أصلا أغلب النصوص في (طفرة) الأنظمة التي صدرت في السعودية لو دققنا فيها جيدا لن تعني شئ.. ولن تغني من الحق شيئا.
أغلب النصوص تنص على: (وللقاضي أن..) أو (ومتى رأى القاضي..).. بدلا من (ويجب على القاضي).. أو (على المحكمة أن تلتزم بـ..)..
وهنا يحضرني أن أشارك الزملاء بالغثيان الذي أشعر به حين أقرأ نظام المحاماة السعودي.. فما يزيد عن ثلث مواد النظام خُصصت لتأديب المحامي (لا أدري لماذا لم يسموا فصل تأديب المحامي بـ: فصل أساليب وطرق ذبح المحامي على غير قبلة شرعية!).
ووزارة العدل، حفظها الله، أجهزت عمليا على ما تبقى من بعض مميزات وضعت للمحامي. ومن هذا نص المادة 19 من نظام المحاماة السعودي والتي تنص على ما يلي: (على المحاكم وديوان المظالم واللجان والدوائر الرسمية وسلطات التحقيق أن تقدم للمحامي التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه وأن تمكنه من الاطلاع على الأوراق وحضور التحقيق..) فأضافت الوزارة، مشكورة!، للمادة عبارة:( بعد التأكد من وكالته).. حين (حشرت) هذه العبارة عمليا ووضعتها على بطاقة المحامي التي تطلع عليها الجهات الرسمية.
ولا تدري الوزراة أنني بسبب هذه المادة عانيت الأمرين، حين ذهبت ذات مرة للسجن بغرض لاطلاع على قضية جنائية لمواطن يرغب في أن يوكلنا. طلبت حينها من الضابط، وفي حضور ذلك المواطن المتهم، أن أطلع على أوراق القضية.. متسلحا بالطبع ببطاقة المحاماة (التي هي في النهاية مثل اللهاية التي نضعها في فم الطفل ليتوقف عن النواح!)..
فقال لي الضابط الفخم ولكن أين وكالتك لتطلع على الأوراق؟ ..
فقلت له: ها هو موكلي يوكلني أمامك..
فقال طويل العمر: ليس هذا ما هو منصوص عليه في البطاقة.. احضر وكالة شرعية ثم تعال فاطلع على الأوراق.
فقلت للضابط (صاحب العقلية المنفتحة): وكيف سيوكلني المتهم دون أن يستطيع أن يخرج من السجن ليوكلني؟ ..
فرد على: هذه مشكلتك!
ولا داعي أن أسرد لكم تفاصيل ما حدث بعد ذلك!
اللهم لا اعتراض على حكمك!
المشكلة أيها الاخوان، ويا أستاذنا الناصري، ليست في نصوص الأنظمة بل في (الرهاب) الذي تلبس البعض من المسئولين حين وضعوا هذه الأنظمة. وهذا الذي يجب أن يعالج.. (أعني الرهاب).. ولا شئ غيره
وأنا معك في أي اعتراض نقدمه لوزير العدل بهذا الخصوص،