شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 20/4/2004
|
من المعروف أن الدين والسياسة في الإسلام لا ينفصلان
فكلاهما مضبوط بمبادئ دينية وقواعد فقهية من مصدر واحد
ولكن الواقع شيء آخر
فبعد أن كانت السياسة ، يفترض ، أنها مسخرة لخدمة الدين
أصبح الدين الآن ، ومنذ زمن بعيد ، مسخرا لخدمة السياسة ولخدمة السلطان
ولعبة الفتاوى هذه ليست جديدة
وتاريخنا العربي والإسلامي مليئ بشواهد وحوادث لعبت فيها الفتوى دورا كبيرا في الحكم ودعم السلاطين
مثال الخلاف ( الفتوي ) الذي شب بشأن حرية الإنسان في اختيار الخليفة ، وحول شرط ( قرشية الخليفة ) كالفتوى التي أطلقها الإمام الأوزاعي بحق غيلان الدمشقي فكفره ، ثم أجهز عليه السلطان الذي جاءت الفتوى لتلبي مطالبه في تصفية المعارضة التي تؤمن بأن الخليفة ليس شرطا أن يكون قرشيا وأن المواطن المسلم حر في اختيار خليفته وحاكمه
وما زالت اللعبة مستمرة
والفتوى جاهزة لخدمة السلطان ، والشعب المسكين يصدق أن أولئك يخدمون الدين ويخافون الله .. وليس السلطان فقط
عندما خرج بعض السعوديين في مظاهرة سلمية من أجل العراق والتنديد بالعدوان الأميركي عليه ، خرج علينا أيضا الشيخ السعودي ليقول : إن التظاهر من فعل الشواذ وليس من عادات المسلمين
!!!
إنها فتوى تلبي مطالب السلطان وعلى قياسه تماما
ولكنها ضد الشعب تماما ، وضد حق الشعب في التعبير السلمي عن نفسه والتعبير عن موقفه من القضايا العامة
أما حرية الرأي والتعبير ، فهذه لا يختلف عليها أي شيخين فالدوس عليها من أولويات وشروط .. المشيخة!!م
عندما كان الجهاد !! في أفغانستان يخدم الأميركان ، كانت الفتاوى لا تعد ولا تحصى لدعم الأفغان بالمال والسلاح والرجال ، لأن النظام ، حليف الأميركان ، والفتوى جاءت في محلها لخدمة الطرفين
أما الآن ، فرأي الشيخ أعلاه ، أن الجهاد فرض على العراقيين فقط
شو جرى يا ترى
ولماذا انقلاب الموازين بحسب انقلاب رغبات السلطان
وكذلك الفتوى الشهيرة التي صدرت عن الشيخ ابن باز بتحريم شراء السلاح من الاتحاد السوفياتي أو التعامل معه ، وكان الخلاف السعودي المصري ( الناصري ) في أوجه آنذاك ، ولم يكن لمصر وسوريا مصدر للسلاح سوى دول الاتحاد السوفياتي ، وفتاوى كثيرة لو أذكرها هنا لأثارت الضحك والاشمئزاز
الآن ، من السهولة بمكان استصدار فتوى بحق أي معارض في السعودية وتكفيره ، لمجرد أنه معارض سياسي للنظام هناك ، ومن السهولة على النظام تسخير الفتاوى للقضاء على أي صوت حر أو معارضة لأنظمة تبطش بشعوبها وتهدر ثرواتها وتتحالف مع أعداء الوطن
الشيخ يفتي ضد المعارضة ، ولكنه ينسى أن يفتي بشأن المال العام المنهوب والعمولات التي تصب في جيوب الأميركان والمبالغ التي يتبرع بها الأمراء لبوش وغيره من قتلة العرب
وينسى أن يفتي للدعم اللوجستي المال وغيره الذي قدمته السعودية للأميركان إبان حصارها واحتلالها للعراق والقواعد الأميركية وينسى أن يفتي بحرمة الالتزام بحصار العراق وتجويع وقتل أطفاله الذي التزمت به السعودية طيلة السنين الماضية السابقة على سقوط النظام العراقي
وينسى الفتوى بشأن الأموال المدفوعة لحملة بوش الانتخابية القادمة .. وينسى الفتوى بشأن حقوق الناس في مراقبة ميزانيتهم والشفافية .. وينسى الفتوى بشأن توزيع البلد وثرواته على أسرة واحدة وإلقاء الفتات للناس
وينسى وينسى الكثير مما لا يحب أن يفطن به ولا يريد أيضا لصوت الناس أن يخرج من حناجرهم ليطالبوا بحقوقهم المهدورة باسم الدين والسلطان
أعتقد أنه آن الآوان لرجل الدين أن يرحل عن دنيا السياسة
فحقوق الشعب العربي واضحة ولا تحتاج إلى فتاوى صفراء من رجال ومشايخ يلعبون بالناس بفتاواهم
نريد الحرية فقط .. حقوق إنسان .. ديمقراطية .. أن يكون صوت الناس له اعتبار .. الرأي العام وصوت الشارع .. والناس .. حقوق دستورية .. تداول سلمي للسلطة .. إمكانية محاسبة الحكام .. وعزلهم .. حرية الرأي والتعبير وحرية تشكيل الجمعيات والأحزاب .. أما أن يلعب فينا السلطان ومشايخه بالفتاوى والهراوات .. فهذا ما سئمنا منه حقا ولم يعد الحال العربي يحتمله إطلاقا
يا مشايخ السلاطين : خذوا فتاويكم وارحلوا عنا مع السلاطين بطائرة واحدة ... عسى أن يأتيكم صاروخ يريحنا منكم ومنهم
أما عن موضوع التكفير ( كفكرة ومبدأ ) فسأوافيكم بنظرة خاصة له وتحليل نفسي وعلمي وتحليلي لهذا المبدأ ومن يعتنقه
تحياتي
|