أوردت أخبار الخليج العدد 9309 الخميس 21 رجب 1424 هـ الموافق 18 سبتمبر 2003 م
الخبر التالي ولأهمية الموضوع بالنسبة لرواد المنتدى رأيت نشره بالمنتدى لتعم الفائدة مع تحياتي للجميع
ـــــــــــــــــــــــــ
في ختام فعالياته:
استقلال القضاء وتدريب القضاة أهم توصيات المنتدى القضائي
كتب: حافظ إمام وهناء المحروس
اختتم المنتدى القضائي العربي أعماله ظهر أمس بعد مناقشة عامة شملت كافة محاور المؤتمر شارك فيها وزير العدل السيد جواد سالم العريض والسيدة ساندرا داي اوكنور عضو المحكمة الدستورية الأمريكية العليا، أدار جلسة المناقشة الختامية التي تم خلالها استعراض أهم ما توصل اليه المؤتمر من أفكار وتوصيات الدكتور يوسف عبدالكريم مدير الشئون القانونية بوزارة الخارجية. وقد تبلورت توصيات المؤتمر وأفكاره في عدة أمور تمثلت في التركيز على استقلالية القضاء وان القضاء وحده هو المسئول عن تعيين القضاة وعن ترقياتهم ومجازاتهم وعن تدريبهم أيضا،
كما أكدت المناقشات أن الاختيار للقضاة لابد ان يمثل المجتمع بكافة طوائفه وان التدريب للقضاء مهم سواء أكان تدريبا ابتدائيا لتكوين القاضي أم تدريبا مستمرا أثناء مزاولة هذه المهنة. كما أكدت المناقشات استقلال القضاء وأعضاء النيابة العامة في مرحلة ما بعد المحاكمة وان القضاء المستقل هو الحامي لحقوق الانسان. وان القاضي عليه الاسترشاد بالمواثيق والأعراف الدولية حتى لو لم تكن موجودة في النظام القانوني الداخلي ما لم يتعارض ذلك مع قانون قائم بالفعل. أما بالنسبة لتطوير الإجراءات فقد شدد المنتدى على تحديث الإجراءات وتبسيطها عن طريق تدريب القضاة ومعاوني القضاء واستيعاب التكنولوجيا الحديثة. كما أشار المنتدى الى أهمية الإجراءات البديلة للتقاضي أمام المحاكم من خلال تسوية النزاعات خارج المحاكم، ونوه المؤتمر بإنشاء المحاكم المتخصصة ودورها في سرعة الفصل في القضايا كما أكد حصانة القضاة. وأشار المنتدى الى أهمية الرقي بدور التحكيم وان الفساد هو أكبر خطر يعوق مسيرة الديمقراطية.
وقائع الجلسة الختامية وكان المنتدى قد عقد ظهر أمس جلسته الختامية تحدث فيها وزير العدل السيد جواد سالم العريض الذي أشاد بمناقشات المنتدى وما توصل اليه من أفكار وتوصيات وقال: ان علينا الاستفادة من أفكار هذا المنتدى في تطوير نظمنا القضائية وتشريعاتنا القانونية لكن لا إلزام على أحد بما توصل اليه المنتدى. وقد عبر السيد جواد سالم العريض عن تقدير مملكة البحرين لإقامة هذا المنتدى الهام منوها بما توليه قيادة البلاد وجميع المؤسسات الحكومية من اهتمام بالغ بموضوع هذا المنتدى ولاسيما ان تطوير النظام القضائي حظي بعناية واهتمام بالغين في ظل المشروع الاصلاحي الذي قاده حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وبمساندة صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر ومؤازرة صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد القائد العام لقوة الدفاع. وأشاد الوزير العريض بما توصل اليه المنتدى وقال: ان هناك التزاما وطنيا بتطوير نظمنا القضائية من أجل تأكيد حقوق الانسان وحمايتها. وأضاف ان دور السلطة القضائية ذو شأن عظيم يمكنها من خلال استقلاليتها التعامل مع الحقوق والحريات العامة. أما القاضية ساندرا داي اوكونور عضو المحكمة العليا الدستورية بالولايات المتحدة الامريكية فقد أشادت بتنظيم هذا المنتدى على أرض مملكة البحرين التي تحظى بقيادة حكيمة أنجزت العديد من المبادرات الإصلاحية التي أتاحت فرصا أمام المواطنين والهيئات والمؤسسات الاهلية للاستفادة منها من خلال ممارستهم لحقوقهم التي تضمنها دستور البحرين. وقالت: لقد وجدنا هنا أصدقاء جددا وتعلمنا بعض النقاط عبر مشاركتكم معنا وخاصة بالنسبة لكيفية اختيار القضاة وتدريبهم بما يضمن البت في القضايا على أساس دستوري دون خوف من العقوبات.
