اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
9/7/2003 11:33:00 AM
  الإسلام السياسي وأدلجة القضاء      

الإسلام السياسي وأدلجة القضاء
الأحد 07 سبتمبر 2003 05:47
المستشار محمد سعيد العشماوي

 

 
من أهم الإنجازات التي وصلت إليها الكفاحات الإنسانية ألا تجتمع السلطات في يد واحدة، وإنما تتوزع بين سلطات ثلاث هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، بحيث تتولي السلطة التشريعية وضع القوانين واللوائح، وتقوم السلطة التنفيذية بأعمال الإدارة التي تنظمها التشريعات وتحكمها القوانين، وتختص السلطة القضائية بالفصل في الخصومات والنزاعات التي تنشأ بين الأفراد وبين السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية، وبين الأشخاص الطبيعيين أي الأفراد والأشخاص الاعتباريين أي الشركات والهيئات والمؤسسات .. وتكون كل سلطة مستقلة عن السلطات الأخري حتي لا يتداخل بينهم العمل ولا تتخالط عندهم المسؤولية. وقد حرصت الدساتير الحديثة عموماً ومنها دستور دولة قطر علي ضمان استقلال القضاء، باعتبار أنه السلطة التي تنتهي إليها المنازعات جميعاً، إدارية كانت أم جنائية أم مدنية، وعلي تقدير أنه المثابة للناس والضمان الذي يجعلهم آمنين مطمئنين، لا يخشون تحيف السلطة ولا يخافون سطوة الهيئات أو الأفراد.
في النظم الشمولية، الفاشية، تتلاشي فكرة الفصل بين السلطات الثلاث، وتعود إلي ما كانت عليه في العصور الوسطي والعهود المظلمة، حيث تتركز السلطة في يد الزعيم أو المرشد أو الأمير. ويكون هو، وربما معه جماعة قليلة العدد، صاحب السلطات الثلاث، ويكون الجميع، حتي القضاة، منفذين لرغبة النظام سافرين في الإعلان عن الولاء له، بشتي الوسائل والطرائق، التي تنافي الأعراف القضائية وتجافي الأحكام القانونية، وهو ما يعني أدلجة القضاء، أي جعله قضاء أيديولوجياً، لا يصدر عن مفهوم العدالة أو نصوص القانون، وإنما يتعامي عن هذه ويتغاضي عن تلك، ليثبت الولاء الدائم للنظام وللأيديولوجيا.
بهزيمة 5 يونيو 1967 سقطت القومية العربية وتهيأت لإزاحتها ووراثتها ما سمي بالقومية الإسلامية، وهو تعبير مخطيء، لأن الإسلام عقيدة وشريعة مفتوحة أمام الجميع وليست مقصورة علي قوم دون قوم أو محدودة بشعب دون غيره. وعمدت القومية الإسلامية إلي السيطرة علي المناشط الفكرية والثقافية والإعلامية، وقبل ذلك وبعده، إحكام السيطرة علي النظام القضائي المصري ليصبح قضاء سياسياً، يتبع فيما يهم قيادة الإسلام السياسي الوهابي الإخواني، كل ما يؤكد سياستها وينفذ أغراضها. وقد سلف في الحديثين السابقين، بيان القضايا التي كشرت فيها المعتقدية السياسية عن أنيابها، لتنتهش القانون وتفترس العدالة. ومع أن الذين كانوا يقومون بقيادة الأدلجة القضائية في مصر كسبوا من ذلك كثيراً، إلا أن الدوائر دارت عليهم، فأدركوا وبال ما فعلوا، وباتوا ينعون العدالة في مصر، مع أنها ماتت لأسباب عدة، أهمها وأولها ما قصدوا إليه من تحويل القضاء المصري النزيه العادل إلي قضاء أيديولوجي لا يعرف عدالة ولا يحترم قانوناً، وإنما يصدع للأوامر ويقضي بالمجاملات.
(أ) في علم المنطق قاعدة تسمي شفرة أو حد أوكام ORASAOR وهي قاعدة تهدف إلي أن يستبعد الكاتب، والقاضي من باب أولي، أية لفظة ليست لازمة للسياق، ولا ترتبط بالمنطوق، ولا ينبني عليها الحكم. مثال ذلك أنه لو أقام شخص دعوي ضد شخص آخر بصحة حجز أوقعه علي عقار يتصور أن هذا الأخير يمتلكه، فإنه بحسب المحكمة أن تبين لها أن العقار غير مملوك لهذا الشخص أن ترفض الدعوي، وتثبت في أسبابها ما تحقق لها من أن العقار ليس ملكاً له، دون أن تتزيد فتقول في الأسباب إن العقار مملوك لفلان أو لعلان. فهذا التزيد الذي لم يلتزم شفرة أوكام، ولم يحترم النظام القضائي في تدوين الأسباب، ربما يتعلل به الشخص الثالث ليدعي أن المحكمة حكمت له بملكية العقار، علي الرغم من أن ذلك لغو لا يعتد به قانوناً، ويكون تجنب اللغو من أول أولويات القضاة في تحرير الأسباب.
