهمة الثانية وما ارتكابها في مكان العمل وزمانه إلا ظرفاً مكنهم من مقارفة أفعال جريمتهم , وتكون مطالبة النيابة العامة بمعاقبتهم عن تقاضى المال من المتهمة الثانية بحسبان أنه مكوناً لجريمة الرشوة في غير محلـه ولم يصادف صحيح القانون , وبناء عليه يتعين القضاء ببراءة المتهمين عن هذه التهمة عملاً بالمادة (277 /1 . أ . ج ) .
***** وحيث إنه وعن جريمة التعامل في النقد الأجنبي المسندة للمتهمين الأول والثانية والثالثة والسابع فقد أبانت أوراق الدعوى أن المتهمة الثانية والسابع قد استوردا نقداً أجنبياً ( دولارات أمريكية ) عند قدومهما إلى البلاد وبمبلغ ( ألفين دولار أمريكي) , وأن المتهم الأول قد تسلم من المتهمة الثانية خمسة آلاف دولار أخذاً من اعترافه وقد استبدل منها ثلاثة آلاف دولار في السوق الموازية من غير طريق المصرف المختص , كما أقدمت المتهمة الثانية و السابع على أستبدال النقد الأجنبي الذي قاما باستيراده من غير طريق المصرف المختص وكذا تم الاسبتدال في السوق الموازية , كما قامت المتهمة الثالثة بتصدير مبلغ ألف دولار إلى بلادها من غير طريق المصارف المختصة , وكل ذلك وفق الثابت من اعترافهم التفصيلي في الأوراق , كانت المواد (77 ـ 78 من القانون رقم 1 / 93 بشأن المصارف والنقد والائتمان) " المعدل " قد حرّم التعامل في النقد الأجنبي وتصديره أو استيراده إلا عن طريق المصارف المختصة , ويصبح النشاط المادي المؤثم في هذه الجريمة على أوراق النقد الأجنبي , ويشترط أن تكون أوراق النقد محل الجريمة ذات تداول قانوني في بلاد إصدارها , وبناء على هذا الفهم فإن المشرع حرم كل العمليات التي تنصب على النقد أياً كان الاسم الذي يطلق عليها مادام موضوعها نقداً أجنبياً من شأنه أن يؤدي إلى ضياع وسيطرة رقابة المصرف المركزي عليه وكلّ إخلال بالتحكم في عمليات النقد الأجنبي الذي فرضه المشرع في هذا الشأن يقع حتماً تحت طائلة التأثيم والعقاب , وحاصل المواد المشار إليها سالفاً من قانون النقد والمصارف حماية ورقابة رصيد الدولة من العملات الأجنبية .
***** وحيث إنه من المقرر أن التعامل في النقد الأجنبي هو كل تعهد أو التزام يكون موضوعه نقداً أجنبياً , بمعنى أن تصبح أوراق النقد الأجنبي موضوعاً لأي تصرف قانوني يرتب حقاً للغير فيه مثل البيع في واقعة الدعوى الراهنة ويشترط لعدم مشروعيته أن يقصد به التحايل على أحكام القانون المشار إليه وهى بعد جريمة يكفى لقيامها مجرد توافر القصد العام .
***** وحيث إنه ولما كان الواقع في الدعوى يشير بثبوت إلى أن المتهمة الثانية والمتهم السابع أقدما على استيراد أوراق النقد الأجنبي من خارج البلاد وإدخالـه إليها دون سلوك الطريق المقرر في القانون وهو عرض المبلغ الذي تم ادخالـه على جها ت الاختصاص وقد أدخلا مبلغ (2000 دولار) عند قدومهما إلى البلاد , وقد قاما بالتصرف فيه بالبيع من غير طريق المصارف , كما قام المتهم الأول بالتعامل في أوراق النقد الأجنبي عن طربق اسبتدالـه بعملة ليبية عن غير طريق المصارف فقد استبدل (3000 دولار) مما تسلمه من المتهمة الثانية , كما أقدمت المتهمة الثالثة بتحويل مبلغ (1000 دولار) إلى بلادها بإرسالـها عن طريق أحد المسافرين ودون الجهات المختصة .
***** وحيث إنه ومتى وقفت المحكمة على ارتكاب المتهمة الثانية والسادس لجريمتي استيراد النقد الأجنبي والتعامل فيه , وكان من شأن ذلك أن يطبق نص تعدد الجريمة تنفيذاً لدافع اجرامي واحد وفق نص المادة (76 /2 عقوبات ) والتي تنص على اعتبارها جريمة واحدة والقضاء بالعقوبة المقررة لأشدها مع زيادة حدها بمقدار لايجاوز الثلث , الأمر الذي يتعين معاقبتها عن هذه الجريمة إعمالا لاحكام المواد (77 , 78 مصارف ) ( 177 عقوبات ) .
***** وحيث إنه وعن المتهم الأول والمتهمة الثانية فقد حقت معاقبة كل منهما عن جريمة التعامل في النقد الأجنبي , وعن تصديره بالنسبة للمتهمة الثالثة وعلى النحو المبين بنصوص الإحالة ووفق منطوق هذا الحكم .
***** وحيث إنه وعن تهم تصنيع وتعاطي وتقديم وحيازة المواد المسكرة وكذا جرائم الزنا والمواقعة المسندة للمتهمين الأول والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسابع عشر حتى الخامس والعشرين كل فيما نسب إليه من جرائم تخص الخمر والزنا والمواقعة وفق المبين بقرار الإحالة فقد رأت المحكمة القضاء ببراءتهم عن هذه التهم , وذلك أن تهمة تصنيع المواد المسكرة وشربها وتقديمها من الجرائم التي يشترط المشرع أن يكون موضوعها (المادة المسكرة) ولم يثبت على وجه القطع واليقين أنها كذلك وكان لمعرفة طبيعة المادة باعتبارها مسألة فنية أن تقطع الخبرة الفينة في شأنها وحقيقتها , وقد جاءت الأوراق خالية من هذا القطع واليقن الأمر الذي يتعين براءة كل من نسب إليه إتهام الخمر (حيازة أو تصنيعاً أوشرباً أو تعاطياً أوتقديماً أوتعاملاً ) وكل ذلك وفق ما ورد بقرار الإحالة , وذلك إعمالا لحكم المادة (277 / 1 , أ . ج) .
***** وحيث عن تهم المواقعة والزنا وجرائم الآداب المنسوبة وفق قرار الإحالة للمتهمين الأول والثانية والثالثة والرابعة والخامسة ومن السابع عشر وحتى الخامس والعشرين فقد وردت الأوراق في مجملـها خلواً من ثبوت الاتهام على كل متهم من المذكورين آنفاً , وأن اعتراف البعض منهم بإتيان الفاحشة مع شريكته سواء فى مفهوم الزنى أوالمواقعة يتطلب أن تصدقه شريكته القول باعتراف أودليل آخر يؤكد إتيانها , وأن اعتراف متهم عن نفسه في جريمة الزنى أوالمواقعة لا يستقيم قولا ولا يؤخذ منه دليل تطمأن لـه المحكمة مادام المتهم الأخر لم يشاركه فعل الفاحشة وتصبح على ذلك التهمة من غير سند لـها من الإثبات متعين على ذلك القضاء ببراءة المتهمين عن تهمة الزنا والمواقعة وجرائم الآداب المنسوبة إليهم بقرار الإحالة إعمالا لنص المادة (277/1 . أ . ج ) .
***** وحيث عن التهمة المنسوبة إلى المتهم السابع فيما اختص ( بنشر الوباء والقتل بالسم) , فالمحكمة ترى أن تداعيات واقعات الدعوى قد جرّت المتهم السابع إلى دائرة الاشتباه في إشتراكه بهذه الجريمة , كانت زوجته المتهمة الثانية الرأس المدبر للجريمة بتجنيدها باقي المتهمين الذين قيل فيهم واياها قول الفصل , وتقديمها للمال لـهم وكذلك قنينات جراثيم المرض , إلا أن المتهم السابع وإن كان زوجها إلا أن الصحراء الليبية حيثما كان عملـه كانت لـه ملاذاً آمناً من شرّ ما ارتكبت زوجته المتهمة الثانية , فكان زوجاً زائراً لـها في فترات متباعدة بحكم عملـه والمسافة , وكانت هى من غير تواجده معها تخطط وتنفذ جريمتها النكراء متخذة من مقر سكنها إدارة للجريمة , حيث يجتمع عندها باقي المتهمين المجندين منها ومن المتهم الأول الذي اعتبرته في حكم تصرفاتها ما يشبه نائبها , وقد كادت المتهمة الثانية أن تجر زوجها الغائب عنها في دائرة الاتهام فيما أدلت به من قول : احضاره للقنينات الخمس المظبوطة في شقتها والذي ثبت بالمختبر احتواؤها على جراثيم المرض , إلا أنها عدلت عن هذا القول , كان المتهم السابع قد أقر باحضاره لزجاجات فارغة ولم تكن تلك الزجاجات المضبوطة (محل الجريمة) وأداتها .
وعلى هذا النحو لم يقع في يقين المحكمة ثبوتاً لدليل الاتهام في جانب المتهم السابع , فقد حق القول في براءته عن هذا الاتهام المنسوب إليه إعمالا لنص المادة (277 / 1 إجراءات جنائية) .
***** وحيث إنه وعن جريمة التسبب في إصابة أمهات الأطفال نتيجة العدوة من ابنائهن فقد تبين من مطالعة الأوراق أن اصابتهن قد تكشفت بمناسبة ثبوت إصابة ابنائهن فكان من توقيع الكشف عليهن وقد تبين تلقيهن العدوى من أطفالـهن لإصابتهن بذات النوع من السلالة المتعلقة بفيروس المرض .
ولما كان مقطع النزاع فى هذه الإصابة يعود إلى أمرمتعلق بمعرفة التاريخ الذي وقعت فيه إصابة الابن حتى يمكن الوقوف على سبب إصابة الأم , فالأمر ليس متعلقا بمسألة علمية للوقوف على كيفية انتقال المرض وانما يعودالأمر في شأنه إلى التحقق من أن الأم اصيبت بعد طفلـها , وأنها كانت خالية من المرض عند التعرف على إصابة ابنها , وأن يكون ثمة فترة كافية وهو ما يعبر عنه بفترة (النافذة) (يتعين أن تمضى) .
وكان المتهمون يدفعون عن أنفسهم التهمة بما قدموه من بيان يثبت تاربخ تشخيص إصابة الابن وتاريخ الكشف على أمه وجُلـها لا يفصل بينها سوى بضعة ايام لاتكفى لظهور الاجسام المضادة .
ولما كانت أوراق الدعوى خالية مما يقطع على وجه اليقين أن كل أمّ كانت خالية من المرض عند تاريخ تشخيص ابنها حتى يمكن القول أن التأخر في الابلاغ عن إصابة الابن هو السبب المباشر في انتقال المرض , ولما كانت الأمور في القانون الجنائي تؤخذ بالقطع و اليقين في شأن اثبات الجريمة من عدمه , وكان الواقع في الدعوى لا يكشف عن تاريخ حصول انتقال المرض للأمهات وليس ثمة علاقة سببية بين التأخر في الابلاغ عن إصابة الابن على فرض حصول ذلك وبين تلك العدوى , وهو أمر يكفى فيه مجرد الاستقراء القانوني فقط ولا حاجة للوقوع في شرك النقاش العلمي بالخصوص , وحتى أنبتت العلاقة بين فعل المتهمين على فرض صدوره بالصورة التي صورتها النيابة العامة وبين إصابة كل أمّ وفق الاستنتاج سالف البيان , فقد تعين اخلاء ذمتهم من هذه الجريمة لعدم توافر اركانها , وكانت البراءة حقا للمتهمين , لا يجوز انتزاعها منهم إلاّ بقيام دليل يقيني يشهد على ارتكابهم جريمة الاهمال في الإبلاغ التي أورثت إصابة المجني عليهن , ولذا كانت البراءة حقا خالصا لـهم بغير منازع عن هذه الجريمة عملا بأحكام المادة ( 277/1 أ.ج) .
***** وحيث إنه وعن جريمة استغلال السلطة لتحقيق منفعة خاصة المسندة إلى المتهم الثامن , والتى مؤداها : أنه خصص حجرة لعلاج طفلته المصابة بحروق بدلا من نقلـها للمستشفى المخصص لذلك , فقد دفع المتهم التهمة عن نفسه بمقولة : أنه لم يوجد لـها مكانا في تلك المستشفى لايواء ابنته وهى بعد حريقة , كما دفع تهمة استغلال سيارة المستشفى في نقل ابنائه لمدارسهم , وكانت أوراق الدعوى قد خلصت مما يشهد بذلك وليس في مجرد ايواء ابنته المربضة فى مستشفى مخصص لطب وجراحة الأطفال ما يعد استغلالا للوظيفة في ظل عدم امكانيات ايوائها مستشفى آخر , ولم يثبت أن ثمة ممرضة تقوم على خدماتها بمفردها , وكان من المقرر لتوافر أركان هذه الجريمة أن يسعى الموظف العام وبغير سند من القانون على الحصول على منفعة من ممارسة وظيفته سواء كان ذلك لنفسه أو لغيره , وكان المتهم قد سعى إلى مجرد علاج ابنته في احد مستشفيات الدولة وكان العلاج المجاني حقا لكل المواطنين بغير منّة من أحد , وهو بذلك قد استعمل حقه المقرر لـه وفق القوانين في علاج ابنته ولاغضاضة في أن يسكنها المستشفى المخصص لعلاج وجراحة الأطفال والذى يتولى إدارته فهى كانت ستلقى العلاج نفسه في مستشفى آخر ولم يغنم مزية بعلاجها في المستشفى الذي يديره , وهو بذلك لم يحصل على ما يزيد عن حقه المقرر في العلاج المتاح لغيره من المواطنين , وبذلك فقد تخلف أحد شروط التهمة المسندة إليه والذى مؤداه الحصول على منفعة غير مستحقة , وبفقدان شرط تحقيق المصلحة فقد تهاوت الجريمة من أساسها ويتعين لذلك القضاء ببراءته منهاعملا بأحكام المادة (277/1 إجراءات جنائية )
***** وحيث عن التهمة الواردة في البند الخامس من قرار الاحالة والموجهة للمتهمين من الثامن وحتى الخامس عشر والتي تتضمن فقرتين من الاتهام :-
الأولى :- تساؤلـهم عن التسبب في وقوع وباء الجراثيم الضارة بين تسعة عشر أمّاً تلقين العدوى من ابنائهن المصابين عن طريق الرضاعة , وكان الواضح من استقراء نص المادة (305/1 عقوبات) المطالب بتطبيقها على سلوكهم , نجد أنها تعاقب على التسبب في وقوع الوباء عمدا , فالمادة المذكورة تعاقب على جريمة عمدية مؤداها اتجاه إرادة المتهمين الماثلين عن اختيار وإرادة للنتائج المترتبة على افعالـهم وكان الأصل في الجرائم أن تكون عمدية والاستثناء أن تكون غير عمدية , فقد استقرت فى القانون تلك القاعدة التي تقضي بأنه إذا سكت المشرع عن بيان صورة الركن المعنوي في جريمة من الجرائم كان معنى ذلك أنه يتطلب القصد الجنائي فيها , أما إذا قدّر الاكتفاء بالخطأ غير العمدي لزمه أن يفصح عن ذلك وكان الركن المعنوي في الجريمة علاقة تربط ماديات الجريمة وشخصية المتهم وهذه العلاقة هى محل اللوم من القانون وتتمثل فيها سيطرة الجاني على الفعل وآثاره وجوهرها الإراردة الواعية ولذلك كان التمييز بين القصد الجنائي والخطأ غير العمدي , فالإرادة تسيطر سيطرة فعلية شاملة على ماديات الجريمة إذا توافر القصد الجنائي , أما إذا لم يتوافر سوى الخطأ غير العمدي كان نطاق سيطرتها الفعلية مقتصراً على بعض ماديات الجريمة وكانت علاقتها بالبعض الآخر منحصرة في مجرد امكان السيطرة , ولذلك فإن مجال الخطأ غير العمدي يبدأ حيث ينتهي حدود القصد الجنائي , وكانت الإرادة هى وسيلة القانون لتحديد الشخص المسئول عن الفعل المرتكب , وعن النتيجة التي ترتبت عليه وبغيرها لا قيام للجريمة كظاهرة قانونية متكاملة الاركان ولذلك كانت العلاقة بين الإرادة والفعل علاقة سببية .
