اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
حسن عبد المنعم
التاريخ
4/20/2005 3:14:07 PM
  طعن بالنقض ( خيانة أمانة - مستندات ( محامي ) )) للعظة والاعتبار للزملاء      

 

محكمــــــة النقـــــض

مـــــذكــــــرة

بــأسبـــاب الطعــــن بالنقــــض

***

مقدمة من

..............................المحامي .  [ طاعن ]

ضــــــد

النيابة العامة [ مطعون ضدها ]

في الحكم الصادر بتاريخ 00/00/00 من محكمة جنح مستأنف السيدة زينب في القضية رقم  00 لسنة 00 جنح السيدة زينب والمقيدة برقم 00 لسنة 00 جنح مستأنف السيدة زينب.

و القاضي حضورياً بمعاقبة الطاعن لمدة شهر واحد مع الشغل ألزمته بالتعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب.

،، الـــــوقــــــائــــــع ،،

اتهمت النيابة العامة الطاعن بناء على ما جاء بصحيفة الادعاء المباشر المقامة من المدعي بالحق المدني ( ................................ ) بأنه في يوم --/-- /---- بدائرة قسم السيدة زينب محافظة القاهرة بدد المستندات المسلمة إليه على سبيل الأمانة ( عقدي البيع الابتدائي المملوكة للمدعي بالحق المدني ) وطلبت عقابه بالمادتين 341 و 343 من قانون العقوبات.

و بتاريخ 00/00/00 أصدرت محكمة جنح السيدة زينب حكمها القاضي بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 100 جم وإلزامه بأن يؤدي للمدعي المدني مبلغ وقدره 2001 جم على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزامه بالمصاريف والأتعاب .

فاستأنف المتهم هذا الحكم الطعين في المواعيد القانونية وسدد الكفالة لجلسة 00/00/00 وتأجلت الدعوى لجلسة 00/00/0000  وبهذه الجلسة مثل المدعي بالحق المدني شخصياً ومعه وكيل ومثل المتهم بوكيل عنه وبذات الجلسة قضت محكمة جنح مستأنف السيدة زينب بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل حكم محكمة أول درجة والاكتفاء بحبس المتهم شهر واحد والتأييد فيما عدا ذلك.

و بتاريخ -- /00/0000  قرر الطاعن محمد عثمان عبد الرحيم ( المحامي ) بالطعن بالنقض على هذا الحكم و بتاريخ -- /00/000 أودع الطاعن بالقلم الجنائي بمحكمة النقض مذكرة شارحة بأسباب الطعن بالنقض موقعاً عليها من الأستاذ/ ....................... المحامي بالنقض وأعدها الأستاذ/ حسن عبد المنعم حسن المحامي لدي محاكم الاستئناف العالي ومجلس الدولة .

ولما كان ذلك وكان الطاعن قد قرر بالنقض في الميعاد القانوني وأودع أسبابه بمذكرة موقعة من محام مقبول لدى محكمة النقض فمن ثم يكون مقبول شكلاً.

وحيث أن الحكم المطعون فيه قد أصابه العوار لما شابه من قصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تحصيل الوقائع والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون فأن الطاعن ينعي على هذا الحكم للأسباب الآتية :

أولاً: الإخلال بحق الدفاع.

ثانياً: القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.

ثالثاً: الفساد في الاستدلال والخطأ في تحصيل الوقائع.

 

(( أولاً: الإخلال بحق الدفاع ))

لقد تردى حكم محكمة أول درجة ومن بعده المحكمة الاستئنافية في خطأ قانوني فادح تمثل في إهداره لحقوق الدفاع في هذه الدعوى على أكثر من مستوى .

أولاً:         قعود محكمة أول درجة عن تحقيق عناصر الحكم التمهيدي الصادر منها في الدعوى والذي تبعتها المحكمة الاستئنافية في ذات الخطأ حينما لم تتدارك هذا الخطأ رغم إصرار دفاع المتهم على التمسك بتحقيق عناصر الحكم التمهيدي بمحضر جلسة 13/10/2003 أمام المحكمة الاستئنافية وكذا بمذكرة دفاعه مما يجعله طلباً جازماً وجوهرياً يترتب على الإخلال به وعدم إجابته الإخلال بحق الدفاع.

