سلمت مجموعة من المثقفين السودانيين تشمل محامين وكتاب و تشكيليين وصحافيين وعددهم (454) مذكرة للرئيس السوداني عمر البشير تطالبه باتخاذ الإجراءات تجاه خطر التكفير الذي صدر بفتوى من مجموعة تضم (14) إسلامياً بينهم قادة تنظيمات سياسية وشخصيات متنفذة في الحكومة ، ضد تنظيم طلاب الجبهة الديمقراطية والأحزاب ومعتنقي الديمقراطية والاشتراكية والموالين للنصارى ـ على حد تعبير الفتوى ـ التي نشرت في الرابع من يونيو الماضي .
(مع العلم بأن هناك مجموعة من المحامين السودانيين قامت بفتح بلاغ جنائي ضد المجموعة التي أسمت نفسها (علماء السودان) ).
حملت المذكرة ، التي سلمها عشرة من المثقفين إنابة عن الموقعين عليها ، الحكومة المسئولية في صدور مثل تلك الفتاوى ، وقالت المذكرة أن المجتمع السوداني لم يشهد حتى الآن تحركاً من قبل السلطة للتصدي لهذا الواقع الخطير الذي يسمم ولازال يسمم مناخ التعايش ويهدد وحدة البلاد وسلامتها .
بسم الله الرحمن الرحيم
الخرطوم في 21 يوليو 2003م
السيد الفريق ركن / عمر حسن أحمد البشير
رئيس الجمهورية
السلام عليكم وبعد
تعلمون ، ولابد أن مجموعة تضم 14 إسلاموياً ـ بينهم قادة تنظيمات سياسية وشخصيات متنفذة في السلطة ـ قد أصدرت بياناً يحمل فتوى بتكفير صريح لتنظيم طلابي (الجبهة الديمقراطية) ولأحزاب ومعتنقي الديمقراطية والاشتراكية والموالين للنصارى ـ علي حد تعبير الفتوى التي تم نشرها علي نطاق واسع في الرابع من يونيو 2003م ، وقد سبق أن صدر بيان خلال شهر مايو 2003م يهدر دماء كتاب وصحفيين وسياسيين وقضاة ومحاميين في قائمة تضمنت أسماءهم ، ودعت إلي قتلهم مقابل أجر معلوم (عشرة مليون جنيهاً للرأس) !!!!!! كما سبق هاتين الواقعتين في السنوات الماضية من التسعينات تصاعد لثقافة العنف التي نتج عنها اغتيالات مشهودة في دور العبادة في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم ، منها حادثة الجرافة ومسجد أنصار السنة بالحارة الأولى بأمد رمان وبعض المدن الأخرى ، كحادثة ود مدني ، وشهدت ذات الفترة حادث اغتيال الفنان المغنى خوجلي عثمان ، ومحاولة اغتيال المغني عبد القادر سالم طعناً بالسكين في دار الفنانين بأمدرمان بذات الرؤية التكفيرية وفي ذات المناخ ، علاوة علي تصاعد القمع والعنف الطلابي .
جملة هذه الوقائع تستمد وقودها من المناخ الذي يسود السودان بتغذية مباشرة من روافد الاستعلاء الديني والثقافي واللغوي والنوعي والعرقي ، المتمدد بدعم واضح وإسناد ، من المعطيات القائمة التي لا يمكن إعفاء السلطة من المسئولية عنها ، وارتفاع معدل الإقصاء وقهر الرأي الأخر داخل نطاق الدين الواحد والجماعة الواحدة ، وعدم الاعتراف بأصحاب المعتقدات والثقافات الأخرى ، مما يتناقض مع قيم المواطنة وحقوق المجموعات السودانية المختلفة .
يحدث كل هذا في وقت تتجه فيه كل الجهود نحو تحقيق السلام والديموقراطية ، وإشاعة الحريات وكفالة حقوق الإنسان ، مما يجعل للسلطة الحاكمة واجباً أساسياً ومسئولية في التصدي لهذه الظواهر الخطيرة ، التكفير وإهدار الدم والاغتيالات العشوائية علي الهوية والمعتقدات والضمير ، بممارسة التحريض علي سفك الدماء وتحقير وتكفير الآخرين .
أن المجتمع لم يشهد حتى الآن تحركا جادا من قبل السلطة للتصدي لهذا الواقع الخطير الذي سمم ولا زال يسمم مناخ التعايش ويهدد وحدة البلاد وسلامها . لا يخفى أن هذا الاستهداف قد طال صحفيين ومثقفين وكتاباً ومفكرين وفنانين وهو أمر له دلالته في مسار هذه الظاهرة .
نحن الموقعون أدناه وبما تمليه علينا ضمائرنا كمفكرين وكتاب وأدباء وفنانين وأكاديميين وصحفيين ومهنيين ، رأينا أن من واجبنا أن نرفع هذا الأمر لكم باعتباركم رأساً للدولة لتتخذوا من الإجراءات ما يكفل درء هذا الخطر الفادح .
وتفضلوا بقبول وافر التقدير
{نقلاً عن جريدة الأيام اليومية ، العدد 7725 الثلاثاء 22يوليو 2003م .}