المقاومة العراقية أدرى بواقعها وبكيفية التعاطي مع هذا الواقع .. هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعيها الجميع دون تحزب طائفي يعمي البصيرة .. أو تمذهب سياسي يحجر على العقل
من خلاصة كلام الشيخ يوسف القرضاوي والذي لا يعد من هيئة علماء ( الخاطفين !!! ) ، أو ( المهديين ) ، أو ( السيستانيين ) .. أقر الرجل بضرورة ترك الحكم على واقع ما يحدث في ساحة المواجهة مع الاحتلال الأمريكي .. الى أولي الأمر من قادة المقاومة العراقية الحقيقية الباسلة أنفسهم .. لا المقاومة ( المطاطة ) ، ولا ( السينمائية )
ويسعدني بمناسبة نبأ استشهاد البطل المجاهد أبو أنس الشامي رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته أن أنقل روايته لمعركة الفلوجة التاريخية والتي حق لاهلها النشامى أن يرفعوا شعارهم المهيب بعدها:
((( ... ارفع رأسك أنت في الفلوجة ... )))
فاليكم القصة كما رواها أبو أنس رحمه الله وهي منقولة:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللجنة الشرعية بجماعة التوحيد والجهاد
أبوأنس الشامي يروي معركة ( الأحزاب ) بـ ( الفلوجة ) وقصص القائد الكبير ( أبو مصعب الزرقاوي ) ...
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
((يَاْ أَيُّهَا اَلْذِيْنَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اَللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ))
((يَا أَيُّهَا اَلذِّيِِِِِِِنَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اَللهَ وَقُولُواْ قَوْلا سَدِيدَا, يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ))
((يَا أَيُّهَا النَاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ الذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِساء)).......أما بعد:
التاريخ يعيد نفسه وسنن الله في الآفاق ثابتة ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا. في غزوة الأحزاب حوصرت المدينة وأحاط بها العدو إحاطة السوار بالمعصم وأجلب الكفر بكلكله فأناخ حولها وهو يروم اجتثاث الدولة الفتية الناشئة. وفي برد شديد وخوف شديد وجوع وعطش ومحنة حصّت الأنفس وزلزلت القلوب و لجم النفاق وتضعضع البنيان وبلغت القلوب الحناجر وابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدا... تمايز الصف وانكشفت خبيئات القلوب ومعيبات الصدور فأما المنافقون فقالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ونعق قائلهم: أما ترون إلى محمد يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الخلاء. وأما المؤمنون فلما رأوا الأحزاب قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليما.
فتعالوا بنا نبحر في طي هذا الكلام نتمعن ما فيه من هدى ونور.. في العربية يقال وعد إذا منّاه بالخير.. وأوعده إذا تهدده وأنذره .. ومنه مسألة الوعد والوعيد في العقيدة.. وإذا تأملنا مقولة الصحابة في هذه النازلة الكبرى والمحنة والشدة الضروس وجدناهم قد قالوا: وعدنا الله سبحانه وعداً كما أسلفنا بالخير والبشائر وما رآه الصحابة سيل منحدر من الكفر المتلاطم يغُّذ السير إليهم شاكي السلاح والشر يتطاير من عيونه: فهل هذا خير أم شر؟ .. هل هو وعد أم وعيد؟.. وهل يقال وعد أم أوعد؟.. لقد فقه الصحابة رضي الله عنهم أن الخير لا يأتي إلا بعد الشر وأن التمكين لا يكون إلا بعد الفتنة والتمحيص كما قيل للشافعي: أيهما خير للمؤمن, أن يمكّن أو يبتلى ؟ قال: وهل يمكن قبل أن يبتلى ؟!
إن سنة الله الكونية القدرية هي الوجه الآخر لسنته الدينية الشرعية فكما أن الفلق لا يجيء إلا بعد شدة الغسق وكما أن طفلك أيها الإنسان لا يستهل صارخاً في الحياة إلا بعد طول حمل وآلام مخاض وفي بحر من الدماء وكذلك دولة الإسلام وفجر النصر لا يجيء إلا بعد الفتنة والمحنة والتمحيص وفي بحر من الدماء.. إن دفق الدماء عبر الجراح يبعث النور في جبين الصباح.. وحين استحكمت حلقات المحنة واشتد لهيب اللأواء أيقن الصحابة بقرب النصر ودنو الظفر وحين بلغ المكر منتهاه... انفرج وتحولت الكفة وتغير هبوب الرياح وقرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة فقال:"اليوم نغزوهم ولا يغزونا ".. لقد عشنا في الفلوجة معركة الأحزاب بحذافيرها فقد جاءنا الكفار من فوقنا ومن أسفل منا وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ولجم النفاق وُزلزل المجاهدون وتميز الصف ثم كان الفرج... وبعد ذلك النصر...
ومن عجائب أقدار الله أن غزوة الأحزاب استمرت نحو شهر / 27 أو 28 يوما/ وهكذا كانت معركة الأحزاب في الفلوجه حذو القذة بالقذة.. فالحمد لله على توفيقه. تنويه واعتذار.. جاءت الأحداث على حين غرة وتلاحقت فصولها وتتابعت أحداثها وهي تمور موراناً سريعا أذهل العقلاء فشق عليهم أن ينحو السلاح ليمتشقوا ناصية القلم ويؤرخوا مواقف الفداء والبطولة .. مهلاً فهذا تفسير وليس بتبرير.. ولكن قدّر الله وما شاء فعل.. لذلك فعذراً إذا لم يكن هناك تأريخ دقيق ووصف تفصيلي لما جرى... مع أن ما جرى عموماً لم يكن إبداعاً عسكرياً بقدر ما كان توفيقاً ربانياً وتثبيتاً إلهياً.. لقد كانت المعركة في غالبها دفاعاً ودفعاً في معارك في الأزقة والفروع.. وتلك معركة تحتاج إلى قوة قلب وإقدام وجلد وشجاعة وتلك لعمرُ الله صفات بريء منها الجندي الأمريكي براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
ولذلك فسنحاول أن نرسم الإطار العام ونقف عند سوائح وإيحاء الأحداث والمنعطفات الخطرة مستلهمين الدروس والعبر مع بعض تفاصيل البطولات الفذة... ناسبين الفضل لأهل الفضل وحتى تعرف.. أمتي .. من الذي صاول وطاول ونابل.. وفاءً لأمتنا وأداءً للأمانة وشهادة الحق لله ........... ثم للتاريخ توطئة كلما هممت أن أسطّر تأريخ أحداث المجد والفخار في الفلوجة تعتريني رعشة ورجفة وأسمع لقلبي وجيباً يسري إلى القلم ليترجمه إحجاماً عن الكتابة واستعجاماً في البيان... ربما كان ذلك لشعوري بأن تلك الأيام كانت أياماً من أيام الله صنعها الله على عينه ورعاها بنفسه وخصها بفضله حتى أثمرت نصراً مؤزراً وفلجاً ظاهراً وخرقاً لكل المقاييس العسكرية والموازين الأرضية... وأنى لمثلي على قلة بضاعتي وقصور بياني وحداثة تجربتي في عالم الكتابة أن يبلل شفاه القلوب العطشى إلى هذا التاريخ بله أن يُرَوِّيَها بأخبار العز والسؤدد... لكن.. مكرهاً أخاك لا بطل.. وما حيلتي وأنا مضطر إلى ركوب خيل الكتابة الجموح, حسبي أني لا آلو جهداً وعلى الله التكلان وهو المستعان .