***** وحيث إنه وبانزال المبادئ سالفة البيان على صورة الاتهام الموجه من النيابة العامة للمتهمين سالفي الذكر , نجد أنه تمثل في التسبب في وقوع وباء بنشر الجراثيم الضارة لـهذا الوباء , ومصطلح " التسبب" غير مستخدم كثيراً من قبل المشرع في الجرائم العمدية في قانون العقوبات , لما قد يثيره من لبس متعلق بكيفية فهم السلوك الاجرامي والوقوف على حقيقته عمداً أو خطأ , وكان الظاهر من خلال سياق النص أنها جريمة عمدية وقد تصور امكان ارتكابها خطأ , ولذلك عاقب على التسبب خطأ في نشر جراثيم الوباء بعقوبة جنحة في (المادة 316 عقوبات) وكانت النيابة العامة قد وقعت في خلط واضح في قيدها التهمة وقد جمعت بين جريمة عمدية وأخرى خطئية فقد أوردت في القيد " أنهم تسببوا في نشر جراثيم الوباء ولم يتخذوا الإجراءات اللازمة لمنع انتشاره بين الأمهات " ثم عادت لتتهمهم بتهمة الإهمال والتقاعس عن اخبارهن بإصابة ابنائهن , الأمر الذي أورث إصابتهن بذات المرض , الأمر الذي يكشف عن أن النيابة العامة كانت مترددة في الوصول إلى المركز القانوني الصحيح من واقع الأوراق في شأن علاقة هؤلاء بتفشى المرض من عدمه .
وكان الواقع في الدعوي يهدي إلى أن ما آتاه المتهمين من سلوك أثناء انفجار المرض هو الإسراع في إجراء التقصى الوبائي بحصر حالات الإصابة بالمرض وكل ما تكشفت حالة كانوا يجتهدون في التعرف على سبق الإصابة بالمرض من عدمه ومن ثم ينصحون بإجراء الكشف على والدي كل طفل مصاب للتأكد من خلوهما من المرض وكذا بقية أفراد العائلة , وكانوا يلتزمون الحظر قبل الإقدام على إبلاغ الوالدين عن إصابة الابن , وليس من مجرد إصابة بعض الأمهات بذات الداء عن طريق العدوى من ابنائهن عن طريق الرضاعة وهو بعد أمر متعلق بالعلم من هذا الجانب لا حاجة لـهذه المحكمة الخوض في تفاصيلـه اكتفاء بإستقراء قانوني يدخل في صميم اختصاصها متمثل في مناقشة عما إذا كان ثمت سلوك بدر من المتهمين ينم عن تجاه إرادتهم على نحو عمدي لإرادة النتيجة المتمثلة في انتقال العدوى لإمهات الأطفال , والحق والحق تقول المحكمة أن المتهمين المعنيين لم يتسببوا في نشر المرض بين الأمهات لا عمداً ولا خطأ , فقد أنجلت أوراق الدعوى عن وقائع تبين كيفية حصول إصابة الامهات بذات الداء , ولم يقم دليلا أو حتى قرينة ولو كانت ضعيفة على اتجاه إرادتهم إلى تصرف عمدي ساهم في نشر هذا الداء بينهن , وكل ما ورد في الأوراق في هذا الخصوص انهم تأنوا أكثر مما يجب في إبلاغهن بإصابة ابنائهن وهذا أقصى ما وصلت إليه النيابة العامة من إتهام في شأن تلك الإصابة بالمرض , وقدالقت الاتهام جزافاً على المتهمين بزعم نقلـه عمداً دون أن تقدم بين يدي هذه المحكمة دليلاً وهى بعد زعيمة بذلك ومتى عجزت النيابة العامة عن النهوض بعبء إثبات الاتهام في هذا الشق من الخصومة وهى بعد مدعية فيها وكانت البراءة حقاً أصيلا من حقوق الإنسان لاتنزع منه بغير دليل مشروع على خلاف ما استقر في الأذهان لذلك حقت لـهم البراء ة في هذا الشأن عملاً بنص المادة (277/1 إجراءات جنائية ) .
***** وحيث عن التهمة الثانية (ب) من البند الخامس , فقد وردت في وثيقة الاتهام المعتمدة من غرفة الاتهام بأنها " إساءة لاستعمال السلطة إضراراً بالمجني عليهن لإقدامهن على إرضاع أطفالـهن المصابين دون تذكيرهن بوجوب الكف عن ذلك الأمر الذي كان المسبب المباشر في إصابتهن بذات الداء " , وهذا الذي ساقته النيابة العامة وعاضدتها فيه غرفة الاتهام لايتفق والفهم الصحيح لنص القانون بالخصوص و ذلك أن المشرع نص في المادة 34 من القانون رقم 2/ 79 بشأن الجرائم الاقتصادية (المعدّل) على معاقبة كل موظف عام يسئ استعمال سلطات وظيفته لنفع الغير والإضرار به , وكانت جريمة إساءة استعمال السلطة وفق النصوص التي تناولتها سواء كانت من قانون الجرائم الإقتصاية أو القانون رقم (25/ 85 أو قانون العقوبات كلـها نصوص تصب قى تجاه واحد مؤداه تجريم المتاجرة بمقدرات الوظيفة العامة وحرمان المواطنيين من المزايا التي يقررها المرفق بالخصوص أو منحها لبعضهم على غير متقتضى من القانون , والشروط المقررة بغية تحقيق منفعة لنفسه أو لغيره أو رغبة منه في الحاق الضرر بالغير عن طريق الحيلولة بينه وبين ما يستحق من مقدرات هذا المرفق , وهى دائماً جريمة عمدية تدور بين الموظف والغير في شأن أستحقاقات تنظمها القوانين من كلا الطرفين في مواجهة الطرف الآخر سواء منحاً أو إمساكاً قصد مضارة المرفق أو الغير أو جلب منفعة لنفسه أو لغيره , وكان المتهمون وهم بعد من الأطباء ولايخرجون عن كونهم موظفين يخضعون في ممارسة وظائفهم لقانون الخدمة المدنية وقانون الصحة العامة وقانون المسؤولية الطبية , وتلك قوانين تنظم على وجه التفصيل التزامات كل طبيب وهى على وجهين الأول : التزام بتحقيق نتيجة والثاني : وهو الغالب التزم ببذل عناية , وفى الالتزام بتحقيق نتيجة لاتبرأ ذمة الطبيب إلا بإقدامه على إتيان السلوك الذي يتطلبه القانون من جهد الطبيب وفى مسألة لاتعود لمطلق تقدير الطبيب في القيام بها , وكانت مسألة إبلاغ المريض أو ذاويه بحالته الصحية يبدأ التزاما ببذل عناية في علاج المريض , ويظل الالتزام كذلك حتى تستقر حالته على وجه اليقين ويثبت بما لايدع مجالاً للشك أن المريض بات مصاباً بداء فقدان المناعة المكتسبة وعندها يتحول التزام الطبيب إلى التزام بتحقيق نتيجة متمثلة في واجب إبلاغ المريض أو ذويه بحقيقة حالته الصحية , كما يقضى بذلك قانون المسؤولية الطبية رقم 17 / 86 .
***** وحيث إنه يتعين تقييم تصّرف المتهمين سابق التفصيل في ضوء وثيقة الاتهام نجد أن المتهمين لم يألوا جهداً في الوقوف على حقيقة مرض الأطفال من عدمه , وقد تأنوا في اتخاذ قرار الإبلاغ حتى استيقنوا من حالة كل طفل , وكان بعدها إبلاغ ذاويه , وترى هذه المحكمة أن ما آتاه المتهمين من سلوك وفق ما سلف بيانه يتفق وتطبيق أحكام القانون , ولم يكن التأني مأخذ في هذا المقام وفى مرض ذى صفة اجتماعية تعد سُبّة , ولا يجوز وصف هذا السلوك على ما يحملـه من حكمة بالإساءة في استعمال حق الإبلاغ فلم يحقق المتهمون مغنماً من وراء الامساك عن الإبلاغ , ولم يتعمدوا إلحاق الضرر بأمهات الأطفال , ويتعين أن تثبت النيابة العامة أن إرادة المتهمين قد اتجهت إلى عقد عزمهم على مضارة هؤلاء الأمهات بالامساك عن إبلاغهن بمرض ابنائهن وأن هذا السلوك سيورث حتماً انتقال العدوى إليهن , وكان هذا السلوك لايقع إلا عمداً مع اتجاه الإرادة إلى تحقيق النتيجة .
ومتى كانت النيابة العامة تنتزع إلى هذا الفهم فقد كان يكفيها الاتهام الوارد فى البند الخامس فقرة ( أ ) وهى جريمة التسبب في نشر الوباء فقد شكل هذا السلوك في فهم النيابة العامة وجهاً آخر للمسئولية ووصف بأنه مكوناً لجريمة إساءة استعمال السلطة , وهذا فهم سقيم لنصوص القانون وقصور واضح في فهم الواقع في الدعوى , وقد اتخذت من واقعة التأني في الإبلاغ سلوكاً مجرّماً تصفه تارة بأنه مكوناً لجناية نشر الوباء العمدي بين الأمهات وتارة أخرى تصفه جنحة إهمال اورثت انتقال العدوى إلى الأمهات , وتارة ثالثة تصفة بأنه مكون لجنحة عمدية هى إساءة استعمال السلطة للإضرار بهن , فقد غمّ عليها الأمر وشقّ عليها التكييف الصحيح للواقعة وكان في مجرد ورود مادة في قانون الجرائم الاقتصادية ما يقدم إشارة إلى أن المشرع كان يحرّم استغلال الوظيفة أواستخدامها وسيلة لتحقيق النفع لذات الموظف أو لغيره أو يجعل منها أداة للتضييق على الغير أو حرمانه من مزايا الوظفية الإدارية والمالية , ولم يرد في ذهنه أن يساق بها المتهمين الماثلين في ممارسة عمل فني يخضع لمطلق سلطتهم التقديرية وفى أمر لم يكن جلياً في تاريخ التصرف الذي وصف بأنه فيه الإساءة المتعمدة للإضرار بهن , وفي مسألة علمية لم يخلص الطب في شأنها إلى رأي جازم وهو أمر يكفي وحده لـهدم الركن المعنوي في هذه الجريمة , ناهيك عن تداعيات الواقعة في تاريخها تشهد أنه لا سلوك عمدي في شأن عدم الإبلاغ , ولم يصدر عنهم بإهمال ذلك لم يكونوا يعلمون في تاريخه بمعاناة الطفل من تقرحات بالفم , كما كانوا يجهلون تقرحات حلمة ثدي الأم , ولايسأل المتهم إلا عما يعلم علم اليقين وذلك لم يكن ثابتاً في أوراق الدعوى , يضاف إلى ذلك ما سبق سرده من أسباب بالخصوص .
***** وحيث عن الجريمة المسندة للمتهمين من الثامن حتى السادس عشر المشار إليها في البند الثالث والعشرين من وثيقة الاتهام , والتي سيق المتهمون بها إلى هذه المحكمة , وفى شطرها الأول المتمثل في إهمال هؤلاء في إبلاغ أولياء الأمور بواقعة إصابة ابنائهم وكان الواقع في الدعوى يهدي إلى أن نباء انفجار المرض شاع في المدينة وأرتج المستشفى لـهول ما وقع وذعر أولياء الأمور من شدة الخوف على ابنائهم عند استدعائهم لإجراء التحاليل , وكان كل منهم خائفاً يترقب , ومن علم بحصول إصابة ابنه كان وجهه مسوداً وهو كظيم من هول ما بشر به , وكان المتهمون وهم بين هؤلاء وأولئك حيارة يدركون هول الفاجعة ويقدرون حالة الأباء وقد أجمعوا أمرهم على أن يتأنوا في الإبلاغ عن ظهور حالات المرض ريثما يتيقنوا من صدق إصابة كل طفل , وشكلوا لجاناً لذلك وأخذوا يتلطفون فى كيفية الإبلاغ عن ظهور كل حالة بلجان أحد أعضائها اخصائية اجتماعية , والأوراق تشهد بتلك الاجتماعات التي عقدت بالخصوص وتحديد اختصاصات اللجان وكانت الأمور في مواجهة الفاجعة تشير في هذا الشق من الاتهام على وجه مُرضٍ , ولم تقف هذه المحكمة على ما من شأنه أن يعد إهمالا في إحاطة أولياء الأمور بما آل إليه مصير ابنائهم وليس فى مجرد حصول الإضطراب في المستشفى وحالة الـهياج التي كان عليها أولياء الأمور أن يدفع بالمتهمين وهم بعد أطباء إلى إلى الاسراع إلى اتخاذ إجراءات لا تتسم بالروية , وقبل أن يتم تشكيل اللجان المختلفة , وما أن فرغوا من اتخاذ هذه الترتيبات حتى كان البلاغ الفوري عند اليقين بحصول المرض وقد لاقوا الأمرين جراء ذلك بسبب عَنت أولياء الأمور وقد ساسوهم باللين والـهدوء حتى أنصاعوا لقضاء اللـه وسلموا تسلميا .
***** وحيث إن هذا الذي أتاه المتهمون من صبر على الأباء وسعة الصدر في التعامل معهم والتريث حتى إن يأتيهم الخبر اليقين لحصول إصابة الطفل ليس فيه ما يعد إهمالا في أداء الواجب أو تعطيلـه بل سلكوا سبيل الحكمة في مواجهة الكارثة وليس مجرد ما ثار من جدل بينهم في شأن كيفية الإبلاغ بين متسرع ومتأنٍ ما ينهض دليلا على توافر أركان جريمة الإهمال لدخول ذلك فى مطلق السلطة التقديرية لإدارة المستشفى فضلا عما فيه من إفتئات على حقوق بقية المتهمين في المشاركة في مواجهة الأمر حتى استقروا في النهاية على الرأي الصائب المتقدم ذكره , وبناءً على ذلك تكون النيابة العامة قد ساقت هذه التهمة بغير أن تقيم الدليل على وقوع الإهمال المزعوم , وقد حق لـهم الفوز بالبراءة عن هذه التهمة عملا بنص المادة (277/1 إجراءات جنائية) .
***** وحيث إنه وعن تهمة الإهمال فى رقابة المتهمين الأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة , وترك المتهم الأول يقيم بالمستشفى دون متابعة من المتهمين من الثامن وحتى الحادي عشر , وحالة كون المتهم الثامن مديراً للمستشفى وكان الثابت من أوراق الدعوى وبغير خلاف أخذا من أقوال المتهمين الأول والثالثة إن عمليات حقن الأطفال بجراثيم المرض كانت تتم في الفترة المسائية وبعد إخراج أمهات الأطفال من الأقسام , ولذلك يتعين إنزال حكم القانون على تصرف المتهمين الأول والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة أثناء هذه الفترة التي يخلو فيها المستشفى من جميع الأطباء عدا المناوبين منهم , كذا من جل الموظفين , ويعيش المستشفى فترة سكون وكانت الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل هى ساعة توزيع الدواء في الغالب على المرضي , وقد انتهز المتهمون المشار إليهم آنفاً الفرصة واتخذوا من ستار الليل ووقت توزيع الدواء وخروج الأمهات المرافقات خارج الأقسام عوناً على ذلك .
وكان المتهم الأول يجوس خلال الأقسام يزعم أنه طبيب ليسهل على ما قد يعترضهن من عقبات , وفى غفلة من بقية الممرضات تأخذ كل من المتهمات في حقن المجني عليهم بجراثيم المرض , ذلك هو الواقع في الدعوى , ويتعين بعد ذلك إجراء نصوص القانون , فيما اختص بالإهمال على هذه الواقعة , وكان المشرع في المادة 237 عقوبات يعاقب على إهمال الموظف لواجبات وظيفته أو يمتنع عن أدائها ودون وجه حق وكان القانون في هذه الجريمة يعاقب على كل إهمال يصدر عن الموظف العام إذا بدر منه سلوك يصح أن يوصف بأنه قعود عن أداء واجبات الوظيفة , ولذلك يشترط لتوافر ارتكاب الجريمة في هذه الحالة أن يكون ثمة عمل في ساعة حصول الواقعة مسند لذلك الموظف وقد تراخى في القيام به , وأن هذا الإمساك عن القيام بوجبات الوظيفة هو الذي كان السبب المباشر في وقوع النتيجة التي أورثها هذا الإهمال , وكانت المادة (63 عقوبات ) تقضي بأن الجريمة تقع عن خطأ في حالة مخالفة القوانيين واللوائح والتعليمات أو ترتكب عن إهمال أو طيش أو رعونة , ويتعين أن يتوافر في الدعوى إحدى هذه الصور من صور الخطأ بعضها أو كلـها ليستقيم القول بتوافر ارتكاب الجريمة.