وفي هذا الشأن قضت محكمتنا العليا بأن:

                 (( يجب على المحكمة أن تعمل على إتمام التحقيق الذي بدأت فيه للتوصل إلى الحقيقة فإذا هي لم تتمه ولم تبين السبب الذي دعاها إلى العدول عنه فإن حكمها يكون معيباً ))[1].

وقضت كذلك بأن :

                 (( من المقرر  أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمه الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق وذلك بغض النظر عن مسلك المتهم في صدد هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن تكون رهن مشيئة المتهم في الدعوى ))[2]

وبالتطبيق على واقعات الدعوى المطعون على حكمها ومن خلال مطالعة محاضر الجلسات الثابت بها أن محكمة أول درجة قد أحالت الدعوى إلى التحقيق بجلسة 00/00/0000  حيث قضت :

                 (( حكمت المحكمة وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بالحق المدني بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة وشهادة الشهود من أن المتهم قد اختلس الأوراق المبينة تفصيلاً بالصحيفة عقدي البيع وصرحت للمتهم بالنفي بذات الطرق)).

وحيث أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بإحالة الدعوى للتحقيق إنما يُعبر عن حقيقة مكنونة غير ظاهرة وإنما يستدل عليها من عبارات الحكم التمهيدي ذاته ومن ترتيب عبء الإثبات .. أن المحكمة تشككت في صحة الاتهام المسند للمتهم فأحالت الدعوى للتحقيق لكي يثبت المدعي بالحق المدني أن المتهم اختلس الأوراق ثم لينفي المتهم بذات الطرق بعد ذلك ما يثبته المدعي المدني .. فإن في هذا السلوك من محكمة أول درجة ما يحقق ضمانة للمهم بشأن دفاعه بانتفاء فعل الاختلاس من جانبه وفي هذا الصدد قضت محكمتنا العليا بأن:

                 ((يكفي في المحاكمات الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي بالبراءة ))[3].

وحيث أن محكمة أول درجة قد رأت بعد دفاع المتهم وتشككها في صحة الاتهام المسند للمتهم إحالة الدعوى للتحقيق فكلفت المدعي بالحق المدني بالإثبات ثم بجلسة 00/00/0000 مثل المدعي بالحق المدني ولم يقدم ثمة دليل جديد لاحق على الحكم التمهيدي أو يثبت بأي طريق قانوني اختلاس المتهم للمستندات فمن ثم باتت المركز القانونية كما هي عليه قبل إحالة الدعوى للتحقيق وحيث أن المدعي بالحق المدني قد عجز عن إثبات دعواه فمن ثم لا يوجد ما يجب على المتهم نفيه وبالتالي فإنه والحالة هذه كان يتعين على محكمة أول درجة القضاء ببراءة المتهم لعجز المدعي المدني عن إثبات دعواه.

ثانياً:      طرح محكمة أول درجة ومن بعدها المحكمة الاستئنافية لشهادة زوجة المدعي بالحق المدني بشأن نفي فعل الاختلاس عن المتهم واستلام المدعي المدني لمستنداته المدعى تبديد المتهم لها.

                 حيث قررت محكمة أول درجة (( أنه لا ينال من توافر القصد الجنائي في حق المتهم ما أثاره وكيل المتهم من وجود إقرار منسوب صدوره لزوجة المدعي بالحق المدني يفيد استلامه لهذه المستندات ، فهذا الإقرار تلتفت عنه المحكمة لعدم اطمئنانها إليه وذلك لوجود خلافات وقضايا منظورة بين المدعي المدني وزوجته ( ..........................) الأمر الذي تنتهي معه المحكمة إلى ثبوت التهمة قبل المتهم )).

                 وقد التفتت المحكمة عن هذا الإقرار بالشهادة بقالة وجود خلافات بين المدعي بالحق المدني وزوجته ولم تستظهر في أسباب حكمها زمن هذه الخلافات من حيث معاصرتها لوقت تسلمه المستندات أم بعد استلامه إياها إذ أن شهادة زوجة المدعي بالحق المدني انصبت على واقعة مادية عاينتها بنفسها قبل حدوث الخلافات بينهما فإذا ما أقرت عليها فإنها تقر وتشهد على واقعة مستقلة عن الخلافات وسابقة عليها لا سيما وأن هذا الإقرار بالشهادة أيضاً سابق على الخلافات بينها وبين زوجها .