وامتدحت ساندرا المناقشات التي شهدها المنتدى وما أسفرت عنه من اقتراحات وقالت: لقد قطعنا كثيرا من الخطوات التي تأخذنا الى نظام قضائي ممتاز، وعلينا ان نسخر جهودنا من أجل ضمان نظام قضائي متميز وأكدت اننا مستعدون في كلية الحقوق بجامعة متشجان ومعهد القانون الدولي الأمريكي لأية اصلاحات في القوانين ودراسة التحكيم الدولي كما تبادر الولايات المتحدة الى انشاء برنامج لتدريب القضاة الجدد والدائمين وسيتم استضافة عدد من القضاة في ورشة عمل بداية العام القادم. واختتمت القاضية ساندرا حديثها ختاما بليغا عندما قالت: لقد عرفت البحرين بلؤلؤها الرائع واليوم هي تقدم للعالم لؤلؤا من الحكمة والمبادرات من أجل مستقبل أفضل. وأعلن وزير العدل المغربي السيد محمد بوزبع ان المغرب مقبل على توقيع اتفاقية مشتركة مع الولايات المتحدة واعادة النظر في المنظومة القانونية وقال: اننا نؤكد التزامنا بما انتهت اليه مقررات هذا الملتقى. كما عبر عن شكره وامتنانه لحكومة مملكة البحرين على رعايتها هذا المنتدى العربي الهام مشيدا بتنظيمه والتسهيلات التي حظي بها المشاركون. وقال: ان اقامة مثل هذه المنتديات التي تبحث سبل وتطوير وتعزيز استقلالية الأنظمة القضائية في الوطن العربي تبرز أهمية التعاون والتنسيق بين الدول العربية لتبادل الآراء ومشاركة الخبرات. وقد عقد في ختام المنتدى مؤتمر صحفي تحدثت فيه القاضية ساندرا داي اوكونور عضو المحكمة الدستورية العليا بالولايات المتحدة الامريكية والقاضية الاردنية تغريد حكمت. كما حضره كل من رئيس النيابة الشيخ خالد بن علي آل خليفة والقاضي عبدالله حسن البوعينين القاضي بالمحكمة العليا وأدار المؤتمر الدكتور يوسف عبدالكريم مدير الشئون القانونية بوزارة الخارجية. وقد أشادت القاضية تغريد حكمت بما خرج به المنتدى من توصيات تعرضت لكافة محاوره وأهمها تعيين القضاة وما يتمتعون به من صفات وحصانة وحقوق الانسان ودور القضاء في ارساء دعائمه والاجراءات القضائية والجريمة الدولية وغسل الأموال ونقل الأموال والقاضية تغريد أول قاضية عربية عينت عضوا في المحكمة الجنائية العربية. أما القاضية الأمريكية ساندرا داي اوكونور فقد أكدت أهمية التوصيات التي خرج بها المنتدى والتي ركزت على مسألة اختيار وتعيين القضاة وأهمية تلقيهم برامج تدريبية قبل وبعد التعيين. وأعربت عن استعداد الولايات المتحدة الامريكية لتقديم كافة سبل الدعم والتعاون الرامية الى تنفيذ برامج تجسد هذه التوصيات التي من شأنها الارتقاء بالنظم القضائية وتطوير دورها في الوطن العربي. وأعلنت مبادرة أمريكية بتخصيص 128 مليون دولار لهذا الغرض بالاضافة الى 125 مليون دولار لدعم أنشطة مشابهة لهذا البرنامج. وفي معرض اجابتها عن مدى تقييمها للوضع الحالي للقضاء قالت: ان هناك أداء جيدا لكنه في حاجة الى تطوير مضيفة الى ان معظم النظم القضائية العربية مأخوذة عن النظام القضائي المصري الذي هو مأخوذ عن النظام القضائي الفرنسي حيث يبدأ القاضي تدريبه فور تخرجه. وفي أمريكا يتم اختيار القضاة بعد فترة طويلة من الممارسة. وأشارت ساندرا الى ان هناك تعاونا قضائيا سوف يشهده المستقبل بين الولايات المتحدة والدول العربية في مجال القضاء وحقوق الانسان.
