|
|
|
|
|
|
|
|
|
التاريخ 3/19/2002 4:35:00 PM
|
قراءة في كتاب (تجديد الفقه الإسلامي)
|
الكتاب : تجديد الفقه الإسلامي
تأليف : د.جمال الدين عطية محمد و ا.د.وهبة الزحيلي
الناشر : دار الفكر
يقع هذا الكتاب في 343 صفحة ويأتي ضمن سلسة أسمتها دار النشر ب(حوارات لقرن جديد) وهي سلسلة لكتب قيمة.
وقد قدم الناشر لهذا الكتاب بمقدمة ممتازة اقتطف منها قوله:-
((لم تتحقق الأمنية الغالية وظل الخطاب الفقهي تقليديا , قديما , عاجزا عن تلبية احتياجات الناس المستجدة حتى أنكروا مصطلحاته , واستعجمت عليهم مفرداته.. فلم يفهموا –في عصر التحاليل المخبرية والمطهرات الفعالة- المقصود من القلتين اللتين لا ينجس فيهما الماء , واحجار الاستجمار , والغسل سبع مرات إحداهن بالتراب.
واستغلق عليهم الذراع والباع , والصاع والوسق وما إلى ذلك من مقاييس القرون الخالية التي هجرت.
ولم يدركوا معنى لبنت المخاض وابن اللبون والتبيع والحقة والجذعة وغيرها من انصبة الزكاة ومستحقاتها التي كانت لها في عصر الرعي والزراعة , ولم يعرفوا لها علاقة بنشاطاتها الاقتصادية الراهنة.
واستغربو الحديث عن القن والمكاتب والمدبر والمبعض وام الولد وغيرذلك من انواع الرق وملك اليمين التي غطت احكامها مساحة واسعة من كتب الفقه على الرغم من إلغاء الرق في العالم.
كما حٌدثوا عن بيوع لم يألفوها , وعقوبات بٌعد عهدهم بطرق تنفيذها.
فكانت النتيجة أن تولى القانون الوضعي تصريف شؤون الحياة , وترك الفقه يدرَّس للتبرك في حلقات العلم الشرعي ومعاهده.))
وقد قسّم الدكتور جمال عطية بحثه إلى قسمين قسم يتعلق بملامح التجديد الفقهي المنشود وقسم يبين تصور التصنيف المقترح لمدونة الفقه الإسلامي
فيقول في القسم الأول ان الدعوة إلى تجديد الفقه الإسلامي ليست جديدة فقد سبق إلى ذلك بل والى تحقيقه جزئياً بعض الأساتذة الكبار في العصر الحاضر أمثال الدكتور عبدالرزاق السنهوري , والأستاذ عبدالقادر عودة , والدكتور صبحي محمصاني وغيرهم , كما أن اتجاه التجديد كان هدف بعض المؤسسات كمعهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية , ومعهد الدراسات الإسلامية بالزمالك , ومعهد الشريعة بالقاهرة ...الخ
وفي البداية قسم أنواع التجديد إلى:
1-تجديد يتعلق بالشكل , وتجديد يتعلق بالموضوع وهو ما تحدث عنه من دون ان يقلل من شأن التجديد في الشكل.
2-التجديد الذي يقوم على أساس منهجي والتجديد الذي لا يقوم على أساس منهجي(وهذا ما ينتقده)
3-وينقسم التجديد القائم على منهج معين إلى نوعين:
-تجديد يأتي من خارج النسق الإسلامي.
-تجديد يأتي من داخل النسق الإسلامي وهو ما يقول به الدكتور جمال.
4-والتجديد مطلوب في موضوعين أساسيين وهما:
-الفقه
-واصول الفقه وهو الذي يعترض الكثير على تجديده بالقول بأن الأصل ثابت لا يتغير ومن اجل ذلك فقد حصر الدكتور حديثه عن التجديد في الفقه.
ولكن الدكتور يقول بعد ذلك ان العلاقة بين التجديد في (الفقه) والتجديد في (أصول الفقه) علاقة وثيقة لان التجديد في الفقه يقوم على التجديد في أصول الفقه.