(ب) والمحاكم اصلا تفصل في واقعات جنائية او مدنية او ادارية او احوال شخصية وما الي ذلك، ولا تفصل في افكار او تقضي في آراء. فما يوضح امام المحكمة، وما تحققه، وما تقضي فيه، لابد ان يكون واقعة مادية محددة، لها اطرافها، الذين يكون للحكم حجية بإزائهم، فيلتزمون تنفيذه ولو بالقوة الجبرية، ولا يتعدي الحكم نطاقه او يتخطي حجيته الي غير الخصوم الذين مثلوا فيه تمثيلا قانونيا.. ومن يكون خارج نطاق الخصومة، بعيدا عن مجال الحكم، يعتبر من الغير الذي لا يمكن ان يمتد اليه الحكم ابدا، بأية صورة من الصور، او اية عبارة او اشارة.
الحكم الذي اصدرته محكمة النقض المصرية بتاريخ 5 اغسطس ،1996 والذي انتهي بالتفريق بين استاذ جامعي وزوجه، بزعم ان مؤلفات الاستاذ فيها إلحاد وكفر، هذا الحكم انحدر الي اكثر من خطأ جسيم، لا يمكن ان يصدر الا عن قضاءأيديولوجي، وليس قضاء عدلا مستقيما، فلقد امتنع الحكم عن تطبيق القانون رقم 81 لسنة ،1996 النافذ اعتبارا من 22 مايو 1996 فيما نص عليه من عدم قبول المحاكم لدعوي الحسبة، التي هي في الحقيقة شكوي وليست دعوي، هذا فضلا عن ان الحكم فصل في آراء وقضي في افكار، وهو ما يخرج عن ولاية القضاء الطبيعي في كل بلاد العالم المتحضر، باعتبار انه تفتيش في القلوب وتنبيش في النوايا، يدخل في اختصاص محاكم التفتيش INQUISITIVE COUNSOLS والنص الموجود في القانون المصري بالتفريق بين الزوجين ان كان الزوج قد خرج عن ملة الاسلام، نص ينطبق في حالة ما اذا اعلن الزوج بعبارات صريحة وافعال صحيحة انه كفر بالاسلام شريعة وعقيدة، واصر علي ذلك حتي امام المحكمة، اما ان تتأول المحكمة آراء لكاتب او افكاراً لمفكر او فقهاً لفقيه، فتري انها وفقا لما تعتقده هي، كفر وإلحاد، فان ذلك يكون بكل المعايير تحويلا للقضاء الذي يفصل في وقائع ثابتة محققة الي محاكم تفتيش تقضي بالظن وتحكم بالتأويل وتدين بالاشاعات والشبهات.
وبعد هذين الخطأين الجسيمين اللذين هدمت بهما المحكمة اركان القضاء وانكرت العدالة واهدرت القانون، شرعت في بيان شعارات الاسلام السياسي لتسفر بذلك عن اتجاهها الايديولوجي، مع ان ذلك وفقا لاصول تحرير الاسباب القضائية، وتبعا للقواعد المقررة في علم المنطق، ومنها شفرة او حد اوكام، تزيد لا قيمة له من الناحية القانونية ولا اثر له الا في كشف دواعي المحكمة، وسفور نواياها ومقاصدها في فرص المعتقد السياسي (الايديولوجيا) بدلا من المعتقد الديني شاء الناس ام ابوا، اراد نظام الحكم ذلك ام رفض، وبهذا تنقلب الحصانة القضائية لتحمي القضاة حين يخرجون علي القانون علنا، وحيث يقتلون العدالة عمدا.
توافق هذا الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 5 اغسطس 1996 مع الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 18 مايو 1996 (اي قبل خمسين يوما من صدور حكم النقض) فبسط كل منهما شعارات الاسلام السياسي متصور خطأ وخطلا انها هي الاسلام قاصدا بذلك فرضها علي نظام الحكم وعلي النظام القضائي وعلي الشعب بأكمله وحتي تتسارع خطوات الاسلام السياسي الوهابي الاخواني في الوصول الي السلطة والاستحواذ علي النفوذ والمال وفي سبيل ذلك قالت المحكمة الدستورية العليا، ان النص الدستوري الذي يجعل من مباديء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع هو خطاب الي السلطتين التشريعية والتنفيذية للعمل علي مقتضاه بحيث لا يجوز لنص تشريعي ان يناقض الاحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالاتها، باعتبار ان هذه الاحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا لانها تمثل الشريعة الاسلامية بمبادئها الكلية واصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا او تبديلا اذ هي عصية علي التعديل. اذ هي في اطارها العام وركائزها الاصلية التي تفرض متطلباتها دوما بما يحول دون اقرار اية قاعدة علي خلافها، والا اعتبر ذلك تشويهاً وانكارا لما علم من الدين بالضرورة.
والي الحديث القادم لتفنيد الايديولوجيا التي كشفته عنهما المحاكم العليا في مصر.
مفكر وكاتب مصري