لقد شاء الله بحكمته أن يجعل الفلوجة معقلاً للأبطال ومجاهدي العراق ومهوى لأفئدة المجاهدين المهاجرين في بقاع الأرض الذين ينشدون نصرة الدين وإعلاء كلمة الله فيشدهم إليها حسن الأحدوثة ويأسرهم أريج وعبق دماء الشهداء في ساح الفلوجة, حتى غدت هذه المدينة الهادئة والوادعة كابوساً يؤرق الأمريكان وفزاعة ترتعد فرائسهم لذكر اسمها فضلاً عن التفكير في دخولها.
لايتوهم متوهم أن أمريكا قررت فجأة أن تداهم المدينة ثأراً لكرامة رجالها الذين ُمثل بهم وأحرقوا, بل كان ذلك أمراً بيِّت بليل ودبر بدهاء ومكر وخطط له قبلا, وحسبك أن تعلم أخي القارئ أن الأربع الذين قتلوا قبل انفراط عقد الأحداث كانوا ضباط أمن ومخططي حرب وأوراقهم الثبوتية ناطقة بهذا, كما وجدت بحوزتهم قصاصات أوراق تتحدث عن خطة اقتحام وفيها هيكلية أولية ترسم الخطوط العريضة وتحدد الإطار العام لمثل هذه الخطة...
وما يوم حليمة بسر فقد سرى الحديث وانتشرت الشائعات عن استقدام 25 ألف من جنود المارينز ليباشروا تصفية الجهاد في الفلوجة..
كيف جرت الأحداث؟؟؟
قبل الأحداث بنحو عشرة أيام أو تزيد قليلاً وبأمر من القائد أبي مصعب الزرقاوي اجتمع المجلس العسكري في المدينة وجرى استعراض الوضع ودراسة المتغيرات وكانت النتيجة مؤلمة وقاسية..
وجدنا أنه وبعد عام من الجهاد ما زلنا لم نحقق شيئاً على الأرض ولا يجد أحدنا شبراً يأوي إليه أو مكاناً يلوذ به آمناً في بيته بين أفراد سربه.... لقد كنا نتوارى في نهارنا ونتسلل كالقطا في ليلينا... هجر الجميع منازلهم وتشرد شمل العوائل.. ودوهمت البيوت وطورد الأبطال.. كانت صورة قاتمة, وشعر الجميع بفشل ذريع.. وكان لابد من حل سريع وتغيير لخطة العمل وقررنا أن نجعل الفلوجة ملاذا آمناً ودرعاً حصيناً لأهل الإسلام, وأرضاً حراماً ومفازة دوية مهلكة للأمريكان.. فلا يطئوها إلا خائفين ولا يخرجون منها إلا مذعورين مطاردين يحملون جرحاهم وقتلاهم.
واتفقنا أن تُقسّم المجاميع إلى مفارز تنتشر بالليل وتظل يقظى في النهار تحرس أطراف المدينة وتذود عن حماها بالغدوات والعشيات. وتوزع الحمل وقُسم العبء على المجاهدين مهاجرين وأنصار.. وارتفع اللواء وخفقت الراية وانطلقت الشرارة وتحمست النفوس وسرى في القلوب نشاطٌ وهمة عجيبة وتقافزت الأفئدة من الصدور شوقاً إلى مواجهة الأمريكان وشغفاً إلى الحور والجنان.
انتشرت الخلايا وكمنت السرايا.. وتقدمت أرتال عسكرية أمريكية تتهادى بخيلاء وتمطو بكبرياء وهي تأمل باستعلاء أن تداهم البيوت وتعتقل من تشاء وما درت أن الردى قد خُبئ لها بين كثبان الثرى على أيدي ليوث الشرى وفرسان الورى.. فلعلع الرصاص وزغرد الرشاش وارتفع حداء القواذف معلناً بدء عهد جديد, وتتابعت الأحداث وحمي الوطيس ودارت رحى معارك عنيفة واستمرت إحداها /4/ ساعات ليلية شاركت فيها الدبابات وحلقت الطائرات وحصل قصف وعصف.. حتى اعترف الكفار بأنها اعنف معركة جرت منذ سقوط النظام البائد.. وبدا أن رحم الأحداث تحمل مفاجآت جّلى, وأنه قد تشكلت فيه أجنة و أحداث جسام تنتظر ولادة قيصرية بعد مخاض عنيف وعبر انهار الدماء, وهنا حصلت الزلزلة الكبرى وقاصمة الظهر وأحدوثة العصر...
