اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
سامح سمير
التاريخ
10/22/2004 1:37:17 PM
  تعليق على قانون تنظيم مهنة المحاماة السورى       

                      السلطة التنفيذية ونقابة المحامي
               القضاء هو مَن يحكم.. وليس مجلس الوزراء

المحامي: بديع وسوف

تعتمد سوريا مبدأ فصل السلطات الثلاث (تشريعية- قضائية- تنفيذية) وتقوم كل من هذه السلطات بتنفيذ مهامها المقررة في التشريع تحت مظلة الدستور، ويرعى استقلالَ هذه السلطات رئيسُ الجمهورية من موقعه. هذا المبدأ مكرس في معظم دول العالم تقريباً لما له من أهمية خاصة في تطبيق القوانين تطبيقاً صحيحاً، ولما يحمله من ضمانات تصون مؤسسات الدولة والأفراد. وضمن هذا المبدأ تنهض السلطة القضائية بمهمتها في السهر على حسن تطبيق القوانين وتنفيذها وتصدر أحكامها باسم الشعب العربي في سورية. إذاً هذه السلطة مؤهلة لحل أي خلاف مدنياً كان أم جزائياً وفق القانون.أما السلطة التشريعية فإنها تتولى إقرار القوانين. وضمن هذا الإطار العام والشفاف يجب اللجوء إلى القضاء لتطبيق القانون. وهذا الحق مصان بالدستور(المادة 28- الفقرة 4: حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالدستور).

ومن خلال هذا المبدأ أرى بأن هناك خللاً في قانون تنظيم مهنة المحاماة ولاسيما المادة 107منه التي تعطي الحق لمجلس الوزراء بحل المؤتمر العام لنقابة المحامين ومجلس النقابة ومجالس الفروع، في حال انحرافها عن مفهومها، بقرار غير قابل لأي طريق من طرق الطعن أو المراجعة. وأيضاً المادة 108 فقرة ب منه التي أعطت الحق لرئيس مجلس الوزراء بتسمية مجلس مؤقت للنقابة أو الفرع يمارس صلاحيات المجلس الأصلي نفسها.

وسأحاول إلقاء الضوء على هاتين المادتين من خلال الدستور والواقع:

من خلال الدستور:

بالرجوع إلى المادة 48 من الدستور نجدها أعطت الحق للقطاعات الجماهيرية بإقامة تنظيمات نقابية أو اجتماعية أو مهنية أو جمعيات تعاونية للإنتاج أو الخدمات، وتحدد القوانين إطار هذه التنظيمات وعلاقاتها وحدود عملها. والمادة 12من الدستور نصت على أن (الدولة في خدمة الشعب وتعمل مؤسساتها على حماية الحقوق الأساسية للمواطنين وتطوير حياتهم كما تعمل على دعم المنظمات الشعبية لتتمكن من تطوير نفسها ذاتياً). وبذلك تكون نقابة المحامين نقابة مهنية استمدت وجودها كشخصية اعتبارية مستقلة من الدستور تضع لنفسها قانونها الخاص بتنظيم المهنة الذي يعتمد على آلية الانتخاب في كل مؤسساتها مما يجعل المادتين 107 و108 من قانون تنظيم المهنة غير متوافقين مع أحكام الدستور، فما دام الدستور لم يضع أية وصاية على النقابة، وجاء نص المادة مطلقاً يفيد بدعم الدولة لهذه المنظمات كما هي وبإرادتها، وطبعاً ضمن الأهداف الوطنية، ولا يستفاد من الدستور وهو شيخ القوانين بأن هناك وصاية على النقابة أو السلطة بحل مؤتمرها الذي هو أعلى سلطة، ولم يعط أية جهة حق تسمية مجالسها سوى لأعضائها، وكان الحل في حال تقييم عمل مؤتمر النقابة أو مجلس من مجالسها بعرض القرار المشكو منه (حال انحرافها عن أهدافها ومهامها) على القضاء أو المحكمة الدستورية لبسط سلطتها وإلغاء القرارات غير الدستورية أو غير المناسبة، مع إبقاء الهيئة التي أصدرته طبعاً. ولاسيما أنه من المعروف أن بعض قرارات نقابة المحامين يطعن فيها أمام الدائرة المدنية لمحكمة النقض، وينظم الباب الثامن من قانون تنظيم مهنة المحاماة النافذ حالياً هذا الأمر، كما أن المادة 105 منه نصت (قرارات المؤتمر العام فيما عدا ما هو منصوص عليه في المادة السابقة، تقبل الطعن أمام الغرفة المدنية لدى محكمة النقض خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم الذي يلي إعلانها في مقر النقابة، ويتم الطعن من قبل وزير العدل - النقيب بناء على قرار مجلس النقابة - رئيس مجلس الفرع بناء على قرار مجلس الفرع - عشرة أعضاء من المؤتمر العام) وهذا على ما أرى كاف لضمان سير النقابة وعدم انحرافها. ومن جهة ثانية إن قرار الحل وفق المادة 107 يصدر عن مجلس الوزراء مبرماً غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن في حال الانحراف عن مهامها، وتقرير فيما إذا كان هناك انحراف من عدمه يجب أن يعود إلى القضاء وليس إلى مجلس الوزراء الذي يستطيع الطعن عن طريق وزير العدل بقرارات المؤتمر العام. وعليه فإن الحلول القانونية متوفرة في مواد القانون ذاته. فلماذا الإبقاء على نص المادتين 107 و108 من هذا القانون؟.