أما الملامح فقد حصرها الدكتور في اثني عشر ملمحاَ رئيساَ وهي باختصار:
الملح الأول : ما يتعلق بالمادة الفقهية ونوع التجديد المطلوب فيها:-
فيقول الدكتور أننا نحتاج إلى نوعين جديدين من الاجتهادات الأول تقديم اجتهادات جديدة في مسائل (قديمة) بما يتفق مع تغير الظروف الزمانية والمكانية وأن تجميد الاجتهاد واقتصار الدراسات الفقهية على نقل أقوال السابقين وحفظها وتكرارها من أهم أسباب توقف النمو في حياة الأمة الفكرية عموما والفقهية خاصة.
ويبدع الدكتور جمال فيقول ان واجب المجتهد لا يقتصر على الاجتهاد في المسائل المستحدثة كما لا يقتصر في المسائل القديمة على مجرد الانتقاء أي الاختيار بين الآراء القديمة فهذا الاختيار أو الانتقاء يكون فقط عند التقنين باختيار أحد الآراء والإلزام به, أما الاجتهاد فطبيعته مطلقة غير مقيدة بالاختيار بين آراء الأقدمين الذي هو تطبيق لفكرة أن الأقدمين لم يتركوا للمتأخرين شيئاَ , تلك الفكرة القاتلة للإبداع والتي لم يقل بها المتقدمون أنفسهم وإنما هي من دعاوى الكسالى الطفيليين.
ومن أمثلة المسائل التي تحتاج لاجتهاد معاصر:-
-تطوير القضاء
-تطوير الوقف
-تطوير الخلافة
-تطوير الشورى
-تطوير الحسبة
-تطوير النظرة إلى تقسيم العالم إلى دارين.
أما النوع الثاني من الاجتهاد الذي نحتاجه فهو الاجتهاد في المسائل المستحدثة وهي نتيجة حتمية لقاعدة صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان.
ومن أمثلة ذلك :
-الشخصية الاعتبارية
-الصور الحديثة للشركات
-معاملات البنوك
-التأمين
-البورصات
-الاستنساخ
---------------------
الملمح الثاني: ما يتعلق بمصادر الفقه
فيذهب الدكتور بالقول انه يجب الرجوع إلى مجموعتان من المصادر(هذا بالإضافة للمصادر الأساس طبعاَ) وهما:
-المجموعة التراثية مثل كتب النوازل وكتب الفتاوى وكتب الأقضية.
-المجموعة الحديثة ويجب ان تشمل الكتب الفقهية المعاصرة أيا كانت وكذلك البحوث العلمية في هذا المجال وكذلك الاجتهادات والبحوث التي تقدمها المجامع الفقهية.
-------------------
الملمح الثالث : يتحدث عن ضرورة توثيق الآراء الفقهية ببيان مصادر هذه الآراء من المراجع الأصلية لا الثانوية. وكذلك بيان الأدلة الشرعية التي يستند إليها الفقيه سواء من القرآن أو السنة وذلك بشكل دقيق.
-------------------
الملمح الرابع : (بث الروح في الكتابات الفقهية )
ولإيضاح هذا الملمح إليك هذه الأمثلة:
-عندما نرى تعريف السجود في كتب الفقه نجده تمريناَ رياضياَ ولكن للسجود بعد روحي أين هو.
-الكتب التي توزع على الحجاج أقرب ما تكون إلى دليل سياحي يصف الطرق فأين روح المناسك.
-نحن نصلي في الروضة لأن الثواب فيها سبعون ضعفاَ أي أنها مجرد صفقة تجارية ولم يتم التطرق إلى أن الروضة هي الجامعة التي خرج منها النور وغيرت مجرى التاريخ والحضارة.
-عقد الزواج في القرآن عقد مودة ورحمة أما في الفقه الآن فهو عقد تمليك الزوجة ولا علاقة له بروح الشريعة.
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في ذلك أن عيب الفقهاء في كتبهم أنهم وجهوا عنايتهم إلى الظاهر ولم يلتفتوا كثيراَ إلى الباطن فإذا بحثوا في الصلاة دار بحثهم كله حول تحقق الأركان والشروط المتصلة بصورة الصلاة أو ظاهر المصلي أما روح الصلاة – وهو الخشوع وحضور القلب- فهم بمعزل عنه.
