دعا بعض الصحفيين والمفكرين مؤخرا إلى القيام بتنظيم النسل لتقليل عدد المواليد بحجة توفير المال العام والمصروفات ولئلا نواجه مستقبلا أزمة في الوظائف وزيادة في البطالة.
والحقيقة إن الزيادة السكانية لو تم استثمارها بالتخطيط الجاد وأجريت بحوث علمية وميدانية بكل ما تعنيه هذه الكلمة لتستغل هذه الزيادة ليتم توظيفها والاستفادة منها لأصبحت ثروة هائلة للبلاد .
يقول ويل ديورانت – المؤرخ الغربي - : " إن كثرة السكان تعتبر من أهم أسباب التقدم المدني " ، ويقول أرنولد توينبي - الفيلسوف الغربي - : " إن كثرة السكان هي التحدي الذي يخرج أي حضارة إنسانية إلى الوجود "
أن الدعوة لتحديد النسل أو تنظيمه بقصد تخفيف عدد السكان دعوه عالمية مشبوهة من حيث الأصل تنظمها وترعاها الدول الغربية بقوة لوجود مصالح هامة لهم وتسعى لنشر هذه الفكرة وتصديرها للدول المختلفة .
وقد لاحظت الدول الغربية إعراض نسائها عن الحمل بسبب المحافظة على الرشاقة أو النظرة الاقتصادية وعدم تقبل أعباء التربية ومتاعب الحمل والولادة ، الأمر الذي سيؤدي إلى كثرة أعداد المسلمين عام 2025م إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه ، هذا الأمر أقلق الغرب وجاءت بعدها المؤتمرات كما حصل في مؤتمر القاهرة وبكين والذي كان من أهم توصياته الدعوة لتحديد النسل ، وتأخير سن الزواج ، وإباحة الإجهاض ، وإشــاعة الزنا باسم الحرية الجنسية ، والدعوة لتدريس مادة الجنس...الخ
أن الدول الغربية التي تتبنى هذه الدعوة خارج بلادها ترفض تطبيقها في بلادها كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا ، بل إن إسرائيل وألمانيا تشجع النسل وتدفع الأموال الكثيرة لأجل ذلك ، وعلماء الاجتماع والدراسات السكانية يقررون أن كثافة السكان في العالم تقدر بـ 26 شخصاً لكل كم2 من الأرض ، وتعتبر أوربا أشد القارات كثافة حيث تصل النسبة فيها إلى 89 شخص لكل كم2 بينما نجد في أفريقيا وأمريكا الشـمالية تصل إلى 10 أشخاص لكل كم2 أما أستراليا فتصل الكثافة إلى 2 شخص لكل كم2
وإذا نظرنا للسعودية من حيث الكثافة السكانية في كل كيلو متر مربع نجده 5 أشخاص لكل 1كم2 وهذه النسبة تعتبر قليلة إذا نظرنا للمساحة الشاسعة والثروة البترولية الهائلة التي نملكها مقابل الدول الأخرى الفقيرة أو حتى المتقدمة فعلى سبيل المثال نجد في الفلبين 232 شخص كم2 والهند256 شخص كم2 وسنغافورة 4000 شخص كم2 أما الدول الأوربية ففي سويسرا 156شخص كم2 وبريطانيا229 شخص كم2 وهولندا 458شخص كم2، ولاشك إن الكثافة السكانية لدينا بعيدة غاية البعد مما هو مطلوب مقارنة بالدول الأخرى لاسيما إذا وضعنا في الاعتبار أننا نمثل قلب العالم الإسلامي ولدينا أعلى نسبة من احتياطي النفط في العالم . فالمسالة ترجع للتخطيط والدراسة الجادة فحسب كما فعلت دول متعددة كاليابان حيث 363 شخص كم2 ومع ذلك لم يدعوا لتخفيف عدد السكان .
أن زيادة العدد يعطي الدولة هيبة وقوة ، كما أن فرصة ظهور العلماء والنوابغ أكثر وتهابها الأعداء ويدل لذلك:
1 – أن مصر حظيت بمكانة مرموقة من القيادة والريادة بالنسبة للعرب بسبب كثرة السكان والقوة البشرية الهائلة التي تملكها حوالي 80مليون نسمة ولم تسلم من الضغوط الغربية بسبب مجاورتها لإسرائيل.
2- حصول الصين على حق النقض " الفيتو " في هيئة الأمم مع أنها لا تمتلك الأسلحة الفتاكة والتقنية المتقدمة كألمانيا مثلا ، بل لوجود القوة العددية الرهيبة في هذه الدولة والتي تصل لسدس سكان العالم هي التي أعطتها هذه المكانة .
3-قلق إسرائيل من الزيادة السنوية للفلسطينيين مقابل اليهود بل الدول الغربية كأمريكا تقدم مساعدات خاصة لهذا الغرض فمثلاً أقيم مركز في جامعة الأزهر يطلق عليه " الجهاز القومي للسكان " يساعد الدولة من خلالها في تحقيق الهدف المنشود ليكون الأزهر غطاءً دينياً للوصول لهدفهم ، وقد قدمت أمريكا لطب الأزهر أكثر من ثلاثة عشر مليوناً من الدولارات عبارة عن أجهزة ومعدات طبية لتنظيم الأسرة والبعض منها خاص بالتعقيم الدائم .
4- أن الهيئات الطبية الغربية التي كانت تذهب لتقديم الإغاثة والمساعدات الطبية للمسلمين كانت تعطي النساء حبوب منع الحمل لتقليل النسل على صورة دواء.
والحقيقة يكفينا لرد هذه الفكرة أن الإسلام دعا لكثرة النسل مع العناية بتربية الولد ففد ثبت في الحديث عند أبي داود قوله e : " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " و أخرج البخاري حديث جابر وفيه : " الكَيْسَ الكَيْسَ يا جابر - يعني الولد – " كما فسره البخاري وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة عام 1409هـ
" أولاً : لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب "
بل صدرت فتوى مجمع البحوث الإسلامية المنعقد بالقاهرة عام 1965 م وجاء فيه :
(1) أن الإسلام رغب في زيادة النسل وتكثيره ، لأن كثرة النسل تقوي الأمة الإسلامية اجتماعياً واقتصاديا وحربياً وتزيدها عزة ومنعة .