المرأة السعودية و المحاكم الشرعية
اعلم يقيننا أننا والحمد لله في محاكمنا يبقى العدل الشرعي هو القول الفصل الذي يقبله الجميع ذكوراً وإناثاً.. كبيرهم وصغيره.. وأمام القاضي تنتفي كل الفوارق وتبقى كلمة الحق المستمدة من الكتاب والسنة هي المرجع المنصف بين المتخاصمين. وسط هذا الضجيج حول تحديث النظام القضائي في السعودية. سالت الشيخ عبدالعزيز بن غرم اللة ألغامدي وهو طالب دكتوراه في الشريعة أجاب لي وقفات حول هذا الموضوع أوجزها في نقطتين تمثل وجهة نظر قد تصيب وقد تخطئ
النقطة الأولى :
إن تقنين الفقه أمر مهم ومطلوب ، وبحث تطبيقه مطروح حالياً وبقوة بين مشايخنا في مجالسهم وبحوثهم وبين أروقة وزارة العدل حالياً ، وقد قرأت للشيخ العبيكان أن العمل جار على تقنين أحكام الفقه لدى الوزارة ..
والمشكلة في هذا الموضوع باختصار تعارض وجهتي نظر قويتين هي مثار خلاف بين العلماء فالطرف الأول يرى جواز وأفضلية تقنين الفقه لفوائد كبيرة ليس هذا مجال حصرها، ولكن ليس من أقلها توحيد الأحكام وعدم إحداث تباين بين قاض وآخر. والطرف الآخر يرى أن عصر الرسول والصحابة والقرون المفضلة لم يكن بها تقنين ، ومع هذا فقد كانت الأمة تحظى بالعدل الذي لم يسمع بمثله قط ، كما أن القيام بهذا العمل يحجر على العلماء الاجتهاد والاستنباط حسب ملابسات كل قضية ،ويجعل القاضي ملزماً بقوانين جامدة قد تخالف قناعته وما يراه صواباً كما أن مشايخنا – حفظهم الله- يخشون أن يقوم بالتقنين من ليس له أهلية شرعية ، أو أن يدخل ضمن المقننين أو مواد التقنين شيء من القوانين الوضعية المخالفة للشريعة ثم يفرض عليهم هذا التقنين بشوائبه . والحل تقنين أحكام الفقه من قبل علماء الشريعة فقط، ويكون فيه استقلال تام لهم في ما يتفقون عليه.
النقطة الثانية :
أتفق معك تماماً في الصعوبات التي تواجهها المرأة في المحاكم الشرعية ،والتي تستلزم التخفيف من وطأة البيروقراطية ،وتذليل الصعوبات الإجرائية والروتينية قدر الإمكان ،واستخدام التقنيات الحديثة التي تمكن الشخص من معرفة حالة معاملته من بيته دون الذهاب إلى المحكمة وغير ذلك من الوسائل . ولكن الدعوة الي إنشاء محاكم للأحوال الشخصية ، أو إيجاد قاضيات ، أو السماح للمرأة في الحضور بدون محرم ، أمر سيرفضه علماؤنا والمجتمع بكل شدة حذراً من أي أفعال أو تصرفات قد تستغل هذا القرار لعمل أمور لا تحمد عقباها .
وبالنسبة لمحاكم الأحوال الشخصية يمكن أن نوجدها داخل المحكمة بدلا من لجنة إصلاح ذات البين وان تكون هناك دائرة مختصة بالأحوال الشخصية . وتتميز عن غيرها من سائر الدوائر بأن تكون لها تسهيلات إجرائية لا موضوعية , وأن يوضع فيها من القضاة من يتخصص في هذا المجال فقط ،كما إن إلزام القضاة بالسوابق القضائية التي ميزت من قبل ، وهذا الحل قابل للتطبيق بسرعة بعكس قرار استحداث قرار إنشاء محاكم مختصة بالأحوال الشخصية انتهي حديث الشيخ .
يجب إن نعترف بحقيقة جلية وأمر عسير وهي حين تقوم المرأة بالتقاضي في قضية أحوال شخصية (طلاق - حضانة - نفقة - خلع - إرث) تعاني من المراجعة في القضاء وهناك حالات متكررة نستعرضها بصورة مبسطة التي تعيشها المرأة.
1 : سيدة تطلب الخلع من زوجها فهي متزوجة ولديها عدد من الأبناء، "طلقها زوجها أكثر من ست مرات إلا أنة ينكر ذلك ، ويضع شرطاً للطلاق هو التنازل عن الأبناء ليعيشون معه وهو خريج سجون في قضايا أخلاقية . وتطالب إثبات فسخ عقد النكاح وهو رافض واغلب وقته في السجن.
