الأمريكان تعرضوا لهجمات أشد من قبل ولم يعلنوا نتائجها .. إغلاق الجسور الخمسة للموصل ومخاوف من هجوم أمريكي كاسح على المدينة
قدس برس / بدت الحركة في مدينة الموصل الشمالية اليوم بطيئة، وكانت في عدد من الأحياء معدومة، والترقب سيد الموقف، بعد يوم من الهجوم العنيف، الذي استهدف القاعدة الأمريكية في المدينة، وأوقع أكبر عدد من الخسائر تعترف القوات الأمريكية بحصولها في صفوفها في يوم واحد، منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق.
وأعلن المدعو(محافظ مدينة الموصل) وعبر الإذاعة الرسمية للمدينة عن إغلاق الجسور الخمسة التي تربط شطري الموصل ببعضهما البعض، متوعدا كل من يخالف هذا الحظر بالقتل، فيما فضل العديد من أبناء الموصل قضاء اليوم في داخل منازلهم، وسط حالة من القلق من الرد الأمريكي المتوقع على هذا الهجوم، بينما أغلقت إدارات المدارس، بكافة مراحلها، أبوابها في وجه الطلاب، حتى يوم السبت القادم.
في هذه الأثناء لم يظهر أي نشاط لرجال الشرطة في داخل الموصل، إذ غابوا كليا عن مسرح الأحداث، لأول مرة، منذ الهجوم الواسع، الذي استهدف مراكزهم قبل نحو شهرين، بينما قامت عدد من الآليات الأمريكية ترافقها عناصر من الحرس الوطني العراقي بالسيطرة على الجسور الخمسة، وقامت بإغلاقها بشكل تام في وجه الحركة والتنقل.
الهجوم الذي استهدف معسكرا سابقا للجيش العراقي، يقع في أطراف المدينة الجنوبية، ويسمى سابقا بالغزلاني، واتخذ منه الجيش الأمريكي معسكرا له، حصل في حدود الساعة الثانية عشرة ظهرا، وذلك بواسطة قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، مستهدفا مطعم المعسكر، في الساعة التي كان أفراد الجيش الأمريكي يتناولون فيها طعام الغداء، مما يعني كما يشير بعض المراقبين العسكريين، إلى وجود إحداثيات ومعلومات كافية لدى الجهات التي قامت بشن الهجوم.
فالمكان الذي سقطت فيه الصواريخ، والساعة التي حصل فيها الهجوم تدل بشكل واضح على أن عناصر المقاومة العراقية تتمتع بقدرة استخبارية عالية ؛ وهو الأمر الذي ساهم في وقوع هذا العدد الكبير من الخسائر في صفوف القوات الأمريكية، حيث أعلنت مصادر الجيش الأمريكي في آخر حصيلة لها، وزعت في حدود الساعة التاسعة من مساء يوم أمس عن وقوع 24 قتيلا، بينهم 19 جنديا أمريكيا، بالإضافة إلى إصابة 60 آخرين، معظمهم من عناصر الجيش الأمريكي، كما إن العدد النهائي للقتلى قابل للزيادة، وسط تردي حالات بعض المصابين.
وقد تبنى 'جيش أنصار السنة'، الذي يعتقد أنه تابع لتنظيم 'جيش أنصار الإسلام'، الذي كان ينتشر في شمال العراق المسؤولية عن العملية، التي تعد الأكبر والأكثر دموية ضد الجيش الأمريكي في العراق. وقد أعلن التنظيم بأنه أوقع مقتلة كبيرة في صفوف 'الكفرة'، على حد وصف البيان الذي بثته عدة مواقع على شبكة الإنترنت. غير أن اللافت للنظر أن البيان لم يكتف بذلك، بل أكد أنه سيقوم بنشر صور العملية في وقت لاحق، وهو ما من شأنه إن حصل أن يعطي إضاءات بخصوص نوعية العملية، وظروف قيامها.
ويرى بعض المراقبين أن السبب في الإعلان الأمريكي عن هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى، ربما يعود لحسابات خاصة في داخل إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش، من أبرزها التمهيد لإقالة وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد، الذي تتواتر الدعوات لإقالته، وربما كان السبب الآخر الذي دفع بإدارة الرئيس بوش إلى إعلان هذا الحجم من الخسائر في صفوفها هو إعطاء مبرر إضافي لتأجيل العملية الانتخابية، التي قد تدفع بعناصر لا ترغب أمريكا في اعتلائها سدة الحكم في العراق، بينما يؤكد فريق آخر من المحللين أن الإعلان يأتي للتمهيد لعملية عسكرية ضخمة تنوي القوات الأمريكية شنها على المدينة، خاصة وأن رئيس الوزراء العراقي المعين إياد علاوي لم يخف رغبته في مثل هذه الحملة، عندما أعلن قبل عدة أيام أنه ينوي اجتياح مدينة الموصل والسيطرة عليها.
فالهجوم الذي استهدف القاعدة الأمريكية لم يكن هو الأعنف أو الأكثر دموية، كما تشير بيانات المقاومة العراقية، بل إن بعض القواعد الأمريكية تعرضت إلى هجمات بصواريخ أكثر تطورا، دون أن يجري حتى الإعلان عن وقوع هجوم، فلماذا يتم الإعلان عن نتائج هذا الهجوم بالذات، إن لم يكن الأمر يأتي تمهيدا لهجوم واسع على المدينة، التي يبدو أنها قد رفعت لواء المقاومة بقوة، بعد الهجوم على مدينة الفلوجة؟
لن تشهد الموصل هدوءا في الأيام القادمة على ما يبدو، فاليوم ومنذ ساعات الصباح الباكر شنت المقاومة العراقية عدة هجمات صاروخية استهدفت قواعد أمريكية في المدينة، حيث سمعت أصوات عدة انفجارات في داخل قاعدة المطار وداخل قاعدة الغزلاني والقاعدة الأمريكية في منطقة الغابات، دون أن تعرف حصيلة تلك الهجمات، بعد أن تكتم عليها الجيش الأمريكي كالعادة، لتبقى مدينة الموصل تعيش حالة من الترقب، في انتظار ما ستسفر عنه الساعات القادمة.
وليد صلاح الدين المحامى المنشية - الإسكندرية
|