***** وحيث إن المتهم الثامن وهو بعد مديراً للمستشفى يعمل في الفترة الصباحية كنظام كل المرافق الصحية وأنه يمْثُل فيما عدا ذلك من الأوقات بواسطة مساعديه من الأطباء والموظفين المختصين وفقاً لنظام المناوبة المعروف , وكانت الأفعال التي أسندت للمتهمين بحق الأطفال تشكل جريمة عمدية ارتكبت في غفلة من جميع العاملين بالمستشفى في تلك الأوقات , ويصعب اكتشافها , ولا يتصور أن يلاحق الموظفون المناوبون المتهمات عند حقنهن الدواء عند كل طفل , كما أنه ليس من طبيعة عمل المتهم الثامن ( مدير المستشفى) الاشراف على المتهمين الماثلين عن قرب خاصة بعد فترة انتهاء الدوام المقررة لأعمال وظيفته , فثمة موظفين آخرين يقومون بذلك , وحسْبُ المتهم الثامن أن يقوم بتوزيع الأعمال على مرؤسيه وهم وشأنهم في كيفية أداء أعمالـهم , وعليهم واجب الرقابة على تابيعيهم وكل تفريط أو تقصير أو إهمال في أداء هذه الوظيفة يحملون هم أنفسهم أوزار ذلك وكل ذلك وفق القواعد العامة في التجريم فالمسؤولية شخصية لا يسأل عنها الشخص إلا بوصفه فاعلا أو شريكاً فيها , وفق القواعد المقررة في أحكام المساهمة في الجريمة , أما المسؤولية عن الغير فهى استثناء من القواعد العامة لا يصار إليها إلا بنص صريح من القانون .
وكان الواقع في الدعوى ينطبق وبجلاء بأن المتهم الثامن وفى هذا الشق من الاتهام لم يكن يتولى الإشراف المباشر على المتهمين في هذا الوقت الذي وقعت فيه أفعال المتهمين والتي تتابعت على مدى ثماينة أشهر تقريباً , وأن ثمة من يتولى الإشراف المباشر عليهم والمسؤولية الجنائية في هذا المقام قاصرة غير متعدية , ومسئولية المتهم الثامن واجبة الإثبات وليست مفترضة ولايسأل عن أفعال الغير العمدية وليس فى مجرد ارتكاب جريمة عمدية في مقر العمل ما يقيم الصلة المباشرة بينها بين من يتولى إدارته و ولا يعد ارتكاب الجريمة العمدية في حد ذاته قرينة على إهمال الرئيس في إدارة أمور المرفق , فالأمور في القانون الجنائي تختلف تماماً عن أحكام المسئولية في لاقانون المدني فهي تضييق في القانون الجنائي إلى أبعد الحدود إعمالا لقاعدة أنه لاجريمة بغير نص , ويمتنع القياس ويضيق التفسير , ولذلك لم تثبت الأوراق أنه كان مخالفاً للقانون أو اللوائح أو التعليمات الإدرية ولم يكن مهملا في أداء وظيفته أو مقصراً في جانبها أو راعناً في تنفيذها , تلك هى صور الخطأغير العمدي المقرر في القانون , لم تتحقق أي منها في حق المتهم , فمن يرتكب جريمة عمدية عليه وزرها , وبناء ً عليه يكون الاتهام قد ألقى على عواهنه بغير سند فى القانون ويكون المتهم منه براء , الأمر الذي يستوجب القضاء ببراءته منه عملا بأحكام المادة ( 277 / 1 إجراءات).
***** وحيث إنه وعن واقعة تواجد المتهم بالمستشفى باستمرار فهو بعد طالب يدرس الطب في مراحلـه النهائية , وقد اتخذ من هذا الوضع العلمي وسيلة للتواجد بالمستشفى وهى بعد حجة علمية مقررة من قانون كلية الطب مؤداها : تمكين الطلبة من قضاء فترة التدريب بالمستشفى ( كتاب كلية الطب الصادر في : 29/12/99) وأن أراد بها المتهم باطلا فذلك من الأمور الخفية التي يُسِرّها المتهم في نفسه لا سلطان لجهة المستشفى أن تقف على حقيقة تواجده في المستشفى , فالظاهر يشهد لـه بأنه طالب حريص على تعلم فن الطب , حسب جهة الإدارة في المستشفى أن تقف عند هذا الفهم , أما إذا كان المتهم الأول يُضْمِر في نفسه شراً مستطيراً وأتخذ من طلب العلم ساتراً لنواياه السيئة , الأمر الذي ساعده في الأتفاق على إرتكاب جريمته مع غيره من المتهمات فذلك ما لا سبيل للمتهمين من الثامن وحتى الحادي عشر لمعفرته , فاللـه وحده يعلم خائنت الأعين وما تخفى الصدور , فحتى استبدل المتهم الأول قصده إلى ما هو أدنى بما هو خير وسلك سبيل الجريمة بدلا من المضى في طلب العلم فهو وشأنه ولا وجه فى صحيح القانون أن يوصف تواجده على هذا النحو أنه مكوّن لجريمة الإهمال في أداء الإدارة , ولا تقصيراً في رقابته , فوجود المتهم الأول مشروعاً في أساسه صار ظرفاً مكن المتهم من تحقيق مأربه الأخرى فلا ضير على المتهمين موضوع هذا الشق من الاتهام لانقطاع صلتهم بما عقد المتهمين المعنيين من العزم على ارتكاب الجريمة العمدية التي وقعت في غير تواجد رؤساء الأقسام من الأوقات , الذين يقتصر تواجدهم على الفترة الصباحية فقط والتي يحضر فيها المتهم الأول مجرد طالب علم مستمع يتلقف العلم من لدن أساتذته وتنقطع صلتهم به بعد ذلك إلى يوم عمل جديد , ولا يتصور أن يسألون عما يفعل والمساهمات معه تحت جنح الظلام بمقولة أنهم في رقابتهم وهم حِل منها بعد الفترة الصباحية و ذلك ان الفقه والقضاء الجنائي يختلف كثيراً في شأن فهم سلطة الرقابة والتوجيه عن أحكام القانون المدني بالخصوص , ذلك أن المسؤولية في القانون الجنائي تقع مسئولية شخصية , سواء في الجرائم العمدية أو في الجرائم الخطئية , لايسأل عنها الشخص إلا إذا أتجهت إرادته عمداً إلى السلوك والنتيجة في الجرائم العمدية وإلى السلوك دون النتيجة في الجرائم الخطئية , وكان الواقع فى الدعوى يشهد بأن المتهمين لم يغضوا الطرف عمداً عن تواجد المتهم الأول , ولم يمسكوا عن إتيان سلوك توجيه القوانيين واللوائح ولم يصدروا عن سلوك مفعم بالإهمال , فقد كان المتهم الأول والثالثة إلى السادسة تحت رقابة وإشراف جهة الإدارة وفق أحكام القانون المدني فيما اختص بمجال المسؤولية عن العمل غير المشروع , إلا أنهم ليسوا كذلك من الناحية الجنائية , فعدم العلم بارتكاب الجريمة لا ينهض من وجه آخر سلوكاً مشوباً بالإهمال , فهو لذلك كان إتهاماً عارياً تماماً عن الدليل لايلبث أن ينحط من علٍ لفعل ما تقدّم من أسباب , دفعته بقوة نحو جرف هارٍ فأنهار تحت أقدام المتهمين , وقد تخلصوا بذلك من مأونة حملـه , وكان الواجب أن يستبدل ببراءة ناصعة كانت حقاً لـهم يتعين أن يجابوا لطلبها عن جدارة وذلك عملا بأحكام المادة ( 277 /1 إجراءات جنائية ).
****** وحيث عن التهمة المسندة للمتهم السادس عشر والمتمثلة في التقصير فى اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تدرأ المرض عن الانتشار , وكان الواقع في الدعوى يهدي أن المتهم كان يقوم على رأس مرفق الصحة والضمان الاجتماعي في شعبية بنغازي , وما إن علم بانفجار المرض حتى خاطب الجهات المسؤلة في الشعبية وفى الصحة والضمان الاجتماعي في جهاتها العليا , وقد م ما يملك من أمكانيات في حدود اختصاصه , وكانت الإمكانيات في جلـها مادية أنهالت على المستشفى من الدولة بغير حساب , كما كان الدعم في الجانب الطبي من شتى الخبرات , فالأمر ليس حكراً على المتهم فقط , بل أسرعت جهات الصحة والمال في البلاد لمواجهة الكارثة فكان الاستقصاء والتشخيص والاستنجاد بالخبراء ومن ثم الإيفاد للعلاج في بضعة شهور , وهى أمور قد شارك فيها المتهم بما يملك من سلطان إداري ومالي ولم يُترك فيما ها هنا ليواجه الكارثة بمفرده للقول بوقوع تقصير منه فى مواجهتها فكان بإدراته مجرد إحدى حلقاتها وأراق الدعوى تكشف عن المجهودات التي بذلـها في نطاق اختصاصه الإداري , ولم تنطوي أوراق الدعوى ولا واقعاتها فيما اختص بهذا الشق من الاتهام على إهمال أو تقصير أو مخالفة القانون أواللوائح , ولم يصدر في مواجهة الكارثة عن طيش أو رعونه أو عدم احتراز في التعامل مع الوضع , وتخلص المحكمة من ذلك كلـه إلى اليقين بعدم توافر أركان جريمة الإهمال للمتهم السادس عشر لتخلف أركانها , و كان الزج به في أتون إتهام كهذا وقع من سلطة الاتهام بغير تبصر ولم يكن بين يديها ما يمكن أن تُحِكم به الحناق عليه , فكان الصواب أن يخرج من ضيق الاتهام إلى متسع الحرية والبراءة من الاتهام المنسوب لـه عملا بالمادة ( 277 /1 إجراءات ) .
***** وحيث عن التهمة المسندة للمتهم السادس عشر الواردة بالبند الرابع عشر من وثيقة الاتهام والتي مؤداها : أنه أساء استعمال سلطات وظيفته لنفع المتهم السابع إضراراً بقطاع الصحة وذلك لتعيينه لـه طبيباً بهذا القطاع وكان المتهم قد دفع التهمة بمقولة : إنه يقوم على شئوون قطاع الصحة ويعلم حاجتها للأطباء وقد أذنت جهة الصحة في البلاد بموجب كتابها الصادر في : 11/9/99 بالتعاقد مع الأطباء والفنيين الذين يدخلون البلاد لزيارة زوجاتهم نظراً للنقص في هذه العناصر ( حافظة جلسة : 13/10/2003 ) وكان المتهم وقد لا حظ حاجة مرفق الصحة إلى مثل خدمات المتهم السابع فتعاقد معه محلياً فلا ضير عليه فى ذلك , ولا يصوغ أن يصوف هذا التصرف الذي يخضع لمطلق السلطة التقديرية للمتهم وهو الذي يعلم جيداً حاجة المرفق الذي يديره للأطباء وليس من شأن كونه زوجاً للمتهمة الثانية أن يسوئ من مركزه ويخلع على تصرفه هذا رداءً من عدم المشروعية يلقى به في أتون تهمة إساءة السلطة بغير مبرر في الواقع أو القانون , وبناء على ذلك تكون التمهة فاقدة لأركانها جديراً لمن نسبت إليه أن يحظى بالبراءة عنها كنص المادة (277 / 1 إجراءات جنائية ) .
***** وحيث إنه وعن التهمة الواردة بفقرة ( ب) من ذات القيد والمتمثلة أنه أساء استعمال سلطات وظيفته لنفع المتهمة الثانية بغير سند من القانون لتشغيلـها في مكتبه وتقاضيها مرتباً من الخزانة العامة ـ وكان الواقع في الدعوى وأخذاً من الرسالة المرفقة بحافظة مستندات المتهم ( بجلسة : 12/10/2003 رقم : 27 ) والتي تقضي بأن المتهمة الثانية لم تتقاضى أية مرتبات من الخزانة العامة وأنها تقاضت مرتب ثلاثة أشهر من ريع المقهى الذي يخدم الموظفين التابعين لمكتب المتهم وكانت صايغة وثيقة صياغة الاتهام توحى أنها تعمل في مكتبه الذي يملكه ملكية خاصة في حين أن الواقع في الدعوى يشهد بأنه المخصص لـه من جهة عملـه وليس من مخالفة القانون أن يكون ثمة مقهى يقوم على خدمة المتهم وموظفيه , ويكون للإتهام على هذا النحو قد سيق جزافاً بغير أن تكون ثمة جريمة يمكن اسنادها للمتهم الأمر الذي يستوجب اخلاء ساحته منها وجعلت لـه البراءة حقاً عملا بالمادة ( 277 / 1 إجراءات جنائية ).
***** وحيث إنه وعن مطالبة النيابة العامة في مذكراتها المقدمة بجلسة : 3/9/2003 ـ بإنزال العقوبة بالمتهم السادس عشر عن تهمة (جلب المتهمات من الثالثة وحتى السادسة و بغير الطريق المقرر قانوناً ) وبوصف أنه أساء استعمال سلطات وظيفته في هذا الشأن أو حالة كون بعضهن غير مؤهلات لـهذه المهنة , فضلا عن مخالفات قرارات الجلب التي تنظم استجلاب أصحاب المهن الطبية وأن ثمة علاقة مشبوهة بينه وبين المتهمة الثانية .. ,,
وكان المقرر وفقاً ( لنص المادة 304 إجراءات جنائية ) أنه إذا : كان البطلان راجعاً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم فيها أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها , أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى المحكمة تقضى به من تلقاء نفسها , وكانت المادتان ( 346 , 347 ) إجراءات جنائية تنظمان اختصاص محكمة الجنايات فيما اختص بالفصل في الجنح ومحاكمة الأحداث وقد خرج المشرع من قواعد الاختصاص فيما اختص بالجنح التي تحال إليها بوصف الجناية وتتبين المحكمة أنها جنحة أو تحال إليها بوصف أنها مرتبطة ارتباطاً لايقبل التجزئة أو ارتباطاً بسيطاً , ويكون اختصاصها بنظر الجنحة جوازياً , كما خرج المشرع عن قواعد االاختصاص الشخصي بالنسبة للأحداث في حالة ارتكابهم جريمة تعد جناية مع بالغ بشرط أن تجاوز سن الحدث أربعة عشر سنة (المادة 317 إجراءات جنائية) ( نقض مصري : 10/7/53) .
ومتى كانت قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام لتعلقه بتحقيق العدالة الجنائية وقد استثنى المشرع من هذه القاعدة في حالة امتداد الاختصاص في الحالات الأتية : ـ
1) الجرائم المرتبطة التي تدخل في اختصاص محاكم مختلفة النوع .
2) المسائل العارضة التي يتوفق عليها الفصل في الدعوى الجنائية.
ج) اختصاص محكمة الجنايات بالفصل في الجنح ومحاكمة الأحداث .
فإذا تناول التحقيق الذي تجريه سلطات التحقيق وقائع مختلفة تكوّن كل منها جريمة مستقلة متكاملة الأركان وجب إحالة كل جريمة إلى المحكمة المختصة مكانياً أو نوعياً أو شخصياً , إلا أن هذه القاعدة قد يردعليها استثناء بالنسبة المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة فإنها تحال إلى المحكمة الأعلى درجة (المادة 56 إجراءات جناية ) .
كما قد تخرج المحكمة عن اختصاصها المكاني تنفيذا لأحكام الارتباط وكان الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بوصفه استثناء عن القواعد العامة متروك القول الفصل في شأنه للمحكمة الموضوع , إلا إذا كان ما ساقته في مدونات الحكم لا يتفق قانوناً مع ما انتهت إليه ( نقض : 27/11/67 ) ويتعين فضلا عن أنه ثمة استثناء آخر فيما اختص بحالات الارتباط البسيط والتي تبرر نظر الجرائم الناشئة عن أفعال المتهم أمام محكمة واحدة تحقيقاً لوحدة الدعوى وارتباط الوقائع وسعياً لتحقيق العدالة ومراعاة لعدم تقطيع أوصال الدعوى ومنعاً من تناقض الأحكام .