وركز الحوار خلال الجلسات أمس على التعاون القضائي والقانوني عبر الحدود الوطنية فتحدث فيها المحامي فيدريك ويرل منسق منظمة الاتحاد الاقتصادي والتطوير عن الجرائم المنظمة ومدى التعاون القضائي عبر الحدود للتصدي لمثل هذه الجرائم وكذلك بالنسبة لجريمة الفساد المالي التي يتورط فيها كبار المسئولين في الدول وأصحاب النفوذ السياسي وهذا يتطلب تعاون الهيئات الدولية للتصدي لمثل هذه الجريمة. وأضاف ان جريمة تقديم الرشوة إلى الأجانب في المعاملات التجارية تتطلب مكافحة من خلال العقوبات الصارمة وفرض الغرامات المالية الكبيرة فهناك عقوبة السجن لمدة عشر سنوات للشركات المتورطة في تقديم الرشوة. وينطبق نفس الأمر على المحاسبين في المؤسسات المالية الذين يحرفون الحقيقة في البيانات والأرقام، وتفرض عليهم عقوبات صارمة بسبب الأضرار بالمصالح الوطنية والاقتصاد. ويقول فيدريك ويرل أن العديد من الدول قد عدلت من القوانين والأنظمة القانونية والإجراءات المتبعة في ملاحقة المتسببين في جرائم الفساد المالي وجرائم غسل الأموال ففي فرنسا تم إنشاء وحدة خاصة لمكافحة الرشوة المحلية والخارجية، وكذلك تم التحقيق ومقاضاة شركتين في فرنسا قدمت الرشاوى إلى موظفين أجانب وكذلك في النرويج. وأضاف بأنه في الولايات المتحدة هناك تشريعات صارمة في معاقبة الأفراد الذين يتورطون في تقديم رشاوى لما فيه من تأثير سلبي على الاستثمارات الأجنبية والاقتصاد الوطني، وكذلك الشأن في المملكة المتحدة تم سن قانون جديد لمحاربة الرشوة والفساد المالي. أما خالد عبدالله عتيق رئيس مراقبة البنوك في مؤسسة نقد البحرين فيقول إن جرائم غسل الأموال تعتبر من الجرائم الحديثة التي ظهرت في المجتمع الدولي، وتم التصدي لهذه الجرائم الخطيرة بسن التشريعات الدولية الصارمة ففي البحرين صدر قانون مكافحة غسل الأموال عام 2001 وكذلك الاستناد على الاتفاقيات الدولية لمساندة هذا القانون. ففي البحرين هناك مراقبة صارمة على المصا رف من خلال التعاون مع مؤسسة نقد البحرين وفي حالة الاشتباه في أي حالة من الحالات يتم التصدي لها من خلال التحقيق الرسمي مع تجميع الأدلة والبراهين والوقائع التي تثبت الجريمة وأعداد ملف لمقاضاة الجهات المتسببة في هذه الجرائم. أما العميد أنطوني كرونمان عميد كلية الحقوق في جامعة ييل فتناول القانون العابر للحدود الدولية وقال أنه قانون قديم ظهر بعد الحرب العالمية الثانية منذ خمسين سنة وقد تطور هذا القانون بفعل قضية العولمة الاقتصادية والتجارة الدولية . وأضاف أن الجريمة العابرة إلى الحدود قد تطورت إلى جرائم غسل الأموال والتجارة الإلكترونية، وتترتب على هذه الجرائم مخاطر اقتصادية وقانونية وكذلك الشأن بالملكية الفكرية وما يترتب عليها من تعقيد للأنشطة الاقتصادية من جراء عدم الامتثال إلى المعايير والاتفاقيات الدولية وتحدث ضغوط هائلة على الدول غير الملتزمة بذلك. ومن جهة أخرى يقول أن قضية حقوق الإنسان أصبحت مسألة دولية ليست مرتبطة بالسيادة الوطنية، مما يستدعي تطوير الأجهزة القانونية من أجل احترام حقوق الإنسان وعدم التعرض لها من قبل الجهات المسئولة في الدول المختلفة ، وقد ظهر العديد من الاتفاقيات الدولية التي توفر الحماية لحقوق الإنسان من التعدي والانتهاك وفرض