حين تجرأت سيارتان من نوع جيب بولوج الأرض الحرام ودخول أجمة الآساد فتصدى لهم أسد الغاب فأمطروهم بوابل من الرصاص ودعوا معهم الحياة خزايا ونداما, وفي غمرة الحقد الذي تنامى في القلوب على هؤلاء الدخلاء والأعداء الذين قتلوا ودمروا وتركوا في القلوب جراحات لا تندمل وقيحاً لا تمحوه الأيام.. قام بعض الناس بإشعال النار والتمثيل بالجثث شفاءً لقلوبهم في ثورة غضب أصمّتهم عن سماع نداء الشرع والعقل والنظر في المآلات والعواقب كما وعلّقت بعضها على جسر المدينة وسحبت إحدى الجثث بالأرض وجرت على الطريق كان منظرا عجيباً يتكرر فقط للمرة الثانية بعد الصومال في زمن الهيمنة الأمريكية
وهنا لابد للقلم من وقفه قصيرة, نذهب فيها بعيداً عن التاريخ والسرد لنعرج خلالها على مسألة فقهية ثم نضع أيدينا على مرض مزّمن وظاهرة عجيبة.. ولنبدأ بعون الله.. أما المسالة الفقهية.. فهي مسألة التمثيل بالقتلى وحرقهم فنقول: مسألة الحرق وردت فيها نصوص واضحة بالمنع والتحذير.. منها ما رواه البخاري "باب لا يعذب بعذاب الله". فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: إن وجدتم فلاناً وفلاناً لرجلين فأحرقوهما بالنار, ثم قال حين أردنا الخروج: " إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً وأن النار لا يعذِّب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما"
وكذلك روى سعيد بن منصور أن هبّار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله وهي في خدرها فأسقطت فبعث رسول الله سرية فقال: "إن وجدتموه فاجعلوه بين حزمتي حطب ثم أشعلوا فيه النار" ثم قال: "إني لأستحي من الله, لا ينبغي لأحد أن يعذِّب بعذاب الله".. فلم تصبه السرية وأصابته نقلة إلى المدينة فأسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: هذا هبّار يُسبّ ولا يسب و كان رجلاً سبابا فجاءه النبي يمشي حتى وقف عليه, فقال: "يا هبّار سُب من سبك, يا هبّار سُب من سبك ".
قال ابن حجر: محله إذا لم يتعين التحريق طريقاً إلى الغلبة على الكفار حال الحرب.. واختلف السلف في التحريق.. وقال المهلب: ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة.. وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها..... وأما حديث الباب فظاهر النهي فيه التحريم وهو نسخ لأمره المتقدم (6/149) وذكر سعيد بن منصور أن جنادة بن أبي أمية الأزديّ مختلف في صحبته.. والحق أنهم اثنان صحابي وتابعي (تقريب التهذيب:142)
وعبدالله بن قيس الفزاري وغيرهما من ولاة البحر من بعدهم كانوا يرمون العدو من الروم بالنار ويحرقونهم هؤلاء لهؤلاء وهؤلاء لهؤلاء. "وعن عبدالله بن قيس الفزاري انه كان على الناس في البحر على عهد معاوية وكان يرمي العدو بالنار ويرمونه ويحرقهم ويحرقونه, وقال لم يزل أمر المسلمين على ذلك.".ولعل الوسط في ذلك منع التحريق لشخص بعينه وأما التحريق العام فلا بأس به, قال ابن حجر: "وهو محمول على من قصد إلى ذلك في شخص بعينه "(6/149).
وأما المثلة: فقد روى البخاري عن عبد الله بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه نهى عن النهبى والمثلة " وقد قال الزمخشري: لا خلاف في تحريم المثلة (الكشاف 2/502) وهذا النقل متعقب فقد قال النووي: (قال بعضهم النهي عن المثلة نهي تنزيه وليس بحرام )(صحيح مسلم 7/311), وكذلك قال ابن قدامة: "يكره نقل رؤوس المشركين من بلد إلى بلد والتمثيل بقتلاهم وتعذيبهم" (المغني 1/595) , ومع ذلك فقد استثنى من ذلك الشرع المقابلة والمعاملة بالمثل كما قال تعالى: ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)) (النحل :126).
كما قاس بعض العلماء على ذلك صوراً أخرى إذا تحقق فيها النفع لأهل الإسلام والإرهاب للأعداء.. جاء في السير الكبير وشرحه "وأكثر مشايخنا على أنه إذا كان في ذلك كبت وغيظ للمشركين وفراغ قلب للمسلمين بأن يكون المقتول من قواد المشركين أو عظماء المبارزين فلا بأس بذلك"(شرح السير الكبير 1/110), وهذا مأخوذ من الإشارة في قوله تعالى: ((قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين*ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم )) (التوبة:14-15)
ونحن وإن كنا نؤثر الوقوف مع النص, ولكن المقصود بيان أوجه النظر ومثارات اجتهاد الأئمة في فهم هذه الأحاديث.. وآن لنا أن نخلص من هذا لنضع أيدينا على المرض المزّمن والظاهرة العجيبة فنقول: نحن في زمان ميِّعت فيه الثوابت الشرعية وغدت فيه أصول الملة كلأً مباحاً لكل منتهب, وكلما نطق أهل الحق بالحق وثاروا يذودون عن حمى الملة وهم يستظهرون بإجماع الأمة في عصور الهدى والنور.. صاحت بهم عمائم الشر ودهاقنة التزوير فرموهم بالنسر والعواء واتهموهم بالتعصب وضيق العطن ونفي الآخر والتحجر والجمود..الخ من قائمة تثقل الأوراق بسردها وتضيق بعدها.. أما إذا اجترح أهل الجهاد أو بعض من ينتسب إليهم أمراً يتورم له أنف أمريكا ويتمعر له وجه بلير وتثور من أجله ثائرة كوفي عنان.. فإن نكيرهم يبلغ عنان السماء, وتسقط كل مقولات الرأي والرأي الآخر ويبرأ الإسلام المسكين لا من هذا الفعل فقط بل ومن الفعلة القتلة الإرهابيين..الخ
ويضعون أيديهم على تراث فقهي لأئمة سلفوا قالوا بهذا الأمر وبه نطقوا تماما كما فعل الحبر اليهودي بآية الرجم بالتوراة.. وإلى الله المشتكى, فهل يلوم عاقل ذو حصاة شباب الإسلام إذا نبذوا هذه العمائم نبذ الحصاه ولنتمتم جميعا مرددين مع الشاعر قوله:
ولو أن أهل العلم صانوه لصانهم ****** ولو عظّموه في النفوس لعُظّما
ولكن أهانوه ولطخو محياه**** بالإجماع حتى تجّهما.
ونعود مرة أخرى لسرد الوقائع وتأريخ الحوادث فنقول مستعينين بالله:
تكهرب الجو وتلبد بغيوم سوداء تحمل حقد أسود دفين وعلا فحيح الأفاعي وهي تزحف في ظلام الليل لتطبق على المجاهدين.. وبدا أن طبول الحرب وضجيجها قد سد الأفق السياسي وأصم آذان الساسة عن الإستماع إلى نداء العقل والمعالجة السليمة.