وكان الواقع في الدعوى يهدى إلى أن النيابة العامة اتهمت المتهمين من الثامن وحتى السادس عشر بأنهم ارتكبوا الجرائم المسندة إليهم في وثيقة الاتهام فى فالبند الخامس ( أ ـ ب ) وفى البند الثاني عشر والثالث عشر في فقراته (أ ـ ب ـ ج) وفى البند الرابع عشر بالنسبة لمتهم السادس عشر , وبوصف الثامن وحتى الخامس عشر تسببوا في نشر الوباء , وهى بعد جناية عمدية بنص المادة ( 305 عقوبات ) كما أساءوا استعمال سلطات وظيفتهم إضراراً بالغير لحجبهم نتائج التحاليل , كما أساءوا استعمال هذه السلطة لعدم إبلاغ أولياء أمور الأطفال وأساءوا استعمال السلطة نتيجة الإهمال في رقابة المتهمين من (الأول والثالثة وحتى السادسة ) اثناء عملـهم بالمستشفى , كما أساؤها نتيجة تقصير السادس عشر في مواجهة الكارثة , كما أن الثامن أساء استعمال سلطته لتحقيق منفعة لنفسه نتيجة علاج ابنته بالمستشفى , وأن المتهم السادس عشر فرط في واجبات وظيفته لنفع الغير نتيجة تشغيلـه السابع بجهة الصحة واستخدام الثانية في مقهى مخصص لإدارته.
***** وحيث إنه ولما كانت أوراق الدعوى توضح وبجلاء عن أن المتهمين المشار إليهم سلفاً وهم بعد يعملون بقطاع الصحة وقد جمع بينهم خطب واحد وهو تلك الكارثة التى ألمت بالمستشفى التابع لجهة الصحة في مدينة بنغازي بإدارة الثامن وقد اتهموا من الثامن وحتى الخامس عشر بجناية التسبب في نشر جراثيم المرض فضلا عن الجنح الأخرى المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالنسبة للمتهمين من الثامن وحتى الخامس عشر عملا بأحكام المادة (76 / 2 عقوبات) إلا أنه بالنسبة للمتهم السادس عشر يعدّ ارتباطاً بسيطاً , وترى هذه المحكمة أنه ولاعتبارات سالفة البيان والتي ساقتها المحكمة في شأن تبرير الفصل فيها جميعاً تجنباً لتناقض الأحكام فالمصلحة تقضى أن يُصار إلى الفصل فيها أمام محكمة واحدة ولارتباط وقائعها إرتباطاً وثيقاً ولذلك فقد استصوبت هذه المحكمة الفصل في جميع هذه التهم بالنظر إلى طبيعة الجريمة والحرص على عدم تقطيع أوصال الدعوى بين محاكم عدة وتشعب وقائعها والتي تدور حول سلوك واحد من الجميع في الجناية عماد الاتهام وحتى اتصل جميع المتهمين بهذه التهمة صح جلبهم أمام هذه المحكمة وأن ضعفت بعض إنماط السلوك الأجرامي و إلا أن من شأن الاعتبارات سالفة البيان مايقويها ليقف أصحابها أمام هذه المحكمة لعلاقة الارتباط البسيط .
***** وحيث إنه وبعد أن قدّرت المحكمة صحة اختصاصها بنظر هذه الجرئم جنايات وجنح , فقد تعيّن التوجه على مرافعة النيابة العامة بالخصوص , وفيما اختص بالجريمة التي ورد الحديث بشأنها في مذكرة النيابة العامة وهى جريمة إساءة استعمال السلطة فيما اختص بجلب المتهمات وغيرهن من الممرضات وعلى غير الشروط المقررة , وكان من المقرر أن المشرع اقتنع في جميع النظم القانونية المختلفة باهمية حياد القاضي بالنسبة لتحقيق العدالة ولذلك مضى على مبدأ عدم ولاية القاضي بصفة عامة في المنازعات المدنية والجنائية قضى بعدم ولايته من تلقاء نفسه وكان مضمون هذا المبدأ أن يقف القاضي موقفاً سلبياً من النزاع وكانت النتيجة الأولى لحياد القاضي هى قاعدة أخرى مؤداها عدم ولاية القاضى من تلقاء نفسه وكانت فكرة الحياد هى التي تكمن وراء قاعدة التقيد بالاتهام وينبثق عن هذه القاعدة قاعدة التقيد بالتجريم والعقاب وهو ما يعبر عنه بمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص) وكان مضمون القاعدة التزام المحكمة بالتهمة كما دخلت في حوزتها وبنصها من التغيير أو التبديل فيها , والغاية من القاعدتين واحدة هى توفير أكبر ضمانة للمتهم لما تحققانه من صيانة لحقوق الدفاع وكانت الفلسفة من وراء مبدأ حياد القاضي في النزاع هو مبرر قاعدة التقيد بالاتهام , وكان القصد من وراء ذلك تحديد قاعدة التقيد بالاتهام وتحديد مؤداها , ويتفرع عن القاعدة سالفة البيان أمر يتعلق بوجود هذا الاتهام الذي يتقيد به القاضي , ولذلك يفترض أن يكون هذا الاتهام محدد ومعيّن حتى يمكن الحكم على المحكمة عما إذا كانت قد التزمت حدود هذا الاتهام أو خرجت عنه , وكان المقصود بالاتهام ذلك العمل القانوني الذي تتحدد به التهمة وهو ما يسمى " وثيقة الاتهام " التي ترسم حدود هذا الاتهام الذي تتقيد به المحكمة , وكانت وثيقة الاتهام التي تعنيها هذه المحكمة هى ( قرار الاتهام الصادر عن رئيس النيابة العامة ) والذي يتضمن عدة بيانات هى الخاصة : ببيان شخصية المتهم ومواد الإحالة وتعيين الأفعال المسندة للمتهم وبيان المحكمة المختصة وقد نصت المادة (206 إجراءات جنائية) والتي يحال بموجبها على غرفة الاتهام كطلب إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته وفق مواد الاتهام المبينة في الوثيقة , بيد أن ولاية المحكمة تنعقد بموجب أمر الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام والذي يؤدي إلى دخول الدعوى في ولاية المحكمة تمهيداً للفصل فيها بحكم نهائي الفصل فيها بحكم نهائي , كانت من آثار حالة الارتباط البسيط وفق التفصيل سالف البيان أن التهم المسندة للمتهمين من الثامن وحتى السادس عشر لاتدخل في حوزة هذه المحكمة إلا بموجب أمر الإحالة الصادر عن غرفة الاتهام , وينبني على ذلك أنه لا يجوز توجيه الاتهام للمتهم بالجلسة بالقياس على نص المادة (205 إجراءات جنائية) فيما اختص بتوجيه الاتهام في الجنح والمخالفات من قبل النيابة العامة أمام محكمة الجنح والمخالفات استثناء من قاعدة وجوب إعداد وثيقة الاتهام وإعلانها للمتهم وهو ما يعبر عنه بإقامة دعوى جديدة وثيقة الاتهام فيها رضى المتهم وكانت وثيقة الاتهام هذه ( أمر الإحالة ) يجب أن تتضمن بياناً واضحاً للأفعال المنسوبة للمتهم وذلك إعمالا لقاعدة تقيد المحكمة بالاتهام وتقيدالمحكمة بالأفعال هو المبرر الوحيد لاشتراط المشرع أحتواء قرار الإحالة على بيان هذه الأفعال إذ لا يتصور تقيد هذه المحكمة بالأفعال المنسوبة للمتهم إذا لم تكن هذه الأفعال تضمنها قرار الإحالة فضلا عن بيان الظروف المشددة , ويتفرع عن ذلك أن المقصود بالأفعال كمناط لتقييد الاتهام هو تقيد بذات الفعل وعناصره المادية والمعنوية , وبناء على ذلك لا يستطيع القاضي أن ينتقل من الفعل الذي دخل في حوزته ضمن قرار الإحالة إلى آخر مماثل لـه تماماً من حيث طبيعته , وكان الواقع في الدعوى ينطق بأن ما أتاه المتهم السادس عشر من أفعال تمثلت في استجلاب المتهمات من الثالثة وحتى السادسة وغيرهن بغير أن يلتزم الشروط المقررة في القانون , فقد ضربت النيابة العامة صفحاً عن هذا الاتهام ولم تورده في أمر الإحالة الذي قدمته لغرفة الاتهام , وكانت الغرفة قد رأت هى أيضاً اعتماد قرار الإحالة كما هو دون أن تجرى تعديلا عليه في هذا الشأن بإضافة هذه التهمة , فلا يسوغ بعد ذلك أخذاً من تقيد هذه المحكمة بالأفعال ذاتها لا بطبيعتها , فالتهمة كغيرها من التهم المشار إليها سلفاً توصف في القانون بأنها إساءة لاستعمال السلطة بيد أن سلوك المتهم السادس عشر والذي يمثل كل فعل من أفعالـه جريمة معينة لوقوعه في تاريخ معين وفى مناسبة معينه وكان كل فعل فيه إفتئات على الوظيفة العامة وتسخيرها لجلب منفعة للموظف أو لغيره وفيه معنى إساءة استعمالـها , وبتعدد الجرائم يتعدد أوجه هذا السلوك , فلا سبيل لـهذه المحكمة على كل سلوك بدر من هذا المتهم وإن كان يشكل جريمة طويت عليها أوراق الدعوى ما لم يرد ذكره في قرار الإحالة وتضحى المطالبة بمعاقبة هذا المتهم عن هذا السلوك في غير محلـها الأمر الذي يتعين معه القضاء ببراءته عنها إعمالا للمادة (277 / 1 إجراءات جنائية ).
***** وحيث إنه وعن تقدير العقوبة عن الجريمة الأولى المسندة إلى المتهمين من الأول وإلى السادسة فقد راعت المحكمة في تقديرها إعمال أحكام المادتين (27 , 28 عقوبات) فالمتهمين الستة الأول قد اقترفوا عمداً وعن إدراك وإرادة لأفعالـهم نشر جراثيم هذا الداء العضال والذي لا تعرفه البلاد , وبين فئة ضعيفة هى أولى بالرأفة والرحمة والرعاية بغير ذنب جنته , وكانوا بين أيديهم لقمة صائغة وفريسة مهيضة الجناح فانقضوا عليها دون رحمة ينشبون أظفارهم في أجسادهم لمجرد مغنم تافه , وقد نجم عن ذلك انتشار هذا المرض بين فئة غير قليلة من أبناء المجتمع , لحقد أسود في نفوسهم المريضة ولم يأبهوا بما سيؤول إليه أمر هؤلاء , فضلا عن المجتمع الذي سيعاني من ويلات هذه الكارثة التي لم يسبق أن عرض التاريخ لـها مثيلا , فقد تحول هؤلاء على مجرد أفاعي سامة ناعة المامس تنفث السمّ الزعاف في أجساد غضّة ضعيفة جاءت تلتمس الخلاص من المرض فعادت تحمل الموت يجري في عروقها , فمنهم من قضى وآخرون ينتظرون , لا لشئ إلا لأنهم ينتمون إلى هذا البلد الطيب وهم رجال المستقبل فيه , فكان أن طعنوه في أعز ما يملك , فلم يراعوا طفلا صغيراً عاجزاً مريضاً ولم يرحموا أمّاً تقدم وليدها بين يدهم ليسقوه سُمّاً وهى غافلة تعتقد أن فيه الشفاء , وليس أقسى على الإنسان من أن يقتل فلذة كبده بين يديه ممن عاش على تراب هذا الوطن وترعرع بين ربوعه ونهل العلم في مدارسه وفتحت لـه أبواب كلياتها فكان قاب قوسين أن يتخرج طبيباً يخلص الناس من آلامهم , إلا أنه ارتدّ على أعقابه وسلك سُبل الظلال و فأستحوذ عليه الشيطان وساقه والمتهمات الأخريات اللائي جئن لطلب الرزق وهيأت لـهم الدولة سبيل العيش الكريم الذي عزّ عليهن في بلادهن , إلا أنهم جميعاً لم يراعوا لـهذا المجتمع وداً ولا مكرمة وقلبوا لـه ظهر المجن فخلعوا على أنفسهم الرداء الأبيض الطاهر النقي واستبدلوه بعمل أكثر شيطانية يأنف عنه حتى الشيطان نفسه على ما فيه من جحود وكبيرياء وخسّة , فقد فاقوه في سلوك سُبل الشر وأنى لـه أن يلحق بأمثال هؤلاء الذين سعوا إلى إهلاك البشر دون خشية من قانون أو رادع من أخلاق أو تأنيب من ضمير , فقد فاقوا بأفعالـهم هذه كل تصوّر وانحطوا إلى أسفل دركات الانحطاط , قد أرهقوا المجتمع في الجهد والمال مالا يخفى على أحد علـها تحدّ من المرض وتخفف عن المصابين , فكان هذا الوطن المعطاء الوفي القوي الذي يطاول مثيلاته من الأمم التي تعد نفسها متقدمة , ضحية لجريمة نكراء تمثل إبادة جيل غير قليل , و رغم ذلك أسرّها في نفسه ولم يبدها لـهم وكظم الغيظ رغم ما لاقاة من عنت واستكبار , وكانت شيم الكرام هى الغالبة على هذا المجتمع فحقق لـهم محاكمة علانية عادلة وقعت جلساتها جميعاً بين يدي دول الاتحاد الأوربي , وكانت تنقل إذاعياً مباشرة إلى بلاد المتهمين الأجانب وتمتعوا بكامل حقوقهم في الدفاع غير منقوصة , إلا أنه لابد للقانون أن يسود في النهاية ولابد لكل جريمة من عقاب , ألم يأن للذين ظلموا أن تخشع عقولـهم لذكر الحق وما نزل من حكم القانون , ألم يأن للذين استكبروا أن يعلموا أن محكمة جنح باريس قضت في : 23/10/1992 بحبس المتهم الأول أربع سنوات وغرامة خمسمائة ألف فرنك عن جنحة غش الدم الملوث وهذا هو الحد الأقصى للعقوبة ولو كان ثمة عقوبة أشد لصار إلى تطبيقها طبقاً للقانون الصادر في : 1/9/1905 ـ وفى تاريخ : 22/6/1992 قضت محكمة النقض الفرنسية برفض الطعن , وما يزال الفقه الفرنسي وبشدة يرفض هذا القضاء .
ويرى في هذه الواقعة أن تدخل في تطبيق أحكام المادة (301 عقوبات فرنسي ) والتي تقابلـها المادة ( 371 عقوبات ليبي) والتي تنص على عقوبة الإعدام , بيد أنه لا يوجد مثيل لنص المادة ( 305 عقوبات ليبي) في القانونين المصري والفرنسي , فكانت الجريمة أفدح في بلادنا وكانت عقوبتها مقدرة بالنص الذي جعلـها من الجرائم ذات النتائج المغلّظة , ولو كانت هذه العقوبة منصوص في القانون الفرنسي لعمد القضاء الفرنسي إلى تطبيقها على مثل واقعة الدعوى , مع اختلاف في الظرف والملابسات التي صاحبت كل واقعة , ألم يأن للذين يأسون على أشرار استبدلوا الحياة بالموت والعافية بالمرض أن ينصاعوا لما صدر عن حكم للقضاء ويسلموا تسليماً .
وكانت العقوبة بقدر الجرم وكانت المحكمة لم تقف على موجب يحرك رأفة في يقينها أو سبيلاً يمكن ولوجه لطلب الرحمة أوتخفيف عقوبة , فقد قرر القانون عقوبة لا وجه في صحيح أحكام المادة (29 عقوبات ) لاسبتدالـها , ولا يكون الاسبتدال في مثلـها إلا بتحقيق وتحقق ظروف الرأفة فيها , وكانت ظروف الدعوى وسلوك المتهمين فيها لايسعف في التماس أسباب الرأفة لـهم , وأنى لمن تسبب في وفاة ثلاثة وأربعين طفلا وطفلة وإصابة من زاد عن ذلك إلى أربعمائة وستة فضلا عن ثماني عشرة من أمهاتهم , أن يطمح بعد ذلك أن ينال رأفة لما جنت يداه , فكانت لذلك كلـه عقوبة الإعدام جزاءاً وفاقاً لما قدمت أيدهم .
***** وحيث إنه وعن العقوبات التبعية فهى الحرمان من الحقوق المدنية للمحكوم عليهم بعقوبة السجن عن جرائم النقد الأجنبي بحرمانهم مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها .
وفيما اختص بالمتهمين من الأول إلى السادسة وعن التهمة الأولى فقد رأت المحكمة نشر الحكم الصادر عن التهمة الأولى وذلك بإلصاق خلاصته في مقر محكمة أستئناف بنغازي ومستشفى الأطفال , وكذا نشره بصحف أخبار المدينة والزحف الأخضر وإذاعة منطوقه بالإذاعتين المرئية والمسموعة لمرة واحدة .
***** وحيث إنه وعن المصاريف الجنائية تعين إلزام المحكوم عليهم بها إعمالا لحكم المادة (287 إجراءات جنائية ) .
ثانياً : الدعوى المدنية :
***** وحيث إنه وبعد أن فرغت المحكمة من التصدي للدعوى الجنائية وقالت قول الفصل في شأن ثبوتها ضد من أدينوا من المتهمين وإخلاء ساحة ما عداهم من المسؤولية عن التهم المسندة إليهم , وكان القضاء حجة فيما انتهى إليه من وقوع للجريمة واسنادها لفاعليها واتصال الأفعال المجرمة بالنتيجة التي أعقبتها اتصال العلة بالمعلول , وقد أفضت تلك الأفعال إلى مضارة المجني عليهم وذويهم على النحو الذي سيرد تباعاً عند مناقشة الدعوى المدنية , ومتى وقع اليقين في الدعوى على وجه لا منازعة في قيامه وكان من المقرر أن كل فعل جنائي عمدي هو بالضرورة خطأ مدني قولا واحدا وقد توافرت أركان الجريمة الأولى المسندة للمتهمين من الأول وحتى السادسة وهم بعد عدا الأول موظفين عموميين في مرفق الصحة بشعبية بنغازي وكان الأول بعد طالباً تحت رقابة جهة الصحة في تاريخ ارتكاب الجريمة الأمر الذي يورث مسئولية التابع عن أفعال تابعيه , وحسب هذه المحكمة أن ناقشت وباستفاضة أدلة إثبات الجريمة فلا ضرورة بعد ذلك أن تعيد ترديد تلك الأسباب بمناسبة الحديث عن الشق المدني منها ويكفيها مجرد الإحالة بالخصوص .
***** وحيث إن المحكمة ولمجرد التذكير تمر سريعاً على طلبات المدعيين بالحق المدني , سواء من تداعوا بوصفهم أولياء شرعيين عن أولادهم المجني عليهم وأولئك الذين تداعوا عن أنفسهم وبصفاتهم أولياء شرعيين وتقول المحكمة أن هؤلاء وأولئك قد جمعهم خطب واحد وقد نكبوا في فلذات أكبادهم الذين أصيبوا على وجه الدوام بداء عضال لاحيلة لديهم للشفاء منه وسيظل لصيقاً بهم حتى أن يفارقوا أحبائهم , وكان المدعون وبغير خلاف أسسوا دعاواهم عن أفعال المتبوع عملا باحكان المادة ( 177 مدني) , وقالوا : ـ بأنهم لولا إمكانيات الوظيفة العامة التي سخرتها قوانين الصحة العامة لـهولاء ومكنتهم بوصفهم من الثانية وحتى السادسة ممرضات بذات القطاع وبالاتفاق بينهم جميعاً.
أستغلوا سلطات تلك الوظيفة فى الوصول الميسر إلى المجني عليهم وهم بعد القوامون على خدمتهم , وقد دسوا لـهم السُم في أجسادهم الغضة وتحت ستار مناولتهم العلاج فكانت النتائح الكارثية , ولولا سلطان الوظيفة لما استطاعوا الوصول إليهم في يسر وسهولة وعلى نحو مكنهم من الحاق اضرر المتعمد بهم .
وأضافوا بأن تلك المضار التي لحقت بابنائهم خلفت لدى والديهم أضرارا معنويا أخرى أفدح وأمضى على نفوسهم لتنوء بها الجبال الشامخات , وتلك الأضرار تمثلت في معاناتهم وأفراد أسرهم من عزلة صارت مفروضة عليهم بحكم الفهم الخاطئ لأسباب هذا المرض إمكانية انتقال عدواه بسهولة , فصار هذا المرض مصدرا خطيرا لنقل العدوى , وبذلك عاشوا موزعين بين واقع مفروض يرفضونه وأمل في الاندماج في المجتمع فلا يصلونه , تلك هى بالجملة الأضرار التي حاقت بالمجني عليهم والتى ستعود المحكمة لاحقاً لتفصيلـها على الصعيدين المادي والمعنوي .
***** وحيث إنه يتعين وقبل الخوض في أوجه مسئولية جهة الإدارة والمتهمين , يتوجب أن نتناول دفاع جهة الإدارة بالخصوص في هذا المقام .
***** وحيث إن جهة الإدارة تدفع الدعوى تأسيسا على أن الخطأ الذي ارتكبه المتهمون هو فعل عمدى مكوّناً لجريمة يسأل عنها فاعلـها جنائياً ومدنياً , ولا وجه لمساءلة المتبوع عن الأفعال العمدية التي يرتكبها تابعه والتي تشكل جريمة لصدورها عن باعث شخصي , كما دفعت جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة للمدعى الأول بصفته , وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية لأن الضرر الذي حاق بالمجني عليهم ضرراً غير مباشر لا مجال للمجادلة فيه مما تكون المطالبة بالتعويض عنه أمام المحاكم المدنية صاحبة الاختصاص الأصيل .
***** وحيث إنه من المقرر أن الأصل في دعوى المطالبة بالحقوق المدنية يرفع أمام المحاكم المدنية صاحبة الاختصاص الأصيل , وأنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة لـهذه الدعوى وكان الحق المدعى به ناشئا مباشرة عن الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية , فإذا لم يكن الضرر كذلك سقطت هذه الإباحة, وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية , ومتى كان مبنى هذه الإجازة هو الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التى رسمها القانون ويكون توزيع الاختصاص على هذا النحو من النظام العام لتعلقة بالولاية .
***** وحيث فيما اختص بمواجهة الدفع بعدم قبول الدعوى المرفوعة من المدعي الأول بصفته , وهو من يمثل الجمعية الأهلية للأطفال المرضى , فقد صادف صحيح القانون , ذلك أن الجمعية قد أنشئت بعد ارتكاب الجريمة وتحقق الضرر , وكان الـهدف من إنشائها كنص النظام الأساسي لـها , أنها تقوم على خدمة هؤلاء الأطفال فيما اختص بتوفير العلاج وإنشاء المستشفيات واستجلاب الأدوية والأطباء المتخصصين في مثل هذا الداء , والتعاون مع غيرها من الجمعيات وتطوير التعاون بين أهالي المصابين والمسئولين عن قطاع الصحة , كما تتبنى الجمعية تنظيم الندوات والمحاضرات بالخصوص , وكان من المقرر أخذاً من استقراء أحكام النظام الأساسي للجمعية أنها أنشئت لخدمة أغراض الجمعية والتي تقوم على توفير العناية الصحية لأبناء أعضائها بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة ولما كان الحق في التعويض قد تقرر للمجنى عليهم وابنائهم بمجرد ارتكاب الجريمة والتعرف على مرتكيبيها , وليس من بين أهداف الجمعية أن تقيم نفسها مدعية بالحقوق المدنية عن المجني عليهم وأولياء أمورهم عن حقوق ترتبت في ذمة الغير قبل إنشائها , فهى لذلك مجرد حقوق شخصية لأصحابها لا يسوغ في القانون لغيرهم المطالبة بها , وليس المطالبة بالتعويضات السابقة من بين أهداف الجمعية ولم ينص على هذا الحق صراحة في قانون إنشائها , فهى لذلك قد أقامت نفسها مدعية لحقوق الغير على غير سند من القانون , الأمر الذي يورث عدم قبول الدعوى , لتخلف صفتها في هذا المقام , ويكون الدفع المثار من جهة الإدارة قد صادف صحيح القانون .
***** وحيث إنه وعن الدفع باعتبار أن الضرر الذي حاق بالمتهمين عن أنفسهم وبصفاتهم ضرر غير مباشر , وكان المقرر أن أول من يلحقه ضرر من الجريمة هو المجني عليه فيها , بوصف أن ضرراً شخصياً لحق به وكان المشرع قد أجاز استثناء من القواعد العامة رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية , وبناء عليه ينبغي أن لا يتوسع فيه بما يخرجه عن الحكمة منه , وبالتعويل على ذلك لا تقبل المطالبة بالتعويض من شخص عن ضرر أصاب غيره مهما كانت صلته به , إلا إذا كان لـه حق تمثيلـه قانوناً , أو لوالدته لكونها تقف بمستوى الدرجة لوليه الشرعي.
كما يتعين أن يكون الضرر مباشراً بمعنى تكون ثمة علاقة سببية متصلة وفقاً للسير العادي للأمور بين الجريمة والضرر الناشئ عنها وهو لذلك لايعد مباشراً إذا انتفت هذه الصلة , فكل ما بعدت النتائج كل ما وهنت ثم انعدمت علاقة السببية , بناء على ذلك قصر المشرع المسؤولية على الأضرار المباشرة أمام القضاء الجنائي إعمالا للقاعدة سالفة البيان في شأن توزيع الاختصاص .
بيد أن الجاني والمسئول عن الحقوق المدنية يسألان أمام القضاء المدني عن الأضرار المألوفة ولو كانت غير مباشرة .
كما يشترط فى الضرر أن يكون محققاً بوصفه أحد عناصر الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية وهو الضرر الواقع فعلا بشكل ظاهر غير متوقف تعرفه على أمر آخر , تلك هى شروط الضرر الواجب التعويض عنها , وستعود المحكمة للحديث عن الضرر لا حقاً في موضعه من هذه الأسباب .
***** وحيث إنه بالرجوع إلى مذكرات جهة الإدارة المقدمة في جلسات : ـ ( 8/9/2003 ـ 22/9/2003 ـ 8/12/2003 ـ 6/1/2004 ) نجد أنها طويت على دفوع تمثلت في : ـ
أولا : ـ بطلان إعلان صحيفة الدعوى لوقوع أعلانها قبل ميعاد الجلسة المحددة بثمانية أيام كنص قانون الإجراءات الجنائية , وأن تسليم صحف الدعاوى بالجلسة لايتفق وصحيح القانون .
وهذا الذي قدّره المسئول عن الحقوق المدنية ليس في صحيح القانون من شئ , ذلك أن المشرع نظمّ كيفية الادعاء المدني , فقد صرح بالادعاء المدني في مرحلة التحقيق الابتدائي , ويجوز أن يتقدم يطلبه في مرحلة الاستدلالات بشكوى يقدمها للنيابة العامة ( 173 إجراءات جنائية) وأياً كانت السلطة التي تلقت البلاغ فإن قضاء التحقيق وحده هو المختص بالفصل في قبول الادعاء المدني أثناء التحقيق الابتدائي , كما يتم الادعاء المدني بمجرد الطلب أثناء التحقيق التكميلي الذي تجريه غرفة الاتهام .
أما الادعاء المدني أثناء المحاكمة فيتم بإعلان على يد محضر أو بطلب في الجلسة المنظورة فيها الدعوى إذا كان المتهم حاضراً وإلا وجب تأجيل الدعوى وتكليف المدعى بإعلان المتهم بطلباته ( 224 إجراءات جنائية ) .
كما يجوز رفع الدعوى على المسئول عن الحقوق المدنية عن فعل المتهم (228 إجراءات جنائية ) ولـه أن يتدخل في الدعوى المدنية من تلقاء نفسه في أية حالة كانت عليها الدعوى و كان الواقع في الدعوى أن المدعين بالحقوق المدنية أقدموا على تسليم صورة من صحف الدعاوى للمتهمين بالجلسة وفق الثابت بمحضر الجلسة , كما سلموا صوراً منها للمسئول عن الحقوق المدنية الماثل بالجلسة , وكان من المقرر أنه يسرى على المسئول عن الحقوق المدنية فيما يتعلق باختصاصه في الدعوى المدنية وتسليم صورصحف الدعاوى كنص قانون الإجراءات الجنائية بوصفها تابعة للدعوى الجنائية ولايكون لـه سوى حق طلب التأجيل للاستعداد والمرافعة , ولا يوجب قانون الإجراءات الجنائية ضرورة إعلانه لدى جهة القضايا بصحف الدعاوى .
ثانياً : ـ وحيث إنه وعن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية لسبق اختيار الطريق المدني , فقد تبين من مطالعة حافظة مستندات المدعين بأن اسما ء المدعين بالحق المدني التي قدمها المسئول عن الحقوق المدنية لـهده المحكمة كانت متعلقة بوكيل المدعين حتى الواحد والسبعين وأن هذا الأخير قد قدّم ما يشهد بأنه ترك دعواه أمام المحكمة المدينة ( صور صحيفة بالترك معلنة لجهة القضايا في : 21 ـ 22/9/2003 ) , ولم يقدم الحاضرين عن المسئول عن الحقوق المدنية سوى كشف يتضمن اسماء من وقع الترك بشأنهم وهو بعد المكلف بإثبات أن ثمة مدعين آخرين لم يتركوا دعاواهم أمام القضاء المدني , فالظاهر يشهد للمدعين بحصول تركهم الدعوى أمام القضاء المدني ومن يدعي خلاف ذلك عليه إثباته , ويضحى الدفع بعدم القبول في هذا الشق من الطلبات في غير محلـه متعيّن الرفض .
ثالثاً : ـ وحيث إنه وعن الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى تعويلا على فهم مؤداه أن الجمعية الأهلية لم تصب بضرر مباشر نتيجة ارتكاب الجريمة والضرر الذي حاق بها على فرض حصولـه ضرر غير مباشر مجال التداعى بشأنه القضاء المدني صاحب الولاية العامة أمام الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية فهى استثناء من القواعد العامة يقدّر بقدره ولايجوز التوسع فيه , ولقد كفت المسؤول عن الحقوق المدنية مؤونة الدفاع في هذا الشق لقضائها بعدم قبول دعوى تلك الجمعية فقد أندفعت مطالبتها لـهذا السبب وهو وحده يكفى عن الخوض في سبب آخر.
***** وحيث إنه وعن طلب رفض الدعوى المدنية الذي طرحه المسئول عن الحقوق المدنية والذي مؤداه أن المدعين بالحق المدني أسسوا دعواهم على مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه عملا بأحكام المادة ( 177 مدني ) عن الضرر الذي يلحقه بالغير نتيجة عملـه غير المشروع متى كان واقعاً منه اثناء تأدية وظيفته أو بسببها وأقام هذه المسئولية على خطأ مفترض من جانب المتبوع مرجعه سوء إختياره لتابعه أو تقصيره في رقابته وتوجيهه , فإذا لم يكن الخطأ واقعاً منه أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها أو مناسبتها لم يعد لافتراض الخطأ في جانب المتبوع محل وتربت على ذلك إنتفاء مسئوليته , وكان الواقع في الدعوى أخذاً مما ورد في صحف دعاوى المدعين بالحق المدني أن المتهم الأول يتردد على المستشفى في غير أوقات العمل الرسمي ويكثر من البقاء فيه , وبناء على ذلك لم تقع الجريمة منه أثناء تأديته الوظيفة أو بسببها وكان الظاهر من مجريات الدعوى أنه ليس ثمة خطأ بدر على فرض وجود علاقة التبعية بين المتهمين الستة الأوائل وجهة الصحة , وأن جهة الصحة لم تقصّر في شأن القيام على المستشفى وإمداده بما يحتاجه من إمداد في المجال الطبي , ويترتب على ذلك أنه ليس ثمة خطأ بدر من جهة الإدارة يدفع بها إلى دائرة المسؤولية وخلص على ذلك إلى طلب رفض الدعوى بالخصوص ..
***** وحيث إنه من المقرر أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعيه مسئولية عن فعل الغير لاتقوم قبل المتبوع إلا تبعاً لقيام مسئولية التابع وتنتفى بانتفاء مسئوليته , وأساس هذه المسؤولية في القانون الليبي المادة (177 مدني ) وفى القانون المصري المادة ( 174) مدني وأساسها في القانون الفرنسي المادة ( 1384/5 من القانون المدني ).