((((ولعلنا نلاحظ عند مداخل بعض المساجد تلك الصور لذلك الرجل الذي يصلي ويقصد بهذه الصور بيان الجلسة الصحيحة للصلاة وغير ذلك وهذا ما أنكره فضيلة الشيخ القرضاوي)))
----------------------
الملمح الرابع : أهمية إجراء دراسات مقارنة بين المذاهب الأربعة المختلفة السنية والجعفري والزيدي والأباضي والضاهري وذلك بهدف:
-تدعيم وحدة الأمة الإسلامية.
-ان الدراسة المقارنة ضرورية لعملية تقنين الفقه الإسلامي.
-تسهيل مساهمة الفقه بإمداد القانون الدولي الذي تحكم بمقتضاه محكمة العدل الدولية.
وغير ذلك الكثير.
--------------------
الملمح السادس : (ان تتم المقارنة كذلك مع القوانين الوضعية في مسائل المعاملات وذلك :
-ان عدم الاتفاق يفيد في معرفة المخالفات الشرعية في القوانين الوضعية.
-انه في حالة الاتفاق ان يجعل للقاعدة القانونية سندا شرعياَ.
ويقول الدكتور جمال انه يجب ان لا يظن أحد بأن في مقارنة الشريعة بالقانون تقليلاَ من شأن الشريعة بل هذا من ضعف الثقة بالنفس والواقع خلاف ذلك فهذه المقارنات تجلّي من مزايا الشريعة ومن ثراء الفقه مما يجعلها محل تقدير واحترام الجهات العلمية العالمية.
---------------------
الملمح السابع : (انه من الضروري الاهتمام بالجانب التنظيري من الناحية الكلية كنظرية عامة للشريعة ومن الناحية الجزئية في مقدمة كل قسم وكل باب.
---------------------
الملمح الثامن : (تصنيف المادة الفقهية تصنيفاَ جديداَ ) <ملمح شكلي> وفيه يقترح الدكتور منهجاَ جامعياَ ويبين عدد الساعات المقترحة لكل قسم من الأقسام.
---------------------
الملمح التاسع : (يتعلق بالبحوث وتخطيطها وآرائه حول ذلك).
---------------------
الملمح العاشر : (ضرورة تيسير وتبسيط فهم الفقه فيقول الدكتور جمال في ذلك ان بعض المعاهد الشرعية ما زالت تدرّس بعض الكتب التقليدية , وكذلك تحدث الدكتور عن ضرورة الاستفادة من الوسائل الحديثة لإيصال المعلومة.
--------------------
الملمح الحادي عشر : (ربط الفقه بالواقع)
ومن ذلك:
-استبعاد المباحث والأمثلة التي لم تعد موجودة في حياتنا المعاصرة كالرق والرقيق.
-الا يُقتصر على بيان أحكام شركات (المفاوضة) و(العناصر) و (الوجوه) وإنما يحاول كذلك تطويرها للتطبيق في حياتنا المعاصرة وكذلك بيان الحكم في أنواع الشركات القائمة حالياَ.
وغير ذلك من الأمثلة التي ذكرها الدكتور.
---------------------
الملمح الثاني عشر: (انه من الضروري مخاطبة المستويات المختلفة من الناس من خلال إيجاد كتب مبسّطة يستطيع عامة الناس ان يطالعوها.
بعد ذلك قام الدكتور جمال بعرض رائع للأعمال الفقهية المعاصرة مثل الموسوعة الفقهية(الكويت) وموسوعة الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي وغيرها من الموسوعات وأبدى ملاحظاته القيمة عليها ثم أعطى صورة مقترحة لتنفيذ هذا العمل (التجديد)
أما في القسم الثاني من البحث ففيه تصوره للتصنيف الموضوعي الذي يقترحه لمدونة الفقه الإسلامي وذلك اجتهاداَ منه مع بيان المؤلفات في كل قسم من هذه المدونة فجزاه الله خير الجزاء.
كان هذا القسم الأول من الكتاب وقريبا نستعرض الجزء الثاني والذي يخص الدكتور وهبة الزحيلي العالم المعروف.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|