وقد تناهى إلى أسماع العالم التقارير السرية عن الأزّ اليهودي للعدو الأمريكي ليبطش ويستعمل سياسة الأحذية الغليظة مبررين بذلك بأن العرب جنس رديء لا يصلح معه إلا لغة الشد والتنكيل وتتابعت أرتال جنود الكفر تغُّذ الخطى وهي تتلمض بهتك الحرم واستذلال أهل الإسلام, وقد تطايرت الأخبار بأن الإدارة الأمريكية قد أعدت نزلاً- وأي نُزل - لجميع البالغين في الفلوجة في محاولة منها لكسر شوكة الجهاد واجتثاث جذوره وحصلت مداولات من ناحيتنا وتدارسٌ للخيارات المتاحة وهل نؤثر الانحياز والخروج من المدينة أم نثبت في مواقعنا وندافع عن الحق, لقد كان الشعور بأنها معركة كسر عظم وأن الأمريكان قد عزموا أن يجعلوها نكالاً لكل المدن وأنهم إذا ولجوها فسيستبيحونها دماً وعرضاً وكان هذا واضحاً في ثنايا كلامهم وتصريحاتهم, لقد كانت معركة تحدي حقيقة وكان قرار القيادة الجهادية بوجوب الثبات وكان فيه بحمد الله الخير والرشد وأُعلن النفير العام للأخوة وتأهب الأسود.
وتتابعت المواجهات بين كر وفر حتى إذا كان يوم الأحد ليلة الاثنين..وقد تكامن الحشد وتهيأ الجيش واشرأبت الأعناق تنتظر إشارة البدء ولحظة الصفر فماذا حدث بعد ذلك.... تتالت الأحداث سراعاً ففي نحو الثانية بعد منتصف الليل تجرأت ثلاث سيارات (همر) فاقتحمت المدينة من ناحية الحي العسكري فتصدى لها صقور العز وأمطروها بحمم الموت فاحترقت غير مأسوف عليها.
وكّع بقية الرتل وأحجم عن الإقدام وثقلت الأقدام خوفاً من الحِمام ..فتقهقروا..وأقبلت - وكالعادة- خفافيش الظلام الطائرة وأمطرت المجاهدين بوابل من الرصاص المنهمر.. وألقت عليهم القنابل العنقودية واستشهد في هذه المواجهة البطل خطاب شاب في نحو العشرين من عمره من اليمن أسد مقدام.. وفاحت منه رائحة المسك كأطيب ريح أنت واجدُها..وتبعه أخوه من جزيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ويكنى المقداد أحد الأسود..
وتقدم الحجي ثامر من الرمادي ( وهوثامرمبارك الدليمي من أكبر عشائر الأنبار) ليسحب جثامين إخوانه وحاول الأخوة منعه فأبى واقتحم فجاءه الأجل وهو يقول من أجل الله لا نعرف الخوف والوجل والحجي _رحمه الله_ من أبطال العراق الأماجد, وهو الذي أشرف على عملية قتل السفيه ( باقرالحكيم ) وقد كان أحد أعمدة كثير من العمليات الإستشهادية إعداداً ومراقبةً وتجهيزاً هو والراحل الخالد حمزة ابو محمد ( رحمهما الله )
(أسمه نضال محمد عربيات من أنبل عشائر مدينة السلط في الأردن عاش في بواكير عمره حياة طيش ثم أدركته رحمة مولاه فأحيا موات قلبه وأخذ بناصيته إلى أرض العزة والفخار في أفغانستان أواخر 1999 ميلادي وتلقى عدة دورات ثم انتقل إلى كردستان مجاهداً وقبيل سقوط النظام انتقل إلى بغداد والتحق بالأخ أبي مصعب الزرقاوي رفيقاً له في رحلة الجهاد في زمن الذل والإستعباد كان رحمه الله مسعر حرب مقداماً لا يهاب, خبير في المتفجرات وهو الذي جهز معظم سيارات العمليات الإستشهادية التي زلزلت أركان العدو وعملاءه في العراق ولكن هذه الصورة الملطخة بالدماء تنقلب إلى نفس حانية وحياء عجيب وصمت عميق مع أهل الإسلام هذا إلى خفة روح ومرح ودماثة خلق وأدب ما خالطه أحد إلا وأحبه, وقد كان من أحب الأخوة إلى الأخ أبي مصعب الزرقاوي وكان بينهما علاقة حميمة نسجها التوحيد وشدّ معاقدها ذروة السنام وأخوة الجهاد,داهم الأمريكان داراً كانت قاعدة للإخوة المهاجرين في لحظة غفلة أمضاها الله عز وجل ليحق القدر المحتوم, واستطاع الأخوة أن يتسللوا وتخلف حمزة ليحمي ظهورهم وأكرمه الله فجندل عدداً من الأمريكان بمسدسه وكان نعم الرامي.. وانهمر الرصاص كالمطر وصعدت روح فقيدنا إلى مولاه سبحانه طيبة طاهرة, وفاحت في البيت ريح المسك وتداعى الناس إلى شمها وبكت عيون الصغار والكبار وسرت روح الجهاد في المنطقة كلها وتلك لعمرُ الله سيرة النبلاء:
علوٌ في الحياة وفي والممات, حياته للأمة نصر وفتح, وموتهم للناس إحياءٌ وبعث...فرحمة الله عليك يا حمزة فلقد تركت فراغاً لا يملؤه أحد وأورثت القلوب لوعةً لا يسكن لهيبها إلا بلقياك هناك في الجنان بإذن الله ولقد أصيب الحجي ثامر قبل إستشهاده بليلة فكان يتحسر ويعضّ شفتيه ألماً على فوات الشهادة وأن المنية أخطأته..ولعل الله اطّلع منه على صدق النية وعظيم الشوق إلى اللقاء فعجّل له الهدية واجتباه اليه سريعا..فرحمك الله يا حجي رحمة واسعة..كما أصيب بهذا القصف الأخ الفاضل أبو فارس من عشيرة البوعبيد (من الجزيرة العراقية)
واشتد عليه الألم وحمله أحد الأخوة في صندوق البيك آب ومضى به للمستشفى الأهلي.. وكان العلوج قد تقدموا من ناحية المنطقة الصناعية فأبصروا السيارة فأمطروها بوابل حممهم فنجى الأخ السائق وأصيب الأخ أبو فارس إصابة الموت فمضى إلى الله طاهر الثياب حسن الأحدوثة جميل السيرة في إخوانه..أبو فارس فارسٌ لم تر العيون مثله, لقد قدر لي أن أرافقه في بعض المشاهد فرأيت منه إقداما وشجاعة نادرتين..وأشهد أن الخوف لم يكن يعرف طريقا إلى قلبه أبدا, لقد كان الخوف يخاف من قلب أبي فارس.. وقد كان يتلهف لعملية استشهادية ويلح في ذلك والشيخ أبو مصعب الزرقاوي يؤخره ويتآنى به ويدخره للملمات..وكان لها أهلا..بكى مرة في إثر عملية كبيرة كان قائدها وأصيب في رجله..فكان يبكي ويقول لو فيّ خيراٌ لاصطفاني الله شهيدا..
