شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 11/10/2004
|
أخواني وزملائي الأعزاء
تحية طيبة لكم
هناك لبس خطير شائع حول مسألة القوانين الوضعية
والمشايخ ، كعادتهم دائما ، متورطون في عملية التدليس والتضليل التي تمارس ضد كل من يخالفهم الرأي
الذين يهاجمون العلمانيين ، لا يوجد في بلادهم كتاب واحد يدافع عن مفهوم العلمانية مثلا
والذين يهاجمون كتابا معينين ، لا يوجد في مكتبات بلادهم كتابا واحدا عن ذلك الكاتب أو مقالا واحدا للدفاع عنه
والذين يهاجمون المحاماة والقوانين الوضعية ، ليس لديهم الإلمام الكافي عن مصدر هذه القوانين وطبيعتها ومدارسها ونظرياتها ، ويعتقدون أن هذه القوانين عبارة عن تخريفات ... بل ولا يعرفون مدى القواسم المشتركة بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية .. بل وتقدم القوانين الوضعية على الفقه الإسلامي في قضايا معينة وفيا لم تنص عليه الشريعة ولم تتعرض له ولم تحط به وما استحدث من مسائل جديدة مع تطور الحياة في الميادين كافة.
الفتوى التي تهاجم أو تحرم العمل بالمحاماة ، لها مربطان ، كما رأيت :
المربط الأول : هو أن المحامي يدافع عن القاتل أو الزاني أو السارق أو أو ويمكن أن يسعى لتضليل العدالة وإفلات المجرمين من العقاب أو التلاعب في حقوق الناس . هذا صحيح.
المربط الثاني : هو أن المحامي يتعامل قوانين وضعية ، وهذا حرام .
وسنناقش الأمر تباعا
المربط الأول : يدل على تسطيح عقلي ، كما هي العادة عند السلفيين. حيث يأخذون الأمور من القشور ، مثل تقييمهم المرء من خلال لبسه أو طول لحيته أو انتمائه الطائفي.
والمنطق ، الذي يحاربه المتمسلفون ، يحل لنا الكثير من المسائل ، حينما نسمح للعقل بالعمل والكف عن النقل الأعمى.
فلو قلنا أن كل المحامين مدلسون ، ويجب تحريم المحاماة لأنها تضلل العدالة ، ونظرا لسوء خلق المحامين. فهذا يقودنا إلى تحريم كل المهن . نعم.
فهناك أطباء يتاجرون بآلام المرضى ، وبأعضائهم البشرية.
وهناك تجار يتاجرون بقوت الشعب وجيوبه.
وهناك مدرسون يتاجرون بآمال الطلاب وجيوب أهليهم.
وهناك شيوخ يتاجرون بالدين ، وما أكثرهم.
وهناك مهندسون ومقاولون يتاجرون بأرواح الناس وبيوتهم وسكناهم.
وهناك قضاة يتاجرون بالعدالة مثل بياعي البطاطس.
وهناك موظف يتاجر بسلطته وصلاحيته.
وهناك ضباط جيش يتاجرون بالجنود !!. ( أنا أعرف كيف ولكن لن أقول ).
وهناك زعماء يتاجرون بثروات الشعب وبالبلاد والعباد على السواء.
وهناك وهناك ..
فهل هذا يعني : أن نحرم كل هذه المهن . ويكون العمل فيها حراما.
؟؟؟
سيقول البعض : لا ، هناك أيضا أطباء شرفاء ، وقضاة شرفاء ، وضباط شرفاء ، ومقاولون شرفاء ، ومهندسون شرفاء ، ومدرسون شرفاء ،
فأقول له : أيضا هناك محامون شرفاء.
وفي كل مهنة ، هناك الصالح وهناك الطالح.
أتذكر زميلي المحامي الشاب ، عندما انسحب من جلسة محكمة الجنايات العسكرية بدعوى تحرش جنسي ، حينما ثبت له أن موكله مدان فعلا ، في جلسة استماع الطفل ، حيث تأثر ، وطلب علنا على قوس المحكمة ، اعتزال الوكالة والاعتذار عن الدعوى.
هناك محامون كثر ، ما زالوا يعملون في المهنة على أنها رسالة عدل سامية.
ولكن ، دعونا نوسع المنظار أكثر :
فالمحامي ليست مهمته تبرئة المدان ، واتهام البريء ، كما يعتقد العامة. ولا يلعب على الأحابيل .
فكثيرا ما نتوكل في دعوى ، ونقول للموكل فيها : الجرم ثابت بحقك.
ولكن ما هي وظيفة المحامي في هذه الحالة.
قد يكون هناك ظروف مخففة .. قد يكون هناك ملابسات معينة تساعد الموكل في قضيته ، قد لا يعرفها ولا يدرك أهميتها .. ولكن المحامي يدرك ويعرف ، وهذه وظيفته.
كأن يكون هناك عذر محل ، أو عذر مخفف ، ولا يثيره أو لا يفطن له لا القاضي ولا المتهم ، إذا لم يعمل عليه المحامي.
وهناك ، حالات ، يجب إثبات شروطها بدقة ، مثل الدفاع الشرعي مثلا ، ومثل حالة الضرورة ، ومثل حالات المانع الأدبي مثلا ، ومثل حالات الإثبات ، والخلوة مثلا ، وغيرها كثير لها شروط دقيقة لا يقف عليها سوى الملم بالقانون والخبير فيه ، وهو المحامي.
لذلك ، يلزم توكيل المحامي ، في كل القضايا ، بحسب رأيي.
ناهيك عن القضايا التجارية الدقيقة ، والتي تحتاج إلى محامين مختصين.
