أفرزت تقنية التلقيح الصناعي ( طفل الأنبوب ) عدد من المستجدات ومنها بنوك النطف والأجنة، حيث تقوم فكرة البنك على أخذ النطف سواء الذكرية ( المني ) أم الأنثوية ( البييضات ) وتقوم بحفظها في مخازن ذات خصائص فيزيائية وكيميائية مناسبة فترة من الزمان قد تصل لربع قرن ، ثم يتم استرجاعها وقت الطلب .
ففي عام 1998م استخدم الأطباء حوالي 17228 بييضة ملقحة في محاولات لإحداث حمل ، لكن 19.3% تمخضت عن حدوث حمل وولادة ، ثم تطورت التقنية مؤخراً باستخدام مزيد من السكروز والبروبايندول Propanediol فارتفعت النسبة إلى 83% .
وقد انتشرت هذه البنوك في أوربا وأمريكا انتشاراً واسعاً حتى أنهم ليجنون من خلالها أرباحاً خيالية ، بل إن لها مواقع على الإنترنت يمكن من خلاله إرسال العينات أو طلبها أو حتى طلب الأرحام لحمل اللقيحة المطلوبة .
وقد تطورت الفكرة فأصبحت البنوك تشتري النطف من المتميزين في المجتمع كلاعب مشهور أو مغني ذائع الصيت أو الفائزون في مسابقة كمال الأجسام وهكذا ، وتم أيضاً شراء بييضات النساء المتميزات كملكات الجمال ، فيمكن للراغب عندهم في شراء بييضة ذات مواصفات معينة دفع الثمن وإجراء التلقيح الصناعي وانتظار المولود .
وقد يحصل في هذه البنوك مالا يتوقعه العميل فقد تقدمت امرأة إلى المحاكم تشتكي أحد بنوك المني ؛ لأنها حصلت على مني معتوه أو مجنون أو مصاب بالأمراض الجينية ، وهناك من طلبت ماء رجل أبيض فولدت مولوداً أسوداً ، وقد اعترفت أحد المستشفيات في استراليا بأن أربعة من النساء اللائي خصبن بهذه الطريقة تلقين فيروس مرض الإيدز عندما تم تخصيبهن بماء رجل مصاب بالإيدز بل أن عائلة في أمريكا اعتمدت في إنجابها على هذه البنوك فأنجبت ثلاثة أطفال حيث جاءت الفتـاة الكبيرة قمة في الذكاء والتوهج والثانية اتصفت بالرشاقة والخفة حيث كانت نطفها من راقصة مشهورة في نيويورك أما الثالث فكان صبياً ولد أصماً أخرساً .
وقام جراهام بابتكار فكرة بنك خاص للعباقرة فهو يهدف إلى إنجاب الأطفال المتفوقين عقلياً والنوابغ والعباقرة ويشترط في المتبرع أن يكون من الحاصلين على جائزة نوبل في أحد المجالات العلمية .
وبنفس النظام في أخذ بييضات المرأة فلابد أن تكون من المتفوقات في الذكاء منذ الطفولة بموجب اختبارات الذكاء التي أجريت لها أو تكون فازت بجائزة علمية عالية وقد أعلنت جامعة بيل الأمريكية مؤخراً عن توفر السائل المنوي لبعض العباقرة وبييضات لملكات الجمال " والسوبر مودلز " سعر البييضة 15 ألف دولار
أما الخطوات التي يتم فيها الحفظ :
1 – تجميد السائل المنوي بواسطة سـائل النتروجين تحت درجة منخفضة جداً ( -169 ) تحت الصفر في ثلاجة خاصة ، ثم إن السائل المنوي يوضع في علبة أو قارورة مصنوعة من رصاص خاص لحفظ المنويات ووقايتها من الأشعة والتلوث .
2 – يؤخذ السائل المنوي من أناس أصحاء أقوياء وذوي مواصفات معينة
3 – توضع الخلايا المنوية داخل أنابيب ويحتفظ البنك ببيانات سرية وخاصة إلى أن يولد الجنين ثم يقوم بحرق جميع المعلومات الخاصة المتعلقة بالمتبرع
4 – تفتح هذه البنوك للراغبين على وجهين :
أ – خاصة وهي التي يفتحها عميل واحد بالذات يرغب في حفظ نطفه لاستعمالها في المستقبل أيام شيخوخته أو يهبها لأحد أولاده أو أحفاده إذا كان لديه عقم ويدفع مبلغاً مالياً محدداً رسم افتتاح الحساب .
ب – عامة وهي التي تحفظ فيها تلك المصارف نطف المتبرعين ليبيعها المصرف إلى الراغبين أو الراغبات مقابل مبلغ مالي حسب نوع المني وهو يتخذ الأسلوب التجاري
حكم بنوك النطف :
يحرم إنشاء بنوك النطف والتعامل معها وذلك للأدلة التالية :
1 – عن ابن عمر y قال : " نهى النبي r عن عسب الفحل " أن فكرة البيع والشراء للمني يرفضها الإسلام أصلاً فإذا جاء النهي في تحريمها في الحيوان الذي لا ينظر لنسبه ، فكيف بالإنسان المكرم الذي ينبني على النسب أحكام مهمة .
2 – إن هذه البنوك تعيش فوضى عارمة في تضيع نسب الإنسان ومن الضرورات التي عظمتها الشريعة ( النسب ) وقد ذكرت المصادر الغربية أن بنوك المني تستخدم مني رجل واحد لتلقيح مئة امرأة بل ذكر مركز هاستنجس Hastings حالات تكون فيها أم الطفل جدته وأخته في وقت واحد.
وقد أخرج أبو داود في كتاب الطلاق باب التغليظ في الانتفاء والنسائي " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته " وفي سنده مقال كما في مشكاة المصابيح بتحقيق الألباني
وقد صدر قرار من مجمع الفقه الاسلامي الدولي و مجمع الفقه الإسلامي بالرابطة أن طفل الأنبوب يكون جائزا إذا كان من الزوجين فقط وإثناء قيام العلاقة الزوجية وفي رحم الزوجة وإذا اختل احد الأركان الأربعة كان محرما وهذا الحاصل في هذه البنوك.
4 - إن دخول المني لفرج المرأة – غير الزوجة وملك اليمين – من الكبائر فهو في حكم الزنا لقوله تعالى : ) والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين {.
5 – أن أساس هذه البنوك تتعارض مع أصول الشرع ومبادئ الفطرة حيث يولد أبناء بلا آباء مع العبث بماء الرجل والمرأة وإحداث مسائل معقدة كما لو حملت الزوجة بلقاح زوجها بعد ربع قرن من الزمان فكيف تنضبط قضية الميراث والحقوق الأخرى.
فالحاصل أن إنشاء هذه البنوك بهذه الطريقة يتعارض مع أصول الدين وهو محرم قطعاً ويستبعد أن يقول عالم معتبر بجواز هذه الصور.