هذا مع رقة نفس وحسن أدب وتواضع جم من غير كلفه وصفاء قلب لإخوانه.. وتلك لعمر الله أخلاق الشهداء وقد أنبتت صدق ولائه لربه ودينه حتى في وصيته التي كانت تفيض إيمانا وتقوى وقد ضّمنها شرطٌ عجيب لا يخطر إلا ببال موحد خالص لربه ودينه..أوصى أبو فارس ألا يمشي أحد إخوانه وكان شرطياً في جنازته..و إلا فهو بريء ممن أذن له بذلك فرحمة الله عليك - أبا فارس - فوالله لإن سئُلنا لنصدقن ولإن استُشهدنا لنشهدهن أنك كنت فارساً من فرسان الإسلام حقا.فالسلام على روحك في الخالدين لــــه همـــة تعـــلو على كل همة كما قد علا البدر على النجوم الدراري
وأصيب الأخ أبو ثابت من اليمن, وأغمي عليه ولم يفق إلا في بغداد وما زال يعالج من جراحه فنسأل الله له الشفاء والعافية.آمين. وأصيب أيضاً أبوحمزة الفلسطيني ونقل إلى المستشفى. وفي الجولان انبرى بعض الضراغم يلقمون مدافع الهاون حمم الموت هدايا للأمريكان حتى أثخنوا فيهم وجاءهم الصريخ أن حسبكم كفوا قبل أن يستمكنكم الكفار..فأبوا..فمضوا بقذائفهم حتى جاءهم قصف الموت ليفتح لهم باباً إلى الجنان - بإذن الله - فاختار الله منهم أربعة مضوا إلى ركب الخالدين..
أذّن الفجر وصاح الديك وابتدأ عهد جديد وجاءنا الخبر في الصباح, فانطلقتُ برفقة أحد الأخوة إلى المقبرة التي في أطراف الجولان عند مسجد المعاضيدي وألقينا نظرة الوداع على الشهداء وبكت عيونُ قلوبنا دموع الشموع إلى اللقاء هناك في جنان الخلد إن شاء الله.. بدا أن المعركة قد استعر أتونها, وأنها في هذه المرة معركة لا ككل معارك الكر والفر والكمائن السابقة وتزاحمت بالناس الظنون وسرت الشائعات في هشيم النفوس المريضة وتداعى بعض الحثالى إلى وجوب خروج المجاهدين حفاظاً على المدينة وأهلها فماذا حدث بعد ذلك؟
خرجت من المقبرة قبل تمام الدفن, حدثتني نفسي أن أقوم في جموع الحاضرين من أهل المدينة واعظاً ومذكراً وحاثاً على الجهاد ومحرضاً فلقد كان استشهاد هذه الكوكبة من الأحباب مؤثراً جدا, لكنني ألزمت نفسي الصمت وآثرت السكوت لأننا كنا - نحن المهاجرين- لا نزال نؤثر الإختفاء ونفضّل التواري خوفاً من عيون الشر المنتشرة.. وتابع الأخوة الكرام أمر الدفن حتى إذا اوشكوا على الفراغ ونفض أيديهم من التراب بدأت طلائع العدو بالتقدم من ناحية الجولان ....وكان من أوائل من بصر بهم بطل الجولان وقائده أبو خطاب الحطاب وكان حاضراً في المقبرة فانطلق مسرعاً برفقة بعض الأخوة من مجموعتين فاجلبوا بخيلهم وجلبوا أسلحتهم واستصرخوا رجالهم وبدأوا بالإنتشار في الأزقة والفروع والتحق بهم أبو عمار السوري وأبو ابراهيم المصري وهما من أعمدة المعركة وفرسانها إلى نهايتها.
وانضمت إليهم سريعاً مجموعة عبد العزيز وهم نحو 7 إخوة من الجزيرة والكويت وليبيا أسود هزابرة في الحروب جبابرة لا يخشون الموت ولا البرابرة. وكانوا قد قدموا من بغداد إمداداً لإخوانهم وإرصاداً للعدو, وصاح أبو خطاب الله اكبر جاء المدد وتلاحق المجاهدون ودخلت طليعة العدو رجالة من ناحية المقبرة وانطلقت رصاصات الجولان الأولى من بندقية أبي علاء الأنصاري من الفلوجة لتعلن بدء عهد جهادي جديد, يتوارى فيه الخوف ويُذبح فيه التردد وُترفع فيه رايات الاستبسال والفداء وتقهقر الجند وتقدمت المدرعات والدبابات,
وانتدب لها أبو المرضية اليماني وجها لوجه وهو يمتشق قاذف الآر بي جي وبينه وبين الدبابة نحو 15 م وبدا المنظر مغريا أشبه ما يكون بعصفور يواجه فيلاً ضخماً ثائرا.. وسمَّ الله وكبّر وانطلق الصاروخ ليستقر في جوف الدبابة ويفسح لها من بعد طريقاً إلى أفران الحديد الصلب كما وأحرق همراً وقنص اثنين من الأمريكان وأبو المرضية ليثٌ هصور دقيق الجسم صغير الحجم ويخيل لك إذا لمحته أنك تستطيع حمله على كفك من غير عناء
ترى الرجل النحيل فتزدريه ......وفي أثوابه أسدٌ هصور
ويعجبك الطرير فتبتليه....فيخلف ظنك الدجل الطرير.
