الزميل الفاضل :
سبق أن طرحت فى المنتدى من أكثر من عام ذات القضية بوجه آخر .. وهى دعوى فسخ لعقد الزواج مقامة من الزوج للغش حيث أنه أكتشف بعد الزواج أن الزوجة بها مرض عقلى . وذات المشكلة تنطبق على الحالة التى تطرحها وهى الغش فى عقد الزواج .. والبكارة أحد أنواع هذا الغش .
والحقيقة أن الحكم هنا عجيب جدا .. فطبقا للقانون المدنى الغش يبطل التصرف لأنه من عيوب الإرادة .. والحكم فيها أنه لو كان المتعاقد يعلم بحقيقة الواقع ما كان ليقدم على إبرام التعاقد .
والأمر هنا يتطابق مع ذات الحالة فى عقد الزواج .. فالزوج تزوج الزوجة على أعتقاد بانها بكر لم يسبق لها الزواج فعندما يكتشف بعد الزواج أنها ليست بكر لا يحق له طلب فسخ العقد .
وبعد تداول القضية التى أشرت لها وكنت موكلا فيها عن الزوج وتطرق الموضوع لتقديم أبحاث ودراسات .. تبين بالفعل أن قانون الاحوال الشخصية المصرى يعطى للزوجة فقط حق طلب فسخ العقد دون الزوج .. ومرجعه فى ذلك مذهب الأمام ابو حنيفة .. بينما الحكم عند الشافعية يعطى الحق لكلا الزوجين فى طلب الفسخ .
وكان مرجع الاجتهاد عند الحنفية أن الزوج بيده الطلاق بارداته .. وكان منعه من طلب الفسخ حماية للزوجة من التشهير بها فى المحاكم .
وهو اجتهاد للحنفية لا يمكن تطبيقه فى هذه الأيام حيث أن الزوج إذا ما لجاء للطلاق بارادته سوف يرتب ذلك عليه التزامات منها مؤخر الصداق ونفقة المتعة ونفقة العدة وباقى الحقوق التى يثقل بها كاهله بينما هو كان ضحية غش يبطل العقد اساسا ولا يجعل هناك محلا لهذه الحقوق .
ما كان منى والحال كذلك إلا أننى طعنت بعدم الدستورية على هذا النص وقلت أنه مخالف للدستور للتمييز بين الزوج والزوجة على اساس الجنس . وأنه مخالف للشريعة الاسلامية لانه مجرد اجتهاد لا يستند لنص أو حديث . وقلت أنه لا محل للأخذ بمذهب الحنفية على إطلاقه فى كل الأمور وفى هذا الشأن تحديدا يفضل الاخذ برأى الشافعية لانه يوفر الحماية لمن يقع ضحية للغش .
المحكمة رفضت الطعنت بالدستورية زعما انه غير جدى بل أنه تهكم وقال اننى أطعن فى المذهب الحنفى بقول أنه مخالف للشريعة الاسلامية .. بينما الحقيقة أننى قلت أنه اجتهاد من الحنفية لا يستند لنص أو حديث ولكن مجرد اجتهاد يتغير بتغير الظروف والزمان والمكان .
وأخيرا قضت المحكمة برفض دعوى الفسخ .. ورحمة بالزوج ومحاميه رفضت المحكمة دعوى نفقة المتعة المنضمة لدعوى الفسخ دون أسباب منطقية لتحمى الزوج الذى تأكدت أنه وقع ضحية غش .
هكذا القضاء يا صديقى .. قضاء وقدر .. وأحمد الله أنه لم يكفرنى فى أسباب حكمه لأننى طعنت فى أراء الحنفية فى هذا الصدد .
ودمتم .
|