انه الاقلاع اليومي في مساحات من الفضاء المتناحر ، وفي مشهد ضبابي يحذرك من تدني مدى الرؤية ،لكي لا تجد نفسك متورطا في معارك الاقمار والفضاءات المفخخة.. ! نعم ...هذا هو زمن الفضائيات المتناثرة في ( الجهات الخمس )، حيث يقتادك الفضول الى شلال معلوماتي ضال ومضل ، فلا انت قادر على تنقية المعلومة ، ولا انت قادر على استيعابها،وليس لديك وقت لتحليلها، فاذا اردت ان تبحث وتقارن ،وجدت نفسك وقد انجرفت الى بحر من التناقض في ضجيج اعلامي مدروس .
انها فوضى الفضاء يا سيدي... حين تصبح العبثية هي الحكمة ، وينتحل الكذب صفة الغير، ويصبح المشهد وكانه حفلة تنكرية ، ومع هذا فلا تتعجب ،لانك ببساطة ، اما مصاب بحمى التلوث الاعلامي،او بلوثة العولمة بكامل اعراضها الجانبية .
يقول احد الكتاب الاسلاميين : ان هناك ازمة بين الاباء والابناء تبدأ عند نهاية الطفولة بفجوة ،ثم تتوسع الفجوة فتتحول الى جفوة ، ومن الجفوة يتولد الصراع
..............
او ليس هذا ما صنعته بنا فضاءات التغريب والتخريب في زمن الهوية المفقودة اصلا ،لاجيال مهمشة قبل ان تولد؟ انها البرمجة المتقنة لعقليتنا الهشة ،القابلة للترويض ،والمخترقة منذ صرختنا الاولى ،انه الضياع في ابهى حلله والليل في احلك ساعاته ،في زمن الفضاء الكاشف عن ساقيه ،وتوثيق اللحظة بكامل عريها ....! هذا هو صدام ( الفضاءات ) وليس ( الحضارات) ... فبين جمالية اللقطة وسحر الصورة تضيع الحقيقة ،فالمكياج الممنهج يميع المعلومة ويثير فتنة لعن الله موقظها .
وبعبارة اخرى ،هل ثمة فارق بين مشاهدتك المذيعة على الشاشة ومشاهدتها لحظة استيقاظها من النوم ...؟ لا تفكر مليا ، فهنا تكمن سذاجة السائل وسخافة المجيب ،في زمن المعلومة الرقمية والخبر العاجل الذي لم يزدنا الا توترا وقلقا واكتئابا ،فليس هنالك اشد ارباكا من سقوط حضارة بابتسامة امراة ،ومن الغاء التاريخ بجرة قلم،وتغيير الجغرافيا بهزة ارضية .
هذا الوضع المأزوم يضعنا امام خيارين لا ثالث لهما ،فاما القبول بتعرية العقل او القبول بتعرية الجسد ..... اذا ليس امامنا سوى( الهبوط الاضطراري ) ..... لنتفاجأ بان الفضاء بكل زينته وعطره وفتنته وانوثته وعبثيته ، اصبح يتنقل بيننا مائلا مميلا بلا تصوير ولا تشفير ... لندرك عندها باننا اصبحنا نعيش فوق ارض
ليست لنا.
منقول