ويجمع الفقه والقضاء على أن ثمة شروط يتعين أن تجتمع لتتوافر هذه المسؤولية وهى : ـ
1) وجوب قيام علاقة تبعية بين التابع والمتبوع , ومعيار التبعية كما يبين من نص المادة (177 مدني ) وكما يذهب الفقه والقضاء العربي الذي يأخذ بالنظريات اللاتينية في القانون , وكذا القانون الفرنسي وهو وجود سلطة فعلية من المتبوع على التابع في رقابته وتوجيهه في عمل معيّن يقوم به لحساب المتبوع , وقد عرّفت محكمة النقض الفرنسية علاقة التبعية في حكمها الصادرفى : 27/2/1963 ـ قائلة : " أن المسؤولية عن فعل التابع المقررة في المادة (1384) على عاتق المتبوع تفترض أن يكون لـه الحق في إصدار الأوامر والتعليمات إلى التابع بشأن كيفية أداء الأعمال التي استخدم من أجلـها , وهذا الحق هو أساس السلطة والتبعية التي لا يوجد المتبوع إلا بها " , وكذلك حكمها في : 1/3/1957 , كما قضت محكمة النقض المصرية في حكمها بجلسلة : 9/5/1963 ـ وحكمها في جلسة : 20/6/1963 والذي جاء فيه " بأن مؤدى المادة (174) أن رابطة التبعية تقوم بين المتبوع والتابع متى كانت لـه عليه سلطة فعلية ورقابة في توجيهه " وكذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بمصر في القضية رقم ( 395/5 ـ وكذلك حكمها رقم 159 /8 ق ـ ويفهم بعض الفقه الفرنسي مسئوولية الأشخاص المعنوية العامة مسئوولية عن فعل الغير لأن الشخص المعنوي ليس كائناً حياً , وأنما هو يعمل عن طريق الغير ويفهم أن مسئوولية الدولة عن أعمال موظفيها ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعه أساسها واحد , والذي يجمع بين الدولة والمتبوع في رأي هذا الجابب من الفقه هو عنصر السلطة الذي يميزه استفادتهما ممن يعمل لحسابهما , وأما الذي يجمع بين الموظف والعامل هو عنصر التبيعة , وأن سلطة الدولة والمتبوع هى الأساس الوحيد لالتزامها المقابل بضمان السلامة والذي يقابلـه حق المضرور بضامن السلامة والذي يبرر مساءلة الدولة والمتبوع عن أعمال الموظفين والتابعين هو نظرية الظاهر , والتي مؤداها أن اختفاء الموظف أو التابع في نظر الغير بشخصيته المستقلة وظهوره كجزء من الجهاز الذي يعمل فيه والذي يسيطر عليه , ولذلك فإنه تحت تأثير الظاهر وحسن نية الغير ـ يسأل الشخص المعنوي العام والمتبوع عن أعمال الموظفين والتابعين , وكان من المقرر أيضاً أنه لا شأن لكون المتبوع حراً في أختيار تابعه أو لم يكن كذلك , ولا يشترط لوجودعلاقة التبيعية أن يكون المتبوع قادراً على مباشرة سلطة الرقابة بنفسه بل يكفى في ذلك خضوع التابع لرقابة ممثلـه , كما لا يدفع عنه المسؤولية ولو تعذر تعيين من أخطأ من تابعيه ( طعن مصري : 16/11/1956 ) .
2) وجوب وقوع خطأ من التابع , فإذا لم يكن ثمة خطأ من جانب التابع تسبب في إحداث الضرر فلا مسئوولية على المتبوع عملا بالمادة (177 مدني) وطبقا لما يذهب إليه معظم القضاء والفقه الفرنسيين . ويتعيناعتبار الفعل الصادر من التابع خطأً أن يتوافر فيه ركنين الأول وهو التعدي الذي يعتبر إخلالاً بالتزام قانوني وهو الالتزام ببذل عناية , كما يلزم لوجود الخطأ توافر التمييز والإدراك وهو الركن الثاني , ويتعين أن يوزن أنحراف الشخص بمعيار موضوعي بالنظر إلى مسلك الرجل العادي (نقض مصري : 16/5/1963, و : 30/6/1965).
3) وعن الشرط الثالث من الشروط اللازمة لمساءلة المتبوع عن أعمال تابعه هو كون خطأ التابع وقع منه حال تأدية الوظيفة أو بسببها لأنه لايكفى أن يرتكب التابع أي خطأ لكى يسأل عنه المتبوع وإنما يجب أن يرتكب هذا الخطأ عملا بأحكام المادة (177 مدني ) ليبي والمادة (1384 مدني فرنسي) والمادة ( 174 مدني مصري ) حالة تأدية الوظيفة أو بسببها والخطأ في تأدية الوظيفة هو الإخلال بواجب مما تفرضه هذه الوظيفة على التابع وأثناء أداء عمل من أعمالـها , والخطأ بسبب الوظيفة طبقاً للرأي الغالب , وهو الخطأ الذي يرتكبه التابع متجاوزاً لـها أو مسيئاً لاستعمالـها بشرط أن يثبت أنه لولا هذه الوظيفة لما استطاع التابع ارتكاب الخطأ , أو لما فكر في ارتكابه ولا يهم بعد ذلك أن يكون الدافع إلى ارتكاب الخطأ شخصياً أم لا , كما لا يهم موافقة المتبوع على ارتكابه أو اعتراضه أو عدم علمه به ( نقض مصري : 3/5/1956) و ( نقض : 7/6/1955 و : 7/10/1958 و : 7/12/1963) ونقض (فرنسي : 15/11/1952 و : 9 ـ 8/6/1961 ).
***** وحيث إنه وبإنزال المبادئ سالفة البيان على واقع الدعوى نجد أن المتهمين من الأول إلى السادسة وهم بعد يعملون تحت رقابة وإشراف جهة الصحة بمدينة بنغازي , الأول طبيباً بمرحلة الامتياز مكنته اللوائح من التدرب في مستشفى الأطفال المنكوب , والأخريات ممرضات في مرفق الصحة بالمدينة , فهن ثلاثة يعملن بذات المستشفى يشرفن على علاج الأطفال وكانت الثانية ممرضة فة جهة الصحة في بنغازي تستقل ذات السيارة المخصصة لنقل الممرضات وتقيم في شقة خصصتها جهة عملـها وكانت تتخذ من السيارة والشقة وأدوات المستشفى وسائل للاتصال بباقي المتهمين ذلك لقائها ببققية المتهمات لم يكن غريباً لكونهن يعملن في ذات المرفق وليس غريباً أن تلتقيهن في السيارة المخصصة للنقل , وكان المتهم الأول وهو بعد طبيب تحت التمرين اتخذ من صفته المستقبلية رداء خلعه على نفسه قبل الأوان وأتخذ من ذلك ستاراً مكنه من أن يتخذ سُبل المستشفى ذللاً ويلتقى ببقية المتهمات دون خشية , وقد وقر في أذهان أمهات الأطفال أنه طبيباً مكلفاً , واتصل بذلك بأطفالـهن وأخذ في الكشف عليهم ووصف الدواء لـهم , كما أتخذ من المستشفى ومقراً لـه لا يفارقه خلال شهور ارتكاب الجرائم إلاّ قليلا , وكان يُظهر أنه حريصاً على طلب العلم وأنه متفانٍ فى طلبه مهما كلفه ذلك من مشاق التواجد بالمستشفى والسهر على ملازمة الأطفال المرضى , فقد جعل بوسائلـه التي هيئتها لـه الوظيفة نفسها طبيباً مسئولا يجوس خلال ساعات الليل والنهار بالمستشفى دون رقيب , فقد هيأت لـه الوظيفة سبيل الوصول للأطفال المرضى في يسر وسهولة وقد نفذّ الأتفاق على حقن الأطفال بجرثيم هذا الداء والذي كان يتسلمه من المتهمة الثانية وزجاجات البلازما التي تستعملـها الصحة وقدمها للمتهمات الأخريات بالمستشفى وقامت كل منهن بوصفها ممرضة مخولة بتمرضي أطفال المستشفى وكان من ضمن واجباتهن استعمال المحاقن في حقن الداء وفق الوصفة الطبية لكل طفل وقد أنتهزن فرصة وجودهن في نوبات عملـهن بالمستشفى واختيارهن من الأوقات الليل ومن الليل الساعة الثانية عشر , وقد حقنت كل منهن الأطفال الذين وقع عليهم الأختيار بجراثيم هذا الداء فكان وصول هذه الجرثيم إلى أجسام الأطفال بواسطة المحاقن التي تقدمها جهة الصحة داخل المستفشى الذي يقوم على علاجهم وتشرف عليهم تلك الجهة بواسطة ممرضات يعملن بهذا المستشفى مكلفات بأعمال التمريض , والتي من بينها تقديم العلاج عن طريق الفم أو الوريد للأطفال , فقد أستغل هؤلاء من الأول إلى السادسة مكان الوظيفة وزمانها وأدواتها واختصاصاتها ولولا هذه العلاقة المباشرة بين المتهمين والوظيفة لما أستطاعوا ارتكاب هذه الأعمال الأمر الذي يقيم علاقة للسببية وثيقة بين هذه الأعمال والوظيفة العامة التي كانوا يمارسونها , ويستوي أن تحقق هذه الأعمال عن طريق مجاوزة التابع لحدود وظيفيه أو عن طريق الأساءة في استعمالـها أو عن طريق استغلالـها ويستوي كذلك أن يكون خطأ التابع قد أمر به المتبوع أولم يأمر به علم به أولم يعلم , كما يستوتي أن يكون التابع عند ارتكابه الخطأ قد قصد خدمة المتبوع أو جلب منفعة لنفسه , يستوي كل ذلك مادام التابع لم يكن يسطيع ارتكاب الخطأ أو لم يكن ليفكر في ارتكابه لولا الوظيفة (السنهوري ص 1046 ) ( د ـ سليمان مرقص (الفعل الضار ـ ص 156) والمحكمة تفهم أن القانون المدني الليبي وكذا القانون الفرنسي والمصري في المواد سالفة البيان قد حدد نطاق هذه المسؤولية بأن يكون العمل غير المشروع واقعاً من التابع حال تأدية الوظيفة أو بسببها لم يقصد أن تكون المسؤولية مقصورة على خطأ التابع وهو يؤدي عملا داخل في طبيعة الوظيفة وأنه يمارس شأن من شؤونها , أو أن تكون الوظيفة هى السبب المباشر لـهذا الخطأ , وأن تكون ضرورية لإمكان وقعه بل تتحقق المسؤولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء الوظيفة أو كلما أستغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعلـه الضارغير المشروع أو هيأت لـه بأية طريقة كانت فرصة اتكابه سواء ارتكب التابع فعلـه لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي , سواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلا بالوظيفة أو لاعلاقة لـه بها , إذ تقوم مسئوولية المتبوع في هذه الحالة على أساس إستغلال التابع لوظيفته أو أساءة استعمالـه للشئوون التي عهد المتبوع إليه بها متكفلا بما أفترضه عليه القانون في حقه من ضمان سوء اختياره لتابعه وتقصيره في مراقبته , بناء على هذا الفهم يضحى الدفع بعدم مسئوولية جهة الإدارة عن تصرفات المتهمين الستة الأوائل في غير محلـه متعيناً رفضه .
***** وحيث إنه وعن الدفع في شأن الضرر كونه غير مباشر , فإنه لما كان الأصل المقرر في القانون أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلتزم مرتكبه بالتعويض عملا بنص المادة ( 166 مدني ) , ومؤدى هذه القاعدة إفتراض الإخلال بالتزام قانوني , يتوافر لـه عنصر التعدي والإدراك وبأن يتبع الشخص في سلوكه عدم مخالفة القانون , أو أن يصدر عن اهمال وعدم تبصر ويفضي سلوكه في الحالين إلى مضارة الغير سواء كان ضرراً مادياً في جسم الغيرأو في مالـه أو أذى يصيبه في نفسه أوشعوره أو عاطفته , وقامت علاقة مباشرة تربط مابين هذا الجطأ الذي أرتكبه المسئوول عن الضرر والضرر الذي حاق بالمضرور برباط السبب بالمسبب , فإنه ها هنا تقوم المسؤولية بعناصرها و أركانها الثلاثة .
وكان من المقرر أنه لايكفى مطلق الضرر الناشئ عن الجريمة فيما اختص بالدعوى الماثلة بوصفها استثناء من القواعد العامة للاختصاص وذلك حتى يكون للمدعين صفة المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أو رثتها تصرفات المتهمين سالفي البيان , وذلك لقبول دعواهم أمام هذه المحكمة والتي يشترط القانون أن يكون الضرر المطلوب التعويض عنه ضرراً شخصياً مباشراً محقق الوقوع غير محتمل وناشئ مباشرة عن الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية .
***** وحيث إنه وبإنزال هذه الشروط على واقعة الدعوى فيما اختص ببيان شروط الضرر للوقوف على سلامة الدفع المبدئ من جهة الإدارة من عدمه , وكان الثابت من أوراق الدعوى أن أول من لحقه ضرر من تصرف المتهمين الستة الأول هم المجني عليهم في الدعوى الجنائية , فقد أصيبوا جميعهم وبعضاً من أمهاتهم بجراثيم هذا المرض الذي افقدهم المناعة التي حباهم اللـه بها وعلى سبيل التأبيد , وهو بعد ضرراً مباشراً وشخصياً قولاً واحداً , فهم يعانون آلامه وآثاره النفسية لمن يعقل منهم وعلى تفصيل ستعرض لـه المحكمة عند تقدير التعويض بشأنه .
بيد أن هذا الضرر تعدى غيرهم من أولياء أمورهم وأمهاتهم وإلى من يعقل الأمور من أخوتهم على تفصيل سيرد في حينه فيما اختص بكونه ضرراً شخصياً من عدمه بالنسبة لأخوتهم , وبالبناء على ما تقدم فإن المشرع يشترط في الضرر أن يكون شخصياً لحق المدعى بالحق المدني شخصياً , وبناء على ذلك لايقبل من شخص المطالبة بالتعويض عن ضرر لحق غيره مهما كانت صلته بهذا الأخير إلا إذا كان لـه حق تمثيلـه قانوناً وهم في الدعوى الراهنة أولياء الأطفال الشرعيين بوصفهم قصراً , وكانت القرابة وحدها ليست سبباً كافياً , إلا أنه ولما كانت الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية استثناء لا يتوسع فيه , لذك كانت علاقة القرابة أمام هذه المحكمة أخذا بالاستثناء ولاتحاد العلة يقتصر حق الأقارب في الادعاء المدني على علاقة الأبوة والبنوة والأمومة وكذا علاقة الزوجية فيما اختص بالتعويض المعنوي , أما ما زاد عن ذلك من علاقات للقرابة قد تكون محلا للتداعى أمام المحاكم المدنية , وقد استقر الفقه والقضاء على هذا الفهم ولذلك نصت المادة ( 225 مدني ) علة أنه (( لايجوز الحكم بالتعويض إلاّ للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصبهم من ألم من جراء موت المصاب )) ويبين هذا النص بأن المشرع وحتى أمام المحاكم المدنية حدد أصحاب الحقوق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بهم , ولذلك يقدّر الإستثناء من القواعد العامة بقدره , وترى هذه المحكمة قصر التعويض على أصحاب القرابة المنوه عنهم سلفاً بالنظر إلى طبيعة الدعوى المدنية التابعة .
***** وحيث إنه يتعين لإجابة المدعى أمام المحكمة الجنائية لطلب التعويض أن يكون الضرر الذي يطالب بالتعويض عنه محققاً غير محتمل , ولأن الدعوى هى المطالبة بالحق ويتعين أن يولد الحق ابتداء حتى يمكن القول برفع الدعوى فضلا عن أن الضرر لا يمكن تقديره قبل وقوعه ( نقض مصري : 13/3/1956) (" د ـ نشأت " الإثبات , ص 303 ) ( الصنهوري , ص 862 ) وبذلك نصت المادة (224 مدني ).
وبناء على ذلك لا يمكن القضاء بتعويض عن ضرر لا يمكن أن تتبين عقباه إلا بعد فترة من الزمن , بيد أنه يتعين الحرص من الخلط بين الضرر المحتمل والضرر المستقبل الذي يمكن تعويضه .