وهناك دعاوى ، يخسر فيها المواطن حقوقه ، وهو محق فيها ، لأنه لم يحسن استعمال دفوعه ، سواء لجهة التوقيت ، أو لجهة الإثبات ، فناك دفوع تسقط بعد أول جلسة ، وهناك دفوع لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ، وهناك قرائن مفترضة بحكم القانون ، وهناك طعون ومهل سقوط وأسباب وطلبات عارضة وحالات تقادم وسقوط وانقضاء التزامات بدون وفاء وحالات فسخ وحالات بطلان وووو
هناك تفاصيل دقيقة جدا ، يؤدي الجهل بها ، إلى ضياع الحق ، حتى لو كان صاحبه على حق.!!.
فالمحامي ، وجوده ضروري وهام. وفي كل قضية ، وفي كل عقد.
والمجتمعات المتقدمة ، تحترم المحاماة ، وتعتبر وجود المحامي في كل تعاقد أمرا ضروريا. وليس مثل عندنا ( هوشة عرب ).
وكم عرضت علي دعاوى منظورة أمام الاستئناف ، وقد خسرها صاحبها لعدم توكيل محام ، أو لخطأ ما ، ثم يفاجأ : بقاعدة قانونية تقول : لا يجوز تقديم الطلبات الجديدة أمام محكمة الاستئناف.
وهكذا ..
عذر مخفف : مثل عذر الاستفزاز. قد لا يفطن إليه الجاني ، وهو ثابت الجرم بحقه ، ولكن من شأن إثبات عذر الاستفزاز ( سورة الغضب الشديد الناجم عن خطأ المجني عليه ) تخفيف العقوبة.
وهكذا ..
لا تستخفوا بدور المحامي.
إذن : المربط الأول للفتوى القائلة بحرمة المحاماة لهذه العلة ، مردود عليها ، وهو قول سطحي يأتي مع الموجة السائدة في تسطيح العقول.
أما المربط الثاني : المتعلق بالعمل في القوانين الوضعية. فسأخصص له فصلا خاصا لإزالة اللبس حول النظرة إلى القوانين الوضعية . ومن الأفضل أن يكون لها مشاركة خاصة.
أما عن فلتات لساني :
فهذا ليس بيدي أيها الزملاء الكرام
فقد طفح الكيل
البارحة : أحد الحمير الهائمة ، قام بعملية انتحارية في مسجد للشيعة في باكستان ولعل البعض من المختلين عقليا صفق له.
ولا شك أن النظام الباكستاني العفن منذ ( ضياع الحق ) فرح بذلك. فالشعب خليه يلتهي بنفسه في ستين داهية ، على قولة اخوتنا المصريين.
والنظام ، يشيل ويحط ، ويلعب على كيفه.
فالمسبات ربما أكثر قدرة على التعبير عن الانفجار
وهذا ليس قاصرا علي وحدي
فالمفكر النهضوي الكبير جمال الدين الأفغاني ، طلبه ذات مرة السلطان العثماني بعد أن ضاق ذرعا من دروسه وتحريضه الأمة على مقاومة الاستبداد والجهل والتخلف ، وأراد أن يستميله ، فأرسل إليه رجال القصر وهم يحملون إليه شارات رتبة ( قضاي عسكر ) وطلبوا منه أن يرتدي شارات الرتبة والحلة الذهبية التي أنعم بها عليه السلطان ، فرفض الشيخ الكبير ، وقال لهم :
(( قولوا لمولاكم السلطان إن جمال الدين يرى أن رتبة العلم هي أعلى الرتب ، ثم قولوا له إنني لا أستطيع أن أكون مثل البغل المزركش )).!!.
وطبعا ، جمال الدين الأفغاني ، طفح به الكيل ، وأنا لا أشبه نفسي به معاذ الله ، فلا نبلغ نصف ربع ثلث علمه ،
وأنا عذرته ، فقد زار الهند أيضا ، وقد سئل بعد أن عاد منها :
- كيف حال المسلمين هناك في الهند ؟
- فقال : (( إنهم لا يعرفون شيئا عن دينهم ، وإذا سألتهم ما هي ديانتهم قالوا لك : إننا نأكل لحم البقر والحمد لله ))!!.
وهذا أحمد مطر يقول :
إن أوسع الحكام علما
لو مشى في طلب العلم إلى الصين
لما أفلح في أن يصبح .. جحشا.
.....
لذلك ، فهناك لغة توجه إلى الإنسان ، وهناك ألفاظ وأسلوب تعامل خاص بالبغال والحمير ..
فانظروا أي أسلوب يعامله بنا حكامنا
وأي أسلوب تعاملهم به أميركا ..
والعرب أحوالهم اليوم مثل أحوال مسلمي الهند أيام الأفغاني
يأكلون لحم البقر والحمد لله.
ويتزوجون ويأكلون فول وطعمية وكبسة وملوخية وكراعين
ويغطون في نوم عميق .
ثم يقومون ليمارسوا هواية التصفيق.
والنعيق.
والحمد لله.
وذات مرة كتب الشهيد فرج فودة عن أمير إحدى الجماعات الإسلامية الذي يطالب الدولة بالكف عن الإنفاق على مجارير الصرف الصحي والشوارع والأبراج ووو .. لأن السلف ( الصالح طبعا ) لم ينفق أموال المسلمين في هذه الترهات. ولم يصنع مجارير صرف صحي ، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الخلاء ، فيجب الاقتداء به.
!!!
فلا تعجبوا بعد من فلتات لساني..
فهذه هي البلاغة بعينها
مناسبة المقال لمقتضى الحال
وهل يناسب أولئك غير هذا.
تحياتي لكم جميعا.
شرم برم كعب الفنجان
|