من خلال الواقع:

جاء القانون39 تاريخ 21/8/1981 خلفاً لقانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 14 لعام 1972 وجاء في الأسباب الموجبة لإصداره ما يلي:

(فضلا عن أنه وقعت خلال فترة تنفيذه -أي القانون السابق- تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية في القطر أدت إلى تغيير في طبيعة العلاقات في المجتمع رافقها تطور تشريعي هام.. وهذا ما حدا بالمحامين المطالبة بتعديل القانون الناظم لمهنتهم بشكل يؤدي إلى تدارك الثغرات ومسايرة التطور التشريعي في القطر. إزاء هذه الاعتبارات كلها لم يكن ثمة بد من إعادة النظر في النصوص النافذة وتعديلها..) والمقصود بهذه التحولات ما حدث خلال فترة تسع سنوات من تاريخ نفاذ القانون السابق. وبمقارنة مدة نفاذ القانون الحالي والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحاصلة على مدى نحو 23 عاماً من نفاذ القانون الحالي، نجدها أعمق بكثير على الصعيدين الداخلي والخارجي. فالكل يعلم مدى التطور الداخلي في كل الاتجاهات والعدد الكبير من المراسيم والقوانين التي تتناسب والتطور الحديث والاتجاه نحو إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص بعد إصدار القانون رقم 10 وابتعاد السياسة عن الوظيفة العامة بشكل رسمي، وكذلك تطور نقابة المحامين خلال هذه الفترة الطويلة. أما على الصعيد العالمي فقد حملت تلك السنوات متغيرات لو لم تحصل لكان من الصعب توقعها: الاتحاد السوفييتي انهار وحمل معه التجربة الاشتراكية التي كانت تشغل القرن الماضي، وحربا الخليج واحتلال العراق وواقع العنف الإسرائيلي المتصاعد والثورة المعلوماتية التي تجتاح الإنسان في منزله.. مما يجعل مهمة تعديل وتغيير القوانين غير المرنة والتي لا تناسب التطور السريع للمجتمع ضرورة ملحة، ولاسيما وأن التشريع هو الأهم من بين أسباب التطور والتمدن، وهذا ما يجعل تعديل قانون تنظيم مهنة المحاماة لجهة إلغاء المادتين 107 و108 منه يحقق العدالة وأعتقد أن الظروف التي جاءت بهما لم يعد لها أي وجود وتجاوزها المجتمع .


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1190 / عدد الاعضاء 62