***** وحيث إنه ومتى كان مبنى طلب التعويض في هذه الدعوى هو وقوع الضرر المباشر المحقق الناتج عن الجريمة موضوع الدعوى الجنائية , وكان المصدر القانوني الذي أنشأ الحق في المطالبة بالتعويض في الدعوى الماثلة قد صار حقية قضائية , ومقتضى ذلك أن تكتفي المحكمة بما سلف من قول صار يقيناً يشهد بوقوع الخطأ المدني وهو بعد الوجه الآخر للخطأ الجنائي ويقيده أيضاً في شأن وقوع الضرر ومن ناحية السببية اثبت أنه موجود وأن الضرر قائم , وبناءً عيلـه حق القول : ـ
1) في شأن المدعين أرقام : ـ (( 49 ـ 92 ـ 105 ـ 106 ـ 108 ـ 110 ـ 112 ـ 114 ـ 115 ـ 116 ـ 117 ـ 118 ـ 119 ـ 121 ـ 123 ـ 124 ـ 125 ـ 126 ـ 127 ـ 128 ـ 129 ـ 130 ـ 132 ـ 133 ـ 134 ـ 135 ـ 136 ـ 137 ـ 139 ـ 140 ـ 141 ـ 142 ـ 143 ـ 144 ـ 145 ـ 146 ـ 148 ـ 149 ـ 150 ـ 152 )) بعدم اختصاص المحكمة بنظر دعواهم المدنية , لأنهم يشكون مضارة غير مباشرة لاحقت بهم جراء الجريمة التي قارفها المتهمين من الأول إلى السادس , والتي قصرت هذه المحكمة أصحاب الحقوق في المطالبة بالتعويض على الأباء والأمهات فقط حالة كون الأضرار التي حاقت بهم نالتهم ومباشرة بسبب أفعال المتهمين , أما ما زاد عن ذلك من أخوة وأخوات والمدعيتين ( آمال عبدالواحد بعيو) و ( زينب أمبارك عبدالرحمن) عن نفسهما حالة كونهما لم تضارا مباشرة من أفعال المتهمين والتي لم تقع عليهما مباشرة , فقد تلقتا العدوى بطريق غير مباشر وإن كان متصلا بالجريمة من وجه آخر .
2) وحيث أنه وعن المدعين أرقام : ـ (( 26 ـ 27 ـ 41 ـ 46 ـ 62 ـ 63 ـ 76 ـ 100 ـ 103 )) فقد وقفت المحكمة على أن كل منهم لم يوكل المحامى الذي مثل بالجلسة , وكانت الوكالة وهى ثمثيل للغير في شأن كان من المتعين أن يقوم به بنفسه , يتعين أن تكون ثابة على الوجه الذي تشرطته القواعد العامة حتى يكون للوكيل وهو بعد محام حقه في الحضور عنه أمام المحكمة والمطلبة بحقوقه عن الأضرار التي حاقحت به بسبب الجريمة ومتى كانت أوراق الدعوى خالية من التوكيلات الصادرة عن المدعين المشار إليهم فقد أنتفت صفة الدفاع في الحضور عنهم مما يورث عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة .
وحيث عن المدعين أرقام : ـ (( 9 ـ 83 ـ 88 )) فقد خاصموا المدعى عليهم بالدعوى المدنية الراهنة بوصف كل منهم ولياً شرعياً عن ابنهم المتوفى قبل رفع الدعوى المدنية , فهم لذلك يطالبون بالتعويض فقط وبصفتهم السالفة البيان , وكان الواقع في الدعوى يشهد بأنهم ورثة ابنائهم , وشتنا في فهم من يدعى بصفته ولياً شرعياً ومن يدعى بصفته وارثاً لما في ذلك من تأثير في شأن اختصاص هذه المحكمة لنظر دعواهم , فقد أقفل باب المرافعة في الدعوى دون أن يعدلوا من صفاتهم هذه والتي لم تعد قائمة بعد التحاق ابنائهم بالرفيق الأعلى وهم وشأنهم أمام المحكمة المختصة وحالة كون هذا الاختصاص من النظام العام , فتصدت المحكمة من تلقاء نفسها وقضت به ( نقض مصري : 21/2/1961) .
***** وحيث إنه بعد أن فرغت المحكمة من تصفية المنازعات بين طرفي الخصومة المدنية وخلصت إلى سلامة إجراءات مخاصمة عدا ما تقدم من مدعين والتي مؤداها المطالبة بتعوض عن الأضرار التي لحقت نتيجة ما تلقوه من جراثيم المرض التي أعقبها فقداً كاملا لقدرتهم على مقاومة الأمراض الأنتهازية ( نقص المناعة ) التي تصاحب في الغالب أمثال هؤلاء المرضى وكانت هذه المحكمة قد فرغت ابتداء من اثبات الجريمة في حق كل من المتهمين من الأول إلى السادسة , وقد بينت فيما تقدم من أسباب صلاتهم المباشرة بالجريمة وعلاقتهم بجهة عملـهم وان المتبوع يسأل في حالة ثبوت الجريمة ضد تابعية عن النتائج التي أورثها هذا السلوك الأجرامي في واقعة الدعوى الراهنة والذي تمثل في تجاه إرادة المتهمين عن عمد وإدراك وإرادة للنتيجة إلى دس جراثيم مرض نقص المناعة المكتسبة في أجسام هؤلاء الأطفال لغاية في أنفسهم وهم يعلمون علم اليقين والذي لا يخالطه الشك أن الأطفال سيصابون بالمرض وأن منهم من سوف يلاقى حدفه وأنه لا مجال للشفاء من هذا الداء في المسقبل القريب , كما أنهم يدركون ما سيؤل إليه أمر كل منهم من معاناة دائمة في أمراض مصاحبة .
***** وحيث ومتى استقر في وجدان هذه المحكمة على وجه الجزم واليقين أن المتهمين من الأول على السادسة ارتكيوا جرائيم بشعة في حق ملائكة الرحمن وأنى للملائكة أن تخرّ صرعى من قبل أشرار إلا في هذه الواقعة وان هذا السلوك الاجرمي الخسيس قد أنطوى على انحراف بيّن الوضوح لا يتصور أن يأتية طبيب المستقبل أو ممرضة الحال في مفرق صحي متقدم لايتصور أن يأتيه غير هؤلاء , ذلك أنهم أخلوا بالتزامهم القانوني المتمثل في القيام على شئوون هؤلاء الصغار المرضى والذين يحتاجون إلى أكبر قدر من العطف والرعاية الصحية وبدلاً من أن يتعدوهم بالرعاية الطبية اللازمة والأهتمام الزائد بالنظر إلى سنهم وحالتهم الصحية فقد استبدلوا الدواء بالسمّ والحنو بالقسوة والرعاية بالتفريط والحياة بالموت , فلم يراعوا أباً هرع مفجوعاً على فلذة كبه إلى حيث يعلمون , ولم يرأفوا بأم تذرف الدمع سخياً على وليدها لعلـهم يسعفون ولم تحرك مشاعر العطف عندهم فهم كجلمود سخر متجمدون , كان همهم الوحيد أن يطعموا السم هؤلاء الغافلون , والذين ظنوا أنهم بالعافية فائزين بيد أنهم إلى الـهلاك منقلبون , وأسفاه على جيل من الأحياء هموا بعد من أصحاب القبور وقد اؤتمنوا على أرواح هؤلاء فخانوا الأمانة ولم يكونوا عليهم من المشفقين , ذلك هو الوضع القانوني للتابعين وما جنوه على أنفسهم ويسأل عن آثاره الضارة أرباب عملـهم على وجه اليقين وكانت مسئوولية جهة الصحة وشعبية بنغازي ومن قبلـهم اللجنة الشعبية العامة واللجنة الشعبية العامة للمالية , كل أولئك وبوصفهم متبوعين يسألون عن تابعيهم الذين يقومون بعمل غير مشروع عملا بنص المادة (177 مدني ليبي) وهى بعد مسئولية تقوم على خطأ مفترض من جانب المتبوعين فرضاً لا يقبل اثبات العكس وكان هذا العمل غير المشروع وقد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة و بسببها وكانت لـهؤلاء على اؤلئك سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه وإن كانت هذه الرقابة قاصرة على الرقابة الإدارية أو التظيمية وأن ثمة علاقة سببية قائمة بين هذا الخطأ والضرر الذي أحدثه بالأطفال المرضى عهدة المستشفى , وقد أساؤا هؤلاء استعمال سلطات الوظيفة وقد سخروا مكانها وزمانها وأدواتها لحقن الأطفال تحت ستار الليل وفى غفلة من مرافقيهم وغيرهم من الأطباء والممرضات ودسّ جراثيم المرض في أجسادهم مسخرين كافة امكانيات الوظيفة لتنفيذ جريمتهم النكراء يستوي في ذلك أن يعلم المتبوعون بخطأ هؤلاء أو لم يعلموا أو أي كان الباعث على ارتكاب الخطأ مادموا لم يستطيعوا ارتكاب هذه الجريمة أو حتى مجرد التفكير فيها لولا الوظيفة التي هيأت لـهم سبيل ارتكابها , وكانت مسئوولية جهة الإدارة بصوصفها مسئوولية عن الغير وقد تحققت بفعل ما أتاه تابعيها من أفعال سبق قول الفصل فيها بأنها من الجرائم الثابتة في حقهم وتتحمل جهة الإدارة جريرة تابعيها لا تبعة نشاطها لأنها في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون ولذلك لا تستطيع جهة الإدارة توقي المسؤولية إلا بنفى علاقة السببية بين الخطأ والضرر .
***** وحيث إنه بعد أن فرغت المحكمة من أثبات اركاب المدعى عليهم من الأول إلى السادسة للجريمة ( الخطأ العمدي ) , فإن المدعى عليهم بصفتهم (السادس والثلاثين ) و ( السابع والثلاثين ) و ( التاسع والثلاثين ) و ( الثالث والأربعين ) وتابعيهم المذكورين مسئولون بالتضامن أمام المدعون بالحق المدني وصغارهم عملا بأحكام المادة ( 172 مدني ليبي) والتي تقضي بأنه : ـ إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بالتعويض , وحق للدائن مطالبتهم منفردين أو مجتمعين بالدين ( المادة 272 مدني ليبي).
***** وحيث إن المدعى عليهم بصفتهم الثامن والثلاثين والأربعين والحادي والأربعين ووالثاني والأربعين فقد قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى في شأنهم لرفعها من غير ذي صفة .
فالمشرع الليبي لا يعرف المسؤولية بدون خطأ وهو ما يُعرف بنظرية المخاطر , وكانت الجامعة قوّامة على مرفق التعليم الجامعي والمتهم الأول أحد طلابها أوكلت أمر تدريبه في سنته النهائية بمستشفى الأطفال , وقد تجه بإرادته إلى ارتكاب جريمته عن باعث شخصى لا شأن للعملية التعليمية به , وكان في هذا الوقت في رقابة جهة أخرى وأن خطاؤه هذا ينسب إلى مسئوولية جهة الصحة بتاريخ ارتكاب الجريمة وتصرفه هذا يسأل عنه المتهمم شخصياً كما تسأل عنه جهة الصحة بوصفه خطأ مرفقي مرتبط بخطأ شخصي , الأمر الذي يشهد بإنقطاع صلة جامعة قاريونس بخطأ المتهم الأول وتكون الصفة في هذه الخصومة منعقدة لجهة الإدارة المذكورة لا لمرفق التعليم الجامعي , مما يتعين القضاء بعد قبول الدعوى في مواجهة جامعة قاريونس .
***** وحيث إنه عن اللجنة الشعبية لمستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال فقد تبين من القرار الصادر عن اللجنة الشعبية العامة تحت رقم ( 130 / 94 ) بتنظيم المستشفيات المركزية , والقرار رقم ( 216/1423) الصادر في : 18/7/1423 باللا ئحة الإدارية للمستشفيات التخصصية , وباستقرائهما يتضح خلوها من حق مدير المستشفى أو أمين لجنة الإدارة به في تمثيلـه أمام القضاء , مما يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق لرفعها على غير ذي صفة .
***** وحيث إنه وبعد أن فرغت المحكمة من تصفية منازعات طرفي الخصومة المدنية في شأن أصحاب الحق في الخصومة القضائية من المدعى عليهم بصفتهم وخلصت إلى أنهم لاصفة لؤلئك المدعى عليهم على التفصيل السابق بيانه , وقد تناولت المحكمة فيما تقدم من أسباب تفصيلات النزاع المدني بالخصوص في شأن ثبوت الخطأ التقصيري وحصول اضرار فادحة بالمجني عليهم ووالديهم وقد أقصت عن ساحة الدعوى من طلب التعويض لنفسه بصفته وارثاً , كما ضربت الصفح عن طلبات الأخوة في التعويض لكونها أضراراً غير مباشرة مجال المناظرة والمناضلة في شأنها للمحكمة المدنية المختصة , وقد أستقر الأمر بين يديها بعد ذلك أن الحقيقة القضائية المتمثلة في ثببوت الجرم الجنائي قد كفت المدعين عبء إثبات الخطأ التفصيري من جانب التمهمين المدعى عليهم مدنياً بوصفه خطأ شخصي يقيم مسئوليتهم عنه عملا بأحكام المادة (166 مدني ليبي ) , ومن ثم فقد قامت عليه إلى جانبه مسئولية المتبوعين لأنهم تلقوا المسؤولية من لدن هؤلاء لتستقر على عواتقهم بوصفهم يتحملون عبء وتبعة تصرفاتهم عملا بالمادة (177 مدني) وعلى التفصيل الآنف بيانه , وقد حقت مسئوليتهم متضامنين عن جبر الأضرار التي حاقت بالأطفال المجني عليهم وأبائهم وأمهاتهم والمتمثلة في الاضرار المادية التي لحقت الأطفال في أجسامهم التي صارت عليلة هزيلة عرضة لأمراض مصاحبة انتهازية وما يعقب ذلك من معاناة لـهم شخصية ولوالديهم , فالضرر ها هنا ماكان ليقع لو لم يركتب المتهمون الستة الأول جريمتهم النكراء التي أصابة المجني عليهم ووالديهم باضرار لا تلتأم جراحها مادموا على قيد الحياة .
***** وحيث إنه وعن تقدير التعويض فقد أودع المدعين ابنائهم الصغار مستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال ملتمسين علاجاً سريعاً من العيادة الخارجية , وكان المتهمون لـهم بالمرصاد بعد أن أعدوا العدة لحقن عشر مائة من هؤلاء لغرض في نفوسهم ضاربين عرض الحائط بكل ما تحرّمه جميع الشرائع والقونين والنواميس من بدء الخليقة وحتى قيام الساعة من تقتيل الناس دونما سند في شريعة أو قانون أو أخلاق , وقد كرّم اللـه سبحانه وتعالى الإنسان وخلقه في أحسن تقويم وجعلـه خليفة في الأرض التي حرم الفساد فيها بجميع صنوفه وقدس الحق في الحياة وقدر عقوبة مغلّظة لمن يفتك بأخيه الإنسان دونما حق وجعل ذلك من قبيل الفساد في الأرض , وكان هؤلاء المفسدين قد تمثل الشيطان سلوكاً فغلبت عليهم شقوتهم وسقطوا في براثنه واقتبسوا من سلوكه الآثم شئ لأنفسهم فصاروا بذلك أشراراً قوساة لم يرحموا ملائكة ضعاف جاؤا لطلب الشفاء فزادوهم مرضاً عضال على أمراضهم , وياهول ما زادوهم , جراثيم مرض نقص المناعة المكتسبة , حقنوا أجسامهم الغضة بها حتى وصلوا إلى أربعمائة وأثنى عشر طفلا , قضى منهم ثلاثة وأربعين طفلا حتفهم منها , وينتظر الباقين ذات المصير , وقد وقف الطب عاجزاً عن فعل شئ لـهؤلاء وأمثالـهم , فصاروا بمرضهم هذا لقمة صائغة لأمراض أخرى لا تقوى أجسامهم على مقاومتها , وفى ذلك من الآلام ما لا يخفى .