وفي هذا الشأن قضت محكمتنا العليا بأن:

                 (( مفاد نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريباً أو زوجاً له ، وإنما أُعفي من أداء الشهادة إذا أراد ذلك أما نص المادة 209 من قانون المرافعات المدنية والتجارية فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشي بغير رضاء الأخر ما عساه يكون قد أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انفصامها إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما على صاحبه أو إقامة دعوى على أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الأخر فإذا كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة المتهم الأول وزوجة أخيه لم يبلغ إليهما من زوجيهما بل ما شهدتا بما وقع عليه بصرهما وأتصل بسمعهما فإن شهادتهما تكون بمنأى عن البطلان ويصح في القانون استناد الحكم إلى أقوالهما )) [4].

ولما كان ذلك هو قضاء محكمتنا العليا وكانت محكمة أول درجة ومن بعدها المحكمة الاستئنافية قد طرحتا شهادة الزوجة الثابتة بالإقرار الرسمي وامتنعتا عن سماع شهادتها في تحقيق تجريه المحكمة كطلب دفاع المتهم على واقعة عاينتها زوجة المدعي بالحق المدني وحضرتها وأدركتها بحواسها وكان من شأنها نفي الجريمة عن المتهم فتكونا قد أخلتا بحق المتهم في الدفاع.

ثالثاً :      عدم رد محكمة أول درجة ومن بعدها المحكمة الاستئنافية على الإقرار بالشهادة الخاص بالسيد/ ................................  الشاهد الثاني والذي قدم أمام محكمة أول درجة.

             فإذا كانت محكمة أول درجة قد قالت كلمتها محل الطعن بشأن إقرار الزوجة فإنها لم تشر من قريب أو بعيد للإقرار بالشهادة الصادر من الشاهد الثاني                 ( ..................... ) ولم تقل كلمتها فيه بالقبول أو بالرفض وهو ما تبعته فيه المحكمة الاستئنافية وهو ما يؤدي إلى توفر سبب الطعن الإخلال بحق الدفاع في حق كلا الحكمين الابتدائي والاستئنافي فضلاً عن القصور في التسبيب.

رابعاً:      عدم سماع محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية لشهود نفي المتهم .

             إذ أنه رغم إصرار دفاع المتهم على سماع شهود نفي الواقعة أمام كلا المحكمتين أو وثاني درجة وتمسكه بحقه في سماعهما إلا أن كلا المحكمتين لم تلق بالاً لدفاع المتهم بشأن إحالة الدعوى للتحقيق لسماع شهود النفي إذ أنه كان يجب على المحكمة متى اتجهت إلى القضاء بغير البراءة أن تجيب الدفاع إلى طلباته لا سيما وأنه طلب جوهري طالما أن المحكمة لم تقل كلمتها بشأن الإقرارات بالشهادة المقدمة من دفاع المتهم وفي هذا الشأن قضت محكمتنا العليا بأن:

                 (( إذا نفى المتهم واقعة الاختلاس أو التبديد وطلب سماع شاهد نفيه فلا يجوز للمحكمة أن تحجب نفسها عن مناقشة أقوال هذا الشاهد وبيان دلالتها في نفي جريمة خيانة الأمانة المسندة إليه بدعوى أنه لا يجوز أن يثبت بشهادة الشهود ما يخالف الإقرار الموقع عليه منه .. والمقدم من المجني عليه وذلك لأن واقعة خيانة الأمانة واقعة مادية يجوز إثباتها ونفيها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة رجوعاً إلى الأصل العام وهو مبدأ حرية القاضي الجنائي ..))[5].

