ذهبت الى الجامع الذى يوجد بجوار بيتى لقضاء صلاة الجمعة متمنيا ان اسمع خطبة من امام الجامع الكبير تتفاعل مع ما يحدث فى مذبحة الفلوجة وتعطى لنا الامل من جديد وتخرجنا ولو لبعض الوقت من الحالة النفسية المنهكة التى نعيشها كما توجهنا الى ما يجب علينا فعله حتى نفيق من حالة الضياع السائد واتخذت مجلسى بين المصلين وصعد الامام الى المنبر وبدأخطبته والتى كانت تتعلق بالعقيدة وعلاقتها بمعاملات الانسان فى الحياة وتتلخص فى ان الانسان عندما يتعامل ويتفاعل مع شئون الحياة يكون على يقين انه عبدا لله وليس سواه وذكر المثلة المتعددة فى هذا الشأن وشرح كيف يتحول الأنسان من عبادة ربه الى عبادة الدرهم والدينار او عبادة السلطان او اولياء الامر. واستمرت الخطبة على هذا المنوال دون الاشارة لا من قريب او بعيد لما يحدث من مذابح للمسلمين فى العراق ووجدت نفسى فى منتهى الضيق وافكر فى القيام ومغادرة الجامع وعدم تكملة الصلاة ولكن لم استطع ان افعل ذلك واستمريت فى سماع ما يقوله الامام الخطيب واحساسى يتزايد بالغضب وفوران الدم وبعد انتهاء الخطبة الثانية نوه الامام الخطيب الى شئ جلل وخطير فقلت فى نفسى لقد ظلمت الرجل وها هو سوف ينوه عما يحدث فى الفلوجة والعراق وتأهبت الى سماع ما سيقولة فقال الرجل:
ظهرت فى الاونه الأخيرة ظاهرة خطيرة وهى انه يجد اعلانات تجارية مطبوعة داخل الجامع وهذا عمل فى منتهى السوء لأن المساجد لله ، ولايصح ولا يليق ان توزع فيها هذه الاعلانات واستطرد فى هذا الموضوع شارحا ماذا كتب فى احد هذه الاعلانات وتوعد اى شخص يشاهده يقوم بهذا العمل داخل المسجد.
انهى الامام الخطيب الخطبة بالدعاء ونحن مؤمنين خلفة وعن استحياء قال الله ما انصر اخواننا فى فلسطين والعراق واقام الصلاة.
ياربى احسست ان ضغطى قد ارتفع الى اعلى درجاته واحسست بسخونة شديدة فى كل انحاء جسدى واتممت الصلاة وختمتها ودعوت الله سبحانه وتعالى وقررت ان اذهب الى الامام الخطيب للتحدث اليه.
وعندما وصلت الى الى موقع الامام وجدت حوله لفيف من المصلين يسلمون عليه ومنهم من جاء بإبنه ليباركة ومنهم من اخذه بالاحضان وانتظرت الى ان انفض الجمع وتوجه الامام الى غرفة خلفية فى الجامع متأهبا للخروج فأستوقفته وقلت له:
- فضيلة الشيخ هناك كلمات فى داخلى يمكن ان تغضبك فهل لى ان اقولها.
- فقال وايه يعنى لما نزعل هات ما عندك
- فقلت ان مايحدث فى العراق عموما والفلوجة خصوصا ومن انتهاك المساجد من قبل الكفرة والمنافقين الا يستحق ان تشير اليه فى خطبتك بدلا من اتشير الى الاعلانات فى الجوامع
- فقال ويعنى لوقلت الناس اللى بره دى هاتعمل ايه
- فقلت هذا واجب كل الائمه ان ترشد الناس الى مايجب ان تفعله ام ان هناك مايمنعك فى الاشارة الى ذلك
- فقال لى وافرض ان هناك مايمنع انستطيع ان نفعل ذلك
- فقلت له ولكنك ذكرت فى خطبتك ان يكون الانسان عبدا لله فقط .... فهل انت كذلك ....ام انك عبدا للدينار وما غير ذلك.... وكيف تقول وتطلب منا ان نفعل مالاتستطيع ان تقوم به
- فنظر لى الرجل متفاجأ مذهولا وقال يسويها رب العباد وتركنى وذهب.
وخرجت متسائلا هل تجب بعد ذلك صلاة الجمعة فى ظل هذا النفاق والخنوع.