أُرْكُلْهُ لِلأَعْلَى !!
بقلم / المعاون القضائي
كلاكيت أول مرة :
ظهيرة قائضة .. من أيام جهنم .. استحالت معها الأرض إلى صفيح ساخن ..
هناك من بعيد .. فتىً ( سعودي ) يهرول عبثاً ليصل إلى ( كامب ) مخصص للمهندسين الأمريكان علّه أن يطفئ ظمأه بكوب من الماء البارد كما يمنّي نفسه !!
تكاثف البخار على السطح الخارجي للكوب - فقط ليثبت لك عزيزي القارئ - .. البون الشاسع بين الجو المرّفه الذي يعيشه الخبير الأجنبي وبين غيره ؟!!!
هكذا حدّث الشاب ( علي ) نفسه وهو يرفع الكوب إلى شفتيه ..
خيّل إليه لوهلة أن يداً حجبت الشمس عنه بحيث لم يعد مضطراً ليتقي أشعة الشمس بكفه ..
هكذا هو .. حسن النية دائماً .. ولكن .. سرعان ما واصلت اليد مسيرها لتريق الكأس على الأرض ؟!!!
هذا الماء ليس لك .. نحن فقط من يشرب هذا المثلج .. إذا أردت أن تطفئ ظمأك فعليك بماء الصنبور الحار .. هل فهمت ؟؟؟؟
كلاكيت ثاني مرة :
تكاثفت قطرات البخار على جبين ( ... ) " الأمريكي الجنسية " وهو يدلف لمكتب وزير البترول والثروة المعدنية .. دلالةً على الجو المنعش الذي تعيشه تلك الصالة الضخمة .. صوت خطوات صاحبنا الأحمر يُسمع من بعيد .. بحيث استحالت معها الخمسة أمتار التي يتوجب عليه قطعها .. إلى مساحات شاسعة لا تكاد تنتهي ..
بيدٍ مرتعشة .. مد إلى الوزير إجازة رفضها مديره لحاجة العمل إليه كما هو مشروح على الورقة .
أطرق الوزير .. لحظات .. لكنها في عمر الزمن آنذاك .. سنوات !!
ممممم .. هل تذكر يا ( ... ) عندما سكبت الماء البارد من يدي قبل 25 سنة ..
صمت رهيب كسكون القبور اجتاح المكان ..
" لا عليك .. فأنا أدين لك بهذه الصفعة التي رمت بي للأعلى " .. ثم أمضى الورقة !!
( علي النعيمي ) وزير البترول والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية .. يصنّف من ( التكنوقراط ) الذين تلقوا دراساتهم العليا في الغرب ويتمتعون بمؤهلات متميزة .
( النعيمي ) يدير وزارة هي أقرب للإمبراطورية .. كيف لا والرجل يتحكم بمورد واحدة من أهم دول الشرق الأوسط .. يشرف من خلالها على تنظيم تزويد العديد من الدول الصناعية بالذهب الأسود !!
لقد تعمدت أن أبدأ حديثي بقصة مباغتة غير مترابطة أفاجئ بها عقل القارئ ..
جاهداً أن أصل من خلال هذا المقال إلى تحطيم أسطورة ما اصطلح ابن تيمية - قدس الله روحه - على تسميته بـثقافة " العوائد " !!
تلك العادات والتقاليد التي تؤصّل لثقافة الخذلان ، وفقه المرة الواحدة ، كيف لا ونحن نعيش في مجتمع يتصيد أفراده أخطاء غيرهم ليوهموا أنفسهم بحجم الأهمية التي يشعرون بها ، والمحيط الملائكي الذي يستمتعون به ( زعموا ) !!
وهذا إن كان عائقاً مثبّطاً لدى البعض إلا أنه بالنسبة لي من أكبر المحفزات على النجاح ، بل هو التطبيق العملي لقاعدة ( التدافع ) وهي سنة كونية أكّد عليها ( الحق سبحانه ) في غير ما موضع وإنما ترمى الشجرة المثمرة أما اليابسة فلا تسترعي انتباه أحد !!
صدعاً بالحق وإيفاءً للأمانة التي أمرنا بتأديتها فلا مناص من أن أعترف بأنا نملك مصانع بشرية ننافس بها الدول المتقدمة في انتاج ( الإنسان الرهابي ) والذي نشهد له لا عليه بأنه لا ينتظر أي تبعات لاحقة لمواقفه لأنه ببساطة ( رجل الخطوة الواحدة ) ، فالواحد منهم يريد أن يكون مناضلاً لكن بأخف التكاليف ، ويتمنى أن يكون ثورياً لكن بأبخس الأثمان فحاله كمن يريد أن يكون ( عابداً ) لكن من دون صلاة !!!
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر بعين الغيب عندما سن هذه القاعدة مبيّناً لصحابته طريق الجنة وما يتناوشه من المكاره ، وطريق النار وما يحف من المغريات !!
قديماً شدد ابن خلدون على مجتمع يلقى فيه الإنسان ضالته المعرفية المنشودة في إثراء الذهن وإضرام العقل وإيقاد الروح وإشعال فتيل القلب بالانتماء إلى عقيدة تربطه بقضايا واقعه ربطاً لازباً وتشده إلى مشاكل عصره شداً وثيقاً ..
وذلك من موقع المشارك والمنخرط والمندمج فيها لا من شرفة المتأمل !!!
** ومضة **
If you think education is expensive -- try ignorance.
اذا كنت تعتقد ان التعليم ثمنه باهض ... جرب الجهل قد يكون أقل كلفة
( قانون ميكافيللي )