وقضت كذلك بأن :

                 (( الأصل هو وجوب سماع الشهود أمام محكمة الدرجة الأولى وأن تتدارك المحكمة الاستئنافية ما يكون قد وقع من خطأ في ذلك آلا أن هذه القاعدة يرد عليها قيدان نصت عليها المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أولهما ألا يكون سماع الشاهد متعذراً والأخر أن يتمسك المتهم أو المدافع عنه بسماعه حتى لا يفترض في حقه أنه قبل صراحة أو ضمناً الاكتفاء بأقواله في التحقيق )) [6]

وقضت أيضاً بأن :

                 (( من المقرر أنه يتعين إجابة الدفاع إلى طلبه سماع شهود الواقعة ولو لم يرد لهم ذكر في قائمة شهود الإثبات أو يقم المتهم بإعلانهم لأنهم لا يعتبرون شهود نفي بمعنى الكلمة حتى يلتزم بإعلانهم ولأن المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح غير مقيدة في ذلك بتصرف النيابة العامة فيما تبينه في قائمة شهود الإثبات أو تسقطه من أسماء الشهود الذين عاينوا الواقعة أو يمكن أن يكونوا عاينوها وإلا انتفت الجدية في المحاكمة وانغلق باب الدفاع في وجه طارقه بغير حق وهو ما تأباه العدالة أشد الأباء )) [7].

وقضت كذلك بأن:

                 (( طلب الدفاع في ختام مرافعته البراءة أصلياً واحتياطياً سماع شاهد إثبات أو إجراء تحقيق معين يعتبر طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى البراءة )) [8].

 ولما كان ذلك هو ما استقرت عليه أحكام محكمتنا العليا بشأن المبادئ التفسيرية لماهية الإخلال بحق الدفاع وكانت هذه المبادئ إنما تجد ثوبها فيما تردى فيه حكم محكمة أول درجة ومن بعده الحكم الاستئنافي فمن ثم بات هذا السبب له ما يؤازره من الأوراق والقانون.

 

 (( ثانياً : القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ))

من المستقر عليه فقهاً وقضاءاً أنه متى كان ينعي الطاعن على الحكم بالقصور في التسبيب فإنه يجب عليه أن يبين مواطن القصور في الحكم. ( الفقيه الفرنسي موتوليسكي و فاي - les trois dimination pour la motivation  ).

وقد جاء حكم محكمة أول درجة وحكم المحكمة الاستئنافية قاصراً في بيان أسبابه للأسباب الآتية :

أ‌.   تناقض الأسباب مع ما جاء بمحاضر الجلسات من عدم إبداء محكمة أول درجة لسبب العدول عن الحكم التمهيدي.

فقد حكمت محكمة أول درجة وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق وحددت جلسة 00/00/0000 لإجراء التحقيق وبهذه الجلسة لم تجر المحكمة تحقيقاً في الدعوى ولم تعيد الدعوى للمرافعة ومع ذلك قررت حجز الدعوى للحكم رغم عدم إجراء تحقيق في الدعوى أو سماع شهود أو تنفيذ العناصر التي قررتها في الحكم التمهيدي ومع ذلك لم تشر إلى ذلك في حكمها الصادر بجلسة 00/00/0000 في الدعوى ولم تبين سبب العدول عن إجراء التحقيق ولم تبين سبب عدم إجرائها للتحقيق ولم توضح في أسباب حكمها ما دعاها لأن تلتفت عن إجرائه .

وفي هذا الشأن قضت محكمتنا العليا بأن:

                 (( يجب على المحكمة أن تعمل على إتمام التحقيق الذي بدأت فيه للتوصل إلى الحقيقة فإذا هي لم تتمه ولم تبين السبب الذي دعاها إلى العدول عنه فإن حكمها يكون معيباً ))[9].

ولما كان ذلك وكان هذا هو مسلك محكمة أول درجة وأيدتها فيه المحكمة الاستئنافية رغم تمسك دفاع المتهم بإتمام التحقيق وتنفيذ عناصر الحكم التمهيدي الصادر من محكمة أول درجة وكان ذلك وحسب ما هو ثابت بمحضر جلسة المحكمة الاستئنافية بجلسة 00/00/0000  وكذا بمذكرة دفاعه إلا أن كلا من محكمة أول درجة أن المحكمة الاستئنافية لم تشر من قريب أو بعيد في أسباب حكميهما إلى سبب عدم إجابة دفاع المتهم لطلبه وهو ما لا يمكّن محكمة النقض من مراقبة كليهما فيكون حكم محكمة أول درجة ومن بعده حكم المحكمة الاستئنافية قد جاء قاصراً في بيان أسبابه.

 

ب‌. عدم استظهار القصد الجنائي لدى المتهم وبناءها على سبب ذو طابع عام.