***** وحيث إن ما آتاه المتهمين وهم بعد تابعين لجهة الإدارة المدعى عليها من سلوك أورث مضارة الأطفال في أجسامهم وهو بعد ضرر مادي نظر لما ألا إليه أمرهم الصحي الذي أنطوى على الإخلال بحقهم في سلامة أجسامهم , وفى أن يعيشوا حياتهم أصحاء الأبدان والأنفس و قادرين على مستقبل أيامهم على العمل والتعلم , هذه المعاناة وقد ارتدت آثار هذه المعاناة إلى والديهم الذين عاشوا معاناة عظيمة نتيجة إصابة ابنائهم وهم بعد فلذات أكبادهم بمرض صار قريناً لـهم وإن في ما يلا قيه هؤلاء من شدة معاناة وآلام , فكان لذلك الحزن الدائم والحصرة المستمرة على ما آل إليه مصير ابنائهم وأنهم سيعيشون مستقبل أيامهم مرضى عاجزين على الاندماج في المجتمع يأنفون عن مجالسة اقرانهم , كما أنه يشار إلـهيم بالبنان بأنهم مصدر خطر يفرون منهم وأنّى يفير الإنسان الأجتماعي بطبعه إلا إليه فقد أعقبت إصابتهم عزلة دائمة لـهم ولأسرهم ينظر إليهم أقاربهم وحتى المقربون منهم بعين الخوف منهم , و كذا الأمرمن جوارهم الكل يخشى وعلى غير سند من الطلب أن تنتقل العدوى إليهم وإلى ابنائهم ولذلك لاقوا صعوبات جمة في المحيط المدرسي , وانقطع عنهم التواصل الأجتماعي فأصبحوا حبيسي بيوتهم وتقطعت علاقتهم مع الغير إلا بالقدر الضروري وقد عاشوا هم وابنائهم الذين يعلقون موزعين بين واقع قاسٍ مفروض عليهم وأمل في الإندمج في المجتع لا يصلون إليه , بغير ذنب جنوه سوى فهم خاطئ مستقر في الأذهان مؤداه خطورة المرض وسرعة انتقالـه يضاف إلى هذه الآلالم التي يعيشونها يومياً معناة أخرى من وجه أخر هى ذلك الشعور بالخوف على ابنائهم من موت يحوم دوماً فوق رؤسهم قد يفاجئهم في كل وقت وحين ينتزع منهم أحبائهم وما أقسى على الإنسان من شئ إلا أن يعلم أن الفراق آتٍ لا محال ولاحيلة ليده لدفعه وليس ثمة من يمسح الحزن العميق على وجوههم ويخفف من مأساتهم إلا ببعض المال وهو أقصى ما يمكن تقديمه لـهم بعد أن عز علاجهم حتى في دول أجنبية تملك من العلم ما لانملك إلا أن المرض أعياها وضاقت عليهم فرص العلادج فكان تقديم بعض ما يستحقون من التعويض الذي قُدم لـهم عساه أن يخفف عنهم بعض ما لاقوه من نتائج كارثية أعقبت المرض .
***** وحيث إن هذه المحكمة هى التي تسعى جاهدة للتعرف على صدق ما لاقاه المدعين من آلام مستمرة وهى بعد مشاعر خفية لا تصل إليها إلا بما يظهر من آثارها عليهم في علاقتهم مع المجتمع أو في ما يتخلج في نفوسهم من مشاعر لا تخفى على كل ذي عقل رشيد يعلم حنو الوالد على المولود , والمحكمة وهى تعلم ذلك جيداً فقد قدرت جبرأ لـهذه الأضرار والتي لاتقدر بمال إلا أن في شئ من التعويض المناسب ما يواسيهم عما يلاقونه , وكانت الأضرار المادية التي حاقت بالمجنى عليهم ترى هذه المحكمة أن في مبلغ " مئتي ألف دينار" ما يكفي لجبر هذه الأضرار يستحقها والديهم بوصفهم أولياء شرعيين لـهؤلاء القصر وهم المدعين من : ـ الثاني والثالث والخامس والسادس السابع والثامن والعاشر والحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين والثاني والعشرين والثالث والعشرين والرابع و العشرين والخامس والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين والحادي والثلاثين والثاني والثلاثين والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين والخامس والثلاثين والسادس والثلاثين والسابع والثلاثين والثامن والثلاثين والتاسع والثلاثين والأربعين والحادي والأربعين والثالث والأربعين والرابع والأربعين والخامس والأربعين والسادس والأربعين والثامن والأربعين والخمسين والحادي والخمسين والثالث والخمسين والرابع والخمسين والسادس والخمسين والسابع والخمسين والثامن والخمسين والتاسع والخمسين والستين والحادي والسين والرابع والستين والخامس والستين والسادس والستين والسابع والستين والثامن والستين والتاسع والستين والسبعين والحادي والسبعين والثاني والسبعين والرابع والسبعين والخامس والسبعين والسابع والسبعين والثامن والسبعين والتاسع والسبعين والحادي والثمانين والرابع والثمانين والخامس والثمانين والسادس والثمانين والسابع والثمانين والتاسع والثمانين والتسعين والحادي والتسعين والثالث والتسعين والرابعة والتسعين والسادس والتسعين والسابع والتسعين والثامن والتسعين والتاسع والتسعين والمائة وأثنين
وبأن يدفعوا للمدعى الثالث والسبعين مبلغاً وقدره أربعمائة ألف دينار تعويضاً عن الضرر الذي حاق بأبنيه المضرورين .
وبأن يدفعوا على سبييل التعويض المادي والمعنوي لكل من المدعين : ـ المائة وستة والمائة وثمانية والمائة وعشرة والمائة والثاني عشر والمائة والثالثة عشر والمائة والرابع عشر والمائة والحادي والعشرين والمائة والسادسة والعشرين والمائة والثلاثين والمائة والسابع والثلاثين والمائة والسادس والأربعين والمائة والثامن والأربعين , مبلغاً وقدره مئتي وخمسين ألف دينار منها " مئتي ألف دينار" تعويضاً لابنائهم عن الضرر المادي و " خمسين ألف دينار لكل ولي شرعي عن الضرر المعنوي سالف البيان.
كما قدّرت المحكمة لكل أمّ من المدعيات أرقام المائة وسبعة والمائة وتسعة والمائة والحادية عشر والمائة والعشرين والمائة والثانية والعشرين والمائة والحادية والثلاثين والمائة والثامنة والثلاثين والمائة والسابعة والأربعين والمائة والحادية والخمسين مبلغاً وقدره " مائة ألف دينار " على الضرر المعنوي بالنظر إلى ما لاقته كل منهن من معاناة لتخّر تحت وطأتها الرواسى الشامخات لما تتميز به من الأمّ من حنان بِلا حدود وعطفٍ تُغدِقـُه بغير قيود وهى بعد في حزن شديد ومن العدوى غير بعيد وهى تحضن حياً الموت أقرب إليه من حبل الوريد , تلك حالـهن وأنى للتعوض أن يُشفي ما فقد الوليد وعاسى أن يخفف عنهن شيئاً من المال .
***** وحيث إنه وعن التعويض الذي قدّرته المحكمة لوالد كل مضرور عما أحاق به من ضرر معنوي لما آل إليه حال ابنه من علّة دائمة عجز الطب الحديث عن شفائها وقد تلقاها بغير ذنب جناه وقد أعقب ذلك آثار سلبية على من سيعقل منهم إذا أمتد به العمر على التفصيل السالف البيان , وقد رأت المحكمة أن في مبلغ " خمسين ألف دينار " ما عساه أن يشدّ من أزره ويعينه على مولاة صبره إلى أن يقضى اللـه أمراً كان مفعولا.
***** وحيث إنه وعما زاد عن ذلك من الطلبات فقد رأت المحكمة رفضها اكتفاء بما قدّرته من تعويض رأت فيه الكفاية لجبر الأضرار التي أحاطت بالمدعين كما قدّرت المحكمة رفض طلب شمول الحكم بالنفاذ لعدم توافر إحدى حالات وجوبه أو جوازه كنص القانون.
***** وحيث إنه وعن المدعى عليهم من السابع وحتى السادس عشر فقد استصوبت المحكمة القضاء ببراءتهم عما نسب إليهم وفق التفصيل الوارد بالأسباب آنفة الذكر فيما اختص بالشق الجنائي وهى تلك التي لاعلاقة بالضرر الذي حاق بالمجني عليهم وكانت المسؤولية التقصيرية لقيامها في جانب المسئوول عنها تشترط توافر أركانها أولـها الخطأ والذي لم يثبت في حق كل منهم فكان لزاماً على هذه المحكمة مجرد التذكير بعدم توافر أركان المسؤولية المنوه عنها في حق كل منهم إعمالا للحقيقة القضائية التي استقر في شأن اسناد التهمة والخطأ المدني لفاعليه , ولذا فقد تعّين رفض الطلبات في مواجهة هؤلاء .
***** وحيث إنه عن المصاريف فقد سعى المدعون بمخاصمة المدعى عليهم وقد خابوا في بعض مسعاهم فكان لزاماً لذلك القضاء في مواجهة المدعى عليهم الستة الأول والمدعى عليهم بصفتهم بإلزامهم بالمصاريف المناسبة وعلى وجه التضامن عملا بالمواد ( 281 ـ 282 مرفعات )
فلـهذه الأسباب
باســـــــــم الشـــــــــعب
بعد الاطلاع على المواد 190 , 193 , 277 /1 . 2 , 287 , 346 , 348 أ .ج , و 19 (المعدلة) 34 , 39 , 77 , 177 , 305 / 2.1 عقوبات , 77/1 , 78 /1 , 90 من القانون رقم 1 / 93 بشأن المصارف والنقد والائتمان وتعدلايه .
حكمت المحكمة حضورياً للأول وحتى السادس عشر وللحادي والعشرين ومن السادس والعشرين إلى الخامس والثلاثين وغيابياً لمن عداهم .
في الدعوى الجنائية : ـ
أولا : بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى في شأن التهمة المسندة للمتهمين من السادس والعشرين وحتى الخامس والثلاثين .
ثانياً : ببراءة المتهمين من الثامن وحتى الخامس والعشرين مما نسب إليهم .
ثالثاً : بمعاقبة كل من ( أشرف أحمد جمعة الحاجوج ) , ( كرستيانا فينيلنوفا فتشيفا) و( ناسيا أستويتشيفا نينوفا ) و (فالنتينا مانولوفا سيرو بولو ) و( فاليا جيورجيفا تشير فيناشكا ) و ( سنجانكا إيفانوفا ديمتروفا) : ـ بالإعدام رمياً بالرصاص عن جريمة ( نشر الوباء العمدية ) وبنشر ملخص الحكم على نفقتهم لمرتين متتاليتين بصحيفتي (البيان والزحف الاخضر) وبإلصاق خلاصته على لوحة إعلانات محكمة إستئناف بنغازي ومستشفى الفاتح لطب وجراحة الأطفال وبإذاعته لمرة واحدة بالاذاعتين المرئية والمسموعة .
رابعاً : وبمعاقبة الأول والثالثة بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن جريمة (التعامل في النقد الاجنبي وتصديره) وتغريم كل منهما خمسمائة دينار وبحرمانهما من حقوقهما المدنية مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها .
خامساً : وبمعاقبة كل من الثانية والسابع بالسجن لمدة أربع سنوات عن جريمة (التعامل في النقد الاجنبي واستيراده وتصديره) وتغريم كل منهما ستمائة دينار وبحرمانهما من حقوقهما المدنية مدة تنفيذ العقوبة وسنة بعدها.
سادساً : وبإلزامهم بالمصاريف الجنائية .
سابعاً : وببراءة المتهمين من الأول إلى السابع فيما عدا ذلك .
في الدعــوى المدنية
1) أولا : ـ بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى في شأن كل من المدعين : ـ التاسع والاربعين والثانية والتسعين والمائة وخمسة والمائة والستة والمائة وثمانية والمائة وعشرة والمائة والثاني عشر والمائة والرابع عشر والمائة والخامس عشر والمائة والسادس عشر والمائة والسابعة عشر والمائة والثامنة عشر والمائة والتاسعة عشر والمائة والحادي والعشرين والمائة والثالثة والعشرين والمائة والرابعة والعشرين والمائة والخامسة والعشرين والمائة والسادسة والعشرين والمائة والسابع والعشرين والمائة الثامن والعشرين والمائة والتاسعة والعشرين والمائة والثلاثين والمائة والثاني والثلاثين والمائة والثالث والثلاثين والمائة والرابع والثلاثين والمائة والخامس والثلاثين والمائة والسادسة والثلاثين والمائة والسابع والثلايثن والمائة والتاسع والثلاثين والمائة والاربعين والمائة والحادي والاربعين والمائة والثاني والاربعين والمائة والثالث والاربعين والمائة والرابعة والاربعين والمائة والخامسة والاربعين والمائة والسادس والاربعين والمائة والثامن والاربعين والمائة والتاسع والاربعين والمائة والخمسين والمائة والثانية والخمسين .
2) ثانياً : بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة في شأن كل من المدعين : ـ الأول بصفته والتاسع والسادس والعشرين والسابعة والعشرين والحادي والاربعين والثاني والاربعين والسادس والاربعين والثاني والستين والثالث والستين والسادس والسبعين والثالث والثمانين والثامن والثمانين والمائة والمائة وثلاثة .
3) ثالثاً : بعدم قبول الدعوى لرفعها علىغير ذي صفة في شأن كل من المدعى عليهم بصفتهم : ـ الثامن والثلاثين والاربعين والحادي والاربعين والثاني والاربعين والثالث والاربعين .
4) رابعاً : ( أ ـ بإلزام كل من المدعى عليهم من الأول إلى السادسة والسادس و الثلاثين والسابع والثلاثين والتاسع والثلاثين بأن يدفعوا متضامنين على سبيل التعويض المادي لكل من المدعين : ـ الثاني والثالث والخامس والسادس والسابع والثامن والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين والحادي والعشرين والثاني والعشرين والثالث العشرين والرابع والعشرين والخامس والعشرين والثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين والحادي والثلاثين والثاني والثلاثين والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين والخامس والثلاثين والسادس والثلاثين والسابع والثلاثين والثامن والثلاثين والتاسع والثلاثين والاربعين والحادي والاربعين والثالث والاربعين والرابع والاربعين والخامس والاربعين والسادس والاربعين والثامن والاربعين والخمسين والحادي والخمسين والثالث والخمسين والرابع والخمسين والخامس والخمسين والسادس والخمسين والسابع والخمسين والثامن والخمسين والتاسع والخمسين والستين والحادي والستين والرابع والستين والخامس والستين والسادس والستين والسابع والستين والثامن والستين والتاسع والستين والسبعين والحادي والسبعين والثاني والسبعين والرابع والسبعين والخامس والسبعين والسابع والسبعين والثامن والسبعين والتاسع والسبعين والحادي والثمانين والرابع والثمانين والخامس والثمانين والسادس والثمانين والسابع والثمانين والتاسع والثمانين والتسعين والحادي والتسعين والثالث والتسعين والرابعة والتسعين والسادس والتسعين والسابع والتسعين والثامن والتسعين والتاسع والتسعين والمائة واثنين بصفتهم أولياء ابنائهم المضرورين مبلغاً وقدره ( مائتى ألف دينار ) .
ب) وبإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامنين على سبيل التعويض المادي للمدعي الثالث والسبعين بصفته ولياً لإبنيه المضرورين مبلغاً وقدره ( أربعمائة ألف دينار ) .
ج) وبإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامنين على سبيل التعويض المادي والمعنوي لكل من المدعين : ـ المائة والستة والمائة وثمانية والمائة وعشرة والمائة والثاني عشر والمائة والثالث عشر والمائة والرابع عشر والمائة والحادي والعشرين والمائة السادسة والعشرين والمائة والثلاثين والمائة والسابع والثلاثين والمائة والسادس والاربعين والمائة والثامن والاربعين أصالة عن أنفسهم وبصفتهم أولياء ابنائهم المضرورين مبلغاً وقدره (مائتى وخمسين ألف دينار).
د) وبإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامين على سبيل التعويض المادي والمعنوي لكل من المدعين : الرابع والمائة وأربعة مبلغاً وقدره ( مائتي وخمسين ألف دينار) .
هـ) وبإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامنين على سبيل التعويض المعنوي لكل من المدعيات : ـ المائة وسبعة والمائة وتسعة والمائة والحادية عشر والمائة والعشرين والمائة والثانية والعشرين والمائة والحادية والثلاثين والمائة و الثامنة والثلاثين والمائة والسابعة والاربعين والمائة والحادية والخمسين مبلغاً وقدره (مائة ألف دينار).
و) وبإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا متضامنين على سبيل التعويض المادي والمعنوي للمدعية المائة والثانية والخمسين أصالة عن نفسها مبلغ وقدره ( مائة ألف دينار) وبصفتها وكيلة لولي ابنها المضرور مبلغاً وقدره ( مائتي ألف دينار ) وبصفتها وكيلة عن زوجها مبلغ وقدره ( خمسين ألف دينار ) .
5) خامسا: وبرفض مازاد عن ذلك من طلبات وبإلزام المدعي عليهم بالمصاريف المناسبة .
خالد محمود التارقي فضل اللـه فرج الشريف
أمين سر الجلسة رئيس الجلسة
ــــــــــــــــــــ
: (البوري)