عقوبات صارمة وتتم محاكمات دولية للأفراد الذين يتسببون في انتهاك حقوق وكرامة الإنسان والملاحقة القضائية والتنفيذ على المتورطين في أي دولة من الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية. أما رئيس النيابة العامة الشيخ خالد بن علي آل خليفة فتحدث عن مفهوم الجريمة الدولية وعلى الاتفاقيات العربية في سبيل الارتقاء بمفهوم الوقاية والحماية من هذه الجريمة. كما تطرق إلى أنظمة النيابة العامة وكيفية تنفيذ الأحكام الأجنبية ومدى الأخذ بحيثيات الأحكام بشأن الأدلة أو الاكتفاء بمنطوق الأحكام ومدى خيار التسليم والمقاطعة وتداعيات الخيارين. أما عضو مجلس النواب يوسف زين العابدين زينل فتناول التحكيم التجاري في دول مجلس التعاون الخليجي والوضع التشريعي للتحكيم التجاري ، وموقف القضاء من التحكيم وأحكامه وقراراته وظهور مؤسسات التحكيم في دول المجلس. وقال ان دول المجلس قد سنت قوانين وأنظمة لتنظيم الإجراءات القانونية للتحكيم، وقد أملت ذلك الضرورات الاقتصادية ونمو العلاقات التجارية بين دول المجلس مع الدول الأخرى وظهور تشريعات التحكيم في دول المجلس لمجاراة التطورات الحاصلة على مستوى القانون والفقه الدوليين. ويقول زينل ان قوانين الإجراءات المدنية فيها فصل ينظم التحكيم التجاري وذلك جريا على ما هو متبع في مصر التي أخذت هذا النظام من فرنسا ضمن منظومة القانون المدني. وفي مرحلة تطور التشريع من أجل مسايرة النهضة التشريعية في مجال التحكيم على المستوى الدولي وتغطية القصور في الأنظمة الوطنية فقد لجأت بعض دول المجلس إلى استحداث تشريعاتها المنظمة للتحكيم باعتماد القانون النموذجي للتحكيم التجاري للأمم المتحدة المعروف باليونسترال وقد أصدرت البحرين مرسوما رقم (6) لسنة .1994 ويقول ان موقف القضاء من التحكيم هو أن القضاء لم يكن بعيدا عن ترك بصماته الإيجابية على مسيرة التحكيم في دول المجلس واجمالا يمكن القول بأن محاكم دول مجلس التعاون تنفذ الأحكام الأجنبية دون تمييز حتى لو كان المحكم امرأة. وأضاف ان بعض أنظمة التحكيم تشترط التصديق على شرط التحكيم من قبل المحكمة قبل بدء الإجراء وهذا ما يعرف بالرقابة المسبقة للقضاء على التحكيم.
ويقول زينل أن ظهور مؤسسات التحكيم في دول المجلس من الظواهر الملفتة للأنظار في سياق الاهتمام بالتحكيم المؤسسي في دول المجلس وإنشاء مراكز تمارس التحكيم وتقدم خدمات تحكيمية مختلفة ، ولكن من المؤسف أن وجود هذا الكم الكبير من المراكز في المنطقة يخلق الكثير من الازدواجية في العمل ويضيف أعباء مالية. وأضاف أن حجم القضايا المتواضع نسبيا لا يبرر وجود مثل هذا العدد الهائل من المراكز التي تعرض عليها سنويا بعض القضايا وحلها محليا، بينما تستأثر مراكز التحكيم الدولية بالنصيب الأكبر في التحكيمات الدولية. وناشد زينل بضرورة توحيد القواعد القانونية والإجرائية المنظمة للتحكيم ، ومراجعة تعديل وتنقيح القوانين والأنظمة التي تعرقل تطور التحكيم، وإدخال مادة التحكيم التجاري في المعاهد القضائية الموجودة في المنطقة وتوعية القضاة بأهمية التحكيم وتجميع الأحكام القضائية المتعلقة بالتحكيم وتبوبيها ، وتوحيد مؤسسات التحكيم على مستوى مؤسسات التحكيم في كل دولة على حدة وتقديم الدعم لمركز التحكيم الخليجي.