فقد جاء حكم محكمة أول درجة قاصراً في بيان أسبابه حينما تحدث الحكم عن تحويل حيازة المتهم للعقود من حيازة عارضة إلى حيازة كاملة معلقاً ذلك على قصد إضرار المتهم للمدعي بالحق المدني رغم عدم تحقيق الحكم الابتدائي لواقعة الاختلاس أصلاً ولأنه لا يوجد قصد جنائي بلا جريمة فكان يجب على محكمة أول درجة أن تحقق في عناصر الركن المادي للجريمة أولاً ثم تستظهر توافر القصد الجنائي من عدمه لا سيما وأن جريمة خيانة الأمانة هي جريمة عمدية لا يكفي فيها القصد العام وإنما اشترط لها المشرع قصداً خاصاً فضلاً عن الضرر هو ثبوت نية المتهم إضافة الشيء المبدد إلى ملكه والتصرف فيه تصرف المالك وهذا القصد لم تعن محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية ببحثه .. وذلك بالنظر لطبيعة الشيء المبدد ذاته وهو العقود .. فهذه العقود لا علاقة للمتهم بها وليس له أي مصلحة في تبديدها ولأن الإضرار بالمدعي المدني لابد وأن يقابله منفعة على الجانب الأخر لشخص ما وهو ما لا يجعل أمامنا سوى  أحد أمرين على الفرض الجدلي :

أولاً: أن يسلم المتهم العقود إلى زوجة المدعي بالحق المدني إذ أن هذه العقود هي عقود بيع لشقتين بالمقطم أثنين من المدعي المدني لزوجته ثم أثنين من زوجته له بصفته ولي طبيعي على أبناءه القصر .. فإذا كان المدعي المدني يدعي تبديد المتهم لعقدي البيع الصادرين من زوجته له بصفته ولي طبيعي على أبناءه القصر  فإن ذلك يعني أن المستفيد الوحيد من وراء اختفاء هذه العقود هي زوجة المدعي بالحق المدني ، ومع ذلك فقد قررت زوجة المدعي بالحق المدني في محضر رسمي قدم بالأوراق أنها تحوز الشقق كحاضنة ولم تدعي وجود حق عيني لها عليها ومن ثم باتت المصلحة المتحققة لزوجته من وراء فقد العقود كما يدعي منتفيه وبالتالي فلا يوجد ثمة ضرر أصابه.

ثانياً: أن يكون المتهم قد أخفى هذه المستندات ليساومه على أي شيء وهو ما لم يحدث ولم يدعي المدعي المدني على المتهم أنه فعل ذلك وبالتالي فقد انتفت مصلحة المتهم في تبديد هذه المستندات .

فإذا كان المنتفع هما المتهم وزوجة المدعي بالحق المدني وكما سبق وذكرنا من انتفاء المصلحة في التبديد وبالتالي انتفاء الضرر ولم ترد محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية في أسباب حكمها على دفاع المتهم بانتفاء القصد الجنائي بتبرير قانوني يصل بنا إلى النتيجة التي انتهى إليه فإن حكمها يكون معيباً بالقصور لا سيما وأن طبيعة الشيء المبدد لا يمكن للمتهم بحال أن يضيفه إلى ملكه.

وفي هذا الشأن قضت محكمتنا العليا بأن:

(( متى كان الحكم قد دان المتهم بجريمة التبديد دون أن يثبت قيام القصد الجنائي لديه وهو انصراف نيته إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بمالكه فإنه يكون قاصر البيان )) [10]

وقضت كذلك بأن:

(( التأخير في رد الشيء أو الامتناع عن رده إلى حين لا يتحقق به الركن المادي لجريمة التبديد ما لم يكن مقروناً بانصراف نية الجاني إلى إضافة المال الذي تسلمه إلى ملكه واختلاسه لنفسه إضراراً بصاحبه إذ من المقرر أن القصد الجنائي في هذه الجريمة لا يتحقق بقعود الجاني عن الرد إنما يتطلب فوق ذلك ثبوت نية تملكه إياه وحرمان صاحبه منه ، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر هذا الركن الأساسي ولم يرد على دفاع الطاعن بما يفنده يكون قصر بيانه قصوراً معيباً ))[11].