وفي هذه الأثناء أقبل ركب أبي قدامة البغدادي وفي طيه البطل الهمام سالم الذي احرق الله على يديه أعدادً جمة من آليات ومدرعات العدو, أقبلت دبابة فصكها بالقاذف فأطن برجها.. فتقدمت مدرعة من ناحية مسجد أبي أيوب فاحرقها أحد الأنصار الأبرار..وأقبلت السمتيات (طائرات الهيلكوبتر)..فوجه إليها أبطال الجولان وعلى رأسهم الأنصاري عبد الستار أبو حسن والليبي أبو ناصر ب(بي كي سي ) فاسقط كل منهما طائرة وكان من أمر أبي حسن انه جاء إلى أبي ناصر يستعين بإصلاح ألبي كي سي وأنها لا ترمي إلا طلقة طلقة وفي هذه اللحظة أقبلت الطائرات فسم الله وكبّر ورمى فلفظت رشاشته (90) طلقه صلياً من غير توقف بحمد الله تعالى
وكانت حصيلة اليوم الأول نحو 3 دبابات و3 مروحيات وعدد من الهمرات والمدرعات..واستشهد في هذه المعركة علي عيد غريب السويداوي من الفلوجة رحمة الله وفي حي نزال نفر الأخوة من مكانهم بقيادة الأخوين أبي هاجر وأبي عائشة السوريين وكانوا نحواً من عشرين مجاهداً..وتقدموا صوب الحي الصناعي وكان الأمريكان قد عجّلوا وتسللوا إليها وثبّتوا فيه أقدامهم.. تقدم الأخوة هذه المرة وقد انكسر الحاجز وسقطت الأقنعة وهم يحملون أسلحتهم علانية مهللين ومكبرين يحرضون الناس على الجهاد وتقدموا في الأزقة وقد أحّدوا أبصارهم وأرهفوا آذانهم وعلى الزناد أصابعهم..
واستطرقوا بيتاً ففتحت لهم عجوز فاستأذنوها أن يرقى بعضهم ظهر بيتها ليستطلعوا الأمريكان فأذنت ورحّبت وقامت من فورها واعدّت لهم فطوراً وكان الوقت قبيل الظهر..وأصرت عليهم أن يأكلوا من زادها وتلك لعمرُ الله سجيةُ أهل العراق عامة والفلوجة خاصة أعني الكرم والإحتفاءُ بالضيف.. وتوزع الأخوة مجموعتين واتخذ أبو عائشة ومجموعته وهم نحو سبعة ,احد البيوت الخالية قاعدة لهم ورقى بعضهم ظهره وفتحوا نيرانهم على القناصة الأمريكان واستمروا على ذلك زمناً ثم نزلوا إلى الطابق الأرضي وما هي إلا لحظات إلا سمعوا أزيز الطائرات وأصيب البيت إصابة مباشرة فتهدمت منه أركان وخر عليهم السقف من فوقهم..يقول أبو حفص..وقلت في نفسي:
رباه..لقد قُتل الشباب.. وركضت كالمجنون أتحرى الأمر وإذ بأبي عائشة ومن معه يخرجون من بين الأنقاض وقد علتهم غبرة وكأنهم موتى نُشروا من قبورهم وجعلوا ينفضون عنهم التراب ليس بهم من بأس وانحازوا إلى بيت لم يسقف بعد فتواروا خلف جدرانه.. مرت لحظات وسقط صاروخ آخر في جوف البيت, وبدا وكأنهم كالمستجير من الرمضاء بالنار..وحبست الأنفاس وتهيأت دموع العيون بالفيضان وانجلى الدخان وهدأ العجاج..وإذا بالإخوة قد غادروا المكان بتوفيق الله قبل مجيء الطائرة بلحظات وانتدب البطل أبو حفص الليبي بقاذفة الآر بي جي وبرز للطائرة وأطلق وأصاب منها مقتلا وتهاوت كتلة من نيران وأقبل المخذّلون يحملون بشائر الخذلان والذل وصرخوا في الإخوة محذّرين وآمرين بالانسحاب وهم يولولون ويلطمون زاعمين أن الأمريكان قد طوقوا وتفوقوا.. ولا أمل بالفوز والنصر.
وجاء الرد سريعاً.. وصرخ أبو حفص فيهم موبخاً فأخرسهم..وتقدم أبو مثنى الأنصاري من منطقة الرطبة راهب ليل وفارس ميدان كان يصوم يوماً ويفطر آخر صامتٌ لا يتكلم كان قد أدرك أن عهد الكلام قد ولى وأقبل عهد الرصاص..
أدت رســـالتها المنابر وانبرى **** حد الــحسـام بــــدوره ليقولا
ولقد بحثت عن السلام فلـــم أرى **** كإراقة الدم للسلام بديلا
سمع الهيعة فأجاب الصريخ ..وخرج سريعاً يجر إزاره حافيا.. بصر ببعض المشاة فرماهم فأصاب نحو اثنين وكان قد رأى قبلها بليالي انه يقتل أمريكيين ثم يستشهد وصدق الله فصدقه الله, وأقبلت طائرة تحمل حمم الموت فتصدى لها بالبازوكا ورماها فأخطئها لكنها لم تخطئه..فرمته لتفتح له بصواريخها باباً للجنان بإذن الله.والتحم الفريقان..وقتل من العلوج نحو 15 قتيلاً.. وبقيت جثث 3 منهم ملقاة إلى الغد.. ثم انسحبت إلى قليب جهنم وبئس المصير.. وتكررت هذه الصور في سائر مداخل المدينة أرتال تتقدم ومجاهدون يرتدون لأمة الموت ويقتحمون غمرات الحروب يذودون عن الأمة ويرسمون بنيران أسلحتهم فجر الإسلام الباسم.
