السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وأطيب التهاني وأنضر الأماني لجميع الأخوة بحلول شهر رمضان المبارك سائلين الله تعالى أن يوفق الجميع لصيامه وقيامه وأن يتقبل منا ومنكم أحسن الأعمال وأن يعيد فيه للأمة سالف مجدها وفخرها ، إنه سميع مجيب.
وبعد ،،
استلهاماً لروح هذا الشهر الكريم..
واغتناماً لبركاته وروح التسامح فيه ..
رأيت طرح هذا الموضوع.. سائلاً الله تعالى أن يكتب لنا التوفيق والسداد وأن يجنبنا الخطأ والزلل.
أنا سُني بالميلاد .. ونشأت وعشت ولا أزال في بيئة سنية وجُل إن لم يكن كل أفرادها من السُنيين. ومع ذلك لا توجد أسرة تخلو من اسم على وحسن وحسين وخديجة وفاطمة ولا تكاد توجد عائلة ليس فيها اسم زين العابدين وجعفر والصادق رضي الله عنهم أجمعين. نحب أهل البيت.. ونحب من يحبهم.. وفي كل مسجد يدعو الإمام لهم ويؤمن من بعده المصلون.. ولهذا ليس لديّ سابق احتكاك أو تراكمات تاريخية تحول بيني وبين طرح هذا الموضوع.. ولا أجد أي غضاضة للتحدث فيه..
من المسلمات لديّ أن كل سني عادي وكل شيعي عادي يعتقد اعتقاداً جازماً قاطعاً لا يدخله شك ولا خلل في الإسلام الواحد بأركانه الخمسة.. ويفهم كل منهما نفس الإيمان الذي يفهمه الآخر بأركانه الستة.. وكل منهما يتجه كل يوم لنفس القبلة يؤدي نفس الصلوات ويقرأ ذات القران ويصوم شهر رمضان ويؤدي الزكاة ويحج لبيت الله الحرام.. وكل منهما يؤمن إيماناً صادقاً لا يدخله أي شك بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين.. هذه هي الأسس المتفق عليها التي لا تخرج معتقديها عن دين الإسلام.. وما بقي غير ذلك فهو من الفروع التي يرجع الاختلاف فيها للاجتهاد والذي لا تكون نتيجة الاختلاف فيه خروج الآخر من الدين أو اعتباره عدواً.
وفي رأيي المتواضع ، أن الاختلاف التاريخي في السياسة تدخلت فيه قوى مختلفة جعلت الهوة عميقة وهزت الثقة بين الطرفين وصورت الاتفاق وكأنه مستحيلاً. وللأسف الشديد نجحت القوى المذكورة ولازالت تؤجج نيران الفتن وتزرع بذور الفرقة بين الأخوين.. ولعل أقرب مثال لذلك هو حرب المساجد المؤلمة والقائمة بين الشقيقين في باكستان.. ولكن هناك أمل عريض في تجاوز الأشقاء هذه المحن وتفويت الفرصة على القوى التي تحاول النفاذ من خلال الاستفادة من الخلافات بين الطرفين. ولا يملك المرء إلاّ الإعجاب بما يقوم به حزب الله من دور يشيد به من يختلفون معه ليس فقط في المذهب بل وحتى في الدين. وكذلك المقاومة العراقية الباسلة التي فوتت على القوى المتربصة فرصة اللعب على حبل الخلافات المذهبية والتي اكتوى بسببها العراق الحبيب لقرون طوال.
هذا الشهر الكريم هو أفضل مناسبة نغتنم فيها السمو الروحي لمحاولة زرع الثقة بين الطرفين. وآمل من الأخوة الذين يشاركوني الرأي ، خاصة من الأخوة الشيعة ، أن يثروا النقاش البناء لتقوية الثقة بين الطرفين خاصة في الأماكن التي بها احتكاكات وجروح دفينة والتي لربما يعتبر طرح هذا الموضوع فيها بذاته أمراً حساساً ولا يناقش ..
كما آمل من أخوتي الذين قد يختلفون معي أن يمنحوا فرصة للأمل .. وأن يلتمسوا لنا العذر في حسن النية ونبل القصد.. وأن يدعوا لنا بالنجاح للتقريب بين وجهات النظر..
وأمنيتي من الجميع أن يكون النقاش عن الأشياء التي تجمع لا التي تفرق .. وأن نعمل جميعاً لغرس الثقة لا اقتلاعها.. فكفى فرقة وكفى شتاتاً.. ويبقى الاختلاف بعد ذلك في الفروع التي يعالجها الاجتهاد والذي ينبغي أن ينظر إليه كإثراء للفقه ودفعاً للمشقة وتيسيراً للأمور..
إنها دعوة للمحبة تنظر بإيجابية لكلا الطرفين..
وطـــــــــــــــــــــاب رمضــــــــــانكم