 

ت‌. تقرير المحكمة الاستئنافية ثبوت اختلاس المتهم للشيء المسلم إليه ومع ذلك لم تحقق هذه الواقعة المادية تحقيقاً موضوعياً تداركاً لخطأ وقصور محكمة أول درجة.

وهو الثابت من مدونات الحكم الاستئنافي إقراره بأن التهمة ثابتة في حق المتهم من قيامه باختلاس المستندات وذلك من خلال توقيعه على وجه حافظة المستندات بما يفيد استلامه لها ولم تلتفت إلى دفاع الطاعن أو تشير إليه من طلبه سماع شهود نفي للواقعة والذين حضروا واقعة استلام المدعي بالحق المدني لمستنداته أمامهم وبالتالي نفي الجريمة عن المتهم ولم تحقق هذا الدفاع موضوعياً ومن ثم يكون حكمها قد بات قاصراً في بيان أسبابه ، فضلاً عن خطأه في تطبيق القانون حيث أن محكمة الاستئناف قد أشارت إلى أن مناط العقاب هو ثبوت اختلاس المتهم الشيء الذي سلم إليه ولم تضيف ثبوت نية إضافة المال إلى ملكه ولم تعن ببحث هذا القصد.


 

(( ثالثاً : الفساد في الاستدلال والخطأ في تحصيل الوقائع ))

ويتجلى هذا السبب من الأوراق وتحديداً من حكم المحكمة الاستئنافية حيث قررت المحكمة بأن الثابت من مطالعة الأوراق أن المتهم قد بدد المستندات الخاصة بالمدعي بالحق المدني (( أثناء )) نظر القضايا 00000 ،00000 لسنة 0000  مدني كلي جنوب القاهرة في حين أن الواقعة وكما جاءت بصحيفة الدعوى تنصب على عدم قيام المتهم برد المستندات للمدعي بالحق المدني كما زعم بعد استلام المتهم لها عقب الحكم في الدعاوى وليس أثناء نظرها مما يقطع بأن المحكمة الاستئنافية أخطأت في تحصيل الوقائع وفهمها مما يشوب الحكم ويعيبه لثبوت عدم بحث المحكمة الاستئنافية لأوراق الدعوى ومستنداتها بالدقة اللازمة للحكم فيها.

فلهذه الأسباب ولجميع ما ذكر

أولاً: قبول الطعن شكلاً وقبل في الموضوع وبصفة مستعجلة تحديد أول جلسة للنظر في أمر وقف نفاذ الحكم الطعين إلى أن يقضى في موضوع الطعن بالنقض .

ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً.

وكيل الطاعن

                



[1] نقض جنائي طعن رقم 257 لسنة 16 ق جلسة 25/3/1946 مجموعة الأحكام .

[2] نقض جنائي طعن رقم 15 لسنة 42 ق جلسة 21/2/1972 س 23 ص 214 مجموعة الأحكام.

[3] نقض جنائي طعن رقم 109 لسنة 45 ق جلسة 9/3/1975 س 26 ص 220 مجموعة الأحكام.

[4] نقض جنائي طعن رقم 1194 لسنة 29 ق جلسة 2/2/1960 س 11 ص 118 مجموعة الأحكام.

[5] نقض جنائي مجموعة الأحكام جلسة 24/2/1974 س 25 رقم 40 ص 183.

[6] نقض جنائي طعن رقم 303 لسنة 42 ق جلسة 8/5/1972 س 23 ص 661 مجموعة الأحكام.

[7] نقض جنائي طعن رقم 83 لسنة 44 ق جلسة 18/2/1974 س 25 ص 148 مجموعة الأحكام.

[8] نقض جنائي طعن رقم 125 لسنة 43 ق جلسة 1/4/1973 س 24 ص 456 مجموعة الأحكام ، طعن رقم 169 لسنة 47 ق جلسة 23/5/1977 س 28 ص 647.

[9] نقض جنائي طعن رقم 257 لسنة 16 ق جلسة 25/3/1946 مجموعة الأحكام .

[10] نقض جنائي طعن رقم 1407 لسنة 26 ق جلسة 28/1/1957 س 8 ص 74 مجموعة الأحكام.

[11] نقض جنائي طعن رقم 1263 لسنة 46 ق جلسة 21/3/1977 س 28 ص 373 مجموعة الأحكام.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1293 / عدد الاعضاء 62