في هذه الأثناء كنت أتجول برفقة أبي مجاهد على الثغور نطمئن على وضع الإخوة ونسأل عن احتياجاتهم..وكان الناس في الشوارع يتساءلون ويتسقطون الأخبار حيارى لايدركون ولا يدرون ماذا يصنعون..وان كان غالب الناس بحمد الله فرحى مستبشرين بإخوة السلاح والجهاد يدعون للمجاهدين بالثبات والظفر..وكان الموقف -حقيقةً - صعباً ولازالت الكثرة الصامتة لم تحسم أمرها ولم تُحط بعد بأبعاد المعركة ولا زالت الثغور تعاني نقصاً شديداً قياساً إلى ضخامة المعركة المستعرة.. هذا موقف المأزوم حملني على الخروج عن طوري وكشفت اللثام وسفّرت الوجه وجعلت أستصرخ الناس وأدعوهم للحاق بالثغور والأطراف ذباً عن الأعراض وحفظاً للبيضة وتقوية لقلوبهم ومضيتُ في صلا ة العصر إلى مسجد الفرقان واستأذنت الإمام أن أعظ الناس واذّكرهم وحثني على ذلك ما له من جرأة وإقدام ودعوة للجهاد فما خيب الظن -جزاه الله خيرا-
وأذن لي وقمت بعد الصلاة وحضضت الناس وذكرتهم ورأيت منهم حسن الإستجابة والإقدام وفي هذه الأثناء انسحب الجنود والشرط وانماعوا وذابوا كما يذوب الملح في الماء.. وليس بذا غريب فلم يستعدوا ولم يُعَدوا لمثل هذه المهمة..أعني حماية أهل الإسلام والذود عن الأعراض والمحرمات لقد كنا نراهم قبلها بفترة وجيزة منتشرين شاهري أسلحتهم استعراضاً للعضلات وإثباتاً للوجود تماماً كما قال الشاعر:
وإذا خــــلا الجبان بـــأرض **** طلب الطـــعن وحده والنزالا
وكنا نمر مستترين وجلين مخافة الغدر منهم وأن يقدّمونا قرابين لأسيادهم. وحين حمي الوطيس..غابوا وذابوا..إلا قليلاً ممن لم تنطمس فيهم بقايا المروءة والحمية فسلموا للمجاهدين أسلحتهم وسياراتهم وانضموا إلى ركب العزة والفخار..تضيفت الشمس للغروب وآذنت بالرحيل حمراء وكأنها تسبح في أنهار الدم التي بدا دفقها بالسيلان وكأنها تقول وهي تودعنا:
على مثل خاتمتي الممهورة بالدم القاني فلتكن خاتمتك أيها المسلم قتلاً في سبيل الله وإهراقً للدماء من أجله وحدث هاهنا - قبيل الغروب - أمر نكر: ساءنا وآلمنا..فما هو يا ترى؟.........
بينما نحن في تجوالنا نحرضّ الناس ونستحثهم تناها إلى أسماعنا أصواتُ بعض منابر المساجد وهي تنادي في الناس..؟ بالجهاد ؟ .. لا.. فبماذا إذاً ؟ لقد اُنتدب بعض أئمة المساجد وكيلاً عن الاحتلال منادياً بحظر التجوال ولزوم المنازل من السابعة ليلاً إلى السادسة صباحاً وكان لهذا النداء وقع الصاعقة.. فبدل نداء الجهاد..وأن يقال للناس يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري.. إذا بنا نسمع هذا النداء المتخاذل فكنت كمن صكه عدو بقبضة يده في غفلةً منه وعلى حين غرة فقد توازنه ومادت به الأرض لقد كنا نسمع لهؤلاء دوياً كعصف الرياح قبل سقوط النظام دعوةً إلى الجهاد وحديثاً عن ذروة السنام.. ثم صمت القومُ صمت أهل القبور حين طويت صفحة الطاغية البائد.. فلم ينبس أحدٌ منهم - إلا ما شاء الله ببنت شفه وغاص نداء الجهاد في الأرض السابعة ورُدمت أباره وعفا أثرها..لم يكتفي هؤلاء بهذا الخذلان، ولم يشبعوا من القعود على الذل والهوان.. حتى رضوا لأنفسهم أن يخذلوا الأمة وأن يخذّلوها.. في منعطف اللوى.. والى الله المشتكى.
أصّم الشباب أذانهم ومضوا في جهادهم فقد أدركوا قديماً أن هذا الثالوث ( العمائم والولائم والهزائم ) مضى زمنه وولى أوانه.. وان دين الله ليس تفهيقات وشقشقات تجلجل بها الحناجر على المنابر ثم ينفضّ السامر كأن لم يكن شيء .... وثبت المجاهدون مرابطين وهم يرددون -
إن كنت إمامي فكن أمامي
أسدل الليل غلائله وهدأت الحركة...ورابط الإخوة في ثغورهم وأصابعهم على الزناد... نام بعض الإخوة من فرط التعب والإرهاق وتحامل البعض يراوحون بين أرجلهم وجباههم يتضّرعون بإنكسار للواحد الجبار يسألونه العون والسداد والتثبيت لقد كنا نشعر بكل جوانحنا انه ليس لنا حول ولا طول ولا قوة إلا بالله سبحانه وتعالى فهو وحده الغوث والعون في هذه المحنة العبوس.
يتبع... باذن الله..
لو كنت ناقدا للقصة لا عطيتك درجة عالية لخيالك الخصب في تكوين القصص و انشأها , فانت قاص لا اكثر و لا اقل , اما ما يؤسف عليه حقا هو تجاوزك على الاسلام عند تشبيهك المرتزقة العرب بالمهاجرين و ايتام صدام من زمر المخابرات و الامن السابقين بالانصار و الفلوجة بالمدينة المنورة فهذا تشبيه تاثم عليه .
فانصارك من امثال (ابو درع) الذي ضهر على شاشات الجزيرة و الذي كان مدير امن في بغداد و المسئول عن احواض التيزاب و الذي قتل بيديه عشرات الالاف من المسلمين هل هذا هو من ( الانصار ).
اما المرتزقة من الدول العربية الذين تركوا الاعلام الاسرائيلية ترفرف في بلدانهم و الجيوش الامريكية تتدرب على اراضيهم و جاءوا الى العراق لقتل ابنائه كما تفتخر بالعملية الجبانة و الغادرة في تفجير مسجد الامام علي ( عليه السلام ) و التي ادت الى استشهاد و جرح مئات المصلين و من ظمنهم الشهيد اية الله محمد باقر الحكيم هل هولاء هم (المهاجرين) .