  قناوى    عدد المشاركات   >>  15              التاريخ   >>  7/9/2003



المستشار محمد سعيد العشماوى

أحد القضاة الذين حضرت أمامهم مترافعاً في قضايا اعتقالات وأشهد الله تعالى كم كان نزيهاً هذا الرجل ورغم حجم اختلافة مع الجماعات الاسلامية كان يرفض دائماً وأبدأ اعتراضات وزارة الداخلية على قرارات الافراج التى كان دائما يصدرها وهو ايضاً صاحب حكم البراءة في التنظيم الناصري المسلح واذا لم تفتنى الذاكرة صاحب البراءة في قضية التنظيم الشيوعي المصري الذى كان متهما فية استاذنا أحمد نبيل الهلالى

تحية لهذا القاضي

أما أفكارة فتبقي أفكار قابلة للاتفاق والاختلاف فتلك سنة الحياة


  احمد حلمى    عدد المشاركات   >>  318              التاريخ   >>  7/9/2003



الاستاذ احمد قناوى .. قد اتفق معك فى هذا ولكن المشكلة أنه قاضيا وكاتبا فى ذات الوقت يصر أن يكتب نقدا لافكار سياسية لا يتفق معها مما يوقعه فى تناقض مع وظيفته .

فهو دائما ما يكتب مقالات ينتقد فيها الاسلام السياسى والتيارات السياسية الاسلامية  وتحدث الازمة عندما تعرض عليه قضية سياسية لاحد هذه التيارات فالمتهمين دائما يكونوا فى ريبة من أنه دائم انتقادهم على صفحات الجرائد . وتسبب هذا فى عديد من طلبات الرد .

ويلاحظ أنه أحيانا ما يتطرق نقده للتيار الاسلامى السياسى إلى مناطق شرعية وأحكام تجعل آراءه محل جدل .. واتحرج من أن يقع القاضى فى مثل هذه المنازعات الفكرية .

ويبقى اتفاقى معك فى أن له بعض الاحكام العظيمة فى مجال الحريات .


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1425 / عدد الاعضاء 62