2 : سيدة معلقة منذ عدة أعوام تراجع المحاكم من أجل الحصول على الطلاق ولا جديد، زوجها يعيش في منطقة وهي في منطقة وطلبوا منها أن تراجع محاكم منتطقتة إن أرادت الطلاق ورغم صعوبة مثل هذه المراجعة لامرأة لا أحد لها هناك. فكيف لها أن تلاحق الرجل. فهي ضائعة بلا هوية ! هل لها إن تذهب إلى المحكمة او الأحوال المدنية تطالب بما يثبت هويتها حتي تستطيع مراجعة الهيئات الحكومية المختصة في قضيتها.
3 : سيدة تطلب التفريق بينها وبين زوجها الذي يكبرها بحوالي الثلاثين عاماً وسبب طلبها هو أنه خدعها واخبرها أنه غير متزوج من غيرها لتكتشف بعد الزواج أنها الزوجة الثالثة، ويرفض زوجها تطليقها حتى ترد له مهره، فكيف يحكم عليها بالمهر ولا يحكم علية بكذبة عليها .
4 : سيدة تطلب الطلاق بعد أن ابدي الزوج من الخصال ما لا تستقيم معه الحياة فهو يضربها ويهينها باستمرار وقدمت صور محاضر من الشرطة والمستشفيات وهي تراجع المحكمة لطلب الطلاق ولا احد يستجيب لها.
5 : سيدة تطلب بحقها في ارث والدها من إخوتها وفي زوجها العدل الذي يقتضي في ابسط حالاته الإنفاق عليها وعلي صغارها خاصة وإنها بلا مورد مالي يمكنها من الإنفاق عليهم كما أنها تأمل أن يعود زوجها إلى رشده ويخشى الله فيها ويعدل بينها وبين زوجته الأولى فإن لم يفعل فتريد حقها والطلاق منه.وتتمسك بنص خطاب سماحته الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة اللة رقم 1256/ 1 في 24/ 8/ 1382 هـ بحق المرأة في الإرث
هذا الجانب الواقعي وهناك الجانب النظري نراها في رسالة دكتوراه عنوانها "التكيف الاجتماعي والاقتصادي والأسري للمرأة المطلقة" قرأت بحثها للأستاذة آمال عبدالله الفريح وعينتها في الدراسة هن من المطلقات الموجدات في كافة الدوائر الحكومية والوزرات والمستشفيات والجمعيات الخيرية وهن 840 مطلقة .وقد لفت انتباهها إحساس المطلقات بالظلم القضائي خاصة أن الرجل يكون على دارية بما له وما عليه ويستطيع أن يتلاعب في أمور كثيرة وغالباً ما يلجأ للضغط على المرأة لتطلب الطلاق، فقد يضربها ويمارس بحقها أشكالاً مختلفة للعنف المعنوي والنفسي وفي النهاية يطلب مهره نظير طلاقها، بالإضافة إلى أن بعض الرجال يتركون النساء معلقات حتى يجمعن المهور وهو أمر بالغ القسوة.
وتقول الباحثة أكثر من التقيت بهن يتذمرن من عدم استطاعتهن أخذ حقوقهن والتي قد تكون مكفولة لهن بموجب الشرع والنظام، ولكن لا احد يستطيع أن يأخذ لهن حقوقهن الشرعية لأن هذا الحق لن تطاله المرأة إلا بعد سلسلة من الإجراءات والمعاملات يقوم بإنهائها محرمها شرطا .بموجب التعميم من وزارة الداخلية رقم 8/ ت/ 188 في 27/ 12/ 1409 هـ وهذا يُعد روتيناً نظاميا لأي قضية أو معاملة للمرأة في المحكمة ؟ وتسال الباحثة هل ممكن أن نتيح للمرأة مساحة أكبر في الحركة خاصة فيما يتعلق بما هو مادي أو إجرائي . عبر تعديل الأنظمة وجعلها أكثر مرونة.
ختاما شكرا لوزير العمل الدكتور غازي القصيبي علي إعطاء الأولوية في الوظائف للمطلقات.وألان الوقت المناسب للمطالبة بتفعيل عمل اللجنة المسؤولة عن أحوال المطلقات، خاصة مع ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع السعودي ، يجب ألا نخبئ رؤسنا في الرمل بل علينا أن نواجه مشاكلنا بجرأة ونسعى إلى حلها، وكل التقدير والاحترام الي أمير منطقة مكة المكرمة الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز علي تكوينه لجنة إصلاح ذات البين. الموجودة في إمارة منطقة مكة المكرمة . برئاسة الشيخ ناصر الزهراني بارك اللة في جهده وعملة فقد استطاع إن يسهم بشكل جدري في حل كثير من القضايا الأحوال الشخصية في المنطقة , وأننا نطالب بزيادة الدعم لهذا اللجنة في ضل عدم وجود محاكم مختصة في الأحوال الشخصية .
الدكتور/عبد الله بن مرعي بن محفوظ
Abdullah@binmahfouz.net