اما الفلوجة التي كان يسميها صدام بالمدينة البيضاء لانها الوحيدة التي لم تنتفض ضده عام 1991 و كان ابناءها حفاري المقابر الجماعية لا بناء الشعب العراقي حتى جاء يوم الخلاص و قامت الحرب و اشتبك الرجال مع الرجال اختبأ اهل الفلوجة في جحورهم و لم يطلقوا اطلاقة واحدة من مدينتهم و طلبوا باذلال من الامريكان ان يدخلوا مدينتهم امنين , فهل هذه ( المدينة المنورة )
و الاكثر استغرابا هو تبريرك لجرائم هولاء المنافقين من الاعراب الذين شوهوا صورة الاسلام, و ان التمثيل بالجثث و احراقها هو امر جائز و مشروع في الاسلام . فلا حول و لا قوة الا بالله و الله المستعان على هولاء المنافقين من اعراب ( المهاجرين و الانصار)
|
حديث الشيخ يوسف القرضاوي بقناة الجزيرة .. ورد فيه توضيح الدكتور الشيخ : محمد عياش الكبيسي ، حول حقيقة المرتزقة النيباليين الذي قامت قائمة العلاقمة من اجل دمائهم الـ ( الطاهرة !!!) ولم تقعد ، وهذا رابط الحديث بالجزيرة ..
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F3E88758-65A5-477A-804C-503AC9A8CB07.htm
ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس ويرفعون الالتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم ، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون .. عبد الرحمن الكواكبي |
اننا نتحدث عن المرتزقة العرب ( المهاجرين) و ايتام صدام ( الانصار) و مدينة صدام البيضاء التي كان يطلق عليها ايضا( صدامية الفلوجة ) و انت تسميها المدينة المنورة , و جرائمهم بحق الشعب العراقي و علمائه من امثال شهيد المحراب السيد الحكيم , فبدلا من ان تستغفر الله و تتوب اليه عن هذا التشبيه الضالم و التجاوز بحق المدينة المنورة و الصحابة الكرام اراك تتهرب من الموضوع فان كانت هذه اجابتك عن استفساري فسلاما سلاما , و انت كنت تريد ان ترى بطولات المهاجرين و الانصار فاذهب الى هذا الموقع:
www.ogrish.com
|
تطابق عجيب بين خطاب (علج) البيت الأبيض ، وعلوج فارس المستعربة أو عرب العراق (المستعجمة) ، يخبرني أحد الأفاضل كيف أن بعض اتباع الطائفة (اياها) يعانون من عقدة أمام الفرس فيحاولون قدر الامكان تعجيم لكنتهم لاشعار المستمع أنهم ماكنين في ولائهم وديانتهم !!! .. المهم
هذا التطابق العجيب في الرؤية والخطاب .. بل وفي المصطلحات ( الكربونية ) .. لا يزيد المرء الا معرفة ويقين بهوية العدو ولسان ومزاج صنائعه المحلية ..
ولما قال الأولون ( في الاعادة افادة ) .. فهاهي مرة اخرى حقيقة القوات الأمنية النيبالية ( الرخيصة ) .. التي تباكت عليها عيون دربت على البكاء في المآتم ( الهستيرية ) التي تقام كل عام تشويها لصورة الاسلام وتحقيرا لمعتقدات المسلمين.
هذا نص حديث مثنى حارث الضاري وفيه تكرار لما ذكره الدكتور الكبيسي حول موضوع النيباليين ..
http://www.islamonline.net/Arabic/news/2004-09/27/article01.shtml
وانتهز الفرصة لتهنئة المقاومة العراقية الباسلة التي مرغت أنف بوش وبلير في طمي دجلة والفرات واجبرتهم على الاعتراف شبه المعلن بهزيمتهم الوشيكة الاكتمال على ارض عراق الشموخ والاباء
ولايهنأ العلاقمة بسراب الانتخابات المزعومة .. فزخات رصاص اهل التوحيد ونيرانهم كفيلة بمداواتها كما يداوي المطر عطش الصحراء ويمحو سرابها .. بإذن الله
بالمناسبة الموقع العلقمي اعلاه ..ظهرت لي الرسالة التالية حين حاولت فتحه
(( نأسف ان الموقع الذي أردت فتحه قد تم حجبه وذلك بسبب احتواءه على نشاط مخالف للقيم الاجتماعية او الثقافية أو السياسية او الدينية لدولة ... ))
يبدو أن العلاقمة يقفون وحدهم مع البوش والبلير في وجه هذه الامة ..!!
ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس ويرفعون الالتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم ، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون .. عبد الرحمن الكواكبي |
لماذا تتهرب من الاجابة و لا تستغفر ربك عن تطاولك على الصحابة من المهاجرين و الانصار و مدينة الرسول المنورة و لم تجبني للمرة الثانية عن سبب هذا التشبيه الذي ستسئل عنه يوم لا ينفع لا مال و لا بنون , ثم ما هذه الرائحة الطائفية و العنصرية التي تفوح من كتاباتك و قد قال الله تعالى ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) و لو كانت هذه العنصرية على تفوق او تميز لدى العرب لالتمسنا لك العذر و لكن لو اطلعت على تاريخ العرب لم تجد فيه عالم او مفكرا بعد الرسول الاكرم و اهل بيته ( عليهم الصلام و السلام) و المخلصين من اصحابه (رضوان الله عليهم) حتى يذهب ذلك العصر لياتي اناس من فارس ليكونوا هم علماء اهل السنة فمن البخاري الى مسلم الى ابي حنيفة و الى ما لا ينتهي عددهم من علماء السنة كلهم من الفرس و لا تجد عالم لدى اهل السنة من العرب علما ان ايران لم تدخل في مذهب التشيع لاهل البيت الى بعد عام 1500 ميلادي فما هذه الهجمة عليهم, و لكني اقول لك ان التعصب اعمى و سيعميك عن الحق و أستعمالك العقل سيهديك الى طريق الرشاد .
اما موقع www.ogrish.com
فهو موقع باللغة الانكليزية و يتضمن جميع افلام الجرائم التي يقوم بها ايتام صدام و المرتزقة العرب في العراق بعد ان نسوا فلسطين و السفارات و الشركات الاسرائلية في جميع الدول العربية جاءوا الى العراق ليغتالوا علماءه و يفجروا المساجد و المصلين و لكني اراك لا تجد جوابا لهذه الاسئلة و بدل من ذلك تتعصب و تصر على غيك و طائفيتك المقيتة بلا حجة الا ( ان أبائنا كذلك كانوا يفعلون ) فاني اقول لك سلاما سلاما و لن ارد عليك بعد اليوم .
|